( انفلونزا الدوغمائية وبؤرتها )..؟
البعض عندنا وبسبب تسونامي الفضاء المفتوح الذي لن تتوقف موجاته . وبسبب ضعف جهاز المناعة لدى هذا البعض فقد اختلطت عليه المفاهيم والأفكار والمباديء والقناعات وراح يخبط خبط عشواء على غير هدى ليخرج بخليط غير مفهوم من التناقضات الفكرية بعضها ظاهر على السطح والبعض الآخر كامن في أعماق نفسه يمد ما يظهره بمفاهيمه الحقيقية الموروثة وبعضها منحرف أو مبني على تراكم كمي ونوعي من الأخطاء وكأنها خاضعة لقانون الخاصة الشعرية
هذا البعض .. مهما بح صوته بالديمقراطية .. مثلاً.. وتقبل الرأي الآخر واستعداده للحوار
( الديمقراطي )..؟!! يعود لا شعوريا إلى أسس ثقافة النظرة الأحادية للعالم . ثقافة السراديب والزوايا المعتمة المتشددة , العمياء والتي تقول ( أنا دائماً على حق وغيري على خطأ ) و( من ليس معي هو ضدي ) ..هذا يطبقه على رؤيته ومفاهيمه للديمقراطية عندما يحاول أن يطرح وجهة نظره وبتشدد فاضح دون أن يحاول تفهم رأي الآخرين بنفس المفاهيم التي يتبناها ولا يختلفون على عناوينها .. حتى ولو كانت رؤيتهم أدق وأعم .. والواقع أن رؤيته هو قد تكون مجرد تبني لرؤية جهة قد تكون خاطئة في معظمها وهو في الأصل يكون خاضعاً لتأثير تلك الجهة لنفسها ( وهذا ما يثير الأعصاب ويدفع بالكثير منا كي يخرجوا عن أطوارهم ) وهذا على سبيل المثال لا الحصر .
هذه ( الحالة ) ليست مختصة بشعب أو دين أو معتقد أو أيديولوجية أو مفهوم أو شريحة أو فرد بذاته وإنما يشترك فيها الجميع بشكل أو بآخر ولكنها تختلف من حيث شدة حالتها المرضية واستفحالها وحسب حالة التطور الثقافي والاجتماعي وحتى الاقتصادي .
باختصار فإن ( مقولة أنا دائما ً على حق وغيري على خطأ ) هي التعبير الحقيقي والدقيق لمصطلح ( الدوغمائية ) وهي ليست مختصة بحالات التشدد الديني كما يخيل للبعض أو كما استعمل مصطلح الدوغمائبة في البداية ومايزال يرمز به الى حالات التشدد الديني /( وتوجيه سهام التجريح للدين الإسلامي تحديداً ) مع الإقرار بوجود الكثير من الأخطاء وبعضها حاد لدى جهات متعددة ممن يحملون فكر الدين الإسلامي وينسبون ما يطرحونه وينادون به للدين الإسلامي ولاعلاقة لهذا الدين بما هو متداول عنه وهو منه براء وهو نفس ماحصل لبقية الأديان أو الرسالات /. وهو استعمال خاطيء لهذا المصطلح إذا ما قيس به على هذه الحالة فقط , والواقع ان استعماله ينسحب على كافة الأفكار والمعتقدات والنظريات والأيديولوجيات كما ينسحب حتى على القناعات والعادات والأفكار البسيطة لجهة التعصب لها ورفض قبول مناقشتها أو انتقادها والإلحاح المرضي في طرحها ووضعها تحت أنف الغير شاء أم أبى .
بمعنى أن / الدوغمائي / يراوح ضمن مجال رأي واحد لايستطيع مغادرته كتعبير عن قناعته حتى ولو اكتشف خطأه فإنه يحاول تجاهل هذا الخطأ في نوع من العناد الغبي وبالتالي فإنه يرفض تغيير الحكم أو الرأي المتكون لديه في الوقت الذي تفرض فيه المستجدات المنطقية والمعطيات ضرورة التغيير أو التعديل . وهو دلالة على عدم القدرة على المرونة والتعامل مع المعطيات الأساسية أو بعض التفاصيل والاستغناء عنها أو تعديلها أو تبديلها حسب الواقع المفروض بشروطه الصحيحة وبما يتلائم وقواعد المنطق السليم .. ( كمن يحمل قناعة ما .. قد تكون نظرية فلسفية ثم يتم اكتشاف أنها خاطئة أو أن ثمة أخطاء وانحرافات قد تسللت إلى مفاهيمها وأن البعض ممن أدلى بدلوه فيها لم يكن مؤهلا ً لذلك ومع ذلك يرفض التغيير كونه اعتاد على التعامل معها وأخذها دون نقاش أو ممزوجة بهالة من القدسية ). ذلك أن ميكانيكية التفكير لديه لاتعمل بشكل منتظم وسوي لذا يتمسك بمساطر فكرية ثابتة تم تلقينها له في ظروف سابقة فلا يقدر على فهم مايصادفه أو يعترضه من مفاهيم ونظريات الا عبر القواعد أو المساطر التي تم تلقينها له . والواقع أنه قاصر تماماً عن خلق نقطة ارتكاز له يحولها الى قاعدة ينطلق منها لتشكيل مفهوم ورؤيا ينتجها هو ويجري مقاربات منطقية استناداً لها وأن يكون قادراً على ابتداع حلول دون الالتزام بحلول سابقة انتجها غيره وثبت أنها خاطئة كلا ً أو جزءاً .
