مرا س
انتبه.. لا أحد سيطرق بابك
تكتبها: هدى الجهوري
انتبه.. لا أحد سيطرق بابك
تكتبها: هدى الجهوري
في قريتي الصغيرة والرائعة حدث أمر غريب.. ربما يكون مضحكا للبعض منكم وربما يكون مبكيا... حدث ذلك عندما أرادت عاملة منزل أمي أن تسافر.. تلك "العاملة" التي قضت أوقاتها بين أفراح وأحزان العائلة لسنتين متتاليتين ... إذ تفاجأنا بأن نساء الحارة في ليلة السفر جئن ليسلمن عليها، و"يرمسن" معها ويقرئنها السلام لأهلها في أندونيسيا البعيدة، وليسألن عن زمن الرحلة كم سيطول بها، ومتى من المتوقع أن تصل، وعن احتياطاتها في وضع نقودها في مكان آمن خوفا عليها من التعرض للسرقة.. هنالك من نساء الحارة من حمل لها الهدايا الصغيرة التذكارية، وهنالك من مدت يدها إليها ببعض الريالات الشحيحة وفاء للوقت الذي قضته بينهن.. كنت متأكدة أن "ناني" أقصد العاملة الأندونيسية كانت هي الأخرى متفاجأة من هذه الحفاوة المفرطة حتى أن إحدى الجارات دمعت عينيها، وهي تحتضنها وتوصيها بالتمسك جيدا في الطائرة لكي لا تقع... ثم توافدت عاملات المنازل الأخرى يرطن بلغتهن التي لا نفهمها وكأننا نقيم حفلة وداع كبيرة للعاملة المسافرة!!
وأمام هذا المشهد الدرامي الكبير نقع في فخ مغاير تماما في العاصمة ... فكأي عائلة صغيرة تسوقها ظروف العمل من القرية إلى العاصمة تبدأ حياتها بالتنقل من شقة إلى أخرى ... إلا أن لا أحد يلتفت لهذا الحضور وهذا الغياب.. لا أحد يفكر بطرق باب جاره العماني والذي يتشاطر معه الثقافة، والزي، والعادات والتقاليد من أجل التعرف، وعدا طرق الباب .. يحصل أن يمر الجار ولا يسلم أو يلقي التحية أو يبتسم في وجه جاره الذي يسكن معه في بناية واحدة حيث يتقاسم الجميع حوشا مشتركا !!
جارتنا العجوز القروية التي تقول لي دائما ضاحكة أن أقدامها أصبحت في القبر.. تعلق على وضعنا بقولها: "بتموتوا في مسقط ولا حد بيفتح عليكم الباب.. لين يشموا الريحة".. كنت أضحك على كلامها.. أضحك إلى أن تدمع عيناي..ربما لأنها تقول شيئا من الحقيقة..
عندما أذهب إلى قريتي الرائعة أشعر أني انتقل إلى عالم من الملائكة ... الوجوه تبتسم، والأيادي تصافح ... الكل يريدك أن تزوره في منزله، وقد يغضب عندما لا تلبي الزيارة وتمضي الإجازة راكضة ونحن لا نستطيع إرضاء الجميع.. بينما في مسقط عليك أن تبقى حبيس جدرانك أو أن تخرج إلى المحلات المثلجة أقصد المراكز التجارية أو عليك في أصعب الأحوال أن تنفق آخر ما في جيبك من ريالات وأنت تتجول بين المطاعم الراقية.. بينما البشر يمرون من حولك كالزئبق لا تجيد الإمساك بهم بقربك... الكل هنا يترك العلاقة عند مفاصل معينة ولا يسمح لك بتعديها..
صديقتي المسقطية تقول دائما عن أهل القرى الذين لا يعجبونها : "يدسون أنوفهم في كل شيء" ... أغضب منها في أحيان كثيرة.. الحقيقة إنهم يفعلون ذلك يسألون عن "الحوى وعروقها" كما يقال.. ولكن يفعلون ذلك بحب.. فما يزالون على سجيتهم وعلى محبتهم الوافرة..
ربما لسنا معنيين كثيرا بالجيران عند التنقل من شقة إلى أخرى، ولكن عندما يفكر الواحد منا أن يكون له بيت وحياة دائمة في مكان ما ألن نقول كما يقال "الجار قبل الدار"... أم أن الحسبة تغيرت كثيرا لدرجة أن الواحد منا بات يفكر في الأثاث والديكور وينسى أن يؤثث منزله بقليل من الدفء؟؟
8/7/2009
http://www.omandaily.com/araa/araa2.htm
وأمام هذا المشهد الدرامي الكبير نقع في فخ مغاير تماما في العاصمة ... فكأي عائلة صغيرة تسوقها ظروف العمل من القرية إلى العاصمة تبدأ حياتها بالتنقل من شقة إلى أخرى ... إلا أن لا أحد يلتفت لهذا الحضور وهذا الغياب.. لا أحد يفكر بطرق باب جاره العماني والذي يتشاطر معه الثقافة، والزي، والعادات والتقاليد من أجل التعرف، وعدا طرق الباب .. يحصل أن يمر الجار ولا يسلم أو يلقي التحية أو يبتسم في وجه جاره الذي يسكن معه في بناية واحدة حيث يتقاسم الجميع حوشا مشتركا !!
جارتنا العجوز القروية التي تقول لي دائما ضاحكة أن أقدامها أصبحت في القبر.. تعلق على وضعنا بقولها: "بتموتوا في مسقط ولا حد بيفتح عليكم الباب.. لين يشموا الريحة".. كنت أضحك على كلامها.. أضحك إلى أن تدمع عيناي..ربما لأنها تقول شيئا من الحقيقة..
عندما أذهب إلى قريتي الرائعة أشعر أني انتقل إلى عالم من الملائكة ... الوجوه تبتسم، والأيادي تصافح ... الكل يريدك أن تزوره في منزله، وقد يغضب عندما لا تلبي الزيارة وتمضي الإجازة راكضة ونحن لا نستطيع إرضاء الجميع.. بينما في مسقط عليك أن تبقى حبيس جدرانك أو أن تخرج إلى المحلات المثلجة أقصد المراكز التجارية أو عليك في أصعب الأحوال أن تنفق آخر ما في جيبك من ريالات وأنت تتجول بين المطاعم الراقية.. بينما البشر يمرون من حولك كالزئبق لا تجيد الإمساك بهم بقربك... الكل هنا يترك العلاقة عند مفاصل معينة ولا يسمح لك بتعديها..
صديقتي المسقطية تقول دائما عن أهل القرى الذين لا يعجبونها : "يدسون أنوفهم في كل شيء" ... أغضب منها في أحيان كثيرة.. الحقيقة إنهم يفعلون ذلك يسألون عن "الحوى وعروقها" كما يقال.. ولكن يفعلون ذلك بحب.. فما يزالون على سجيتهم وعلى محبتهم الوافرة..
ربما لسنا معنيين كثيرا بالجيران عند التنقل من شقة إلى أخرى، ولكن عندما يفكر الواحد منا أن يكون له بيت وحياة دائمة في مكان ما ألن نقول كما يقال "الجار قبل الدار"... أم أن الحسبة تغيرت كثيرا لدرجة أن الواحد منا بات يفكر في الأثاث والديكور وينسى أن يؤثث منزله بقليل من الدفء؟؟
8/7/2009
http://www.omandaily.com/araa/araa2.htm
تعليق