أول بنك للفقراء بمجلس التعاون
شهدت البحرين توقيع إنشاء أول بنك للفقراء وسمي ببنك الإبداع، وذلك بالتنسيق مع صاحب الفكرة الأساس محمد يونس. وكان الرجل قد بدأ مشروعه في أحد أفقر البلاد الإسلامية بل وبالعالم أجمع وهي بنغلاديش، وحقق نجاحاً كبيراً فيه مكنه من الفوز بجائزة نوبل للسلام.
يهدف المصرف إلى الكسر العملي والفعّال لدائرة الفقر المفرغة. فالفقير الذي يود أن ينتشل نفسه من حالته ولديه رغبة في العمل المنتج يحتاج إلى رأسمال ليبدأ مشواره، وليدخل السوق. والحصول على ذلك أمر محال من المصارف التجارية القائمة بالأساس على الإقراض لقاء وجود أصل يمكن بيعه إن عجز الشخص عن السداد، وهو ما لا يملكه المعدم منذ البدء.
يبدأ مشوار بنك الفقراء من هنا. فهو على استعداد لإقراض أي امرء يدخل من باب المصرف لقاء لا شيء غير التعريف بنفسه عبر بطاقته التي يحملها. يحصل المتقدم بطلب القرض على قدر من المال يكفي لبدء مشروع متناهي الصغر: شيء، أي شيء، أية خدمة أو أي منتج قابل للتسويق في المجتمع. أي أن الحاصل على القرض لديه فكرة قابلة للتسويق، وهو مستعد للعمل من أجلها وينقصه المال، فيلجأ إلى المصرف المستعد لمقابلته في منتصف الطريق.
وبيّنت التجربة أن المستدينين بغالبيتهم الساحقة يعيدون القرض بنسبة تصل إلى 98%. وتعود تلك النتيجة إلى عوامل عدة: أولها إن التجربة أثبتت أن الفقراء يتحلون بأخلاقيات عالية، خاصة إزاء التعامل الإنساني معهم. الأمر الثاني إن المشاريع في الغالب تحقق دخلاً. الأمر الثالث إن المبلغ هو صغير منذ الأساس.
هكذا يعلم المصرف زبائنه الصيد بدل إعطائهم للسمك، وهكذا يوجد آلية للخروج من وضعية إعطاء مساعدات اجتماعية ستستمر ما لم يجد المستفيد نفسه قد انتقل من حالة الاستهلاك إلى حالة الانتاج والبيع والتفاعل وآلية السوق.
والحالة الأخيرة هي أقرب إلى مجتمعات الخليج، حيث إن الوفرة النفطية رغبت في أحيان كثيرة أن تعوض الأقل حظا من المواطنين عبر منحهم مساعدات اجتماعية اعترافاً بانتمائهم لوطنهم أيام كان في حالة فقر قبل اكتشاف النفط، وتشاركاً معهم في ثروة انبجست من باطن أرض عاشوا فيها وأجدادهم لقرون عدة في شظف من العيش.
وعودة لبداية الموضوع، فالمصرف البحريني سيبدأ برأسمال صغير يبلغ 5 ملايين دولار تشاركت فيه منظمة الأجفند الخليجية وهي المنظمة التي تعنى بتنسيق دعم دول الخليج للمؤسسات الدولية، وبنك الإسكان وبنك البحرين للتنمية وثلاثة من القطاع الخاص البحريني.
وبالطبع لن يكون فقراء البحرين، وبالتالي فقراء الخليج، مثل فقراء بنجلاديش. على أن الأمور نسبية، وهناك شريحة واسعة خليجية ليست أوضاعها المالية والمعيشية على ما يرام. وبالانطلاق أن تلك الشريحة تضم أفراداً عديدين، يتمتعون بقدرات إبداعية، وإمكانيات لعرض منتجات أو خدمات يحتاجها سوق الخليج حالياً فمن المناسب إيجاد متجه لهم يضاف ولربما يستبدل على المدى البعيد اللجوء إلى الإعانات الاجتماعية.
يتوقع أن يقصد المصرف ألف مستفيد في سنته الأولى ليرتفع العدد إلى خمسة آلاف مقترض بنهاية السنة الثالثة.
ويشكل المصرف البحريني التجربة الرابعة عربياً بعد افتتاح مصارف فقراء في الأردن ومصر وآخرها اليمن في سبتمبر الماضي. وبلغ عدد زبائنه بها 1156 زبونا يتوقع أن يرتفع عددهم ليصبح 100 ألف زبون في السنوات الخمس القادمة. وافتتح المصرف أربعة فروع ووظّف خمسين موظفاً مع توقعات بزيادة الفروع إلى أربعين وتنامي الموظفين إلى ستمائة بعد سنين خمس.
