مفاتيح اللحظة الأخيرة في اختيار رئيس أمريكا
كانت الصورة الكلية للمشهد الانتخابي في الولايات المتحدة حتى اللحظات الأخيرة الحاسمة تضع أوباما في موقع المؤهل للفوز برئاسة أمريكا، وإن كانت تجارب سابقة قد شهدت مفاجأة آخر لحظة، التي كان فيها الفوز من نصيب من كان أقل من منافسه في استطلاعات الرأي، بنسبة أكبر من النسبة التي يتفوق بها أوباما على ماكين.
وبصرف النظر عن ظروف المناخ السياسي والنفسي التي أحاطت بالمواطن الأمريكي في بداية السباق، وكانت سببا في فوز أوباما على منافسته هيلاري كلينتون كمرشح للحزب الديمقراطي، ثم التقدم الواضح له على ماكين، فإن الأسابيع الثلاثة الأخيرة، جلبت معها عناصر شكلت قوة دفع اخرى لأوباما وهي:
** ما ظهر بوضوح من أن الطبقات الأقل تعليما، والمواطنين من الطبقة العاملة، وعددهم كبير، سيكون لهم ثقل كبير في ترجيح كفة أي من المرشحين. وهؤلاء يمثلون كتلة انتخابية متأرجحة، يمكن أن تنقل مواقفها الى هذا الاتجاه أو ذاك، أثناء مسار الحملة الانتخابية.
هؤلاء تحركت مواقفهم لصالح أوباما في ذروة الأزمة المالية الأخيرة، وعبرت عن هذا التحرك اتحادات العمال التي قالت إن حكومة يرأسها أوباما ستكون فرصتهم الذهبية لتعديل أوضاعهم التي لم تتحسن لوقت طويل.
كان من الواضح أن الشباب الذين سجلوا أنفسهم حديثا في سجلات الناخبين، يمثلون رصيدا لصالح أوباما، فهم نشأوا في ظروف سياسية واجتماعية مختلفة عن الظروف التي حكمت مواقف أهليهم، وهم شبوا ونضجوا في فترة الثماني سنوات من حكم بوش، التي تكالبت فيها المشكلات على بلادهم، وعاشوا أجواء الانقسام الداخلي، وتابعوا تدني شعبية بوش إلى 23٪، (بينما كانت شعبية كلينتون قبيل انتهاء رئاسته 70٪)، وتابعوا الاستطلاعات التي تتفق على مقولة إن أمريكا تسير في الطريق الخطأ.
جيل الشباب انجذب الى المرشح الديمقراطي، وشعار حملته «التغيير».
وفطنت لهذا استراتيجية إدارة الديمقراطيين للمعركة الانتخابية، فرسمت خططها، لحث أكبر عدد من الشباب لتسجيل أنفسهم كناخبين.
الانقسام الذي ظهر داخل الحزب الجمهوري بينما الحملة على أشدها بين مرشح الحزب وبين منافسه الديمقراطي، وخروج هذا الانقسام الى العلن، وكان من أهم ظواهره تصريحات قيادات جمهورية، باتت تبدي قلقها من احتمال فوز أوباما، وتحليلها لنتائج هذا الاحتمال.
وظهرت انتقادات لأخطاء إدارة الحملة الانتخابية للجمهوريين، ولم يقتصر الأمر على التيار العام المحافظ في الحزب، بل تعداه الى البعض من المحافظين الجدد، وانعكس ذلك فيما كتبه ويليام كريستول، رئيس تحرير مجلة ويكلي ستاندر، الناطقة بلسان المحافظين الجدد، والذي وصف استراتيجية حملة ماكين بالتشوش وعدم الكفاءة.
** اتسم الخطاب الانتخابي لماكين طوال الحملة، بأنه الأوفر خبرة في السياسة وفي قيادة أمريكا وقت الأزمات، وحين اجتاحت الأزمة المالية ساحة السباق، واحتلت مع السياسة الخارجية قمة أولويات الناخب، الذي راح يتابع في المناظرات، تشخيص كل منهما للأزمة، وأفكاره لحلها، كانت النتيجة كما أظهرتها الاستطلاعات، تقبل الغالبية لأوباما الذي صار أقوى من منافسه عقب المناظرة الثالثة.
