إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القبائل التي حكمت عمان في الإسلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القبائل التي حكمت عمان في الإسلام

    بمجيء الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي إماماً لعمان تقدم مسرح التاريخ العماني للقبائل الحاكمة إلى السلالة الخامسة في صدر الإسلام .

    أما القبائل الأربع السابقة هي ، آل الجلندي ، آل اليحمدي ، النبهاني ، اليعربي .
    [align=center]يا أيها الجيل الذي يبني غدا كن في بنائك حازمنا مقداما[/align]

  • #2
    يسلموووووووووو العميل


    بس لو زدت المعلومات شوي
    ممنوع وضع إعلانات في التوقيع والصور الرمزية

    تم تحرير التوقيع بواسطة الكـووس
    إدارة عاشق عمان

    تعليق


    • #3
      معلومات حلوه.. لو ذكرت الحكام بعد يكون زين
      http://www.omanlover.org/vb/uploaded/719_1163883072.jpg

      تعليق


      • #4
        هلا العميل .........
        أتمنى المزيد من المعلومات في هالموضوع
        أحم أحم....... الـسـلـطـانـة أحـــــم
        ~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~:f164: :shaaay:[ الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته، الحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته، الحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته، الحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه ]:f164: ~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~

        تعليق


        • #5
          السلام عليكم ورحمة الله

          لدي اقتراح جميل.. مارأيكم لو تفضل بعض الأعضاء بإعطاء صورة تفصيلية عن كل قبيلة من هذه القبائل والفترة التي حكمت فيها عمان, كأن يتكلم أحدنا عن دولة اليعاربة وآخر عن آل سعيد, وهكذا

          لنبدأ من أول الترتيب:

          - آل الجلندي
          - آل اليحمدي
          - النبهاني
          - اليعربي
          - آل سعيد
          [align=center]http://www.omanlover.org/vb/uploaded...1165058154.png[/align]

          [align=center]
          كقبضة اليد قلبي في مساحته
          :
          :
          لكنه ساحة كبرى لحبيبته [/align]

          تعليق


          • #6
            مشكور على الموضوع يا طيب
            «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»فريق البؤساء«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

            تعليق


            • #7
              حكم آل نبهان
              يتفق المؤرخون على أن حكم بني نبهان استمر خمسة قرون تقريبا (1154ـ 1624م) عرفت الأربعة القرون الأولى بفترة النباهنة الأوائل, التي انتهت بحكم سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني. وعرفت الفترة الثانية بفترة النباهنة المتأخرين, التي امتدت من عام (1500 إلى 1624م) حيث انتهت مع قيام دولة اليعاربة وظهور الإمام ناصر بن مرشد (1624م) (1)

              يعد عصر النباهنة من أكثر فترات التاريخ العماني غموضا : بسبب قلة المصادر التي تناولت هذه الفترة. لكن ما وصل إلينا من معلومات يعطي انطباعا بأن عصرهم كان عصر تنافس وصراعات داخلية. من الصعب تتبع أحداث هذه الصراعات, لكن من الثابت أن تدهور الأوضاع الداخلية قد أغرى الفرس لمحاولة احتلال عمان...

              كل ما يعرفه العماني عن النباهنة أنهم عاشوا حياة الترف والرفاهية. وأنهم طغوا وتجبروا, وعاثوا في الأرض فسادا. فرضوا الضرائب الباهظة على الرعية. كثرت في عهدهم الصراعات الداخلية فيما بينهم, وبينهم وبين غيرهم من زعماء القبائل والأئمة المنتخبين. وكان السبب هو التنافس على السلطة. على العموم وصف عهدهم بأنه عهد استبداد, وعرفت الفترة التي حكموا فيها بأنها فترة سوداء في التاريخ العماني.

              إن تاريخ النباهنة غير واضح المعالم, وغير مروي بطريقة سليمة, لقد لعبت الأهواء كثيرا في كتابته وصياغته, وروايته ونقله. كما تعرض لإغفال المؤرخين, وتحييده, وتزهيد الناس في الاطلاع عليه, أو قراءته قراءة صحيحة. يقول الشيخ السالمي: <<وحيث كانت دولة هؤلاء مبنية على الاستبداد بالأمر وقهر الناس بالجبرية لم نجد لدولتهم تاريخا ولا لملوكهم ذكرا إلا من ذكره الستالي منهم في ديوانه>> (2)

              هذا النص يؤكد ما ذكرناه من تعمد الناس إخفاء تاريخ هؤلاء : لأن سيرتهم لم ترقهم, رغم ما في حكمهم عليهم من تحفظات واعتراضات. بل إن الباحث نفسه يقر بحقيقة, كانت السبب في ضياع التاريخ العماني, واضطرابه أحيانا : <<... وأهل عمان لا يعتنون بالتاريخ فلذلك غابت عن ا أكثر أخبار الأئمة فكيف بأخبار غيرهم.>> (3) ونحن نتساءل كيف يمكن أن يكون ما ذكره الستالي في ديوانه عن أخبارهم هو المصدر الوحيد - حسب ما أخبر الشيخ السالمي - وهو قد عاش ما بين ( 584 - 676 هـ) (4) كما أنه لم يتعد ما أتى به مدحهم, والتزلف إليهم. ثم هو لم يذكر في شعره عنهم ما يدل على ما يميزهم, وما يختص بهم. <<ولا نستطيع أن نتتبع هذا الصراع عند قيام دولة بني نبهان; لأن مصدرنا الوحيد عن تلك الفترة هو الستالي, الذي كرس شعره في مدح ملوك بني نبهان الأوائل, والثناء عليهم, دون أن يتعر ض لسلبياتهم, التي من ضمنها ذلك الصراع الدموي على السلطة(5). لكن سليمان بن سليمان الملك الشاعر أشار إلى ذلك الصراع في قصيدة شعرية, ناشد فيها أخاه حسام بن سليمان, بأن يترك الحرب, ويركن إلى السلم والمصالحة, ولكن يبدو أن حساما لم يستجب لتلك النصائح, فصمم على انتزاع السلطة من يد أخيه سليمان إلى أن لقي حتفه في ذلك الصراع الدائر بينهما...>>(6) كيف يمكن أن يفيد القارئ شيئا من أخبارهم, فضلا من أن يعرف حقيقتهم?

              وقد أدرك هذه الحقيقة من كتب عن النباهنة من غير العمانيين, يقول أحد الباحثين <<ومن جانب آخر أحجم المؤرخون العمانيون عن كتابة تاريخهم, إذ اعتبروا فترة حكمهم فترة سوداء في التاريخ العماني; ولذا غاب عنا تاريخهم. ومن هذه الناحية اعتبر عهدهم عهدا مظلما في التاريخ العماني.>> (7)

              كما أن في رواية تاريخهم ونقله اضطرابات وخللا كبيرا.وإن كانت المشكلة عامة تواجه المؤرخ لتاريخ عمان, إلا أن ها أكثر بروزا في حكم النباهنة : <<ومن المشاكل الكبرى التي تواجهنا في دراسة تاريخ عمان في الفترة بين عامي (549 - 908هـ / 1154 ـ1406م) تداخل الأحداث وتضارب التواريخ, واختلافها وتناقضها أحيانا; حتى إن تواريخ مبايعة الأئمة ووفياتهم, التي أعطاها المؤرخون العمانيون جل اهتمامهم تداخلت تماما, بحيث لا يوجد تاريخ محدود متفق عليه لبداية حكم كل منهم...>>(8)

              الأمثلة على هذا التداخل, وعدم الدقة في رواية الأحداث والأخبار كثيرة في حياة النباهنة, وهو ما يبعث الشك في ما روي عن هؤلاء, ويسبب مشكلة للمؤرخ الذي يبغي الوصول إلى الحقيقة. مثلا إن المؤرخين والدارسين غير متفقين على تاريخ بداية حكم النباهنة, فابن رزيق يذكر أن قوة النباهنة الأوائل كانت في السنة الخمسمائة من الهجرة النبوية. (9) والشيخ السالمي ينقل عن صاحب كشف الغمة: <<ولعل ملكهم كان يزيد على خمسمائة سنة, قال إلا أنه كان فيما بعد هذه السنين يعقدون للأئمة والنباهنة ملوك في شيء من البلدان والأئمة في بلدان أخر واللّه أعلم>> (10) يذكر الشيخ السالمي ذلك من دون أن يحدد بداية هذه السنوات, التي تبدو أن ها كانت تقريبا من منتصف القرن السابع الهجري, فقد أشار قبل الحديث عنها إلى وفاة القاضي أبي عبد اللّه الأصم سنة 631 هـ وقال: إن الش اعر الستالي (584 - 676هـ) عاصر ملوكهم الأوائل ومدحهم.(11) أما الشيخ سالم السيابي فيقول: إن حكمهم بدأ في القرن السادس الهجري .(12) ويقول أحمد درويش : إن <<التاريخ الذي أثبته صاحب كتاب الشعر العماني لعهد النباهنة وهو (549ـ 1024 هـ) يبدو غير دقيق من طرفيه, خاصة إن المؤلف ذاته أشار بعد صفحات قليلة إلى وفاة سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني سنة 951هـ.>>(13)

