السادة قراء المنتدى الكرام
ارجو ان يكون جميعكم بكل خير. ارفق اليكم ادناه نص لاحدى مقالات فريق التواصل الألكتروني و التي نشرتها صحيفة الحياة في السابع من يناير الماضي في طبعتها السعودية. اتمنى ان تجدوا في قراءتها بعض الفائدة.
منذ ان بدأت الحرب في العراق في مارس/اذار عام 2003 تعرضت الولايات المتحدة الى اتهامات من منتقدي تلك الحرب بأنها اختلقت ذريعة كاذبة تمهد لها الطريق لشن حرب تمكنها من السيطرة على موارد العراق الطبيعية ، وخصوصا النفط. أما اليوم وبعد جولة التراخيص التي اجرتها الحكومة العراقية مؤخرا حيث منحت عدة ائتلافات نفط عالمية - اغلبها لا تتضمن شركات امريكية - عقودا تهدف لتطوير بعض اكبر حقول البلاد النفطية، يبدوا لي ان هذه الواقعة تفند نظرية المؤامرة المبتذلة تلك قطعيا و الى الابد.
وفقا لتقديرات عدد من الخبراء ، يتمتع العراق بثالث اكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم. الا ان ميل النظام البعثي السابق لتوريط العراق في حروب طويلة – كما فعل لفترة ثمانية اعوام في حربه مع ايران – ونزعته لشن الحروب التوسعية – كغزوه للكويت في عام 1990 ، والذي أسفر عن عزل العراق عن المجتمع الدولي -- قد اعاقت تلك السياسات الهدامة الى حد كبير تطوير و انماء قطاع النفط العراقي. و بعد سقوط نظام صدام حسين ، استهدفت الجماعات الارهابية و المسلحة المختلفة البنى التحتية و المؤسسات النفطية و عرضتها لأعمال العنف والتخريب وذلك في محاولة لإضعاف الحكومة الديمقراطية الجديدة. ومع ذلك ، وبينما يمضي العراق قدما في في عملية تعافيه مما خلفته ثلاثة عقود من حكم النظام البعثي القمعي ، وبينما هو يبذل قصارى جهده في التصدي للجماعات المسلحة و الارهابية و قلب الدفة ضدهم، فأن المراقبين يتوقعون وبثقة مستقبلا مشرقا للنفط العراقي.
و حقيقة أن الحكومة العراقية كانت الطرف الوحيد الذي تفاوض مع شركات النفط الدولية في تلك المناقصات و التي تهدف الى زيادة كبيرة في الانتاج و انها حددت شروطا اعتبرها الكثيرون تصب في مصلحة وأحتياج العراق قبل اي طرف آخر، تقودنا الى حقيقة أخرى وتدل على واقع هام و هو أن العراق دولة مستقلة بمعنى الكلمة. فلم تكن الحكومة العراقية هي الطرف الوحيد الذي تفاوض مع شركات النفط فحسب ، بليتضح ان الحكومة حافظت على الملكية الكاملة للحقول المعنية في الاتفاقيات و سوف تكون لها السيطرة على معدل الإنتاج. و كما كان هو الحال و لا زال هو الوضع الراهن، يتحكم العراقيون في جميع واردات النفط بشكل تام و يعود قرار كيفية استخدام تلك الواردات للحكومة العراقية اولا و اخيرا.
و من الجدير بالذكر ان الحكومة العراقية اصبحت على مدى الأشهر الماضية ، تقوم بدور قيادي في الحفاظ على أمن البلاد، في حين يواصل الجيش الأميركي انسحابه التدريجي من العراق وفقا لاتفاق وضع القوات الذي اعتمدته الدولتان. هذا بالإضافة إلى ان عددا من الدول والمنظمات الدولية اعادت تأسيس وجودها الدبلوماسي في العراق تقديرا للتحسن في الاوضاع الأمنية و الذي هو ايضا بمثابة اعتراف بسيادة العراق وأهمية دوره الإقليمي في منطقة الخليج.
