من خلال مراجعة دقيقة للقرآن الكريم يتأكد لنا مدى قباحة الظلم وبشاعته بحيث جعله من أكبر الكبائر وأسوأ الصفات فالقرآن الكريم عدا عن مهاجمته للظلم وتهديده ووعيده للظالمين يضرب لنا الأمثلة عن الظالمين ويورد عنهم أمثلة ( فرعون ) وتجبره وقسوته .
والظلم يأخذ أشكالا ً متعددة بدءا ً من القتل وإزهاق الأرواح وسفك الدماء حبا ً بالعدوان وانتهاء ً بحرمان الإنسان من أبسط حقوقه في الحياة الكريمة ومصادرة حريته واتهامه بما ليس فيه . .
وهو ( أي الظلم ) يتستر بدعاوى كثيرة ويخفي وجهه القبيح تحت أقنعة متعددة وخادعة مقدما ًالمغريات لغاية الوصول الى أهدافه وعندها يبدأ بخلع الأقنعة ويظهر على حقيقته البشعة .
يتدرج الظلم في مستوياته فهو يبدأ من ظلم انسان لإنسان .. الأب لأبنه وبالعكس والزوج لزوجته وبالعكس والجار لجاره ثم مجموعة لمجموعة وفئة لفئة وبشكل تبادلي ..الخ وهكذا يتدرج صعودا ً الى قمة الهرم الاجتماعي ليتجلى في ظلم الحاكم لشعبه ثم العالمي الدولة الأقوى المتجبرة للدول الأضعف . كما هو حالنا مع أمريكا والغرب عموما ً .
والظلم لايعتمد بالضرورة على القوة المادية فقط فقد يتجلى بنشر الأكاذيب والتخرصات والشائعات الغير قائمة على أساس فينساق اليها مجتمع بكامله أو فئة بكاملها دون أن تدري بسبب سيطرة البعض على عقولها أو توجيهها بشكل خفي ومقصود لتحقيق غاياته المخالفة للأخلاق والمباديء الإنسانية .
في الجانب الإيماني يمكننا أن نفهم بسهولة أن الكفر هو شكل من أشكال الظلم فالكفر يعني دفن الحقيقة والطمس عليها لحساب الخداع والنفاق والاستغلال وكل مايسيء لإنسانية الإنسان وعندما نفهم التوحيد يمكننا أن نستخلص انه جاء للرفع من شأن الإنسان وصون كرامته فلايحني رأسه إلا لخالقه وعندما يبدأ بالإنحناء لغير الله عز وجل يكون قد بدأ الدخول في عالم الشرك والإقرار بأرباب آخرين وأذل نفسه وإنسانيته فالإنسان خلق منتصب القامة ..مرفوع الرأس .. وهكذا يجب أن يبقى .
"ولنستعرض رأي القرآن الكريم في الظلم "
- يوم يعض الظالم على يديه . 27 الفرقان
-ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. 75 الأنبياء
- وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة 11 =
- وكذلك أخذ ربك اذ أخذ القرى وهي ظالمة . 45 الحج
- فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة . 48 =
- والكافرون هم الظالمون . 254 البقرة .
- هل يهلك إلا القوم الظالمون . 47 الأنعام .
-ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون . 42 إبراهيم
- لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين . 38 مريم
- وماكنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون 59 القصص
- والظالمون مالهم من ولي ولا نصير . 8 الشورى
- قل لا ينال عهدي الظالمين . 124 البقرة .
- وما للظالمين من أنصار . 270 البقرة
- والله لايهدي القوم الظالمين . 86 آل عمران .
- ويتخذ منكم شهداء والله لايحب الظالمين . 140 = =
- ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين . 151 = =
- ربنا أنك من تدخل النار فقد أخزيته 192 = =
وما للظالمين من أنصار .
- فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين . 68 الأنعام .
- فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين . 44 الأعراف
- ألا لعنة الله على الظالمين . 18 هود .
- إن الظالمين لهم عذاب أليم . 22 إبراهيم
- ولا يزيد الظالمين إلا خسارا . 82 الإسراء
- بئس للظالمين بدلا . 70 الكهف
- ونذر الظالمين فيها جثيا . 72 مريم
- فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين . 29 الأنبياء
- فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين . 41 المؤمنون
- واعتدنا للظالمين عذابا أليما . 37 الفرقان
- يوم لاينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة . 52 غافر
- فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات 160 النساء
أحلت لهم .
- وقد خاب من حمل ظلما . 111 طه
- وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . 227 الشعراء .
- فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم . 65 الزخرف .