** الخروج الكبير- كما يسمونه - لليسبانيك أو الناخبين من أصول أمريكية لاتينية، والذين تحولت أصواتهم لأول مرة الى كتلة ترجيحية في هذه الانتخابات.
وقدر عدد الذين ذهبوا منهم الى صناديق الانتخابات نحو عشرة ملايين، وهو رقم لم يحدث في أي انتخابات سابقة.
وكانت المؤشرات من قبل التصويت تشير الى اتجاه الغالبية نحو إعطاء أصواتهم لأوباما.
وقد سجلت آخر استطلاعات للرأي في نيومكسيكو - كنموذج تصويتي- تأييد 51٪ لأوباما مقابل 42٪ لماكين.
** التوتر العصبي الذي ظهر على ماكين بسبب تفوق منافسه في مقابل هدوء أوباما، دفع حملته الانتخابية الى تكثيف الهجوم على شخص أوباما، ولم يكن ذلك في صالح ماكين، وهو ما أظهرته الاستطلاعات التي جاء في بعضها أن ستة من كل عشرة أمريكيين يرون أن الوقت الذي خصصه ماكين لمهاجمة شخص منافسه، زاد كثيرا عن الوقت الذي كان يجب أن يخصصه ليشرح ما الذي سيفعله لو أصبح رئيسا.
** انشقاق كولين باول وزير الخارجية السابق في حكومة بوش، عن حزبه الجمهوري، وإعلان تأييده للمرشح الديمقراطي، مشيدا به ومعلنا أن أمريكا تحتاج صورة مختلفة، ورئيسا يعبر عن طموحات جيل جديد. ويعيد لبلاده مكانتها في الداخل والخارج، ولم يأت تأييد باول لأوباما تلقائيا، بل اتخذ بعد اشهر من المناقشات والجدل بينهما حول جوانب متعددة من مشكلات السياسات الداخلية والخارجية.
لم يكن المشهد الانتخابي يخلو تماما من مكونات مفاجأة اللحظة الأخيرة، مهما كانت درجة قوتها أو ضعفها، ففي انتخابات الرئاسة عام ،1986 كان المرشح الديمقراطي مايكل دوكاكيس، قبل شهرين من يوم الانتخابات، يتفوق بنسبة17٪ على منافسة جورج بوش «الأب»، لكن الفجوة ضاقت بسرعة وفاز بوش بالرئاسة.
وفي انتخابات 1980 كان كارتر «الديمقراطي» متفوقا على ريجان «الجمهوري» بنسبة 47٪ مقابل 39٪، لكن الفوز جاء من نصيب ريجان.
مثل هذا التحول في مواقف الناخبين كان يمكن أن يحدث في حالة وقوع عمل إرهابي مدمر في الداخل، أو أزمة دولية خطيرة تهدد الأمن القومي الأمريكي، بحيث تدفع تيارات من الناخبين الى التصويت لماكين.
ثم إنه ظل محسوبا لصالح ماكين ما سجلته الاستطلاعات من أن معظم الرجال البيض ظلوا غير متقبلين لوجود رئيس أسود في البيت الأبيض، حتى وإن كانوا كارهين لعهد بوش وسياساته، كما أن30٪ من الديمقراطيين أوضحوا أنهم لن يعطوا أصواتهم لمرشح أسود مهما كانت الأسباب.
لكن ذلك - حسب مؤشرات كانت ظاهرة في المشهد الانتخابي- لم تكن لتعدل من التيار الكاسح، الذي ارتفعت موجاته بفرص أوباما الانتخابية الى مستويات عالية، فبخلاف الأزمة المالية التي حولت المزيد من تأييد الناخبين الى ناحيته، فإن وضع أمريكا في العالم صار يحتل أولوية ملحوظة لدى الأمريكيين، الذين صاروا أكثر إدراكا لضرورات التغيير، واستيعاب أفضل للعالم خارج أمريكا، وما يجري فيه من تحولات جوهرية.
