مفاوضات بين حكومة سلطنة عمان والبيت الإمامي
تجري حالياً مفاوضات بين حكومة سلطنة عمان وأسرة الإمام غالب بن علي آخر أئمة عُمان، المتوفي في أواخر نوفمبر من العام الماضي، وتهدف المفاوضات إلى عودة أسرة الإمام إلى عُمان.
وكانت شبكة السي ان ان قد علقت أثناء نقلها لخبر الوفاة بأنه "قد رحل بهدوء تام"، لكن ذلك الوصف ليس دقيقاً إلا على مستوى اعتزاله العمل السياسي نهائياً منذ عقود، بينما كان لوفاته وقع كبير على جزء كبير من العمانيين وقد تم استقبال المعزين لثلاثة أيام في الدمام بالمنطقة الشرقية من السعودية حيث أقام منذ خروجه من عُمان، وحيث أوصى بدفنه فيها، أعقبها عزاء في مسقط رأسه في بلدة "بلاد سيت" بالمنطقة الداخلية، وقد قدمت القيادة السعودية تعازيها بمستويات رفيعة لم يعلن رسمياً إلا عن أقلها، كما قام بالتعزية شخصيات سياسية وإعلامية وعلمية واجتماعية من مختلف دول العالم.
كان ذلك الهدوء الذي وصفته السي ان ان تتفاعل تحت سطحه غير المعلن تحركات رسمية من حكومة سلطنة عمان، بموازاة مع دلائل على تزايد شعبية فكرة الإمامة بين تيارات دينية من الشعب العماني.
يقود المفاوضات عن الحكومة والتي أتت بمبادرة ملحة منها الفريق أول علي بن ماجد وزير المكتب السلطاني، وعن أسرة الإمام الراحل الدكتور الخطاب بن غالب أكبر أنجال الإمام، وهو مواطن سعودي بحكم الجنسية، ويشغل منصباً أكاديمياً مرموقاً في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وله نشاطات ومناصب أكاديمية متعددة داخل السعودية وخارجها. كما يتمتع بصلات مهمة بأكبر الشخصيات من عائلة آل سعود وبغيرها في عديد من دول العالم. وهو شخصية تغلب عليها السمات الأكاديمية والمعرفية، وتتميز على المستوى الشخصي بالهدوء والتواضع والدماثة.
وكان قد رفض عروضاً علمية وإدارية من بعض الجامعات الدولية للاستفادة منه مفضلاً البقاء في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
وللعلم فهو على وشك أن يدرك سن التقاعد الوظيفي الذي ينتظره هو شخصياً بأقرب ما يكون.
تعود بدايات الاتصالات لإبداء حسن النوايا والرغبة في المفاوضات إلى سنوات عديدة متخذة أشكالاً أمنية كاريكاتورية أحياناً كما حدث مع بعض أبنائه، وأشكالاً أخرى يبدي فيها بعض الوزراء والشخصيات الحكومية القبلية الكبيرة وساطات معينة.
غير أن البداية المباشرة الفعلية كانت لحظة الإعلان عن وفاة الإمام حيث عرضت الحكومة على الأسرة نقل جثمانه بطائرة خاصة لدفنه في مسقط رأسه وتقديم تعازيها واستعدادها لتلبية أية رغبات أسرية، إلا أن الاتصال قوبل بالشكر فالإمام قد أوصى بدفنه في منفاه وحالة العزاء لا تسمح بأكثر من رد الفعل هذا.
كانت وفاة الإمام هي اللحظة المنتظرة التي طالت كثيراً بحسابات الحكومة، فهي تعاني من حساسية وجود أي شخصية في المنفى أو خارج عمان لأي سبب من الأسباب، فما بالك بوجود الإمام في منفاه بالسعودية التي لم تغير إلتزامها تجاهه بالرغم من تعاقب الملوك منذ لجوئه وحتى وفاته.
وهناك ذكريات غير محببة للسلطان أثناء لقائه بالإمام في محاولة الملك فيصل الصلح بينهما عام 1973، إضافة إلى وجود رمزية سياسية معارضة لاتقبلها الحكومة لكنها لا تملك اتجاهها شيئاً، وهو الأمر الذي يعتبر مُنغصاً مستمراً.
