التشريع هو القانون المكتوب أو المسطور وهو المصدر الأول المنشئ للقواعد القانونية ، والتشريع ينقسم إلى ثلاثة أنواع هي :
(أ) التشريع الأساسي ( الدستور ) : وهي أعلى التشريعات في القوة إذ يحدد نظام
الحكم في الدولة ويبين السلطات العامة فيها واختصاص كل منها وعلاقتها ببعضها البعض ويقرر ما للأفراد من حريات عامة وحقوق قبل الدولة فهو بهذه المثابة يضع الأساس الذي يقوم عليه نظام الدولة . وفي عمان يمثل النظام الأساسي للدولة أعلى التشريعات .
(ب) التشريع العادي : وهو التشريع الذي تسنه السلطة التشريعية في الدولة في حدود
اختصاصها المبين في التشريع الأساسي ويطلق على هذا النوع من التشريع اسم (القانون) بمعناه الخاص الذي يراد به قاعدة أو مجموعة من القواعد تضعها السلطة التشريعية . وفي السلطنة تشكل القوانين والمراسيم واللوائح الصادرة بمراسيم سلطانية التشريع العادي .
(ج ) التشريع الفرعي : وهو عبارة عن القرارات الإدارية التي تصدر من السلطة التنفيذية
بمقتضى الاختصاص الممنوح لها في التشريع الأساسي فهي تسن هذا التشريع بما لها من اختصاص أصيل وليس على أساس أنها تحل في ذلك محل السلطة التشريعية ، والتشريع الفرعي نوعان :
(1) تنفيذي : وهو ما تسنه السلطة التنفيذية من تشريع لتنفيذ ( القوانين) ذلك أن القوانين التي تسنها السلطة التشريعية كثيرا ما يقتصر فيها على وضع القواعد العامة وتترك النواحي التفصيلية والجزئيات التي تنظم تنفيذها السلطة التنفيذية ، ولهذا يجب أن يتقيد هذا التشريع بالغرض المقصود منه وهو تنفيذ القوانين فلا يجوز أن يتضمن تعديلا أو إلغاء لقاعدة من القواعد الواردة في هذه القوانين .
(2) تنظيمي :وهو ما تسنه السلطة التنفيذية من تشريع لتنظيم المصالح والمرافق وبالتالي فهي بحكم وظيفتها تستطيع أن تختار التنظيم الملائم لسير العمل فيها . وفي السلطنة التشريع الفرعي هو القرارات الوزارية والإدارية واللوائح الصادرة من رؤساء الوحدات الحكومية .
ويتضح من ذلك أن التشريعات تتعدد أنواعها وتتفاوت فوتها تبعا لأهمية المسائل التي تتناولها ، فهنالك أنواع ثلاثة من التشريعات تتدرّج في القوة ، فأعلاها التشريع الأساسي "الدستور" ثم يليه في القوة التشريع العادي ، ويسميه بعض الفقهاء بالتشريع الرئيسي ، وهو يشمل القوانين العادية ، ثم يلي هذا في القوة التشريع الفرعي ، وهو يشمل القرارات الإدارية التنظيمية أو اللوائح التي تصدرها الهيئات التنفيذية المختلفة .
ومقتضى هذا التدرج في القوة أن التشريع الأدنى يجب ألا يخالف التشريع الأعلى منه ، فلا ينبغي أن يأتي التشريع العادي مخالفا للتشريع الأساسي ولا أن يأتي التشريع الفرعي مخالفا لأي من هذين التشريعين ، فإذا تعارض تشريعان من درجتين مختلفتين وجب تغليب التشريع الأعلى .
وتأكيدا لتدرج القوانين من حيث القوة في التشريع العماني نصت المادة ( 79) من النظام الأساسي على أنه ( يجب أن تتطابق القوانين والإجراءات التي لها قوة القانون مع أحكام النظام الأساسي للدولة ) .
كما نصت المادة (80) من نفس النظام بأنه ( لا يجوز لأية جهة في الدولة إصدار أنظمة أو لوائح أو قرارات أو تعليمات تخالف أحكام القوانين والمراسيم النافذة أو المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي هي جزء من قانون البلاد . وسوف نقوم بتقسيم هذا الفصل إلى فرعين هما :
1- نبذة تاريخية عن التطور التشريعي في السلطنة .
