منقول من المدونة
بيانُ الحُبِّ والكراهية [1] / الوطــنيون الجدد
القمعيون باسم عُمان / وباسم ســــلطان عُمان
ما الذي يجعل هذا الوطنُ رائعا؟ وما الذي يجعله استثنائياً ومُدهشاً؟؟ والسؤال الأهم ما الذي يجعلنا نحبه وندافعُ عنه مستعدين للموت من أجله؟ متى تعلمنا كلمة [الوطن] وكيف تعلمناها؟ ومن الذي أخبرنا أن الموت من أجل الوطن تضحية بطولية؟ متى عرفنا أبجديات النظام السياسي العُماني ومتى عرفنا الفرق بين الوطن والحكومة؟ ومتى ومتى دارت الأسئلة في الرؤوس؟ متى ظهرت الوطنيةُ الجديدة التي باسمها تُحرق الأعلام، أو تضرب الحجارة أو تقوم قوات مكافحة الشغب بتفريق جموع المشجعين الرياضيين الغاضبين بسبب خسارة المنتخب الوطني؟ الآن نحن نعيش أيام القمة الخليجية، وبعد أيام ستبدأ فعاليات كأس الخليج، وبين هذه المناسبة وتلك فارقٌ ضخم ووطنية مختلفةٌ تماماً، فهؤلاء يديرون شؤون الحكومات، وهؤلاء يتابعون مسيرة المنتخبات. هذا بأدواته، وذاك بما يلصقه على سيارته من أعلام أو بما يرفعه عبر فتحة السقف من صرخات تصرخ [الله الوطن .. السلطان .. وعاش الأحمر العماني .. وشعاره سيفين والخنجر عمانية] .. وطنيون مختلفو المشارب والأهواء والنفوس والقناعات يجمعهم حبٌّ خارق وواضح للوطن فهم لا يساومون فيه .. والناس فيما يعشقون مذاهب. الوطنية بتعبيراتها وكُتب التربية الوطنية التي تعيد وزارة التربية والتعليم طباعتها وتجديدها كُل عام عالمٌ ضخمٌ وواسع من الاختلافات، فالحكومة والوطن والسلطان والبلاد والأرض والهوية عالم مختلطٌ متداخلٌ يحمل كلَّه اسمَ عُمان، وكُل عماني على هذه الأرض يتنفس هذا الحب ويعيشه دون نفاقٍ أو إكراه، بعضنا يفهم لماذا وبعضنا لا يريد أن يفهم، فهي حالة من حالات الحلول التام بين العاشق والمعشوق، ولا يكشف العشاق عن سرِّ عشقهم.
&&&
قد لا تكون حزمة من الأسئلة بداية حكيمة لمقالٍ حكيم، فالكاتب كما ينبغي له وكما هو له أن يكتبَ كلاما [ضخماً] وكبيراً يحشد فيه كل معارفه ومصطلحاته الحكيمة ولا يمنعُ أن يقول كلامَ السياسيين المخضرمين الذين يتكئون على الحروف اتكاء سليمان على عصاه وهم بذلك يقنعون المستمع أو القارئ أن كلامهم [مهم] و[ضخم] و[كبير] جدا جدا ولا يمكن أن يأتيه أو يزوره الباطل لا من بين يديه أو من أمامه أو خلفه. هو كلام كبير عن الولاء والانتماء والوطن والسلطان وعلى من يقوله الالتزام بفنون اللعبة، وإتقانها، فالحديث عن الوطن كما يبدو له اشتراطات ولا يمكن لأي مواطن أن يتحدث عن الوطن إلا إذا نال شهادة اعتراف من الوطنيين الجدد الذين يظهرون كُل يوم في مكانٍ جديد من بقاع هذه الأرض الطاهرة، أرض عُمان التي أودُّ أن تكون دمائي بليتراتها الستة شربةً لها لتخرج منها كرمةً حمراء تسر الناظرين. قد لا تكون كل هذه الأسئلة بدايةً حكيمة ولكنني أيها القارئ الحكيم أجدني من أجل هذا الوطن الحقيقي مستعداً للتنازل عن كل الحكمة، أو المكانة الأدبية أو الفنية أو التقنية أو الثقافية أو المعرفية وكل المكانات التي يخترعها الوطنيون الجدد ليتفضلوا فيسمحون لي أو لغيري بالحديث عن الوطن حديثاً صادقاً ينقل ما يقوله القلب خلال عبر لوحة المفاتيح عبر حاسب آلي عتيقٍ لا يشبه قدمه إلا حبّ هذا الوطن.
&&&
إن الحديث عن عُمان حديث له شجون، ولا يمكن بأية حال من الأحوال عن الحديث عن السلطنة إلا ويكون الربط آلي وتلقائي بين عُمان التاريخ والحضارة، وعُمان القيادة السياسية وعُمان السلطان قابوس بن سعيد المعظم. فكما هو بينٌ وواضحٌ للعيان فإن عُمان كدولة حديثه لم تكن لتُعرفَ أو لتظهرَ أو لتخرجَ من عزلة طويلةٍ فرضتها عصور متعاقبةٌ من التقلبات السياسية والتاريخية إلا بقائد حقيقي ورمز وحدة وطنية إنساني النزعة حكيم القيادة كي يتولى إدارة حزمة من المعادلات التاريخية والسياسية والاقتصادية والقبلية والمذهبية والأمنية المعقدة والشائكة ويتصدى له تصدياً حقيقيا ليخرج هو وتخرج عُمان به دولة حديثة ذات مؤسسات واضحة وذات سيادة مستقلة/ دولة عربية إسلامية يحكمها قانون ونظام أساسي يحدد العلاقة ويرسمها بين المواطن والوطن، وبين الحكومة والمواطن. لضرورة المرحلة لا يمكننا أن نفرقَ الآن بين عُمان الدولة، وعُمان [السلطان] فهما واحدٌ في الوصف والصفة لا يفرق بينهما شيء فلولا جلالة السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد لما كان لها ما كان. وقد استطاع جلالة السلطان بعبقرية سياسية فذَّة أن يدير مشهداً واسعاً ومعقداً منذ بدايات فترة الحُكم وحتى نهايات العام الحالي 2008م، فهو الصوت الأوحد الأكثر تصديقاً والأكثر شفافية آل على نفسه وأخذ على عاتقه أن يواصل المسيرة فهو من نجاحٍ إلى نجاحٍ ومن حسنٍ إلى أحسن وكل يوم يمر يشهد له ويؤكد ما تمتلكه هذه المسيرة من إيجابيات يشهد بها العالم المحيط، ومصداقية تؤكدها ما تناله السلطنة من احترامٍ في مختلف دول العالم. بشكل عابرٍ للغاية ومنذ بداية السبعينات حتى يومنا هذا عاش الخطاب الإعلامي الوطني سواء للمؤسسات الرسمية أو الخطاب المجتمعي اليومي حالة شبه تطابق فكلامهما يرددان ويؤكدان الولاء والانتماء للوطن وقائد الوطن المُطاع، ويمكن لم يريد أن يستزيد أن يراجع كتاب [مصلح على العرش] ليجدَ المزيد من المعلومات عن جلالة السلطان وعن إنجازاته على المستوى العماني المحلي أو على المستوى العالمي، لهذا السبب ولأسباب كثيرة يكون الربط في الحديث عن عمان آلي وطبيعي فعمان هي السلطان، والسلطان هو عُمان، وكلاهما هو جلالة السلطان المعظم رمز الوحدة الوطني السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد.
&&&
كما يعرفُ الجميع فإن العالمَ تحكمه سننٌ تنطبق على كُل مخلوقٍ بشري على هذه البسيطة. ومن سنن الإنسان وطبائعه التواؤم مع واقع الحال فكما تواءم العمانيون القدماء مع واقع الحال في عصور الستينات والخمسينات، فقد تواءم الجيل الجديد مع منجزات العهد الزاهر تواءما حقيقياً ورغم القبلية التي سادت العصر الفائت فقد استطاع المجتمع العُماني أن يخرج من التحزبات القبلية أو المذهبية في مشهد وطني حقيقي السيادة فيه للقانون ولا فرق فيه بين مواطن وآخر إلا بطاعة القانون واحترام الأطر المنظمة لعلاقة الفرد بالوطن. وهذا الحب الذي يمارسه المواطن العادي تظهر ملامحه وأفعاله كُل يوم بدءا من كتاب الأعمدة في الصحف، أو من وسائل الإعلام أو الإذاعة أو من خلال الأضواء التي تحتفل بالعيد الوطني للبلاد فكل البلاد تحتفل مدارسَ ومؤسسات وأفراد. وتعيش ما تسميه [الواجب] الوطني كُل حسب طريقته وفهمه، فواحد يعلق العلم على سيارته، وآخر يلبس دشداشة حمراء عليها خطوط خضراء وبيضاء تمثل العلم العُماني، وآخر يغني أو يعزف أو يكتب قصيدة أو يقف على الشارع حيث يمر موكب المقام السامي محفوفاً بالدعاء والحبِّ والفرح. كُل يُحبُّ بطريقته وأقول هذا الكلام ولا أحسبني مبالغاً فإن ما يحدث في عُمان وما يدور في أروقة المجتمع كُله يدل على تواضع الناس واتفاقهم على الطاعة والولاء لولي الأمر قائد القوات المسلحة رجل عُمان الأول ورمز الوحدة الوطنية شخص جلالة السلطان. كُل يعيش هذا الحب ويمارسه بطريقته ولا أحسب أن أي عُماني حقيقي سيقول كلاما بمضمون مختلف، فإن جلالة السلطان أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه رجل عُمان وسطر لها وسطر لنفسه الخلود في تاريخ هذا الوطن مهما تتالت العصور، فهو رجل فارقٌ استثنائي عبقريٌ صاحب فكر سياسي ونظرةٍ حكيمة ثاقبة واتزان وعقلانية أدار المشهد العُماني بوطنية غير مشكوكٍ فيها وكُل عُمان بطوائفها ومذاهبها وقبائلها وفئاتها المجتمعية وقُراها ومدنها تشهد له وتقر له بالولاء والعرفان والشكر.
