كثيرة هي الدراسات التاريخية والسياسية التي تناولت جذور الصراع العربي الصهيوني, خلصت في مجملها إلى صعوبة التقارب والتطبيع مع هذا العدو الدموي الغادر, من خلال الحلول السياسية على وجه التحديد, والتي لم تراع في مجمل طرحها البعد النفسي والأيديولوجي لهذا الصراع, وذلك كمثير لتراكمات ايديوبوليتيكية تاريخية عميقة وحساسة جدا , قد زاد من اتساعها تراكمات مستمرة من مشاعر الخوف والسخط والكراهية المتبادلة من قبل الطرفين, كما غذتها ولا زالت إلى يومنا هذا مشاهد الإرهاب والقمع الصهيوني للشعب الفلسطيني الأعزل, وزادت من عمق جراحها ضعف الإرادة السياسية العربية التي لم تحل دون تهجير أصحاب الأرض وطردهم من وطنهم, على يد من سلب أرضهم أمام أعينهم, ليتحول بعدها هذا الصراع إلى قضية وجود وسيادة, وليس قضية حدود وأطروحات سياسية يمكن لها أن تحل عمق الخلاف الأصلي لهذا الصراع, وهو ما أشار إليه إسحاق ابشتاين في المؤتمر الصهيوني في عام 1905م, حيث قال:"هل يمكن للمطرودين من أرضهم أن يلوذوا بالصمت, ويقبلوا بهدوء ما يتعرضون إليه, ألن يقوموا في نهاية المطاف ليسترجعوا بالقوة الجسدية ما قد حرموا منه بقوة الذهب".
لذا فإن فلسفة الصراع العربي الإسرائيلي أكبر بكثير من مجرد محاولات سياسية أحادية او متبادلة للتنازل او للتطبيع, يتوقع منها بأن تؤدي في نهاية المطاف إلى تقبل كل من الفلسطينيين والاسرائيليين لفكرة التعايش والجوار جنبا إلى جنب, لأنه ومن وجهة نظر التجربة الايديوبوليتيكية التاريخية, ثبت أن ما قد يكون ممكنا من الناحية الجغرافية, فإنه من الناحية الأيديولوجية والنفسية اقرب إلى المستحيل منه إلى الممكن, وما قد يستساغ إنسانيا على مضض, فإنه قد يرفض سياسيا وبكل شدة , وذلك في حال لم يكن هناك عقلانية في الطرح, أو عدالة في الرؤية والمضمون, وعليه فإن قضية الصراع العربي الإسرائيلي وبجميع أبعادها الفلسفية أشبه بمحاولات إعادة كأس مكسور إلى سابق عهده, فنظريا هناك إمكانية لذلك, ولكن تبقى الحقيقة أن الكأس المكسور يستحيل إعادته إلى سابق عهده, فعمليا قد تناثرت أجزاؤه في الهواء, وبعضها قد اختلط بمكونات المكان الذي وقع فيه.
وهكذا تبقى هوة الخلافات الأيديولوجية تزداد فتقا مع الزمن, وذلك بسبب إشكالية البعد السياسي نفسه الذي يحاول الجميع البحث عن حلول من خلاله, وبالطبع فإنه ليس من السهل أن ترتق السياسة ما فتقته الايديولوجيا, وخصوصا إذا كانت السياسة هي من أهم عوامل إشعال فتيل هذه الأزمة وهذا الصراع التاريخي, لذلك فإننا ومن خلال هذا الطرح سنحاول اختصار الواقع التاريخي, والحقيقة الأيديولوجية والنفسية لفلسفة الصراع العربي الإسرائيلي ككل, والفلسطيني الإسرائيلي على وجه التحديد, من خلال استقراء الحقيقة السياسية الصهيونية لتأسيس فكرة إنشاء وطن لليهود في ارض الرسالات والطهر فلسطين, وقولبتها في حقيقة هذا الصراع الأيديولوجي الراهن, متحاشين وضع العراقيل أمام وجهة النظر المخالفة لهذا الواقع الذي تفرض عليه الايديولوجيا السياسية رؤيتها ومضمونها, والتي تدعي في اغلبها إلى إمكانية التعايش والتطبيع السياسي بين قطبين هما اقرب إلى طابع التنافر منه إلى طابع التقارب والتجاذب, وليس ذلك بسبب الخلافات التي يمكن أن يتوقع للسياسة أن تقرب فيها بين وجهات النظر, أو من وجهة النظر الإنسانية التي تفرض على جل الشعوب والأمم في مختلف أرجاء الأرض, الاعتراف بحق الآخر في الاستقرار والحياة, ولكن بسبب الخلافات السياسية التاريخية التي قد باعدت في وجهات النظر, في وقت يتصور فيه الكثيرون بإمكانية التقارب من خلال تلك الحلول السياسية المطروحة.