2- كيفية سن التشريع والجهات التي تشارك فيه .
الفرع الأول : نبذة تاريخية عن التطور التشريعي في السلطنة :
بدأت العملية التشريعية بالمفهوم العصري في عمان منذ تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم في البلاد في عام 1970 م حيث شهدت هذه المرحلة ميزه خاصة وهي السرعة في التنفيذ وذلك لمواجهة متطلبات النهضة الشاملة في البلاد حيث شهدت هذه المرحلة الاعتماد على الأنظمة المقتبسة من الدول الشقيقة والصديقة لضبط الأمور وتنظيمها بصرف النظر عن مدى ملاءمتها وذلك لعدم وفرة الكفاءات القادرة على وضع التشريعات الملائمة النابعة من البيئة العمانية وكذلك لعدم اكتمال المنظومة المؤسساتية المتخصصة بوضع التشريعات ومع ذلك فقد كانت هناك إنجازات عظيمة في المجال التشريعي وأهم الإنجازات التي تمت في هذه المرحلة توجهت بإعلان تغيير اسم البلاد من الاسم السابق سلطنة مسقط وعمان إلى الاسم الجديد سلطنة عمان وهذه الخطوة أكدت مفهوم الوحدة الوطنية وبالتالي اصبح تنفيذ القوانين الحديثة ونشرها في سائر البلاد ساحلها وداخلها شمالها وجنوبها شرقها وغربها دون استثناء. تلا ذلك إلغاء القوانين غير الضرورية مثل حرمان تنقل المواطنين من منطقة إلى أخرى بالبلاد وكذلك إلغاء جميع الأوامر والأنظمة التي تمنع المواطنين من ممارسة حقوقهم الشخصية وغير ذلك من القوانين التي تتعارض مع التقدم والتطور التي تطمح إليه الدولة الجديدة .
وهذا وقد بدأت أولى مراحل التطور التشريعي في أغسطس 1970 بإعلان تعيين رئيس لمجلس الوزراء وتشكيل أول مجلس للوزراء في البلاد ويعتبر هذا الإنجاز المنطلق الأول لبناء الدولة الحديثة بخطوات متأنية وتدريجية وحسب الأولويات وذلك لتحقيق أهم الأهداف التنموية ، ومن هذا المنطلق أيضا بدأ الاهتمام بتنظيم وتطوير أنظمة الدولة التقليدية مثل الأمن والدفاع والعدالة والشؤون الخارجية وتحصيل إيرادات الدولة كما تم في هذا الشأن أدار مجموعة كبيرة من المراسيم والقوانين والتي من بينها : قانون الجنسية العمانية ، قانون جواز السفر العماني ، قانون الشرطة ، قانون الجزاء العماني ، المرسوم النقدي ... إلى كثير من القوانين والمراسيم التي لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة .
أما الخدمات الأخرى مثل الشؤون الاجتماعية والمواصلات والصحة وغير ذلك من الخدمات فكانت معدومة تماما وقد بدأت الدولة الجديدة بالتدريج في إنشاء الوزارات ثم تقديم الخدمات وقد صاحب ذلك إصدار الأنظمة التي تحكم هذه الخدمات وتدبيرها بالشكل الصحيح .
إلا أن عام 1975 يعتبر من أهم الأعوام التي شهدت التطور الأساسي للتشريع حيث تميزت هذه الفترة بإصدار قوانين تنظيم المرافق العامة للدولة وواجهت هذه القوانين كثيرا من التعديلات وذلك لتتناسب مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق المصلحة العامة .
وفي نفس الوقت اتسمت بدراسة أفضل للقوانين التي تتماشى مع الظروف الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية للدولة وتم في مطلع 1975 تشكيل لجنة برئاسة أحد الوزراء وعضوية بعض الوكلاء والمستشارين وذلك للتدقيق في القوانين التي صدرت في الفترة 1970-1974 وبذلك نجد تطور مفهوم الدولة في إطار واضح يتجه نحو دولة السيادة والقانون .
إذن تعتبر سنة 1975 نقلة أساسية للتشريعات الحديثة في الدولة والتي صدر فيها قانون تنظيم الجهاز الإداري للدولة وترك الباب مفتوحا لأية تنظيمات جديدة أخرى كما اعتبر القانون جلالة السلطان هو المشرع لجميع القوانين والمراسيم التي تصدر في البلاد . لهذا اعتبر قانون الجهاز الإداري للدولة بمثابة القانون الأساسي للبلاد في هذه المرحلة وحجر الزاوية لعملية التشريع ويغطي جانبا مما تغطيه الدساتير في الدول الأخرى .