&&&
وكما يقول المثل العربي القديم، فإن الحبَّ أعمى ومنه ما قتلَ. فالحب لا يمتاز بالحكمة دائماً فهو انفعاليٌ في أغلب الأحيان ولا يميز أحياناً بين العدو والصديق، وفي فورات الحب يحدثُ العجب العجاب. فمنهم من غضبَ من أجل الوطن أو من أجل خسارة المنتخب العُماني في مباراةٍ هامشية فإذا به يغضب ويزمجر ويحرق العلمَ أو أعلامَ دولٍ أخرى يدفعه حبُّ الوطن، وعندما يأتيه الشرطيُّ ليثنيه عن هذه الفعلة يثور ويغضب ويتهمه بعدم الوطنية ونقص الولاء ويطلب منه أن يشاركه في إحراق أعلام الدول المجاورة الشقيقة من أجل مباراة رياضية، فهذا العاشق لوطنه يرى أن إحراق الأعلام أمر يسمح به حبُّ الوطن ويحثُّ عليه، والشرطي يمارس عمله الوطني الحقيقي فيمنع هذا الحب المؤذي من الحدوث وهم والحق يُقال يقومون بواجبهم خير واجب مهما كانت المناسبة لامسةً لمشاعر الشارع العماني، وفي هذا حكمةٌ لا تخفى. فمن أجل الوطن واسمه ضُرب في الحانات هنودٌ مساكين لا ناقة ولا جملَ لهم في أي شيء، وما أن يزور الضارب مركز الشرطة إلا ويجلبُ من زوادته الأدوات الوطنية التي توقع الشرطي الذي يقوم بعمله في حرجٍ حقيقي، فهو يدعي أن هذا الهندي المسكين قد [شتمَ] عُمان، ويرى أنه انتقمَ للوطن فضربه وأثخنه باسم الوطن، وهذا يحدثُ في كلِّ مكان بدءا من المعبيلة الصناعية إلى آخر القُرى البعيدة في السلطنة.
كذلك فإن من الحبِّ ما قتلَ، وكما يعرفُ العماني الذي يعيش في عُمان والذي يتحدث ويناقش أو يكتب عن الوطن أو عن الحكومة فإن الأفئدة تتصاعدُ وتتوتر الأجواء وتتكهربُ. وهذا ما أثار استغرابي في الآونة الأخيرة بعد ظهور خطابات إعلامية ومجتمعية مختلفة ومتناقضة تناقضاً كبيراً وواسعاً أستغرب كيف يمكن لرجل وامرأة الشارع من البشر العاديين الممايزة بين الحقيقي وغير الحقيقي.
فئة غريبة جداً من الوطنيين الجدد الذين ما أنزل الله بوطنيتهم من سلطان يمارسون قمعاً وقسراً غريباً وكأنما هم يعرفون كيف يُحبُ الوطن وكيف يُمارسُ هذا الحب، هُم كما أسميهم القمعيين الجدد باسم عُمان وباسم سُلطان عُمان. فهم لا يتورعون أن يزجون باسم الوطن، أو باسم جلالة السلطان في أبسط النقاشات أو المداخلات التي يطرحها إنسان وطني حقيقي بحسنِ نيةٍ وبحب حقيقي لهذه البلاد. يطرحها إنسان أعلنَ طاعته صراحة وعلى الملأ للقانون العماني وللنظام الأساسي للدولة، ولكنهم لا يتورعون أن يصفونه بأخس الصفات، أو بأسوأ السمات إن جرأ على الحديث أو انتقاد أي شيء يحمل اسمَ عُمان، فهم يرون أنه أحق بعمان وأكثر فهماً لها وهم العارفون بما يدور في الخفايا والنفوس وهم يحددون الوطني وغير الوطني في مسيرةٍ قمعية مخيفة ويمارسون ذلك عبر الوسائل المختلفة منها الإعلام الرسمي وغير الرسمي وعبر المنتديات وعبر الحديث اليومي. فهم قمعيون يرأون ما بالنفوس ويعرفون كل إنسان. فهم أخطر على عمان من الأعداء الوهميين الذين يخترعونهم وهم الداء في قلب هذه الأمة. إنهم القمعيون الجدد باسم الوطن، الذين يؤمنون بمسلمات لا يعرف أحدٌ كيف جاءت أو كيف تولدت، وإنما هم يؤمنون بها ويمارسونها ويطلبون ويجبرون الناس على ممارستها فإن تجرأ أحدٌ وداس على وترهم الحساس يقومون من تحت الرماد باصقين وشاتمين ومهاجمين ومشنعين ومرددين كلاماً طويلاً وعريضا عن فئة الخونة الشباب أو الشياب الذين [باعوا] الوطن في سوق النخاسة، وكلامهم طويلٌ جداً وعريض وواسع ورغم قلةِ عددهم إلا أن تأثيرهم شديد وكبير، فهم وخزةُ في الضمير والقلب ولا يهدأ لهم بالاً حتى يوقعوا الأذى والألم على من يجرؤ على تدنيس صورة الوطن في نفوسهم وقلوبهم، فهم كما يرون العمانيون الأقحاح ولا أحد غيرهم يجوز له أن يحدد عُمانيةً أو سلوكا عُمانيا إلا هُم. ليت شعري إن القمعيين الجدد في كلِّ مكان. فهم معنا في العَمل، ومعنا في الشارع وهم يتجولون في [سيتي سنتر] ويمارسون حياته بشكل طبيعي حتى يأتي رجلٌ من أقصى القريةِ لكي يقول كلاما منبعه الحزن والأسى على ما يدور أو يُحزنُ في هذا الوطن الرائع فإذا بهم ينفضون عن وجوههم الطمأنينة والهدوء فينطلقون في دفاعٍ مستميت عن [سمعة] الوطن وعن سمعة عُمان وعن القائد فيزجون باسم من لا ينبغي أن يُزجَّ باسمه في كل الحوارات، وإذا بهم يجعلون من الجدل الدائر حول الوطن قضية مُعارضة وخلاف وجدال وكأن من يجرؤ على انتقاد أي شأن عُماني هو ينتقد رمز الوطن وثوابت المجتمع والدين، فهم يزجون بما يمكنهم الزج به في دوامة الجدال في دفاعٍ عن الوطن، وكأنما هم الوحيدون الذين يعرفون كيف ينبغي أن يُدافَعَ عن الوطن، أو كيف يُتحدثُ عنه.
&&&
تتفننُ وسائل الإعلام العمانية في كل مناسبةٍ وطنيةٍ في الاحتفال المتواصل بالوطن وعيد الوطن. وما يثير الاستغراب أن الخطاب الإعلامي رُغم تغير سنن الكون لا يتغير فهو ينطلق من ثوابت عتيقة أكل منها الدهر وشرب، والوطنيون الجدد يؤكدون ذلك مراراً وأن الاحتفال بالوطن يجب أن يتبع هذه القاعدة الثابتة التي نشأت في عصر لم تكن فيه الدولة كما هي الآن. كثير من المخاوف ومصادر القلق زالت، وكثير من الإقناع الذي احتيجَ في وقتٍ سابقٍ لم يعد له من داعٍ، إلا أن الخطاب الرسمي لا يزال يعيش في دوامته القديمة ويُمارسُ ما يراه حقيقيا ومناسباً. فالحديث هو الحديث عن المدارس والشوارع، ولا أحسب أن واحداً من جيلنا الحالي سوف ينطلي عليه هذا الكلام، فهذه المنجزات أصحب الشاب منها يراها من حقوقه البسيطة التي يطالب بها كمطالبة عادية جداً تُرفع إلى الوزارات المختصة دون إزعاج سلطان البلاد بهكذا تفاصيل جانبية.
الخطاب الممجوج من الوطنيين الجدد يستمر فالوطن هو الوطن الدائم الواحد الذي لا يمسه السوء وهو بخير وكل شيء فيه على ما يُرام، ورجاله مصونون وهم فوق النقد ولا ينبغي أن يصدر من أي مواطن حقيقي ما يكدر صفو هؤلاء الوطنيين الجدد لأنهم يفهمون أكثر مما يفهم ويعرفون أكثر مما يعرف فهم رجالُ الوطن وهم أصفياؤه المختارون من صفوة الصفوة وزبدة الزبدة، وما يحدثُ الآن لا يمثل الحب الذي يتمناه إنسانٌ مسكين مثلي فهو كما كان يردد آباؤنا وأمهاتنا في منتصف الثمانينات. ذلك الحب الصافي غير الممنهج وغير المدروس المحتفي بالمدارس والمستشفيات. فالحكاية تستمر وثمةُ وطنيون جدد يؤيدون هذا الخطاب ويدعون إليه ويقمعون أية محاولة لتغيير الخطاب لأنهم ولأسباب يرونها وجيهة يحسبون أن من يغير في هذا الاحتفال المكرور غير وطني وخائن للوطن، وهم يزجون باسم جلالته في منتصف أي نقاش حتى لا يدعوا مجالا للتعبير للآخر، فهم كما يرون يفهمون فكره السامي ويعرفون حق المعرفة ما ينبغي أن يقول العماني عن سلطان البلاد المفدى. وليس على الموطن البسيط مثلي إلا الطاعة والإذعان دون تساؤلات حسنة النية عن مؤدى هذا الخطاب المكرور أو عن نتائجه، فهم يحسبون أن المشيئة الوطنية اقتضت ذلك وعلى ذلك يسيرون ويفعلون ما بوسعهم لإيقاف الشباب [الأحمق] مثلنا من الذين وُلدوا في عُمان الجديدة الحديثة، ويرددون على مسامعنا ما يرددونه عن آبائهم أو الحمير او الدواب أو الأمراض التي فتكت بأكثر من هم في جيلهم. هُم العارفون بكل شيء وأما نحن فمواطنون مساكين يجب أن نطيعهم باسم الوطن وباسم قائده.
ادعاء مُقرفٌ يُمارسُ ويدور في مختلف الأماكن ولا يعترضُ عليه أحد خوفاً على نفسه من شر هؤلاء الوطنيين الجدد أو من شر المجتمع. إنهم الوطنيين الجدد الذين يمارسون الضغط الاجتماعي والوظيفي على المُحدثين من البشر الذي يفهمون ويحبون الوطن على المكاره. وما أن يجرؤ أحدهم على انتقاد سين من الوزارء إلا وكيلت له التهم بالخيانة العُظمى، والوطنيون الجدد لديهم الحكومة والخطوط الحمراء سواء فانتقادها لا يجوز ولا ينبغي فكل الوزارات مصونة ولا ينبغي أن تنتقد وإلا عُدَّ ذلك خيانة للوطن وتشويها لسمعته.
