إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رحلة الرحالة الألماني الشهير كارستن نيبور من بومباي إلى مسقط و أبوشهر عام 1765

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رحلة الرحالة الألماني الشهير كارستن نيبور من بومباي إلى مسقط و أبوشهر عام 1765



    رحلة الرحالة الألماني الشهير كارستن نيبور من بومباي إلى مسقط و أبوشهر عام 1765




    [B][/B[/URL]]


    كارستن نيبور بملابسه العادية



    ترجمة وإعداد : د . عدنان جواد الطعمة



    [B][/B[/URL]]


    مخطط تأسيس مدينة مسقط كما رسمه الرحالة كارستن نيبور



    نحاول هذه المرة ترجمة رحلة كارستن نيبور من بومباي إلى مسقط عام 1765 بصورة موضوعية قدر إمكاننا ، لكي يطلع القارئ العربي الكريم و خصوصا الإخوة العمانيون الإطلاع على مضمون هذه الرحلة من الناحية التأريخية و الجغرافية و التجارية و الفلكية و غيرها ، آملين أن تتم مراجعتها و دعمها بالتسميات التاريخية القديمة وتحقيقها لفائدة الطلبة و الطالبات من الناحية الجغرافية و التأريخية . حاولنا منذ أكثر من أسبوع الحصول على أهم المراجع التاريخية و الجغرافية لمقارنة تسميات الرحالة الألماني كارستن نيبور مع التسميات العربية الأصيلة .
    و للفائدة العامة و الإطلاع على حياة الرحالة كارستين نيبور و على الأمر الملكي الذي ألزم أفراد البعثة العلمية باحترام الإسلام و المسلمين و الناس و عدم مس مشاعرهم وجرحها .
    نسأل الله أن يوفقنا لإتمام ترجمة بقية الرحلات التي قام بها كارستن نيبور إلى مدن و دول الشرق الأوسط .
    قمنا بترجمة الجزء الخاص برحلته من بومباي إلى مسقط و حتى يوم مغادرته مسقط في اليوم الثامن عشر من شهر يناير / كانون الثاني عام 1766 متجها إلى ميناء أبوشهر ( بوشهر ) . قمنا بترجمة الصفحات التالية من نصوص الرحلة إبتداءا من صفحة 80 إلى 89 من كتابه :
    وصف الرحلة إلى المنطقة العربية و البلدان المجاورة ، الملجلد الثاني ، طبع في كوبنهاغن عام 1778 .

    ( C. Niebuhr : Reisebeschreibung nach Arabien und andern umliegenden Ländern, Zweyter Band, Kopenhagen, Gedruckt in der Hofbuchdruckereyn bey Nicolaus Möller, 1778, S. 80 – 89 ) )

    د . عدنان جواد الطعمة
    ألمانيا في 24 / 1 / 2008







    [/URL]

    كارستن نيبور بملابس تركية




    وللإطلاع على الأوامر الملكية الصادرة عن الملك فريدريك الخامس الموجهة إلى أعضاء البعثة ، إليكم نصا من مقالة الأستاذ ستيغ راسموسن :

    الرحلة العربية 1761-1767
    Author: Stig T. Rasmussen

    نص من مقال ستي. ت. راسموسن حول ( رحلات في بلاد فارس والجزيرة العربية في القرن الثامن عشر و التاسع عشر- تتبع الإستكشافات العلمية للعالم الإسلامي"، نشر في الرحلة العربية: الروابط الدانماركية بالعالم الإسلامي عبر ألف عام. موسكورد،1996.

    شروط واستعدادات الرحلة
    تضاعفت خلال القرن السابع عشر والجزء الأكبر من القرن الثامن عشر معرفة أوربا بشأن البلدان والثقافات النائية، وذلك نتيجة لجهود البلدان التي تعتمد في تجارتها على الملاحة من أجل إيجاد طرق ومراكز تجارية جديدة، كما بدا واضحا في الفصل الذي كتبه كل من Adam Olearius و Frederik Ludvig Norden. ذلك جلا واضحا أيضا في وصف العديد من الرحلات التي نشرت من قبل الإنكليز، الهولنديين، والفرنسيين. خلال القرن الثامن عشر زادت الحاجة إلى المعرفة النظرية أكثر من المعرفة النفعية الجاهزة للعالم. الانتقائية العشوائية والمشاهدات الشخصية الملونة أدت أيضا إلى البحث العقلاني والوصف المنظم.
    في منتصف القرن الثامن عشر تمتع الملك فريديريك الخامس Frederik V ووزيره بسمعة وسط أوربا بأنهم رعاة فن. وكان هذا في البال عندما اقترح البروفسور Johann David Michaëlis في Goettingen، ألمانيا على Johann Hartwig Ernst von Bernstorff في Tydske Kancelli ) ما يطلق عليه وزارة الخارجية أنذاك) ، إن على الملك أن يرسل ببعثة استكشافية إلى البلدان المجهولة، ما كان يزعم في التاريخ القديم بالعربية السعيدة.
    لقد عزز Michaëlisطلبه بالنظر إلى المقترح وفق ما جاء في الإنجيل بهذا الخصوص: " طبيعة هذه البلدان مازالت غنية بإمكانياتها و والتي نجهلها نحن": هذه القصة تعود إلى عهد قديم جدا، اللهجة فيها تختلف عن العربية الغربية التي نعرفها. هذا كان أهم الأدوات حتى الآن التي مكنتنا من فهم العبرية. أية إضاءة لا نتوقعها تُلقى على الإنجيل، أهم كتب العهد القديم، والتي علمتنا اللهجة الشرقية للجزيرة العربية كما عرفنا الغربية.
    الإقتراح الأصلي كان بإرسال رجل إلى اليمن من ترانكابار في الهند، ولكن خلال أربعة أعوام تطورت الفكرة إلى رحلة استكشافية علمية متكونة من خمسة رجال جذبوا اهتمام كل عالم العلم الأوربي. بدأت الأسئلة التي كان يجب الإجابة عليها بالتدفق، كذلك المقترحات للمشاهدات التي يجب أن تُتخذ. Michëlisهيأ قائمة بالأسئلة العلمية التي كان يأمل أن يجاب عليها خلال الرحلة، وتم نشرها في Fragen an eine Gesellschaft gelehrter Maenner , die auf Befehl Ihro Majestaet des Koeniges von Daenmark nach Arabien reisen, Frankfurt a. M.1762. هذا الوصف شمل سلسلة طويلة من الأسئلة المختلفة بما يخص التاريخ، التاريخ الطبيعي، وفقه اللغة ( وزود بكتالوج جميل يضم ما لم يكن معروفا أنذاك.(