أما التجربة المصرية والأردنية فقد سجلتا نسبة سداد للقروض بلغت 98%. كما حقق المصرف الأردني أرباحاً لعامين على التوالي، 651 ألف دولار.
وتشكل التجارب البنغالية والعربية الأخرى تحديات للخليجيين بنحو خاص. فعلى رغم ارتفاع مستوى المعيشة الجلي في مجلس التعاون إلا أن ذلك وكما سبق القول لا يستبعد وجود شريحة ليست بالصغيرة ممن يمكن تصنيفهم تحت حد الفقر. وهؤلاء يتوقع أن يجد البنك زبائنه بينهم، وليجدوا هم بدورهم في المصرف متجها لهم.
على أن المصرف سيفترض ومنذ البدء اختلافاً في طريقة التعامل مع المبالغ المقدمة، على أنها قروض وليست مساعدات اجتماعية. وإذا كانت هناك تسهيلات في منح القرض فلا يعني ذلك أنه سيكون قرضاً دون فوائد. ثم أنه سينتهي بالسداد حتماً. وتشكل نسب السداد العالية في الدول الآخر مقاييس ليقارن أي مصرف خليجي آخر قادم تجربته وإياها. والأمر الأهم أن تلك القروض يتوجب أن تؤخذ للدخول إلى سوق العمل والإنتاج وليس للاستهلاك. فاستخدامها لشراء سيارة خاصة، يختلف عن دفعها لشراء أقساط سيارة لتوصيل المنتجات أو لتقديم الخدمات.
وتحتل النساء بوجه خاص مكانة في تجارب بنوك الفقراء في العالم، وبالذات في المجتمعات الإسلامية، حيث إن العديد من النسوة يرتضين في كثير من الأحيان بالبقاء بالبيت خارج إطار السوق وحركة المجتمع. وأحيانا يمنع الحياء والتقاليد المرأة من أن تتقدم لمؤسسات الإعانة. ولقد بيّنت تجارب عديدة أن المصرف يحقق نجاحات مميزة من النساء، وينتشر أثره وسط المجتمع بشكل أكبر حينما يقوم بالإقراض عبر امرأة. فهي تأخذ كامل دخلها لعائلتها، وتستفيد منه لتحسين حالة العائلة بكاملها، وبالتالي فدائرة انتشار أثر المصرف الاجتماعي أوسع.
يهدف المصرف إلى الكسر العملي والفعّال لدائرة الفقر المفرغة. فالفقير الذي يود أن ينتشل نفسه من حالته ولديه رغبة في العمل المنتج يحتاج إلى رأسمال ليبدأ مشواره، وليدخل السوق. والحصول على ذلك أمر محال من المصارف التجارية القائمة بالأساس على الإقراض لقاء وجود أصل يمكن بيعه إن عجز الشخص عن السداد، وهو ما لا يملكه المعدم منذ البدء.
يبدأ مشوار بنك الفقراء من هنا. فهو على استعداد لإقراض أي امرء يدخل من باب المصرف لقاء لا شيء غير التعريف بنفسه عبر بطاقته التي يحملها. يحصل المتقدم بطلب القرض على قدر من المال يكفي لبدء مشروع متناهي الصغر: شيء، أي شيء، أية خدمة أو أي منتج قابل للتسويق في المجتمع. أي أن الحاصل على القرض لديه فكرة قابلة للتسويق، وهو مستعد للعمل من أجلها وينقصه المال، فيلجأ إلى المصرف المستعد لمقابلته في منتصف الطريق.
وبيّنت التجربة أن المستدينين بغالبيتهم الساحقة يعيدون القرض بنسبة تصل إلى 98%. وتعود تلك النتيجة إلى عوامل عدة: أولها إن التجربة أثبتت أن الفقراء يتحلون بأخلاقيات عالية، خاصة إزاء التعامل الإنساني معهم. الأمر الثاني إن المشاريع في الغالب تحقق دخلاً. الأمر الثالث إن المبلغ هو صغير منذ الأساس.
هكذا يعلم المصرف زبائنه الصيد بدل إعطائهم للسمك، وهكذا يوجد آلية للخروج من وضعية إعطاء مساعدات اجتماعية ستستمر ما لم يجد المستفيد نفسه قد انتقل من حالة الاستهلاك إلى حالة الانتاج والبيع والتفاعل وآلية السوق.