&&&
الحديث عن سلطان عُمان حديث يثير التكهرب والقلق، وما أن يطرحه أحدهم في حديث عام أو خاص إلا وتعم المكان روحٌ من القلق. بداخل الجميع أمانةٌ وشعور مُخلص أن قائد البلاد لا ينبغي أن يمس أو يُنالَ بسوء تصريحا أو تلميحاً، وكُل إنسان يُمارس حقَّه الطبيعي في التعبير عن رأيه يدرك الخطوط الحمراء التي يجب ألا يقع فيها، فذات جلالة السلطان مصونة ولا ينبغي المساس بها من قريب أو بعيد أو تناول حياته الشخصية أو الدعوة إلى ما يخالفُ الأنظمة التي اعتمدها القائد المفدى، وكذلك أفراد العائلة الحاكمة الكريمة مصونون لا ينبغي المس بشخوصهم أو التشهير بهم. هذا النظام الذي أقره النظام الأساسي للسلطنة، وأحسب أن كل مواطن يعترف بعمانيته ويقر بمواطنته وطاعته يجب أن يطيع هذا النظام. ومنهم أنا صاحب هذه المهذونة أعانني الله على ذلك، أقر بذلك وأطيعه وأمارسه وآمل ألا أصيب دون قصدٍ ما لم أشأ إصابته.
ومن ضمن هذه التحفظات تظهر فئة الوطنيين الجدد فإنهم يبالغون في التنزيه حتى يصلون إلى الحكومة كلها، فالوزراء أيضا مصونون والوكلاء مصونون ومدراء العموم مصونون ومدراء الدوائر مصونون. وهؤلاء الوطنيون الجدد ينطلقون من شعورٍ طاغ بالكمال وكأن عُمان وأهلها لا يخطئون فهم يهاجمون علنا كُل من يجرؤ على انتقاد الحكومة العمانية وينسبون أي انتقاد إلى السلطان ويتذرعون بهذه الحجة وكأنما انتقاد وزيرٍ ما يعني بالضرورة انتقاد شخصَ صاحب الجلالة. وهذا كلام الحكومة بريئة منه. فكما نُشر في الآونة الأخيرة فإن عددا من الوزراء دخلوا السجونَ، وتم هدم بنايات لهم تقع على الشارع العام وآخر أعفيَ من منصبِه وسُحبت منه بناية أخذها بطريقة غير شرعية. هذا الكلام كلام الإعلام الرسمي الذي خرج من سلطة الوطنيين الجدد. الإعلام الذي يمارسه إعلاميون وطنيون يقولون الحقيقة على المكاره ولا يعبأون بفلانٍ وفلانٍ مهما كان تأثيره عليهم. وجلالة السلطان نفسه قال في حوار صحفي أن الوزراء يُعينون وكُل من أخطأ يُغيَّر ويأتي أحد مكانه. فهذه شفافية محسوبة للحكومة وما خطاب جلالته في مجلس الدولة إلا إشارة واضحة ينبغي الالتفات إليها. عن نفسي راجعتُ كافة القوانين التي تتناول النشرَ والكتابة في السلطنة ولم أجد ما يقول أو يؤكد على أن الوزير العُماني مُنزه ولا يُمكن تناول عمله بالانتقاد الموضوعي. فالمجتمع وإن كان يقول كلامه أو يستنتجه من أبو فيصل السكير العماني الشهير فإن الإعلام الفاضل ما عدا استثناءات صغيرة يعيد ويكرر مديحه الممجوج الذي لم يعد يخدم المصلحة الوطنية في تكرار يثير السأم والملل. ومن الوطنيين الجدد من فئات المجتمع العادية جدا فهم يحرصون على سمعة عُمان وكأن عُمان وأهلها لا يخطئون ولا دخلون السجون ولا يكذبون ولا يزنون ولا يسرقون، فكلما نبَّشٌ مجنونٌ عن خطأ يدور في أروقة المجتمع إلا وسقطت عليه سهام ورماح الوطنيين الجدد متهمينه بنقص والولاء والانتماء، ويعتزون صراحة بكل ثوابت الوطن ضدَّ مثيري الشغب والفتن.
&&&
ثمة إدراك شعبي ومجتمعي أن بعض رجالات الحكومة يمارسون الخطأ ويستغلون مناصبهم، وقد ضربت الدولة بيدٍ من حديد على بعض هؤلاء الذي استغلوا نفوذهم وسيطرتهم على صناعة القرار من أجل مصالحهم الشخصية، وكما آمل فإن البقية الباقية من هؤلاء الفاسدين ستطالهم يدُ العدالة وسيدخلون السجون حيث يستحقون أو يُحاكمون وفق القانون المنظم في البلاد. وللأسف الشديد فإن بعضا من أبناء عُمان المخلصين تم التعامل معهم بسوء وعدم وعي عندما حاولوا الإشارة إلى بعض القضايا التي يجب الالتفات إليها، فمنهم تآمر عليه فلان وفلان من اللوبي الاقتصادي للنيل من صوتِه الصادق، ومنهم من تم إرسال أحد من بلاده أو قريته [لينصحه] ويحذره من الإساءة للبلاد، فهم يحسبون أن انتقاد الشؤون العُمانية الاقتصادية أو الاجتماعية يعني بالضرورة إساءة سمعة البلاد، فهم والقمع واحدٌ وهم وجه بشع قبيح يسيئون إلى الوطن أكثر مما يحسنون إليه، وبعمان أبناء مخلصون يعيشون بعيدا عن الضوء ولهم عدو واحد هو الظلم والتسلط، وسيمارسون عملهم دون أن يعرفهم أحد أو يشير إليهم مكتفين بابتسامة واسعةٍ جدا حين يسقط طاغية يتخفى تحت سلطته أو نفوذه مهما كانت صفته أو طبيعة عمله. والفئة التي أقصدها ليست جهاز الأمن الداخلي كما قد يفهم البعض، وإنما هو جهاز الوطنيين الجدد من العلاقات العامة فهم يصلون إلى كُل منتقدٍ بأسخف الوسائل وينصحونه باسم الوطن حتى لا [يضر نفسه] أو حتى لا [يحدث ما لا يحمد عقباه] فهم في مسيرتهم بين ترغيب وترهيب يحاولون الحفاظ على أنفسهم من الوطنيين الحقيقيين ويتذرعون ويتحججون بأسخف الحجج لئلا يظهر للناس ما يدور في الخفاء.
&&&
كما ذكرتُ سلفاً فإن ضرورة المرحلة في وقتها الحالي تربط بين عُمان وسلطانها الحالي السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ، والنظام الأساسي للدولة الذي نشر في وسائل الإعلام والذي يوجد مواقع الوزارات وموقع وزارة الشؤون القانونية والنظام الأساسي للدولة يقول الآتي صراحة:
مادة ( 5 ) : نظـام الحـكم سـلطاني وراثي في الذكـور من ذريـة السيد تركـي بن سعيد بن سلطـان ويشترط فيمن يختار لـولاية الحكم من بـينهم أن يكون مسلما رشيدا عـاقلا وابنا شرعيا لأبوين عمانيـين مسلمين.
مادة ( 6 ) : يقـوم مجلـس العائلة الحاكمة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد من تـنتـقل إليه ولاية الحكم . فإذا لم يتـفق مجلـس العائلـة الحاكمـة على اختيار سلطـان للبلاد قام مجلس الدفاع بتـثبـيت من أشار بـه السلطان في رسالته الى مجلس العائلة .
مادة ( 7 ) : يؤدي السلطان قبل ممارسة صلاحياته، في جلسة مشتركة لمجلسي عمان والدفاع، اليمين الاَتية:
[أقسم بـاللّه العظيـم أن أحـترم النظـام الأسـاسي للـدولـة والقوانين، وأن أرعـى مصالح المواطنين وحـرياتهم رعـاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه].
مادة ( 8 ) : تستمر الحكومة في تسيير أعمالها كالمعتاد حتى يتم اختيار السلطان ويقوم بممارسة صلاحياته .
مادة ( 9 ) : يقـوم الحـكم في السـلطنة على أسـاس العدل والشـورى والمسـاواة . وللمواطنين - وفقا لهذا النظام الأساسي والشروط والأوضاع التي يبينها القانـون - حق المشاركة في الشؤون العامة.
وكما يرى القارئ الكريم فإن الدولة ممثلة في أكبر أجهزتها قد نشرت هذه الاحتمالات، وهي احتمالات شغور منصب السلطان. وهذه سنةٌ من سنن الكون وسنن الرحيم الكريم الذي لا يملك بشرٌ أن يغيرها. فالدنيا حياة أو موت أطال الله عمر جلالته وأبقاه، وكما أدى عاهل البلاد المفدى واجبه فإنه في يوم من الأيام ستُفجعُ عُمان برحيله مما يفتح المجال إلى سلطان جديد لإكمال المسيرة ولمواصلة البناء والتعمير والأخذ بيدِ عُمان وأهلها إلى ما يُكملُ المسيرةَ ويخدم الهدف الوطني الأكبر.
ما يثير القلق والخوف هو ما يمارسه هؤلاء الوطنيون الجدد من ممارسات تقرن اسم عُمان بشخص جلالة السلطان قابوس المعظم، وهذا حسب ما أفهمه من المرسوم السلطاني المحدد للنظام الاساسي للدولة ما لا يريده جلالته وما لا يؤيده، فعمان هي لوحتُه التي أبدعها وبناها وأفنى العمرَ فيها ولن يرضى جلالته أن ينتهي كُل شيء وأن يسقط المواطن العُماني فريسةً للحزن والأسى ويشعر أن كل شيء انتهى وأن البلاد قد ذهبت وانتهت. هذا الخطاب الاستسلامي مخيف وانهزامي ولا أحسب أن العماني الوطني الحقيقي سوف يرضى به. ما يثيره الوطنيون الجدد في المجتمع من روح انهزامية وتعلق وجودي بجلالة السلطان نابعٌ عن حب، ولكنه حبٌ خطير للغاية لأن الأجيال الجديد التي تظهر سوف تعيش عصر التغيير بعد عُمر طويل بإذن الله لجلالته، وسوف يعيش جيلنا أو الجيل الذي يأتي بعدنا هذا العصر. أنا أقشعر وأن أكتبُ هذا الكلام ولا آمل أن يشغر منصب السلطان إلا بعد مئة سنة إن كان الأمر بيدي، ولكن سنن الكون أكبر مني ومن كُل أحد، وإن كان البعض يحسب أن الحديث عن هذا الموضوع غير ممكن فلا أحسب أن النظام الأساسي للدولة غير ممكن الحديث عنه، ففيه وفي بنوده ما يكفي ليطمئن كُل عُماني أن جلالة السلطان المعظم حرص على عُمان وعلى مشروعه العُماني أن يستمر وأن يواصل المسيرة به وبعده، وفي هذا حب وطني وإخلاص مشهود له.