    الأعضاء المشاركون في الرحلة
    شارك في الرحلة ستة أعضاء
    العالم السويدي في العلوم الطبيعية Peter Forsk تلميذ Carl von Linné : أحد الأهداف الرئيسية• لبحوث بيتر فورسكول كان إيجاد إثباتات مدعمة لسلسة من النقاط التي جاء بها لينيه.
    عالم اللغة Frederik Christian von Haven والذي كانت مهمته شراء مخطوطات شرقية للمكتبة الملكية• في كوبنهاجن، ونسخ الكتابات التي يعثر عليها في طريقه، وتسجيل مشاهدات حول استخدامات اللغة العربية- الهدف الرئيسي فيها إلقاء الضوء على بعض الجوانب الغامضة في الكتاب المقدس.
    الخرائطي Carsten Niebuhr الذي كانت مهمته هي المشاهدة وأخذ القياسات لغرض رسم الخرائط للمناطق• الجغرافية المكتشفة وغير المكتشفة.
    الطبيب Christian Carl Kramer الذي كانت لديه العديد من المهمات الطبية الملقاة على عاتقه،• سواء العلمية أو على المستوى التطبيق العملي- بين العرب أيضا.
    الفنان والرسام Georg Wilhelm Baurenfeind الذي كانت مهمته رسم ما يجده الآخرين، بالأخص بحوث• بيتر فورسكول حول النباتات والحيوانات من التي يسهل ضياعها.
    وأخيرا اشترك معهم الجندي السويدي من سلاح الفرسان المدعو Berggren لضبط النظام.•

    الأوامر الملكية
    في كوبنهاجن عمل جملة من البروفيسورية في الجامعة مخطط بالأمر الملكي الذي يقضي الملك فريدريك الخامس بموجبه إرسال البعثة في 15/12/ 1760.
    " بأمرنا نحن، فريدريك الخامس، بنعمة الله ملك الدانمارك، النرويج، الوَنديّين، القوطيين، دوق سلسفي وهولستين، مارن العظمى و ديتماريكسن، نبيل أولدنبورج و ديلمينهورست الخ. أراد أرحم الراحمين بأمرنا وعهدتنا أن يسافر العبيد الأذلاء ( هنا تذكر أسماء المشاركين في الرحلة) إلى العربية السعيدة، ليقوموا بما يلي:
    كل المسافرين من ذكروا أعلاه يتوجهون إلى العربية السعيدة ويبقوا مجتمعين معا، أمام أرحم راحمينا أن يضعوا الهدف نصب أعينهم بجمع أكبر كمية ممكنة من الاكتشافات العلمية.
    الفقرة 43 التي يضمها الأمر الملكي هناك تفاصيل تعليمات واجبات الرحلة.•
    الفقرات 2-9 ثبت مسار الرحلة، التنظيم (كتقليد جديد فالمشاركون متساوون بالحقوق)، وضع التقارير• كان على شكل يوميات.
    الفقرة 10 إشارة واضحة حول كيفية تعامل المشاركون مع الدين الإسلامي:•
    " على كل المشاركين أن يظهروا أدبا ولطفا شديدين اتجاه السكان العرب. عليهم ألا يبدو أي اعتراض لدينهم. علاوة على ذلك ألا يعطوا انطباع وإن كان غير مباشر حول ازدرائهم للدين. عليهم الإحجام عن كل ما يثير بغيضة السكان العرب. ومن الضروري أيضا من خلال مهمتهم أن يحرصوا قدر الإمكان على عدم إثارة الشبهات، أو إثارة شك المحمديين الجاهلين حول تصور تجسسهم، أو بحثهم عن كنوز، أو ممارسة السحر والشعوذة أو إيذائهم للبلد. يجب عليهم ألا يثيروا حفيظة وغيرة وانتقام العرب عبر طرح النموذج الليبرالي الأوربي بالتعامل مع المرأة أو الإتيان بما يشابه ذلك. وكما هو الهدف أيضا من التعليمات تذكيرهم بالالتزام الأخلاقي وعدم توجيه الاهتمام لأي شكل من أشكال الحب الذي في غير محله للأشخاص المتزوجين أو غير المتزوجين الذي من الممكن أن يدعو إلى إثارة الرغبة الشرقية بالانتقام. يجب عليهم حتى في أقصى حالات التعرض للمضايقة الشديدة أو الشتيمة وأن كانوا في حماية السلطات المدنية عدم الدفاع عن أنفسهم باللجوء إلى العراك. التجربة في هذه البلدان التي يحكمها " الدين الإسلامي" تبين مدى خطورة هذه الأمور حيث إهانة المسلم يثأر لها بقتل المتعدي. إزاء ذلك الذي من الممكن أن يؤدي إلى تعرض المسافرين الآخرين إلى المضايقة لا نحذر بجدية فقط، بل نمنع هذه الأفعال الطائشة منعا باتا. هذا الذي يخالف التعليمات ويجلب لنفسه المتاعب، نتركه لقدره ولا نجبر الآخرين من المسافرين من المجموعة حمايته حتى لا يعرضوا حياتهم للخطر.
    الفقرات 11 و 12 تتناول اقتناء المخطوطات ونسخ النقوش في سيناء ، الفقرة 13 يحتم على المشاركين• البقاء معا، الفقرة 14 يؤكد على المشاركين في الرحلة الاستكشافية واجب بذل الجهود من أجل البحث عن إجابة للأسئلة الموضوعة والمرسلة لاحقا من قبل J. D.Michaëlis والعلماء الآخرين، وفي الفقرة 15 تأكيد على ضرورة إرسال كل المواد التي يتم العثور عليها بالحال إلى البلاط الملكي. الإجابة وقبل أن ترسل إلى أية جهة في أوربا يجب أن تنسخ في كوبنهاجن.
    الفقرات 16-22 تحديد أطر البحوث العلمية والتي تحتوي على الأساس الذي يبدو إنه كان أول خطة• علمية عرفت للبحث البيولوجي البحري ( وضعت من قبل البروفسور ( C. G. Kratzenstein من كوبنهاجن.
    الفقرات 23-26 تصف واجبات الطبيب في بحوثه وتطبيقاته الطبية: والأخيرة تطبق على العرب البارزين• و المشاركين في الرحلة على السواء.
    الفقرات 27-34 يثبّت واجبات الرياضيين بما يخص الموقع الجغرافي ووضع الخرائط، بالإضافة إلى• الجو وأحوال السكان ( هنا حالة تعدد الزوجات واحتمالية علاقة ذلك باللا توازن إحصائيا بين الجنسين).
    الفقرات 35-42 تصف المشاريع اللغوية التاريخية بينما تتناول الفقرة الخاتمة 43 عمل الرسام،• بالأساس دعم عمل عالم التاريخ الطبيعي برسم الحيوانات والنباتات التي لا يمكن نقلها في رحلة العودة، ومن ثم مساعدة الآخرين. وأخيرا مناشدة العلماء في الرحلة بمساعدة الرسام في عمله والاتفاق معه والتحلي بالصبر.

