[align=center]الشاعر العماني وشاعر دول الجوار
أن كل عمل إبداعي يحتاج إلى محفز ولا يكتفي المبدع بصنع روائعه وتقديمها للآخرين إن لم يكن الآخرين هم الدافع الرئيس لهذا الإبداع فكل عمل إبداعي يحتاج إلى رعاية وهذه الرعاية لا يتعاطاها إلا من هم قادرين على استيعاب هذا العمل ودفعه إلى الأمام وجعله ناجحا مثمرا بناءا وإلا لما كان للمبدع أي مكانة يستحقها ..من هذا الباب ومن هذا الجانب سأتحدث
اليوم عن قضية ربما لا تكون جديدة على كل من عاش طقوسها واستحضرها بكافة تفاصيلها ..وقد تختلف المواقف عن بعضها ولكن المحصلة واحدة ..
ألا وهي قضية الشاعر العماني والأمسيات التي يدعى لها : فالواقع المر الذي يعيشه الشاعر العماني على غرار غيره من شعراء دول الجوار يعد انتقاصا صارخا في حقه..وتقليلا من شأنه وكأن الشاعر الأخر قدمَ من كوكبا أخر وصنفَ تصنيفا أخر يكفل له جميع الحقوق .بينما الشاعر العماني فقط يكتفي بالمشاركة والتصفيق ..
فعلى كثر الأمسيات التي تنظم وتقام في ولايات عديدة من ولايات السلطنة وعلى امتداد الرقعة الجغرافية بين منطقة وأخرى إلا أن الشاعر العماني يكلف نفسه عناء الطريق والإقامة وينفق من جيبه من أجل أن يكون مشاركاً في إحدى الأمسيات...أي المشاركة من أجل المشاركة فقط ..بينما تكون نفس الجهة المنظمة لمثل هذه الاماسي تدعو شاعرا من دول الجوار وتتكفل بكل شيء الإقامة \ التذاكر\ وترصد له مبلغا محترما من المال .. قد يتجاوز الألف ريال في بعض الأحيان..
السؤال الذي يفرض نفسه الآن ويدعو إلى التساؤل أكثر ..هل مكانة الشاعر العماني هنا مغيبة!! وهل لا يزال غير مؤهلا ليحتفى به ويكرم حاله حال غيره من الشعراء الذين تمت دعوتهم من خارج البلاد ؟!
وهل هو ينزف من أجل أن يسمع ولا يقدر أي أن الحافز المادي لا يشارك الحافز المعنوي بعد اختياره ودعوته ..
هذه الأسئلة جميعها تحتاج إلى الكثير من الأجوبة ولكن من يا ترى سيجيب عليها؟!
..فقبل أيام قلائل كنت في حديثٍ جانبي مع أحد الأخوة الشعراء فور الانتهاء من أحدى الأمسيات .. وكنت أسأله عن مشاركاته وأمسياته فقال بالله عليك يا سالم دع هذا الأمر ولو حدثتك عنه لن تسمع ما يسر فسألتهُ ( لمّ؟!) ..فكان ردهُ الذي تصاحبه نبرة من الأسى والحزن على الحال الذي هو وأمثاله عليه ولاسيما وهو من الشعراء المعروفين والذي له مساهمات كثيرة.. (من ذاك الذي سيقدرنا ويلتفتُ إلينا) فالجميع يتعامل معنا على أننا فقط أداة للتفريغ أو آلة عدة للاستماع لا أكثر والباقي لا تسأل عنه..من هنا أخذني الفضول للبحث في ماهية الأمر حتى أكون ملما به أكثر فقمت بطرح سؤال أخر عليه ..وكان سؤالي :هل جميع هذه الأمسيات التي تشاركون فيها لا تعود عليكم بشيء مادي؟! مع أنك تشارك كثيرا في الكليات الخاصة وبعض المؤسسات المشابهة فهل تشارك فقط من أجل المشاركة .. فكانت ردة الفعل أكبر من أن يصدقه عقل عاقل ..فعلى ما يبدو أن الشاعر العماني سيبقى هكذا مهمشا لا يأبه به أحد ولا يقدر إبداعه أحد. يصرفُ من جيبه ويتكبد عناء الطريق ومشقة الرحلة مهما بعدت من أجل أن يكون مشاركاً في إحدى الأمسيات رغم وضعه المالي الحرج الذي يكاد يكون أشبه بالمعضلة ..إن لم تكن مأساة ..