والحالة الأخيرة هي أقرب إلى مجتمعات الخليج، حيث إن الوفرة النفطية رغبت في أحيان كثيرة أن تعوض الأقل حظا من المواطنين عبر منحهم مساعدات اجتماعية اعترافاً بانتمائهم لوطنهم أيام كان في حالة فقر قبل اكتشاف النفط، وتشاركاً معهم في ثروة انبجست من باطن أرض عاشوا فيها وأجدادهم لقرون عدة في شظف من العيش.
وعودة لبداية الموضوع، فالمصرف البحريني سيبدأ برأسمال صغير يبلغ 5 ملايين دولار تشاركت فيه منظمة الأجفند الخليجية وهي المنظمة التي تعنى بتنسيق دعم دول الخليج للمؤسسات الدولية، وبنك الإسكان وبنك البحرين للتنمية وثلاثة من القطاع الخاص البحريني.
وبالطبع لن يكون فقراء البحرين، وبالتالي فقراء الخليج، مثل فقراء بنجلاديش. على أن الأمور نسبية، وهناك شريحة واسعة خليجية ليست أوضاعها المالية والمعيشية على ما يرام. وبالانطلاق أن تلك الشريحة تضم أفراداً عديدين، يتمتعون بقدرات إبداعية، وإمكانيات لعرض منتجات أو خدمات يحتاجها سوق الخليج حالياً فمن المناسب إيجاد متجه لهم يضاف ولربما يستبدل على المدى البعيد اللجوء إلى الإعانات الاجتماعية.
يتوقع أن يقصد المصرف ألف مستفيد في سنته الأولى ليرتفع العدد إلى خمسة آلاف مقترض بنهاية السنة الثالثة.
ويشكل المصرف البحريني التجربة الرابعة عربياً بعد افتتاح مصارف فقراء في الأردن ومصر وآخرها اليمن في سبتمبر الماضي. وبلغ عدد زبائنه بها 1156 زبونا يتوقع أن يرتفع عددهم ليصبح 100 ألف زبون في السنوات الخمس القادمة. وافتتح المصرف أربعة فروع ووظّف خمسين موظفاً مع توقعات بزيادة الفروع إلى أربعين وتنامي الموظفين إلى ستمائة بعد سنين خمس.
أما التجربة المصرية والأردنية فقد سجلتا نسبة سداد للقروض بلغت 98%. كما حقق المصرف الأردني أرباحاً لعامين على التوالي، 651 ألف دولار.
وتشكل التجارب البنغالية والعربية الأخرى تحديات للخليجيين بنحو خاص. فعلى رغم ارتفاع مستوى المعيشة الجلي في مجلس التعاون إلا أن ذلك وكما سبق القول لا يستبعد وجود شريحة ليست بالصغيرة ممن يمكن تصنيفهم تحت حد الفقر. وهؤلاء يتوقع أن يجد البنك زبائنه بينهم، وليجدوا هم بدورهم في المصرف متجها لهم.
على أن المصرف سيفترض ومنذ البدء اختلافاً في طريقة التعامل مع المبالغ المقدمة، على أنها قروض وليست مساعدات اجتماعية. وإذا كانت هناك تسهيلات في منح القرض فلا يعني ذلك أنه سيكون قرضاً دون فوائد. ثم أنه سينتهي بالسداد حتماً. وتشكل نسب السداد العالية في الدول الآخر مقاييس ليقارن أي مصرف خليجي آخر قادم تجربته وإياها. والأمر الأهم أن تلك القروض يتوجب أن تؤخذ للدخول إلى سوق العمل والإنتاج وليس للاستهلاك. فاستخدامها لشراء سيارة خاصة، يختلف عن دفعها لشراء أقساط سيارة لتوصيل المنتجات أو لتقديم الخدمات.
وتحتل النساء بوجه خاص مكانة في تجارب بنوك الفقراء في العالم، وبالذات في المجتمعات الإسلامية، حيث إن العديد من النسوة يرتضين في كثير من الأحيان بالبقاء بالبيت خارج إطار السوق وحركة المجتمع. وأحيانا يمنع الحياء والتقاليد المرأة من أن تتقدم لمؤسسات الإعانة. ولقد بيّنت تجارب عديدة أن المصرف يحقق نجاحات مميزة من النساء، وينتشر أثره وسط المجتمع بشكل أكبر حينما يقوم بالإقراض عبر امرأة. فهي تأخذ كامل دخلها لعائلتها، وتستفيد منه لتحسين حالة العائلة بكاملها، وبالتالي فدائرة انتشار أثر المصرف الاجتماعي أوسع.
تعليق