في الواقع أن أية قاعدة يتم انتاجها اليوم قد تصبح غير صالحة بعد مدة زمنية ربما بسبب تغير المعطيات المعرفية وحالة التطور وربما لتغييرات طبيعية أو اجتماعية أو اقتصادية ..الخ ( هنا يلزم تغييرآلية ومسار التعريف .,( كالانتقال من البحث في الحالة الجزئية أي البحث في وصف آلية التفكير ونمط التعامل مع المشكلات الفكرية والأيديولوجية وعدم القدرة على إعادة تركيب حقل معرفي ما..؟ حيث توجد فيه مجموعة من الحلول لمشكلة واحدة وذلك للوصول إلى حل بأقصى فعالية ممكنة ..وهذا لجهة عدم القدرة وليس عدم الإرادة بغض النظر عما إذا كانت القدرة ممكنة أو في طور الإمكان أم لا)..!! " منقول بتصرف "
- لايمكن بل أنه من غير الجائز والمنطقي الإنكار أن خليط المعتقدات الدينية اليهودية المتشددة والمنطلقة من مقولة زائفة هي ( شعب الله المختار ) تعتبر نموذجاً مثالياً ( للدوغمائية ) بما تعبر عنه حقيقة ً من حالة تشدد وتطرف أعمى وما أنتجته من مراكمة لأقوال الحاخامات التي أصبحت (معتقدات تلمودية ) يتصاعد تاريخياً دون أن تؤثر فيه حالة التطور الإنساني وانتقاله من مرحلة إلى أخرى عبر العصور( وساعده في ذلك حديثاً تبني الغرب والنظام الأمريكي له "بدافع من مصالحه أصلاً " في محاولة لفرض كل مايصدر عنه على العالم وعلينا بشكل أكثر حدة ً وتركيزا ً .. الأمر الذي رفع من نسبة الحالة المرضية التي لاشفاء منها لدى اليهود وخاصة الصهاينة والتلموديين منهم ) والمشكلة أن عدواه تنتقل إلى بقية الأديان والمذاهب والمعتقدات المتفرعة عنها ( بردة فعل ) غريزية ..بدائية .. لتصل إلى السياسية والاجتماع في حالة معاكسة لما يفترض أن تكون قد أتت به حالة التطور المعرفي والثقافي الإنساني .. وهذه رغم ذلك لا يجوز إلصاقها بحالة التطور وبالتالي تسفيهها ولكننا يمكن أن نعيدها إلى قانون ( الفعل وردة الفعل ) ببساطة شديدة . ذلك أن اليهود وتحديداً حاخاماتهم الذين راكموا حالة التعصب الغبي الأعمى عبر التاريخ متنقلين بها من جيل إلى آخر ممزوجة بحالة من الحقد المؤذي للحالة الإنسانية يشكلون حالة فريدة ووحيدة في التاريخ الإنساني وبالتالي فإنهم قد قوبلوا بردود فعل من نفس المستوى وربما أكثر عبر التاريخ وحتى اللحظة .
ومن اطلع على المعتقدات اليهودية ( التلمود ) يصاب بصدمة من كمية الحقد على الإنسانية وحجم وضخامة الأنا الطاغية . . فهم الوحيدون المتميزون وفق ما يؤمنون به وينسبونه إلى أنفسهم .. وأنهم البشر الحقيقيون وبقية الناس حيوانات أو ( جوييم ) خلقوا على صورة إنسان لخدمة اليهود فقط . . وفي معتقدهم أن كافة المعتقدات الأخرى .. كافرة ..شيطانية يحل بل يجب ابادة أتباعها أو التسبب بإيذائهم على الأقل .. وهم الوحيدون شعب الله ونفوسهم من نفس الله أما بقية البشر فقد خلقوا من العفن والنتانة ... لم يتركوا نبياً من أنبياء الإنسانية أو رمزاً من رموزها إلا وأساءوا له ويتباهون عبر تاريخهم بإساءاتهم هذه حتى أنبياؤهم هم لم يسلموا من آذاهم كما يخبرنا التاريخ . ونتيجة لذلك فقد قام حاخاماتهم باستبدال المنظومة الأخلاقية كما هي في التوراة إلى العكس تماماً كما نشاهده في ( التلمود ) .
إن النظرة الدونية لدى اليهود التلموديين لبقية البشر قد خلقت ردود فعل هائلة انعكست عبر التاريخ على هؤلاء بحيث باتوا موضع رفض من بقية الشعوب على الرغم من قدرتهم على التلون والخداع المطلوب دينياً عندهم كما نراه في التلمود الذي يطالبهم بالكذب والخداع والنفاق والاحتيال مع الشعوب الأخرى وأن هذا لا يشكل خطيئة في عرفهم لا بل أن إلههم يكافئهم عليه .
