نَايُ الغِيَابْ
الفَجْرُ مِنْ أَنْساغِ رُوحِيَ يَثْعبُ
وَالبَدرُ فِيْ عَيْنَيَّ نُورٌ يَرْقُبُ
تَتَبجّسُ الأنْهَارُ بَيْنَ أَصابِعِي
بِالضَّوءِ تَرشفُ نَفْحةً تَتَصَبَّبُ
حَتّى مَجرَّاتُ السَّمَاءِ قَذيفَةٌ
قُدَّتْ بِكفِّي مِنْ أُوَارٍ يُلْهِبُ
أرْعَى قَطِيعَ الشُّهْبِ دُونَ جوَانِحِي
مِنْ خَلْفِيَ الأجرَاسُ لَهْفَى تَنْدُبُ!
فِي أنْهُرِ الأَفلاكِ تسْبَحُ أنجُمِي
نَحْوَ الخُلُودِ بِحارُ نفْسِي أرحَبُ
عَيْنايَ للْأقمَارِ تَنسِجُ مِعطَفًا
حُبِكَت عَباؤُتُهُ بِحَرفٍ يُسْكَبُ
القَلبُ عِندَ العَرْشِ يَعزِفُ غنوَةً
وَالفِكرُ يركُضُ فِي الفَضاءِ ويلْعَبُ!
مَا بَالُ مُزنِ الوَجْدِ تَعْصُرُ لبَّهُ؟
حَيرَانَ فِي أَطيَافِهِ يَتَقَلَّبُ
مَا غابَ طَرفِي سَاعةً لكنَّني
أجْنِي حصَادَ الغَيمِ إذ أتَغيَّبُ
كَالشَّمسِ لَمَّا تَبْذُرُ الأضْواءَ فِي
كَهْفِ الغِيابِ تَئِنُّ لمَّا تَغْرُبُ
الكَونُ نَايٌ غَامِضٌ بِصُرَاخِهِ
فِي عُمْقِ روحِيَ يَصْطَلِي ويُؤنّبُ
وَتُهَدهِدُ الأَنْغامُ نَارَ قَصَائِدِي
تِلْكَ التِي تُحيِي السَّماءَ وتُنْجِبُ
تَستَرفِدُ الأَنْهارَ تَحْتَ سَعِيرهَا
وتُدَاعبُ الرِّيحَ الحَرُونَ وتَشرَبُ
أَنَا فِي سَعيرِ الشَّمسِ أَروِي مُهْجتِي
مُتَوغِّلا فِي عَرشِهَا لا أَرْهبُ
أَسْتَنزِلُ الأَجْرامَ تيجَانًا علَى
هَامَاتِ سُلْطَانِي فنَبْضِي يُعْرِبُ