كانت هناك.. تقلب صفحات الريح باحثة عن عطره. تلامس بربكة ذراع المقعد الذي وضع عليه يده. تشم طيفه. تنصت لبقايا همسه في المكان. وتستعيد الكلمات التي احترقت بين رجل وامرأة. تستعيد حرارة الجمل المبعثرة.. تطوي أصابعها.. تفك ضفيرتها.. تضم رأسها إلى ركبتيها، وتتذكر تفاصيله…
..كان جالسا هناك يغزل من الشمس خمارا لجبهته، ومن الريح أجنحة حرة. أتعرفون ذلك النوع من البشر؟ الذين إن مشوا كانت أحداقنا بساطهم. إن وقفوا فعلى أحلامنا. وإن جلسوا ففي قلوبنا.
كان هناك.. كان جالسا هناك.. يداه تفتشان بجيبه عن شيء. وعيناه تنقرانِ الدنيا، يميلهما للأسفل، وكأنه يخلق للأرض انباساطها، فتخصب، وتخضر! ثم يرفعهما للأعلى فيعيد السحب إلى أعشاشها، فتحلق وتصغر.
كان هناك.. شامخا كصباح يخرج من أنقاض الليل. طاهرا كطفل يعانق الحياة للتو. جامحا كشاعر يقبض قصيدة على عرش الغرام. وجميلا لا يشبه إلا نفسه.
كان ينتظر.. كانت تقترب.. كنا تحت شجرة لا أكاد أذكر نوعها، لكنها – لاشك- مقدسة، مذ لامس كفه جذعها. ارتجفت كلمتان، واستفاقت بضع بسمات متلاحقة. سهت الأرض للحظة، فحلقا بعيدا. نام حلم، واستفاق جنون، إذ كانت أيديهما تتشابك..
تحت شجرة.. كانا معا..
مسقط
5/10/2009
تعليق