عند جنوب غربي إيطاليا تسبح صقلية كبرى جزر البحر الأبيض المتوسط ومركز العالم القديم. إنها الجزيرة التي ارتاح على شاطئها عليس بطل ملحمة هوميروس «الإلياذة » قبل عودته إلى إتاك. صقلية. حورية البحر الإيطالية ذات الألوان المتغيرة والمتبدلة بتبدل الزمان الإنساني الذي طبع في ثنايا جسدها الفضي تاريخ ذكريات عالم قديم، تتباهى بريفها البحري ونباتها الاستوائي وتتضمخ بشذا عطر ريفها الداخلي و ما يخفيه من غموض ساحر.
سكنها الفينيقيون ثم تلاهم اليونانيون واسموها تبعاً لشكلها ذي الرؤوس الثلاثة تريناكيا ، ثم احتلها الرومان. سيطر عليها البيزنطيون ثلاثة قرون، ثم احتلها العرب مدة قرنين، وجاء بعدهم النورمانديون الذين اكتشف ملوكهم خلاصة مدهشة لجعل هذه الجزيرة ملتقى حضارتي الشرق والغرب، فمزجوا الحجر الروماني والذهب البيزنطي والديكور العربي في هندستها المدنية. مما جعل صقلية جزيرة فريدة من نوعها تشبه المتاهة المائية التي يستحيل حل لغزها
باليرمو
تعتبر ياليرمو عاصمة صقلية وأكبر مدنها. بناها القرطاجيون في القرن الثامن قبل الميلاد وحازت موقعاً جغرافياً وسياسياً مهماً لتصبح في ما بعد من أهم المدن التجارية في حوض البحر الأبيض المتوسط. شهدت ازدهاراً في العهد العربي الذي تبدو آثاره متناثرة في مزيج معماري فريد تجسده مبانيها العتيقة ذات الطابع العربي والنورماندي والتي تعرض تاريخ صقلية المسحورة بالحجارة.
يقف وسط المدينة قصر النورماند و ومصلى بالاتين اللذان يعكسان جمال النمط العربي النورماندي الممتزج بالفسيفساء البيزنطية التي تزدان بها كل الأمكنة، فتجدها تتناثر في كنيسة مارتورانا التي شيدت في القرن الثاني عشر. وعلى مسافة خطوات تنبثق القباب العربية الخمس في سان كاتلدو الذي كان جامعاً. وتتوج كنيسة سان جان دو أرميت خمس قباب بألوان وردية تزينها حديقة غناء تجاور أطلال دير. وفي وسط بيازا بريتوريا نبع يعود إلى القرن السادس عشر ويشكل نموذجاً نادراً لفن عصر النهضة في صقلية. فمجسمات النبع مشغولة من الرخام ويعرف بنبع الخجل. وفي سوق فوشيريا يبدو المشهد كأنه أحد أسواق المغرب أو الشرق، تصطف أكوام الزيتون الأخضر تجاوره بسطات احتشدت فيها باقات إكليل الجبل والتوابل الحمراء، وتواجهها بسطات رصفت عليها الأسماك تتلألأ كالفضة. وعلى مسافة 11 كلم من باليرمو يقع شاطئ مونديللو الأنيق الذي يختبئ في عمق خليج مظلل بهضبة بيلليغرينو. وتحضن هذه الهضبة مزار القديسة سانت روزالي .
أغرجينتيه
عند هضبة خضراء تستلقي بلدة أغريجنتيه كأنها حورية تطفو فوق البحر يساعدها في الإبحار وادي المعابد الشهير الذي تحضنه. هذا الموقع العجيب شاهد على الماضي اليوناني لمدينة أكراغاس القديمة، حيث ولد الفيلسوف اليوناني أمبدوقليس صاحب نظرية العناصر الأربعة والتي تقول إن الكون مؤلف من أربعة عناصر هي الماء والهواء والنار والتراب. وتحتوي البلدة على خمسة مزارات دورية يعود تاريخها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، ولا تزال على حالتها الجيدة رغم الهزات الأرضية التي ضربت المدينة مرات عدة عبر التاريخ، ويقال إنها مهداة إلى هرقل وكونكورد وجونون وزيوس . وفي الحي الإغريقي الروماني مساكن تعود إلى القرنين الرابع قبل الميلاد و الخامس الميلادي. ويحتوي بعضها على آثار لوحات وفسيفساء.
وبعد زيارة هذه المواقع التاريخية، يكون التفكير في الاسترخاء أمراً جيداً من خلال التجوال في الشوارع الضيقة والمتعرجة في أغريجنتيه العتيقة الواقعة في الأعالي. وتضم سانتا ماريا دي غريسي كنيسة نورماندية تعود إلى القرن الحادي عشر تقوم على أنقاض معبد يوناني يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد من المحتمل أنه كان مهدى إلى أثينا. واللافت سقف رواقه المشغول من الخشب والفسيفساء البيزنطية. شيدت الكاتدرائية عام 1000 وتتميز بالجسور المطلية في الجناح الرئيسي والمرمر الباروكي ولوحة المجدلية لغيدو روني.
