عادوا وعدنا بمجلة يمنى
أهدتني "يمنى" ذات العشر سنين، هديةً راقية مغلفة بغلاف فاخر، وقد أصرّت أن لا أقوم بفتح الهدية إلا حينما أصلُ البيت، فحثثت المسير وأنا أتحرّقُ شوقاً لمعرفة الهدية التي تم تغليفها بإحكامٍ شديد، والتي جاءت من طفلةٍ صغيرة تؤمن بقيمة الهدايا، وهو مبدأٌ إسلامي ذكره الرسول الكريم –صلوات الله وسلامه عليه- بقوله: "تهادوا تحابوا" لقد تركت تلكم الحركة اللطيفة وقعاً عظيماً في النفس، فالهدية قيّمةٌ في معناها، حتى وإن كانت لا تعدو حفنةً من تراب.
حينما وصلتُ منزلي، باشرتُ بفتح الهدية على الفور، وكانت أول فعلٍ أقوم به، بعد فتح باب المنزل، لأجد مفاجأةً سارة، وهي نسخة من مجلة الأطفال "فكرة" التي تصدر من المملكة الأردنية الهاشمية، تصفحتُ المجلة بشغفٍ بالغ، فوجدتها تحمل أهدافاً جميلة، ورؤى مستقبلية مشرقة، وهالني أن رأيت إدارة تحريرها أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم الأربعة عشرة عاماً، ويبقى كثير من الأطفال يمارسون جميع فنون صاحبة الجلالة "الصحافة" بكل حرفيةٍ ومهارة، بل رأيت بها تحقيقات مثيرة وممتعة.
المجلة جميلة ورائعة، لكنها تحمل في الغالب هويةً شامية، كحال مجلة الأطفال الواسعة الإنتشار "ماجد" والتي غزت جميع الأسواق العالمية، واحتلت مكانة مرموقة لدى الأطفال، فأصبح من النادر، أن تجد طفلاً عربياً لا يعرف مجلة ماجد، وقد تعرَّف كثيرٌ من أطفال العالم، على الهوية الإماراتية، وعلى كثير من خصوصية المكان والإنسان الإماراتي. وكم هو جميلٌ لو سعت إحدى مؤسسات الإعلام المحلية الخاصة إلى إصدار مجلة أطفال تحمل الهوية العمانية، وتفتح المجال للأطفال بالمشاركة والمساهمة في الإعلام، وهي ستلقي بظلالها على فكر الأطفال وتطوّر ثقافتهم، وتساهم إسهاماً كبيراً في تنمية مهاراتهم.
ما يقوم به الصديق العزيز أحمد بن ناصر الراشدي في مدونته المعروفة "فدوى عمان" والتي أصبح لها عشاقها من الأطفال، هو عملٌ رائعٌ بحق، وقد دبَّج المقدمة بكلماته الراقية، والتي حكت حبه وميوله للاهتمام بالطفل، وفتح المجال للبراعم في المشاركة والإسهام في تغذية المدونة وتنميتها، وقد أوجدها في الأساس "حبيب الأطفال" لأجلهم.
كذلك الحال مع الكاتبة أزهار أحمد، وعنايتها الدائمة بتطوير نثريات الأطفال وأدبهم، وصقل مهاراتهم الإبداعية وترقيتها، فدائما ما نجدها تقيم الأمسيات الخاصة بالأطفال في النادي الثقافي وغيره من المحافل. هذا الجهد العظيم يحتلُّ مكانةً مرموقةً في قلوب الأطفال بلا ريب، على آمل أن يحذو الكثيرون حذو هاتين الشخصيتين الرائعتين، واللتان تبذلان كل طاقاتهما من أجل رسم ملامح الطريق السعيد لأطفالنا. فهل نجد المؤسسات في قادم الأيام تخطو خطوات جدية في صقل المواهب الإعلامية والإبداعية لدى الأطفال؟ وهل سنشهد يوماً ميلاد مجلةً تعنى بالطفولة ولا تهتم بشيءٍ سواها؟
تعليق