    مجريات الرحلة الاستكشافية
    انطلقت الرحلة في الرابع من كانون الثاني عام 1761. خط مسار الرحلة كان عبر القسطنطينية والإسكندرية إلى القاهرة والمواصلة على طول ساحل البحر الأحمر حتى اليمن حيث أقاموا هناك من شهر كانون الأول 1762 إلى أواخر شهر آب 1763. في اليمن توفي اثنان من المشاركين von Haven, Forskål بسبب الإصابة بالملاريا على ما يبدو.
    الأربعة الآخرون أبحروا إلى بومباي، وبعدها توفي اثنان آخران هما Baurenfeind , Berggren خلال الرحلة. وفي بومباي توفي الخامس Kramer وحيث الوحيد الحي الذي بقي هو Carsten Niebuhr. أكمل رحلته إلى عمان وإيران ومن ثم عبر العراق و سورية إلى فلسطين مرورا بقبرص. من ثم من القدس إلى القسطنطينية وإلى أوربا الشرقية ومن ثم كوبنهاجن التي وصلها في العشرين من شهر تشرين الثاني عام 1767.
    منحى الرحلة كان تراجيديا. ولكن الرحلة رغم ذلك نجحت في حصولها على مجاميع تعد ذات أهمية. المجاميع تضم نباتات، حيوانات، مشاهدات، خرائط، رسومات ومخطوطات شرقية.
    جزء كبير من المجاميع هذه ما يزال موجود لحد الآن، وموجود في المتحف النباتي ( معشبة فورسكول- وتضم حوالي 1800 عينة)، في متحف الحيوانات ( 99 سمكة في معشبة الأسماك كما أطلق عليها (لأن فورسكول حنط الأسماك بدون أحشاءها، بجانب واحد فقط من جلدها وضغطها كالأعشاب عندما تجفف)، في المتحف الوطني ( في قسم الأنتيك، الإثنوغرافيا، العملات ومجموعة الميداليات) وفي المكتبة الملكية ( قسم الدراسات الشرقية واليهودية).

    اليوميات ووصف الرحلة
    من جملة ما جاء في المرسوم وفق الفقرة 8 بأن على المشتركين كتابة يومياتهم وفورسكول، فون هاون ونيبور نفذوا هذا الواجب، ولهذا فلنا معرفة جيدة من خلال ذلك بهم وبشكل أفضل بنيبور الذي أتيحت له الفرصة لأنه الوحيد الذي بقي من الطاقم بأن بعيد كتابة مادته.

    بيتر فورسكول P.Forskål
    كانت هناك خطة لطبع يوميات فورسكول في السبعينات من القرن الثامن عشر ولكن ذلك لم يحصل قبل عام 1950. الكتاب صغير ولكن مصور ( في الإسكندرية):
    " إلى جانب هذه الرحلات التاريخية كان جانب البحث النباتي هو الأفضل، لقد شاهدت الأزهار الخالدة بنفس ازدهارها ونشاطها لذات النوع والشكل كما لو كانت من قبل ثلاث أو أربعة آلاف سنة مضت.
    النبات في هذا البلد يدعو عالم الطبيعة للقيام بالكثير من المهام، بالرغم من إن عدد النباتات ليس كبير كما هو عليه في مناطق اوربا.
    اليوم الذي وصلت فيه إلى الاسكندرية قمت بزيارة إلى أقرب الحدائق. حتى وإن لم يكن لدي الاهتمام أو أية رغبة خاصة في إلقاء نظرة على هذا العالم وأزهاره، لاستطاعت هذه الطبيعة الغير عادية بالرغم من هذا أن تثير اهتمام أي شخص غريب، مهما كان غير متأثر. جدران الحدائق كانت عالية وبالرغم من ذلك علت أشجار النخيل فوقها وبانت كأنها غابة كثيفة. من أول لحظة دخلت فيها كنت مأخوذا لمرأى هذه الأشجار التي خلقتها الطبيعة كأجمل صفوف أعمدة، ولكي لا يخلو الخيال من قاعدة لتلك الأعمدة اعتاد الناس أن يسوروا هذه الأشجار بحائط منخفض ليدعّمها. تزرع الأشجار في صفوف بالطول والعرض: 8 ألين ( ألين يساوي قدمين) بين كل ثلاث نخلات.
    من صفات فورسكول البارزة هو إصراره ومثابرته المتميزة وهي الميزة الإيجابية التي كانت خلف جهوده العلمية في ظل الظروف الصعبة التي مر بها، ولكن بالطبع تؤدي هذه الصفة في شخصه إلى نتائج سلبية بما يخص الآخرين. ولم يكن من قبيل الصدفة أن أطلق لينيه على نبتة الـ " القراّص" بـ" pertenacissime adhaerens" والتي تعني المثابر الصامد.

    فون هاون F.C. von Haven
    يوميات فون هاون محفوظة في المكتبة الملكية، قسم المخطوطات. يتكون من مطويتين كبيرتين. في أحدهما يوجد الوصف الفعلي للرحلة، وفي الثاني مقاطع من وثائق ذات علاقة ومراجع استخدمت بالرحلة: كتالوج بالمخطوطات التي وضعها، مخططات للمخطوطات والكثير من قوائم بالمفردات العربية الدانماركية، وخصوصا العربية الإيطالية ( قضى فون هاون قبل الرحلة وعلى نفقة الملك سنتين في روما يدرس عند العرب الموارنة). هذه اليوميات لم تطبع نهائيا بالرغم مما تزخر به من وصوفات حية يدخل فيها فون هاون كبطل رئيسي. لقد كان -كما كان الأرستقراطيين عليه في تلك الفترة – مغرور ومكتف بنفسه إلى حد الحمق.