كما أن المنهجية السياسية ( استبدادية الحكم المطلق) للحكم القابوسي تعتبر أن الإجماع الوطني بمفهومه المطلق وليس السياسي، هو الأساس لنجاح الحكم وسياساته، وعلى هذا المقياس يجتهد الآخرون في الحكومة بالعمل على الحصول على توقيع كل عُماني معنيين به ولو كان في كوكب من غير كوكب الأرض.
كان الحجاج من عُمان يتوافدون إلى مجلس الإمام بالدمام كل عام، كما كانت الزيارات تتواصل طوال أوقات العام، وقد كان الإمام يرفض دائماً أمام زواره من الباحثين والإعلاميين من دول العالم المختلفة إجراء أية حوارات أو إبداء آراء سياسية متيحاً للجميع الإطلاع على الأرشيف المتوفر لديه.
ويقول أحد المطلعين على الأحداث والباحثين في شؤون الإمامه مفسراً موقف الإمام طوال تلك العقود: " الإمام الذي شعر بالغدر والخيانة من بعض أركان دولته، والذي بخس حقه في قراره الثوري بالتصدي للاستعمار البريطاني، وقيادته لمقاومة هي من أكبر وأشجع المقاومات الشعبية في تاريخ عُمان، والتي أصر على الاستمرار فيها من منفاه لسنوات عديدة، قد أصابته حالة من القنوط مترافقة بحس سياسي رفيع يعي أن الميزان الروحي والوطني والسياسي قد أصبح في غير صالحه منذ بداية الستينيات من القرن العشرين.
ولإن شخصيته الروحية وصفاته الأخلاقية تمنعه من الخوض في أخطاء الآخرين أو اتهامهم فقد آثر الصمت مؤمناً بأن ضميره مرتاح، وبأن التاريخ كفيل بإبراز الحقائق وإنصاف الجميع".
بعد وفاة الإمام غالب بن علي لم يعد أمام أسرته سبباً لبقائها في المنفى، خصوصاً إذا علمنا أن جميعهم لا يمارس السياسة ولا يتبنى فيها مواقف وزعامة.
كان الإمام قد سمح لبعض أسرته قبل سنوات من وفاته بالذهاب إلى عُمان إما للزواج من عائلته أو من غيرها، وللزيارة دون الإقامة باستثناء كريمته بحكم زواجها من أحد أقربائها، وهو مناضل مشهور بصلابته وظل سجيناً في قلعة الجلالي إلى النصف الأول من الثمانينيات، وقد عُرف بشخصيته الكارزمية المثقفة.
يشغل البعض من أسرة الإمام حالياً مناصب مرموقة في السعودية ويشتغل بعضهم الآخر بالتجارة، بعضهم لديه الجنسية السعودية وبعضهم الآخر لا يتمتع بها لكنهم يحملون جوازات سفر خاصة من الحكومة السعودية، وقد حدثت مؤخرا سابقةً تلخصت في تأخير تجديد بعض جوازات الأسرة وأطفالها في إشارة غامضة المغزى، لكن البعض يرجعها إلى إهمال أو خطأ روتيني ولا يمكن تحميله سياسياً فلم تشهد الأسرة أية إشارات سلبية من الحكومة السعودية طوال تاريخ وجودها هناك، بل العكس هو الصحيح.
لكن إلى أين وصلت المفاوضات بين طرفي الحكومة العمانية والبيت الإمامي؟
في مبادرة مشهودة بعد خمسين عاماً من المنفى والمعارضة، قام الدكتور الخطاب بن غالب بتلبية الدعوة، الملحة التي سبقتها وساطات رفيعة المستوى، لوزير المكتب السلطاني الفريق أول علي بن ماجد إلى زيارة عُمان والإجتماع به في جولة أولى من المفاوضات.
كان علي بن ماجد قد عرض كل الإمكانيات للأسرة من بينها طائرة خاصة للزيارة، غير أن الأسرة أرتأت أن تفوض كبيرها الآن وتراقب التطورات من خلاله، ويتم النقاش حولها في مجلس الأسرة.