              يقول أحمد درويش أيضا: <<تظل فترة حكم النباهنة الطويلة واحدة من الفترات القلقة الغامضة في التاريخ العماني, سواء من حيث تحديد تخومها أو تفاصيل وقائعها, أو الحكم على قيمتها. فحول هذه النقاط تتداخل الآراء وتتضارب من مؤرخ لآخر,بل إن ها أحيانا تتضارب عند المؤرخ الواحد في الكتاب الواحد...>>(14) أعطى أمثلة على ذلك مما كتبه ابن رزيق والشيخ السالمي; مما عده تضاربا وتناقضا, يؤتى به في كتاب واحد.(15) <<ومن سوء الحظ أن تاريخ عمان في ذلك الوقت لم يكن مدونا بصورة جيدة, حيث إنه للمرة الثانية توجد أدلة إيجابية على وصول العمانيين إلى ساحل أفريقيا. وفي ذلك الوقت كان ملوك النباهنة هم حكام عمان, أو جزء من عمان. ويقال في تاريخ <<باتي>> إن السلطان سليمان بن سليمان بن المظفر عندما طرده اليعربي, جاء إلى <<باتي>> عام 1204م/ 601هـ ومعه كثير من الثروات, وتزوج ابنة الحاكم القائم, ويدعى إسحاق وحصل على المملكة كهدية الزواج. ويبدو أن التاريخ والاسم هما أبعد ما يكون عن الحقيقة. فالشخص الوحيد المعروف باسم سليمان بن سليمان بن المظفّر في التاريخ العماني هو ذلك الملك الذي تغلب على عمر بن الخطاب في الحرب, ثم قتل بعدها بست سنوات في نزوى عام 1500م/906هـ كما أن اليعاربة لم يتولوا الإمامة حتى عام 1624م/1034هـ>>(16)

              التناقض في الحكم على النباهنة يبدو في الانطباعات التي سجلها ابن رزيق عنهم, فهو يقول: <<إن بني نبهان كانوا ملوكا عظاما بعمان, ولهم فيها من المكارم والملاحم شأن أي شأن. أمّا ذكر ملوكهم على التفصيل إلى الجملة فمتعذر لكثرتهم. وكل واحد منهم هو في ذلك الزمان بعمان.>>(17) وبعد صفحات عرض فيها شيئا من سيرة بعض حكام بني نبهان قال: <<وبالجملة إن ملوك بني نبهان لم يكن منهم إمام عادل يرضى به الأنام. بل كان أكثرهم أهل جور وظلم, فهم فيه يعمهون. ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون.>>(18)

              إن عصر النباهنة لا يزال فترة غامضة في التاريخ العماني; فتفاصيله لم تكشف بعد, لأسباب تبقى مجهولة. يقول الشيخ سالم بن حمود السيابي: <<والواقع إن غموض تاريخهم بسبب جورهم وظلمهم, فكرهتهم الأمة, والظلم لا تبنى عليه دار, ولا يقوم له منار, وإن ما هو البوار, فلا يغتر به إلا جاهل خليع>>.(19)

              واضح من هذا النص وغيره الأحكام العاطفية والانطباع المتسرع واجترار آراء الآخرين, من دون الاستناد إلى حجج وأدلة, ومن دون النظر في الآثار المروية, وتمحيص ما يقدم. وقال الشيخ سالم السيابي أيضا: <<وقد ضاع تاريخهم التفصيلي, وكان ينبغي حفظه ليكون لسانا معبرا عن الأحوال التي أحالت الأمر إليهم, ثم أحالته إلى غيرهم>>.(20) وبعد أن ذكر أو ل ملوك النباهنة الثلاثة, قال:<<هؤلاء الثلاثة لا يعرف هل هم تتابعوا عل الملك, أم كانوا اقتسموه في آن واحد, ومشوا فيه مشية ازدهاء, ولا يعرف تسلطهم على الأمة بأي طريق كان>>.(21) ثم سرد مجموعة من الملوك الذين تعاقبوا على الملك بعد ذلك إلى أن قال: <<توالى هؤلاء على الملك, وسيطروا على الأمة قهرا, وفعلوا شنائع تشمئز منها النفوس. وذهب تاريخهم ضياعا, حيث إن العلماء كانوا يبغضونهم, ولا يعتنون بأخبارهم, وهؤلاء العشرة تتابعوا أول بني نبهان. فهؤلاء المذكورون لم يعرف تاريخهم... بل كنت (وهو يتحدث عن صباه) أقرأ أو أسمع كلمات لبني نبهان, تدل على التأنيب لهم, أو أن هم جبابرة ظلمة.>>(22)

              كيف نطمئن إلى تاريخ ينقل عن طريق السماع المحتمل للخطأ والظن , المبني على عدم الثبوت واليقين, ويقدم بقراءة معينة, قد تصطبغ بألوان, وتتزيا بأزياء? وكيف يمكن الحكم على تاريخ لم ينقل بتفصيل ودقة? وكيف ينظر إلى تاريخ غامض أو غير معروف, من ينقله وينتقده يعترف بغياب كثير من الحقائق عنه? وكيف يوثق بأحكام وآراء تسجل نتيجة أهواء وميول وتحيز, أو بنظرة قاصرة محدودة, مأسورة بأفكار مسبقة? وبخاصة حين يصرح بعض المؤرخين أو الناقلين لهذا التاريخ أن القوم الذين لا يلتقي هواهم مع النباهنة, يبغضونهم, ومن ثم لا يعتنون بأخبارهم وأحوالهم.

              هنا نقول إن الأحكام التي صدرت عن النباهنة في حاجة إلى إعادة النظر, في حاجة إلى تمحيص وتثبت وتحليل واختبار... ونتساءل في الوقت نفسه, كيف أهمل المؤرخون تاريخهم; لعدم الاكتراث بهم, وعرفوا ملوكهم واحدا واحدا?

              قال ابن رزيق: <<اعلم أن قوة ملك بني نبهان العمانيين الأولين بعمان كانت في السنة الخمسمائة من الهجرة النبوية, ولم أجد لهم تاريخا يشتمل على كواينهم البسيطة; لإغفال علماء السير والمؤرخين من أهل عمان لإبراز كواينهم ومجرياتهم, وإهمالهم لكواينهم وماجراياتهم, فأي ام دولتهم (محل الخاطر)(23) مرتبة سامكة...>>(24)

              إذا كان أحد فرسان التاريخ, وأحد الذين عنوا بكتابة تاريخ عمان, وهو ابن رزيق,لم يتمكن من معرفة أحوال بني نبهان بدقة, فكيف لنا أن نطمئن, إلى ما قيل عنهم كل الاطمئنان?

              هكذا تبدو الصعوبة التي تواجه من يريد الكتابة عن النباهنة, وتظهر المشقة لمن يتصدى لتصحيح بعض المفهومات, ويلوح العنت لمن يحاول الظفر بالجديد في الموضوع من معلومات; حين يقف الإجماع عائقا كبيرا على تغيير النظرة عن النباهنة. ويشعر الدارس الموضوعي بحرج كبير في نقد النصوص, وغربلة الأخبار, وفحص الوثائق, واختبار النوايا من الكتابة, وقياس مدى كفاية من كتب تاريخا... لكن كل هذا يجب ألا يقف حجر عثرة في سبيل الوصول إلى الحقيقة, بل علينا ألا نخاف من التاريخ حتى لا نجني عليه. ما يطلب منا هو إعداد مخطط منهجي لدراسة هذا التاريخ, والبداية تكون بعرض مجموعة من القضايا والإشكالات, التي تعين على الكشف عن الحقيقة, والتحلي بالموضوعية والأناة في العرض والمناقشة والتحليل وإصدار الأحكام, من دون الانطلاق من أفكار مسبقة, أو الكتابة عن هوى معين. هذا ما نحاول السير عليه - بإذن اللّه - في هذه الدراسة.

              مآخذ المؤرخين على النباهنة

              ليس كل ما ذكره المؤرخون عن النباهنة من مآخذ وسلبيات وتعديات وتجاوزات...يستند إلى أدلة مقنعة, ويعتمد على حجج دامغة. أو على الأقل هو لا يقوم دليلا على أن ما وصف به النباهنة هو عين الحقيقة, وذات الصواب, بمعنى إنه حصل فعلا, كما حدث وسجل المؤرخون. إن الوثائق حول ذلك ناقصة نقصا كبيرا.