إن كل هذه الموبقات التي كانوا يمارسونها سراً وبأساليب المخاتلة والخداع والتلون باتوا يمارسونها علناً بعد أن صنعت لهم العقلية الاستعمارية المجرمة كياناً في فلسطين انطلاقاً من مصالح هذه القوى .. وهذه الممارسة العلنية انتجت ردة فعل لدى شعوب المنطقة ومن هنا ابتليت بتراجع ينحو نحو التشدد وعدوى هذا المرض بدلا ً من التخلص منه بتطور العصر كحالة ردة فعل على التعصب اليهودي الصهيوني الذي استحضر معه كافة الانحرافات والموبقات والإجرام ومعاداة الإنسانية .
هذا جعلهم يدورون ضمن حلقة جهنمية مغلقة من الفعل وردة الفعل فهم ومن خلال معتقداتهم هذه أضحوا ضحية قمع الشعوب التي عاشوا بين ظهرانيها تاريخيا وتحديدا ً في أوربا ً الأمر الذي ولد لديهم ثقافة الإنسان المقهور التي لا تكاد تتخلص مما تؤمن به لتنتقل إلى مشاعر الاضطهاد التي يقابلون بها .
* لست هنا في وارد بحث التاريخ اليهودي إلا بقدر الإشارة الى أساس التعصب الذي أضيف الى الكثير من مفاهيمنا وبعض الجوانب الخاطئة في ثقافتنا بمواجهتهم كردة فعل طبيعية على ممارساتهم وماضخوه من أحقاد بمواجهتنا في الوقت الذي لم نبادرهم نحن بذلك . هذا لايعني تبرئة لتاريخنا نحن أيضاً , فقد استنسخنا نفس هذه الحالة أو الحالات من حيث تأثير القمع الذي مارسه النظام السياسي العربي منذ ظهوره كإمبراطورية واحتل صفحات من التاريخ وهو الذي استولى على الحالة الدينية المتطورة في حينه ليعيد إنتاجها بما يخدم سياسة القمع الشديد ممزوجة برؤيته الخاصة بحيث صار هذا الاختلاط هو البديل عن الدين الحقيقي بما يمثله من منظومة أخلاقية وحالة ثقافية متطورة في حينه . لينتقل إلى ضخ حالات مختلفة من التعصب والتشدد والقمع ( تسهيلا ً لسلطته ) ثم تجزئته إلى رؤى مختلفة صارت مذاهباً بمرور الوقت تختلف باختلاف السلطة وكل يرى أنه يحتكر الحقيقة وغيره منحرف وخاطيء .
المشكلة عندنا أن التشدد الديني في العصر الحديث قد استنسخ في بعض الحالات نفس المفاهيم التي تعشعش في العقل اليهودي ( الدوغمائي ) المتطرف لدرجة أنها تطابقت حتى في السلوكيات واستنساخ بعض الحركات والرموز وحتى اللباس . وهكذا تنقلت كرة الثلج حتى أنها مرت فوق الجميع وأصابت العدوى الحالة النفسية للفرد لتغزو الكثير من المفاهيم على تنوعها الاجتماعي والسياسي وساعد في تكريس ذلك .. أسلوب الحكم أو نظام الحكم .. أو النظام السياسي العربي .. الذي يستنسخ نفسه منذ ظهور الإمبراطورية العربية وحتى هذا التاريخ ( كما أسلفت ) ورغم انهيارها فقد تكرست مفاهيمها في ذهن الحاكم والطبقة الحاكمة وحتى المواطن ( أليست الطبقة الحاكمة من أبناء هذا الشعب ) وكأنها تسللت الى جينات كل مواطن في هذه المنطقة . والمشكلة أن البعض من المثقفين يرى فيها حالة جدلية اعتبرها نوعاً من التطور الفكري في حين أنها أنتجت المزيد من الإنغلاق المتعدد الأشكال .
ما أحاول الوصول إليه هو أن كافة الحالات الثقافية تحولت بشكل أو بآخر إلى شكل ( دوغمائي ) ذلك أننا تناولناها من فوق تأسيس منغلق متعصب مترسب في أعماق النفس بتأثير الثقافة القمعية المتوارثة ذلك اننا بكافة معتقداتنا الدينية نرى وكما أسلفت أننا الوحيدون الذين يمتلكون الحقيقة
( الفرقة الناجية ) رافضين أية محاولة لفهم هذا الذي نراه يختلف عنا أو المخطيء والمنحرف والجانح الذي يتوجب عليه العودة إلى السكة الصحيحة التي يسلكها كل منا ..؟!!. والمشكلة أن كل منا يملك الاثباتات والأسانيد الخاصة به والتي تؤكد انه هو من يسلك الخط الصحيح أو الصراط المستقيم ويتمسك بها .
انطلاقا ًمن هذا الأساس يتعامل البعض مع الديمقراطية دون أن يدري .