وإذا كان النظام القانوني في السلطنة قد حقق خطوات كبيرة خلال مراحله الأولى للتنمية الوطنية فقد جاء النظام الأساسي للدولة كتطور بالغ الأهمية في جانبه التشريعي باعتباره نظاما مدونا ينظم في إطار قانوني العلاقة بين المواطنين وحكومتهم على أساس المبادئ والتقاليد العمانية والإسلامية الراسخة فقد وضع النظام الأساسي للدولة وعلى نحو دقيق وواضح ومتكامل المبادئ والأسس والقواعد المنظمة لحركة المجتمع والموجهة لسياسة الدولة والمحددة للحقوق والواجبات والاختصاصات العامة للهيئات والسلطات والمجالس المختلفة والتي تعمل بمقتضاها .
والى جانب ما صدر من قوانين في المراحل الأولى للتنمية والوطنية توجت هذه المرحلة بصدور قوانين مثل قانون السلطة القضائية وقانون إنشاء محكمة القضاء الإداري وكذلك قانون الإجراءات الجزائية التي تعبر بحق اللبنات المكملة للبناء القانوني في سلطنة عمان بالإضافة إلى صدور عدة قوانين من أبرزها تلك الخاصة بالجوانب الاقتصادية والمالية وتسهيلات وحوافز الاستثمار وقانون حماية حقوق المؤلف وقانون الأحوال الشخصية وقانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية وقانون الرقابة على المصنفات الفنية وقانون المحاماة ن وقانون جواز السفر العماني وغيرها من المراسيم ذات الطابع التشريعي في المجالات المختلفة ، وعلى صعيد آخر يتم في الوقت الحاضر إعداد مشروع القانون المدني ، وبعض مشروعات القوانين الأخرى منها قانون للمرافعات المدنية والتجارية ومن خلال هذه الجهود المتواصلة يتكامل النظام القانوني والبناء التشريعي لحكم القانون في سلطنة عمان في ظل علاقات الأسرة الواحدة التي تربط بين كل أبناء المجتمع وعلى أساس من العدل والشورى والمساواة .
الفرع الثاني : كيفية سن التشريع والجهات التي تشارك فيه:إن المراحل التي يمر بها سن التشريع في سلطنة عمان تبدأ إما بقيام وزارة الشؤون القانونية بإعداد التشريع ( القانون) طبقا لاختصاصها في هذا الشأن ومن ثم اتخاذ إجراءات استصداره المقررة، أو باقتراح التشريع من قبل الجهات المخولة ذلك وعرضه على وزارة الشؤون القانونية والتي بدورها تقوم بمراجعته وافراغه في القالب القانوني الصحيح ومن ثم اتخاذ إجراءات استصداره التي تتوج برفعة للمقام السامي لتوقيعه إذا كان من قبيل التشريعات التي تصدر بمرسوم سلطاني أو بإرجاعه للجهة التي اقتراحه لتوقيعه من رئيسها إذا كان من قبيل التشريعات التي لا تصدر بمرسوم سلطاني ، بعد ذلك تأتي المرحلة الأخيرة ألا وهي نشر التشريع وهو إجراء يقصد به إعلام الكافة بالأحكام التي يتضمنها التشريع وقد جاءت المادة (74) من النظام الأساسي للدولة مؤكدة على ما تقضى به المادة (5) من قانون الجريدة الرسمية رقم 4/74 من أن تنشر القوانين في الجريدة الرسمية ، ويتم النشر خلال أسبوعين من يوم إصدارها ، أما بالنسبة إلى التشريعات الفرعية فقد نصت المادة ( 5) من قانون الجريدة الرسمية المشار إليه على وجوب نشر القرارات الوزارية والإدارية التي تصدرها الوزارات والدوائر الحكومية في الجريدة الرسمية ، ومن هنا يتبين لنا أن هناك عدة جهات تشارك في سن التشريع وهي :
أ- مجلس الوزراء : نصت المادة (44) من النظام الأساسي (بان مجلس الوزراء
هو الهيئة المنوط بها تنفيذ السياسات العامة للدولة ) ، ويتولى المجلس في سبيل ذلك عدة مهام من بينها على وجه الخصوص رفع التوصيات إلى جلالة السلطان في الأمور الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنفيذية والإدارية التي تهم الحكومة بما في ذلك اقتراح مشروعات القوانين والمراسيم ، ومجلس الوزراء حينما يقرر الحاجة إلى إعداد مشروع مرسوم أو قانون فانه قد يكلف الوزارة المعنية ذات الصلة بمفردها ، وقد يكلفها بالاشتراك مع غيرها ومن ذلك التنسيق مع وزارة الشؤون القانونية وقد يسند ذلك إلى وزارة الشؤون القانونية بما لها من دور في إعداد المراسيم والقوانين .
