لكل أمة انجازاتها وسقطاتها، فالعرب قالت قديما : إنما الدول رجال. فإذا كان قائدها ملكا كان أو سلطانا أو رئيسا، قويت الدولة بقوّته، وتطوّرت برجاحة عقله، وتقدمت في مصاف الدول الكبرى بعزمه وعمله وتنميته، وهل أنقذ الأمم عبر التاريخ كلّه إلا رجالها. والتاريخ نفسه شاهد وحاكم على سيَر الشعوب والحضارات، فمن أحسن وأتقن كافئه الحال بدوام حال العمل والإنجاز، والعافية في كل ركن وزاوية.
احتفالات أي دولة، بيوم نهضتها، أو ثورتها أو تحريريها، أو أيا كانت التسميات، هي المشاعر التي يُعبّر من خلالها شعب هذه الدولة أو تلك، عن فرحتهم بانقالهم من الظلام الذي كانوا فيه، إلى النور الذي هم عليه. لذلك، تكون الاحتفالات أكثر صدقا وفرحا حينما يكون مصدرها الشعب نفسه، وتُقترح من قبلهم، مهما كانت بساطة الاحتفال. لأن الاحتفالات هذه إذا كان الشعب مصدرها، أتت نقيّة وقويّة وذات مضمون أكثر معنى.
ولكنّ اليوم، وما نشهده في الوقت الحالي، من استعداد السلطنة بالاحتفال بعمرها الأربعين تحت قيادة السلطان قابوس، نرى ما لا يُحمد عقباه، وما تشمئزّ من النفوس، وتنفر عنه القلوب.
الدولة ذاهبة أو ربما قد ذهبت حقا، إلى استنزاف مال الدولة من أجل احتفال شكليّ، وتعبئة هذا الاحتفال بالموارد البشرية من موظفين وطلاّب مدارس وغيرهم. ولعل الأمر هذا العام اختلف عن غيره من السنوات، وذلك بسبب احتفال كل منطقة بنفسها، وتخصيص ميزانية لها لتنفيذ ذلك، فهل هذا يُعقل؟؟؟
الغريب، أنه في ظل تنامي الأصوات المنادية لجلالته، إلى التدخل وإنقاذ المواطن من براثن التضخم الاقتصادي الذي توسّد ظلامه الأسواق، أو إلى زيادة مستوى دخل الفرد والاهتمام بالمواطن وتنميته، إلا أننا نتفاجأ من تنفيذ مشاريع كبرى بحجم الاحتفالات الخاصة بالعام الـ 40، ومبنى دار الأوركسترا أو الأوبرا أيا كانت تسميته، ومعدات عسكرية ضخمة لاستعراضها، غير تدريبات رجالات الأمن وطلبة المدارس وما يستلزمه ذلك من ضرورات اشتراك بقية الوزارات. فهل كلّ هذه الشكليات أهم من هموم المواطن، وأولى من تقديم الحلول له.
الدولة العمانية في عامها الأربعين، كنا نتمناها دولة ناضجة، يفرض المنطق فيها نفسه، ويسيطر القانون على مؤسساتها. الدولة العمانية وهي تطفئ شمعتها الـ 40، تُشعل نيران أسئلة كثيرة، أوّلها تنمية المواطن نفسه، منتهية بقضية القبلية والأحوال الشخصية.
ولعل وجود مناخ الحرية في عمان، أحد أبرز سمات الحرية الفكرية التي جعلت لحقوق الإنسان معنى ومغزى بين الأمم، خاصة وأننا اليوم ننتقد كيفما نشاء، ونكتب ما نشاء، ولكن الحريّة الفكرية هذه غائبة تماما في الصحف الرسمية، والصحف الأهلية، ولا تستطيع أية صحيفة انتقاد أيّ وضع رسميّ، وهذه الحرية غائبة في مجلس الشورى "البرلمان العماني" الذي لا يعدو كونه أكثر من مجرد بروتوكولات رسمية ذات طابع برلماني.
مسقط اليوم.. هي نفسها مسقط عام 90 أو 85، من ناحية البنية التحتية، والعمران، رغم انفجار السكّان، ولازال إلى اليوم توضع لنا خطط عشوائية وذات مدى قصير، فيما يتعلق بتخطيط المدن وتنظيم أمور الحياة فيها، والدليل على ذلك، غياب التخطيط السليم لمدينة تعتبرمن أحد اكبر مدن محافظ مسقط وهي العامرات، المتروكة على عنق بلدية بلا عنق، ولا يشكل لها المواطن وصحته وسلامته أيّة أهمية.
وأنت تخرج من مسقط.. فإنك تودّع كل معنى للدولة الحديثة، فما تراه في مسقط، لن تراه في أية مدينة أخرى، بل في الحقيقة هذه المدن في شكلها هي قرى، لا أكثر. فلماذا رغم مرور 40 عاما غابت الدولة شكلا عن باقي المناطق والولايات وحضرت بالاسم والوظيفة؟؟؟؟
عمان الـ 40 تدخل في نفق شكليات مظلم ومخيف، ينبئ عن مكافئة كلّ منافق، وتجاهل كلّ ذي كلمة حق.
عمان الـ 40 شكل من أشكال احتضار الدوَل، لا نموّها.. فالتنمية يعني صعودا في السلم الحضاري، لا نزولا أو سقوطا في هاوية "المظهر".
