صندوق النقد الدولي هل يمكن أن يفعل شيئا؟
يعاني النظام المالي العالمي من حالة من الفوضى. ومرة أخرى تأتي الولايات المتحدة الأمريكية في محور المشكلة.
تم انشاء صندوق النقد الدولي في عام 1948 للمحافظة على استقرار النظام المالي العالمي. وقبل ذلك، كانت الأزمات المالية الدولية الكبيرة تحدث بشكل شبه منتظم كل خمسين عاما. ومنذ عام 1980 واجهنا الموجة تلو الاخرى من الأزمات في افريقيا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا، واليوم نشهد أزمة كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية.
نصرح الرئيس الأمريكي جورج بوش في أحد خطاباته النادرة المتلفزة المخصصة للازمة المالية في الولايات المتحدة بأن الاقتصاد الأمريكي برمته في خطر. وقال بوش »نحن في وسط أزمة مالية خطيرة«، مشددا على ان «هذه المرحلة لا سابق لها في الاقتصاد الأمريكي».
وأكد أن الخطة التي قدمها وزير الخزانة هنري بولسون «تتسم بحد كاف من الطموح لتسوية مشكلة خطيرة»، مذكرا ان الحكومة الفيدرالية ستدفع 700 مليار دولار لشراء «أصول هالكة تضر بالنظام المالي».
وأضاف بوش قوله ان «جهود الانقاذ هذه لا تهدف الى حماية شركات وصناعات بعض الأفراد بل الى حماية الاقتصاد الأمريكي بشكل عام».مهما الخطأ؟ يرجع الأمر جزئيا الى حقيقة أن الأسواق المالية بدأت تخرج من نطاق السيطرة. لكن، الى أي مدى خرجت تلك الأسواق من نطاق السيطرة، على الرغم من أننا لدينا منظمة دولية مهمتها الأساسية الحيلولة دون حدوث ذلك؟فالاجابة ليست اقتصادية لكنها سياسية. تتمتع حكومات الدول المتقدمة التي تمثل 15٪ من تعداد سكان العالم بحوالي 60٪ من اجمالي الأصوات في صندوق النقد الدولي.
وبالتالي، فإنها - أي تلك الدول - تدير الصندوق على أهوائها ومصالحها الذاتية غير المستنيرة والقصيرة المدى.
ما الذي كان يمكن لصندوق النقد الدولي أن يفعله لمنع الأزمة المالية الأمريكية في الوقت الذي تمتلك فيه الولايات المتحدة سدس الأصوات - أي أن لديها ما يكفي لاستخدام حق الفيتو ضد أي قرار سياسي كبير.
في الواقع، هذا أقل مظاهر فشل صندوق النقد الدولي.
فالمعروف بوجه عام أن رد فعل الصندوق ازاء الأزمة الآسيوية التي حدثت عام 1997 لم يكن خاليا من الأخطاء. فقد أدى الحل الذي قدمه الصندوق لأزمة الديون في دول أمريكا اللاتينية خلال الثمانينات الى تأثر الدول بشكل خطير من الأزمة الآسيوية.
بل والأسوأ من كل شيء، أن رد فعل الصندوق لأزمة الديون في الثمانينات لم يكن مناسبا للدول المنخفضة الدخل، لا سيما في الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء. فمازال من المتعذر ادامة ديون العديد من الدول. ومازال الفقر في أفريقيا منتشرا بالحدة نفسها التي كان عليها في عام .1981
فقد الناس منازلهم في الأزمة المالية الأمريكية الحالية.
أما في الأزمة الإفريقية، خسر الملايين من الأفارقة حياتهم.
وما زال الناس يموتون حتى الآن بعد مرور 26 عاما على الأزمة.
وفي عام ،1981 تحدث عالم الاقتصاد الهندي الدكتور أمارتيا سين- الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد- عن الدور الأساسي الذي يمكن للديمقراطية أن تلعبه لمنع حدوث المجاعة، اذ جعلت من المستحيل على الحكومات أن تتجاهل ضحاياها.
