ماذا لو لم تتحقق الآمال المتوقعة من أوباما؟
ماذا لو لم يتحقق أمل المتفائلين، بحل عادل وعاجل للقضية الفلسطينية، على يد أوباما؟
إن أي استراتيجية تضع في حساباتها، ما هو متوقع، من التحديات والفرص، وما هو محتمل، وأيضا ما قد يكون حدوثه مستبعدا، وتحسب لها الخيارات التي تتعامل بها مع كل منها. ولهذا يكون حسب منطق التفكير الاستراتيجي فتراض، أن إيجاد حل للقضية الفلسطينية، قد لا يحتل أولويات اهتمام الرئيس المقبل أوباما، وأن القضية قد تدخل مسار التصفية وليس الحل، خصوصا أن المؤشرات الصادرة من واشنطن متناقضة، وليس بينها انسجام، بل إن فيها ما يدعو لأخذ هذا الاحتمال مأخذ الجدية، وان كنا رغم ذلك نتعلق بالأمل.
فإذا كان الأمر كذلك، فماهو موقف الدول العربية عندئذ؟ وكيف ستتصرف؟
هذا لا ينفي أن حكومة أوباما ستجد نفسها وسط تناقضات تتجاذبها الى اتجاهات متضاربة، بين صرف النظر عن أي مساع جدية للحل والاكتفاء بدبلوماسية التطمينات النظرية، وبين الجدية في إيجاد حل.
وللحقيقة، فإن أوباما تعهد في بعض خطبه الانتخابية بأنه سيتصدى للمشكلة الفلسطينية - الإسرائيلية، منذ لحظة أدائه قسم توليه الرئاسة، لكن - ليس هكذا تصنع السياسة الخارجية الأمريكية، ولنا أن نلاحظ أن بعض وعوده الانتخابية قد جرى نقضها، بعد انتهاء هوجة الانتخابات، وانه سوف يجد نفسه، عندما يتناقش مع فريقه للسياسة الخارجية والأمن القومي، حسب ما قاله برنت سكوكرفت مستشار الأمن القومي للرئيس بوش الأب، جالسا وسط مساعدين يتنافسون لجذب انتباهه، كل الى ما هو مقتنع به.
وأساسا فإن السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، هي لعبة توازن قوى، وموازنة بين عناصر ضاغطة على عملية صناعة القرار، وفرز الأشد منها تأثيرا، وله وجود وحضور في هذه العملية، والمغيب عن التأثير ومن هو غائب.
وإذا كان القرار يخص الشرق الأوسط، فتلك منطقة تتحرك فيها استراتيجيات قوى إقليمية لها فيها أهداف، ومطامع، ومصالح قررتها من وجهة نظرها، وهي إسرائيل، وإيران، وتركيا، فماذا عن العرب؟ وهل لهم استراتيجية يتحركون بها لصيانة وحماية مصالحهم الحيوية وأمنهم القومي؟.
وتلك أيضا لعبة توازن قوى على المستوى الإقليمي، لها تأثيرها بالضرورة على صناعة القرار في واشنطن.
الملاحظ أن التركيبة التي تشكلت بها إدارة أوباما تضم من ينتمون «من ديمقراطيين وجمهوريين» الى ما يسمى في أمريكا بالمدرسة الواقعية، وهي مدرسة لها ملامح فكرية وإجرائية، وهي أيضا مقتنعة بأن ما تحقق على أرض الواقع، حتى ولو كان على يد حكومة سبقتها وتختلف معها، لا يمكن التنازل عنه، إلا إذا استجد حدث ضاغط على المصالح الأمريكية، يستخدم فيه طرف إقليمي أوراقا ضغطه لصالحه.