              لقد اتسم ما ذكروه وكتبوه - في معظمه - بالوصف الإنشائي, والسرد العام المتكرر عند كل باحث وكاتب تقريبا, بخاصة عند المؤرخين العمانيين. وهو ما يفتح المجال لإعادة كتابة هذا التاريخ, وإعادة النظر في بعض الأحكام التي صدرت في حق هم. يقول الشيخ سالم السيابي : <<وعمان أيام الإمام عمر بن الخطاب كانت غاصة بأهل العلم, وكلهم وافقوا على ذلك التغريق وأمضوه, لما صح لديهم من أعمال بني نبهان, الذين استمرؤوا الظلم وركنوا إليه. واللّه يملي للظلم حتى إذا أخذه لم يفلته, وسحق اللّه الظلم ومحا أرسمه في قوم عاد وفرعون وقوم لوط وأصحاب الأيكة, كل ذلك بسبب ظلمهم, والظلم لا تبنى عليه دار والعياذ بالله.>>(25)

              يبقى الحكم علي بني نبهان بأنهم ظلمة وجبابرة متسلطون هو الحكم العام الذي رسخ في أذهان الناس, وما يتداولونه فيما بينهم... وهذه الأوصاف تظل هي ما خلعه عليهم المؤرخون, وأقنعوا الناس بذلك; من دون أن يذكروا من أعمال الجبروت والظلم هذه, أو مظاهره إلا القليل. قال الشيخ سالم السيابي : <<... ذلك لأن جماعة بني نبهان خلطوا المظالم كبيرها وصغيرها, أرضها وماءها وغللها وحيواناتها, وأصولها المنقولة وغير المنقولة, والدماء بأنواعها, وكل ما يطلق عليه اسم مال إذا أرادوه طردوا أهله عنه, وناهيك بأعمال خردلة في سمائل.>> (26)

              ذكروا مثلا عن <<خردلة بن سماعة بن سليمان بن نبهان>> طغيانه وجبروته وظلمه الناس واستغلاله لهم. من ظلمه أن أي شخص لا يستطيع أن يزوج وليته إلا بإذنه, وكان يشترط على الولي أن يكون له نصف الصداق العاجل <<وإذا طلقت أو مات زوجها, كان الآجل كله له, وكان يكلف الناس من الأعمال مالا يطيقون ولا يبالي. كان يأخذ من النخل باسم الزكاة السبع, أي من السبع النخلات نخلة, ويسقي أمواله بمياه الناس, ويتولى أموال المساجد والمدارس ونحوها, ويكلف الناس حمل الخراج الذي يفرضه عليهم إلى الحصن بعنف...>>(27)

              وكان من ضحاياه العلامة أحمد بن النضر, الذي وقف له بالمرصاد, ورفض تقديم نصف الصداق له, حين عزمت ابنة أخته أن تتزوج. فقتله برميه من أعلى الحصن : <<ويقال إنه أرسل إلى جماعته أقاربه فقتلوا في بيوتهم, وأحرق كتب الشيخ, ونهب كل ما في بيته>>.(28)

              وأشاروا إلى سليمان بن مظفر وأعماله الغاشمة. فقد وصفه الشيخ سالم السيابي بأنه كان جبارا طاغية <<وكانت سمد الشأن للجهاضم من آل مالك بن فهم, وهم سكانها, وكان سليمان جائرا عليهم, ضاغطا عليهم, يعاملهم بالإهانة, التي أوجبت خروجهم من ديارهم, وتفرقهم في نواحي بلاد عمان ثلاثين سنة...>> (29)

              و ذكروا ما صنعه سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني. قال الشيخ السالمي <<وبقي سليمان بن سليمان أيا ما ملكا بالقهر والجبرية, متغلبا على من تحته بالسلطة والقهر. ينسب إليه من الأعمال ما ليس بالجميل, ولم تطل أيامه حتى بايع المسلمون محمد بن إسماعيل, فظهر أمر المسلمين, وأذل اللّه الجبابرة المعاندين>>.(30) كما نقلوا قصته مع المرأة التي هجم عليها وهي تغتسل بفلج الغنتق بنزوى, وكيف هربت, وكيف أجهز عليه محمد بن إسماعيل, وقضى عليه, فنجت المرأة من ظلمه.(31)

              وأشاروا إلى الصراع الذي كان بين النباهنة أنفسهم على السلطة, والتهارش بين أبناء العم (32) <<...لكن يبدو أن انقساما قد وقع بين النباهنة أنفسهم... ثم تجددت الصراعات مرة أخرى حينما تمكن سلطان بن محسن بن سليمان النبهاني من استعادة ملك أجداده وانتزاع مدينة نزوى عام ( 964 هـ 1556م) إلا أنه لم يتمكن من السيطرة على داخلية عمان.

              <<وقد بقيت البلاد تتنازعها الانقسامات والحروب الأهلية إلى أن تمكن سليمان بن مظفر بن سلطان من السيطرة على داخلية عمان, واتخذ من مدينة بهلا مقرا لحكمه, ونجح العمانيون في صد هجوم فارس على مدينة صحار, لكن ما لبثت الفتن أن أطلت برأسها من جديد. ولما كانت مدينة بهلا مقرا لحكم النباهنة فقد حرص كل زعيم منهم على أن ينفرد بحكمها; لذا فقد انقسمت البلاد بين أشخاص, نصبوا من أنفسهم ملوكا على مدن وقطاعات, اتسمت أوضاعها بالضعف. وامتد الصراع إلى منطقة الظاهرة, التي كان مسيطرا عليها أبناء الملك النبهاني فلاح بن محسن>>.(33)

              يشير الشيخ سالم بن حمود السيابي إلى القتال الذي دار بين الإمام مالك بن الحواري وأهل الرستاق, من دون أن يحلل أو يعلق عليه, إن ما يكتفي بقوله: <<ولكن لم يصر ح التاريخ بالسبب الموجب لذلك.>>(34) كما أنه لم يتساءل لماذا لم تكن بين النباهنة والإمام الحواري بن مالك حروب ولا شقاق, على خلاف ما كان حاصلا مع بقية الأئمة الآخرين. مع أن مدة حكم الإمام الحواري دامت ثلاثا وعشرين عاما.(35)

              يصف الشيخ السالمي الأوضاع المتردية في عهد النباهنة, ويتأسف على ما آلت إليه حال عمان, ويسجل ما أصاب عمان من ظلام : <<... وخربت عمان بعد العدل والأمان, وعاثت فيها الجبابرة, وقل فيها العلم والخير, وانضمت العلماء في بيوتها, ولزمت سربها...>>(36)

              وقال: <<من الملاحظ أن هذه الفترة (906-1034هـ/ 1500 - 1624م) خلت من منصب الإمامة, ماعدا أولئك الأئمة الثلاثة, الذين كانوا في بدايتها, وهم بركات بن محمد الإسماعيلي الحاضري وعمر بن قاسم الفضيلي وعبد الله بن محمد القرن.. كما يلاحظ اختفاء العلماء الغيورين على إصلاح شأن المجتمع, فاختفت بذلك الدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وعمت الفوضى ربوع البلاد, حتى وصلت إلى حالة يرثى لها من التمزق والتناحر, وكان الصراع على السلطة على أشد ما يكون>> (37)

              إن الصراع والت قاتل والت نافس على الملك لم يغب عن عمان في أية مرحلة من مراحلها- تقريبا - إلا أن الذي يلام على ذلك هم النباهنة وحدهم, ويركز عليهم في هذا الصدد, وتلتمس الأعذار أحيانا لغيرهم.(38) يتأمل في هذا المجال ماكتبه وذكره الشيخ سالم السيابي عن إمامة موسى بن أبي المعالي بن نجاد بن موسى والصراع مع الملك محمد بن مالك, وخروج أهل عمان على الملك, ومبايعة الإمام, مع أن الملك كان <<كما يظهر من حاله عادلا قائما بواجبات الملك, مراعيا لأحوال الأمة بالعدل, مصلحا للأحوال التي يستدعيها الوقت, الذي هم فيه, وكانت له نصائح(39) إلى هؤلاء القائمين عليه; خوفا من شق العصا, وابتعادا من إثارة الفرقة بينهم...>>(40)

              ينظر تعليق الشيخ سالم السيابي على هذا السلوك, ويقارن بينه وما كتبه وسجله عن النباهنة, وتقييمه لسلوكهم : <<بويع بالإمامة (أي موسى بن أبي المعالي) سنة 549هـ, وهذا الوقت اشترك فيه ثلاثة أئمة مع الملك محمد بن مالك, وكان ذلك لاختلاف الأمور وتسلط الأهواء, وحب الر ئاسة, لا غير. ولن تقوم قناة قوم والحال هكذا, ولكن كل الأمور بيد اللّه عز وجل , يصرفها كيف يشاء, وإلا فما الداعي إلى هذه الأحوال التي تقع بين أهل مذهب واحد, في قطر واحد, وما الداعي إلى الافتراق, فتصير الأمة إلى فرق شتى. وفي هذه الأثناء افترقوا إلى رستاقية ونزوانية, فكثرت الأئمة وضعفت الأمة, وحل الخذلان والشتات في إخوان مجتمعين واللّه المستعان>>.(41)

              لماذا يحمل النباهنة وحدهم وزر التهارش وعاقبة التفرق والتخلف, ويتأسف - فقط - على ما قام به غيرهم? أليس في ذلك مغالطة للتاريخ; خوفا من التاريخ نفسه? وتحرزا وتحفظا من الخروج عن الإجماع : إجماع الناس على وصف النباهنة بالظلم والغطرسة والجبروت والصراع على السلطة...