فهل يا ترى ستبقى هذه النظرة التي تخلف الأسى وتبعث على الحزن لهذا المبدع الذي يحترق من أجل أن يضيء للآخرين فإن كان الجواب بنعم ..فالسؤال المقابل إلى متى ؟!
من هنا يجب علينا أن نغير هذه النظرية ونقدر مكانة الشاعر العماني وماهية الشعر ولا ننظر إليه على أنه فقط ترويح عن النفس ويذهب كل شيء إلى الصمت بل ينبغي أن تكون المعاملة لأبن الوطن أكبر من أن يكون إكمالا للعدد ..وإلا لما كان لإبداعه أي نفع ولا جدوى ..
وهنا قد يقول قائل هذا الكلام لا ينطبقُ على الجميع فهناك فئة من الفئات تشترط وتكرم ومنها تكرم دونما اشتراط ولكن الحديث عن الغالبية العظمى وليس عن البعض ..
فلا يزال الشاعر العماني يتوالد ويتكاثر بمقوماته ومكوناته ولكن دوما يبحث عن الجهة التي تقدر هذا التوالد وهذا التكاثر من أجل أن تحفظ له مكانته وقيمته الشعرية ولا تنظر إليه نظرة المهرج .. وهنا أطالب جميع هذه الجهات تغيير نظرتها والتي لا يمكن أن تتوافق مع هذه الماهية التي يفترض أن تكون حاضرة بكل وضوح من أجل الأخذ بيده نحو ما يستحقه من مكانة تجعله محفوفا بالاحتفاء من الذين يتعاطون مسألة الشعر كأهمية لا يمكن تجاهلها أو عدم الاكتراثِ بها ..وأنا على ثقة كبيرة بأن تفوق الشاعر العماني سيكون فارضاً نفسه دونما منافس ..
وفي الجانب الأخر لا ننكر التعاون مع شعراء دول الجوار فهذا حق مشروع للمتذوق وللجهة الطالبة والمنظمة ولكن يجب أن تكون الأولوية لهذا القادم من عمق العطاء وأي دفعة له للأمام تزيده قوة وإبداعا وتألقا ..وهذه مناشدة للجميع دونما استثناء ..سواء كانت مؤسسات حكومية أم خاصة ..ولنا لقاء.
ملحق آفاق العدد 4379 الشبيبة .
[/align]
أن كل عمل إبداعي يحتاج إلى محفز ولا يكتفي المبدع بصنع روائعه وتقديمها للآخرين إن لم يكن الآخرين هم الدافع الرئيس لهذا الإبداع فكل عمل إبداعي يحتاج إلى رعاية وهذه الرعاية لا يتعاطاها إلا من هم قادرين على استيعاب هذا العمل ودفعه إلى الأمام وجعله ناجحا مثمرا بناءا وإلا لما كان للمبدع أي مكانة يستحقها ..من هذا الباب ومن هذا الجانب سأتحدث
اليوم عن قضية ربما لا تكون جديدة على كل من عاش طقوسها واستحضرها بكافة تفاصيلها ..وقد تختلف المواقف عن بعضها ولكن المحصلة واحدة ..
ألا وهي قضية الشاعر العماني والأمسيات التي يدعى لها : فالواقع المر الذي يعيشه الشاعر العماني على غرار غيره من شعراء دول الجوار يعد انتقاصا صارخا في حقه..وتقليلا من شأنه وكأن الشاعر الأخر قدمَ من كوكبا أخر وصنفَ تصنيفا أخر يكفل له جميع الحقوق .بينما الشاعر العماني فقط يكتفي بالمشاركة والتصفيق ..
فعلى كثر الأمسيات التي تنظم وتقام في ولايات عديدة من ولايات السلطنة وعلى امتداد الرقعة الجغرافية بين منطقة وأخرى إلا أن الشاعر العماني يكلف نفسه عناء الطريق والإقامة وينفق من جيبه من أجل أن يكون مشاركاً في إحدى الأمسيات...أي المشاركة من أجل المشاركة فقط ..بينما تكون نفس الجهة المنظمة لمثل هذه الاماسي تدعو شاعرا من دول الجوار وتتكفل بكل شيء الإقامة \ التذاكر\ وترصد له مبلغا محترما من المال .. قد يتجاوز الألف ريال في بعض الأحيان..
السؤال الذي يفرض نفسه الآن ويدعو إلى التساؤل أكثر ..هل مكانة الشاعر العماني هنا مغيبة!! وهل لا يزال غير مؤهلا ليحتفى به ويكرم حاله حال غيره من الشعراء الذين تمت دعوتهم من خارج البلاد ؟!