وبداية فإنه لا بد من استعادة بعض الأحداث التاريخية التي تفرض نفسها, والتي من خلالها سنقدر على معرفة حقيقة جذور هذا الصراع السياسي في الأصل, وان تطور فيما بعد إلى ابعد من ذلك بكثير, وهي ما نكتشفه من خلال كتاب "الدولة اليهودية, اقتراح لحل حديث للقضية اليهودية "لثيودور هرتزل, وهو المؤسس الأول للصهيونية الحديثة, والذي وضعه بعد قضية درايفوس مباشرة, ونشره سنة 1896 م, حيث حاول فيه هرتزل تقديم مخطط لحل سياسي محض للمشاكل التي تواجه الجماعات اليهودية في أوروبا, ولو انه في حقيقة الأمر هو حل للمشاكل التي تسبب بها اليهود لأوروبا بشكل عام ولبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الاميركية بشكل خاص, حيث يقول:" إن المسألة اليهودية موجودة أينما عاش اليهود, ولو بأعداد قليلة, وحيث لا نجدها يحملها اليهود معهم في هجرتهم, .. وهذا هو الحال في كل البلدان, وستبقى هكذا, حتى في أكثر البلدان تحضرا - مثل فرنسا - إلى أن تجد المسألة اليهودية حلا لها على أساس سياسي".
وهكذا بدا حلم تأسيس الدولة الصهيونية السياسية التي اقترح وجودها هرتزل, وهو ما يطالعنا به قوله في نفس الكتاب السابق:" إن خلق دولة جديدة ليس أمرا مضحكا أو مستحيلا, فلتعطى لنا السيادة على جزء من هذا الكوكب, يكون واسعا بما يكفي لسد المتطلبات المحقة لأمة من الأمم, وأما الباقي فسنتدبره بأنفسنا". وقد كانت فلسطين والأرجنتين الخيار الأول لقيام هذه البذرة, وفي هذا السياق يقول:" هل نختار فلسطين أم الأرجنتين؟ علينا أن نأخذ ما يعطى لنا وما يختاره الرأي العام اليهودي, وهو ما ستقرره الجمعية الصهيونية". وبالطبع فإن ذلك الاختيار لم يكن محض الصدفة, بل هو اختيار قائم على عوامل اقتصادية وديموغرافية وأيديولوجية كثيرة, يمكن الاطلاع عليها من خلال الاطلاع على ذلك الكتاب.
وعليه فقد نظم هرتزل مؤتمرا صهيونيا في بالي في أغسطس من العام 1897 م, وهي السنة التي نعدها الانطلاقة الأولى لجذور هذا الصراع الايديوبوليتيكي بين العرب والصهاينة في قالبه التاريخي, وذلك بهدف اختيار الدولة الحلم للشعب الصهيوني, وقد حضره 200 يهودي من كل أوروبا, وقد عد هذا المؤتمر من أهم وأبرز المؤتمرات في تاريخ الحركة الصهيونية الحديثة, لأنه وبكل اختصار قد أعاد خلق اليهود كأمة سياسية, كما يشير إلى ذلك المؤرخ دايفيد فيتال.
وقد استمرت رحلة التخطيط السياسية لإنشاء الوطن الصهيوني في فلسطين منذ تلك الفترة, وحتى العام 1916م, وهي السنة الفعلية التي قامت من خلالها تلك الحركة بعملية نفث سموم ذلك المخطط الإرهابي الآثم على ارض الواقع, وذلك برسم من قائدها التاريخي الثاني وهو حاييم وايتزمان, والذي عرض على اللورد بلفور فكرة إنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين, وبالفعل فقد تم تنفيذ ذلك المخطط بإصدار الحكومة البريطانية في نوفمبر من العام 1917 م لوعد بلفور الشهير, تبعه بعد ذلك العديد من المؤامرات والمخططات الصهيونية المتوالية على ارض الرسالات والطهر فلسطين العربي المسلم, بداية بقرار التقسيم الظالم للوطن الفلسطيني بتاريخ 29 / نوفمبر / 1947 م , وليس انتهاء باتفاقيات مدريد وأوسلو, وغيرها من المؤتمرات التي لم ينل منها العرب بشكل عام, والفلسطينيون على وجه التحديد سوى خيبة الأمل.