لكن على ماذا ستدور المفاوضات؟
إن البعض لا يحبذ تسميتها مفاوضات لكن يحبذ وصفها بالعرض الحكومي المقدم لأسرة الإمام، وهي المفاوضات التي كان ميؤوس منها في حياة الإمام الراحل.
من البديهي أن أسرة الإمام من حقها العودة إلى وطنها الذي فارقته قسراً عقوداً طويلة، وأن بعضها يريد انتهاء حياته على تراب وطنه لا خارجه، ومن البديهي أن مثل هذا العرض قد يمثل ضرورة للحكومة لكنه لا يمثل ضرورة للأسرة وهي في حال مستقرة وآمنة وكريمة.
إذن ما هي دوافع الطرفين للقبول بالمواجهة والتفاوض؟
دافع البيت الإمامي هو حقه وعاطفته اتجاه وطنه وعائلته الكبيرة خصوصاً بعد أن أدت واجبها كاملاً في الالتزام بملازمة كبيرها الإمام الراحل.
أما دافع علي بن ماجد فهو تقديم هدية شخصية للسلطان قابوس في الاحتفال بعامه الأربعين تتمثل بعودة أبرز معارضة رمزية له، وعلى يديه هو شخصياً مما يعزز ثقته- قابوس- ورضاه عن وزير المكتب السلطاني.
وكانت المفاوضات قد أخذت تسير بشكل متسارع في البداية لأجل أن تتوج بعودة الأسرة كاملة إلى عُمان قبل أو أثناء الاحتفالات بالعيد الوطني الأربعين، إلا أنها لم تحرز تقدماً في الفترات الأخيرة، مما أصبح معه إمكانية عودة أسرة الإمام إلى عُمان في الموعد المرغوب شبه مستحيلة.
لا تفاوض أسرة الإمام على مناصب أو أموال أو أية امتيازات، لكنها تريد معرفة ماذا يضمر لها الجانب الحكومي، وعلى أي أساس تتم دعوتهم، فهم لم يتلقوا عرضاً واضحاً بعد، ومن جانبهم لا يأملون إلا في عودتهم بكرامة وضمان حريتهم ومستوى حياتهم الذي هم عليه الآن، فهم مدفوعين بروحانية وعاطفية وطنية لا بانتهازية وتحقيق مصالح شخصية، ولم يعرف عنهم يوماً ذلك بإجماع كل من استشرتهم وساعدوني مشكورين في إعداد هذا التقرير.
دوافع أسرة الإمام السابقة الذكر تسهل الأمر كثيراً على دوافع علي بن ماجد واجتهاده الكبير لأجل تحقيق هدفه الذي سيضيف إلى رصيده إضافة نوعية في وقت نوعي لم تعد فيه أية معارضة عمانية ولو رمزية في الخارج، سوى وجود عبدالعزيز عبدالرحمن القاضي، في اليمن، آخر أمين للجبهة الشعبية لتحرير عمان والتي اختلفت قياداتها وتحول اسمها بمؤتمر جديد إلى " الجبهة الشعبية الديمقراطية العمانية"، مع رموز قليلة جداً هناك وربما في دول أخرى أجنبية.
وإضافة لهذه النقطة فإذا ما تم نجاح عملية العودة خصوصاً في وقتها المأمول فإن كل من شارك وساهم مع فريق العمل المفاوض سيتقاضى مكافآت سخية ربما لدرجة غير متوقعة من بعضهم.
لكن بالرغم من كل هذا المسار الذي أخذته المفاوضات، بين أسرة الإمام وعلي بن ماجد، قد يحصل في لحظة معينة ما يعطله إلى أجل غير محدد، وقد يأخذ نفس المسار شكلاً آخر لم يكن في الحسبان.
هناك وعي لدي أسرة الإمام بأن عودتها وقبولها بعرض متفق عليه قد لا يعجب الكثير من أنصار الإمامة وغيرهم، لكنهم يقولون لن يكونوا يوماً شركاء في مناصب أو تقسيمة رسمية، ولن يكونوا محل استغلال سياسي أو إعلامي بأية حال من الأحوال، بل أنهم سيعيشون كمواطنين متقاعدين أوفي أعمالهم في القطاع الخاص وليس الحكومي.