              تبقى صورة النباهنة في نفوس المؤرخين العمانيين - بخاصة - هي نفسها, لا تتغير, صورة الظلم والتنافس على الملك, والصراع من أجل الإفادة من خيرات البلاد بأية وسيلة كانت, ولو كانت غير مشروعة. فيظل النباهنة المتأخرون سائرين في درب أسلافهم, ولا تغير الأيام والأحداث من أمرهم شيئا. يحرص المؤرخون على تسجيل ذلك, وينقل اللاحق عن السابق الفكرة نفسها, ويتبنى النظرة ذاتها; لتتخذ الصورة الشكل النمطي, الذي لا يتخلف عند كل من يكتب عن النباهنة. يقول الشيخ سالم السيابي : <<اعلم أن النباهنة المتأخرين هم أحفاد النباهنة الأولين. بقيت في نفوسهم دعوى الملك وأحقيته دون غيرهم; لأنهم أبناء السلاطين المتقدمين, وقد اقتسموا الملك... ولكن مازال بينهم تنافس, وما زالوا يلتمسون الغفلة عن بعضهم البعض, وإذا أمكنتهم الفرصة اغتنموها, وإن لم تمكنهم نكصوا على أعقابهم, ورجعوا إلى مراكزهم>>.(42)

              لماذا يحمل النباهنة وحدهم مسؤولية تدهور الأوضاع? ولماذا يوصمون بهذه الصفات من دون غيرهم? وقد عاش إلى جوارهم أو في عهدهم أئمة ورؤساء وقبائل, بدر منهم بعض ما وصف به النباهنة, ولم ينع عليهم ذلك إلا بشكل بسيط.

              كما أن السؤال الذي يفرض نفسه هو كيف عاد النباهنة إلى السلطة من جديد بعد هزيمتهم ودحرهم, حسب ما تذكر المصادر التاريخية العمانية? ألم يكن السبب هو التناحر الذي حصل بين الأئمة وزعماء الأمة? ألم تكن الفوضى وسوء الأوضاع هي السبب في ذلك? يقول الشيخ سالم السيابي وهو يتحدّث عن الحالة التي آلت إليها الأوضاع في عمان بعد وفاة الإمام عمر بن الخطاب, من الافتراق والتنازع والتخاذل <<وراحوا ينصبون الأئمة, ويتجاذبون الأمور, ويتخاذلون فيما بينهم, وكل فرقة ترى الحق لها, وترى أنها أولى بالأمر من غيرها, وبهذا الحال أصبحوا في انحلال, فتراهم يبايعون إماما, ثم لم يشعر إلا وإمام آخر يقوم خلفه. وبذلك تفككت القوى ووهنت الأمور, وأصبح العدو يطمع في القهر على أهل الحق , فكانت العاقبة غير محمودة... وفي هذه الآونة ثارت الروح النبهانية إلى العرش العماني, مستغلة ذلك الافتراق... بقي هؤلاء الأمراء والرؤساء يتزعمون الملك, وكل واحد منهم يرى أنه الأحق بالملك والأولى بالسلطان, واختلفت الأهواء, ووقع الذل المرير على أهل الفضل في عمان, وكاد سلطان المسلمين لا يبقى له أثر, ولا تقوم له قائمة في هذا العهد>>.(43)

              ويقول الشيخ السالمي: <<... وبنصب الأئمة في وقت واحد, تشتتت الكلمة, وتفرقت الجماعات, وضعفت دولة المسلمين وقوتهم وطمع فيهم من كان لا يطمع, فصار الملك متفرقا في أيدي الرؤساء من النباهنة وآل عمير وآل هلال... كثر التنازع والاختلاف ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا,ومات بركات بن محمد, وصار الملك بعده لبني نبهان ورؤساء القبائل>>.(44)

              ويقول باحث آخر : <<... ونظرا للصراع الذي دار بين سليمان بن سليمان بن مظفر وبين الأئمة, لذا فقد تمكن النباهنة من استغلال الموقف لصالحهم, ومن خلال عدة معارك اتسمت مجملها بالمباغتة, تمكن النباهنة من إعادة سلطتهم مرة ثانية>>.(45)

              إن عودة النباهنة إلى السلطة بعد فترة قصيرة, كان بسبب الصراع والنزاع والفوضى التي عمت البلاد, وأسهم فيها الأئمة أنفسهم. إذن لم يكن النباهنة - وحدهم - ظالمين, متكالبين على السلطة, فوضويين, متناحرين. فقد شاركهم غيرهم هذا المسلك. فلماذا يحاسبون وحدهم على هذا المصير? أم إن هناك هدفا آخر وراء هذا التحامل? فتكون كل هذه الحملات على النباهنة, وتسليط الأضواء عليهم وسرد الأحداث, وتوجيهها بطريقة معينة. يكون الهدف من كل ذلك هو الكشف عن دور غيرهم في إنقاذ عمان من الفوضى والتدهور والتخلف. رب ما يرجح ذلك ما ذكره الشيخ سالم السيابي: <<... في هذا العهد قامت حوادث بعمان أشبه بإرهاصات النبوة, وشهرت أحوال ذكرها المؤرخون, إن دلت على شئ فإنما تدل على إشعاع سماوي, يتجلى على ربوع عمان المظلمة بغيوم الفتن, التي مرت, وبظلام الشرور التي طالما أرخت سدولها على هذا الأفق العزيز, ولله الأمر من قبل ومن بعد...

              هنا انتهى الدور الذي لعبه بنو نبهان بعمان, طيلة تلك المدة النائية التي مازالت مغطاة بغبار المظالم, ومشحونة بالحوادث السيئة, التي تباعدت عن مقتضيات الشرع الشريف, وأخذت جانبا قصيا عن معالم الحق>>.(46)

              لقد أقر الشيخ سالم بن حمود السيابي هو نفسه أن انتقال الحكم إلى بني نبهان, ورجوعه إليهم ثانية كان بسبب الفوضى والتناحر اللذين حصلا في عمان(47)

              حاول ابن رزيق بدوره تحميل النباهنة مسؤولية الفوضى التي حدثت بالبلاد, وهو ما أدى إلى زوال ملكهم, ليبرز دور غيرهم في إنقاذ عمان, قال: <<وبالجملة إن ملوك بني نبهان لم يكن منهم إمام ولا ملك عادل, يرضى به رب الأنام, بل كان أكثرهم أهل جور وظلم, فهم فيه يعمهون, ولا تحسبن اللّه غافلا عما يعمل الظالمون. فلما قضى اللّه بكشف الضر عن عمان وأهلها, ويضيء بالعدل وعرها وسهلها, أظهر لها شمس الهدى, الساقي العدا, أهل الاعتداء كأس الردى, وهو الإمام الأرشد ناصر بن مرشد بن سلطان بن مالك اليعربي>>.(48) هذا الحكم الذي أطلقه ابن رزيق يتناقض مع ما أشار إليه من اتصاف بعض ملوك النباهنة بحسن الأخلاق, وشرف المكارم(49)

              إن التناحر والتصادم لم ينقطعا عن عمان حتى في زمن الإمام ناصر بن مرشد اليعربي, فقد كان في كل مرة يتجه إلى ناحية ليفتح بلدا, أو يرد هجوما, أو يخمد ثورة(50) فلماذا يركز - فقط - على أخطاء النباهنة?

              ليس معنى ذلك أن ما ذكره المؤرخون العمانيون عن النباهنة ليس صحيحا. بل إن كثيرا مما ذكروه, أو تأولوه حدث. وقد كانت البلاد في أواخر عهدهم - مثلا - مسرحا للفوضى والتفكك والتمزق والتشتت, وقد انقسمت عمان إلى ممالك صغيرة, وتدهورت الحياة الاقتصادية والسياسية فيها <<... إلى أن قيّض اللّه لعمان رجلا من بين رجالاتها, تميز ببعد البصيرة, ألا وهو ناصر بن مرشد اليعربي, الأمر الذي جعل أهل الحل والعقد في عمان يعقدون له الإمامة سنة 1034هـ/1624م, وبذلك بدأت في عمان مرحلة جديدة من التلاحم والوحدة والاستقرار, استهلت عمان عصرا ذهبيا, انعكست آثاره على الأمن وصلاح الأحوال>>.(51)

              الانطباع نفسه سجله شكيب أرسلان(52). كما أن الشيخ سالم السيابي تحدث عن الحالة نفسها, أي تدهور الأوضاع في نهاية حكم النباهنة وافتراق الأمة, وبروز بشائر تعلن عن زوال الغمة وكشف الكرب, وإنقاذ البلاد من الفوضى والتدهور. (53) إلا أن تعليق الشيخ على هذه الحالة لم يكن في شدة اللهجة التي كان يتكلم بها عن النباهنة. لماذا لم يتساءل عن حال عمان قبل عهد النباهنة, وحال الافتراق التي كانت عليها في بعض فترات اليعاربة? أو على الأقل لماذا لم يظهر سخطه على سوء الأحوال في هاتين الفترتين, كما كان يفعل حين يكون المتحد ث عنهم النباهنة? (54)

              ما نطلبه هو التناول الموضوعي للتاريخ, والتحلي بروح النقد والتحليل والاستنتاج والمقارنة, والاستقلالية في الر أي, والتمتع بالشجاعة في نقل التاريخ ونقده. والتميز بالأمانة في تعريف الأجيال بتاريخهم, وإعطائهم الفرصة لمعرفة حقيقة ما جرى; حتى يفيدوا منه, ويعتبروا به ومنه; فينطلقوا انطلاقة حسنة في بناء حياتهم, وكيان بلدهم, على أسس سليمة, تكون مشيدة على الصدق والوفاء, مرتكزة على السعي لمعرفة الحقيقة, مستندة إلى مبدأ الإنصاف والعدل والنزاهة.