لقد بينت السنوات الست والعشرون الماضية ان الشيء نفسه تحديدا ينطبق على المستوى العالمي. فعندما يقوم الأغنياء بإدارة مؤسسة ما، فإنها تخدم مصالحهم، بغض النظر عن احتياجات الفقراء.
اذا تبين أن الولايات المتحدة تواجه ولو جزءا بسيطا جدا من الخسائر البشرية التي حدثت بسبب الأزمة في إفريقيا، فليس هناك أدنى شك في أن صندوق النقد الدولي سوف يتخذ قرارات حاسمة ومختلفة تماما. يرجع السبب في ذلك الى أن الولايات المتحدة التي لا يدرك سكانها البالغ تعدادهم 300 مليون نسمة أن هناك شيئا اسمه صندوق النقد الدولي، تمتلك 16,8 من اجمالي الأصوات في الصندوق.
تجدر الاشارة الى أن 41 من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط في إفريقيا يبلغ تعداد سكانها 732 مليون نسمة، وأن صندوق النقد الدولي يدير اقتصاديات تلك الدول منذ أكثر من جيل كامل. لكن هذه الدول مجتمعة لا تمتلك الا 3,6 من أصوات الصندوق. وبالتالي، سوف يكون من الطبيعي أن يتم تجاهل مشاكل هذه الدول.
لقد اتضح أن صندوق النقد الدولي وقف عاجزا عن منع الأزمة المالية الحالية لأن الولايات المتحدة دولة قوية جدا.
لقد أساء صندوق النقد الدولي التعامل مع أزمات الدول النامية التي تعرضت لخسائر بشرية كبيرة لأن تلك الدول ضعيفة جدا. اذا كنا بحق بحاجة الى نظام مالي عالمي يتمتع بالاستقرار، واذا كنا جادين بشأن مشكلة الفقر العالمي، فقد حان الوقت الآن لتطبيق الديمقراطية في صندوق النقد الدولي. أما العقبة الوحيدة التي تقف أمام تحقيق هذا الهدف فهي النفاق الذي تبديه حكومات الدول المتقدمة في استخدام مواقفها القوية للمحافظة على نظام التصويت اللاديمقراطي في صندوق النقد الدولي. تلك الدول سوف تكون أول من يدين هذا النظام لكن في حالات أخرى.
تم انشاء صندوق النقد الدولي في عام 1948 للمحافظة على استقرار النظام المالي العالمي. وقبل ذلك، كانت الأزمات المالية الدولية الكبيرة تحدث بشكل شبه منتظم كل خمسين عاما. ومنذ عام 1980 واجهنا الموجة تلو الاخرى من الأزمات في افريقيا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا، واليوم نشهد أزمة كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية.
نصرح الرئيس الأمريكي جورج بوش في أحد خطاباته النادرة المتلفزة المخصصة للازمة المالية في الولايات المتحدة بأن الاقتصاد الأمريكي برمته في خطر. وقال بوش »نحن في وسط أزمة مالية خطيرة«، مشددا على ان «هذه المرحلة لا سابق لها في الاقتصاد الأمريكي».
وأكد أن الخطة التي قدمها وزير الخزانة هنري بولسون «تتسم بحد كاف من الطموح لتسوية مشكلة خطيرة»، مذكرا ان الحكومة الفيدرالية ستدفع 700 مليار دولار لشراء «أصول هالكة تضر بالنظام المالي».
وأضاف بوش قوله ان «جهود الانقاذ هذه لا تهدف الى حماية شركات وصناعات بعض الأفراد بل الى حماية الاقتصاد الأمريكي بشكل عام».مهما الخطأ؟ يرجع الأمر جزئيا الى حقيقة أن الأسواق المالية بدأت تخرج من نطاق السيطرة. لكن، الى أي مدى خرجت تلك الأسواق من نطاق السيطرة، على الرغم من أننا لدينا منظمة دولية مهمتها الأساسية الحيلولة دون حدوث ذلك؟فالاجابة ليست اقتصادية لكنها سياسية. تتمتع حكومات الدول المتقدمة التي تمثل 15٪ من تعداد سكان العالم بحوالي 60٪ من اجمالي الأصوات في صندوق النقد الدولي.