هنا- قد يكون مما له مغزاه الاستشهاد بعبارة للمفكر السياسي الأمريكي فرانسيس فوكوياما وهي: بصرف النظر عمن سيفوز بالرئاسة، فإن دورة جديدة في السياسات الأمريكية والعالمية، ستكون قد بدأت بالفعل.
وبصرف النظر عن ظروف المناخ السياسي والنفسي التي أحاطت بالمواطن الأمريكي في بداية السباق، وكانت سببا في فوز أوباما على منافسته هيلاري كلينتون كمرشح للحزب الديمقراطي، ثم التقدم الواضح له على ماكين، فإن الأسابيع الثلاثة الأخيرة، جلبت معها عناصر شكلت قوة دفع اخرى لأوباما وهي:
** ما ظهر بوضوح من أن الطبقات الأقل تعليما، والمواطنين من الطبقة العاملة، وعددهم كبير، سيكون لهم ثقل كبير في ترجيح كفة أي من المرشحين. وهؤلاء يمثلون كتلة انتخابية متأرجحة، يمكن أن تنقل مواقفها الى هذا الاتجاه أو ذاك، أثناء مسار الحملة الانتخابية.
هؤلاء تحركت مواقفهم لصالح أوباما في ذروة الأزمة المالية الأخيرة، وعبرت عن هذا التحرك اتحادات العمال التي قالت إن حكومة يرأسها أوباما ستكون فرصتهم الذهبية لتعديل أوضاعهم التي لم تتحسن لوقت طويل.
كان من الواضح أن الشباب الذين سجلوا أنفسهم حديثا في سجلات الناخبين، يمثلون رصيدا لصالح أوباما، فهم نشأوا في ظروف سياسية واجتماعية مختلفة عن الظروف التي حكمت مواقف أهليهم، وهم شبوا ونضجوا في فترة الثماني سنوات من حكم بوش، التي تكالبت فيها المشكلات على بلادهم، وعاشوا أجواء الانقسام الداخلي، وتابعوا تدني شعبية بوش إلى 23٪، (بينما كانت شعبية كلينتون قبيل انتهاء رئاسته 70٪)، وتابعوا الاستطلاعات التي تتفق على مقولة إن أمريكا تسير في الطريق الخطأ.
جيل الشباب انجذب الى المرشح الديمقراطي، وشعار حملته «التغيير».
وفطنت لهذا استراتيجية إدارة الديمقراطيين للمعركة الانتخابية، فرسمت خططها، لحث أكبر عدد من الشباب لتسجيل أنفسهم كناخبين.
الانقسام الذي ظهر داخل الحزب الجمهوري بينما الحملة على أشدها بين مرشح الحزب وبين منافسه الديمقراطي، وخروج هذا الانقسام الى العلن، وكان من أهم ظواهره تصريحات قيادات جمهورية، باتت تبدي قلقها من احتمال فوز أوباما، وتحليلها لنتائج هذا الاحتمال.
وظهرت انتقادات لأخطاء إدارة الحملة الانتخابية للجمهوريين، ولم يقتصر الأمر على التيار العام المحافظ في الحزب، بل تعداه الى البعض من المحافظين الجدد، وانعكس ذلك فيما كتبه ويليام كريستول، رئيس تحرير مجلة ويكلي ستاندر، الناطقة بلسان المحافظين الجدد، والذي وصف استراتيجية حملة ماكين بالتشوش وعدم الكفاءة.
** اتسم الخطاب الانتخابي لماكين طوال الحملة، بأنه الأوفر خبرة في السياسة وفي قيادة أمريكا وقت الأزمات، وحين اجتاحت الأزمة المالية ساحة السباق، واحتلت مع السياسة الخارجية قمة أولويات الناخب، الذي راح يتابع في المناظرات، تشخيص كل منهما للأزمة، وأفكاره لحلها، كانت النتيجة كما أظهرتها الاستطلاعات، تقبل الغالبية لأوباما الذي صار أقوى من منافسه عقب المناظرة الثالثة.
** الخروج الكبير- كما يسمونه - لليسبانيك أو الناخبين من أصول أمريكية لاتينية، والذين تحولت أصواتهم لأول مرة الى كتلة ترجيحية في هذه الانتخابات.
