إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أسياد العقد القادم من القرن الحادي والعشرون ‏

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسياد العقد القادم من القرن الحادي والعشرون ‏

    ‏( ان الظروف الماضية الأقرب , هي عادة أقرب لان تشبه ظروف حاضرنا اليوم ) , ومن ‏منطلق فكرة ان استقراء المستقبل من خلال صور الماضي القريب , ليعتبر من وسائل ‏الاستشراف الناجعة في استكشاف المستقبل , وقراءة أحداثه ومتغيراته القادمة , فإننا سنحاول ‏من خلال هذا الطرح محاولة وضع مخطط استشرافي مستقبلي مبدئي لتلك القوى الدولية التي ‏نتصور – من خلال وجهة نظرنا الشخصية – بأنها استطاعت ان تحجز لنفسها مقعدا متقدما في ‏موكب الدول والقوى التي ستلج العقد الثاني من القرن الحادي والعشرون 0‏
    ‏ وبالنظر الى خارطة تلك القوى الدولية التي استطاعت البروز والتكيف مع جل ‏المتغيرات العالمية المتسارعة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرون على رقعة ‏الشطرنج الدولية , وبالتالي فان ذلك يجعلها على رأس قائمة القوى المؤثرة خلال المرحلة ‏التالية من مسيرة التاريخ السياسي الحديث , – أي – خلال سنوات العقد الثاني من هذا القرن , ‏نستخلص بعض الملاحظات , والتي كان لها الدور الفاعل والحيوي في صناعة وتشكيل تلك ‏الخارطة سالفة الذكر , والتي نسعى لتصور هيكلها المستقبلي التقريبي بشكل مبدئي , ومن ابرز ‏تلك الملاحظات العامة على بنية السياسة العالمية خلال العقد الأول للقرن الحالي : ‏
    ‏ أولا : عدم حدوث أي تغير جذري محسوس على خارطة القوى العالمية خلال العقد ‏الأول من القرن الحادي والعشرون وتحديدا على مستوى تطور البناء السياسي للسياسة العالمية ‏في إطار الحقل التعددي للأطراف الدولية الفاعلة عنه خلال العقدين الأخيرين من القرن ‏العشرون , حيث ظلت الولايات المتحدة الاميركية حاضرة كل الحضور كقطب عالمي مهيمن ‏بكل ما تعنيه الكلمة من معنى , فالرقعة الجغرافية التي يمتد عليها النفوذ الاميركي لم تتقلص ‏كثيرا , أما بالنسبة لبقية القوى الكبرى العالمية , فان سياساتها لم تتغير كثيرا , فقد ظلت ‏توجهاتها السابقة على ما هي عليه , والتي لم تركز على مبدأ التوسع الجغرافي بقدر ما سعت ‏الى المحافظة على محيطها الإقليمي , مع استثناء روسي سيتم تناوله لاحقا0 ‏
    ‏ ثانيا : ان التغير الجذري الذي نعتقد انه كان حاضرا بشكل كبير على الخارطة العالمية ‏خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرون كان على المستوى الجيواستراتيجي , فقد شهد ‏العالم أكثر من حربين تشارك فيهما العديد من دول العالم , فطوال شهرين ونصف بعد أحداث ‏الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001م , قامت الولايات المتحدة الاميركية مع عدد من ‏حلفائها بشن الحرب على أفغانستان , تلاها وفي العام 2003م قيام الولايات المتحدة الاميركية ‏بغزو العراق , ظلت الأحداث على ما هي عليه حتى نهاية العام 2008م , حيث قامت روسيا ‏بالتوغل الى الأراضي الجورجية على خليفة رغبة الحكومة الروسية منع القوات الجورجية من ‏مهاجمة قواتها المنتشرة في إقليم أوسيتيا الجنوبية 0‏
    ‏ ثالثا : كذلك ومن ابرز الملاحظات التي يمكن اعتبارها احد أهم المتغيرات الحاسمة على ‏رقعة الشطرنج الدولية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرون , ذلك التحول ‏الايديوبوليتيكي في مسار تفكير بعض الدول والقوى العالمية الكبرى , وخصوصا تلك القومية ‏منها ومن تملك تاريخيا نزعة الى الهيمنة , حيث وجدنا بعض محاولات الانسلاخ والهروب من ‏أغلال التبعية الاميركية من قبل بعض الدول الكبرى كفرنسا والصين وروسيا على سبيل المثال ‏لا الحصر في وقت ما , ولكن لم يكتب لها النجاح أمام تيارات الغطرسة والتعصب الاميركي ‏الأعمى , والذي لم ينظر لتلك المحاولات سوى على أنها مجرد هوس بإيجاد الذات او عصيان ‏مؤقت سرعان ما سيتم القضاء عليه بسرعة , وبالفعل فقد كان ذلك صحيحا الى حد ما , فقد ‏وجدنا بعد ذلك عودة سريعة لبعض تلك القوى الى عباءة التبعية الاميركية , او – بمعنى آخر ‏‏– رضوخ لا أرادي لقوة الامبراطورية الاميركية العظمى , مع استثناء الدب الروسي الذي ‏خرج بعض الشيء عن مساره الذي طالما كان عليه منذ سقوط العملاق الشيوعي الأحمر 0‏