وهكذا يتضح لنا بأن جذور هذا الصراع هي في حقيقة الأمر جذور ايديوبوليتيكية وسيكولوجية بالدرجة الأولى, نشأت من رغبة الصهيونية السياسية في إنشاء وطن لليهود بعد سنوات الشتات, وقد كانت فلسطين وشعبها المسلم العربي الضحية في ذلك المخطط الذي تعاون العالم بوجه عام, والغرب الانجلواميركي على تنفيذه على وجه التحديد, كما يوجز ذلك المفكر العربي الفلسطيني ادوارد سعيد, وهو أستاذ الآداب المقارنة في جامعة كولومبيا الاميركية حيث يقول:" بأن العالم هو الذي جعل نجاح الصهيونية ممكنا, وان الحس الصهيوني بأن العالم هو سند ومتفرج هو الذي لعب دورا عمليا في النضال لأجل فلسطين".
ان حلحلة هذا الملف من خلال بعض الأفكار والرؤى السياسية الدائرة حول محاولات التقارب والتطبيع السياسي, ستصطدم دائما بجدار المعطيات السياسية التاريخية الصهيونية المتمسكة بإنشاء وطن قومي صهيوني لا يمكن تجزئته أو التغاضي عن بعض منه, وخصوصا إذا ما غذيت بالهرطقيات الدينية الإسرائيلية, واستغل فيها البعد الديني والعقائدي لخدمة الصهيونية القومية السياسية, وذلك بهدف بث روح التمسك بالأرض, والدفاع عنها بكل الوسائل التي نعلمها لدى الأذرع اليهودية المنتشرة في كل أنحاء العالم, وفي الولايات المتحدة الاميركية على وجه التحديد, وهو ما يؤكده ديفيد بن غوريون صراحة فيما يتعلق برؤيته إلى قضية الخلاف والصدام ما بين الشعبين بشكل خاص, والنزاع العربي الإسرائيلي بوجه عام , حيث يقول إن الجميع يرى أن:" ثمة صعوبة في مسألة العلاقات بين العرب واليهود, ولكن ليسوا كلهم قادرين على أن يروا انه ليس من حل لهذه المسألة, ليس من حل, هناك هاوية, وما من أحد قادر على ملئها, وحدها السفسطة يمكنها أن تحل النزاع بين المصالح اليهودية والعربية, فأنا لا اعرف أي بلد عربي سيوافق على أن تصبح فلسطين ملكا لليهود, فنحن كأمة نريد أن يكون هذا البلد لنا, والعرب كأمة يريدون أن يكون هذا البلد لهم".
لذا فإن فلسفة الصراع العربي الإسرائيلي أكبر بكثير من مجرد محاولات سياسية أحادية او متبادلة للتنازل او للتطبيع, يتوقع منها بأن تؤدي في نهاية المطاف إلى تقبل كل من الفلسطينيين والاسرائيليين لفكرة التعايش والجوار جنبا إلى جنب, لأنه ومن وجهة نظر التجربة الايديوبوليتيكية التاريخية, ثبت أن ما قد يكون ممكنا من الناحية الجغرافية, فإنه من الناحية الأيديولوجية والنفسية اقرب إلى المستحيل منه إلى الممكن, وما قد يستساغ إنسانيا على مضض, فإنه قد يرفض سياسيا وبكل شدة , وذلك في حال لم يكن هناك عقلانية في الطرح, أو عدالة في الرؤية والمضمون, وعليه فإن قضية الصراع العربي الإسرائيلي وبجميع أبعادها الفلسفية أشبه بمحاولات إعادة كأس مكسور إلى سابق عهده, فنظريا هناك إمكانية لذلك, ولكن تبقى الحقيقة أن الكأس المكسور يستحيل إعادته إلى سابق عهده, فعمليا قد تناثرت أجزاؤه في الهواء, وبعضها قد اختلط بمكونات المكان الذي وقع فيه.