هو يرى أنه الوحيد الذي يمتلك ناصية المعرفة الديمقراطية وفهم جوهرها وتمثلها بالشكل الصحيح ويشرح ذلك بشيء من التعالي المنبثق من الإحساس بامتلاك الحقيقة تماماً مثل ذلك الديني المتشدد الذي يكفر الآخرين بالمطلق .
لايختلف الأمر كثيراً عند الأحزاب والحركات السياسية في عالمنا بشكل عام والعربي بشكال خاص حيث تظهر عندنا بحدة غريبة وتمتزج تماماً بالحالة الدينية المتشددة أو التكفيرية دون أن يدري وكونها قد انغرست في عقله الباطن منذ الطفولة ومع أول رضعة . و(كل بما لديهم فرحون ).
هل الغرب مختلف : أيضاً وبما يملكه من فارق حضاري وتقدم على كافة الصعد لايختلف إلا باختلاف من يجلس على طاولة الطعام ويتناوله بالشوكة والسكين وفق بروتوكول خاص به ومن يجلس على الأرض حول المنسف ويتناول الطعام بيده كما يراه هو أيضاً أفضل . والنتيجة ( الكل يأكل من باب الحاجة الى الطعام ) . بكل أسف هذه لايرونها .
بمعنى أن الفارق شكلي والغرب في بعض الجوانب لايقل دوغمائية عنا لجهة واقعه وفوارقه الحضارية دون دراسة للظروف والأسباب . هذه ينظر الينا من خلالها بتعالي فاضح .
إن أي نظرة تعالي تجاه بقية الشعوب لاتخرج عن كنه الدوغمائية ومفهومها وهذه في الغرب تأخذ طابعاً عاماً وليس شخصياً بمعنى أنه قد تبرز بعض الصعوبات في تتبعها الفردي ولكنها تبرز واضحة في الأدب والإعلام والسياسة وعبر منطق الإملاء في تعامله مع الآخرين . وهذه لاتعني أنها مقصودة أو معتنقة شعبياً بشكل عام ولكن عوامل عدة تشترك في ترسيخها وأبرزها ( الهجوم الإعلامي الصهيوني المستمر والتقصير الإعلامي العربي الغبي المستمر ) وتظهر لدينا مقتصرة على ردة الفعل الآنية ودون أن نحسن تقديم أنفسنا ودون أن نقر بأمراضنا ونبدأ بعلاجها والبعض منا يضع نفسه مقابلها في موقع الدونية ويبدأ بجلد نفسه وأمته . هذا لأننا نعيش صراعاً ذاتياً في داخل كل منا بين الموروث بقضه وقضيضه ..بعجره وبجره .. وبين ضرورة فهم الواقع ومستجداته يحسم في أغلب الأحيان لمصلحة الموروث والأنكى أنه عندما ينتصر الحد الآخر( المنفتح ) يتحول إلى تفلت كامل وخروج نهائي من الجلد بمعنى أنه تشدد في الحالتين ( تشدد في الموروث وتشدد في الإنفتاح الى حد التفلت ).
ولو حافظنا على المنطق لتبين لنا أن الغرب عموماً يشدنا في الوهلة الأولى كالطفل الذي تشده لعبة .. نؤخذ بالنظام والتنظيم والحرية وأسلوب التعامل القانوني العقلاني الذي يهتم بالإنسان
( الذي نفتقده فعلياً ) والشكل والألوان البراقة فنعمى عن رؤية الوجه الآخر ولكن المفاجآت تبدأ في التوارد كلما تعمقنا في تلك المجتمعات وكلما خضنا بآ لية المفاهيم وكيفية تمثلها لتظهر الفوقية ومزاعم امتلاك الفهم والحقيقة وخاصة ضمن (النخب المثقفة هناك) بمقابل بقية الشعوب لتتدرج بجوانب كثيرة وأوجه مختلفة من التعصب .
( أقولها بشكل عام ولو خضت بالتفاصيل لاحتجت الى مجلدات ) دون الدخول في التعميم .
وعليه أن الدوغمائية تتجلى بأشكال متعددة وهي جائحة مرضية قل أن ينجى منها أحد ولا تختلف إلا من حيث شدة الحالة وتجذرها ( كما هي في بدائيتها وعماها عند اليهود ) وبالتالي فإنه من غير الجائز استعمال هذا المصطلح بمواجهة التشدد الديني فقط والتدرج لحصره في مواجهة الإسلام بشكل خاص كما يفعل الغرب وبعض (زاعمي الثقافة عندنا) الذين يتماهون بانفتاحهم إلى الحد الذي تختلط كافة المفاهيم ببعضها وتضيع الصورة وبالنتيجة يظهر أنهم يفرزون السموم داخل المجتمع وهم يعتقدون أنهم ( يحسنون صنعاً ) إلى الحد الذي يتحولون فيه إلى دوغمائيين بامتياز فيما يخص ما يعتقدون أنه ثقافة يحملونها . وهي في الواقع لاتختلف عن حالة انفلونزا سريعة العدوى ومعروفة منذ القدم لابل أنها تستعصي على العلاج الذي يمنع عودتها إلى الظهور مجددا ً.