تجري حالياً مفاوضات بين حكومة سلطنة عمان وأسرة الإمام غالب بن علي آخر أئمة عُمان، المتوفي في أواخر نوفمبر من العام الماضي، وتهدف المفاوضات إلى عودة أسرة الإمام إلى عُمان.
وكانت شبكة السي ان ان قد علقت أثناء نقلها لخبر الوفاة بأنه "قد رحل بهدوء تام"، لكن ذلك الوصف ليس دقيقاً إلا على مستوى اعتزاله العمل السياسي نهائياً منذ عقود، بينما كان لوفاته وقع كبير على جزء كبير من العمانيين وقد تم استقبال المعزين لثلاثة أيام في الدمام بالمنطقة الشرقية من السعودية حيث أقام منذ خروجه من عُمان، وحيث أوصى بدفنه فيها، أعقبها عزاء في مسقط رأسه في بلدة "بلاد سيت" بالمنطقة الداخلية، وقد قدمت القيادة السعودية تعازيها بمستويات رفيعة لم يعلن رسمياً إلا عن أقلها، كما قام بالتعزية شخصيات سياسية وإعلامية وعلمية واجتماعية من مختلف دول العالم.
كان ذلك الهدوء الذي وصفته السي ان ان تتفاعل تحت سطحه غير المعلن تحركات رسمية من حكومة سلطنة عمان، بموازاة مع دلائل على تزايد شعبية فكرة الإمامة بين تيارات دينية من الشعب العماني.
يقود المفاوضات عن الحكومة والتي أتت بمبادرة ملحة منها الفريق أول علي بن ماجد وزير المكتب السلطاني، وعن أسرة الإمام الراحل الدكتور الخطاب بن غالب أكبر أنجال الإمام، وهو مواطن سعودي بحكم الجنسية، ويشغل منصباً أكاديمياً مرموقاً في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وله نشاطات ومناصب أكاديمية متعددة داخل السعودية وخارجها. كما يتمتع بصلات مهمة بأكبر الشخصيات من عائلة آل سعود وبغيرها في عديد من دول العالم. وهو شخصية تغلب عليها السمات الأكاديمية والمعرفية، وتتميز على المستوى الشخصي بالهدوء والتواضع والدماثة.
وكان قد رفض عروضاً علمية وإدارية من بعض الجامعات الدولية للاستفادة منه مفضلاً البقاء في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
وللعلم فهو على وشك أن يدرك سن التقاعد الوظيفي الذي ينتظره هو شخصياً بأقرب ما يكون.
تعود بدايات الاتصالات لإبداء حسن النوايا والرغبة في المفاوضات إلى سنوات عديدة متخذة أشكالاً أمنية كاريكاتورية أحياناً كما حدث مع بعض أبنائه، وأشكالاً أخرى يبدي فيها بعض الوزراء والشخصيات الحكومية القبلية الكبيرة وساطات معينة.
غير أن البداية المباشرة الفعلية كانت لحظة الإعلان عن وفاة الإمام حيث عرضت الحكومة على الأسرة نقل جثمانه بطائرة خاصة لدفنه في مسقط رأسه وتقديم تعازيها واستعدادها لتلبية أية رغبات أسرية، إلا أن الاتصال قوبل بالشكر فالإمام قد أوصى بدفنه في منفاه وحالة العزاء لا تسمح بأكثر من رد الفعل هذا.
كانت وفاة الإمام هي اللحظة المنتظرة التي طالت كثيراً بحسابات الحكومة، فهي تعاني من حساسية وجود أي شخصية في المنفى أو خارج عمان لأي سبب من الأسباب، فما بالك بوجود الإمام في منفاه بالسعودية التي لم تغير إلتزامها تجاهه بالرغم من تعاقب الملوك منذ لجوئه وحتى وفاته.
وهناك ذكريات غير محببة للسلطان أثناء لقائه بالإمام في محاولة الملك فيصل الصلح بينهما عام 1973، إضافة إلى وجود رمزية سياسية معارضة لاتقبلها الحكومة لكنها لا تملك اتجاهها شيئاً، وهو الأمر الذي يعتبر مُنغصاً مستمراً.
