على امتداد العالم الإسلامى .. مساجد ومعاهد شكلت تاريخ أوطانها، وشعوبها وثقافتهم .. وازدهرت معها الدعوة وقويت في أرجاء المعمورة .. ارتبطت برقي الإنسانية وانتصاراتها على مدى التاريخ .. وبينها كانت مساجد شكلت علامات .. ومواقف وتاريخ .. ومعها نبحر .. احتفظ الجامع الكبير بكل خصائص التصميمات والفنون الفاطمية، مئذنتاه، ومدخله الرئيسي، والأروقة الصغيرة لا تزال قائمة .. ومجاز القبلة، وقباب رواق المحراب وعقود الأروقة، يقترب المسجد في سعته من مساحة مسجد عمرو بن العاص ويشبه في كثير من تفاصيله عمارة بن طولون، وأخذ بعض فنون من الجامع الأزهر ولكنه ينفرد عن المساجد الثلاثة بواجهة لا مثيل لها، ليقوم في زاويتيها الشمالية والجنوبية برجان عظيمان، يكسبان المسجد مظهر القلاع، ويتكون كل منهما من مكعبين أجوفين يعلو أحدهما الآخر، ويخرج منهما اثنان من أروع المآذن الإسلامية، ويزدانا بزخارف بالغة الحسن .. عليها كتابة بالخط الكوفي .. المدخل الرئيسي للجامع في منتصف الواجهة.. ويبرز عنها بنحو ستة أمتار .. تثير رؤيته في النفس ذكريات، وتبعث في الذهن صورا من مجد المسلمين، فيجمع بين ملامح قصر المشتى في الشام، ومدخل قصر الأخيضر بالعراق الذى شيده هارون الرشيد، كما يذكرنا بالمسجد الجامع بمدينة المهدية أول مدائن الفاطميين .. وتجسيد آلامهم وجراحهم التاريخية والتي ما زالت دماء الصالحين فيها تنزف.عاش العلويون معاناة بالغة القسوة منذ مقتل الإمام على بن أبي طالب وبعد أن أثيرت عليه عواصف الفتن والدسائس، وقامت الخلافة الأموية، وقتل بعده بقليل ابنه الإمام الحسين عندما طالب اتباعه بالخلافة له، جاهد العلويون في مواجهات مع الأمويين، ودفعوا الثمن غاليا، وذهبت ثمرة جهادهم إلى فرع آخر من البيت النبوى هم العباسيون.. وظل أبناء علي (كرم الله وجهه) وفاطمة الزهراء (على أبيها الصلاة والسلام) مطاردين في الأمصار، مبعدين عن الخلافة حتى من الله عليهم بها .. وتأسست الخلافة الفاطمية العظيمة في أقصى الغرب من العالم الإسلامي، وكان الوهن قد تملك الحكم العباسي في بغداد، كما أكلت الصراعات قلب دولة حكم المماليك في مصر والشام، وتطلع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إلى استنهاض الأمة على يد آل البيت، فانتقلت دولتهم إلى مصر، وأقاموا فيها صروفا من العدل والهداية، ولم يخل الأمر من إبداع وفنون راقية مازالت باقية وطرز معمارية وسلوكيات احتفالية في المناسبات الدينية والأعياد الإسلامية.. ما زالت آثارها باقية في طقوس واحتفالات شعب مصر.