    كارستن نيبور C. Niebuhr
    نيبور لعب دور الوسيط لهذه المجموعة، ووظيفته هذه لم تكن سهلة بأي شكل من الأشكال بسبب إن كل من فورسكول و فون هاون طمحوا بدون نجاح بالحصول على منصب قائد الرحلة. وبالذات لهذا السبب لم يتم تعيين أحد لمنصب قائد، و نصب نيبور أمين صندوق الرحلة.
    في مقدمتهBeschreibung von Arabien "وصف الجزيرة العربية " بسط نيبور أفكاره بشأن الأسباب التي أدت إلى حدوث أخطاء في تلك الرحلة:
    " أعتقد بأننا كنا السبب في الأمراض التي أصابتنا، بينما كان من السهل على الآخرين وقاية أنفسهم منها. تجمعنا كان من الكبر الذي حال دون تهيؤنا للمعيشة إلى جانب السكان المحليين. لأشهر عديدة لم نتمكن من الحصول على أي مشروب كحولي كنا معتادين على تناوله، وبالرغم من هذا تناولنا كميات كبيرة من اللحوم الأمر الذي يعتبر غير صحيا في البلدان الحارة. بعد الأيام الحارة كان هواء الليالي البارد مريح لنا الأمر الذي كان يولد إحساسا بالترف.
    كان يجب علينا أيضا أن ننتبه للفرق في درجات الحرارة بين المناطق الجبلية والسهول المنخفضة. كنا على عجلة من أمرنا في الرحلة بحيث لم يتاح لنا التعرف على دواخل المدن.
    لم تكن معرفتنا كافية بالبلدان وسكانها مما سبب لنا متاعب وطرق وعرة مع السكان. ونحن مرارا ولربما بلا حق اعتقدنا بأن لدينا الحق بالشكوى من غير أن نتذكر باننا حتى سفرنا داخل أوربا لم يكن يخلو من متاعب. لقد كنت أنا بنفسي مريضا جدا، عندما كان مرافقيي ما يزالوا على قيد الحياة، لأنني تمنيت كما تمنوا هم، أن أعيش كما لو كنت في أوربا. ولكن ومنذ ذلك الوقت عشت فقط بين الشرقيين، تعلمت طريقتهم في مواصلة الحياة في تلك البلدان. تباعا سافرت إلى بلاد فارس قادما من البصرة وبرا إلى كوبنهاجن بدون تعرضي ولو لمرة واحدة لوعكة صحية أو تعرضي لمشاكل كثيرة مع السكان.

    أبعاد ونتائج الرحلة
    كان للعديد من اكتشافات هذه الرحلة صدى حيث:
    مساهمات نيبور في مجال رسم الخرائط، والتي من ضمنها صار من الممكن مثلا بالنسبة للسفن الأوربية أن تبحر عبر البحر الميت وحتى السويس. نسخ مخطوطات الكتابة المسمارية والتي كانت الأساس في فك أسرارها في عام 1802، ونشر اثنين من أهم الأعمال الإستشراقية في القرن الثامن عشر.
    مساهمات فورسكول في مجال علم الحيوان والتي شملت عمله الرائد في حقل بيولوجيا البحريات ودراسة الطيور المهاجرة. أيضا في مجال علم النبات والذي بالإضافة إلى جمعه لمايقارب الـ 1800 نمودج من النباتات في معشبة لازالت موجودة ليومنا هذا، كان أيضا من الأوائل في علم بيولوجيا النبات وجغرافيا النبات. من المؤسف إن ملاحظاته و وشروحاته التي تركها قد جمعت وحضرت للنشر من قبل عالم نباتي كان أقل كفاءة. وهكذا لم تعطى أعمال فورسكول الأصلية وغنى أفكاره في مجال علم النبات قيمتها الفعلية وكان يجب الانتظار لكي يعاد العمل مجددا في الكثير من اكتشافاته من قبل الأجيال التي جاءت بعده.
    رسومات بورينفايند Baurenfeind أعطت تجسيد صادق للنباتات والحيوانات التي لم تكن معروفة حتى ذلك الوقت. نشرت بمجلد فورسكول المصور مرافقة لشروحاته حول الحيوانات والنباتات. رسوماته لقنديل البحر من أجمل الرسومات من نوعها. وصوّر في أعمال نيبور مختلف جوانب وأشكال الحياة في مصر واليمن.
    مكتسبات فون هاون شكلت الجوهر الجديد لمجاميع المكتبة الملكية من مخطوطات الشرق الأدنى، إذ لم يكن بحوزة المكتبة قبل ذاك الوقت إلا هدايا متفرقة ومقتنيات.

    المرسوم الملكي يعكس النظرة العلمية الأساسية للفترة التنويرية. القناعات كانت بأن العالم يمكن تنظيمه ووصفه بشكل مفروغ منه في عمل شامل- مشروع العصر المركزي وصف بالتأكيد بالموسوعة العظمى. نتائج الرحلة الاستكشافية تعزى إلى التطبيق الناجح للمبدأ العقلاني في حقيقة البحث المنهجي. المشاهدات ذات الدقة الرياضية، الجمع والمعالجة المنظمة، الأولوية المعطاة للمعلومات المستحصلة بطريقة مباشرة والتمحيص الدقيق للمعلومات المستحصلة بطريقة غير مباشرة وبنفس الوقت نظرة انسانية، بدون تحامل، وانفتاح اتجاه كل ما هو جديد، يكملها الاحترام للطرق الأخرى بالتفكير. وهكذا تتميز الفترة التنويرية بشكل أساسي عن القرن السابع عشر، بأنها أرست القاعدة الموضوعية للعلم المعاصر.

    القرن التاسع عشر
    الإقرار بأن الطبيعة غير جامدة وإنما مرت بمراحل تطور. القرن التاسع عشر كان قرن التطور وبناء الإمبراطوريات. الاعتقاد بأن العالم الغير أوربي أقل تطور حضاريا استغل لمصلحة أوربا في طور توسعها. درس الإسلام من قبل المستعمرين لغرض استخدامه في السيطرة على المستعمرات. زمن الرحلات الطويلة قد ولى، فقد تم إرساء المصالح الأوربية في الخارج. وفي ذلك الوقت كان كبار موظفي المستعمرات تلك والدبلوماسيين
    ( القنصلية الدانماركية في تونس 1820-1833) هم الذين يجلبون المخطوطات والمواد الأخرى ذات القيمة.
    من المبادرات الدانماركية المبكرة هي الرحلات الفردية لعالم اللغة راسموس راسكس - رحلة الهند الكبرى 1816-1823 والتي أعطت نتائج ذات أهمية. علم اللغة تطور من وصف للمفردات والقواعد إلى إثبات أصل اللغات وعلاقتها ببعضها وتقديم لتاريخ تطور اللغات على أساس البحوث المقارنة، خصوصا اللغات الهندوأوربية.
    بما يخص الشرق الأدنى فقد اتسم النصف الثاني من القرن التاسع عشر بجلب طبعات نصوص جادة لكلاسيكيي العالم الإسلامي كأساس لمواصلة العمل العلمي عن طريق فهم أقرب أصولنا في العالم الإسلامي بمنظور ثقافي كوني) .ُ


    [B][/B[/URL]]

    مخطط لمدينة مسقط كما رسمه كارستن نيبور



    رحلة الرحالة الألماني الشهير كارستن نيبور من بومباي إلى مسقط و أبوشهر عام 1765




    وإليكم ترجمة نص الرحلة :

    تأخر موعد سفري من بومباي إلى الثامن من ديسمبر / كانون الأول عام 1765 ، لأني ذهبت على ظهر سفينة حربية التابعة للأسطول الهندي بهدف القيام بهذه الرحلة إلى مسقط و الخليج الفارسي . إن رياح هذه المنطقة ثابتة و مستقرة بحيث يستطيع الربان أو الملاح أن يعرف نوع الرياح و سرعتها في أوقات محددة من السنة التي ستجابهه تحت خطوط الطول و العرض قبل إبحاره . و في أشهر معينة يستطيع الربان أو الملاح أن يبحر باستقامة و بالضبط من بومباي إلى مسقط و حتى إلى البصرة دون أن يشغل الشراع العلوي ، إلا أنه في مناطق أخرى يجب عليه أن يبحر بعيدا نحو الجنوب إلى أن يمر على الخط و من ثم يبحر نحو الغرب إلى أن تأتي الرياح التي بواسطتها يتجه إلى السواحل العربية و يستطيع الوصول إلى الخليج الفارسي .

