لا شك في ان " التوجيهات العامة للعمل الجهادي" التي اصدرها ايمن الظواهري لاتباعه في شهر سبتمبر المنصرم، استوقفت البعض عند قرائتها و حيث اقتبس فيها الظواهري شخصية احد الثوريين الشيوعيين الذين لمع نجمهم في بداية القرن العشرين. مرددا شعارات فلاديمير لينين، شدد الظواهري في بيانه الاخير على أهمية " الطليعة المجاهدة" واقر أن "الجماهير" في حاجة إلى فهم اعمق لـ "أيديولوجية" القاعدة والتي ستكون هي بمثابة زخم الثورة ضد الحكام المحليين.
و في السياق نفسه أنا واثق انه لو كان لينين لا يزال على قيد الحياة لكان قد فرح وافتخر بأن بعض افكاره قد تركت بصمة عميقة في ذهن و وجدان البعض وخاصة ان بعض من اغرموا بها هم اشخاص قد لا يخطرون على البال. وخاصة نظرية الدور الاساسي الذي لا بد ان تقوم به ما سماها بـ (طليعة) تسترشد بأيديولوجية مبنية على استخدام العنف والبروباغاندا لتحريض الشعوب على خوض ثورة من المفترض انها ستطيح بالانظمة القائمة ومن ثم تأسس المدينة الفاضلة التي سوف تحكمها تلك النخبة.
ومن الجدير بالذكر ان ايمن الظواهري ليس اول مفكر (اسلامي) متشدد يسترشد بفلاديميير لينين. ففي خطاب القاه في عام 1939 عن الجهاد في الاسلام، قال ابو الاعلى المودودي الاتي:
"الحقيقة هي ان الاسلام ليس اسم ديانة. في الواقع، الاسلام هو اديولوجية وبرنامج ثوري يسعى لتغيير الوضع الاجتماعي للعالم بأكمله وتأسيسه مجددا ليكون متماشيا مع عقائده ومعتقداته. ومن هنا ندرك ان لفظ (المسلم) هو وصف للحزب الانقلابي العالمي الذي ينظمه الاسلام ليكون أداة في أحداث ذلك البرنامج الانقلابي . اما الجهاد فهو يشير الى النضال الثوري و المجهود المضني الذي يقوم الحزب الاسلامي لتحقيق اهدافه".
اليست تلك الافكار والنظريات من صميم فكر لينين: الثورة؟ الاديلوجية؟ الحزب الثوري المكلف بأعادة تأسيس العالم بشكل يتماشى مع تلك الاديلوجية اليوتوبية؟
وفي السياق نفسه، اود ان اشير الى ما جاء في كتاب سيد قطب الشهير "معالم في الطريق" حيث ايضا شدد على اهمية دور النخبة حين قال: "ولا بد لهذه الطليعة التي تعزم هذه العزمة من " معالم في الطريق " معالم تعرف منها طبيعة دورها، وحقيقة وظيفتها، وصلب غايتها. ونقطة البدء في الرحلة الطويلة".
و من ثم هنالك سؤال يطرح نفسه وهو الاتي: ما هو السبب الذي يجعل بعض ابرز المفكرين (الاسلاميين) المتشددين يرددون افكار لينين وكأنهم ببغاوات؟ اعتقد ان الجواب واضح وهو السلطة السياسية.
فأن اولئك المفكرين والجماعات المؤسسة على فكرهم يسعون الى تأسيس خطاب وحجج وإطار سياسي يبرر احتكار السلطة من قبل تلك النخبة وسيطرتها الكاملة ومنح اشخاص يعدون على اصابع اليد الواحدة صلاحيات بدون حدود تمكنهم من السيطرة على الشعوب. وقد كان لينين نفسه في منتهى الوضوح والصراحة عندما قال: "نعم. انها ديكتاتورية حزب واحد. هذا هو موقفنا و نحن لن نتراجع عنه".
اي بمعنى اخر، اراد لينين ان يمنح نفسه حقا حصريا يخوله هو - و دائرة المقربين منه - حق اعادة تفسير التاريخ والحديث نيابة عن البروليتاريا او الطبقة العاملة. ويبدو من الواضح ان ايمن الظواهري يريد تطبيق نفس المبدأ وحيث نصب نفسه – ومن هم حوله – كالحاكم الاول والاخير في تفسير شرع الله والحديث نيابة عن واحد ونصف مليار مسلم حول العالم. وهو ايضا كان صريحا عندما افصح عن طموحاته السياسية حيث قال ان اهم عنصر في برنامج القاعدة (هو بروز الطليعة المجاهدة للأمة المسلمة كقوة تفرض نفسها على واقع الدنيا).
قد يتسائل البعض عن مصدر تلك الافكار ومن اين جاءت وهي لا شك اسئلة وجيهة وفي محلها. ربما سوف يسلط الرفيق الظواهري الضوء عليها في المانيفستو القادم!
فهد
فريق التواصل الإلكتروني
وزارة الخارجية الأمريكية
تعليق