كما أن المنهجية السياسية ( استبدادية الحكم المطلق) للحكم القابوسي تعتبر أن الإجماع الوطني بمفهومه المطلق وليس السياسي، هو الأساس لنجاح الحكم وسياساته، وعلى هذا المقياس يجتهد الآخرون في الحكومة بالعمل على الحصول على توقيع كل عُماني معنيين به ولو كان في كوكب من غير كوكب الأرض.
كان الحجاج من عُمان يتوافدون إلى مجلس الإمام بالدمام كل عام، كما كانت الزيارات تتواصل طوال أوقات العام، وقد كان الإمام يرفض دائماً أمام زواره من الباحثين والإعلاميين من دول العالم المختلفة إجراء أية حوارات أو إبداء آراء سياسية متيحاً للجميع الإطلاع على الأرشيف المتوفر لديه.
ويقول أحد المطلعين على الأحداث والباحثين في شؤون الإمامه مفسراً موقف الإمام طوال تلك العقود: " الإمام الذي شعر بالغدر والخيانة من بعض أركان دولته، والذي بخس حقه في قراره الثوري بالتصدي للاستعمار البريطاني، وقيادته لمقاومة هي من أكبر وأشجع المقاومات الشعبية في تاريخ عُمان، والتي أصر على الاستمرار فيها من منفاه لسنوات عديدة، قد أصابته حالة من القنوط مترافقة بحس سياسي رفيع يعي أن الميزان الروحي والوطني والسياسي قد أصبح في غير صالحه منذ بداية الستينيات من القرن العشرين.
ولإن شخصيته الروحية وصفاته الأخلاقية تمنعه من الخوض في أخطاء الآخرين أو اتهامهم فقد آثر الصمت مؤمناً بأن ضميره مرتاح، وبأن التاريخ كفيل بإبراز الحقائق وإنصاف الجميع".
بعد وفاة الإمام غالب بن علي لم يعد أمام أسرته سبباً لبقائها في المنفى، خصوصاً إذا علمنا أن جميعهم لا يمارس السياسة ولا يتبنى فيها مواقف وزعامة.
كان الإمام قد سمح لبعض أسرته قبل سنوات من وفاته بالذهاب إلى عُمان إما للزواج من عائلته أو من غيرها، وللزيارة دون الإقامة باستثناء كريمته بحكم زواجها من أحد أقربائها، وهو مناضل مشهور بصلابته وظل سجيناً في قلعة الجلالي إلى النصف الأول من الثمانينيات، وقد عُرف بشخصيته الكارزمية المثقفة.
يشغل البعض من أسرة الإمام حالياً مناصب مرموقة في السعودية ويشتغل بعضهم الآخر بالتجارة، بعضهم لديه الجنسية السعودية وبعضهم الآخر لا يتمتع بها لكنهم يحملون جوازات سفر خاصة من الحكومة السعودية، وقد حدثت مؤخرا سابقةً تلخصت في تأخير تجديد بعض جوازات الأسرة وأطفالها في إشارة غامضة المغزى، لكن البعض يرجعها إلى إهمال أو خطأ روتيني ولا يمكن تحميله سياسياً فلم تشهد الأسرة أية إشارات سلبية من الحكومة السعودية طوال تاريخ وجودها هناك، بل العكس هو الصحيح.
لكن إلى أين وصلت المفاوضات بين طرفي الحكومة العمانية والبيت الإمامي؟
في مبادرة مشهودة بعد خمسين عاماً من المنفى والمعارضة، قام الدكتور الخطاب بن غالب بتلبية الدعوة، الملحة التي سبقتها وساطات رفيعة المستوى، لوزير المكتب السلطاني الفريق أول علي بن ماجد إلى زيارة عُمان والإجتماع به في جولة أولى من المفاوضات.
كان علي بن ماجد قد عرض كل الإمكانيات للأسرة من بينها طائرة خاصة للزيارة، غير أن الأسرة أرتأت أن تفوض كبيرها الآن وتراقب التطورات من خلاله، ويتم النقاش حولها في مجلس الأسرة.