    لم يكن هذا الوقت من فصل السنة الأفضل ولا هو الأسوء للقيام بهذه الرحلة . كان ربان سفينتنا يتوقع هبوب رياح شمالية ، وكان يتفادى لهذا السبب قدر الإمكان منذ بداية الرحلة الإبحار ( السير ) بعيدا نحو الغرب ، لأن الرياح الشمالية ستكون فيما بعد ضده أي تقابله . و طالما أننا لم نبتعد أكثر من درجتين أو ثلاثة عن الساحل الهندي ، كنا نشاهد غالبا أفاعي مائية صغيرة التي ذكرتها في مجلدي الأول صفحة 452 .

    يجب على المرء أن يدخل مرارا إلى الخليج الفارسي . و في مساء الثاني عشر من ديسمبر / كانون الأول كان سطح ماء البحر يسطع و يشع ضياءا بقوة لدرجة لم أشاهد مثله . وكان سطح البحر هنا على بعد مسافة نصف ميل ألماني يبدو مغطى بلهب عريض في حين كان يرى المرء في مناطق أخرى فقط شرارات أو ومضات لامعة صغيرة ، عندما يضرب الماء .
    ( و نفس الصورة هذه شاهدها النقيب سارس في سنة 1612 م تحت ارتفاع القطب ثماني درجات و 12 دقيقة ، حيث وجد بعد ذلك أن هذا الضوء المرعب سببه نوع من السمك الأسود . راجع : الرحلة العامة ، المجلد الأول صفحة 777 ) .

    وقد صرحت أو ذكرت معتقدا أن ضياء سطح ماء البحر سببه رئة البحر ( نوع من الأسماك ) و منها رأيت في الأيام التالية كميات كبيرة منها ، عندما كان البحر هادئا و تحتها أسماك كبيرة جدا لم اشهد مثلها في أي مكان . و من المحتمل أن يرى المرء هنا حيوانات بحرية أخرى تضيئ في الليل . رايت في بومباي في الليل غالبا ضياءا فسفوريا في الشوارع و في كومة القمامة ( المزبلة ) إعتبرتها بادئ الأمر بدايات تعفن الخشب أو ديدان مضيئة مشعة ، و لكن اتضح لي بأن أحشاء نوع من السمك النخامي ( المخاطي ) الذي يأكله هنا عامة الفقراء .

    لقد أوليت إنتباهي كل المساء إلى النجوم المتوهجة البارقة ( الساطعة ، المضيئة ، المشعة ) أثناء الرحلة إلى مسقط والتي طلب ذلك منا الفارس ميشائيليس في سؤاله الثامن و الثمانين أن نكتب تقريرا مفصلا عن مراقبتنا للنجوم ، لأن بعض السائحين أراد أن يتأكد عما إذا كانت النجوم الثابتة في بعض مناطق الشرق لا تضيئ ( تشع أو تتلألأ ) كما عندنا في أوروبا .

    كان أفق السماء في الخامس عشر من ديسمبر / كانون الأول صافيا جدا ، حيث شاهدنا في هذا المساء المشتري و كوكب الشعري اليمانية أو العبو ( سهيل ) عند ظهورهما فوق الأفق ، لكن الشعري اليمانية إلا بعد ارتفاع درجتين و النجوم الصغيرة إلا بعد أن ترتفع إلى عشر درجات . و النجوم من الحجم الأول الكبير تضيئ ( تتلألأ ) عند ارتفاع قدره 25 درجة و هي أيضا أشد قوة من تلك التي عندنا في ليالي الصيف .

    شاهدنا في اليومين الحادي و العشرين و الثاني و العشرين و بدهشة اسرابا ( مجموعات ) كبيرة من الخنازير البحرية ( أرانب هندية ) التي تسابقت معنا في السير و التي سبقتنا لمسافة بعيدة على الرغم من أن سفينتنا كانت تبحر بسرعة ثلاثة أرباع ميل ألماني في الساعة .

    وكانت تقفز ثمانية إلى عشرة خنازير من الماء إلى الأعلى فوق بعضها (وفوق سطح ماء البحر ) دون أن تحيد عن مسارها المستقيم أو ترجع إلى الوراء .
    و في هذا اليوم الأخير راينا راس كلها ، رؤوس جبال مطلة على ساحل عمان أحد الأقاليم العربية . أعتبر الرحالة الإنجليزي هذه الجبال تابعة للمنطقة العربية السعيدة . إقتربنا في اليوم الثالث من مسقط . و هنا كانت الرياح هادئة ، أما تيار ماء البحر على هذا الساحل فإنه كان شديدا قويا ، الأمر الذي أدى إلى إعادتنا إلى الوراء في ليلة واحدة ستة أميال ألمانية .

    وكانت الرياح في الأيام التالية ضدنا دائما ، و أصبح تيار ماء البحر أشد قوة ، بحيث أننا بذلنا كل جهودنا من أجل ألا تقترب سفينتنا الشراعية من الساحل .
    أن ساحل عمان قائم أي عمودي غير منحدر و خطير ، وكان الماء جدا عميقا ، لأن المرء بالقرب من الساحل ( البر ) إذا استعمل مقياس العمق و طوله خمسين خيطا ( قدما ) فإنه لم يصل إلى قاع البحر .

    و في اليوم الثامن و العشرين كنا بالقرب من راس كلها . و من هذا اليوم ابحرنا إلى عرض البحر ، و بذلك ابتعدنا عن الخطر الذي قد يفشل رحلتنا .
    و اضطررنا حتى اليوم الثاني من شهر يناير / كانون الثاني 1765 أن نستمر و نواجه إن كانت الرياح هادئة أم كانت ضدنا و تيار ماء البحر.
    و كنا نواجه الأمطار و تيار ماء البحر . ولما كانت الملابس الشتائية تنقصني ( كانت ملابسي التي اشتريتها في بومباي أوروبية ) و لهذا السبب اصبحت حساسا جدا ضد الجو البارد . و في عصر اليوم المذكور أعلاه كانت الرياح جيدة و بواسطتها و صلنا أخيرا في اليوم الثالث من يناير / كانون الثاني ميناء مسقط .