&&&
لا أخفيكم أيها الأصدقاء إنني أكتب هذا الكلام وأنا أعيد صياغته مرات ومرات، فالكلام عن شخص جلالته يجب أن يكون حذرا ومتزنا وموضوعيا، لأننا نتحدث عن حاكم البلاد وقائدها ولا ينبغي أن يتعرض أحد لشخصه أو لذاته بالسوء. وهي رسالة أوجهها إلى كل الكتاب بالتزام الحيطة والحذر فجلالة السلطان خطٌ أحمر واضح يجب تناول الكتابة عنه بأقصى درجات الموضوعية والالتزام بأخلاقيات الكتابة والحديث.
&&&
أما ما يفعله الوطنيون الجدد من ترسيخ متكرر لسياسات إعلامية قديمة للغاية تعيد وتزيد في الكلام نفسه فلا أحسب أن هذا سيخدم الوطن. الولاء والانتماء للوطن أكبر من كل شيء. الأجيال الجديدة التي تولد الآن والتي تتعلم في مدارس وزارة التربية والتعليم يجب أن تعرف ما يدور ويجب أن تتوقع وأن تدرسَ هذه البنود وأن تُخبرَ وتُبلغَ أن حزنا سوف يعم البلاد ذات يوم، وأن على البلاد الحفاظ على وحدتها والدفاع عن وجودها وكينونتها والالتزام بنصوص النظام الأساسي مهما كانت الدعوات ومهما كانت الأصوات.
أراجع مناهج التربية الوطنية الجديدة فأصاب بتساؤلات طويلة جدا، وأسأل عما يريده هؤلاء الوطنيون الجدد. أيريدون للمواطن العُماني أن يبنى آماله على سراب؟؟ أم هم يمارسون عليه الضغوط باسم الوطن والسلطان ولا أحسب أن هذه مشيئة جلالته، فهو كما يقول ويشير في خطاباته يفتح باب المشاركة الشعبية القائمة على نظام الشورى و حق المشاركة في الشؤون العامة .. وكلام كثير شفاف يتحدث عن الفساد أو عن الإصلاح وعن أخطاء الوزراء تلميحا وضمناً .. من كان يخافُ جهاز الأمن فلا أحسب أن من لم يطأ على الخطوط الحمراء سوف يُعاقبُ أو يحاسب .. ومن كان يخاف شرطة عمان السلطانية فلا أحسب أن الشرطي سيمنع أي إنسان من الاحتفال بوطنه ما لم يخالف ذلك القواعد القانونية المنظمة. ولا أحسب أن المدعي العام سوف يهاجم أو يصدر مذكرة اعتقال بحق شخص لم يقطع الخطوط الحمراء.
&&&
إن الدعوات الدنيئة جداً التي يمررها بعض أعداء الوطن هُنا وهُناك في مختلف الوسائل الإعلامية بعضهم داخل عُمان يعيشون كالخفافيش ويمررون أجندة مفزعة تتحدث عن زوال عُمان بعد أن يسترد الله وديعته من السلطان الحالي، وبعضهم خارج عُمان يشيعون الذعر والفزع والقلق وأن كل شيء سيكون مصيره الفوضى .. وهذا كلام سخيف قذرٌ ينبغي الوقوف والتصدي له والضرب عليه بيد من حديد ، إن عمان كبيرة وحقيقية وبها شعب حقيقي لن ينهزم أو يسقط وهي أعظمُ من حُزنها وأعظم من ألمها والعماني على مرِّ العصور يُثبتُ وأثبتَ أن هذا الوطن أكبر من كُل أعدائه وكُل الباثين لسموم الهزيمة والفشل بين أبنائه. عُمان الأرض والبشر والتاريخ واللغة وشغور منصب السلطان حقيقة لا مهربَ منها في يومٍ من الأيام، وينبغي على كُل عُماني حقيقي أن يعيش طاعته وولاءه لسلطان عُمان المفدى مهما كان، ومهما حدث. وما أن يقضي الله ما قدره، فكلنا واثقون أن البلاد ستكون في أيد أمينة وعلينا أن نعيش عهدنا المستمرَ وبناءنا الدائم لأنفسنا وللوطن، فهو بنا ونحن به.
&&&
هؤلاء الوطنيون الذي يتحدثون باسم الوطن في كل حديث هم أسوأ على الوطن من أعدائه، فهم يمارسون حبَّهم السامَّ بوعي أو بدون وعي، ويقمعون الرأي الآخر بحجج واهية. عُمان ككل الدول بها أخطاء قابلة للتعديل والتصحيح، ورجالها يخطئون بعضهم يعود إلى رشده وبعضهم يغوض في عوالم الغي .. كُل له إناس وفي النهاية فإن قيام خطاب إعلامي قوي مُقنع سوف يخدم البلاد وسوف يدفع مستغلي مناصبه إلى إعادة النظر مرات ومرات قبل ممارسة أي فساد علني يقع في براثن السلطة الرابعة سلطة الصحافة الحرة غير المقيدة..
وعمان وراء القصد
&&&
إلى القارئ الكريم ..... :
تتحدث برعبٍ وفزع عن اعتقالي من قبل جهاز الأمن، وأقول لك يا أخي العزيز هذا الكلام لا أساس له من الصحة، لا أنا ولا حمد الغيثي تم اعتقالنا ولم يحدث أن تم استدعاؤنا أو توجيه رسائل شديدة اللهجة إلى جهات عملنا. لا أعرف من أوصل لك هذا الكلام ولكن لا أحسبه يقول الصدق ولا أحسبه يبغي الخير. أقول هذا الكلام بكل صدق، أما عن حكاية حمد التي أثيرت في المنتديات فهي حكاية حمد كفيل بتفسيرها ولا يحق لي أن أتحدث نيابة عنه. ولكن قد زرتُه في قريته اليومين الماضيين ولم أجد منه إلا كل الخير فهو شابٌ لطيف صادق وهو قارئ نزيه ورجل غير زائف وأتمنى له التوفيق في دراسته. أكتب هذا الرد عليك وفق قوانين النظام الأساسي للمهذونة، أما الآخر الذي لم تعجبني رسالته، فسأؤجل الرد عليها وفق الفترة القانونية الواردة في البند المختص.
أما عن حديثك عن الوزراء وتحديدا الوزير الذي هُدمت عمارته لا أعرف خلفيات الأمر ولكن لا أحسب أن أحداً نال غير ما يستحق وما جنت يداه، وغيره من يجرؤ على التعدي على حرمات الوطن فإن في الوطن رجال ساهرين يعملون في صمت ودأب، وصدقني أيها القارئ الفَزِع لا تقلق كثيراً فما هو قادمٌ أجمل وأكثر صفاء ووضوحاً. ثمة وزراء حقيقيون وهم رجال عُمان، وككل بشر فإن الإنسان غير كامل فمن أخطأ فعليه العقاب ومن أصاب فله الثواب والجزاء الحسن، وثمة صوت صحافي راصد ورائع أتمنى منك أن تابعه هو الصحفي محمد بن علي البلوشي نائب مدير تحرير جريدة الشبيبة أراه هو أكثر الأصوات مصداقية وشفافية وجرأة في الطرح الصحفي وأتمنى منك أن تتابعه ... أما عن سؤالك عن الدولة وعن اتخاذها أكباش فداء، فهذا كلام كبير جداً ولا أعرف لماذا تقوله. لا أؤمن أن أي نظام سياسي متزن سيلقي برجاله في السجون ما لم يكن هنالك سبب وجيه. آمل منك ألا تكون عاطفيا وألا تصدق كلام المنتديات والسبلة فهناك أناس يخرفون، وهنالك أقنعة زائفة، وهناك أناس صادقون، وأنا كغيري لا أعرف الخبيث من الطيب. ولكنني أجتهد وأتمنى أن أصيب.
القارئة .... :
أشكرك على كلامك اللطيف في حق مقال المرأة العمانية ولك وافر الشكر على التجربة الشخصية التي أخبرتِني بها .. وليتك لا تمنحين هذه المهذونة أكبر من حجميها ، بعمان كتاب حقيقيون يعلمون ما يكتبون عنه وهم أكثر دقة وأكثر رصدا، أما أنا فكلامي عاطفي غير معرفي، وغيري من مهذوني النت نمارس عبثنا البسيط البريء المنطلق من حبٍ لهذا الوطن، فلا تصدقي الحكاية، صدقي الآخرين ممن يضعون الوطن في قلوبهم، أما نحن فعشاق غير محترفين لا زلنا نتعلم ونحاول أن نعرف أكثر لكي ننتج أكثر.
رسالة أخيرة:
أيها القارئ آمل ألا تقع في الفخ فتصدق كُل ما أقول، أو تحسبني مثالياً لا أمارس السوء فأنا أيضا بشر ولي أخطائي ولدي جرائم مارستها باسم الوطنية والوطن في أزمنة سابقة منها قمعٌ مارسته ضد أصحاب رأي أقحمتُ وزججت باسم الوطن والسلطان في حواري معهم، ومنهم هندي مسكين للغاية ضربناه أنا والأصدقاء بعد [جونو] إذ كان يبيع عُلب الطعام المُعلب بأسعار غالية، وكذلك سمحنا لأنفسنا بأخذ [خزان ماء] من بيت يقع على شاطئ السيب وحمَّلناه على [بيكب] يملكها صديق بلوشي يسكن في الخوض، ولكن والحق يُقال فقد جمّعنا مبلغ [50] ريال عماني واشترينا خزانا جديداً عوضاً عن الخزان الذي كسرناه بسبب استعجالنا على إفراغه من الماء ورغبتنا في توزيع مياه الشرب على مناطق الحيل المتأثرة بالإعصار [جونو] في أسرع وقتٍ ممكن وليت صاحب المنزل الذي كان في مرحلة البناء يغفر لنا هذه الفعلة، وكذلك ليت الزمان يعود لأعتذر من بريطاني مسكين أخطأ عليه عُماني عصبي جدا ووقفتُ في صف العماني وقد أخذتني العزة بالإثم، وكذلك آخر تحدثَ عن السفر إلى دولة خليجية وأخذ جواز غير عُماني فغضبت وأرغيت وأزبدتُ وقُلت له سأبصقُ في وجهك وأنا الآن نادم على قولي هذا وليتني لأ أكون حدياً وعصبيا وعاطفياً ولكن كما ذكرتُ فإن من الحبِّ ما قتلَ ومن الحب ما آذى .. أقول هذا الكلام حتى لا تنطلي عليك الخدعة كما يحاول آخرون الانطلاء عليك، فاستفتِ قلبك دائما.