الاستفاقة آن أوانها، وآن لنا أن نرى دولة في عمان، تزدحم في مناصبها الرسمية الكبرى برجالات الفكر والتنمية، لا رجال القبائل والمحسوبية، آن لنا أن نرى عمان تزدحم بالمصانع لا بالمباني الفخرية وأبنية اللهو والتسوّق.
www.beyondfree.worpress.com
احتفالات أي دولة، بيوم نهضتها، أو ثورتها أو تحريريها، أو أيا كانت التسميات، هي المشاعر التي يُعبّر من خلالها شعب هذه الدولة أو تلك، عن فرحتهم بانقالهم من الظلام الذي كانوا فيه، إلى النور الذي هم عليه. لذلك، تكون الاحتفالات أكثر صدقا وفرحا حينما يكون مصدرها الشعب نفسه، وتُقترح من قبلهم، مهما كانت بساطة الاحتفال. لأن الاحتفالات هذه إذا كان الشعب مصدرها، أتت نقيّة وقويّة وذات مضمون أكثر معنى.
ولكنّ اليوم، وما نشهده في الوقت الحالي، من استعداد السلطنة بالاحتفال بعمرها الأربعين تحت قيادة السلطان قابوس، نرى ما لا يُحمد عقباه، وما تشمئزّ من النفوس، وتنفر عنه القلوب.
الدولة ذاهبة أو ربما قد ذهبت حقا، إلى استنزاف مال الدولة من أجل احتفال شكليّ، وتعبئة هذا الاحتفال بالموارد البشرية من موظفين وطلاّب مدارس وغيرهم. ولعل الأمر هذا العام اختلف عن غيره من السنوات، وذلك بسبب احتفال كل منطقة بنفسها، وتخصيص ميزانية لها لتنفيذ ذلك، فهل هذا يُعقل؟؟؟
الغريب، أنه في ظل تنامي الأصوات المنادية لجلالته، إلى التدخل وإنقاذ المواطن من براثن التضخم الاقتصادي الذي توسّد ظلامه الأسواق، أو إلى زيادة مستوى دخل الفرد والاهتمام بالمواطن وتنميته، إلا أننا نتفاجأ من تنفيذ مشاريع كبرى بحجم الاحتفالات الخاصة بالعام الـ 40، ومبنى دار الأوركسترا أو الأوبرا أيا كانت تسميته، ومعدات عسكرية ضخمة لاستعراضها، غير تدريبات رجالات الأمن وطلبة المدارس وما يستلزمه ذلك من ضرورات اشتراك بقية الوزارات. فهل كلّ هذه الشكليات أهم من هموم المواطن، وأولى من تقديم الحلول له.
الدولة العمانية في عامها الأربعين، كنا نتمناها دولة ناضجة، يفرض المنطق فيها نفسه، ويسيطر القانون على مؤسساتها. الدولة العمانية وهي تطفئ شمعتها الـ 40، تُشعل نيران أسئلة كثيرة، أوّلها تنمية المواطن نفسه، منتهية بقضية القبلية والأحوال الشخصية.
ولعل وجود مناخ الحرية في عمان، أحد أبرز سمات الحرية الفكرية التي جعلت لحقوق الإنسان معنى ومغزى بين الأمم، خاصة وأننا اليوم ننتقد كيفما نشاء، ونكتب ما نشاء، ولكن الحريّة الفكرية هذه غائبة تماما في الصحف الرسمية، والصحف الأهلية، ولا تستطيع أية صحيفة انتقاد أيّ وضع رسميّ، وهذه الحرية غائبة في مجلس الشورى "البرلمان العماني" الذي لا يعدو كونه أكثر من مجرد بروتوكولات رسمية ذات طابع برلماني.
مسقط اليوم.. هي نفسها مسقط عام 90 أو 85، من ناحية البنية التحتية، والعمران، رغم انفجار السكّان، ولازال إلى اليوم توضع لنا خطط عشوائية وذات مدى قصير، فيما يتعلق بتخطيط المدن وتنظيم أمور الحياة فيها، والدليل على ذلك، غياب التخطيط السليم لمدينة تعتبرمن أحد اكبر مدن محافظ مسقط وهي العامرات، المتروكة على عنق بلدية بلا عنق، ولا يشكل لها المواطن وصحته وسلامته أيّة أهمية.
وأنت تخرج من مسقط.. فإنك تودّع كل معنى للدولة الحديثة، فما تراه في مسقط، لن تراه في أية مدينة أخرى، بل في الحقيقة هذه المدن في شكلها هي قرى، لا أكثر. فلماذا رغم مرور 40 عاما غابت الدولة شكلا عن باقي المناطق والولايات وحضرت بالاسم والوظيفة؟؟؟؟
عمان الـ 40 تدخل في نفق شكليات مظلم ومخيف، ينبئ عن مكافئة كلّ منافق، وتجاهل كلّ ذي كلمة حق.
عمان الـ 40 شكل من أشكال احتضار الدوَل، لا نموّها.. فالتنمية يعني صعودا في السلم الحضاري، لا نزولا أو سقوطا في هاوية "المظهر".
الاستفاقة آن أوانها، وآن لنا أن نرى دولة في عمان، تزدحم في مناصبها الرسمية الكبرى برجالات الفكر والتنمية، لا رجال القبائل والمحسوبية، آن لنا أن نرى عمان تزدحم بالمصانع لا بالمباني الفخرية وأبنية اللهو والتسوّق.
www.beyondfree.worpress.com