هذه بعض الآيات التي تلعن وتتوعد الظالمين بسوء العذاب , ومع ذلك فقد خرج علينا من يلفق ويقول ( أن الظالم سيف الله ينتقم به من عباده )..؟!!! فأي سيف هذا الذي ابتدعوه , وكيف أخرجوه ..؟ لولا أنهم يريدون تبرير سلوكيات الظلمة ..؟؟
إن هذا لايعادل سوى جزء يسير من طوفان التحريف والتزوير والتأويل الشاذ للمفاهيم الإسلامية الإنسانية النبيلة , وتبريرا لكل ماسلف من ظلم ولكل ما يحصل وسيحصل .
إن الرسالة التي تقف كل هذا الموقف القاسي المتشدد من الظلم والظالمين , هي بالتأكيد تهدف إلى الوصول بالإنسان والمجتمع إلى قمة العدالة والحرية والرقي , بحيث تكون دافعا ومحركا له للقفز باتجاه مستقبله لتحقيق خطوات حضارية أرقى وأرقى بحيث يقترب أكثر فأكثر من معرفة تلك القوة المنظمة لهذا الكون الواسع فيفهمها بالشكل الصحيح ولتكون عبادته لها قائمة على أسس وبراهين لا مجال للتشكيك فيها وبالتالي فان هذا المفهوم يكون أساسا للقناعة الراسخة , على عكس ماأراده وهدف إليه هؤلاء المتفقهون الذي أحاطوه بكل الشكوك بسبب مفاهيمهم المنحرفة التي أرغموه على القبول بها .
هذه المفاهيم المنحرفة والشاذة وهذا التشويه الفظيع الذي تعرضت له الرسالة بفعل النظام السياسي العربي وفقهائه المنحرفين الشاذين , جعلها تظهر أمام شعوب العالم على عكس ماأريد لها من صنع كل مافيه خير الإنسانية , هذا هو تماما ماأراده النظام السياسي العربي , ليظهر نفسه كبديل لها بما حمل من مبادئ وأفكار شاذة مخالفة لقوانين التطور الإنساني الحضاري, لالشيء, إلا الحفاظ على سلطته واستمرار يته حتى مع كل هذا التخريب والتدمير الذي عكسته سلوكياته التي استمرت تأثيراتها بقوة حتى الآن, حيث أننا مانزال نرى بعض الأطراف وبتأثير هذا الموروث الفكري للنظام السياسي العربي ومدرسته, وبدلا من الاطلاع على فكر الآخر وأدبياته ومحاولة تفهمه معتمدة المنطق العقلاني سندا للمنظومة الأخلاقية للرسالة , بدلا من ذلك كله تقوم هذه الأطراف بضخ المزيد من التشويه واختلاق الأحاديث والروايات الكاذبة التي تنال من هذا الآخر ومن معتقداته بروح عدائية مستفزة بشكل يتطابق مع أخلاقيات يهود التلمود الدونية , الأمر الذي يدفع بهذا الآخر إلى الرد , وهكذا دخل الجميع في دوامة لانهاية لها من تبادل الاتهامات والتكفير وتبادل الإساءات بحيث لايمكن التخلص منها إلا بالرجوع إلى المنطق العقلاني وأساسيات الرسالة ومنظومتها الأخلاقية بعيدا عن تحريفات المحرفين وتشويه المشوهين ذوي النوايا السيئة وأن يعتمد حسن النوايا في أي حوار .
وعلى مبدأ أن الرسالة الإسلامية واحدة ونبيها الكريم واحد وليست مذاهبا ومدارساً شتى .
بكل أسف فقد غرق الكثير في لجة التشويه والانحراف الذي غطى على أساسيات الرسالة وغاياتها النبيلة وعلى رمزها العظيم النبي الأكرم محمد عليه الصلاة والسلام وبشكل ينال من شخصيته وسلوكه وحياته .
وبالمقارنة ففي هذه الأيام يزعم الكثير من المندسين ومن لم يعودوا قادرين على الخروج من مستنقع التشويه ممن نصبوا أنفسهم دعاة ورموز وتصدروا الواجهات بداعي أنهم يدافعون عن الإسلام , مشوهين الإسلام وحقيقته في الواقع أنهم يقولون (حتى اليهودية التلمودية الكابالية أفضل من الآخر المسلم وان أولئك مؤمنون أكثر) .؟!!. ممهدين بذلك لتنصيب أنبياء جدد تم تصنيعهم بأيدي الماسونية الصهيونية والموساد في ظروف ملائمة وإظهارهم كمدافعين عن الأمة وهم حقيقة يضخون المزيد من السموم في جسد الأمة ففي أقوالهم وأحاديثهم مؤخرا رفعوا العصمة عن مقام النبوة بداعي أن النبي ( لا يتنبأ ) , متناسين عن سابق قصد أن كل ماسبق وقاله لم يكن إلا (وحي يوحى ) بنص القرآن الكريم وأنه لاينطق عن الهوى . فالنبي الأكرم إن تحدث عن المستقبل في حياته فان ذلك من منطلق علمي يؤكد أن مخالفة القواعد العلمية والمنظومة الأخلاقية ومخالفة المنطق وسنن الطبيعة والكون والمجتمع الإنساني ستودي بالمجتمعات وتعصف بها .ألم يقل عليه الصلاة والسلام منبها ومحذرا
( لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حذو النعل بالنعل والقذة بالقذةوالله لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) وهذا الحديث الشريف جاء في معرض رده على التساؤل عن معنى الآية الكريمة ( فلا أقسم بالشفق * والليل إذا وسق* لتركبن طبقا عن طبق ) بالرغم أن البعض قد حاول تطبيق هذه الآية الكريمة على المكتشفات الفضائية . وان كان الرسول الأعظم أكثر تحديدا فان هذا ماأوحي إليه وليس ذلك ناجما عن تخمين أو عرافة .