    [B][/B[/URL]]


    مخطط تأسيس مدينة مسقط كما رسمه كارستن نيبور


    و في صباح اليوم الرابع دخلت الميناء عدة قوارب وسفن صغيرة هندية مختلفة و فق تعليمات وعادات البلد للتعبير عن وصولها و فرحها بعد قطع مسافة الرحلة من خلال القرع على الطبول و العزف على آلات موسيقية . و أحد هؤلاء رمى مرساته بالقرب من باخرتنا ( سفينتنا ) .
    و لدهشتي وجدت شخصين فرنسيين فقيرين اللذين بعد فقدان مستعمرتهم الفرنسية جنوب الهند ، سارا في كل الهند ، و هما الآن جنديان عند أحد اصحاب السفن التي لم يكن سطحها مغطى .
    وكثير من الناس الطيبين من هذه الأمة أصبحوا فقراءا نتيجة الحروب و مشردين و هم بأمس الحاجة إلى كسب خبزهم و معيشتهم بمعاناة عند المسلمين و المجوس .

    تعود ملكية مسقط إلى أحد الأمراء المستقلين الذي يحكم في رستاق و الذي يطلق على نفسه إمام عمان ( راجع : كتابي وصف المنطقة العربية ، صفحة 295 ) .
    .
    و مواطنو هذه المحافظة مسلمون ، وهم يعتبرون القرآن كتابهم الشرعي المقدس . و هم ينتمون إلى طائفة تدعى عبادي أو بيازي التي كانت بالنسبة للمؤرخين العرب معروفة ، لكن السواح الأوروبيين لم يلاحظوهم ، حسب اعتقادي .

    يطلق كل من السنة و الشيعة على هذه الطائفة بالخوارج ، وهذا الإسم هو شتمة مكروه في عمان مثلإ سم الرافضة الفرس ، و يشبه إسم الزنديق عند الألمان .
    ذكر ابو الفرج الخوارج ، و أنا لا أشك بذلك ، بأن هؤلاء خوارج الذين ذكرهم سالس في كتابه :

    ( Sales: Preliminary discourse, p. 173 and History of the Ottoman Empire by Rycaut, p. 227 and
    Pesockii Specimen historia arabum, p. 26. 269 )

    و مبادؤهم التي و صفتها في كتابي ، صفحة 21 و التي تتفق مع ما ذكره الآخرون عن الخوارج بأنهم لم يعترفوا باية فضيلة للذين جاؤوا بعد النبي محمد و علي من العرب الآخرين من العوائل العربية القديمة . ولم أعرف أحدا من المسلمين أقل ابهة و عيشة بسيطة معتدلة مثل البيازي . هم لا يدخنون السجائر و لا يشربون القهوة و كذلك لا يشربون المشروبات . ان لباس الشريف و الوجيه منهم لا يختلف عن لباس الفقير منهم . و هم يرتدون العقال فوق الراس و يحملون سيفا ثمينا أو سكينة ( خنجرا ) على الجانب .
    فلم يسمحوا لأنفسهم بالتأثير بمعاناتهم و عواطفهم الشديدة ، و هم مؤدبون تجاه الغرباء أي يحترمون الأجانب ، و يسمحون لهم العيش في مدينة مسقط وفق قانونهم الخاص و بكل هدوء وحرية تامة .

    و بالعكس في اليمن ، فإن اليمنيين يجبرون الوثنيين ( البوذيين ) على دفن جثث موتاهم دون حرقها . لقد أجبر اليهود في البلدان الإسلامية على ارتداء ملابسهم الأصلية المميزة و التي تختلف عن ملابس الآخرين ، في حين سمح لهم هنا أن يرتدوا الملابس العربية . فإذا أراد بوذي أو يهودي أو مسيحي أن يتزوج مسلمة في البلدان السنية فعليه إما أن يعتنق الإسلام أو يدفع ضريبة ( جزية ) مالية كبيرة على الأقل ، بينما عند البيازي في مدينة مسقط ، فإن الحكومة لم تهتم بذلك . وأن يتجه الغريب إلى قوم النساء و هم معروفون بأن يتركوا النساء للمسلمين لقاء نقود . تعيش مجموعة كبيرة من النساء الفاسقات في منزل خاص خارج المدينة .

    ( توجد في الهند راقصات أيضا مثل ما موجودة في مصر و في قسطنطينة . فمن يدفع لهن أجرا يبدأن بالرقص و الغناء . ان الراقصات الوثنيات لا يتزوجن ابدا . و بناتهن يتعلمن المهنة من أمهاتهن ، وأولادهن يصبحون جنودا بصفة عامة . و في إحدى الليالي طلبنا ، أنا و شخصان بريطانيان بمسقط من أحد الهنود أن يجلب لنا الراقصات اللواتي بدأن بالرقص و الغناء ، لكني وجدت أن رقصهن و غناءهن لم يكن أفضل من الراقصات في مصر .

    و في الليلة التالية طلبنا بجلب ثلاثة شبان هنود ، كان أحدهم يعزف على ألآلة الموسيقية فيولين التي رسمتها في اللوحة 16 E و الآخر يقرع على صحون معدنية و الثالث يقرع على الطبلة المربوطة بجسمه . غنى و رقص الثلاثة ، و قد نظرت إلى هؤلاء الشباب بمتعة و إعجاب . لكني لم افهم من أغانيهم الهندية كلمة واحدة ، إلا أني فهمت كل شيئ تقريبا من خلال قسمات و ملامح وجوههم و الإيقاعات الموسيقية . وقد غنى الثلاثة على الأغلب عن الحب و الأفعال البطولية , وفي إحدى الأغنيات تصوروا البرتغاليين في حالتهم الحالية . وهؤلاء البرتغاليون ليسوا أبطالا كما كانوا في القرن الماضي عندما احتلوا الهند . فلم يبق لديهم مما امتلكوه في هذه المنطقة من العالم إلا القليل ، إلا أنهم أظهروا من خلال أحاديثهم و أغانيهم و من كل تصرفاتهم بأن البرتغاليين لا زالوا يفتخرون كالسابق ، كما عبر الهنود عن ذلك ، بحيث لم يحدث بصورة أفضل عند المسرحيين الهزليين الأوروبيين .

    فبدلا من الراقصات كن يرقصن في مكان واحد و يحركن أجسامهن ، كان الراقصون الثلاثة يقفزون و يتحركون بكل الإتجاهات . و بصورة عامة غنى المطربون الثلاثة و عزفوا الموسيقى وفق الإيقاعات المنتظمة . كانت كل ألحانهم تشبه الألحان العربية و الفارسية و التركية ، ربع أو نصف إيقاع كما سمعتها . وهم يغنون ضمن إمكانياتهم أي إمكانية من إمكانيتين ، فإذا غنى عدة مطربين في نفس الوقت ، فإن المرء يستمع إلى أن الجميع يؤدون نفس اللحن و الإيقاع ، و ليس كما يغني صوتا ثخينا عميقا ثابتا مثل الباس Bass

    و مما تجدر الإشارة إليه أن الشرطة هنا ممتازة جدا ، بحيث لا يسمح لأحد القيام بسرقة ، ونادر حدوثها . و يستطيع المرء أن يرى سيارات و عربات التجار موجودة في الشارع طوال الأسابيع . فلا يسمح لأحد أن يسير في الليل في الشارع بدون مصباح ( سراج ) ، لكي لا تهرب البضائع . و بسبب الضريبة أو التسعيرة الجمركية فإن الحكومة لن تسمح لأي قارب أن يصل إلى البر بعد غروب الشمس ، و حتى التنقل من سفينة إلى أخرى .