وليس خافيا أن إسرائيل أوجدت على أرض الواقع عقبات، قصدت منها إضعاف فرص حل القضية الفلسطينية، من بينها الجدار العازل، والتوسع الاستيطاني، وابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية، فضلا عما أوجده الفلسطينيون من جانبهم بهذا الانقسام غير الوطني بين حماس وفتح. وذلك كله في غياب أي موقف عربي يملك استراتيجية التصدي لهذه السياسات، فضلا عن تلاعب بالقضية في فترة حكم بوش، وهو ما وصفه تقرير برينستون لاستراتيجية ما بعد بوش بعبارة« نحن لم نعد وسيطا نزيها، وعبر عنه أرون ديفيد ميللر بقوله سمحنا لإسرائيل باختطاف جهود السلام الأمريكية، وتقويض مصداقيتنا.
إن أوباما عندما يدخل البيت الأبيض رسميا في20 يناير ،2009 فهو يبدأ عهده بميراث ثقيل من الصراعات الإقليمية الملتهبة تركها له بوش: في العراق، وأفغانستان، والصومال، والسودان، وفلسطين، وغيرها.. وهو سيعمل على ترتيبها في قائمة أولوياته، وهو ما قد يوحي بأن القضية الفلسطينية، بكل من يحيط بها من دواعي دفعها في سلم الأولويات، إلا أن ما يوازن ذلك على الجانب المضاد، موقف عربي غائب، وإلى جواره حركة نشطة للقوى الإقليمية الأخرى، بالإضافة الى تداخل قضايا المنطقة وتشابكها، من حيث إدراج أكثر من قضية من قضاياها، ضمن خطط عمل استراتيجيات القوى الإقليمية الأخرى.
وعلى سبيل المثال، فإن إيران صار لها دور فاعل في إطار القضية الفلسطينية، من خلال خصوصية علاقتها مع حماس، وظهر لها دور في لبنان، ونمو في العلاقة مع سوريا، بالإضافة بالطبع الى العراق.
وعلى الناحية الأخرى، فالولايات المتحدة في بحثها عن حل للخروج من مأزقها في العراق، تحتاج الى الحد من النفوذ الإيراني هناك، وحل مشكلة الملف النووي الإيراني، وهذا يعني - وهو أمر متوقع - مفاوضات أمريكية -إيرانية، سوف تتمسك فيها أمريكا بأن تلتزم إيران بالإقلاع عن مشروع امتلاك سلاح نووي، وفي مقابل ذلك هناك مطالب إيرانية معروفة، وتناقش في أمريكا، وهي تقديم التزام أمريكي بعدم ممارسة سياسة زعزعة الوضع الداخلي في إيران، وبقبول دور إيراني في ترتيبات الأمن الإقليمية، أي أنه من غير المستبعد، إتمام صفقة بين الولايات المتحدة وإيران.
معنى ذلك أن ترتيب أولويات حكومة أوباما، لا تحكمها وعود انتخابية، أو نصائح لشخصيات أمريكية مرموقة على معرفة بالمنطقة، ومصالح أمريكا فيها، لكن ذلك كله يعتمد على قرار يصنع وفق قواعد لعبة توازن القوى، وعلى قدرة أي طرف على الحركة والتأثير وامتلاك رؤية واضحة محددة، يحشد من ورائها، ما يملكه من أوراق ضغط، ومقدرة على إدارة علاقاته إقليما ودوليا، وإثبات بأنه طرف فاعل في إدارة وحل الصراعات الإقليمية، وذلك وفق استراتيجية محددة المعالم، لها هدف ووسائل وآليات تنفيذ.
وهذا لا يعني تجاهل هدف أوباما للتغيير، خصوصا في علاقات بلاده بدول العالم، وسياساتها الخارجية تجاه القضايا والمشكلات الدولية والإقليمية. ومسألة التغيير مستقرة ومتفق عليها بين غالبية خبراء السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، من ساسة، وأكاديميين، وأجهزة مخابرات، لكن خريطة التغيير الموضوعة، واسعة وتشمل قدرا كبيرا ومتنوعا من المشكلات والتطورات، والتحديات، وإذا كان أوباما سيحدد وضعها في سلم الأولويات، فإن ما سيفرض أولوية إحداها على البقية، هو كون كل طرف في قضية من القضايا، حاضرا برؤية وقدرة على الحركة، وإعلان بأنه موجود.