              وللإنصاف نقول إن الصراع الذي حدث في عهد النباهنة أسهم فيه - إلى جانبهم - أئمة, دخلوا في تنافس فيما بينهم, وبينهم وبين النباهنة <<ويدل ذلك على عدم استقرار الأوضاع وكثرة القلاقل والحروب في تلك المرحلة, وذلك لعدم بقاء الأئمة في منصب الإمامة لمدة طويلة: نتيجة للتنافس على السلطة بين نظام الإمامة وسلطة بني نبهان, المتمثلة في ثورات وخروج سليمان بن سليمان>>.(55)

              ينظر ما قاله الشيخ سالم السيابي عن إمامة محمد بن خنبش بن محمد بن هشام (ق.6هـ) وكيف علق على حالة الأمة في تلك الفترة, قال: <<... فإن هذه الآونة هي وقت إمامة محمد بن أبي غسان وإمامة موسى بن أبي المعالي, وإمامة راشد بن علي , وإمامة خنبش بن محمد, وإمامة ولده محمد المذكور, والاحتمال يوجب كون المذكورين في نفس تواريخهم; لأن عمان في هذا الأوان قسمان, وبها إمامتان, فهما دولتان واللّه المستعان... انسحب ذلك القرن, فسحب بقية العلماء الذين زاولوا الإمامة في تلك الأيام, وأقاموا دعائم الحق , وإن اختلفوا فيما بينهم, فإن ما هو خلاف في أمر القيام بالعدل بين المسلمين, ولكل واحد اجتهاده. فإنا لا نقدر أن نلوم أحدا منهم, وإن تأسفنا على الواقع...>>(56)

              يكتفى هنا بسرد الأحداث, والتماس الأعذار; إذ أن ماصنعه هؤلاء كان يصب في صالح الأمة, وأنه اجتهاد, لا يلامون عليه, ويحتمى بالتأسف والتحسر. رغم ما لحق عمان من انقسامات ومن فوضى, هيّأت الظروف لاستيلاء النباهنة على السلطة في عمان, بشهادة الشيخ سالم السيابي نفسه. بينما يلام النباهنة, ويشهر بأعمالهم ويشنع بها.

              يتأمل أيضا ما ذكره الشيخ سالم عن إمامة محمد بن سليمان وعمر الشريف وابن عبد السلام, ينظر ما حدث من تلاعب الناس بمنصب الإمامة : من التولية والعزل والنكوص. يلاحظ كيف سرد الشيخ الأحداث, وكيف علق عليها; مقارنة بما كان يقوم به حين يتعلق الأمر بما كان يفعله النباهنة.

              قال أيضا : <<لما انتهت الأمور النبهانية, وتقرر حكم تغريق أموالهم, وانطبق عليه المسلمون, وتمت الحجة على ذلك, اختار اللّه عز وجل لعبده ما عنده, فتوفي الإمام عمر بن الخطاب, وبقي في نفوس أهل الباطل من السوء ما بقي كما عرفت, بايع المسلمون محمد بن سليمان بن أحمد بن مفر ج القاضي البهلوي, ولم يطل عهده, فأنه من المحتمل أنه رأى الأمور تنظر إليه شزرا, بحيث سبق من آبائه تغريق أموال الملوك النباهنة, والملوك مرهوبون من قبل سواد الأمة, فاعتزل عن الإمامة, أو أنهم عزلوه, للأحوال التي يلاحظ وميض نارها, وما كل مجتهد مصيب.>> (57)

              يتأمل عرض الشيخ سالم السيابي هذه القضية, ويمعن النظر في تعليقه عليها, وكيف حاول تبرير موقف الإمام المعتزل أو المعزول. وكيف يبقي على تصرفات غير النباهنة دائما أنها اجتهادية. هذا الاجتهاد مسموح به; لأنه كان نبيل المقصد, سليم النية, ليس فيه مكر ولا خديعة, كل ما في الأمر أن أصحابه مخطئون, لهم أجر اجتهادهم. بينما ما يفعله النباهنة, ليس فيه أية ذرة من الاجتهاد. إن المؤرخين لا يعطون لأنفسهم أية فرصة لتأمل تصرفات النباهنة, ما دام قد سبق في الأذهان أنهم ظلمة وجبابرة. إن الشيخ يكتفي بقوله حين يتعلق الأمر بغير النباهنة: <<فهذا الحال شبيه بلعب الصبيان, لا يرضاه الدين ولا الإيمان... أمّا كون الأمور على هذا الشكل, فمن القبائح التي ليتها لم تكن. فإن هذا العهد تبص فيه نار النباهنة تحت الر ماد>>.(58)

              أمّا الشيخ أبو إسحاق طفيش فيقول عن النباهنة : <<آل نبهان الذين ملكوا عمان فترة من الإمامة من حدود منتصف القرن السادس الهجري إلى القرن العاشر الهجري, وكانوا على شيء من بذخ الملك والجبروت وأبهة السلطان, وكثير منهم ينزع إلى الشهوات. ولهم شعراء فحول, مدحوهم بطوال القصائد وممتعها, بشعر من أرقى طبقاته. يؤخذ من ثناياه أن ملك بني نبهان كان على جانب من القوة والسطوة والمدنية, الآخذة بقسط من الابتكار والإنشاء والعمران, ولم يكونوا راغبين إلى شهوات فقط...>>(59)

              إن الشيخ أبا إسحاق يقدم النباهنة على أنهم أساؤوا إلى الحكم في عمان, وارتكبوا أخطاء, وأنهم أحسنوا إليها أيضا, ولهم في حكمهم إيجابيات. فلا يمكن غمط حقهم, والنظر إليهم من زاوية واحدة فقط, هي زاوية الفساد والإفساد. فما هي إيجابياتهم?

              إيجابيات النباهنــة

              رغم ما وصف به عهد النباهنة من ظلم وظلام, وقهر وجبروت, ومن تدهور وترد ... إلا أنه سجل لهم فضل ودور في النهوض بالحياة بعمان, وذكرت لهم منجزات وأعمال, كان لها أثرها الإيجابي على عمان. قال الشيخ سالم السيابي : <<لقد لعب بنو نبهان بعمان دورا كبيرا وابتنوا لهم قواعد, وركبوا في أيامهم كل صعب وذلول...كان بنو نبهان أسرة بارزة في محيطها, لها قدرها وشأنها الأزدي, فإن عمان أول أمرها أزدية باتفاق>>.(60)

              قول الشيخ سالم السيابي يكشف عن اعترافه بمكانة النباهنة وقدرهم ودورهم في حياة عمان, وإسهامهم في تطويرها. إلا أن الفكرة التي أسرته, ولم يستطع الانفلات منها, والنظرة التي قيدته, ولم يستطع التنصل أو التخلي عنها, هي أن عصر النباهنة كان عصر ظلام وظلم. بدليل قوله وهو يقدم النباهنة أو يعر ف بهم: <<والنباهنة قوم من العتيك معروفو النسب, صار الملك إليهم بعد الأئمة السابقين, وذلك لأمر أراده الله تعالى في عباده. فإنهم لما افترقوا فرقتين, وصاروا طائفتين متعاديتين, نزع الله دولتهم من أيديهم, وسلط عليهم العقوبة من أبناء جلدتهم, وأهل ملتهم, وجعلهم رعايا, بعد ما كانوا رعاة, وضحايا بعد ما كانوا هداة, وأسارى لا تعرف لهم حقا>>.(61)

              إن النباهنة صيرهم الله حكاما على أهل عمان عقوبة لهم على ما آلوا إليه من فرقة وشقاق, وخروج عن شرع الله, هذا ما يعتقده الشيخ سالم السيابي في النباهنة. فهو وإن سجل لهم دورا, فهو لم يتمكن من أن ينفلت من النظرة التي تقيده دوما, وهي أن النباهنة لم يكونوا سوى ظلمة وطغاة, جبابرة وبغاة... هذه النظرة لا تغيب عن ذهن الشيخ, ولا تخلف كل ما كتب عن النباهنة.

