(1)
تشير الساعة إلى الثامنة صباحا، إنه وقت التوجه إلى مطار مسقط الدولي، ورغم بعده أقل من ستة كيلومترات من منزلي إلى أن "الاحتياط واجب" من حيث طول الوقت وليس طول المسافة. فسابقا كنت أقطع المسافة بين منزلي وبين المطار في أقل من عشر دقائق، أما اليوم وبفضل التخطيط السيء إن كنت من منتقدي الحكومة وبفضل التخطيط الجيد إن كنت من مطبلي الحكومة فإن الزمن قد تغير رغم أن المسافة بقيت ثابتة؛ مثل حال الراتب الذي يبقى ثابتا وإن تغير يكون التغير ضئيلا، أما الأسعار فتتخذ منحنى تصاعدي دوما. والاحتياط واجب أيضا ليس بسبب الازدحام فقط وإنما الحوادث المميتة التي نراها كل صباح ونحن نتجه إلى مقر عملنا وكل مساء ونحن نقضي بعض احتياجاتنا متنقلين بالسيارات الخاصة أو العامة وبالتالي "ينشل" الشارع أو تنشل الحركة المرورية، في حين قضيت ثلاثة أسابيع في هذه الجولة خارج البلاد وشاهدت مئات الآلاف من السيارات وأضعافها من البشر ولم أشاهد إلا حادث تدهور خرج الراكب منها سالما وربما غانما. والتعطيل أثناء التوجه لقضاء حاجة وبالذات أثناء التوجه إلى المطار أصبح أمرا سيئا خاصة إذا عرفنا - أو ليعلم من لا يعلم - أن بعض شركات الطيران أصبحت تتحايل على المستهلك في ظل غياب بعض القوانين أو عدم تطبيق لتلك القوانين؛ فمثلا إذا تأخرت عن الوصول إلى منضد انهاء معاملة السفر (تيكت كاونتر) قبل ساعة على الأقل فسوف تضيع نقودك بأكملها حتى ولو كنت قد دفعت (500) ريال، وهذا بالذات يحدث في شركات التكلفة الرخيصة مثل شركة طيران العربية أو نظيراتها الأوروبية مثل (ايزي جيت) أو (راين أير). فهي تدرك أن بعض المسافرين يتعرضون لظروف معينة تمنعهم من السفر في آخر لحظة، مثل التعطل في الشارع أو المرض المفاجئ أو ظهور ظروف اجتماعية معينة لكنها لن تعوض المسافر إذا تخلف عن السفر. وهناك شركات اكثر طيبة نوعا ما وهي أن تلزمك بدفع غرامة على عدم الحضور في الموعد المحدد كأن تدفع مبلغ قد يصل إلى (50) ريال لتغيير الموعد. والطيران العماني ليس بعيدا عن تلك الممارسة. وقد تكون شركات الطيران معذورة نوعا ما، حيث أن تلك الشركات تعد العدة للرحلة ليتخلف بعض المسافرين وبدون ابداء الأسباب، وبالتالي تقلع الرحلة بعدد أقل وبالتالي بتكلفة أكثر. لذا وللتوفيق بين مصالح شركات الطيران ومصالح المسافرين، نجد أن الشركات الأوروبية وحتى الآمريكية ملزمة للتقيد بقوانين حكومية تجدها مكتوبة وبشكل واضح لدى قيام المسافر بالحجز، بحيث لا يفاجأ بشروط مجحفة ضده إذا تأخر عن السفر. فمثلا يحق له التعويض في حالة تأخر الرحلة أكثر من ساعتين، وفي حالة إلغائها فإنه يحق له الإقامة والأكل المجاني بالإضافة إلى التعويض الذي قد يصل إلى (500) دولار يوميا، وفي حالة مطالبته بأكثر نظرا لخسارته صفقة تجارية مثلا فإن المحكمة سوف تقدر التعويضات بحسب الظروف. وللعلم فهناك اتفاقية تسمى اتفاقية "مونتريال" لعام 1999 وقد انضمت إليها السلطنة مؤخرا تنظم عملية تعويض المسافرين في حالة التأخير أو إلغاء الرحلات أو فقدان الشنط والأمتعة، وبالطبع في حالة حوادث الطيران المميتة. يبقى مدى معرفة المسافر بحقوقه التي قد يجهلها وبالتالي لا تخبره الشركة بتلك الحقوق، لكن المطارات الأوروبية قد تنبأت بجهل بعض المسافرين بحقوقه فتجد في مطار هيثرو أو سكيبهول أو شارل دي جول لوائح في صالات انتظار المسافرين مكتوب فيها حقوق المسافرين..
وفي السلطنة لدينا لائحة كان الوزير الأسبق للمواصلات سالم بن عبدالله الغزالي قد أصدرها تنظم عملية التعويض، لكن اللائحة أصبحت قديمة في ظل المتغيرات، ولم يتم تحديثها حتى الآن، كما أن هناك مسافرين (كثيرون منهم قارئو هذا الموضوع) لا يعرفون شيئا عن تلك اللائحة. وبالطبع معظم الدول الأخرى لديها لوائح أيضا تنظم جوانب تعويض المسافرين حتى ولو كانت شركات الطيران أجنبية، فمن حق المسافر في السلطنة أن يقدم شكوى ضد شركة أجنبية مثل العربية للطيران إذا خالفت حقوق نقله. فالشركات الأجنبية ملزمة بالتقيد بالقوانين والنظم الوطنية إذا أرادت أن تعمل في السلطنة، والعكس صحيح: أي أن الطيران العماني مثلا ملزم بتعويض المسافرين في أية دولة أوروبية يحلق فوق أجوائها إذا اشتكى مسافر وكان له حق في شكواه. وهناك عشرات القضايا ضد شركات الطيران من قبل المسافرين خاصة الأجانب الذين يعرفون حقوقهم، وكثير منهم يكسبون تلك القضايا ويتم تعويضهم بمئات وحتى آلاف الريالات سواء في داخل السلطنة أو في خارجها. لذا حري بالمسافر أن يعرف حقوقه وبالطبع واجباته.
يتبـــــــــــع
تعليق