وهكذا فبزعم انه لا يتنبأ يحاولون وصمه بذلك والإساءة إليه مبتعدين بذلك عن حقيقة الوحي الذي هو مجموعة من القواعد العلمية ( اجتماعيا , اقتصاديا , بيئيا . كونيا ً.الخ ) أوجدها الخالق لسعادة الإنسان ..إنها وحتى سياسيا تصلح لاستنباط قواعد جديدة لكل الأزمان ومهما تطورت الإنسانية.
ولنلاحظ أن هؤلاء ينبرون في كل مرة تظهر فيها ظروف موائمة للتفاهم وتوحيد الأمة , لضخ سمومهم بين مريديهم وأنصارهم ليعيدوا ضخها بين صفوف الأمة بقصد تكريس حالة الانقسام والعداء بين شرائحها المختلفة ردا على محاولات توحيدها فيكفرون هنا ويضخون الأحقاد هناك وتتطابق أفعالهم مع أفعال أعداء الأمة . والمتتبع المدقق يكتشف مدى الترابط بين هؤلاء وبين ما يصدر عن القوى المعادية لهذه الأمة ومدى تطابق أفكارهم المنحرفة مع كل ما يطرحه الأعداء من ثقافة ومعلومات مضللة حتى أصبحت الإساءة للنبي الكريم ولجوهر الدين الحنيف أمرا عاديا لايستثير محاولة الرد للتصحيح والتكذيب ومع ذلك وكما أسلفنا فان هؤلاء يتصدرون الواجهات زاعمين العمل على تحرير الأمة في الوقت الذي لا يألون فيها جهدا لتكريس كل مايشوه الرسالة ونبيها الكريم موزعين التفجيرات والقتل وهدر الدماء البريئة من أطفال ونساء في كافة الاتجاهات موفرين لأعدائه من حاخامات التلمود والكابالاه كل الذرائع لمهاجمته والتخطيط لتدميره والقضاء على مابقي منه .
وهنا يحضرنا التساؤل التالي : أليس غريبا أن يذهب بعض الطلبة للدراسة في أمريكا وبريطانيا فيعودون إلينا دعاة متشددين يحملون أفكارا مسمومة قاتلة لعقيدة هذه الأمة ومشوهة لكل فكر جميل وحضاري فيها وفي ثقافتها وأدبياتها ..؟؟؟ !! فكيف تم التأثير في هؤلاء ومن يقف خلف هذا التأثير ؟؟؟ وكيف لم يتمكن محيطهم من تحصينهم مسبقا لولم يكن هذا المحيط مبنيا على كم هائل من التراكمات الخاطئة المنحرفة ؟؟!!! لماذا لم يقم محيطهم على الأقل بتزويدهم بالمنظومة الأخلاقية ؟؟!! والأهم من ذلك كله كيف ترك هؤلاء في أمريكا وبريطانيا وغيرها يجهرون بهذا التشدد في الوقت الذي تزعم فيه أمريكا والغرب أن مشكلتهم مع هذا التشدد ؟؟!
لماذا لم يطرح هذا التساؤل علنا ً ويتم توضيحه بإسهاب ؟؟؟!!. ومن يقف خلفه ؟؟؟
إن إعمال العقل بشكل موضوعي استنادا ً إلى المنطق يؤكد أن الكثير مما وصف بالنبوءات الواردة على لسان النبي الكريم سيتضح أنها مجموعة من نتائج خروقات قواعد دقيقة ومحكمة ( للمجتمع والطبيعة والكون والأخلاق ) قد ثبت ذلك بمرور الوقت وتقلبات أحوال المجتمعات على مدى أكثر من أربعة عشر قرنا والأهم من ذلك كله أنه وحي يوحى ., فما نراه من مظاهر شاذة في تركيبة المجتمعات الإنسانية والتناقض الحاد بين الفقر المدقع والغنى الفاحش وانحلال القيم وتدهورها وتفشي روح الحقد والكراهية والعدائية وكثرة الحروب وحالات فساد البيئة والمجتمع وتفشي أنواع غير مسبوقة من الأمراض التي من شأنها إبادة مجتمعات كاملة
( كالسارس والايدز وجنون البقر وانفلونزا الطيور والخنازير ) إلى جانب ازدياد حالات الفساد الاجتماعي بشكل وقح والاختلال الواضح في التركيبة الاجتماعية .,كل ذلك ناشئ عن مخالفة هذه القواعد المحكمة الدقة يجري ممارستها في مختبرات الصهاينة ألد أعداء هذه الأمة . لذا فان العودة للالتزام بالقواعد الصحيحة ( من قبلنا ولنكن البادئين ) قد يعيد الأمور إلى نصابها في أوطاننا ولو على المدى الطويل.. والغريب إن محاولات العودة اليها تنحرف لتنقلب الى تشدد مطلق في تأدية الشعائر التفصيلية والمجزأة فتزيد من الغربة والابتعاد دون الغوص في العمق .