هكذا يصنع القرار، وليس إرضاء لأماني الآملين.
إن أي استراتيجية تضع في حساباتها، ما هو متوقع، من التحديات والفرص، وما هو محتمل، وأيضا ما قد يكون حدوثه مستبعدا، وتحسب لها الخيارات التي تتعامل بها مع كل منها. ولهذا يكون حسب منطق التفكير الاستراتيجي فتراض، أن إيجاد حل للقضية الفلسطينية، قد لا يحتل أولويات اهتمام الرئيس المقبل أوباما، وأن القضية قد تدخل مسار التصفية وليس الحل، خصوصا أن المؤشرات الصادرة من واشنطن متناقضة، وليس بينها انسجام، بل إن فيها ما يدعو لأخذ هذا الاحتمال مأخذ الجدية، وان كنا رغم ذلك نتعلق بالأمل.
فإذا كان الأمر كذلك، فماهو موقف الدول العربية عندئذ؟ وكيف ستتصرف؟
هذا لا ينفي أن حكومة أوباما ستجد نفسها وسط تناقضات تتجاذبها الى اتجاهات متضاربة، بين صرف النظر عن أي مساع جدية للحل والاكتفاء بدبلوماسية التطمينات النظرية، وبين الجدية في إيجاد حل.
وللحقيقة، فإن أوباما تعهد في بعض خطبه الانتخابية بأنه سيتصدى للمشكلة الفلسطينية - الإسرائيلية، منذ لحظة أدائه قسم توليه الرئاسة، لكن - ليس هكذا تصنع السياسة الخارجية الأمريكية، ولنا أن نلاحظ أن بعض وعوده الانتخابية قد جرى نقضها، بعد انتهاء هوجة الانتخابات، وانه سوف يجد نفسه، عندما يتناقش مع فريقه للسياسة الخارجية والأمن القومي، حسب ما قاله برنت سكوكرفت مستشار الأمن القومي للرئيس بوش الأب، جالسا وسط مساعدين يتنافسون لجذب انتباهه، كل الى ما هو مقتنع به.
وأساسا فإن السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، هي لعبة توازن قوى، وموازنة بين عناصر ضاغطة على عملية صناعة القرار، وفرز الأشد منها تأثيرا، وله وجود وحضور في هذه العملية، والمغيب عن التأثير ومن هو غائب.
وإذا كان القرار يخص الشرق الأوسط، فتلك منطقة تتحرك فيها استراتيجيات قوى إقليمية لها فيها أهداف، ومطامع، ومصالح قررتها من وجهة نظرها، وهي إسرائيل، وإيران، وتركيا، فماذا عن العرب؟ وهل لهم استراتيجية يتحركون بها لصيانة وحماية مصالحهم الحيوية وأمنهم القومي؟.
الإجابة بالطبع معروفة
وتلك أيضا لعبة توازن قوى على المستوى الإقليمي، لها تأثيرها بالضرورة على صناعة القرار في واشنطن.
الملاحظ أن التركيبة التي تشكلت بها إدارة أوباما تضم من ينتمون «من ديمقراطيين وجمهوريين» الى ما يسمى في أمريكا بالمدرسة الواقعية، وهي مدرسة لها ملامح فكرية وإجرائية، وهي أيضا مقتنعة بأن ما تحقق على أرض الواقع، حتى ولو كان على يد حكومة سبقتها وتختلف معها، لا يمكن التنازل عنه، إلا إذا استجد حدث ضاغط على المصالح الأمريكية، يستخدم فيه طرف إقليمي أوراقا ضغطه لصالحه.
وليس خافيا أن إسرائيل أوجدت على أرض الواقع عقبات، قصدت منها إضعاف فرص حل القضية الفلسطينية، من بينها الجدار العازل، والتوسع الاستيطاني، وابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية، فضلا عما أوجده الفلسطينيون من جانبهم بهذا الانقسام غير الوطني بين حماس وفتح. وذلك كله في غياب أي موقف عربي يملك استراتيجية التصدي لهذه السياسات، فضلا عن تلاعب بالقضية في فترة حكم بوش، وهو ما وصفه تقرير برينستون لاستراتيجية ما بعد بوش بعبارة« نحن لم نعد وسيطا نزيها، وعبر عنه أرون ديفيد ميللر بقوله سمحنا لإسرائيل باختطاف جهود السلام الأمريكية، وتقويض مصداقيتنا.