ب- مجلس الشورى : وفقا للصلاحيات التي يتمتع بها مجلس الشورى والتي نصت عليها المادة ( 29) من المرسوم السلطاني رقم 86/97 في شأن مجلس عمان فان للمجلس مراجعة مشروعات القوانين قبل اتخاذ إجراءات إصدارها ، وذلك فيما عدا القوانين الإدارية والإجرائية والقوانين التي يوصى مجلس الوزراء برفها مباشرة إلى جلالة السلطان ، ويقدم المجلس توصياته في شأن مشروعات القوانين المحالة إليه إلى مجلس الوزراء . كما أن للمجلس تقديم ما يراه مناسبا في مجال تطوير القوانين الاقتصادية والاجتماعية النافذة في السلطنة .
ج- مجلس الدولة : وفقا لنص المادة (18) من المرسوم السلطاني رقم 86/97 في شأن مجلس عمان يختص مجلس الدولة بمراجعة مشروعات القوانين ، وذلك قبل اتخاذ إجراءات إصدارها وذلك فيما عدا القوانين الإدارية والإجرائية والقوانين التي يوصى مجلس الوزراء برفعها مباشرة إلى جلالة السلطان ، ويقدم المجلس توصياته في هذا الشان إلى مجلس الوزراء .
د- الوزارات والجهات الحكومية : للوزارات والجهات الحكومية المعنية اقتراح مشروعات القوانين والمراسيم واللوائح المرتبطة باختصاصها ، ولها اقتراح مشروعات القرارات المرتبطة باختصاصها .
(أ) التشريع الأساسي ( الدستور ) : وهي أعلى التشريعات في القوة إذ يحدد نظام
الحكم في الدولة ويبين السلطات العامة فيها واختصاص كل منها وعلاقتها ببعضها البعض ويقرر ما للأفراد من حريات عامة وحقوق قبل الدولة فهو بهذه المثابة يضع الأساس الذي يقوم عليه نظام الدولة . وفي عمان يمثل النظام الأساسي للدولة أعلى التشريعات .
(ب) التشريع العادي : وهو التشريع الذي تسنه السلطة التشريعية في الدولة في حدود
اختصاصها المبين في التشريع الأساسي ويطلق على هذا النوع من التشريع اسم (القانون) بمعناه الخاص الذي يراد به قاعدة أو مجموعة من القواعد تضعها السلطة التشريعية . وفي السلطنة تشكل القوانين والمراسيم واللوائح الصادرة بمراسيم سلطانية التشريع العادي .
(ج ) التشريع الفرعي : وهو عبارة عن القرارات الإدارية التي تصدر من السلطة التنفيذية
بمقتضى الاختصاص الممنوح لها في التشريع الأساسي فهي تسن هذا التشريع بما لها من اختصاص أصيل وليس على أساس أنها تحل في ذلك محل السلطة التشريعية ، والتشريع الفرعي نوعان :
(1) تنفيذي : وهو ما تسنه السلطة التنفيذية من تشريع لتنفيذ ( القوانين) ذلك أن القوانين التي تسنها السلطة التشريعية كثيرا ما يقتصر فيها على وضع القواعد العامة وتترك النواحي التفصيلية والجزئيات التي تنظم تنفيذها السلطة التنفيذية ، ولهذا يجب أن يتقيد هذا التشريع بالغرض المقصود منه وهو تنفيذ القوانين فلا يجوز أن يتضمن تعديلا أو إلغاء لقاعدة من القواعد الواردة في هذه القوانين .