العُماني جدا: معاوية الرواحي
بيانُ الحُبِّ والكراهية [1] / الوطــنيون الجدد
القمعيون باسم عُمان / وباسم ســــلطان عُمان
ما الذي يجعل هذا الوطنُ رائعا؟ وما الذي يجعله استثنائياً ومُدهشاً؟؟ والسؤال الأهم ما الذي يجعلنا نحبه وندافعُ عنه مستعدين للموت من أجله؟ متى تعلمنا كلمة [الوطن] وكيف تعلمناها؟ ومن الذي أخبرنا أن الموت من أجل الوطن تضحية بطولية؟ متى عرفنا أبجديات النظام السياسي العُماني ومتى عرفنا الفرق بين الوطن والحكومة؟ ومتى ومتى دارت الأسئلة في الرؤوس؟ متى ظهرت الوطنيةُ الجديدة التي باسمها تُحرق الأعلام، أو تضرب الحجارة أو تقوم قوات مكافحة الشغب بتفريق جموع المشجعين الرياضيين الغاضبين بسبب خسارة المنتخب الوطني؟ الآن نحن نعيش أيام القمة الخليجية، وبعد أيام ستبدأ فعاليات كأس الخليج، وبين هذه المناسبة وتلك فارقٌ ضخم ووطنية مختلفةٌ تماماً، فهؤلاء يديرون شؤون الحكومات، وهؤلاء يتابعون مسيرة المنتخبات. هذا بأدواته، وذاك بما يلصقه على سيارته من أعلام أو بما يرفعه عبر فتحة السقف من صرخات تصرخ [الله الوطن .. السلطان .. وعاش الأحمر العماني .. وشعاره سيفين والخنجر عمانية] .. وطنيون مختلفو المشارب والأهواء والنفوس والقناعات يجمعهم حبٌّ خارق وواضح للوطن فهم لا يساومون فيه .. والناس فيما يعشقون مذاهب. الوطنية بتعبيراتها وكُتب التربية الوطنية التي تعيد وزارة التربية والتعليم طباعتها وتجديدها كُل عام عالمٌ ضخمٌ وواسع من الاختلافات، فالحكومة والوطن والسلطان والبلاد والأرض والهوية عالم مختلطٌ متداخلٌ يحمل كلَّه اسمَ عُمان، وكُل عماني على هذه الأرض يتنفس هذا الحب ويعيشه دون نفاقٍ أو إكراه، بعضنا يفهم لماذا وبعضنا لا يريد أن يفهم، فهي حالة من حالات الحلول التام بين العاشق والمعشوق، ولا يكشف العشاق عن سرِّ عشقهم.
&&&
قد لا تكون حزمة من الأسئلة بداية حكيمة لمقالٍ حكيم، فالكاتب كما ينبغي له وكما هو له أن يكتبَ كلاما [ضخماً] وكبيراً يحشد فيه كل معارفه ومصطلحاته الحكيمة ولا يمنعُ أن يقول كلامَ السياسيين المخضرمين الذين يتكئون على الحروف اتكاء سليمان على عصاه وهم بذلك يقنعون المستمع أو القارئ أن كلامهم [مهم] و[ضخم] و[كبير] جدا جدا ولا يمكن أن يأتيه أو يزوره الباطل لا من بين يديه أو من أمامه أو خلفه. هو كلام كبير عن الولاء والانتماء والوطن والسلطان وعلى من يقوله الالتزام بفنون اللعبة، وإتقانها، فالحديث عن الوطن كما يبدو له اشتراطات ولا يمكن لأي مواطن أن يتحدث عن الوطن إلا إذا نال شهادة اعتراف من الوطنيين الجدد الذين يظهرون كُل يوم في مكانٍ جديد من بقاع هذه الأرض الطاهرة، أرض عُمان التي أودُّ أن تكون دمائي بليتراتها الستة شربةً لها لتخرج منها كرمةً حمراء تسر الناظرين. قد لا تكون كل هذه الأسئلة بدايةً حكيمة ولكنني أيها القارئ الحكيم أجدني من أجل هذا الوطن الحقيقي مستعداً للتنازل عن كل الحكمة، أو المكانة الأدبية أو الفنية أو التقنية أو الثقافية أو المعرفية وكل المكانات التي يخترعها الوطنيون الجدد ليتفضلوا فيسمحون لي أو لغيري بالحديث عن الوطن حديثاً صادقاً ينقل ما يقوله القلب خلال عبر لوحة المفاتيح عبر حاسب آلي عتيقٍ لا يشبه قدمه إلا حبّ هذا الوطن.
&&&
إن الحديث عن عُمان حديث له شجون، ولا يمكن بأية حال من الأحوال عن الحديث عن السلطنة إلا ويكون الربط آلي وتلقائي بين عُمان التاريخ والحضارة، وعُمان القيادة السياسية وعُمان السلطان قابوس بن سعيد المعظم. فكما هو بينٌ وواضحٌ للعيان فإن عُمان كدولة حديثه لم تكن لتُعرفَ أو لتظهرَ أو لتخرجَ من عزلة طويلةٍ فرضتها عصور متعاقبةٌ من التقلبات السياسية والتاريخية إلا بقائد حقيقي ورمز وحدة وطنية إنساني النزعة حكيم القيادة كي يتولى إدارة حزمة من المعادلات التاريخية والسياسية والاقتصادية والقبلية والمذهبية والأمنية المعقدة والشائكة ويتصدى له تصدياً حقيقيا ليخرج هو وتخرج عُمان به دولة حديثة ذات مؤسسات واضحة وذات سيادة مستقلة/ دولة عربية إسلامية يحكمها قانون ونظام أساسي يحدد العلاقة ويرسمها بين المواطن والوطن، وبين الحكومة والمواطن. لضرورة المرحلة لا يمكننا أن نفرقَ الآن بين عُمان الدولة، وعُمان [السلطان] فهما واحدٌ في الوصف والصفة لا يفرق بينهما شيء فلولا جلالة السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد لما كان لها ما كان. وقد استطاع جلالة السلطان بعبقرية سياسية فذَّة أن يدير مشهداً واسعاً ومعقداً منذ بدايات فترة الحُكم وحتى نهايات العام الحالي 2008م، فهو الصوت الأوحد الأكثر تصديقاً والأكثر شفافية آل على نفسه وأخذ على عاتقه أن يواصل المسيرة فهو من نجاحٍ إلى نجاحٍ ومن حسنٍ إلى أحسن وكل يوم يمر يشهد له ويؤكد ما تمتلكه هذه المسيرة من إيجابيات يشهد بها العالم المحيط، ومصداقية تؤكدها ما تناله السلطنة من احترامٍ في مختلف دول العالم. بشكل عابرٍ للغاية ومنذ بداية السبعينات حتى يومنا هذا عاش الخطاب الإعلامي الوطني سواء للمؤسسات الرسمية أو الخطاب المجتمعي اليومي حالة شبه تطابق فكلامهما يرددان ويؤكدان الولاء والانتماء للوطن وقائد الوطن المُطاع، ويمكن لم يريد أن يستزيد أن يراجع كتاب [مصلح على العرش] ليجدَ المزيد من المعلومات عن جلالة السلطان وعن إنجازاته على المستوى العماني المحلي أو على المستوى العالمي، لهذا السبب ولأسباب كثيرة يكون الربط في الحديث عن عمان آلي وطبيعي فعمان هي السلطان، والسلطان هو عُمان، وكلاهما هو جلالة السلطان المعظم رمز الوحدة الوطني السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد.
&&&
كما يعرفُ الجميع فإن العالمَ تحكمه سننٌ تنطبق على كُل مخلوقٍ بشري على هذه البسيطة. ومن سنن الإنسان وطبائعه التواؤم مع واقع الحال فكما تواءم العمانيون القدماء مع واقع الحال في عصور الستينات والخمسينات، فقد تواءم الجيل الجديد مع منجزات العهد الزاهر تواءما حقيقياً ورغم القبلية التي سادت العصر الفائت فقد استطاع المجتمع العُماني أن يخرج من التحزبات القبلية أو المذهبية في مشهد وطني حقيقي السيادة فيه للقانون ولا فرق فيه بين مواطن وآخر إلا بطاعة القانون واحترام الأطر المنظمة لعلاقة الفرد بالوطن. وهذا الحب الذي يمارسه المواطن العادي تظهر ملامحه وأفعاله كُل يوم بدءا من كتاب الأعمدة في الصحف، أو من وسائل الإعلام أو الإذاعة أو من خلال الأضواء التي تحتفل بالعيد الوطني للبلاد فكل البلاد تحتفل مدارسَ ومؤسسات وأفراد. وتعيش ما تسميه [الواجب] الوطني كُل حسب طريقته وفهمه، فواحد يعلق العلم على سيارته، وآخر يلبس دشداشة حمراء عليها خطوط خضراء وبيضاء تمثل العلم العُماني، وآخر يغني أو يعزف أو يكتب قصيدة أو يقف على الشارع حيث يمر موكب المقام السامي محفوفاً بالدعاء والحبِّ والفرح. كُل يُحبُّ بطريقته وأقول هذا الكلام ولا أحسبني مبالغاً فإن ما يحدث في عُمان وما يدور في أروقة المجتمع كُله يدل على تواضع الناس واتفاقهم على الطاعة والولاء لولي الأمر قائد القوات المسلحة رجل عُمان الأول ورمز الوحدة الوطنية شخص جلالة السلطان. كُل يعيش هذا الحب ويمارسه بطريقته ولا أحسب أن أي عُماني حقيقي سيقول كلاما بمضمون مختلف، فإن جلالة السلطان أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه رجل عُمان وسطر لها وسطر لنفسه الخلود في تاريخ هذا الوطن مهما تتالت العصور، فهو رجل فارقٌ استثنائي عبقريٌ صاحب فكر سياسي ونظرةٍ حكيمة ثاقبة واتزان وعقلانية أدار المشهد العُماني بوطنية غير مشكوكٍ فيها وكُل عُمان بطوائفها ومذاهبها وقبائلها وفئاتها المجتمعية وقُراها ومدنها تشهد له وتقر له بالولاء والعرفان والشكر.