· إن إحترام حقوق الإنسان بالشكل الحقيقي يعيد العلاقات السليمة إلى المجتمع ككل وينهي حالات الحقد والصراع ضمن المجتمع الواحد .
· واحترام الحرية الشخصية ضمن سياق المنظومة الأخلاقية للمجتمع الواحد يعيد العدالة إلى سياقها لينمو هذا المجتمع ويتطور بشكل طبيعي ومتسارع .
· والعدالة في توزيع الثروة وضمان حق الفرد في العمل وفق مبدأ تكافؤ الفرص واحترام الإمكانات العقلية والثقافية والعلمية للفرد بعيدا عن المحاباة والوساطة ينهي مظاهر الفقر ويقضي على حالات الحقد الطبقي ويوفر اللحمة للمجتمع .
· وسيادة القانون بالشكل الصحيح واختيار رموزه بدقة ممن يتحلون بمبادىء الشرف والنزاهة والأخلاق يوفر العدالة ضمن المجتمع وينفي الإحساس بالظلم
· كما أن توظيف الاختلاف في الرأي لمصلحة المجتمع ككل بحيث يبدو هذا الاختلاف تنافسا لخدمته وعلى أساس الاحترام المتبادل بين مجموعة الآراء المختلفة يفسح المجال لمجموعة الرؤى الايجابية كي تصب في مجرى واحد يشكل مصلحة المجتمع .
مع ذلك لن يخل ُ الأمر من مظاهر شاذة في السلوك والتفكير ولاامكانية لإيجاد المجتمع المثالي أو ( جمهورية أفلاطون) لكن المهم في الأمر أن تتوفر الأرضية اللازمة لطغيان الجوانب الايجابية على الجوانب السلبية من خلال الالتزام بالقواعد السليمة للعلاقات الإنسانية وحسن التعامل مع المحيط والبيئة ..هكذا وبمرور الوقت ومن خلال حماية هذه القواعد تترسخ الأنماط الايجابية لتصبح غريزة سلوكية في المجتمع لتعود المساواة في حالة التطور الإنسانية إلى مجراها الطبيعي وينتهي التفاوت في النمو والاختلال في موازين العلاقات .
إن أكثر ما أساء لمجتمعاتنا الشرقية بشكل عام والإسلامية بشكل خاص والعربية بشكل أكثر تحديدا هو أنه وفي كل مرحلة تاريخية تبرز مجموعات من الطامحين الشاذين الذين يتمتعون بأشكال من الذكاءالخبيث ليركبوا ظهور هذه الأمة بزعم حماية الدين والعقيدة والأخلاق وهم أبعد ما يكون عن ذلك كله ليفحشوا بكل قواعد الأخلاق ويهدروا كل المعتقدات الأصيلة والقيم النبيلة ويحرفونها عن خط سيرها السليم في سبيل مصالحهم وغاياتهم وتحقيق طموحات شاذة فارضين وصاية على هذه الشعوب مدمرين في الوقت عينه كل القواعد المنطقية العقلانية التي تبنى عليها المجتمعات فكانت وجهات نظرهم تفرض على هذه المجتمعات مع ثبوت انحرافها وفسادها .. والنتيجة هي مانراه اليوم من تمزق وتخلف وانحلال وإذلال وهوان وصولا إلى آخر حدود الاستهانة بكرامة هذه المجتمعات والشعوب بعد أن أصبحت قواعد هؤلاء ووجهات نظرهم هي البديل للمنظومة الأخلاقية ولكل قواعد الحياة السليمة والفطرة الأصيلة .
إن الظلم في حقيقة الأمر يشكل البؤرة الخصبة لنمو كافة القيم الدونية وتدمير المنظومة الأخلاقية ( الحكمة في القرآن الكريم ) فيفكك المجتمعات . لأن الظلم يترافق مع الخوف والعنف والقسر والإلزام والقهر والظالم يتحول الى شريك للإله في خلقه وهكذا يكون كل ظالم هو رأس الشرك وكل من يتقرب منه ويدعمه ويسانده مشركا ً .
إنه وبسبب الخوف على الحياة والمعاش والاستقرار ينتج معه النفاق والتزلف والكذب بحيث يضطر الأضعف لممالأة الأقوى .