البعض عندنا وبسبب تسونامي الفضاء المفتوح الذي لن تتوقف موجاته . وبسبب ضعف جهاز المناعة لدى هذا البعض فقد اختلطت عليه المفاهيم والأفكار والمباديء والقناعات وراح يخبط خبط عشواء على غير هدى ليخرج بخليط غير مفهوم من التناقضات الفكرية بعضها ظاهر على السطح والبعض الآخر كامن في أعماق نفسه يمد ما يظهره بمفاهيمه الحقيقية الموروثة وبعضها منحرف أو مبني على تراكم كمي ونوعي من الأخطاء وكأنها خاضعة لقانون الخاصة الشعرية
هذا البعض .. مهما بح صوته بالديمقراطية .. مثلاً.. وتقبل الرأي الآخر واستعداده للحوار
( الديمقراطي )..؟!! يعود لا شعوريا إلى أسس ثقافة النظرة الأحادية للعالم . ثقافة السراديب والزوايا المعتمة المتشددة , العمياء والتي تقول ( أنا دائماً على حق وغيري على خطأ ) و( من ليس معي هو ضدي ) ..هذا يطبقه على رؤيته ومفاهيمه للديمقراطية عندما يحاول أن يطرح وجهة نظره وبتشدد فاضح دون أن يحاول تفهم رأي الآخرين بنفس المفاهيم التي يتبناها ولا يختلفون على عناوينها .. حتى ولو كانت رؤيتهم أدق وأعم .. والواقع أن رؤيته هو قد تكون مجرد تبني لرؤية جهة قد تكون خاطئة في معظمها وهو في الأصل يكون خاضعاً لتأثير تلك الجهة لنفسها ( وهذا ما يثير الأعصاب ويدفع بالكثير منا كي يخرجوا عن أطوارهم ) وهذا على سبيل المثال لا الحصر .
هذه ( الحالة ) ليست مختصة بشعب أو دين أو معتقد أو أيديولوجية أو مفهوم أو شريحة أو فرد بذاته وإنما يشترك فيها الجميع بشكل أو بآخر ولكنها تختلف من حيث شدة حالتها المرضية واستفحالها وحسب حالة التطور الثقافي والاجتماعي وحتى الاقتصادي .
باختصار فإن ( مقولة أنا دائما ً على حق وغيري على خطأ ) هي التعبير الحقيقي والدقيق لمصطلح ( الدوغمائية ) وهي ليست مختصة بحالات التشدد الديني كما يخيل للبعض أو كما استعمل مصطلح الدوغمائبة في البداية ومايزال يرمز به الى حالات التشدد الديني /( وتوجيه سهام التجريح للدين الإسلامي تحديداً ) مع الإقرار بوجود الكثير من الأخطاء وبعضها حاد لدى جهات متعددة ممن يحملون فكر الدين الإسلامي وينسبون ما يطرحونه وينادون به للدين الإسلامي ولاعلاقة لهذا الدين بما هو متداول عنه وهو منه براء وهو نفس ماحصل لبقية الأديان أو الرسالات /. وهو استعمال خاطيء لهذا المصطلح إذا ما قيس به على هذه الحالة فقط , والواقع ان استعماله ينسحب على كافة الأفكار والمعتقدات والنظريات والأيديولوجيات كما ينسحب حتى على القناعات والعادات والأفكار البسيطة لجهة التعصب لها ورفض قبول مناقشتها أو انتقادها والإلحاح المرضي في طرحها ووضعها تحت أنف الغير شاء أم أبى .
بمعنى أن / الدوغمائي / يراوح ضمن مجال رأي واحد لايستطيع مغادرته كتعبير عن قناعته حتى ولو اكتشف خطأه فإنه يحاول تجاهل هذا الخطأ في نوع من العناد الغبي وبالتالي فإنه يرفض تغيير الحكم أو الرأي المتكون لديه في الوقت الذي تفرض فيه المستجدات المنطقية والمعطيات ضرورة التغيير أو التعديل . وهو دلالة على عدم القدرة على المرونة والتعامل مع المعطيات الأساسية أو بعض التفاصيل والاستغناء عنها أو تعديلها أو تبديلها حسب الواقع المفروض بشروطه الصحيحة وبما يتلائم وقواعد المنطق السليم .. ( كمن يحمل قناعة ما .. قد تكون نظرية فلسفية ثم يتم اكتشاف أنها خاطئة أو أن ثمة أخطاء وانحرافات قد تسللت إلى مفاهيمها وأن البعض ممن أدلى بدلوه فيها لم يكن مؤهلا ً لذلك ومع ذلك يرفض التغيير كونه اعتاد على التعامل معها وأخذها دون نقاش أو ممزوجة بهالة من القدسية ). ذلك أن ميكانيكية التفكير لديه لاتعمل بشكل منتظم وسوي لذا يتمسك بمساطر فكرية ثابتة تم تلقينها له في ظروف سابقة فلا يقدر على فهم مايصادفه أو يعترضه من مفاهيم ونظريات الا عبر القواعد أو المساطر التي تم تلقينها له . والواقع أنه قاصر تماماً عن خلق نقطة ارتكاز له يحولها الى قاعدة ينطلق منها لتشكيل مفهوم ورؤيا ينتجها هو ويجري مقاربات منطقية استناداً لها وأن يكون قادراً على ابتداع حلول دون الالتزام بحلول سابقة انتجها غيره وثبت أنها خاطئة كلا ً أو جزءاً .