&&&
وكما يقول المثل العربي القديم، فإن الحبَّ أعمى ومنه ما قتلَ. فالحب لا يمتاز بالحكمة دائماً فهو انفعاليٌ في أغلب الأحيان ولا يميز أحياناً بين العدو والصديق، وفي فورات الحب يحدثُ العجب العجاب. فمنهم من غضبَ من أجل الوطن أو من أجل خسارة المنتخب العُماني في مباراةٍ هامشية فإذا به يغضب ويزمجر ويحرق العلمَ أو أعلامَ دولٍ أخرى يدفعه حبُّ الوطن، وعندما يأتيه الشرطيُّ ليثنيه عن هذه الفعلة يثور ويغضب ويتهمه بعدم الوطنية ونقص الولاء ويطلب منه أن يشاركه في إحراق أعلام الدول المجاورة الشقيقة من أجل مباراة رياضية، فهذا العاشق لوطنه يرى أن إحراق الأعلام أمر يسمح به حبُّ الوطن ويحثُّ عليه، والشرطي يمارس عمله الوطني الحقيقي فيمنع هذا الحب المؤذي من الحدوث وهم والحق يُقال يقومون بواجبهم خير واجب مهما كانت المناسبة لامسةً لمشاعر الشارع العماني، وفي هذا حكمةٌ لا تخفى. فمن أجل الوطن واسمه ضُرب في الحانات هنودٌ مساكين لا ناقة ولا جملَ لهم في أي شيء، وما أن يزور الضارب مركز الشرطة إلا ويجلبُ من زوادته الأدوات الوطنية التي توقع الشرطي الذي يقوم بعمله في حرجٍ حقيقي، فهو يدعي أن هذا الهندي المسكين قد [شتمَ] عُمان، ويرى أنه انتقمَ للوطن فضربه وأثخنه باسم الوطن، وهذا يحدثُ في كلِّ مكان بدءا من المعبيلة الصناعية إلى آخر القُرى البعيدة في السلطنة.
كذلك فإن من الحبِّ ما قتلَ، وكما يعرفُ العماني الذي يعيش في عُمان والذي يتحدث ويناقش أو يكتب عن الوطن أو عن الحكومة فإن الأفئدة تتصاعدُ وتتوتر الأجواء وتتكهربُ. وهذا ما أثار استغرابي في الآونة الأخيرة بعد ظهور خطابات إعلامية ومجتمعية مختلفة ومتناقضة تناقضاً كبيراً وواسعاً أستغرب كيف يمكن لرجل وامرأة الشارع من البشر العاديين الممايزة بين الحقيقي وغير الحقيقي.
فئة غريبة جداً من الوطنيين الجدد الذين ما أنزل الله بوطنيتهم من سلطان يمارسون قمعاً وقسراً غريباً وكأنما هم يعرفون كيف يُحبُ الوطن وكيف يُمارسُ هذا الحب، هُم كما أسميهم القمعيين الجدد باسم عُمان وباسم سُلطان عُمان. فهم لا يتورعون أن يزجون باسم الوطن، أو باسم جلالة السلطان في أبسط النقاشات أو المداخلات التي يطرحها إنسان وطني حقيقي بحسنِ نيةٍ وبحب حقيقي لهذه البلاد. يطرحها إنسان أعلنَ طاعته صراحة وعلى الملأ للقانون العماني وللنظام الأساسي للدولة، ولكنهم لا يتورعون أن يصفونه بأخس الصفات، أو بأسوأ السمات إن جرأ على الحديث أو انتقاد أي شيء يحمل اسمَ عُمان، فهم يرون أنه أحق بعمان وأكثر فهماً لها وهم العارفون بما يدور في الخفايا والنفوس وهم يحددون الوطني وغير الوطني في مسيرةٍ قمعية مخيفة ويمارسون ذلك عبر الوسائل المختلفة منها الإعلام الرسمي وغير الرسمي وعبر المنتديات وعبر الحديث اليومي. فهم قمعيون يرأون ما بالنفوس ويعرفون كل إنسان. فهم أخطر على عمان من الأعداء الوهميين الذين يخترعونهم وهم الداء في قلب هذه الأمة. إنهم القمعيون الجدد باسم الوطن، الذين يؤمنون بمسلمات لا يعرف أحدٌ كيف جاءت أو كيف تولدت، وإنما هم يؤمنون بها ويمارسونها ويطلبون ويجبرون الناس على ممارستها فإن تجرأ أحدٌ وداس على وترهم الحساس يقومون من تحت الرماد باصقين وشاتمين ومهاجمين ومشنعين ومرددين كلاماً طويلاً وعريضا عن فئة الخونة الشباب أو الشياب الذين [باعوا] الوطن في سوق النخاسة، وكلامهم طويلٌ جداً وعريض وواسع ورغم قلةِ عددهم إلا أن تأثيرهم شديد وكبير، فهم وخزةُ في الضمير والقلب ولا يهدأ لهم بالاً حتى يوقعوا الأذى والألم على من يجرؤ على تدنيس صورة الوطن في نفوسهم وقلوبهم، فهم كما يرون العمانيون الأقحاح ولا أحد غيرهم يجوز له أن يحدد عُمانيةً أو سلوكا عُمانيا إلا هُم. ليت شعري إن القمعيين الجدد في كلِّ مكان. فهم معنا في العَمل، ومعنا في الشارع وهم يتجولون في [سيتي سنتر] ويمارسون حياته بشكل طبيعي حتى يأتي رجلٌ من أقصى القريةِ لكي يقول كلاما منبعه الحزن والأسى على ما يدور أو يُحزنُ في هذا الوطن الرائع فإذا بهم ينفضون عن وجوههم الطمأنينة والهدوء فينطلقون في دفاعٍ مستميت عن [سمعة] الوطن وعن سمعة عُمان وعن القائد فيزجون باسم من لا ينبغي أن يُزجَّ باسمه في كل الحوارات، وإذا بهم يجعلون من الجدل الدائر حول الوطن قضية مُعارضة وخلاف وجدال وكأن من يجرؤ على انتقاد أي شأن عُماني هو ينتقد رمز الوطن وثوابت المجتمع والدين، فهم يزجون بما يمكنهم الزج به في دوامة الجدال في دفاعٍ عن الوطن، وكأنما هم الوحيدون الذين يعرفون كيف ينبغي أن يُدافَعَ عن الوطن، أو كيف يُتحدثُ عنه.
&&&
تتفننُ وسائل الإعلام العمانية في كل مناسبةٍ وطنيةٍ في الاحتفال المتواصل بالوطن وعيد الوطن. وما يثير الاستغراب أن الخطاب الإعلامي رُغم تغير سنن الكون لا يتغير فهو ينطلق من ثوابت عتيقة أكل منها الدهر وشرب، والوطنيون الجدد يؤكدون ذلك مراراً وأن الاحتفال بالوطن يجب أن يتبع هذه القاعدة الثابتة التي نشأت في عصر لم تكن فيه الدولة كما هي الآن. كثير من المخاوف ومصادر القلق زالت، وكثير من الإقناع الذي احتيجَ في وقتٍ سابقٍ لم يعد له من داعٍ، إلا أن الخطاب الرسمي لا يزال يعيش في دوامته القديمة ويُمارسُ ما يراه حقيقيا ومناسباً. فالحديث هو الحديث عن المدارس والشوارع، ولا أحسب أن واحداً من جيلنا الحالي سوف ينطلي عليه هذا الكلام، فهذه المنجزات أصحب الشاب منها يراها من حقوقه البسيطة التي يطالب بها كمطالبة عادية جداً تُرفع إلى الوزارات المختصة دون إزعاج سلطان البلاد بهكذا تفاصيل جانبية.
الخطاب الممجوج من الوطنيين الجدد يستمر فالوطن هو الوطن الدائم الواحد الذي لا يمسه السوء وهو بخير وكل شيء فيه على ما يُرام، ورجاله مصونون وهم فوق النقد ولا ينبغي أن يصدر من أي مواطن حقيقي ما يكدر صفو هؤلاء الوطنيين الجدد لأنهم يفهمون أكثر مما يفهم ويعرفون أكثر مما يعرف فهم رجالُ الوطن وهم أصفياؤه المختارون من صفوة الصفوة وزبدة الزبدة، وما يحدثُ الآن لا يمثل الحب الذي يتمناه إنسانٌ مسكين مثلي فهو كما كان يردد آباؤنا وأمهاتنا في منتصف الثمانينات. ذلك الحب الصافي غير الممنهج وغير المدروس المحتفي بالمدارس والمستشفيات. فالحكاية تستمر وثمةُ وطنيون جدد يؤيدون هذا الخطاب ويدعون إليه ويقمعون أية محاولة لتغيير الخطاب لأنهم ولأسباب يرونها وجيهة يحسبون أن من يغير في هذا الاحتفال المكرور غير وطني وخائن للوطن، وهم يزجون باسم جلالته في منتصف أي نقاش حتى لا يدعوا مجالا للتعبير للآخر، فهم كما يرون يفهمون فكره السامي ويعرفون حق المعرفة ما ينبغي أن يقول العماني عن سلطان البلاد المفدى. وليس على الموطن البسيط مثلي إلا الطاعة والإذعان دون تساؤلات حسنة النية عن مؤدى هذا الخطاب المكرور أو عن نتائجه، فهم يحسبون أن المشيئة الوطنية اقتضت ذلك وعلى ذلك يسيرون ويفعلون ما بوسعهم لإيقاف الشباب [الأحمق] مثلنا من الذين وُلدوا في عُمان الجديدة الحديثة، ويرددون على مسامعنا ما يرددونه عن آبائهم أو الحمير او الدواب أو الأمراض التي فتكت بأكثر من هم في جيلهم. هُم العارفون بكل شيء وأما نحن فمواطنون مساكين يجب أن نطيعهم باسم الوطن وباسم قائده.
ادعاء مُقرفٌ يُمارسُ ويدور في مختلف الأماكن ولا يعترضُ عليه أحد خوفاً على نفسه من شر هؤلاء الوطنيين الجدد أو من شر المجتمع. إنهم الوطنيين الجدد الذين يمارسون الضغط الاجتماعي والوظيفي على المُحدثين من البشر الذي يفهمون ويحبون الوطن على المكاره. وما أن يجرؤ أحدهم على انتقاد سين من الوزارء إلا وكيلت له التهم بالخيانة العُظمى، والوطنيون الجدد لديهم الحكومة والخطوط الحمراء سواء فانتقادها لا يجوز ولا ينبغي فكل الوزارات مصونة ولا ينبغي أن تنتقد وإلا عُدَّ ذلك خيانة للوطن وتشويها لسمعته.