(2) تنظيمي :وهو ما تسنه السلطة التنفيذية من تشريع لتنظيم المصالح والمرافق وبالتالي فهي بحكم وظيفتها تستطيع أن تختار التنظيم الملائم لسير العمل فيها . وفي السلطنة التشريع الفرعي هو القرارات الوزارية والإدارية واللوائح الصادرة من رؤساء الوحدات الحكومية .
ويتضح من ذلك أن التشريعات تتعدد أنواعها وتتفاوت فوتها تبعا لأهمية المسائل التي تتناولها ، فهنالك أنواع ثلاثة من التشريعات تتدرّج في القوة ، فأعلاها التشريع الأساسي "الدستور" ثم يليه في القوة التشريع العادي ، ويسميه بعض الفقهاء بالتشريع الرئيسي ، وهو يشمل القوانين العادية ، ثم يلي هذا في القوة التشريع الفرعي ، وهو يشمل القرارات الإدارية التنظيمية أو اللوائح التي تصدرها الهيئات التنفيذية المختلفة .
ومقتضى هذا التدرج في القوة أن التشريع الأدنى يجب ألا يخالف التشريع الأعلى منه ، فلا ينبغي أن يأتي التشريع العادي مخالفا للتشريع الأساسي ولا أن يأتي التشريع الفرعي مخالفا لأي من هذين التشريعين ، فإذا تعارض تشريعان من درجتين مختلفتين وجب تغليب التشريع الأعلى .
وتأكيدا لتدرج القوانين من حيث القوة في التشريع العماني نصت المادة ( 79) من النظام الأساسي على أنه ( يجب أن تتطابق القوانين والإجراءات التي لها قوة القانون مع أحكام النظام الأساسي للدولة ) .
كما نصت المادة (80) من نفس النظام بأنه ( لا يجوز لأية جهة في الدولة إصدار أنظمة أو لوائح أو قرارات أو تعليمات تخالف أحكام القوانين والمراسيم النافذة أو المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي هي جزء من قانون البلاد . وسوف نقوم بتقسيم هذا الفصل إلى فرعين هما :
1- نبذة تاريخية عن التطور التشريعي في السلطنة .
2- كيفية سن التشريع والجهات التي تشارك فيه .
الفرع الأول : نبذة تاريخية عن التطور التشريعي في السلطنة :
بدأت العملية التشريعية بالمفهوم العصري في عمان منذ تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم في البلاد في عام 1970 م حيث شهدت هذه المرحلة ميزه خاصة وهي السرعة في التنفيذ وذلك لمواجهة متطلبات النهضة الشاملة في البلاد حيث شهدت هذه المرحلة الاعتماد على الأنظمة المقتبسة من الدول الشقيقة والصديقة لضبط الأمور وتنظيمها بصرف النظر عن مدى ملاءمتها وذلك لعدم وفرة الكفاءات القادرة على وضع التشريعات الملائمة النابعة من البيئة العمانية وكذلك لعدم اكتمال المنظومة المؤسساتية المتخصصة بوضع التشريعات ومع ذلك فقد كانت هناك إنجازات عظيمة في المجال التشريعي وأهم الإنجازات التي تمت في هذه المرحلة توجهت بإعلان تغيير اسم البلاد من الاسم السابق سلطنة مسقط وعمان إلى الاسم الجديد سلطنة عمان وهذه الخطوة أكدت مفهوم الوحدة الوطنية وبالتالي اصبح تنفيذ القوانين الحديثة ونشرها في سائر البلاد ساحلها وداخلها شمالها وجنوبها شرقها وغربها دون استثناء. تلا ذلك إلغاء القوانين غير الضرورية مثل حرمان تنقل المواطنين من منطقة إلى أخرى بالبلاد وكذلك إلغاء جميع الأوامر والأنظمة التي تمنع المواطنين من ممارسة حقوقهم الشخصية وغير ذلك من القوانين التي تتعارض مع التقدم والتطور التي تطمح إليه الدولة الجديدة .