هكذا يفهم من نصوص الآيات ولاأعتقد أن الظلم يمكن أن الباسه لبوسا ً آخر .
والظلم يأخذ أشكالا ً متعددة بدءا ً من القتل وإزهاق الأرواح وسفك الدماء حبا ً بالعدوان وانتهاء ً بحرمان الإنسان من أبسط حقوقه في الحياة الكريمة ومصادرة حريته واتهامه بما ليس فيه . .
وهو ( أي الظلم ) يتستر بدعاوى كثيرة ويخفي وجهه القبيح تحت أقنعة متعددة وخادعة مقدما ًالمغريات لغاية الوصول الى أهدافه وعندها يبدأ بخلع الأقنعة ويظهر على حقيقته البشعة .
يتدرج الظلم في مستوياته فهو يبدأ من ظلم انسان لإنسان .. الأب لأبنه وبالعكس والزوج لزوجته وبالعكس والجار لجاره ثم مجموعة لمجموعة وفئة لفئة وبشكل تبادلي ..الخ وهكذا يتدرج صعودا ً الى قمة الهرم الاجتماعي ليتجلى في ظلم الحاكم لشعبه ثم العالمي الدولة الأقوى المتجبرة للدول الأضعف . كما هو حالنا مع أمريكا والغرب عموما ً .
والظلم لايعتمد بالضرورة على القوة المادية فقط فقد يتجلى بنشر الأكاذيب والتخرصات والشائعات الغير قائمة على أساس فينساق اليها مجتمع بكامله أو فئة بكاملها دون أن تدري بسبب سيطرة البعض على عقولها أو توجيهها بشكل خفي ومقصود لتحقيق غاياته المخالفة للأخلاق والمباديء الإنسانية .
في الجانب الإيماني يمكننا أن نفهم بسهولة أن الكفر هو شكل من أشكال الظلم فالكفر يعني دفن الحقيقة والطمس عليها لحساب الخداع والنفاق والاستغلال وكل مايسيء لإنسانية الإنسان وعندما نفهم التوحيد يمكننا أن نستخلص انه جاء للرفع من شأن الإنسان وصون كرامته فلايحني رأسه إلا لخالقه وعندما يبدأ بالإنحناء لغير الله عز وجل يكون قد بدأ الدخول في عالم الشرك والإقرار بأرباب آخرين وأذل نفسه وإنسانيته فالإنسان خلق منتصب القامة ..مرفوع الرأس .. وهكذا يجب أن يبقى .
"ولنستعرض رأي القرآن الكريم في الظلم "
- يوم يعض الظالم على يديه . 27 الفرقان
-ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. 75 الأنبياء
- وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة 11 =
- وكذلك أخذ ربك اذ أخذ القرى وهي ظالمة . 45 الحج
- فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة . 48 =
- والكافرون هم الظالمون . 254 البقرة .
- هل يهلك إلا القوم الظالمون . 47 الأنعام .
-ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون . 42 إبراهيم
- لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين . 38 مريم
- وماكنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون 59 القصص
- والظالمون مالهم من ولي ولا نصير . 8 الشورى
- قل لا ينال عهدي الظالمين . 124 البقرة .
- وما للظالمين من أنصار . 270 البقرة
- والله لايهدي القوم الظالمين . 86 آل عمران .
- ويتخذ منكم شهداء والله لايحب الظالمين . 140 = =
- ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين . 151 = =
- ربنا أنك من تدخل النار فقد أخزيته 192 = =
وما للظالمين من أنصار .
- فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين . 68 الأنعام .
- فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين . 44 الأعراف
- ألا لعنة الله على الظالمين . 18 هود .
- إن الظالمين لهم عذاب أليم . 22 إبراهيم
- ولا يزيد الظالمين إلا خسارا . 82 الإسراء
- بئس للظالمين بدلا . 70 الكهف
- ونذر الظالمين فيها جثيا . 72 مريم
- فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين . 29 الأنبياء
- فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين . 41 المؤمنون
- واعتدنا للظالمين عذابا أليما . 37 الفرقان
- يوم لاينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة . 52 غافر
- فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات 160 النساء
أحلت لهم .
- وقد خاب من حمل ظلما . 111 طه
- وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . 227 الشعراء .
- فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم . 65 الزخرف .
هذه بعض الآيات التي تلعن وتتوعد الظالمين بسوء العذاب , ومع ذلك فقد خرج علينا من يلفق ويقول ( أن الظالم سيف الله ينتقم به من عباده )..؟!!! فأي سيف هذا الذي ابتدعوه , وكيف أخرجوه ..؟ لولا أنهم يريدون تبرير سلوكيات الظلمة ..؟؟
إن هذا لايعادل سوى جزء يسير من طوفان التحريف والتزوير والتأويل الشاذ للمفاهيم الإسلامية الإنسانية النبيلة , وتبريرا لكل ماسلف من ظلم ولكل ما يحصل وسيحصل .