    ‏ رابعا : استفحال بعض الظواهر السياسية والاقتصادية المعولمة , والتي لا نستطيع ان ‏ندعي بأنها وليدة القرن الحادي والعشرون , بقدر ما هي جزء متنقل من أحداث و مظاهر ‏القرن الماضي , والتي كان لها الأثر البالغ في إعادة هيكلة الخارطة السياسية العالمية الحديثة , ‏ومن أبرزها على الإطلاق : استفحال ظاهرة الإرهاب والفوضى العالميين , والاتجاه الى إعادة ‏بناء الدول القومية والإمبراطورية , وانتصار العقائد العسكرية والسياسات الصلبة , مع ‏استفحال غير مسبوق للازمات المالية والاقتصادية التي دكت حصون الرأسمالية العالمية 0 ‏
    ‏ وانطلاقا من تلك الملاحظات سالفة الذكر , فان المتوقع ان يظل الاتجاه العام لمضمون ‏تلك الخارطة السياسية العالمية على ما هو عليه اليوم , مع بعض التغير في شكلها الخارجي , ‏‏- أي – ان تظل الامبراطورية الاميركية على رأس قائمة القوى العالمية الكبرى المؤثرة في ‏العالم , مع تراجع لدورها العالمي الجيوسياسي والجيواستراتيجي لحساب طغيان الميول التعددي ‏على النظام الدولي المعتاد , والاتجاه نحو تشكيل عدد التحالفات السياسية والعسكرية ‏والاقتصادية العالمية , وهو ما سيسهل من انفلات بعض القوى الدولية المتربصة والمتمردة , ‏والتي تنتظر أي فرصة سانحة لها لتكون جزء من منظومة القوى الدولية ذات التأثير والتغيير ‏في خارطة السياسة العالمية القادمة , ومن أبرز واهم القوى العالمية الرئيسية التي يتوقع لها ان ‏تكون على قائمة القوى العالمية المؤثرة في مختلف الاتجاهات خلال العقد الثاني من القرن ‏الحادي والعشرون القوى العالمية التالية : ‏
    ‏ أولا : وعلى صعيد القوى العالمية القارية الكبرى والتي سيكون لقراراتها وتصرفاتها ‏وتدخلاتها الإقليمية والخارجية ذلك التأثير الذي يمكن ان نطلق عليه بالمحوري الكوني خلال ‏العقد الثاني من القرن الحادي والعشرون , الولايات المتحدة الاميركية وروسيا الاتحادية , ‏وخصوصا على الصعيد السياسي , كما ستلعب الصين اللاعب المحوري على مستوى الاقتصاد ‏العالمي وبعض الشيء على المستوى السياسي خلال المرحلة القادمة , ومما يتوقع ان يكون ‏التوتر والنزاعات " الباردة " السمة الغالبة على علاقة تلك القوى المحورية العالمية الثلاث خلال ‏العقد القادم من القرن الحادي والعشرون , مع ترجيح دخول القوى الثلاث سالفة الذكر في ‏نزاعات غير عسكرية خارج نطاقها الجغرافي بهدف إثبات وجودها كلاعب رئيسي , وتزايد ‏التوتر بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا الاتحادية 0‏
    ‏ ثانيا : سيظهر بعض الانفلات والتباين في العقد الأوربي " دول الاتحاد الأوربي " , ‏حيث ستبرز بعض تلك الدول بطريقة غير مستحسنة بالنسبة لشركائها , مما سيذكي ويزيد من ‏التوتر والخلافات على المصالح الشخصية الاستراتيجية بينها , وخصوصا ان بين بعض منها ‏خلافات تاريخية كبيرة لا يمكن تغافلها او تناسيها في زخم إثبات الوجود , وهو ما سيدفع باتجاه ‏عام نحو أحادية التصرف على حساب الشراكة والاتحاد في بعض الأوقات , وربما الاقتراب ‏من جديد الى حدود معينة من حالة التعددية القطبية الفضفاضة في أوربا خلال حقبة " توازن ‏القوة الكلاسيكية " , ومن بين تلك الدول التي يتوقع بروزها كدول شبه قارية خلال العقد القادم ‏فرنسا وبريطانيا وألمانيا , مع ترجيح للطرف الفرنسي للبروز من جديد في القارة الأوربية ‏كلاعب استراتيجي رئيسي 0‏