اشتمل بناء الفاطميين (الحاكم بأمر الله) على صحن مكشوف تحيط به أروقة مسقوفة وناحية المحراب خمسة أروقة تسير عقودها في موازاة جدار القبلة، وفي كلا الجانبين ثلاثة أروقة تتجه عقودها عمودية على الجدار، وفي الجهة البحرية رواقان تسير عقودهما بموازاة حائط المحراب .. واحتفظ جانب القبلة بخصائصه المعمارية ففيه نافذتان قديمتان، وجانب من الدعائم وما تحمله من عقود، وجزء كبير من السقف، وطراز الكتابة الذي يحف به من أسفل، وتدل مظاهر عناصره المعمارية على تأثر مهندس البناء فيه - إلى حد كبير- بعمارة مسجد أحمد بن طولون، فنقوش العقود وشكل الدعائم واحد، وطرازا الكتابة في المسجدين وإن اختلفا من حيث الفن في تصوير الحروف ورسم الكلمات، وتباينا من حيث العبارات التي نقشت عليها فهي في جامع ابن طولون من الخشب وفي الحاكم بأمر الله من الجص .. فقد اتفقا في انهما يتضمنان آيات من القرآن الكريم تحت السقف، وإن تميز الأخير بالمجاز الممتد من الصحن إلى المحراب الذي ظهر لأول مرة في الأزهر .. ويلاحظ أنه ينتهي عند المحراب بقبة عظيمة ترتكز قاعدتها من جهة الجنوب على جدار القبلة، ومن ناحية الشمال على عقد مواز لذلك الجدار ممتد بين حائطي المجاز، ومن اليسار واليمين عقدان متوازيان عموديان على حائط المحراب، ويتكئ طرفا كل عقد من هذه العقود الثلاثة على عمودين متجاورين من الرخام.. وتكون مع جدار القبلة غرفة مربعة يزدان أعلاها بطراز من الكتابة الكوفية محفور في الجص، وقد أقيم فوق زواياها، أربع كوى غير نافذة انقلب بها المربع إلى شكل ثماني (إسلامي) استقرت عليه القبة.. وفي أقصى اليمين وأقصى اليسار من جدار المحراب قبتان صغيرتان .
هذه الروعة في الإبداع تبعث إلى الذهن سؤالا .. هل القبة من اختراع المسلمين..؟إلا أن حقائق التاريخ ودراسة الفنون تؤكد أن أهل مصر والعراق والرومان خبروها في العصور القديمة، وكانت في أغلبها قبابا صغيرة تحمل فوق غرف مستديرة، وكان استعمالها محدودا .. وفي القرن الثاني الميلادي اهتدى السوريون إلى ابتكار طريقة معمارية لإنشاء القبة فوق غرفة مربعة، وفي القرن الثالث توصل الفرس إلى طريقة أخرى تؤدي إلى الغرض ذاته.. ولكن المسلمين أخذوا القبة باليمين من هذه الأمم .. صغيرة .. بسيطة .. ساذجة .. وردوها باليد الأخرى إلى الإنسانية كلها كبيرة .. عظيمة .. معقدة .. جميلة .. بفضل تهذيبهم للاختراعات السابقة وتحسينها، وساروا بها في مدارج الرقي خطوات واسعة، وتجلت في إنشائها براعة بنائيهم، فأكثروا من استعمالها حتى اضحت من المميزات البارزة في العمارة الإسلامية.
أما الأوتار الخشبية التي نراها ممتدة بين دعائم الجامع، فتعد عنصرا جديدا يظهر لأول مرة في مساجد مصر، وقد ولد في بيزنطة قبل الإسلام.. وطوره المسلمون .. واستخدموه لأول مرة في أقدم وأروع آثارهم القائمة، في القبة العظيمة التي أقامها الخليفة الأموى عبدالملك بن مروان فوق صخرة بيت المقدس (الطاهرة) عام 72 للهجرة، ثم شاع استعمالها .إلا أنه للاسف .. فقد سادت البلاد فوضى اجتماعية في النصف الثاني من عصر الحاكم بأمر الله وقد تأثر المسجد وعمارته .. أما أبلغ الضرر فقد الحقه به خصومه وخربته يد الإهمال أزمانا .. اتخذه الصليبيون مقرا لجندهم، وأقاموا بين جدرانه كنيسة يتعبدون فيها، كما وضعت في أروقته مخزنا لأدوات حكومية، واتخذت الأوقاف من فضاء الصحن مكانا لسقط متاعها .. وأقامت في جانب منه بناء (مدرسة ابتدائية) فبدا عابسا كئيبا شاهدا على ظلم عهود وقرون حاق بآل البيت رضوان الله عليهم .. وغفر لنا ..!