إن أوباما عندما يدخل البيت الأبيض رسميا في20 يناير ،2009 فهو يبدأ عهده بميراث ثقيل من الصراعات الإقليمية الملتهبة تركها له بوش: في العراق، وأفغانستان، والصومال، والسودان، وفلسطين، وغيرها.. وهو سيعمل على ترتيبها في قائمة أولوياته، وهو ما قد يوحي بأن القضية الفلسطينية، بكل من يحيط بها من دواعي دفعها في سلم الأولويات، إلا أن ما يوازن ذلك على الجانب المضاد، موقف عربي غائب، وإلى جواره حركة نشطة للقوى الإقليمية الأخرى، بالإضافة الى تداخل قضايا المنطقة وتشابكها، من حيث إدراج أكثر من قضية من قضاياها، ضمن خطط عمل استراتيجيات القوى الإقليمية الأخرى.
وعلى سبيل المثال، فإن إيران صار لها دور فاعل في إطار القضية الفلسطينية، من خلال خصوصية علاقتها مع حماس، وظهر لها دور في لبنان، ونمو في العلاقة مع سوريا، بالإضافة بالطبع الى العراق.
وعلى الناحية الأخرى، فالولايات المتحدة في بحثها عن حل للخروج من مأزقها في العراق، تحتاج الى الحد من النفوذ الإيراني هناك، وحل مشكلة الملف النووي الإيراني، وهذا يعني - وهو أمر متوقع - مفاوضات أمريكية -إيرانية، سوف تتمسك فيها أمريكا بأن تلتزم إيران بالإقلاع عن مشروع امتلاك سلاح نووي، وفي مقابل ذلك هناك مطالب إيرانية معروفة، وتناقش في أمريكا، وهي تقديم التزام أمريكي بعدم ممارسة سياسة زعزعة الوضع الداخلي في إيران، وبقبول دور إيراني في ترتيبات الأمن الإقليمية، أي أنه من غير المستبعد، إتمام صفقة بين الولايات المتحدة وإيران.
معنى ذلك أن ترتيب أولويات حكومة أوباما، لا تحكمها وعود انتخابية، أو نصائح لشخصيات أمريكية مرموقة على معرفة بالمنطقة، ومصالح أمريكا فيها، لكن ذلك كله يعتمد على قرار يصنع وفق قواعد لعبة توازن القوى، وعلى قدرة أي طرف على الحركة والتأثير وامتلاك رؤية واضحة محددة، يحشد من ورائها، ما يملكه من أوراق ضغط، ومقدرة على إدارة علاقاته إقليما ودوليا، وإثبات بأنه طرف فاعل في إدارة وحل الصراعات الإقليمية، وذلك وفق استراتيجية محددة المعالم، لها هدف ووسائل وآليات تنفيذ.
وهذا لا يعني تجاهل هدف أوباما للتغيير، خصوصا في علاقات بلاده بدول العالم، وسياساتها الخارجية تجاه القضايا والمشكلات الدولية والإقليمية. ومسألة التغيير مستقرة ومتفق عليها بين غالبية خبراء السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، من ساسة، وأكاديميين، وأجهزة مخابرات، لكن خريطة التغيير الموضوعة، واسعة وتشمل قدرا كبيرا ومتنوعا من المشكلات والتطورات، والتحديات، وإذا كان أوباما سيحدد وضعها في سلم الأولويات، فإن ما سيفرض أولوية إحداها على البقية، هو كون كل طرف في قضية من القضايا، حاضرا برؤية وقدرة على الحركة، وإعلان بأنه موجود.
هكذا يصنع القرار، وليس إرضاء لأماني الآملين.
تعليق