    ‏ ثالثا : ستكون التحالفات السياسية والعسكرية الفضفاضة السمة الغالبة على مظاهر ‏الشراكة العالمية لتلك القوى الدولية التي تحاول التقارب بهدف احتواء بعض مظاهر الامبريالية ‏العالمية , ومن ابرز التحالفات المتوقع ولادتها خلال العقد القادم في حال ظلت الظروف الراهنة ‏على ما هي عليه , تحالفات احتواء الهيمنة والنفوذ الاميركي , والتي تقودها راهنا الجمهورية ‏الإسلامية الإيرانية , وبعض دول أميركا الجنوبية كفنزويلا وكوبا على سبيل المثال لا الحصر ‏‏, مع احتمال غير مستبعد لدخول بعض القوى القارية كروسيا في دعم تلك التحالفات في حال ‏ظلت الخلافات بين العدوين التاريخيين – أي – الولايات المتحدة الاميركية وروسيا 0 ‏
    ‏ رابعا : ستظل القارة الأسيوية بشكل عام والشرق الأوسط على وجه الخصوص , البقعة ‏الساخنة الرئيسية لحراك الخارطة السياسية العالمية وتغيير شكلها التاريخي خلال العقد القادم , ‏وهو ما سيبرز من خلال رؤية وتحليل بعض أشكال التغيير الجذري الملاحظ على الخارطة ‏الجيوسياسية الأسيوية بوجه عام والعربية على وجه التحديد خلال العقد الأول من القرن الحالي ‏‏, فعلى صعيد الخارطة الأسيوية سيكون للصين تحديدا الحكم المطلق على الاقتصاد العالمي , ‏وتحولها الى إمبراطورية إقليمية في نفس المجال , مع تقدم إقليمي استراتيجي محسوس , ‏ومربك للبعض على الصعيدين العسكري والسياسي , مع عدم تناسي القوى الإقليمية الأسيوية ‏الأخرى بالطبع – ونقصد - اليابان كقوة إقليمية في المرتبة الثانية اقتصاديا , مع بقاءها دون ‏مستوى القوة الإقليمية السياسية والعسكرية خلال المرحلة القادمة , سوى في حال قدر لها ان ‏تتحالف مع الصين , وهو أمر مستبعد تقريبا لوجود العديد من المؤثرات المنفرة , أما بالنسبة ‏لروسيا الاتحادية فقد تم النظر إليها كقوة عالمية صاعدة وعائدة بقوة الى الواجهة الدولية , وهو ‏ما سيجعل لقراراتها المستقبلية تأثير عكسي وسلبي على العالم بوجه عام , ومحيطها الإقليمي ‏على وجه التحديد , إلا في حال حدوث مفاجأة غير متوقعة يتم من خلالها القضاء على الطموح ‏الروسي كما حدث مع الاتحاد السوفيتي سابقا 0 ‏
    ‏ أما على المستوى الإقليمي العربي فليس هناك من أمر مستبعد على صعيد تغيير شكل ‏الخارطة الجيوسياسية العربية خلال الحقبة القادمة , - وتحديدا – قوى التأثير وصناعة القرار ‏السياسي العربي , بالرغم من بعض الحسابات التحليلية الغير دقيقة – من وجهة نظرنا ‏الشخصية بالطبع – والتي ما فتئت تؤكد بقاء الحال على ما هو عليه – أي – ان تظل قوى ‏الحراك الرئيسي وصناعة القرار السياسي العربي دون غربلة , - أما من وجهة نظرنا ‏الشخصية – فإننا نتصور بروز بعض القوى الإقليمية العربية الأخرى بالإضافة الى مصر ‏والسعودية على قمة الهرم السياسي العربي , كقوى مؤثرة ومحركة وصانعة لمستقبل القرار ‏السياسي والاقتصادي العربي , مع بروز ونتيجة لذلك التغيير في الخارطة السياسية العربية ‏بعض التحالفات وليس التكتلات الإقليمية الفضفاضة لإثبات وجود تلك القوى الإقليمية الناشئة ‏ووجهة نظرها المستقلة ورعاية مصالحها الشخصية 0‏
    ‏ وختاما وكما سبق واشرنا في العديد من الرؤى الاستشرافية والتحليلات السابقة لمستقبل ‏البنية السياسية للخارطة الجيوسياسية والجيواستراتيجية العالمية , فإننا نعيد التأكيد على ان الأيام ‏المتبقية من العقد الأول من القرن الحادي والعشرون ستكون حاسمة وجذرية على صعيد تلك ‏التحولات العالمية السياسية منها والعسكرية والاقتصادية , بحيث ستحمل رياحها العديد من ‏التغييرات على المستويين العالمي والإقليمي , وستكون الخطوات التي ستقوم بها تلك الدول ‏المذكورة سلفا خلال الفترة القادمة , بمثابة الأوراق الرابحة التي ستؤهلها لامتلاك المكانة ‏القيادية المتقدمة خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرون 0