وبالتالي، فإنها - أي تلك الدول - تدير الصندوق على أهوائها ومصالحها الذاتية غير المستنيرة والقصيرة المدى.
ما الذي كان يمكن لصندوق النقد الدولي أن يفعله لمنع الأزمة المالية الأمريكية في الوقت الذي تمتلك فيه الولايات المتحدة سدس الأصوات - أي أن لديها ما يكفي لاستخدام حق الفيتو ضد أي قرار سياسي كبير.
في الواقع، هذا أقل مظاهر فشل صندوق النقد الدولي.
فالمعروف بوجه عام أن رد فعل الصندوق ازاء الأزمة الآسيوية التي حدثت عام 1997 لم يكن خاليا من الأخطاء. فقد أدى الحل الذي قدمه الصندوق لأزمة الديون في دول أمريكا اللاتينية خلال الثمانينات الى تأثر الدول بشكل خطير من الأزمة الآسيوية.
بل والأسوأ من كل شيء، أن رد فعل الصندوق لأزمة الديون في الثمانينات لم يكن مناسبا للدول المنخفضة الدخل، لا سيما في الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء. فمازال من المتعذر ادامة ديون العديد من الدول. ومازال الفقر في أفريقيا منتشرا بالحدة نفسها التي كان عليها في عام .1981
فقد الناس منازلهم في الأزمة المالية الأمريكية الحالية.
أما في الأزمة الإفريقية، خسر الملايين من الأفارقة حياتهم.
وما زال الناس يموتون حتى الآن بعد مرور 26 عاما على الأزمة.
وفي عام ،1981 تحدث عالم الاقتصاد الهندي الدكتور أمارتيا سين- الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد- عن الدور الأساسي الذي يمكن للديمقراطية أن تلعبه لمنع حدوث المجاعة، اذ جعلت من المستحيل على الحكومات أن تتجاهل ضحاياها.
لقد بينت السنوات الست والعشرون الماضية ان الشيء نفسه تحديدا ينطبق على المستوى العالمي. فعندما يقوم الأغنياء بإدارة مؤسسة ما، فإنها تخدم مصالحهم، بغض النظر عن احتياجات الفقراء.
اذا تبين أن الولايات المتحدة تواجه ولو جزءا بسيطا جدا من الخسائر البشرية التي حدثت بسبب الأزمة في إفريقيا، فليس هناك أدنى شك في أن صندوق النقد الدولي سوف يتخذ قرارات حاسمة ومختلفة تماما. يرجع السبب في ذلك الى أن الولايات المتحدة التي لا يدرك سكانها البالغ تعدادهم 300 مليون نسمة أن هناك شيئا اسمه صندوق النقد الدولي، تمتلك 16,8 من اجمالي الأصوات في الصندوق.
تجدر الاشارة الى أن 41 من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط في إفريقيا يبلغ تعداد سكانها 732 مليون نسمة، وأن صندوق النقد الدولي يدير اقتصاديات تلك الدول منذ أكثر من جيل كامل. لكن هذه الدول مجتمعة لا تمتلك الا 3,6 من أصوات الصندوق. وبالتالي، سوف يكون من الطبيعي أن يتم تجاهل مشاكل هذه الدول.
لقد اتضح أن صندوق النقد الدولي وقف عاجزا عن منع الأزمة المالية الحالية لأن الولايات المتحدة دولة قوية جدا.
لقد أساء صندوق النقد الدولي التعامل مع أزمات الدول النامية التي تعرضت لخسائر بشرية كبيرة لأن تلك الدول ضعيفة جدا. اذا كنا بحق بحاجة الى نظام مالي عالمي يتمتع بالاستقرار، واذا كنا جادين بشأن مشكلة الفقر العالمي، فقد حان الوقت الآن لتطبيق الديمقراطية في صندوق النقد الدولي. أما العقبة الوحيدة التي تقف أمام تحقيق هذا الهدف فهي النفاق الذي تبديه حكومات الدول المتقدمة في استخدام مواقفها القوية للمحافظة على نظام التصويت اللاديمقراطي في صندوق النقد الدولي. تلك الدول سوف تكون أول من يدين هذا النظام لكن في حالات أخرى.
تعليق