    للإمام في هذه المدينة والي أو حاكم و وكيل أو مدير لدائرة الجمارك ، حيث يخضع جميع التجار و الأجانب ( الغرباء ) إلى تعليماته و تعليمات القاضي .

    إن عدد نفوس الوثنيين أو الهنود ، سواء أكانوا تجارا أم عمالا أم خدمة المقيمين هنا يبلغ حولي 1200 شخصا . يعيش هنا عدد قليل من اليهود ، ولا يعيش أوروبي واحد . كانت عندي توصيتان خطيتان حصلت عليهما من بومباي ، إحداهما موجهة إلى وكيل هذه المدينة و الأخرى إلى دلال ( سمسار ) البريطانيين الوثني ، حيث رحبا بي أجمل ترحيب . لم أقم بزيارة الوكيل إلا نادرا ، لأني لم أرغب في الإجابة و التحدث عن شؤوني و أعمالي هنا و خاصة عن سبب قيامي بالسير و المشي بكثرة خارج المدينة ، و هذا الشيئ لم يعتاد عليه الوكيل من الأوروبيين الذين جاؤوا إلى هنا سابقا .

    و السبب الآخر هو تعرفي على زوجين عربيين و شيخ اليهود الذين كانوا كلهم يعرفون البلاد جيدا . و بواسطتهم حصلت على معلومات و أخبار جغرافية مختلفة عن عمان ، التي سيجدها المرء في كتابي و صف المنطقة العربية .

    أود هنا التحدث عن موقع مدينة مسقط التي رسمت مخطط تاسيسها في اللوحة XV .

    مدينة مسقط ، مدينة محصنة منيعة من الناحيتين الطبيعية و الفنية . تقوم على جانبي الميناء صخور مرتفعة صلبة بحيث أنها تحمي السفن الراسية في الميناء من كل الرياح ، بحيث يمكن لربان السفينة أن يرمي مرساته بكل سهولة . كما توجد بطاريات و قلاع فيها مدافع قوية مثبتة . فمن القلاع أخص بالذكر قلعتين ، قلعة ميراني و قلعة الجليالي العجيبتين ، لأنهما واسعتان و ملتصقتان بالمدينة على صخور قائمة . إن البطارية و الأبراج الثلاثة صغيرة . و المدينة كلها محاطة بسور ( جدار ) ضعيف ، و له ثمانية ابراج أو أغلبها بطاريات و مدافع . الجانب الشمال الغربي هو الأضعف لأن 4 يوجد هنا في سور المدينة شبابيك من الخشب . و قد أزاحت مياه الأمطار الشديدة أثناء موسم الأمطار الصخور من الجبال المحيطة لكي تجد مجرى لجريان المياه . ولأن المواطنين هناء بسطاء لا يهتمون بالجاه و الراحة مثل غيرهم المسلمين ، لذا فإن بيوتهم سيئة على الأغلب إضافة إلى الجامعين ( المسجدين ) الصغيرين المظلمين ، ليس لأحدهما مئذنة ( منارة ) . إن أفضل المباني ( البنايات ) الموجودة في هذه المدينة هو مبنى الكنيسة البرتغالية الذي أصبح مسكنا للوالي .
    و المبنى الثاني هو مخزن كبير للبضائع . توجد أراضي شاسعة خارج المدينة و فيها بعض الحدائق ( البساتين ) التي تضفى نخيلها و اشجارها في موسم الصيف الحار ظلالها الوارفة الباردة المنعشة ، بحيث يشعر المرء ببرودة و لطافة الهواء . أما الفن فلا يمكن للمرء أن يذكره و يتحدث عنه .

    إن البيوت خارج سور المدينة و التي يطلق عليها المرء بضواحي مدينة مسقط ، هي جزء مثل باقي البيوت داخل المدينة ، إلا أنها أسوء بكثير ، وهي عبارة عن أكواخ مكسوة ( مغطاة ) بالحصير ( الحصران ) . كلها ثابتة من الطبيعة . و الأرض الواسعة محاطة بصخور قائمة جرداء ، لها ثلاثة مخارج ضيقة يمكن الدفاع عنها بسهولة . يؤدي المخرج الخامس إلى سدوف و المخرج السادس الآخر يؤدي إلى كالبو و المخرج الثالث ( 7 ) يؤدي إلى مطرح Mattrach . و الموضعان الأولان هما قريتان سيئتان و الثالثة هي عبارة عن مدينة سيئة فيها قلعة واحدة ، و كلها تقع على البحر .

    تقع مسقط أيضا في نهاية الخليج ، بين صخور قائمة على سلسلة من الجبال أو أنها شبه جزيرة . إن إرتفاع قطبها تبعا لمشاهداتي و مراقبتي يبلغ
    23 درجة و 37 . و بعدها عن بومباي تبعا لملاحظات ربان كابتن السفينة البريطانية 12 درجة نحو الغرب . كما لوحظ هنا في يوم الهلال أو البدر الكامل أن منسوب الماء في الساعة الحادية عشر يصل إلى الأعلى و أن المد يرتفع 12 إلى 14 قدما إلى الأعلى . وأن ميل أو إنحراف الأبرة المغناطيسية يكون بين أربع و خمس درجات نحو الغرب . توجد عند قدم أحد الجبال ( 8 ) بئر ( عين ) التي تزود مدينة مسقط بالماء النقي البارد في فصل الجفاف . يقوم ثور و بكل صعوبة ( كما في B 15 من كتابي وصف المنطقة العربية عن إنسان ) يحمل و يسحب الماء في قربة من الجلد إلى الأعلى و يسكبها في خزان للماء ، و من خلال الأنابيب يوصل الماء إلى الميناء . و حتى أصحاب القوارب باستطاعتهم أخذ المياه و بكل سهولة . يبدو أن توصيل الماء بهذه الطريقة هو من صنع البرتغاليين (9 ) يسيل الماء من خلال أنبوبين ، كان لهما صنبوران حنفية كما نتوقع لقفلهما .
    أما الآن فيتم قفلهما بواسطة الجلود التي يتم فكها عدة مرات ، عنما يريد المرء أخذ الماء . و في كلتي القلعتين ، الأولى و الثانية ، توجد خزانات كبيرة للماء ، و التي تملأ دائما . اراد بعض السواح الآخرين التأكيد على أن الأمطار لا تهطل مرة واحدة بالسنة على مدينة مسقط :