إن الرسالة التي تقف كل هذا الموقف القاسي المتشدد من الظلم والظالمين , هي بالتأكيد تهدف إلى الوصول بالإنسان والمجتمع إلى قمة العدالة والحرية والرقي , بحيث تكون دافعا ومحركا له للقفز باتجاه مستقبله لتحقيق خطوات حضارية أرقى وأرقى بحيث يقترب أكثر فأكثر من معرفة تلك القوة المنظمة لهذا الكون الواسع فيفهمها بالشكل الصحيح ولتكون عبادته لها قائمة على أسس وبراهين لا مجال للتشكيك فيها وبالتالي فان هذا المفهوم يكون أساسا للقناعة الراسخة , على عكس ماأراده وهدف إليه هؤلاء المتفقهون الذي أحاطوه بكل الشكوك بسبب مفاهيمهم المنحرفة التي أرغموه على القبول بها .
هذه المفاهيم المنحرفة والشاذة وهذا التشويه الفظيع الذي تعرضت له الرسالة بفعل النظام السياسي العربي وفقهائه المنحرفين الشاذين , جعلها تظهر أمام شعوب العالم على عكس ماأريد لها من صنع كل مافيه خير الإنسانية , هذا هو تماما ماأراده النظام السياسي العربي , ليظهر نفسه كبديل لها بما حمل من مبادئ وأفكار شاذة مخالفة لقوانين التطور الإنساني الحضاري, لالشيء, إلا الحفاظ على سلطته واستمرار يته حتى مع كل هذا التخريب والتدمير الذي عكسته سلوكياته التي استمرت تأثيراتها بقوة حتى الآن, حيث أننا مانزال نرى بعض الأطراف وبتأثير هذا الموروث الفكري للنظام السياسي العربي ومدرسته, وبدلا من الاطلاع على فكر الآخر وأدبياته ومحاولة تفهمه معتمدة المنطق العقلاني سندا للمنظومة الأخلاقية للرسالة , بدلا من ذلك كله تقوم هذه الأطراف بضخ المزيد من التشويه واختلاق الأحاديث والروايات الكاذبة التي تنال من هذا الآخر ومن معتقداته بروح عدائية مستفزة بشكل يتطابق مع أخلاقيات يهود التلمود الدونية , الأمر الذي يدفع بهذا الآخر إلى الرد , وهكذا دخل الجميع في دوامة لانهاية لها من تبادل الاتهامات والتكفير وتبادل الإساءات بحيث لايمكن التخلص منها إلا بالرجوع إلى المنطق العقلاني وأساسيات الرسالة ومنظومتها الأخلاقية بعيدا عن تحريفات المحرفين وتشويه المشوهين ذوي النوايا السيئة وأن يعتمد حسن النوايا في أي حوار .
وعلى مبدأ أن الرسالة الإسلامية واحدة ونبيها الكريم واحد وليست مذاهبا ومدارساً شتى .
بكل أسف فقد غرق الكثير في لجة التشويه والانحراف الذي غطى على أساسيات الرسالة وغاياتها النبيلة وعلى رمزها العظيم النبي الأكرم محمد عليه الصلاة والسلام وبشكل ينال من شخصيته وسلوكه وحياته .
وبالمقارنة ففي هذه الأيام يزعم الكثير من المندسين ومن لم يعودوا قادرين على الخروج من مستنقع التشويه ممن نصبوا أنفسهم دعاة ورموز وتصدروا الواجهات بداعي أنهم يدافعون عن الإسلام , مشوهين الإسلام وحقيقته في الواقع أنهم يقولون (حتى اليهودية التلمودية الكابالية أفضل من الآخر المسلم وان أولئك مؤمنون أكثر) .؟!!. ممهدين بذلك لتنصيب أنبياء جدد تم تصنيعهم بأيدي الماسونية الصهيونية والموساد في ظروف ملائمة وإظهارهم كمدافعين عن الأمة وهم حقيقة يضخون المزيد من السموم في جسد الأمة ففي أقوالهم وأحاديثهم مؤخرا رفعوا العصمة عن مقام النبوة بداعي أن النبي ( لا يتنبأ ) , متناسين عن سابق قصد أن كل ماسبق وقاله لم يكن إلا (وحي يوحى ) بنص القرآن الكريم وأنه لاينطق عن الهوى . فالنبي الأكرم إن تحدث عن المستقبل في حياته فان ذلك من منطلق علمي يؤكد أن مخالفة القواعد العلمية والمنظومة الأخلاقية ومخالفة المنطق وسنن الطبيعة والكون والمجتمع الإنساني ستودي بالمجتمعات وتعصف بها .ألم يقل عليه الصلاة والسلام منبها ومحذرا
( لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حذو النعل بالنعل والقذة بالقذةوالله لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) وهذا الحديث الشريف جاء في معرض رده على التساؤل عن معنى الآية الكريمة ( فلا أقسم بالشفق * والليل إذا وسق* لتركبن طبقا عن طبق ) بالرغم أن البعض قد حاول تطبيق هذه الآية الكريمة على المكتشفات الفضائية . وان كان الرسول الأعظم أكثر تحديدا فان هذا ماأوحي إليه وليس ذلك ناجما عن تخمين أو عرافة .
