كثير منا يحب السفر، بل أحيانا يعشقه لكن قليلا منا من يستعد ويخطط له التخطيط الجيد والمتقن، ويدرس جميع جوانب الاستفادة منه. حيث تجد وللأسف مفارقات غريبة بين السائح العربي والسائح الأجنبي ابتداء من الذهاب إلى المطار وفترة الانتظار وعلى متن الطائرة ، فتجد السائح الأجنبي (الغربي) يحمل كتابا طيلة فترة السفر، وينهمك في قراءته، أو يكتب أو يراجع مشروعا في حين تجد السائح العربي يبحلق في عيونه، وينظر يمنة ويسره، ويتمعن في خلق الله وكأنه أول مرة يرى فيها الناس . وبعد الوصول إلى محطة السفر تجد السائح العربي شبه ضائع لم يدرس جيدا طبيعة المطار، ولا وسائل النقل فيه ولا آلية التعامل معها، في حين تجد السائح الأجنبي يحمل خريطة ومذكرة، والآن يستعين بالجوال ويعرف جيدا أين يتجه وكيف يتصرف، ولديه إلمام مسبق عن كافة الأماكن التي سيتوجه لها، أو يمر بها وقرأ جيدا وخطط مسبقا لهذه الرحلة، وليس على طريقة وخطة أخونا العربي (طقها والحقها).هذا من جانب، أما الجانب الآخر فهو خيارات السفر فالسائح الغربي يحرص على السفر إلى البلد الآمن والمستقر والذي يحترم السياحة ومقوماتها، في حين تجد السائح العربي لم يدرس جيدا هذا الهاجس الأمني والسياحي وربما يسافر إلى بلد يعج بالاضطراب والفوضى والانفلات الأمني، ويعرض نفسه وعائلته وبلده لمشاكل هو في غنى عنها. في الوقت الذي لديه خيارات أخرى متاحة أفضل بكثير من تلك البلدان المضطربة . ويحضرني هنا مثل دارج يقول ( يا غريب كن أديب)، حيث تجد بعض السياح العرب قد يقحم نفسه في أماكن أو أوضاع أو مواقف أو تصرفات كان عليه أن لا يصل إليها حتى لايقع في تبعاتها التي قد تفسد عليه جو وأهداف الرحلة، وتعرضه للمساءلات القانونية وربما الغرامة والحجز والسجن.علينا إذن أن نفكر كثيرا قبل السفر، ونعيد حساباتنا حوله، بل نحرص و نعد له وكأنك تعد لمشروع ترغب الحصول عليه ضمن منافسة كبيرة مع آخرين. فجانب المعرفة المسبقة للبلد وطبيعته وأنظمته وثقافته والتعامل مع أفراده والمعرفة الجيدة بالأماكن المختارة والبعيدة عن أي شبهة والتخطيط الكامل لكل أيام الرحلة، وعامل التوقيت والهاجس الأمني والقانوني كل ذلك جزء من مطالب متعددة ومهمة للسفر حتى ننعم بفوائده الكثيرة، ونحقق منه الأهداف المرجوة.
عبدالرحمن الحبيب
جريدة عكاظ
عبدالرحمن الحبيب
جريدة عكاظ
تعليق