وهل هو ينزف من أجل أن يسمع ولا يقدر أي أن الحافز المادي لا يشارك الحافز المعنوي بعد اختياره ودعوته ..
هذه الأسئلة جميعها تحتاج إلى الكثير من الأجوبة ولكن من يا ترى سيجيب عليها؟!
..فقبل أيام قلائل كنت في حديثٍ جانبي مع أحد الأخوة الشعراء فور الانتهاء من أحدى الأمسيات .. وكنت أسأله عن مشاركاته وأمسياته فقال بالله عليك يا سالم دع هذا الأمر ولو حدثتك عنه لن تسمع ما يسر فسألتهُ ( لمّ؟!) ..فكان ردهُ الذي تصاحبه نبرة من الأسى والحزن على الحال الذي هو وأمثاله عليه ولاسيما وهو من الشعراء المعروفين والذي له مساهمات كثيرة.. (من ذاك الذي سيقدرنا ويلتفتُ إلينا) فالجميع يتعامل معنا على أننا فقط أداة للتفريغ أو آلة عدة للاستماع لا أكثر والباقي لا تسأل عنه..من هنا أخذني الفضول للبحث في ماهية الأمر حتى أكون ملما به أكثر فقمت بطرح سؤال أخر عليه ..وكان سؤالي :هل جميع هذه الأمسيات التي تشاركون فيها لا تعود عليكم بشيء مادي؟! مع أنك تشارك كثيرا في الكليات الخاصة وبعض المؤسسات المشابهة فهل تشارك فقط من أجل المشاركة .. فكانت ردة الفعل أكبر من أن يصدقه عقل عاقل ..فعلى ما يبدو أن الشاعر العماني سيبقى هكذا مهمشا لا يأبه به أحد ولا يقدر إبداعه أحد. يصرفُ من جيبه ويتكبد عناء الطريق ومشقة الرحلة مهما بعدت من أجل أن يكون مشاركاً في إحدى الأمسيات رغم وضعه المالي الحرج الذي يكاد يكون أشبه بالمعضلة ..إن لم تكن مأساة ..
فهل يا ترى ستبقى هذه النظرة التي تخلف الأسى وتبعث على الحزن لهذا المبدع الذي يحترق من أجل أن يضيء للآخرين فإن كان الجواب بنعم ..فالسؤال المقابل إلى متى ؟!
من هنا يجب علينا أن نغير هذه النظرية ونقدر مكانة الشاعر العماني وماهية الشعر ولا ننظر إليه على أنه فقط ترويح عن النفس ويذهب كل شيء إلى الصمت بل ينبغي أن تكون المعاملة لأبن الوطن أكبر من أن يكون إكمالا للعدد ..وإلا لما كان لإبداعه أي نفع ولا جدوى ..
وهنا قد يقول قائل هذا الكلام لا ينطبقُ على الجميع فهناك فئة من الفئات تشترط وتكرم ومنها تكرم دونما اشتراط ولكن الحديث عن الغالبية العظمى وليس عن البعض ..
فلا يزال الشاعر العماني يتوالد ويتكاثر بمقوماته ومكوناته ولكن دوما يبحث عن الجهة التي تقدر هذا التوالد وهذا التكاثر من أجل أن تحفظ له مكانته وقيمته الشعرية ولا تنظر إليه نظرة المهرج .. وهنا أطالب جميع هذه الجهات تغيير نظرتها والتي لا يمكن أن تتوافق مع هذه الماهية التي يفترض أن تكون حاضرة بكل وضوح من أجل الأخذ بيده نحو ما يستحقه من مكانة تجعله محفوفا بالاحتفاء من الذين يتعاطون مسألة الشعر كأهمية لا يمكن تجاهلها أو عدم الاكتراثِ بها ..وأنا على ثقة كبيرة بأن تفوق الشاعر العماني سيكون فارضاً نفسه دونما منافس ..
وفي الجانب الأخر لا ننكر التعاون مع شعراء دول الجوار فهذا حق مشروع للمتذوق وللجهة الطالبة والمنظمة ولكن يجب أن تكون الأولوية لهذا القادم من عمق العطاء وأي دفعة له للأمام تزيده قوة وإبداعا وتألقا ..وهذه مناشدة للجميع دونما استثناء ..سواء كانت مؤسسات حكومية أم خاصة ..ولنا لقاء.
ملحق آفاق العدد 4379 الشبيبة .
[/align]
تعليق