وهذا وقد بدأت أولى مراحل التطور التشريعي في أغسطس 1970 بإعلان تعيين رئيس لمجلس الوزراء وتشكيل أول مجلس للوزراء في البلاد ويعتبر هذا الإنجاز المنطلق الأول لبناء الدولة الحديثة بخطوات متأنية وتدريجية وحسب الأولويات وذلك لتحقيق أهم الأهداف التنموية ، ومن هذا المنطلق أيضا بدأ الاهتمام بتنظيم وتطوير أنظمة الدولة التقليدية مثل الأمن والدفاع والعدالة والشؤون الخارجية وتحصيل إيرادات الدولة كما تم في هذا الشأن أدار مجموعة كبيرة من المراسيم والقوانين والتي من بينها : قانون الجنسية العمانية ، قانون جواز السفر العماني ، قانون الشرطة ، قانون الجزاء العماني ، المرسوم النقدي ... إلى كثير من القوانين والمراسيم التي لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة .
أما الخدمات الأخرى مثل الشؤون الاجتماعية والمواصلات والصحة وغير ذلك من الخدمات فكانت معدومة تماما وقد بدأت الدولة الجديدة بالتدريج في إنشاء الوزارات ثم تقديم الخدمات وقد صاحب ذلك إصدار الأنظمة التي تحكم هذه الخدمات وتدبيرها بالشكل الصحيح .
إلا أن عام 1975 يعتبر من أهم الأعوام التي شهدت التطور الأساسي للتشريع حيث تميزت هذه الفترة بإصدار قوانين تنظيم المرافق العامة للدولة وواجهت هذه القوانين كثيرا من التعديلات وذلك لتتناسب مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق المصلحة العامة .
وفي نفس الوقت اتسمت بدراسة أفضل للقوانين التي تتماشى مع الظروف الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية للدولة وتم في مطلع 1975 تشكيل لجنة برئاسة أحد الوزراء وعضوية بعض الوكلاء والمستشارين وذلك للتدقيق في القوانين التي صدرت في الفترة 1970-1974 وبذلك نجد تطور مفهوم الدولة في إطار واضح يتجه نحو دولة السيادة والقانون .
إذن تعتبر سنة 1975 نقلة أساسية للتشريعات الحديثة في الدولة والتي صدر فيها قانون تنظيم الجهاز الإداري للدولة وترك الباب مفتوحا لأية تنظيمات جديدة أخرى كما اعتبر القانون جلالة السلطان هو المشرع لجميع القوانين والمراسيم التي تصدر في البلاد . لهذا اعتبر قانون الجهاز الإداري للدولة بمثابة القانون الأساسي للبلاد في هذه المرحلة وحجر الزاوية لعملية التشريع ويغطي جانبا مما تغطيه الدساتير في الدول الأخرى .
وإذا كان النظام القانوني في السلطنة قد حقق خطوات كبيرة خلال مراحله الأولى للتنمية الوطنية فقد جاء النظام الأساسي للدولة كتطور بالغ الأهمية في جانبه التشريعي باعتباره نظاما مدونا ينظم في إطار قانوني العلاقة بين المواطنين وحكومتهم على أساس المبادئ والتقاليد العمانية والإسلامية الراسخة فقد وضع النظام الأساسي للدولة وعلى نحو دقيق وواضح ومتكامل المبادئ والأسس والقواعد المنظمة لحركة المجتمع والموجهة لسياسة الدولة والمحددة للحقوق والواجبات والاختصاصات العامة للهيئات والسلطات والمجالس المختلفة والتي تعمل بمقتضاها .
والى جانب ما صدر من قوانين في المراحل الأولى للتنمية والوطنية توجت هذه المرحلة بصدور قوانين مثل قانون السلطة القضائية وقانون إنشاء محكمة القضاء الإداري وكذلك قانون الإجراءات الجزائية التي تعبر بحق اللبنات المكملة للبناء القانوني في سلطنة عمان بالإضافة إلى صدور عدة قوانين من أبرزها تلك الخاصة بالجوانب الاقتصادية والمالية وتسهيلات وحوافز الاستثمار وقانون حماية حقوق المؤلف وقانون الأحوال الشخصية وقانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية وقانون الرقابة على المصنفات الفنية وقانون المحاماة ن وقانون جواز السفر العماني وغيرها من المراسيم ذات الطابع التشريعي في المجالات المختلفة ، وعلى صعيد آخر يتم في الوقت الحاضر إعداد مشروع القانون المدني ، وبعض مشروعات القوانين الأخرى منها قانون للمرافعات المدنية والتجارية ومن خلال هذه الجهود المتواصلة يتكامل النظام القانوني والبناء التشريعي لحكم القانون في سلطنة عمان في ظل علاقات الأسرة الواحدة التي تربط بين كل أبناء المجتمع وعلى أساس من العدل والشورى والمساواة .