في الواقع أن أية قاعدة يتم انتاجها اليوم قد تصبح غير صالحة بعد مدة زمنية ربما بسبب تغير المعطيات المعرفية وحالة التطور وربما لتغييرات طبيعية أو اجتماعية أو اقتصادية ..الخ ( هنا يلزم تغييرآلية ومسار التعريف .,( كالانتقال من البحث في الحالة الجزئية أي البحث في وصف آلية التفكير ونمط التعامل مع المشكلات الفكرية والأيديولوجية وعدم القدرة على إعادة تركيب حقل معرفي ما..؟ حيث توجد فيه مجموعة من الحلول لمشكلة واحدة وذلك للوصول إلى حل بأقصى فعالية ممكنة ..وهذا لجهة عدم القدرة وليس عدم الإرادة بغض النظر عما إذا كانت القدرة ممكنة أو في طور الإمكان أم لا)..!! " منقول بتصرف "
- لايمكن بل أنه من غير الجائز والمنطقي الإنكار أن خليط المعتقدات الدينية اليهودية المتشددة والمنطلقة من مقولة زائفة هي ( شعب الله المختار ) تعتبر نموذجاً مثالياً ( للدوغمائية ) بما تعبر عنه حقيقة ً من حالة تشدد وتطرف أعمى وما أنتجته من مراكمة لأقوال الحاخامات التي أصبحت (معتقدات تلمودية ) يتصاعد تاريخياً دون أن تؤثر فيه حالة التطور الإنساني وانتقاله من مرحلة إلى أخرى عبر العصور( وساعده في ذلك حديثاً تبني الغرب والنظام الأمريكي له "بدافع من مصالحه أصلاً " في محاولة لفرض كل مايصدر عنه على العالم وعلينا بشكل أكثر حدة ً وتركيزا ً .. الأمر الذي رفع من نسبة الحالة المرضية التي لاشفاء منها لدى اليهود وخاصة الصهاينة والتلموديين منهم ) والمشكلة أن عدواه تنتقل إلى بقية الأديان والمذاهب والمعتقدات المتفرعة عنها ( بردة فعل ) غريزية ..بدائية .. لتصل إلى السياسية والاجتماع في حالة معاكسة لما يفترض أن تكون قد أتت به حالة التطور المعرفي والثقافي الإنساني .. وهذه رغم ذلك لا يجوز إلصاقها بحالة التطور وبالتالي تسفيهها ولكننا يمكن أن نعيدها إلى قانون ( الفعل وردة الفعل ) ببساطة شديدة . ذلك أن اليهود وتحديداً حاخاماتهم الذين راكموا حالة التعصب الغبي الأعمى عبر التاريخ متنقلين بها من جيل إلى آخر ممزوجة بحالة من الحقد المؤذي للحالة الإنسانية يشكلون حالة فريدة ووحيدة في التاريخ الإنساني وبالتالي فإنهم قد قوبلوا بردود فعل من نفس المستوى وربما أكثر عبر التاريخ وحتى اللحظة .
ومن اطلع على المعتقدات اليهودية ( التلمود ) يصاب بصدمة من كمية الحقد على الإنسانية وحجم وضخامة الأنا الطاغية . . فهم الوحيدون المتميزون وفق ما يؤمنون به وينسبونه إلى أنفسهم .. وأنهم البشر الحقيقيون وبقية الناس حيوانات أو ( جوييم ) خلقوا على صورة إنسان لخدمة اليهود فقط . . وفي معتقدهم أن كافة المعتقدات الأخرى .. كافرة ..شيطانية يحل بل يجب ابادة أتباعها أو التسبب بإيذائهم على الأقل .. وهم الوحيدون شعب الله ونفوسهم من نفس الله أما بقية البشر فقد خلقوا من العفن والنتانة ... لم يتركوا نبياً من أنبياء الإنسانية أو رمزاً من رموزها إلا وأساءوا له ويتباهون عبر تاريخهم بإساءاتهم هذه حتى أنبياؤهم هم لم يسلموا من آذاهم كما يخبرنا التاريخ . ونتيجة لذلك فقد قام حاخاماتهم باستبدال المنظومة الأخلاقية كما هي في التوراة إلى العكس تماماً كما نشاهده في ( التلمود ) .
إن النظرة الدونية لدى اليهود التلموديين لبقية البشر قد خلقت ردود فعل هائلة انعكست عبر التاريخ على هؤلاء بحيث باتوا موضع رفض من بقية الشعوب على الرغم من قدرتهم على التلون والخداع المطلوب دينياً عندهم كما نراه في التلمود الذي يطالبهم بالكذب والخداع والنفاق والاحتيال مع الشعوب الأخرى وأن هذا لا يشكل خطيئة في عرفهم لا بل أن إلههم يكافئهم عليه .