وهكذا تبقى هوة الخلافات الأيديولوجية تزداد فتقا مع الزمن, وذلك بسبب إشكالية البعد السياسي نفسه الذي يحاول الجميع البحث عن حلول من خلاله, وبالطبع فإنه ليس من السهل أن ترتق السياسة ما فتقته الايديولوجيا, وخصوصا إذا كانت السياسة هي من أهم عوامل إشعال فتيل هذه الأزمة وهذا الصراع التاريخي, لذلك فإننا ومن خلال هذا الطرح سنحاول اختصار الواقع التاريخي, والحقيقة الأيديولوجية والنفسية لفلسفة الصراع العربي الإسرائيلي ككل, والفلسطيني الإسرائيلي على وجه التحديد, من خلال استقراء الحقيقة السياسية الصهيونية لتأسيس فكرة إنشاء وطن لليهود في ارض الرسالات والطهر فلسطين, وقولبتها في حقيقة هذا الصراع الأيديولوجي الراهن, متحاشين وضع العراقيل أمام وجهة النظر المخالفة لهذا الواقع الذي تفرض عليه الايديولوجيا السياسية رؤيتها ومضمونها, والتي تدعي في اغلبها إلى إمكانية التعايش والتطبيع السياسي بين قطبين هما اقرب إلى طابع التنافر منه إلى طابع التقارب والتجاذب, وليس ذلك بسبب الخلافات التي يمكن أن يتوقع للسياسة أن تقرب فيها بين وجهات النظر, أو من وجهة النظر الإنسانية التي تفرض على جل الشعوب والأمم في مختلف أرجاء الأرض, الاعتراف بحق الآخر في الاستقرار والحياة, ولكن بسبب الخلافات السياسية التاريخية التي قد باعدت في وجهات النظر, في وقت يتصور فيه الكثيرون بإمكانية التقارب من خلال تلك الحلول السياسية المطروحة.
وبداية فإنه لا بد من استعادة بعض الأحداث التاريخية التي تفرض نفسها, والتي من خلالها سنقدر على معرفة حقيقة جذور هذا الصراع السياسي في الأصل, وان تطور فيما بعد إلى ابعد من ذلك بكثير, وهي ما نكتشفه من خلال كتاب "الدولة اليهودية, اقتراح لحل حديث للقضية اليهودية "لثيودور هرتزل, وهو المؤسس الأول للصهيونية الحديثة, والذي وضعه بعد قضية درايفوس مباشرة, ونشره سنة 1896 م, حيث حاول فيه هرتزل تقديم مخطط لحل سياسي محض للمشاكل التي تواجه الجماعات اليهودية في أوروبا, ولو انه في حقيقة الأمر هو حل للمشاكل التي تسبب بها اليهود لأوروبا بشكل عام ولبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الاميركية بشكل خاص, حيث يقول:" إن المسألة اليهودية موجودة أينما عاش اليهود, ولو بأعداد قليلة, وحيث لا نجدها يحملها اليهود معهم في هجرتهم, .. وهذا هو الحال في كل البلدان, وستبقى هكذا, حتى في أكثر البلدان تحضرا - مثل فرنسا - إلى أن تجد المسألة اليهودية حلا لها على أساس سياسي".
وهكذا بدا حلم تأسيس الدولة الصهيونية السياسية التي اقترح وجودها هرتزل, وهو ما يطالعنا به قوله في نفس الكتاب السابق:" إن خلق دولة جديدة ليس أمرا مضحكا أو مستحيلا, فلتعطى لنا السيادة على جزء من هذا الكوكب, يكون واسعا بما يكفي لسد المتطلبات المحقة لأمة من الأمم, وأما الباقي فسنتدبره بأنفسنا". وقد كانت فلسطين والأرجنتين الخيار الأول لقيام هذه البذرة, وفي هذا السياق يقول:" هل نختار فلسطين أم الأرجنتين؟ علينا أن نأخذ ما يعطى لنا وما يختاره الرأي العام اليهودي, وهو ما ستقرره الجمعية الصهيونية". وبالطبع فإن ذلك الاختيار لم يكن محض الصدفة, بل هو اختيار قائم على عوامل اقتصادية وديموغرافية وأيديولوجية كثيرة, يمكن الاطلاع عليها من خلال الاطلاع على ذلك الكتاب.