تاورمينا
متشبثة بخاصرة جبل تورو، طافية على البحر وعند بحيرة إيتنا. تتمتع تاورمينا بمشاهد خلابة تأخذ الألباب وتسلب الخيال. أسسها السيكول و استثمرها اليونانيون في القرن الخامس قبل الميلاد بعد دمار ناكسوس، واحتلها الرومان، ثم البيزنطيون الذين جعلوها عاصمة صقلية. احتلها العرب عام 902 وشهدت ازدهاراً جعلها مركزاً اقتصادياً وفنياً مهماً خلال العصور اللاحقة. يحتشد التاريخ في تاورمينا وكأن مساحات العالم لم تكفه فحشر صفحاته في هذه المدينة ليتوحد مع الطبيعة الخلابة فيها. فهنا المسرح الإغريقي الذي شيد في القرن الثالث قبل الميلاد واستمر خلال الحقبة الرومانية، وإلى جانبه منزل يغطي قسماً من المسرح. والوقوف عند إحدى درجات المسرح يتحوّل إلى متعة حيث يبدو المشهد الطبيعي لوحة فنية تأخذ الألباب تختلط فيها زرقة البحر الفيروزي بخضرة الطبيعة الخصبة. وبالقرب من المسرح تمتد الحديقة العامة فيللا كوموناز وهي مقصد الباحثين عن الهدوء المتآمر مع صمت التاريخ. وفي وسط المدينة يقع مسرح أوديون الروماني الذي يعكس ظاهرة مشوشة، فهو يتشابك مع باحة الكنيسة ويمتد على أساسات معبد يوناني أهدي إلى أبولون. تتضمن تاورمينا العديد من المعالم الفخمة من بينها بالازو كورفايا، فهذا الحصن العتيق العربي يعود إلى القرن الحادي عشر وحضن عام 1419 البرلمان
الصقلي. وللوصول إلى الشاطئ يمكن ركوب القطار الجبلي للنزول إزلا بيللا ومازارو، حيث يتحول الاسترخاء على شاطئيهما اللؤلؤيين متعة فريدة لن تنعم بها إلا في صقلية. تتلاعب مدن صقلية بزائرها كما يتلاعب صاحب الدمى بخيوط دماه ليحركها كما يشاء وصقلية الشهيرة بمسرح الدمى تجعل زائرها يتوق إلى الهروب إلى كواليسها ليعرف أسرارها قبل أن ترميها في مياه بحر يتوالى فيه المد والجزر دون كلل، لتستريح الأساطير على شاطئها.
سكنها الفينيقيون ثم تلاهم اليونانيون واسموها تبعاً لشكلها ذي الرؤوس الثلاثة تريناكيا ، ثم احتلها الرومان. سيطر عليها البيزنطيون ثلاثة قرون، ثم احتلها العرب مدة قرنين، وجاء بعدهم النورمانديون الذين اكتشف ملوكهم خلاصة مدهشة لجعل هذه الجزيرة ملتقى حضارتي الشرق والغرب، فمزجوا الحجر الروماني والذهب البيزنطي والديكور العربي في هندستها المدنية. مما جعل صقلية جزيرة فريدة من نوعها تشبه المتاهة المائية التي يستحيل حل لغزها
باليرمو
تعتبر ياليرمو عاصمة صقلية وأكبر مدنها. بناها القرطاجيون في القرن الثامن قبل الميلاد وحازت موقعاً جغرافياً وسياسياً مهماً لتصبح في ما بعد من أهم المدن التجارية في حوض البحر الأبيض المتوسط. شهدت ازدهاراً في العهد العربي الذي تبدو آثاره متناثرة في مزيج معماري فريد تجسده مبانيها العتيقة ذات الطابع العربي والنورماندي والتي تعرض تاريخ صقلية المسحورة بالحجارة.
يقف وسط المدينة قصر النورماند و ومصلى بالاتين اللذان يعكسان جمال النمط العربي النورماندي الممتزج بالفسيفساء البيزنطية التي تزدان بها كل الأمكنة، فتجدها تتناثر في كنيسة مارتورانا التي شيدت في القرن الثاني عشر. وعلى مسافة خطوات تنبثق القباب العربية الخمس في سان كاتلدو الذي كان جامعاً. وتتوج كنيسة سان جان دو أرميت خمس قباب بألوان وردية تزينها حديقة غناء تجاور أطلال دير. وفي وسط بيازا بريتوريا نبع يعود إلى القرن السادس عشر ويشكل نموذجاً نادراً لفن عصر النهضة في صقلية. فمجسمات النبع مشغولة من الرخام ويعرف بنبع الخجل. وفي سوق فوشيريا يبدو المشهد كأنه أحد أسواق المغرب أو الشرق، تصطف أكوام الزيتون الأخضر تجاوره بسطات احتشدت فيها باقات إكليل الجبل والتوابل الحمراء، وتواجهها بسطات رصفت عليها الأسماك تتلألأ كالفضة. وعلى مسافة 11 كلم من باليرمو يقع شاطئ مونديللو الأنيق الذي يختبئ في عمق خليج مظلل بهضبة بيلليغرينو. وتحضن هذه الهضبة مزار القديسة سانت روزالي .