وعذرا على الاطالة
اشتمل بناء الفاطميين (الحاكم بأمر الله) على صحن مكشوف تحيط به أروقة مسقوفة وناحية المحراب خمسة أروقة تسير عقودها في موازاة جدار القبلة، وفي كلا الجانبين ثلاثة أروقة تتجه عقودها عمودية على الجدار، وفي الجهة البحرية رواقان تسير عقودهما بموازاة حائط المحراب .. واحتفظ جانب القبلة بخصائصه المعمارية ففيه نافذتان قديمتان، وجانب من الدعائم وما تحمله من عقود، وجزء كبير من السقف، وطراز الكتابة الذي يحف به من أسفل، وتدل مظاهر عناصره المعمارية على تأثر مهندس البناء فيه - إلى حد كبير- بعمارة مسجد أحمد بن طولون، فنقوش العقود وشكل الدعائم واحد، وطرازا الكتابة في المسجدين وإن اختلفا من حيث الفن في تصوير الحروف ورسم الكلمات، وتباينا من حيث العبارات التي نقشت عليها فهي في جامع ابن طولون من الخشب وفي الحاكم بأمر الله من الجص .. فقد اتفقا في انهما يتضمنان آيات من القرآن الكريم تحت السقف، وإن تميز الأخير بالمجاز الممتد من الصحن إلى المحراب الذي ظهر لأول مرة في الأزهر .. ويلاحظ أنه ينتهي عند المحراب بقبة عظيمة ترتكز قاعدتها من جهة الجنوب على جدار القبلة، ومن ناحية الشمال على عقد مواز لذلك الجدار ممتد بين حائطي المجاز، ومن اليسار واليمين عقدان متوازيان عموديان على حائط المحراب، ويتكئ طرفا كل عقد من هذه العقود الثلاثة على عمودين متجاورين من الرخام.. وتكون مع جدار القبلة غرفة مربعة يزدان أعلاها بطراز من الكتابة الكوفية محفور في الجص، وقد أقيم فوق زواياها، أربع كوى غير نافذة انقلب بها المربع إلى شكل ثماني (إسلامي) استقرت عليه القبة.. وفي أقصى اليمين وأقصى اليسار من جدار المحراب قبتان صغيرتان .
هذه الروعة في الإبداع تبعث إلى الذهن سؤالا .. هل القبة من اختراع المسلمين..؟إلا أن حقائق التاريخ ودراسة الفنون تؤكد أن أهل مصر والعراق والرومان خبروها في العصور القديمة، وكانت في أغلبها قبابا صغيرة تحمل فوق غرف مستديرة، وكان استعمالها محدودا .. وفي القرن الثاني الميلادي اهتدى السوريون إلى ابتكار طريقة معمارية لإنشاء القبة فوق غرفة مربعة، وفي القرن الثالث توصل الفرس إلى طريقة أخرى تؤدي إلى الغرض ذاته.. ولكن المسلمين أخذوا القبة باليمين من هذه الأمم .. صغيرة .. بسيطة .. ساذجة .. وردوها باليد الأخرى إلى الإنسانية كلها كبيرة .. عظيمة .. معقدة .. جميلة .. بفضل تهذيبهم للاختراعات السابقة وتحسينها، وساروا بها في مدارج الرقي خطوات واسعة، وتجلت في إنشائها براعة بنائيهم، فأكثروا من استعمالها حتى اضحت من المميزات البارزة في العمارة الإسلامية.
أما الأوتار الخشبية التي نراها ممتدة بين دعائم الجامع، فتعد عنصرا جديدا يظهر لأول مرة في مساجد مصر، وقد ولد في بيزنطة قبل الإسلام.. وطوره المسلمون .. واستخدموه لأول مرة في أقدم وأروع آثارهم القائمة، في القبة العظيمة التي أقامها الخليفة الأموى عبدالملك بن مروان فوق صخرة بيت المقدس (الطاهرة) عام 72 للهجرة، ثم شاع استعمالها .إلا أنه للاسف .. فقد سادت البلاد فوضى اجتماعية في النصف الثاني من عصر الحاكم بأمر الله وقد تأثر المسجد وعمارته .. أما أبلغ الضرر فقد الحقه به خصومه وخربته يد الإهمال أزمانا .. اتخذه الصليبيون مقرا لجندهم، وأقاموا بين جدرانه كنيسة يتعبدون فيها، كما وضعت في أروقته مخزنا لأدوات حكومية، واتخذت الأوقاف من فضاء الصحن مكانا لسقط متاعها .. وأقامت في جانب منه بناء (مدرسة ابتدائية) فبدا عابسا كئيبا شاهدا على ظلم عهود وقرون حاق بآل البيت رضوان الله عليهم .. وغفر لنا ..!
وعذرا على الاطالة
تعليق