              إن هذا هو الإجماع الذي لا يمكن الخروج عنه. غير أن ابن رزيق خرج عن هذا الإجماع في بعض ما كتب عن ملوك بني نبهان, وقال عنهم : بأن هم عظام كرام, لهم ملاحم, ولهم شأن كبير, وأنهم من الكثرة, بحيث يتعذر ذكرهم كلهم بالتفصيل : <<وكل واحد منهم هو هو في الشأن والسلطان في ذلك الزمان بعمان, ولكن الفلاح بن محسن هو الأشهر منهم جودا ونسبا وسياسة. وكان مسكنه في مقنيات من أرض السر , وهو الذي بنى فيها الحصن السامك, فسماه الأسود. وهو حصن عال منيع, وهو الذي غرس شجرة (الأمبا) بمقنيات, فكثرت في عمان, وكانت هذه الشجرة قبله لا توجد في عمان... وكان الفلاح محبا للشعراء والشعر, مكرما لمن مدحه. وقد مدحه موسى بن حسين بن شوال بجملة قصائد, ومدحه غيره من أهل عصره, أجازهم وأنعم عليهم>>.(62)

              إذن إن ملوك النباهنة لم يكونوا كلهم وصمة عار في جبين تاريخ عمان, بل كان فيهم الخير والمحسن والمحب للأدب, المشجع على قول الشعر, والمسهم في تطوير الحياة في عمان, كما سجل ذلك النص السابق عن فلاح بن محسن.

              وعنه قال الشيخ سالم السيابي: <<ويقال أنه كان عدلا في ملكه, وكانت مدة ملكه عشر سنين...>>(63) فهو يذكر هذه الشهادة نقلا عن غيره, من دون أن يبدو عليه الاقتناع بهذه الحقيقة, وكأنه يسجلها على مضض. إلا أن المهم هو أن في عهد النباهنة ما هو إيجابي, وفيه من المنجزات ما يثبت إسهام بني نبهان في الحياة العمانية.

              كما امتدح الكاتب نفسه عرار بن فلاح, وقال : <<وكان على وتيرة أبيه فلاح في الأخلاق والأعمال والكرم العربي وخصال الملوك, ولم تكن في أيامه حروب بعمان(64) مما يذكره التاريخ. وكان ممدوحا من ألسنة الشعراء على اختلاف أحوالهم, وكان عرار ملكا, له في الملك صوت عال في الأفق العماني. لموسى بن حسين شاعرهم فيه مدائح طويلة وعريضة, تدل , إن دلت على شئ, فعلى الكرم وحب الثناء, ومن أراد أن يعرف مقامه فليلتمسه من شعر شاعره>>.(65) قال ابن رزيق أيضا: <<مضى إلى طريقة أبيه في الكرم وحسن الخلق...>>.(66)

              وذكروا لهم أن هم لا يحتجبون عن صادر ولا وارد, يدخل عليهم من شاء متى شاء(67) أو على الأقل كان هذا خلق بعض ملوكهم كما قال ابن بطوطة عن أبي محمد بن نبهان : <<... وعادته أن يجلس خارج باب داره في مجلس هنالك, ولا حاجب له, ولا وزير, ولا يمنع أحدا من الدخول إليه من غريب أو غيره, ويكرم الضيف على عادة العرب, ويعين له الضيافة, ويعطيه على قدره, وله أخلاق حسنة...>>.(68)

              هذه الصفات التي خلعها ابن بطوطة على أحد ملوك النباهة, ونقلها الشيخ السالمي(69) تدل على وجود بوادر الخير, وعلامات المعروف, وأمارات الإحسان بين بعض ملوك النباهنة. فلم يكن عصرهم كله عصر فساد, ولم يكن كل ملوكهم عنصر فتنة وإفساد. ويستدل باحث على حسن أخلاق بعض ملوك النباهة بما ذكره الستالي في مدح النباهنة(70) كمدحه أبا العرب يعرب بن عمر, الذي عرف عنه حبه للعلم والعلماء(71), وتهنئته السلطان أبا الحسن ذهل بن عمر, وعودته لوطنه بعد أدائه فريضة حج بيت اللّه الحرام.(72)

              قال الستالي يمدح السلطان ذهل بن عمر بن نبهان :

              سنا وجه ذهل سنا البدر ذاكي

              وأخلاقه المسك فوق المداك

              وآباء ذهل من الأزد قــوم

              هم سمكوا المجد فوق السماك

              وشادوا علاهم وذادوا حماهم

              بسمر العوالي ودهم المذاكي

              وذهل تجود أيادي يـــديه

              لكـــل رهــين إذا بالفـــــكاك

              وإعزاز جار وإطلاق عــان

              وإعطــاء راج وإلجاء شـاكي

              وكم طالب في العلى شأو ذهل

              وما نال من نعله بالشــراك

              أبا حسن عشت في ظـل ملك

              وغـــال عـــدوك ريب الهــلاك

              سبقت المُجاري وطلت المسامي

              وفت المباري وفقت المحـاكي

              ومجدك سام وجدّك عــــال

              وخيمك صـــاف وسعيك زاكي

              وعاشوا بنوك وحازوا المعــالي

              بفضل اقتسام وحسن اشتـراك (73)

              نحن لا نرد هذه الأمثلة التي تكشف عن الجانب الإيجابي في حياة النباهنة, وهي اتصاف بعض ملوكهم بالأخلاق الحسنة, وفعل الخير, وإسداء المعروف...; إذ ليس ملوكهم كلهم على نمط واحد من الظلم والأخلاق السيئة, كما ذهب إلى ذلك أغلب المؤرخين العمانيين. ولكننا - أيضا - لا يمكن أن نتخذ أشعار الستالي أدلة صحيحة على حسن أخلاق ملوك بني نبهان; لأن الشاعر كان غارقا ومتورطا في مدح هؤلاء الملوك, وقد أفرط في ذلك حتى غدا ما قدمه عن كل من مدحه صورة نمطية, كان ينسج على منوالها كل ما أراد مدح أي ملك من ملوك النباهنة.

              ونحن إذ نستشهد بأشعار الستالي, نريد أن نلفت النظر إلى وجوب توخي الدراسة الموضوعية, والتحليل المعمق والتعليل المنطقي, والكتابة المنصفة, والحذر من الأحكام المتسرعة, والتخلي عن الأفكار المسبقة في تناول الأحداث. وبخاصة ونحن ندعو إلى إعادة كتابة التاريخ, وكشف الأخطاء, وإبراز المغالطات, التي حدثت في تسجيل التاريخ العماني, وكتابته, وبخاصة تاريخ النباهنة, الذي قيل فيه الكثير, وأولت أحداثه, وفسرت تفسيرات مختلفة.

              إلا أننا نؤيد من قال: <<وقد وصف عهدهم (أي عهد النباهنة) بالجبروت, ومع أنه لا يوجد وجه للمقارنة بين حكم هؤلاء الملوك الذين أسماهم الفقهاء العمانيون بالجبابرة وبين الأئمة الشرعيين المنتخبين, الذين اتصفوا بالزهد والتقوى والورع. إلا أنتا لا نميل إلى الأخذ بهذا الحكم المطلق, ونرى أنه يجب علينا أن لا نأخذ هذه الأحكام على أنها مسلمات, لا نقاش فيها. فكما أن هناك المفسد المسيء, هناك أيضا المصلح المصيب, بنطبق ذلك على ملوك بني نبهان الذين لم يكونوا جبابرة, كما ذكر بعص المؤرخين...>>(74)

              مما يسجل للنباهنة من إيجابيات, ويعد من منجزاتهم, دورهم في شرق إفريقيا, وما نشروا فيه من فكر, وما بنوا فيه من حضارة. وهو ما نعرض له فيما يأتي:

              النبهانيون فـي شرق أفريقيا

              من المسائل التي تحير المؤرخ أو الدارس, الذي يكتب عن النباهنة, مسألة علاقتهم بشرق افريقيا, ودورهم هناك, وإسهاماتهم في حياة الأفارفة. فهذه المرحلة, أو هذا الجانب غير مطروق بطريقة جيدة في الكتب والمصادر العمانية, وغير وارد في روايات المؤرخين العمانيين بشكل دقيق وموضوعي, بينما تطرق إليه بعض الذين كتبوا عن تاريخ عمان من غير العمانيين بطريقة مختلفة, فقد كانت كتاباتهم تتسم بعدم التأكد من صحة المعلومات المنقولة, أو المروية, وتتميز بتقديم تفسيرات وتأويلات وتحزيرات... بسبب ندرة المعلومات, وعدم دقتها.

              إن هذا يفتح المجال لأسئلة عديدة : ما هو السبب الذي جعل المؤرخين العمانيين يمتنعون عن الكتابة في هذا الموضوع? أو تسجيل هذا الحدث? أيرجع هذا إلى نقص في المعلومات? أم إلى تعمد تهميش دور النباهنة المغضوب عليهم? إذ يجب ألا يلتفت إلى تاريخهم, ولا يسجل, وبخاصة ما كان إيجابيا منه? إن ما يذكر - فقط - ما يدينهم وما يجرمهم وما يزهد الناس فيهم?

              إذا ما تساءلنا عن علاقة النباهنة بشرق افريقيا : متى بدأ وجودهم فيها? متى رحلوا إليها? ولماذا انتقلوا إليها? ما هي إنجازاتهم فيها? كيف كانت علاقتهم بالسكان? هل كانت سيرتهم فيها كسيرتهم في عمان? وكيف كانت علاقتهم بعمان في أثناء وجودهم في شرق افريقيا? كم كانت مدة بقائهم في شرق افريقيا? إلى غير ذلك من الأسئلة الكبيرة التي يتطلع الدارس الناقد الباحث إلى إيجاد أجوبة حقيقية عنها, فإننا لا نظفر بالإجابات المقنعة, على الأقل في الوقت الراهن, أو في ضوء ما نجد من روايات وكتابات عن النباهنة.