  • #2
    أحييك إستاذي الجليل محمد الفطيسي على طرح هذا المقال الرائع.

    أبدعت في غاية الإبداع عبر هذا المقال في تنبؤك المستقبلي لسيناريوهات المجريات التي يشهدها المستقبل من أحداث تتعلق بالتنافس في السيطرة واالنفوذ بين القوى العظمى في شتى المجالات سياسية كانت أم إقتصادية أو عسكرية وغيرها.

    بالفعل إن ما حدث في الماضي وما يحدث في حاضرنا يمكن تصور حدوثه في المستقبل، ففي الماضي بزغ نجم إمبراطوريات عظمى كان لها قوتها ونفوذها في الساحة العالمية كالإتحاد السوفييتي ومن قبله بريطانيا وفرنسا والسويد والنمسا وهولندا وغيرها من الدول العظمى، ثم ما لبثت هذه الإمبراطوريات أن إنهارت كالإتحاد السوفييتي وبريطانيا، وفقدت القوة في الهيمنة والنفوذ وأصبحت المجريات العالمية تحت سيطرة قطب واحد، وهو الولايات المتحدة الإمريكية، فهي القوة المتفردة والمسيطرة على مجريات الأمور العالمية، وتأثر في مجرى السياسة العالمية سواء كان هذا التأثير إيجابياً أم سلبياً.

    ولكن هذه الإمبراطورية المتصاعدة في النقوذ والقوة منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية وإنهيار الإتحاد السوفييتي وبروزها كقطب واحد مهيمن على مجريات الأمور العالمية ما ستلبث أن تنهار وتتفتت كغيرها من الإمبراطوريات السابقة نتيجة إنشغالها بالحروب وبالإحتلال والتوسع والنفوذ المتنامي والتفرد بالأمور وما تعانيه من ركود إقتصادي نتيجة الأزمة الإقتصادية المتفشية في الإقتصاد العالمي، مما سيفتح الطريق أمام قوى أخرى لها نفس التوجه والظهور لتنافسها في النفوذ والهيمنة، وهذا ما سنراه مستقبلاً من خلال مجريات الماضي وما نشهده في وقتنا الحاضر.

    مع وافر التقدير والإحترام،،،،
    ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك


    زورونا في سلسلة ( إقرأ معي )

    الكتاب الأول

    تعليق


    • #3
      الاستاذ العزيز الجبل العماني العالي
      اولا اشكر تواجدك الدائم والمستمر عبر كتاباتنا المتواضعة
      ثانيا , بالفعل هو ما تفضلت به من اشارة الى ان التنبأ بسقوط او صعود الامبراطوريات صعب للغاية
      وبالفعل فان نتيجة إنشغالها بالحروب - اي - تلك القوى الدولية , وبالإحتلال والتوسع والنفوذ المتنامي والتفرد بالأمور وما تعانيه من ركود إقتصادي نتيجة الأزمة الإقتصادية المتفشية في الإقتصاد العالمي، قد يؤدي في اغلب الاحيان الى سقوطها وانهيارها 0
      تقديري اخي العزيز لمرورك وتعليقك الرائع

      تعليق

      يعمل...
      X