أغرجينتيه
عند هضبة خضراء تستلقي بلدة أغريجنتيه كأنها حورية تطفو فوق البحر يساعدها في الإبحار وادي المعابد الشهير الذي تحضنه. هذا الموقع العجيب شاهد على الماضي اليوناني لمدينة أكراغاس القديمة، حيث ولد الفيلسوف اليوناني أمبدوقليس صاحب نظرية العناصر الأربعة والتي تقول إن الكون مؤلف من أربعة عناصر هي الماء والهواء والنار والتراب. وتحتوي البلدة على خمسة مزارات دورية يعود تاريخها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، ولا تزال على حالتها الجيدة رغم الهزات الأرضية التي ضربت المدينة مرات عدة عبر التاريخ، ويقال إنها مهداة إلى هرقل وكونكورد وجونون وزيوس . وفي الحي الإغريقي الروماني مساكن تعود إلى القرنين الرابع قبل الميلاد و الخامس الميلادي. ويحتوي بعضها على آثار لوحات وفسيفساء.
وبعد زيارة هذه المواقع التاريخية، يكون التفكير في الاسترخاء أمراً جيداً من خلال التجوال في الشوارع الضيقة والمتعرجة في أغريجنتيه العتيقة الواقعة في الأعالي. وتضم سانتا ماريا دي غريسي كنيسة نورماندية تعود إلى القرن الحادي عشر تقوم على أنقاض معبد يوناني يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد من المحتمل أنه كان مهدى إلى أثينا. واللافت سقف رواقه المشغول من الخشب والفسيفساء البيزنطية. شيدت الكاتدرائية عام 1000 وتتميز بالجسور المطلية في الجناح الرئيسي والمرمر الباروكي ولوحة المجدلية لغيدو روني.
تاورمينا
متشبثة بخاصرة جبل تورو، طافية على البحر وعند بحيرة إيتنا. تتمتع تاورمينا بمشاهد خلابة تأخذ الألباب وتسلب الخيال. أسسها السيكول و استثمرها اليونانيون في القرن الخامس قبل الميلاد بعد دمار ناكسوس، واحتلها الرومان، ثم البيزنطيون الذين جعلوها عاصمة صقلية. احتلها العرب عام 902 وشهدت ازدهاراً جعلها مركزاً اقتصادياً وفنياً مهماً خلال العصور اللاحقة. يحتشد التاريخ في تاورمينا وكأن مساحات العالم لم تكفه فحشر صفحاته في هذه المدينة ليتوحد مع الطبيعة الخلابة فيها. فهنا المسرح الإغريقي الذي شيد في القرن الثالث قبل الميلاد واستمر خلال الحقبة الرومانية، وإلى جانبه منزل يغطي قسماً من المسرح. والوقوف عند إحدى درجات المسرح يتحوّل إلى متعة حيث يبدو المشهد الطبيعي لوحة فنية تأخذ الألباب تختلط فيها زرقة البحر الفيروزي بخضرة الطبيعة الخصبة. وبالقرب من المسرح تمتد الحديقة العامة فيللا كوموناز وهي مقصد الباحثين عن الهدوء المتآمر مع صمت التاريخ. وفي وسط المدينة يقع مسرح أوديون الروماني الذي يعكس ظاهرة مشوشة، فهو يتشابك مع باحة الكنيسة ويمتد على أساسات معبد يوناني أهدي إلى أبولون. تتضمن تاورمينا العديد من المعالم الفخمة من بينها بالازو كورفايا، فهذا الحصن العتيق العربي يعود إلى القرن الحادي عشر وحضن عام 1419 البرلمان
الصقلي. وللوصول إلى الشاطئ يمكن ركوب القطار الجبلي للنزول إزلا بيللا ومازارو، حيث يتحول الاسترخاء على شاطئيهما اللؤلؤيين متعة فريدة لن تنعم بها إلا في صقلية. تتلاعب مدن صقلية بزائرها كما يتلاعب صاحب الدمى بخيوط دماه ليحركها كما يشاء وصقلية الشهيرة بمسرح الدمى تجعل زائرها يتوق إلى الهروب إلى كواليسها ليعرف أسرارها قبل أن ترميها في مياه بحر يتوالى فيه المد والجزر دون كلل، لتستريح الأساطير على شاطئها.
تعليق