في السياق نفسه، فأن أية مزاعم تدعي أن التواجد الأمريكي في العراق كان ببساطة خطة سرية لإثراء بعض الشركات والتي من المفترض أنها ذات علاقات وطيدة مع الحكومة الأمريكية هي مزاعم لا صحة لها على الإطلاق. لا شك أن نظرية المؤامرة التي تقول بأن الولايات المتحدة تخوض الحروب بإيعاز من عصابة شريرة هدفها الربح المادي هي نظرية مثيرة للانتباه وحتما ملائمة لبعض سيناريوهات الأفلام السينمائية التي تهدف لتسلية الجماهير، إلا أن هذه الصورة – كما هو الحال في الأفلام – ليست إلا من صنع أصحاب الخيال الواسع.
الحقيقة هي أن النظام الأمريكي السياسي نظام يتسم بالشفافية بمعنى أن عملية بناء القرار السياسي – مع بعض الاستثناءات القليلة – عملية مفتوحة وخاضعة لمراقبة الشعب والإعلام و منظمات المجتمع المدني وتتيح الفرصة بالمشاركة لمن يرغب. كما أنه نظام يحث على مراجعة العديد من الأطراف الحكومية وبانتظام.
الأمريكيون لا يدعون أنهم معصومون عن ارتكاب الأخطاء وهذا المبدأ ينطبق على مسئوولينا أيضا ، ومن ارتكب أفعالا غير قانونية في العراق تم التحقيق معه ومنهم من أدين أمام المحاكم الجنائية وقضى فترة طويلة في السجن. و من الجدير بالذكر ايضا ان المسئولين الذين اخطئوا من خلال المشاركة في أعمال غير لائقة أو سلوك لا يليق بمناصبهم قد أرغموا على الاستقالة اثر التغطية المكثفة التي تلقوها من وسائل الإعلام الأمريكية أو منظمات المجتمع المدني الأخرى التي تلعب دورا رقابيا.
كما أُجْريت تحقيقات ووجهت اتهامات ضد أشخاص إثر تورطهم المزعوم في أعمال الفساد في العراق. هذا بالإضافة إلى الجلسات العديدة التي عقدها الكونغرس الأمريكي والتي حقق من خلالها في جميع الأمور المتعلقة بالتواجد الأمريكي في العراق. فخلافا للصورة التي يحاول البعض رسمها ، فإن وضع المسؤولين و القوات الأمريكية في العراق لم يتسم بالفوضى أو بسهولة الإفلات من العقاب.
و قد بذلت الولايات المتحدة قصارى جهدها تجاه مساندة الحكومة العراقية المنتخبة في عملية الانتقال من عهد صدام حسين المظلم. و وفرت مساعدات تقدر بعشرات المليارات من الدولارات لمشاريع مختلفة. و في الواقع لقد أعرب بعض الأمريكيين عن قلقهم إزاء التكلفة الهائلة التي تطلبتها عملية إعادة استقرار وإعمار العراق و التي تحملت الحكومة الأمريكية جزءا كبيرا منها و لفترة طويلة ، الامر الذي ادى بالبعض الى مطالبة الحكومة العراقية باستغلال واردات النفط العراقي على نحو افضل في تلك المهمة. و ما هو مشجع لكلتا الدولتين هو ان الحكومة العراقية بالفعل اصبحت تؤدي الدور الاساسي في دعم ضمان امن و سلامة الشعب العراقي. أخيرا وببساطة، فأن الانطباع الذي يتخيل ان الولايات المتحدة انتفعت ماديا من الحرب في العراق، لا اساس له على الاطلاق.
فهد سعد
فريق التواصل الألكتروني
وزارة الخارجية الأمريكية
فريق التواصل الألكتروني
وزارة الخارجية الأمريكية
تعليق