لكن على ماذا ستدور المفاوضات؟
إن البعض لا يحبذ تسميتها مفاوضات لكن يحبذ وصفها بالعرض الحكومي المقدم لأسرة الإمام، وهي المفاوضات التي كان ميؤوس منها في حياة الإمام الراحل.
من البديهي أن أسرة الإمام من حقها العودة إلى وطنها الذي فارقته قسراً عقوداً طويلة، وأن بعضها يريد انتهاء حياته على تراب وطنه لا خارجه، ومن البديهي أن مثل هذا العرض قد يمثل ضرورة للحكومة لكنه لا يمثل ضرورة للأسرة وهي في حال مستقرة وآمنة وكريمة.
إذن ما هي دوافع الطرفين للقبول بالمواجهة والتفاوض؟
دافع البيت الإمامي هو حقه وعاطفته اتجاه وطنه وعائلته الكبيرة خصوصاً بعد أن أدت واجبها كاملاً في الالتزام بملازمة كبيرها الإمام الراحل.
أما دافع علي بن ماجد فهو تقديم هدية شخصية للسلطان قابوس في الاحتفال بعامه الأربعين تتمثل بعودة أبرز معارضة رمزية له، وعلى يديه هو شخصياً مما يعزز ثقته- قابوس- ورضاه عن وزير المكتب السلطاني.
وكانت المفاوضات قد أخذت تسير بشكل متسارع في البداية لأجل أن تتوج بعودة الأسرة كاملة إلى عُمان قبل أو أثناء الاحتفالات بالعيد الوطني الأربعين، إلا أنها لم تحرز تقدماً في الفترات الأخيرة، مما أصبح معه إمكانية عودة أسرة الإمام إلى عُمان في الموعد المرغوب شبه مستحيلة.
لا تفاوض أسرة الإمام على مناصب أو أموال أو أية امتيازات، لكنها تريد معرفة ماذا يضمر لها الجانب الحكومي، وعلى أي أساس تتم دعوتهم، فهم لم يتلقوا عرضاً واضحاً بعد، ومن جانبهم لا يأملون إلا في عودتهم بكرامة وضمان حريتهم ومستوى حياتهم الذي هم عليه الآن، فهم مدفوعين بروحانية وعاطفية وطنية لا بانتهازية وتحقيق مصالح شخصية، ولم يعرف عنهم يوماً ذلك بإجماع كل من استشرتهم وساعدوني مشكورين في إعداد هذا التقرير.
دوافع أسرة الإمام السابقة الذكر تسهل الأمر كثيراً على دوافع علي بن ماجد واجتهاده الكبير لأجل تحقيق هدفه الذي سيضيف إلى رصيده إضافة نوعية في وقت نوعي لم تعد فيه أية معارضة عمانية ولو رمزية في الخارج، سوى وجود عبدالعزيز عبدالرحمن القاضي، في اليمن، آخر أمين للجبهة الشعبية لتحرير عمان والتي اختلفت قياداتها وتحول اسمها بمؤتمر جديد إلى " الجبهة الشعبية الديمقراطية العمانية"، مع رموز قليلة جداً هناك وربما في دول أخرى أجنبية.
وإضافة لهذه النقطة فإذا ما تم نجاح عملية العودة خصوصاً في وقتها المأمول فإن كل من شارك وساهم مع فريق العمل المفاوض سيتقاضى مكافآت سخية ربما لدرجة غير متوقعة من بعضهم.
لكن بالرغم من كل هذا المسار الذي أخذته المفاوضات، بين أسرة الإمام وعلي بن ماجد، قد يحصل في لحظة معينة ما يعطله إلى أجل غير محدد، وقد يأخذ نفس المسار شكلاً آخر لم يكن في الحسبان.
هناك وعي لدي أسرة الإمام بأن عودتها وقبولها بعرض متفق عليه قد لا يعجب الكثير من أنصار الإمامة وغيرهم، لكنهم يقولون لن يكونوا يوماً شركاء في مناصب أو تقسيمة رسمية، ولن يكونوا محل استغلال سياسي أو إعلامي بأية حال من الأحوال، بل أنهم سيعيشون كمواطنين متقاعدين أوفي أعمالهم في القطاع الخاص وليس الحكومي.
تعليق