[الامام الشافعي رضي الله عنه]
محمد بن إدريس الشافعي
150 - 104 هـ
محمد بن إدريس الشافعي
150 - 104 هـ
هو الامام المجتهد الاصولي صاحب المذهب، ونسبته (الشافعي) لأن في أجداده شافع بن السائب الذي يرتفع إلى هاشم بن عند المطلب بن عبد مناف.
فهو عالم قرشي جليل، ألفت فيه وفي مناقبه وآدابه عشرات الكتب، ومصادر ترجمته في كتب التراجم تعز على الحصر، ولذلك فلا يمكن في هذه العجالة أن يتوسع الدارس في تبيان منزلته العلمية وشيوخه وتلامذته ومؤلفاته، ولكن من إيراد شيء يسير عن الشافعي الشاعر وعن صلته بالشعر.
ولد الشافعي في عسقلان أو غزة - وهذا هو الأرجح، وقيل ولد في اليمن، ونشأ في مكة، ودخل العراق ثم هاجر الى مصر وفيها توفي، وهو أبو نيف وخمسين سنة.
نشأ الشافعي في مبدأ أمره يطلب الشعر والأدب وأيام الناس، ثم توجه الى الفقه والحديث، وكان حاد الذكاء قوي الحافظة، فاستطاع أن يكون عالماً مقدماً في سن الشباب، وما لبث أن أصبح حجة في كل العلوم الاسلامية، وفي مقدمة ذلك تضلعه في اللغة والنحو، وتميزه بالفصاحة والبلاغة وعذوبة القول إذا حدَّث أو درّس.
وكان حافظاً لشعر هذيل يمليه على تلامذته حفظاً، وقد صحح عليه الأصمعي أشعار هذيل، كما قرأ عليه شعر الشنفري، وقرأ عليه المصعب الزبيري شعر الهذليين ووقائعهم وأيامهم، وشهد له المبرد بأنه كان من أشعر الناس وآداب الناس وأعرفهم بالقراءات. وقد كان رجلاً حكيماً، وكانت حكمته تمدّ ما يقوله من شعر، وهو رجل عميق النظرة في شؤون الحياة، وشعره تغلب عليه هذه النظرة الحكيمة، وإن كان الشعر لايمثل - في مميزاته - إلاّ جانباً صغيراً من ضروب نشاطه.
إحسان عبّـاس.
من مقدمة كتاب ديوان الشافعي إصدار دار صادر - بيروت الطبعة الاولى 1996
وسأختار اليكم بعضاً من شعره.
شهدتُ بأن الله لا ربَّ غيره ... وأشهد أن البعث حق وأخلصُ
وأن عرى الإيمانِ قول مبينٌ ... وفعلٌ زكي قد يزيدُ وينقصُ
وأن أبا بكرٍ خليفةُ ربهِ ... وكانَ أبو حفصٍ على الخيرِ يحرصُ
وأشهد أن عثمانَ فاضلٌ ... وأن علياً فضلهُ مُتخصصُ
فما لغواةٍ يشتمون سفاهةً ... وما لسفيهٍ لا يحيص ويخرصُ
وقال في حب أهل بيت النبي بقافية الهاء:
يا آل بيت رسول الله حبكم ... فرضٌ من اللهِ في القرآنِ أنزلهُ
يكفيكم من عظيم الفخرِ أنكم ... من لم يصلِّ عليكم لا صلاة لهُ
وقال أيضاً بقافية الباء:
تأوه قلبي الفؤاد كئيب ... وأرق نومي فالسهاد عجيب
فمن مبلغ عني الحسين رسالةً ... وإن كرهتها أنفس وقلوب
ذبيح بلا جرمٍ، كأن قميصه ... صبيغ بماء الأُرجوانِ خضيبُ
فللسيفِ إعوال وللرمحِ رنةٌ ... وللخيلِ من بعدِ الصهيلِ نحيبُ
تزلزلت الدنيا لآلِ محمدٍ ... وكادت لهم صمُّ الجبال تذوبُ
وغارت نجومٌ واقشعرت كواكب ... وهتك أستارٌ، وشق جيوبُ
يصلي على المبعوث من آل هاشمٍ ... ويغري بنوه! إن ذا لعجيبُ
لئن كان ذنبي حبُّ آلِ محمدٍ ... فلذلكَ ذنبٌ لستُ عنهُ أتوبُ
هم شفعائي يوم حشري وموقفي ... إذا ما بدت للناظرينَ خطوبُ
وقال أيضاً بقافية الراء:
إذا ماكنت ذا فضلٍ وعلمٍ ... بما اختلف الأوائل والأواخر
فناظر من تناظر في سكونٍ ... حليماً لا تلح ولاتكابر
يفيدك ما استفاد بلا إمتنانٍ ... من النكتِ اللطيفةِ والنوادر
وإيّاك واللجوج ومن يرائي ... يمني بالتقاطعِ والتدابر
وقال أيضاً في قافية الهاء:
لاخير في حشو الكلا ... مِ إذا اهتديت إلى عيونه
وللصمتِ أجمل بالفتى ... من منطقٍ في غير حينه
وعلى الفتى بطباعهِ ... سمة تلوح على جبينه
من ذا الذي يخفي عليـ ... ـكَ إذا نظرت إلى قرينه
وقال أيضاً في قافية اللام:
صن النفس واحملها على ما يزينها ... تعش سالماً والقول فيك جميلُ
ولا تولينَّ الناس الاّ تجملاً ... نبا بك الدهر أو جفاكَ خليلُ
وإن ضاق رزقُ اليومِ فاصبر إلى غدٍ ... عسى نكباتُ الدهرِ عنك تزولُ
فيغني غنيُّ النفسِ إن قلَّ مالُهُ ... ويغني فقير النفسِ وهو ذليلُ
ولا خير في ودِّ امريءٍ متلونٍ ... إذا الريح مالت، مال حيثُ تميلُ
وما أكثر الإخوانَ حين تعدهم ... ولكنهم في النائبــاتِ قليلُ
تعليق