              قال باحث: <<ففي بداية القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي وصلت مجموعة عمانية كبيرة إلى شرق أفربقيا, دفعتها عوامل سياسية, ألا وهي مجموعة عمانية من النبهانيين. والمعروف أن النبهانيين قد فرضوا سيطرتهم على عمان في أواخر القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي, بعد منازعات عديدة مع القوى المتصارعة آنذاك في عمان.

              واستنادا إلى مخطوطة تاريخ (بات) إن السلطان سليمان بن المظفّر النبهاني عندما طرده اليعربي, رحل إلى (بات) واستقر فيها عام 601هـ/ 1204م ومعه كثير من الثروات>>. وقد تزوج سليمان النبهاني من ابنة حاكم (بات) البتاوي, وحصل على حكم المنطقة كهدية زواجه من والد العروس, حاكم (بات) <<وهكذا أصبحت (بات) منذ ذلك الوقت مركزا للسلطة النبهانية التي فرضت سيطرتها على ساحل افريقيا الشرقي إلى أن انتهى الأمر بخضوع النبهانيين إلى السلطة اليعربية في زنجبار...>>(75)

              تبقى البداية غامضة, غير معروفة, أو غير متفق عليها, في الزمان والسبب والشخص الذي رحل إلى هذه المنطقة.(76)

              <<ما يهمنا في هذا المجال هو أن النبهانيين وكل المهاجرين العمانيين كانت لهم جهود طيبة في إنعاش حركة التجارة العربية في شرق افريقيا, وقد ساعد هذا الانتعاش على قدوم الكثير من التجار العمانيين إلى موانئ الشرق الافريقي ومدنه>>.(77) يضيف الدكتور رأفت غنيمي: <<وخلال فترة حكم الأسرة النبهانية التي استمرت من القرن الثالث عشر الميلادي, حتى أواسط القرن الثامن عشر في شرق أفريقيا وضعت الأسس لحضارة إسلامية عربية عمانية مزدهرة, شملت مختلف حياة الناس في هذه الجهة الافريقية.(78)

              إن هذا لا يدل إلا على شيء واحد هو الوجود القوي للنباهنة في شرق افريقيا, وتأثيرهم الواضح في الحياة العامة هناك, ودورهم الكبير في إنعاش الحركة التجارية والحياة العلمية, وبخاصة في منطقة (بات)>> التي رعت الحضارة والعلم والثقافة, ونشرت الإسلام بين كثير من الافارقة, وأقامت علاقات قوية مع سكان المنطقة, سواء في الساحل أم في الداخل>>.(79)

              <<وعلى الرغم مما تعرضت له الأسرة النبهانية من صراعات أسرية حول السلطة إلا أنها استطاعت أن تحقق انتعاشا كبيرا في الساحل الشرقي لافريقيا حتى أصبحت جزيرة (بات) مركزا للسلطة النبهانية التي شملت عدة جزر وبعض الموانئ الهامة على الساحل الافريقي, واستطاعت أن تخضع معظم مقاطعات الساحل تحت لوائها, وذلك قبل أن يدهمها الخطر البرتغالي في أوائل القرن السادس عشر الميلادي>>.(80)

              هكذا نسجل أن النباهنة أسهموا مع بقية العمانيين في تنشيط الحركة العلمية والتجارية في شرق افريقية, وبذلك يكون لما قاموا به دور في نثبيت الوجود العماني في هذه المنطقة من العالم. قال أحمد درويش: <<لقد ساعد الوجود العماني في شرق افريقيا الثقافة العربية دون شك في أن تكتسب موضعا متميزا في قارة افريقيا, وهو موضع تقدمت من خلاله الدعوة الإسلامية في أرجاء افريقيا كل ها, وعلى نحو خاص في شرقها>>.(81) والنباهنة أحد أطراف هذا العمل الكبير.

              كما أن وجود النباهنة في شرق افريقيا أو انتقالهم إلى تلك المنطقة في القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي أرّخ أو سجّل ظهور أو ل دولة عربية عمانية بشرق افريقيا(82) هذا في حد ذاته مكسب وإنجاز وشرف يسجل للنباهنة, ويعد سبقا لهم في تاريخ عمان; إذ أسسوا لعمل كبير, وتقدموا في طريق تثبيت الوجود العماني الإيجابي في افريقيا, الذي أكّده حضور متميّز وفعّال في المنطقة. وما يزال التّواصل موجودا بين عمان وشرق افريقيا, وبخاصة مع زنجبار ودول افريقية أخرى مثل غانا. ففي مجال الأدب العربي مثلا يذكر الدكتور أحمد درويش: <<.. ورب ما كان كتاب جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار للش يخ سعيد بن علي المغيري, تحقيق الأستاذ محمد علي الصليبي واحدا من المصادر النادرة التي تساعد على إعطاء صورة عن قوة اللغة العربية وتغلغلها في نفوس عامة الناس وخاصتهم, وعن بلوغ الأدباء العمانيين في شرق افريقيا مبلغا رفيعا في التعبير بها واتخاذ الشعر زينة تزدان بها القلاع والحصون والسيوف وتسجل بها الوقائع والانتصارات والمناسبات المختلفة...>> (83)

              يقول الدكتور رأفت غنيمي : <<وخلال فترة حكم الأسرة النبهانية التي استمرت من القرن الثالث عشر الميلادي حتى أواسط القرن الثامن عشر في شرق افريقيا وضعت الأسس لحضارة إسلامية عربية عمانية مزدهرة, شملت مختلف حياة الناس في هذه الجهات الافريقية>>.(84)

              مما يدل على المكانة التي حظي بها النباهنة في شرق افريقيا ما لقيه أول ملوك النباهنة وأول حكامها في الساحل الشرقي لافريقيا سليمان بن مظفر النبهاني, ما حظي به من استقبال كبير وحفاوة بالغة من العرب الموجودين في المنطقة, ومعظمهم من عمان(85)

              هذه الحقائق, أو هذه الكتابات المتضاربة أو المتباينة لتاريخ النباهنة في شرق افريقيا تفرز مجموعة من الأسئلة:

              1 - لماذا هذا التباين وهذا التمايز بين ما كتبه المؤرخون العمانيون في الموضوع وما ذكره المؤرخون والدارسون غير العمانيين? فإذا كان هؤلاء الأخيرون قد سجلوا بعض الدور الإيجابي للنباهنة في المنطقة, فإن المؤرخين والدارسين العمانيين لم يتعرضوا للموضوع أصلا, أو ذكروا ذلك باحتشام. فالشيخ أحمد بن حمد الخليلي مثلا حين تحدث عن الوجود العماني في شرق افريقيا وأثرهم الفكري والعلمي, استعرض باختصار المراحل التي وجد فيها العمانيون, أو التي مروا بها هناك, وحين وصل إلى النباهنة لم يزد على قوله: <<... ولا أدل على ذلك من قيام دولة بني نبهان في القرن السابع الهجري هناك في شرق أفريقيا في أرض (بتة) واستمر وجودهم زمنا طويلا>>(86) سرد مجموعة من إسهامات العلماء, و لم يذكر شيئا عن النباهنة, لماذا? لماذا هذا التحييد والتهميش وهذا الإغفال من الكتاب العمانيين? ثم من أين استقى الدارسون غير العمانيين معلوماتهم? وإن كانت مضطربة - أحيانا - مع ملاحظة أن بعض الكتابات تشكك في بعض ما روي, وما تنوول? (87)

              2 - لماذا نجح النباهنة في (بات) وفي شرق افريقيا, ولم ينجحوا في عمان في علاقتهم مع العمانيين فيها? لماذا تقبلهم العمانيون هناك في افريقيا, ولم يتحملوهم هنا في عمان? لماذا يطرد الملك النبهاني من عمان ويستقبل ويحتفى به في افريقيا?(88) لماذا لا تذكر إسهامات النباهنة وإنجازاتهم في شرق افريقيا بدقة? (70)

              3- ما هو دور بني نبهان الحقيقي في شرق افريقيا?