وهكذا فبزعم انه لا يتنبأ يحاولون وصمه بذلك والإساءة إليه مبتعدين بذلك عن حقيقة الوحي الذي هو مجموعة من القواعد العلمية ( اجتماعيا , اقتصاديا , بيئيا . كونيا ً.الخ ) أوجدها الخالق لسعادة الإنسان ..إنها وحتى سياسيا تصلح لاستنباط قواعد جديدة لكل الأزمان ومهما تطورت الإنسانية.
ولنلاحظ أن هؤلاء ينبرون في كل مرة تظهر فيها ظروف موائمة للتفاهم وتوحيد الأمة , لضخ سمومهم بين مريديهم وأنصارهم ليعيدوا ضخها بين صفوف الأمة بقصد تكريس حالة الانقسام والعداء بين شرائحها المختلفة ردا على محاولات توحيدها فيكفرون هنا ويضخون الأحقاد هناك وتتطابق أفعالهم مع أفعال أعداء الأمة . والمتتبع المدقق يكتشف مدى الترابط بين هؤلاء وبين ما يصدر عن القوى المعادية لهذه الأمة ومدى تطابق أفكارهم المنحرفة مع كل ما يطرحه الأعداء من ثقافة ومعلومات مضللة حتى أصبحت الإساءة للنبي الكريم ولجوهر الدين الحنيف أمرا عاديا لايستثير محاولة الرد للتصحيح والتكذيب ومع ذلك وكما أسلفنا فان هؤلاء يتصدرون الواجهات زاعمين العمل على تحرير الأمة في الوقت الذي لا يألون فيها جهدا لتكريس كل مايشوه الرسالة ونبيها الكريم موزعين التفجيرات والقتل وهدر الدماء البريئة من أطفال ونساء في كافة الاتجاهات موفرين لأعدائه من حاخامات التلمود والكابالاه كل الذرائع لمهاجمته والتخطيط لتدميره والقضاء على مابقي منه .
وهنا يحضرنا التساؤل التالي : أليس غريبا أن يذهب بعض الطلبة للدراسة في أمريكا وبريطانيا فيعودون إلينا دعاة متشددين يحملون أفكارا مسمومة قاتلة لعقيدة هذه الأمة ومشوهة لكل فكر جميل وحضاري فيها وفي ثقافتها وأدبياتها ..؟؟؟ !! فكيف تم التأثير في هؤلاء ومن يقف خلف هذا التأثير ؟؟؟ وكيف لم يتمكن محيطهم من تحصينهم مسبقا لولم يكن هذا المحيط مبنيا على كم هائل من التراكمات الخاطئة المنحرفة ؟؟!!! لماذا لم يقم محيطهم على الأقل بتزويدهم بالمنظومة الأخلاقية ؟؟!! والأهم من ذلك كله كيف ترك هؤلاء في أمريكا وبريطانيا وغيرها يجهرون بهذا التشدد في الوقت الذي تزعم فيه أمريكا والغرب أن مشكلتهم مع هذا التشدد ؟؟!
لماذا لم يطرح هذا التساؤل علنا ً ويتم توضيحه بإسهاب ؟؟؟!!. ومن يقف خلفه ؟؟؟
إن إعمال العقل بشكل موضوعي استنادا ً إلى المنطق يؤكد أن الكثير مما وصف بالنبوءات الواردة على لسان النبي الكريم سيتضح أنها مجموعة من نتائج خروقات قواعد دقيقة ومحكمة ( للمجتمع والطبيعة والكون والأخلاق ) قد ثبت ذلك بمرور الوقت وتقلبات أحوال المجتمعات على مدى أكثر من أربعة عشر قرنا والأهم من ذلك كله أنه وحي يوحى ., فما نراه من مظاهر شاذة في تركيبة المجتمعات الإنسانية والتناقض الحاد بين الفقر المدقع والغنى الفاحش وانحلال القيم وتدهورها وتفشي روح الحقد والكراهية والعدائية وكثرة الحروب وحالات فساد البيئة والمجتمع وتفشي أنواع غير مسبوقة من الأمراض التي من شأنها إبادة مجتمعات كاملة
( كالسارس والايدز وجنون البقر وانفلونزا الطيور والخنازير ) إلى جانب ازدياد حالات الفساد الاجتماعي بشكل وقح والاختلال الواضح في التركيبة الاجتماعية .,كل ذلك ناشئ عن مخالفة هذه القواعد المحكمة الدقة يجري ممارستها في مختبرات الصهاينة ألد أعداء هذه الأمة . لذا فان العودة للالتزام بالقواعد الصحيحة ( من قبلنا ولنكن البادئين ) قد يعيد الأمور إلى نصابها في أوطاننا ولو على المدى الطويل.. والغريب إن محاولات العودة اليها تنحرف لتنقلب الى تشدد مطلق في تأدية الشعائر التفصيلية والمجزأة فتزيد من الغربة والابتعاد دون الغوص في العمق .