    ( راجع : Voyage d Ovingron Tom, II., p. 127

    إن وصف هذه الرحلة جيد . وهذا دليل على أن الرحالة لا يمكنه الحصول على أخبار و معلومات يعتمد عليها . راجع أيضا الكسندر هاملتون
    Alexander Hamilton الذي قال بأن العرب في مسقط لم يستطيعوا سحب ورفع الأسماك . و قد رأى بنفسه أن أحد صيادي الأسماك كان واقفا مناديا تعال تعال تعال لغرض سحب الأسماك من البحر بكميات كبيرة إلى الأعلى . وقد رأيت هنا في هذا الميناء أسماكا كثيرة لم أشاهد قبلها في أي مكان من العالم ، و لم اسمع بأن الأسماك تأتي إلى الساحل ( الضفة ) عندما يناديها شخص عربي . جلس صيادو الأسماك على أخشاب صغيرة ليخدموا أنفسهم و كذلك صيادي الأسماك في الخليج العربي .
    ( راجع كتابي : وصف المنطقة العربية ، صفحة 215 ) . وهم يصطادون الأسماك إما بالشبكة أو بواسطة الصنارات ( الشص ) و لكن مع حبوب أو بذور نباتية مخدرة تخدر السماك ) .

    و في أثناء إقامتي في هذه المدينة كانت الأمطار تهطل بغزارة يوميا من اليوم الثاني عشر إلى اليوم السابع عشر من يناير / كانون الثاني . وكان الجو عندنا ملبدا بالغيوم الكثيفة ، حيث اردت مغادرته لولا انتظاري من أجل مراقبة وقياس إرتفاع القطب ، ومن أجل ذلك بقيت ليلة الحادي عشر/ الثاني عشر من يناير .

    و في أشهر الصيف ، خاصة عندما تصل الشمس رأس السمت ، و تشع اشعة الشمس الساقطة على الصخور القائمة ، فإن الحرارة في هذه المدينة ستكون مرتفعة ، لكنها أفضل من مناطق أخرى في هذا العالم . تبدو الجبال على ساحل عمان قائمة و غير خصبة أي جرداء ، وعلى العكس من ذلك فإن الوديان أفضل و خصبة .
    يجد المرء في مسقط الفائض من كل أنواع الفواكه الجميلة ، واللحم هنا بكميات و بصورة جيدة ، والبحر يقدم فائضا من الأسماك .

    ومن المنتوجات الزراعية التي تصدر من عمان هي التمور المفضلة . فمن هنا تملأ و تشحن السفن إلى موانئ مختلفة من الخليج العربي باتجاه الهند و المناطق الأخرى . تعتبر مسقط أيضا من أكبر المخازن للبضائع المستوردة من الخليج الفارسي إلى حضرموت واليمن و الحجاز والهند ، أو من هنا تشحن البضائع إلى الخليج الفارسي .
    وهكذا تحدث أريانوس و غيره من الكتاب اليونانيين عن موسكا Mosca ميناء في هذه المنطقة ، وأعتقد أنه يقصد مسقط . ليس لأن الأسماء متقاربة فحسب ، بل لأن الساحل مكون من صخور متينة قائمة صلبة ، و أن الماء بقربها عميق ، ولا يمكن للمرء أن يقول غير ذلك ، بأن ميناء مسقط كان منذ آلاف السنين جيدا و قويا ولا زال حتى الآن في هذا العصر كذلك .

    لم يذكر ابو الفداء و كذلك نصر الدين في جداوله و قوائمه ولا عند أولغ بيك إسم مدينة مسقط .
    سوحار ( سوهار ، سحر ) كانت من أهم المدن التجارية في عمان . و ربما كانت حكومة مسقط في ذلك العصر بسبب طبيعتها ، منشغلة بعدم استطاعة مواطنيها بمزاولة التجارة مع البلدان الخارجية . ولهذا السبب كان إسم مسقط بالنسبة للكتاب المذكورين أعلاه غير معروف .
    وحسب إعتقادي لم يسافر أحد الأوروبيين إلى داخل أراضي مسقط .
    تستحق محافظة (ولاية ) مسقط من ناحية وصف أراضيها الجغرافية و طبيعتها إلى زيارة دقيقة . وحسب ما سمعت هنا عن مسقط ، بأن المرء يسافر إلى منطقة الإمام التي يتوفر فيها الأمن الكبير أكثر من اليمن .

    ( راجع : Ovingron Tom, II. p. 136
    Hamilton: Account of the East Indies, T.I. p. 58
    تحدث العرب ضد إدوارد سايج Eduars Saij الذي قال أن باخرته أصيبت بكسور عند ساحلهم ( ساحل عمان ) ، و هذا يدعم ما ذكرته أنا أعلاه ) .

    لم تسمح حالتي الصحية و ظروف أخرى أن أواصل هذه الرحلة . تقابل المرء هنا فرص كثيرة للسفر إلى الخليج الفارسي ، سفن صغيرة التي يسميها العرب طراد أو تراتكي ( رسمت بناءها في المجلد الأول صفحة 285 ) .

    لم أنصح أحدا بأن يسافر ( يبحر ) بها ، لأن الجو في هذا الفصل ملبد بالغيوم و متقلب وكذلك لم يكن المرء متأكدا عن عدم وجود سراق و قراصنة أثناء الإبحار . ولا يخشى المرء على ظهر سفينة أوروبية .

    عاد الكابتن ( الربان ) برايس Price الذي سافرت معه من بومباي إلى مسقط . لذا فإني خططت مسبقا لرحلتي إلى الخليج الفارسي على ظهر سفينة بريطانية التي كانت تنتظرنا في بومباي . وصلت السفينة إلى هنا بتاريخ 12 يناير / كانون الثاني . ولما كنت اخشى بألا تتاح لي مثل هذه الفرصة من اجل الإبحار إلى الخليج الفارسي ، و لهذا السبب تركت للآخرين الرحلة إلى داخل عمان الذين سيفدون إليها من بعدي والذين سيجابهون وقتا وحاولات جوية افضل مما عليه الآن . غادرت مسقط في يوم الثامن عشر من يناير / كانون الثاني متوجها إلى بوشهر ( أبوشهر ) .

    ألمانيا في 8 ديسمبر 2009




    نعمتان مجهولتان الصحة و الأمان


  • #2
    ما شاء الله موضوع مشوق بس طـــويــل
    مشكورررر,,,,,,
    http://www9.0zz0.com/2009/10/03/09/858842668.jpg

    تعليق


    • #3
      موضوع حلو
      http://www.l22l.com/upload-l22l/b722347148.jpg

      تعليق

      يعمل...
      X