&&&
الحديث عن سلطان عُمان حديث يثير التكهرب والقلق، وما أن يطرحه أحدهم في حديث عام أو خاص إلا وتعم المكان روحٌ من القلق. بداخل الجميع أمانةٌ وشعور مُخلص أن قائد البلاد لا ينبغي أن يمس أو يُنالَ بسوء تصريحا أو تلميحاً، وكُل إنسان يُمارس حقَّه الطبيعي في التعبير عن رأيه يدرك الخطوط الحمراء التي يجب ألا يقع فيها، فذات جلالة السلطان مصونة ولا ينبغي المساس بها من قريب أو بعيد أو تناول حياته الشخصية أو الدعوة إلى ما يخالفُ الأنظمة التي اعتمدها القائد المفدى، وكذلك أفراد العائلة الحاكمة الكريمة مصونون لا ينبغي المس بشخوصهم أو التشهير بهم. هذا النظام الذي أقره النظام الأساسي للسلطنة، وأحسب أن كل مواطن يعترف بعمانيته ويقر بمواطنته وطاعته يجب أن يطيع هذا النظام. ومنهم أنا صاحب هذه المهذونة أعانني الله على ذلك، أقر بذلك وأطيعه وأمارسه وآمل ألا أصيب دون قصدٍ ما لم أشأ إصابته.
ومن ضمن هذه التحفظات تظهر فئة الوطنيين الجدد فإنهم يبالغون في التنزيه حتى يصلون إلى الحكومة كلها، فالوزراء أيضا مصونون والوكلاء مصونون ومدراء العموم مصونون ومدراء الدوائر مصونون. وهؤلاء الوطنيون الجدد ينطلقون من شعورٍ طاغ بالكمال وكأن عُمان وأهلها لا يخطئون فهم يهاجمون علنا كُل من يجرؤ على انتقاد الحكومة العمانية وينسبون أي انتقاد إلى السلطان ويتذرعون بهذه الحجة وكأنما انتقاد وزيرٍ ما يعني بالضرورة انتقاد شخصَ صاحب الجلالة. وهذا كلام الحكومة بريئة منه. فكما نُشر في الآونة الأخيرة فإن عددا من الوزراء دخلوا السجونَ، وتم هدم بنايات لهم تقع على الشارع العام وآخر أعفيَ من منصبِه وسُحبت منه بناية أخذها بطريقة غير شرعية. هذا الكلام كلام الإعلام الرسمي الذي خرج من سلطة الوطنيين الجدد. الإعلام الذي يمارسه إعلاميون وطنيون يقولون الحقيقة على المكاره ولا يعبأون بفلانٍ وفلانٍ مهما كان تأثيره عليهم. وجلالة السلطان نفسه قال في حوار صحفي أن الوزراء يُعينون وكُل من أخطأ يُغيَّر ويأتي أحد مكانه. فهذه شفافية محسوبة للحكومة وما خطاب جلالته في مجلس الدولة إلا إشارة واضحة ينبغي الالتفات إليها. عن نفسي راجعتُ كافة القوانين التي تتناول النشرَ والكتابة في السلطنة ولم أجد ما يقول أو يؤكد على أن الوزير العُماني مُنزه ولا يُمكن تناول عمله بالانتقاد الموضوعي. فالمجتمع وإن كان يقول كلامه أو يستنتجه من أبو فيصل السكير العماني الشهير فإن الإعلام الفاضل ما عدا استثناءات صغيرة يعيد ويكرر مديحه الممجوج الذي لم يعد يخدم المصلحة الوطنية في تكرار يثير السأم والملل. ومن الوطنيين الجدد من فئات المجتمع العادية جدا فهم يحرصون على سمعة عُمان وكأن عُمان وأهلها لا يخطئون ولا دخلون السجون ولا يكذبون ولا يزنون ولا يسرقون، فكلما نبَّشٌ مجنونٌ عن خطأ يدور في أروقة المجتمع إلا وسقطت عليه سهام ورماح الوطنيين الجدد متهمينه بنقص والولاء والانتماء، ويعتزون صراحة بكل ثوابت الوطن ضدَّ مثيري الشغب والفتن.
&&&
ثمة إدراك شعبي ومجتمعي أن بعض رجالات الحكومة يمارسون الخطأ ويستغلون مناصبهم، وقد ضربت الدولة بيدٍ من حديد على بعض هؤلاء الذي استغلوا نفوذهم وسيطرتهم على صناعة القرار من أجل مصالحهم الشخصية، وكما آمل فإن البقية الباقية من هؤلاء الفاسدين ستطالهم يدُ العدالة وسيدخلون السجون حيث يستحقون أو يُحاكمون وفق القانون المنظم في البلاد. وللأسف الشديد فإن بعضا من أبناء عُمان المخلصين تم التعامل معهم بسوء وعدم وعي عندما حاولوا الإشارة إلى بعض القضايا التي يجب الالتفات إليها، فمنهم تآمر عليه فلان وفلان من اللوبي الاقتصادي للنيل من صوتِه الصادق، ومنهم من تم إرسال أحد من بلاده أو قريته [لينصحه] ويحذره من الإساءة للبلاد، فهم يحسبون أن انتقاد الشؤون العُمانية الاقتصادية أو الاجتماعية يعني بالضرورة إساءة سمعة البلاد، فهم والقمع واحدٌ وهم وجه بشع قبيح يسيئون إلى الوطن أكثر مما يحسنون إليه، وبعمان أبناء مخلصون يعيشون بعيدا عن الضوء ولهم عدو واحد هو الظلم والتسلط، وسيمارسون عملهم دون أن يعرفهم أحد أو يشير إليهم مكتفين بابتسامة واسعةٍ جدا حين يسقط طاغية يتخفى تحت سلطته أو نفوذه مهما كانت صفته أو طبيعة عمله. والفئة التي أقصدها ليست جهاز الأمن الداخلي كما قد يفهم البعض، وإنما هو جهاز الوطنيين الجدد من العلاقات العامة فهم يصلون إلى كُل منتقدٍ بأسخف الوسائل وينصحونه باسم الوطن حتى لا [يضر نفسه] أو حتى لا [يحدث ما لا يحمد عقباه] فهم في مسيرتهم بين ترغيب وترهيب يحاولون الحفاظ على أنفسهم من الوطنيين الحقيقيين ويتذرعون ويتحججون بأسخف الحجج لئلا يظهر للناس ما يدور في الخفاء.
&&&
كما ذكرتُ سلفاً فإن ضرورة المرحلة في وقتها الحالي تربط بين عُمان وسلطانها الحالي السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ، والنظام الأساسي للدولة الذي نشر في وسائل الإعلام والذي يوجد مواقع الوزارات وموقع وزارة الشؤون القانونية والنظام الأساسي للدولة يقول الآتي صراحة:
مادة ( 5 ) : نظـام الحـكم سـلطاني وراثي في الذكـور من ذريـة السيد تركـي بن سعيد بن سلطـان ويشترط فيمن يختار لـولاية الحكم من بـينهم أن يكون مسلما رشيدا عـاقلا وابنا شرعيا لأبوين عمانيـين مسلمين.
مادة ( 6 ) : يقـوم مجلـس العائلة الحاكمة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد من تـنتـقل إليه ولاية الحكم . فإذا لم يتـفق مجلـس العائلـة الحاكمـة على اختيار سلطـان للبلاد قام مجلس الدفاع بتـثبـيت من أشار بـه السلطان في رسالته الى مجلس العائلة .
مادة ( 7 ) : يؤدي السلطان قبل ممارسة صلاحياته، في جلسة مشتركة لمجلسي عمان والدفاع، اليمين الاَتية:
[أقسم بـاللّه العظيـم أن أحـترم النظـام الأسـاسي للـدولـة والقوانين، وأن أرعـى مصالح المواطنين وحـرياتهم رعـاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه].
مادة ( 8 ) : تستمر الحكومة في تسيير أعمالها كالمعتاد حتى يتم اختيار السلطان ويقوم بممارسة صلاحياته .
مادة ( 9 ) : يقـوم الحـكم في السـلطنة على أسـاس العدل والشـورى والمسـاواة . وللمواطنين - وفقا لهذا النظام الأساسي والشروط والأوضاع التي يبينها القانـون - حق المشاركة في الشؤون العامة.
وكما يرى القارئ الكريم فإن الدولة ممثلة في أكبر أجهزتها قد نشرت هذه الاحتمالات، وهي احتمالات شغور منصب السلطان. وهذه سنةٌ من سنن الكون وسنن الرحيم الكريم الذي لا يملك بشرٌ أن يغيرها. فالدنيا حياة أو موت أطال الله عمر جلالته وأبقاه، وكما أدى عاهل البلاد المفدى واجبه فإنه في يوم من الأيام ستُفجعُ عُمان برحيله مما يفتح المجال إلى سلطان جديد لإكمال المسيرة ولمواصلة البناء والتعمير والأخذ بيدِ عُمان وأهلها إلى ما يُكملُ المسيرةَ ويخدم الهدف الوطني الأكبر.
ما يثير القلق والخوف هو ما يمارسه هؤلاء الوطنيون الجدد من ممارسات تقرن اسم عُمان بشخص جلالة السلطان قابوس المعظم، وهذا حسب ما أفهمه من المرسوم السلطاني المحدد للنظام الاساسي للدولة ما لا يريده جلالته وما لا يؤيده، فعمان هي لوحتُه التي أبدعها وبناها وأفنى العمرَ فيها ولن يرضى جلالته أن ينتهي كُل شيء وأن يسقط المواطن العُماني فريسةً للحزن والأسى ويشعر أن كل شيء انتهى وأن البلاد قد ذهبت وانتهت. هذا الخطاب الاستسلامي مخيف وانهزامي ولا أحسب أن العماني الوطني الحقيقي سوف يرضى به. ما يثيره الوطنيون الجدد في المجتمع من روح انهزامية وتعلق وجودي بجلالة السلطان نابعٌ عن حب، ولكنه حبٌ خطير للغاية لأن الأجيال الجديد التي تظهر سوف تعيش عصر التغيير بعد عُمر طويل بإذن الله لجلالته، وسوف يعيش جيلنا أو الجيل الذي يأتي بعدنا هذا العصر. أنا أقشعر وأن أكتبُ هذا الكلام ولا آمل أن يشغر منصب السلطان إلا بعد مئة سنة إن كان الأمر بيدي، ولكن سنن الكون أكبر مني ومن كُل أحد، وإن كان البعض يحسب أن الحديث عن هذا الموضوع غير ممكن فلا أحسب أن النظام الأساسي للدولة غير ممكن الحديث عنه، ففيه وفي بنوده ما يكفي ليطمئن كُل عُماني أن جلالة السلطان المعظم حرص على عُمان وعلى مشروعه العُماني أن يستمر وأن يواصل المسيرة به وبعده، وفي هذا حب وطني وإخلاص مشهود له.