· إن إحترام حقوق الإنسان بالشكل الحقيقي يعيد العلاقات السليمة إلى المجتمع ككل وينهي حالات الحقد والصراع ضمن المجتمع الواحد .
· واحترام الحرية الشخصية ضمن سياق المنظومة الأخلاقية للمجتمع الواحد يعيد العدالة إلى سياقها لينمو هذا المجتمع ويتطور بشكل طبيعي ومتسارع .
· والعدالة في توزيع الثروة وضمان حق الفرد في العمل وفق مبدأ تكافؤ الفرص واحترام الإمكانات العقلية والثقافية والعلمية للفرد بعيدا عن المحاباة والوساطة ينهي مظاهر الفقر ويقضي على حالات الحقد الطبقي ويوفر اللحمة للمجتمع .
· وسيادة القانون بالشكل الصحيح واختيار رموزه بدقة ممن يتحلون بمبادىء الشرف والنزاهة والأخلاق يوفر العدالة ضمن المجتمع وينفي الإحساس بالظلم
· كما أن توظيف الاختلاف في الرأي لمصلحة المجتمع ككل بحيث يبدو هذا الاختلاف تنافسا لخدمته وعلى أساس الاحترام المتبادل بين مجموعة الآراء المختلفة يفسح المجال لمجموعة الرؤى الايجابية كي تصب في مجرى واحد يشكل مصلحة المجتمع .
مع ذلك لن يخل ُ الأمر من مظاهر شاذة في السلوك والتفكير ولاامكانية لإيجاد المجتمع المثالي أو ( جمهورية أفلاطون) لكن المهم في الأمر أن تتوفر الأرضية اللازمة لطغيان الجوانب الايجابية على الجوانب السلبية من خلال الالتزام بالقواعد السليمة للعلاقات الإنسانية وحسن التعامل مع المحيط والبيئة ..هكذا وبمرور الوقت ومن خلال حماية هذه القواعد تترسخ الأنماط الايجابية لتصبح غريزة سلوكية في المجتمع لتعود المساواة في حالة التطور الإنسانية إلى مجراها الطبيعي وينتهي التفاوت في النمو والاختلال في موازين العلاقات .
إن أكثر ما أساء لمجتمعاتنا الشرقية بشكل عام والإسلامية بشكل خاص والعربية بشكل أكثر تحديدا هو أنه وفي كل مرحلة تاريخية تبرز مجموعات من الطامحين الشاذين الذين يتمتعون بأشكال من الذكاءالخبيث ليركبوا ظهور هذه الأمة بزعم حماية الدين والعقيدة والأخلاق وهم أبعد ما يكون عن ذلك كله ليفحشوا بكل قواعد الأخلاق ويهدروا كل المعتقدات الأصيلة والقيم النبيلة ويحرفونها عن خط سيرها السليم في سبيل مصالحهم وغاياتهم وتحقيق طموحات شاذة فارضين وصاية على هذه الشعوب مدمرين في الوقت عينه كل القواعد المنطقية العقلانية التي تبنى عليها المجتمعات فكانت وجهات نظرهم تفرض على هذه المجتمعات مع ثبوت انحرافها وفسادها .. والنتيجة هي مانراه اليوم من تمزق وتخلف وانحلال وإذلال وهوان وصولا إلى آخر حدود الاستهانة بكرامة هذه المجتمعات والشعوب بعد أن أصبحت قواعد هؤلاء ووجهات نظرهم هي البديل للمنظومة الأخلاقية ولكل قواعد الحياة السليمة والفطرة الأصيلة .
إن الظلم في حقيقة الأمر يشكل البؤرة الخصبة لنمو كافة القيم الدونية وتدمير المنظومة الأخلاقية ( الحكمة في القرآن الكريم ) فيفكك المجتمعات . لأن الظلم يترافق مع الخوف والعنف والقسر والإلزام والقهر والظالم يتحول الى شريك للإله في خلقه وهكذا يكون كل ظالم هو رأس الشرك وكل من يتقرب منه ويدعمه ويسانده مشركا ً .
إنه وبسبب الخوف على الحياة والمعاش والاستقرار ينتج معه النفاق والتزلف والكذب بحيث يضطر الأضعف لممالأة الأقوى .
هكذا يفهم من نصوص الآيات ولاأعتقد أن الظلم يمكن أن الباسه لبوسا ً آخر .
تعليق