              إن ما ذكرناه يؤكد أن عهد بني نبهان لم يخل من الجوانب الإيجابية, التي تستحق الذكر والتنويه. فلم يكن عهدهم كله أسود; حتى يهمل تاريخهم, ويكرههم الناس; كما أشار بعض من كتب عنهم. فقد كان في تاريخهم ما يحمد لهم, ويرفع من شأن عمان. من هذه الجوانب المجال الأدبي الذي نعرض له فيما يأتي:

              حالة الأدب فـي عهد النباهنة

              إن ما عرف من ضعف في اللغة, وانحطاط في الأدب في عصر ما سمي بالعصر المملوكي, أو التركي أو العثماني, أو الانحطاط, الذي تزامن, أو قابل جزء منه عصر النباهنة, قد سلم منه الأدب العماني في ظل بني نبهان. قال الدكتور أحمد درويش عن العصر المملوكي أو التركي: <<ولقد تميزت فترة العصر التركي هذه بسمة, كان لها تأثيرها الأدبي, وتمثلت في أن حكام قلب العالم العربي لم يكونوا من العرب, ومن ثم كان تشجيعهم للأدب قليلا; لأن فهمهم وإدراكهم له كان قليلا, وقلت مجالس الشعراء والأدباء, وقل رواج الشعر, وتذوق الناس له, فهبط مستوى الشعر اللغوي هبوطا بينا, واتجه الشعراء لإرضاء أذواق العامة, وعوضوا ضعف المستوى اللغوي بالإكثار من الزخارف والمحسنات اللغوية, التي أثقلت الشعر في مجمله في هذه الفترة, وجعلته هابطا ممجوجا.>>(89)

              أكد الدارسون أن هذه الظاهرة غير بارزة - تقريبا - في الأدب العماني, في هذه الفترة الممتدة ما بين القرنين السابع والثالث عشر الهجريين, بما فيه عهد النباهنة; لانتفاء العوامل والأسباب التي أثرت في آداب بقية الأقطار العربية(90). لقد وجد أدب جيد, وشعر حسن في هذه الفترة, ينسج على منوال الشعر القديم : الجاهلي والإسلامي والأموي والعباسي, ويستوحي شعراء هذه العصور ويعارضهم, ويعمل على الارتقاء إلى مستواهم, ويحاول التفوق عليه, كما كان يصنع الستالي والنبهاني والكيذاوي واللواح الخروصي... قال سالم بن علي الكلباني عن الستالي: <<لقد طالعنا ديوان الستالي بشعر بديع بليغ, حسن الديباجة, واضح المعاني, سهل الكلمات, سلس الأسلوب, يضاهي في جودته وعذوبته أجود الشعر العربي وأعذبه. يحس من يطلع عليه أنه أمام شاعر فحل, له ثقافة واسعة, ولغة صحيحة, وفكر حصيف, يميز به ما يأتي وما يدع...>>(91)

              ما يتميز به شعر كثير من شعراء هذه الفترة, السلاسة في الأسلوب, والقوة في اللغة, وحسن الديباجة, وجمال الصياغة, ووضوح المعاني, والبعد عن التكلف في كثير من نماذجه... هذه المميزات تجعل من هذا الشعر قريبا جد ا من الشعر العربي في عصوره الزاهرة, وبعيدا عن طبيعة الشعر المعروف في العصر المملوكي. وهو ما يعطي أهمية لعصر النباهنة في عمان.

              قال الستالي:

              ومحكمة راح الستالي واغتــدى

              بمدحـــك في أبيـــاتهـا يتفــــوق

              فهذبها لفظا ومعنى وصـــيغة

              وأحكمهــا فيـه البديـع المنمـق

              فجاءت تسر السامعين بمثل مـا

              شداه جرير أو شداه الفرزدق(92)

              وسليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني شاعر كبير, له ثقافة واسعة, متمكن في اللغة, مبرز في علوم الآلة, وهو:<<سلطان وشاعر واسع الثقافة.>>(93) قال الشيخ السالمي عن سليمان بن سليمان النبهاني أنه شاعر فحل, له قصائد تكشف عن عبقريته, وتفوقه في الشعر, قصائده تضاهي المعلقات السبع: <<...وهو صاحب الديوان الغزلي الحماسي, أنبأ فيه عن فصاحته, وأبان فيه عن بلاغته. ثم ذكر له هذه الأبيات:

              أنا الذي استخضع الأملاك فانخضعت

              واستخدم المرهف البتار والقلمــا

              أنا أجل ملوك الأرض مرتبــــة

              نعم, وأكثر أملاك الورى هممــا

              مناقبي كنجوم الأفق في عــــدد

              ونائلي لوفودي يفضح الديمـــا

              كالليث بأسا إذا الليث الهموس سطـا

              والبحر جودا إذا البحر الخضم طما

              كفي, يفيض عطاء لا انقطاع لــه

              على العفاة, وصمصام يفيض دمـا

              مر العقاب لمن يبغي معاقبــــة

              حلو الشمائل مفضالا إذا رحمــا

              أنا ابن نبهان غطريف الملوك فهـل

              مفاخر لهمام للسماء سمـــــا

              قدت الجيوش وهجنت الملوك وأعـ

              طبت الخيول وسدت العرب والعجما

              سل عامرا وبني عمرو وكعب وسل

              شبانة وعزيزا, من لها صدمــــا

              وجابرا ويزيدا والعباد, وســـل

              قضاعة, ليس ذو جهل كمن علمــا

              يخبرك من شئت منهم أن ني مــلك

              أعطي الجزيل وأجلو ظلم من ظلمـا

              لو صور الموت لي قرنا وبــادرني

              إذا لجندلته ملقا أو انهزمــــــا

              أعدمت بالسيف موجود الطغاة كما

              أوجدت بالجود والإحسان من عدمــا

              إذا نطقت بفضلي قال حاســده

              أصدق به ولسان الحمد لا جرمــــا

              وأكثر ديوانه على هذا النحو. وله رائية ذكر فيها مفاخر أجداده, تزاحم المعلقات السبع بلاغة, وتزيد عليها عذوبة ورشاقة.>>(94)

              إن شعر النبهاني بمثل عصر القوة في الأدب العماني, ويكشف عن حقبة مهمة في التاريخ العماني, المتمثلة بعهد النباهنة. يقول أحمد درويش: <<غير أن نا إذا عدنا إلى شعر النبهاني, بعيدا عن سلوكه, وفي ضوء التساؤل الذي طرحناه حول انتماء شعر ذلك العصر إلى نغمة (الضعف اللغوي), التي كانت سائدة خلال هذه الفترة, في مناطق أخرى من العالم العربي, فسوف نجد نصوص النبهاني أيضا تؤكد ما أكدته من قبل نصوص الستالي من بعد عن روح الضعف اللغوي, واقتراب من فكرة الديباجة القوية, وتلمس لروح هي أقرب ما تكون إلى روح العصر العباسي من ناحية, أو إلى محاولات البارودي في الإحياء, من ناحية ثانية...>>(95)

              كما يمثل شعر الكيذاوي (موسى بن حسين بن شوال الحسيني) أحد المعالم البارزة المهمة في الأدب العماني, ويقف شاهدا على القوة التي عرفت في الأدب العماني بخاصة, والأدب العربي بعامة. لقد سجل الدارسون لهذا الشعر جزالة اللفظ وفخامته, والموسيقى الرتيبة الإيقاع. وفي غزله الرقة والعذوبة...(96) قال سعيد الصقلاوي عن الشاعر: <<لقب بالكيذاوي لتمتع شعره بجزالة اللفظ وحسن اختيار الكلمات, وعذوبة النغم وحلاوته, فكأن معانيه تشبه رائحة الكيذا. والكيذا نوع من الأشجار العطرة المعروفة بعمان, ولذلك لقب الشاعر بالكيذاوي>>.(97)

              قال الكيذاوي يمدح فلاح بن محسن بن سليمان:

              ملك إذا الأمطار عز نــزولها

              أغنى عن الأمطار فيض نوالـه

              وتكاد عين الشمس من أفلاكها

              تهوي إلى تقبيل ترب نعالــه

              سمح الزمان به وما من قبلــه

              سمح الزمان من الورى بمثالـه

              ما جئته مستحببا أو وافــدا

              إلا وجاد بجاهه وبمالــــه

              يفري سباع البيد من أعدائـه

              فكأن هن لديه بعض عيالـــه

              يعطي ويمنح جاره ووفــوده

              ويكر يوم الطعن في أبطالـــه

              لو وازن الدنيا وساكنها معــا

              ما وازنوا في القدر ظفر شمالــه

              يا أيها البدر الذي من سعــده

              لم تنقض أفلاكه بزوالـــــه(98)

              المهم إن عصر النباهنة عرف أدبا قويا, يختلف كثيرا عن الأدب الذي عرفته كثير من البلدان العربية الأخرى, وهو ما يحسب في الإيجابيات التي تسجل للنباهنة, وهو أيضا ما يبيض بعض الصفحات التي نقلت عنهم. وهذا ما يدفع إلى عدم تقديم حكم عام عن النباهنة, وأن عصرهم كان كله أسود, ليس فيه ما بشرف التاريخ العماني; وقد كانت الدعوة إلى الزهد في قراءة هذا التاريخ, أو الاطلاع عليه هو ما كان يتبنى. إن هذا تجن على التاريخ, وخطأ في حق الأجيال, وتطرف في الحكم, وقفز على مجال البحث, وحد من المزيد من الدراسة, وفي النهاية هو طمس للحقائق, وظلم لهؤلاء الذين شاركوا في بناء التاريخ العماني.

              ______
              اسفة طولت عليكم...بس اقراوه رح تستفيدوا...
              بس لازم تاخذوا فبالكم ان هذا كله كان في الزمان القديم
              http://www.sandroses.com/gal/albums/...normal_006.jpg

              تعليق


              • #8
                هاذا كتاب . علاعموم مشكور عالمعلومات

                تعليق


                • #9
                  مشكوووووووووووووووووور
                  http://i145.photobucket.com/albums/r...ardcopywm1.jpg

                  تعليق

                  يعمل...
                  X