وقدر عدد الذين ذهبوا منهم الى صناديق الانتخابات نحو عشرة ملايين، وهو رقم لم يحدث في أي انتخابات سابقة.
وكانت المؤشرات من قبل التصويت تشير الى اتجاه الغالبية نحو إعطاء أصواتهم لأوباما.
وقد سجلت آخر استطلاعات للرأي في نيومكسيكو - كنموذج تصويتي- تأييد 51٪ لأوباما مقابل 42٪ لماكين.
** التوتر العصبي الذي ظهر على ماكين بسبب تفوق منافسه في مقابل هدوء أوباما، دفع حملته الانتخابية الى تكثيف الهجوم على شخص أوباما، ولم يكن ذلك في صالح ماكين، وهو ما أظهرته الاستطلاعات التي جاء في بعضها أن ستة من كل عشرة أمريكيين يرون أن الوقت الذي خصصه ماكين لمهاجمة شخص منافسه، زاد كثيرا عن الوقت الذي كان يجب أن يخصصه ليشرح ما الذي سيفعله لو أصبح رئيسا.
** انشقاق كولين باول وزير الخارجية السابق في حكومة بوش، عن حزبه الجمهوري، وإعلان تأييده للمرشح الديمقراطي، مشيدا به ومعلنا أن أمريكا تحتاج صورة مختلفة، ورئيسا يعبر عن طموحات جيل جديد. ويعيد لبلاده مكانتها في الداخل والخارج، ولم يأت تأييد باول لأوباما تلقائيا، بل اتخذ بعد اشهر من المناقشات والجدل بينهما حول جوانب متعددة من مشكلات السياسات الداخلية والخارجية.
لم يكن المشهد الانتخابي يخلو تماما من مكونات مفاجأة اللحظة الأخيرة، مهما كانت درجة قوتها أو ضعفها، ففي انتخابات الرئاسة عام ،1986 كان المرشح الديمقراطي مايكل دوكاكيس، قبل شهرين من يوم الانتخابات، يتفوق بنسبة17٪ على منافسة جورج بوش «الأب»، لكن الفجوة ضاقت بسرعة وفاز بوش بالرئاسة.
وفي انتخابات 1980 كان كارتر «الديمقراطي» متفوقا على ريجان «الجمهوري» بنسبة 47٪ مقابل 39٪، لكن الفوز جاء من نصيب ريجان.
مثل هذا التحول في مواقف الناخبين كان يمكن أن يحدث في حالة وقوع عمل إرهابي مدمر في الداخل، أو أزمة دولية خطيرة تهدد الأمن القومي الأمريكي، بحيث تدفع تيارات من الناخبين الى التصويت لماكين.
ثم إنه ظل محسوبا لصالح ماكين ما سجلته الاستطلاعات من أن معظم الرجال البيض ظلوا غير متقبلين لوجود رئيس أسود في البيت الأبيض، حتى وإن كانوا كارهين لعهد بوش وسياساته، كما أن30٪ من الديمقراطيين أوضحوا أنهم لن يعطوا أصواتهم لمرشح أسود مهما كانت الأسباب.
لكن ذلك - حسب مؤشرات كانت ظاهرة في المشهد الانتخابي- لم تكن لتعدل من التيار الكاسح، الذي ارتفعت موجاته بفرص أوباما الانتخابية الى مستويات عالية، فبخلاف الأزمة المالية التي حولت المزيد من تأييد الناخبين الى ناحيته، فإن وضع أمريكا في العالم صار يحتل أولوية ملحوظة لدى الأمريكيين، الذين صاروا أكثر إدراكا لضرورات التغيير، واستيعاب أفضل للعالم خارج أمريكا، وما يجري فيه من تحولات جوهرية.
هنا- قد يكون مما له مغزاه الاستشهاد بعبارة للمفكر السياسي الأمريكي فرانسيس فوكوياما وهي: بصرف النظر عمن سيفوز بالرئاسة، فإن دورة جديدة في السياسات الأمريكية والعالمية، ستكون قد بدأت بالفعل.
تعليق