&&&
لا أخفيكم أيها الأصدقاء إنني أكتب هذا الكلام وأنا أعيد صياغته مرات ومرات، فالكلام عن شخص جلالته يجب أن يكون حذرا ومتزنا وموضوعيا، لأننا نتحدث عن حاكم البلاد وقائدها ولا ينبغي أن يتعرض أحد لشخصه أو لذاته بالسوء. وهي رسالة أوجهها إلى كل الكتاب بالتزام الحيطة والحذر فجلالة السلطان خطٌ أحمر واضح يجب تناول الكتابة عنه بأقصى درجات الموضوعية والالتزام بأخلاقيات الكتابة والحديث.
&&&
أما ما يفعله الوطنيون الجدد من ترسيخ متكرر لسياسات إعلامية قديمة للغاية تعيد وتزيد في الكلام نفسه فلا أحسب أن هذا سيخدم الوطن. الولاء والانتماء للوطن أكبر من كل شيء. الأجيال الجديدة التي تولد الآن والتي تتعلم في مدارس وزارة التربية والتعليم يجب أن تعرف ما يدور ويجب أن تتوقع وأن تدرسَ هذه البنود وأن تُخبرَ وتُبلغَ أن حزنا سوف يعم البلاد ذات يوم، وأن على البلاد الحفاظ على وحدتها والدفاع عن وجودها وكينونتها والالتزام بنصوص النظام الأساسي مهما كانت الدعوات ومهما كانت الأصوات.
أراجع مناهج التربية الوطنية الجديدة فأصاب بتساؤلات طويلة جدا، وأسأل عما يريده هؤلاء الوطنيون الجدد. أيريدون للمواطن العُماني أن يبنى آماله على سراب؟؟ أم هم يمارسون عليه الضغوط باسم الوطن والسلطان ولا أحسب أن هذه مشيئة جلالته، فهو كما يقول ويشير في خطاباته يفتح باب المشاركة الشعبية القائمة على نظام الشورى و حق المشاركة في الشؤون العامة .. وكلام كثير شفاف يتحدث عن الفساد أو عن الإصلاح وعن أخطاء الوزراء تلميحا وضمناً .. من كان يخافُ جهاز الأمن فلا أحسب أن من لم يطأ على الخطوط الحمراء سوف يُعاقبُ أو يحاسب .. ومن كان يخاف شرطة عمان السلطانية فلا أحسب أن الشرطي سيمنع أي إنسان من الاحتفال بوطنه ما لم يخالف ذلك القواعد القانونية المنظمة. ولا أحسب أن المدعي العام سوف يهاجم أو يصدر مذكرة اعتقال بحق شخص لم يقطع الخطوط الحمراء.
&&&
إن الدعوات الدنيئة جداً التي يمررها بعض أعداء الوطن هُنا وهُناك في مختلف الوسائل الإعلامية بعضهم داخل عُمان يعيشون كالخفافيش ويمررون أجندة مفزعة تتحدث عن زوال عُمان بعد أن يسترد الله وديعته من السلطان الحالي، وبعضهم خارج عُمان يشيعون الذعر والفزع والقلق وأن كل شيء سيكون مصيره الفوضى .. وهذا كلام سخيف قذرٌ ينبغي الوقوف والتصدي له والضرب عليه بيد من حديد ، إن عمان كبيرة وحقيقية وبها شعب حقيقي لن ينهزم أو يسقط وهي أعظمُ من حُزنها وأعظم من ألمها والعماني على مرِّ العصور يُثبتُ وأثبتَ أن هذا الوطن أكبر من كُل أعدائه وكُل الباثين لسموم الهزيمة والفشل بين أبنائه. عُمان الأرض والبشر والتاريخ واللغة وشغور منصب السلطان حقيقة لا مهربَ منها في يومٍ من الأيام، وينبغي على كُل عُماني حقيقي أن يعيش طاعته وولاءه لسلطان عُمان المفدى مهما كان، ومهما حدث. وما أن يقضي الله ما قدره، فكلنا واثقون أن البلاد ستكون في أيد أمينة وعلينا أن نعيش عهدنا المستمرَ وبناءنا الدائم لأنفسنا وللوطن، فهو بنا ونحن به.
&&&
هؤلاء الوطنيون الذي يتحدثون باسم الوطن في كل حديث هم أسوأ على الوطن من أعدائه، فهم يمارسون حبَّهم السامَّ بوعي أو بدون وعي، ويقمعون الرأي الآخر بحجج واهية. عُمان ككل الدول بها أخطاء قابلة للتعديل والتصحيح، ورجالها يخطئون بعضهم يعود إلى رشده وبعضهم يغوض في عوالم الغي .. كُل له إناس وفي النهاية فإن قيام خطاب إعلامي قوي مُقنع سوف يخدم البلاد وسوف يدفع مستغلي مناصبه إلى إعادة النظر مرات ومرات قبل ممارسة أي فساد علني يقع في براثن السلطة الرابعة سلطة الصحافة الحرة غير المقيدة..
وعمان وراء القصد
&&&
إلى القارئ الكريم ..... :
تتحدث برعبٍ وفزع عن اعتقالي من قبل جهاز الأمن، وأقول لك يا أخي العزيز هذا الكلام لا أساس له من الصحة، لا أنا ولا حمد الغيثي تم اعتقالنا ولم يحدث أن تم استدعاؤنا أو توجيه رسائل شديدة اللهجة إلى جهات عملنا. لا أعرف من أوصل لك هذا الكلام ولكن لا أحسبه يقول الصدق ولا أحسبه يبغي الخير. أقول هذا الكلام بكل صدق، أما عن حكاية حمد التي أثيرت في المنتديات فهي حكاية حمد كفيل بتفسيرها ولا يحق لي أن أتحدث نيابة عنه. ولكن قد زرتُه في قريته اليومين الماضيين ولم أجد منه إلا كل الخير فهو شابٌ لطيف صادق وهو قارئ نزيه ورجل غير زائف وأتمنى له التوفيق في دراسته. أكتب هذا الرد عليك وفق قوانين النظام الأساسي للمهذونة، أما الآخر الذي لم تعجبني رسالته، فسأؤجل الرد عليها وفق الفترة القانونية الواردة في البند المختص.
أما عن حديثك عن الوزراء وتحديدا الوزير الذي هُدمت عمارته لا أعرف خلفيات الأمر ولكن لا أحسب أن أحداً نال غير ما يستحق وما جنت يداه، وغيره من يجرؤ على التعدي على حرمات الوطن فإن في الوطن رجال ساهرين يعملون في صمت ودأب، وصدقني أيها القارئ الفَزِع لا تقلق كثيراً فما هو قادمٌ أجمل وأكثر صفاء ووضوحاً. ثمة وزراء حقيقيون وهم رجال عُمان، وككل بشر فإن الإنسان غير كامل فمن أخطأ فعليه العقاب ومن أصاب فله الثواب والجزاء الحسن، وثمة صوت صحافي راصد ورائع أتمنى منك أن تابعه هو الصحفي محمد بن علي البلوشي نائب مدير تحرير جريدة الشبيبة أراه هو أكثر الأصوات مصداقية وشفافية وجرأة في الطرح الصحفي وأتمنى منك أن تتابعه ... أما عن سؤالك عن الدولة وعن اتخاذها أكباش فداء، فهذا كلام كبير جداً ولا أعرف لماذا تقوله. لا أؤمن أن أي نظام سياسي متزن سيلقي برجاله في السجون ما لم يكن هنالك سبب وجيه. آمل منك ألا تكون عاطفيا وألا تصدق كلام المنتديات والسبلة فهناك أناس يخرفون، وهنالك أقنعة زائفة، وهناك أناس صادقون، وأنا كغيري لا أعرف الخبيث من الطيب. ولكنني أجتهد وأتمنى أن أصيب.
القارئة .... :
أشكرك على كلامك اللطيف في حق مقال المرأة العمانية ولك وافر الشكر على التجربة الشخصية التي أخبرتِني بها .. وليتك لا تمنحين هذه المهذونة أكبر من حجميها ، بعمان كتاب حقيقيون يعلمون ما يكتبون عنه وهم أكثر دقة وأكثر رصدا، أما أنا فكلامي عاطفي غير معرفي، وغيري من مهذوني النت نمارس عبثنا البسيط البريء المنطلق من حبٍ لهذا الوطن، فلا تصدقي الحكاية، صدقي الآخرين ممن يضعون الوطن في قلوبهم، أما نحن فعشاق غير محترفين لا زلنا نتعلم ونحاول أن نعرف أكثر لكي ننتج أكثر.
رسالة أخيرة:
أيها القارئ آمل ألا تقع في الفخ فتصدق كُل ما أقول، أو تحسبني مثالياً لا أمارس السوء فأنا أيضا بشر ولي أخطائي ولدي جرائم مارستها باسم الوطنية والوطن في أزمنة سابقة منها قمعٌ مارسته ضد أصحاب رأي أقحمتُ وزججت باسم الوطن والسلطان في حواري معهم، ومنهم هندي مسكين للغاية ضربناه أنا والأصدقاء بعد [جونو] إذ كان يبيع عُلب الطعام المُعلب بأسعار غالية، وكذلك سمحنا لأنفسنا بأخذ [خزان ماء] من بيت يقع على شاطئ السيب وحمَّلناه على [بيكب] يملكها صديق بلوشي يسكن في الخوض، ولكن والحق يُقال فقد جمّعنا مبلغ [50] ريال عماني واشترينا خزانا جديداً عوضاً عن الخزان الذي كسرناه بسبب استعجالنا على إفراغه من الماء ورغبتنا في توزيع مياه الشرب على مناطق الحيل المتأثرة بالإعصار [جونو] في أسرع وقتٍ ممكن وليت صاحب المنزل الذي كان في مرحلة البناء يغفر لنا هذه الفعلة، وكذلك ليت الزمان يعود لأعتذر من بريطاني مسكين أخطأ عليه عُماني عصبي جدا ووقفتُ في صف العماني وقد أخذتني العزة بالإثم، وكذلك آخر تحدثَ عن السفر إلى دولة خليجية وأخذ جواز غير عُماني فغضبت وأرغيت وأزبدتُ وقُلت له سأبصقُ في وجهك وأنا الآن نادم على قولي هذا وليتني لأ أكون حدياً وعصبيا وعاطفياً ولكن كما ذكرتُ فإن من الحبِّ ما قتلَ ومن الحب ما آذى .. أقول هذا الكلام حتى لا تنطلي عليك الخدعة كما يحاول آخرون الانطلاء عليك، فاستفتِ قلبك دائما.
العُماني جدا: معاوية الرواحي
تعليق