إن كل هذه الموبقات التي كانوا يمارسونها سراً وبأساليب المخاتلة والخداع والتلون باتوا يمارسونها علناً بعد أن صنعت لهم العقلية الاستعمارية المجرمة كياناً في فلسطين انطلاقاً من مصالح هذه القوى .. وهذه الممارسة العلنية انتجت ردة فعل لدى شعوب المنطقة ومن هنا ابتليت بتراجع ينحو نحو التشدد وعدوى هذا المرض بدلا ً من التخلص منه بتطور العصر كحالة ردة فعل على التعصب اليهودي الصهيوني الذي استحضر معه كافة الانحرافات والموبقات والإجرام ومعاداة الإنسانية .
هذا جعلهم يدورون ضمن حلقة جهنمية مغلقة من الفعل وردة الفعل فهم ومن خلال معتقداتهم هذه أضحوا ضحية قمع الشعوب التي عاشوا بين ظهرانيها تاريخيا وتحديدا ً في أوربا ً الأمر الذي ولد لديهم ثقافة الإنسان المقهور التي لا تكاد تتخلص مما تؤمن به لتنتقل إلى مشاعر الاضطهاد التي يقابلون بها .
* لست هنا في وارد بحث التاريخ اليهودي إلا بقدر الإشارة الى أساس التعصب الذي أضيف الى الكثير من مفاهيمنا وبعض الجوانب الخاطئة في ثقافتنا بمواجهتهم كردة فعل طبيعية على ممارساتهم وماضخوه من أحقاد بمواجهتنا في الوقت الذي لم نبادرهم نحن بذلك . هذا لايعني تبرئة لتاريخنا نحن أيضاً , فقد استنسخنا نفس هذه الحالة أو الحالات من حيث تأثير القمع الذي مارسه النظام السياسي العربي منذ ظهوره كإمبراطورية واحتل صفحات من التاريخ وهو الذي استولى على الحالة الدينية المتطورة في حينه ليعيد إنتاجها بما يخدم سياسة القمع الشديد ممزوجة برؤيته الخاصة بحيث صار هذا الاختلاط هو البديل عن الدين الحقيقي بما يمثله من منظومة أخلاقية وحالة ثقافية متطورة في حينه . لينتقل إلى ضخ حالات مختلفة من التعصب والتشدد والقمع ( تسهيلا ً لسلطته ) ثم تجزئته إلى رؤى مختلفة صارت مذاهباً بمرور الوقت تختلف باختلاف السلطة وكل يرى أنه يحتكر الحقيقة وغيره منحرف وخاطيء .
المشكلة عندنا أن التشدد الديني في العصر الحديث قد استنسخ في بعض الحالات نفس المفاهيم التي تعشعش في العقل اليهودي ( الدوغمائي ) المتطرف لدرجة أنها تطابقت حتى في السلوكيات واستنساخ بعض الحركات والرموز وحتى اللباس . وهكذا تنقلت كرة الثلج حتى أنها مرت فوق الجميع وأصابت العدوى الحالة النفسية للفرد لتغزو الكثير من المفاهيم على تنوعها الاجتماعي والسياسي وساعد في تكريس ذلك .. أسلوب الحكم أو نظام الحكم .. أو النظام السياسي العربي .. الذي يستنسخ نفسه منذ ظهور الإمبراطورية العربية وحتى هذا التاريخ ( كما أسلفت ) ورغم انهيارها فقد تكرست مفاهيمها في ذهن الحاكم والطبقة الحاكمة وحتى المواطن ( أليست الطبقة الحاكمة من أبناء هذا الشعب ) وكأنها تسللت الى جينات كل مواطن في هذه المنطقة . والمشكلة أن البعض من المثقفين يرى فيها حالة جدلية اعتبرها نوعاً من التطور الفكري في حين أنها أنتجت المزيد من الإنغلاق المتعدد الأشكال .
ما أحاول الوصول إليه هو أن كافة الحالات الثقافية تحولت بشكل أو بآخر إلى شكل ( دوغمائي ) ذلك أننا تناولناها من فوق تأسيس منغلق متعصب مترسب في أعماق النفس بتأثير الثقافة القمعية المتوارثة ذلك اننا بكافة معتقداتنا الدينية نرى وكما أسلفت أننا الوحيدون الذين يمتلكون الحقيقة
( الفرقة الناجية ) رافضين أية محاولة لفهم هذا الذي نراه يختلف عنا أو المخطيء والمنحرف والجانح الذي يتوجب عليه العودة إلى السكة الصحيحة التي يسلكها كل منا ..؟!!. والمشكلة أن كل منا يملك الاثباتات والأسانيد الخاصة به والتي تؤكد انه هو من يسلك الخط الصحيح أو الصراط المستقيم ويتمسك بها .
انطلاقا ًمن هذا الأساس يتعامل البعض مع الديمقراطية دون أن يدري .