وعليه فقد نظم هرتزل مؤتمرا صهيونيا في بالي في أغسطس من العام 1897 م, وهي السنة التي نعدها الانطلاقة الأولى لجذور هذا الصراع الايديوبوليتيكي بين العرب والصهاينة في قالبه التاريخي, وذلك بهدف اختيار الدولة الحلم للشعب الصهيوني, وقد حضره 200 يهودي من كل أوروبا, وقد عد هذا المؤتمر من أهم وأبرز المؤتمرات في تاريخ الحركة الصهيونية الحديثة, لأنه وبكل اختصار قد أعاد خلق اليهود كأمة سياسية, كما يشير إلى ذلك المؤرخ دايفيد فيتال.
وقد استمرت رحلة التخطيط السياسية لإنشاء الوطن الصهيوني في فلسطين منذ تلك الفترة, وحتى العام 1916م, وهي السنة الفعلية التي قامت من خلالها تلك الحركة بعملية نفث سموم ذلك المخطط الإرهابي الآثم على ارض الواقع, وذلك برسم من قائدها التاريخي الثاني وهو حاييم وايتزمان, والذي عرض على اللورد بلفور فكرة إنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين, وبالفعل فقد تم تنفيذ ذلك المخطط بإصدار الحكومة البريطانية في نوفمبر من العام 1917 م لوعد بلفور الشهير, تبعه بعد ذلك العديد من المؤامرات والمخططات الصهيونية المتوالية على ارض الرسالات والطهر فلسطين العربي المسلم, بداية بقرار التقسيم الظالم للوطن الفلسطيني بتاريخ 29 / نوفمبر / 1947 م , وليس انتهاء باتفاقيات مدريد وأوسلو, وغيرها من المؤتمرات التي لم ينل منها العرب بشكل عام, والفلسطينيون على وجه التحديد سوى خيبة الأمل.
وهكذا يتضح لنا بأن جذور هذا الصراع هي في حقيقة الأمر جذور ايديوبوليتيكية وسيكولوجية بالدرجة الأولى, نشأت من رغبة الصهيونية السياسية في إنشاء وطن لليهود بعد سنوات الشتات, وقد كانت فلسطين وشعبها المسلم العربي الضحية في ذلك المخطط الذي تعاون العالم بوجه عام, والغرب الانجلواميركي على تنفيذه على وجه التحديد, كما يوجز ذلك المفكر العربي الفلسطيني ادوارد سعيد, وهو أستاذ الآداب المقارنة في جامعة كولومبيا الاميركية حيث يقول:" بأن العالم هو الذي جعل نجاح الصهيونية ممكنا, وان الحس الصهيوني بأن العالم هو سند ومتفرج هو الذي لعب دورا عمليا في النضال لأجل فلسطين".
ان حلحلة هذا الملف من خلال بعض الأفكار والرؤى السياسية الدائرة حول محاولات التقارب والتطبيع السياسي, ستصطدم دائما بجدار المعطيات السياسية التاريخية الصهيونية المتمسكة بإنشاء وطن قومي صهيوني لا يمكن تجزئته أو التغاضي عن بعض منه, وخصوصا إذا ما غذيت بالهرطقيات الدينية الإسرائيلية, واستغل فيها البعد الديني والعقائدي لخدمة الصهيونية القومية السياسية, وذلك بهدف بث روح التمسك بالأرض, والدفاع عنها بكل الوسائل التي نعلمها لدى الأذرع اليهودية المنتشرة في كل أنحاء العالم, وفي الولايات المتحدة الاميركية على وجه التحديد, وهو ما يؤكده ديفيد بن غوريون صراحة فيما يتعلق برؤيته إلى قضية الخلاف والصدام ما بين الشعبين بشكل خاص, والنزاع العربي الإسرائيلي بوجه عام , حيث يقول إن الجميع يرى أن:" ثمة صعوبة في مسألة العلاقات بين العرب واليهود, ولكن ليسوا كلهم قادرين على أن يروا انه ليس من حل لهذه المسألة, ليس من حل, هناك هاوية, وما من أحد قادر على ملئها, وحدها السفسطة يمكنها أن تحل النزاع بين المصالح اليهودية والعربية, فأنا لا اعرف أي بلد عربي سيوافق على أن تصبح فلسطين ملكا لليهود, فنحن كأمة نريد أن يكون هذا البلد لنا, والعرب كأمة يريدون أن يكون هذا البلد لهم".