2012-03-23
د. محمد صالح المسفر
قبل كل قول أهنئكم على الصراحة والوضوح في مقابلتكم مع جريدة الشرق القطرية مطلع هذا الأسبوع ولكن أرجو أن يتسع صدركم لسماع بعض الملاحظات الصادقة من مواطن يتعطش لرؤية دول الخليج العربية قوة يحسب حسابها في الساحة الدولية ليس بصفتها منطقة منتجة للنفط والغاز وإنما لدور حضاري إنساني بناء إلى جانب قوتها المالية وإنتاج الطاقة.
يقول معالي الوزير: "إن التحول ذاته عقبة من العقبات التي يصعب حملها " وذلك ردا على سؤال رئيس تحرير الشرق عن دعوة الملك عبدالله آل سعود في القمة الخليجية التي عقدت نهاية العام الماضي في الرياض إلى تشكيل اتحاد خليجي، أي التحول من التنسيق إلى الاتحاد بعد مرور أكثر من أربعين عاما من تأسيس مجلس التعاون الخليجي التنسيقي عام 1981.
معالي الوزير ما هي العقبة الكؤود التي يصعب على جيلكم حملها من أجل تشكيل جيش موحد، بقيادة موحدة، بنظام تسليحي موحد، بعقيدة قتالية دفاعية / هجومية موحدة؟ ما هي الصعوبة التي تواجه جيلكم في تشكيل برلمان واحد يختاره الشعب في كل دولة على حدة ثم تتوحد في برلمان واحد؟ وما هي الصعوبة في توحيد مناهج التعليم في كل مراحله؟ ما هي الصعوبة في تشكيل مجلس وزراء موحد يتناوب على رئاسته قيادات ذات كفاءة قادرة على رسم السياسات ويتعامل مع المجتمع الدولي بسياسة موحدة لا لبس فيها ولا غموض كغيرنا من الدول المتقدمة؟ وهل بلغت ماليزيا سن الرشد ونحن مابرحنا في سن المراهقة؟!
يقول معالي الوزير " إننا لم نتطور إلى أن نفكر في شيء آخر ونحن أبناء هذا الجيل الذي في سدة القيادة غير مؤهلين للحديث في تصنيفات أخرى غير مجلس التعاون، نحن لا نستوعب الظروف من حولنا ". سؤالي ما الذي يمنعكم معالي الوزير أن تتطوروا وتطوروننا معكم في سبيل تحقيق آمالنا وأهدافنا في وحدة أوطاننا ليس بمفهوم الوحدة السلبية وإنما بالوحدة الإيجابية، هل بعد هذا العمر الطويل والتجربة الطويلة لكثير منكم معشر الوزراء في خارجيات مجلس التعاون الخليجي لا تستطيعون أن تستوعبوا المتغيرات من حولكم؟ بالله عليكم أفيدونا كم وزير خارجية أمريكي أوروبي تعامل معه بعضكم على مدى أربعين عاما كلهم خرجوا من السلطة والبعض منهم لاقى وجه ربه وانتم ما انفكيتم في مراكزكم ألم يصيبكم الملل من ترداد ما تقولون في كل محفل ؟
وماذا عن مهددات الأمن الخليجي؟ يقول معالي الوزير " في تجربتنا خلال الأربعين عاما الماضية واجهنا الكثير من المخاطر وكانت هناك مخاطر العراق واحتلال الكويت وتحرير العراق ومن قبلها الثورة الإيرانية وقضية تصدير الثورة وتحدثنا عن الناصرية والقوميين العرب. " والسؤال هل تعاملتم مع المسألة الكويتية ــ العراقية مطلع التسعينيات من القرن الماضي كما تعامل معها السابقون من القادة العرب عام 1961 والمسألة هي ذاتها لم تتبدل؟ أم أنكم لم تستطيعوا التفكير في عواقب الأمور وسُيرتم في الاتجاه الذي تريده القوى التي لا تريد بكم ولا بأوطانكم خيرا وإنما تريد تحقيق مصالحها ولو على حساب الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وماذا كانت نتائج ذلك التفكير؟ تدمير العراق وتمزيق وحدته وإضعاف الكويت وإدخالها في دياجير الأزمات وتصاعد النعرات الطائفية في خليجنا العربي وتحقيق هيمنة القوى الخارجية على سيادتنا ومواردنا الطبيعية. وهل اعتبرتم الناصرية والنزوع القومي من مهددات أمن الخليج؟ ألم يكن تحرير جنوب الجزيرة العربية من الاستعمار البريطاني، وانسحاب بريطانيا من الخليج العربي في مطلع ستينيات القرن الماضي واستعادة السيادة على مواردنا الطبيعية كانت من ثمرات ذلك الفكر القومي والناصر؟ لماذا يا أستاذ يوسف لا تنصف الأجيال التي عاشت تلك الفترة وأنتم واحد منهم وكافحت من أجل الاستقلال والسيادة لقد رحت أبحث عمن تريد أن ترضيه بذلك القول، لكني لم أصل إلى الفائدة التي رجوتها من وراء ذلك القول.
نحن معالي الأستاذ يوسف بن علوي نتحدث عن مهددات / مخاطر الأمن التي تواجهنا اليوم في هذه المنطقة من العالم وليس قبل أربعين عاما، ألا تعتقد معاليكم أن التمدد الإسرائيلي إلى دول مجلس التعاون بطرائق مختلفة، وانتشار القواعد العسكرية الأجنبية في المنطقة، والتركيبة السكانية المختلة التوازن، وتسيد اللغة الانجليزية في كل مناحي الحياة على اللغة العربية الوطنية / القومية بحجة الاستجابة لحاجة السوق، والعمالة الأجنبية " غير العربية " كل هذه العوامل ألا تعتبر مهددة لأمن واستقرار وسيادة دول مجلس التعاون الخليجي؟ والحق إنها أهم وأعظم المخاطر التي تواجه هذه المنطقة. منطقة الخليج العربي تعيش اليوم وهي محاطة بسلاح نووي رهيب فإسرائيل والهند والباكستان يمتلكون قوة الردع النووي وهذه إيران تطرق باب النادي النووي وبكل قوة ونحن لا نملك جيشا موحدا ولا سياسة دفاعية موحدة ولا موقف يدفع بنا أن نمتلك قوة ردع تحمينا وتحمي أجيالنا القادمة وأرجو من الله ألا يكون تعويلنا لحمايتنا وخليجنا العربي على أي قوة أجنبية.
آخر القول: غيرتي وحرصي على أمن هذه المنطقة المهمة من العالم يجعلني أصارحكم معالي الوزير بما يتردد على ألسنة المهتمين بعروبة واستقرار وسيادة خليجنا العربي وعدم المساس بثرواته.
المصدر: جريدة الشروق القطرية
تعليق