هو يرى أنه الوحيد الذي يمتلك ناصية المعرفة الديمقراطية وفهم جوهرها وتمثلها بالشكل الصحيح ويشرح ذلك بشيء من التعالي المنبثق من الإحساس بامتلاك الحقيقة تماماً مثل ذلك الديني المتشدد الذي يكفر الآخرين بالمطلق .
لايختلف الأمر كثيراً عند الأحزاب والحركات السياسية في عالمنا بشكل عام والعربي بشكال خاص حيث تظهر عندنا بحدة غريبة وتمتزج تماماً بالحالة الدينية المتشددة أو التكفيرية دون أن يدري وكونها قد انغرست في عقله الباطن منذ الطفولة ومع أول رضعة . و(كل بما لديهم فرحون ).
هل الغرب مختلف : أيضاً وبما يملكه من فارق حضاري وتقدم على كافة الصعد لايختلف إلا باختلاف من يجلس على طاولة الطعام ويتناوله بالشوكة والسكين وفق بروتوكول خاص به ومن يجلس على الأرض حول المنسف ويتناول الطعام بيده كما يراه هو أيضاً أفضل . والنتيجة ( الكل يأكل من باب الحاجة الى الطعام ) . بكل أسف هذه لايرونها .
بمعنى أن الفارق شكلي والغرب في بعض الجوانب لايقل دوغمائية عنا لجهة واقعه وفوارقه الحضارية دون دراسة للظروف والأسباب . هذه ينظر الينا من خلالها بتعالي فاضح .
إن أي نظرة تعالي تجاه بقية الشعوب لاتخرج عن كنه الدوغمائية ومفهومها وهذه في الغرب تأخذ طابعاً عاماً وليس شخصياً بمعنى أنه قد تبرز بعض الصعوبات في تتبعها الفردي ولكنها تبرز واضحة في الأدب والإعلام والسياسة وعبر منطق الإملاء في تعامله مع الآخرين . وهذه لاتعني أنها مقصودة أو معتنقة شعبياً بشكل عام ولكن عوامل عدة تشترك في ترسيخها وأبرزها ( الهجوم الإعلامي الصهيوني المستمر والتقصير الإعلامي العربي الغبي المستمر ) وتظهر لدينا مقتصرة على ردة الفعل الآنية ودون أن نحسن تقديم أنفسنا ودون أن نقر بأمراضنا ونبدأ بعلاجها والبعض منا يضع نفسه مقابلها في موقع الدونية ويبدأ بجلد نفسه وأمته . هذا لأننا نعيش صراعاً ذاتياً في داخل كل منا بين الموروث بقضه وقضيضه ..بعجره وبجره .. وبين ضرورة فهم الواقع ومستجداته يحسم في أغلب الأحيان لمصلحة الموروث والأنكى أنه عندما ينتصر الحد الآخر( المنفتح ) يتحول إلى تفلت كامل وخروج نهائي من الجلد بمعنى أنه تشدد في الحالتين ( تشدد في الموروث وتشدد في الإنفتاح الى حد التفلت ).
ولو حافظنا على المنطق لتبين لنا أن الغرب عموماً يشدنا في الوهلة الأولى كالطفل الذي تشده لعبة .. نؤخذ بالنظام والتنظيم والحرية وأسلوب التعامل القانوني العقلاني الذي يهتم بالإنسان
( الذي نفتقده فعلياً ) والشكل والألوان البراقة فنعمى عن رؤية الوجه الآخر ولكن المفاجآت تبدأ في التوارد كلما تعمقنا في تلك المجتمعات وكلما خضنا بآ لية المفاهيم وكيفية تمثلها لتظهر الفوقية ومزاعم امتلاك الفهم والحقيقة وخاصة ضمن (النخب المثقفة هناك) بمقابل بقية الشعوب لتتدرج بجوانب كثيرة وأوجه مختلفة من التعصب .
( أقولها بشكل عام ولو خضت بالتفاصيل لاحتجت الى مجلدات ) دون الدخول في التعميم .
وعليه أن الدوغمائية تتجلى بأشكال متعددة وهي جائحة مرضية قل أن ينجى منها أحد ولا تختلف إلا من حيث شدة الحالة وتجذرها ( كما هي في بدائيتها وعماها عند اليهود ) وبالتالي فإنه من غير الجائز استعمال هذا المصطلح بمواجهة التشدد الديني فقط والتدرج لحصره في مواجهة الإسلام بشكل خاص كما يفعل الغرب وبعض (زاعمي الثقافة عندنا) الذين يتماهون بانفتاحهم إلى الحد الذي تختلط كافة المفاهيم ببعضها وتضيع الصورة وبالنتيجة يظهر أنهم يفرزون السموم داخل المجتمع وهم يعتقدون أنهم ( يحسنون صنعاً ) إلى الحد الذي يتحولون فيه إلى دوغمائيين بامتياز فيما يخص ما يعتقدون أنه ثقافة يحملونها . وهي في الواقع لاتختلف عن حالة انفلونزا سريعة العدوى ومعروفة منذ القدم لابل أنها تستعصي على العلاج الذي يمنع عودتها إلى الظهور مجددا ً.
تعليق