الفرع الثاني : كيفية سن التشريع والجهات التي تشارك فيه:إن المراحل التي يمر بها سن التشريع في سلطنة عمان تبدأ إما بقيام وزارة الشؤون القانونية بإعداد التشريع ( القانون) طبقا لاختصاصها في هذا الشأن ومن ثم اتخاذ إجراءات استصداره المقررة، أو باقتراح التشريع من قبل الجهات المخولة ذلك وعرضه على وزارة الشؤون القانونية والتي بدورها تقوم بمراجعته وافراغه في القالب القانوني الصحيح ومن ثم اتخاذ إجراءات استصداره التي تتوج برفعة للمقام السامي لتوقيعه إذا كان من قبيل التشريعات التي تصدر بمرسوم سلطاني أو بإرجاعه للجهة التي اقتراحه لتوقيعه من رئيسها إذا كان من قبيل التشريعات التي لا تصدر بمرسوم سلطاني ، بعد ذلك تأتي المرحلة الأخيرة ألا وهي نشر التشريع وهو إجراء يقصد به إعلام الكافة بالأحكام التي يتضمنها التشريع وقد جاءت المادة (74) من النظام الأساسي للدولة مؤكدة على ما تقضى به المادة (5) من قانون الجريدة الرسمية رقم 4/74 من أن تنشر القوانين في الجريدة الرسمية ، ويتم النشر خلال أسبوعين من يوم إصدارها ، أما بالنسبة إلى التشريعات الفرعية فقد نصت المادة ( 5) من قانون الجريدة الرسمية المشار إليه على وجوب نشر القرارات الوزارية والإدارية التي تصدرها الوزارات والدوائر الحكومية في الجريدة الرسمية ، ومن هنا يتبين لنا أن هناك عدة جهات تشارك في سن التشريع وهي :
أ- مجلس الوزراء : نصت المادة (44) من النظام الأساسي (بان مجلس الوزراء
هو الهيئة المنوط بها تنفيذ السياسات العامة للدولة ) ، ويتولى المجلس في سبيل ذلك عدة مهام من بينها على وجه الخصوص رفع التوصيات إلى جلالة السلطان في الأمور الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنفيذية والإدارية التي تهم الحكومة بما في ذلك اقتراح مشروعات القوانين والمراسيم ، ومجلس الوزراء حينما يقرر الحاجة إلى إعداد مشروع مرسوم أو قانون فانه قد يكلف الوزارة المعنية ذات الصلة بمفردها ، وقد يكلفها بالاشتراك مع غيرها ومن ذلك التنسيق مع وزارة الشؤون القانونية وقد يسند ذلك إلى وزارة الشؤون القانونية بما لها من دور في إعداد المراسيم والقوانين .
ب- مجلس الشورى : وفقا للصلاحيات التي يتمتع بها مجلس الشورى والتي نصت عليها المادة ( 29) من المرسوم السلطاني رقم 86/97 في شأن مجلس عمان فان للمجلس مراجعة مشروعات القوانين قبل اتخاذ إجراءات إصدارها ، وذلك فيما عدا القوانين الإدارية والإجرائية والقوانين التي يوصى مجلس الوزراء برفها مباشرة إلى جلالة السلطان ، ويقدم المجلس توصياته في شأن مشروعات القوانين المحالة إليه إلى مجلس الوزراء . كما أن للمجلس تقديم ما يراه مناسبا في مجال تطوير القوانين الاقتصادية والاجتماعية النافذة في السلطنة .
ج- مجلس الدولة : وفقا لنص المادة (18) من المرسوم السلطاني رقم 86/97 في شأن مجلس عمان يختص مجلس الدولة بمراجعة مشروعات القوانين ، وذلك قبل اتخاذ إجراءات إصدارها وذلك فيما عدا القوانين الإدارية والإجرائية والقوانين التي يوصى مجلس الوزراء برفعها مباشرة إلى جلالة السلطان ، ويقدم المجلس توصياته في هذا الشان إلى مجلس الوزراء .
د- الوزارات والجهات الحكومية : للوزارات والجهات الحكومية المعنية اقتراح مشروعات القوانين والمراسيم واللوائح المرتبطة باختصاصها ، ولها اقتراح مشروعات القرارات المرتبطة باختصاصها .
تعليق