تويت
الأوقاف هل تندثر؟
الأوقاف هل تندثر؟
قد يكون موضوع الأوقاف ليس الموضوع البسيط ليتم تسليط الضوء عليه في مساحه كهذه بل هو يحتاج إلى دراسات وبحوث مكثفة ،إنجازها يحتاج إلى وقت ليس بالقصير وذلك لتاريخ الأوقاف الطويل الذي أرتبط بظهور الإسلام ، فأستستغل هذه المساحة لتسجيل بعض القراءات البسيطة مع بعض الإشارات عن الوقف.
اقترنت بداية الوقف في عُمان بالصحابي الجليل مازن بن غضوبة صاحب مسجد المضمار بولاية سمائل كونه أول مسجد تخصص له أموالاً لخدمته وذلك حسب الوثائق والروايات التاريخية ... كما أن الوقف دعا إليه الإسلام في العديد من المواضع سواء كان في القرآن الكريم أو في الحديث الشريف وذلك باعتباره عملاً من أعمال الخير يثاب عليها المرء في حياته ومماته ، كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : (إذا مات ابن آدم أنقطع عمله إلا : من ثلاث صدقة جارية أو عِلمٌ يُنتفعُ به أو ولدٌ صالح يدعو له ) .
وللأوقاف مكانتها التاريخية على مستوى الدول الإسلامية حيث كان يُعتمد عليه في تسير أمور الشعب مادياً فقد كان يقوم مقام وزارة المالية الآن ... وذلك لأن جميع الناس بغض النظر عن المستوى الاجتماعي والمادي حريصين على توقيف أموالهم وأن كانت بسيطة سواء كانت نخلة واحده أو بئر ماء أو حتى أي شجرة تدر ثمر ، وذلك باعتباره جزء مهم من الشريعة الإسلامية وعملاً من أعمال الخير ، ومدخلاً لنشأة التكافل الاجتماعي بين الناس. ويطلق على مصدر المال الذي يخصص لخدمة شيء ما وقف، أما المواقيف فهي التي تخصص لها الأموال ومنها المساجد ومدارس القرآن والمكتبات العلمية كمكتبة وقف الحمراء الموجودة في ولاية الحمراء بالمنطقة الداخلية ومكتبة بدية العامة بالمنطقة الشرقية . وتعتبر المناداة على فلج دارس من خلال المزاد الذي يقام بشكل أسبوعي شاهد من شواهد المهمة وعلى حرص الناس عليها وخاصة في الماضي فالقائمين على هذه العادات والتقاليد هم الكبار في السن الذين ما زلوا محافظين ويعتمدون على الأوقاف في دخلهم وكسب عيشهم ،
مع غياب الشباب الذين يعتبرون ذلك عملاً من أعمال الماضي.
وعلى الرغم من مكانة الأوقاف التاريخية إلا أنه تغرب بين جيل اليوم ،وذلك لانشغالهم بأمور دخيلة ودنيوية ليس لها نتاجها في الآخرة ، فأصبح معظم العمل على الأوقاف لمتابعة المواقيف التي أوقفت في السابق لذلك فأن المخطوطات والوثائق القديمة حاضرة بكثرة في عمل الأوقاف وكأنه شيئاً تراثي من عمل الماضي ، أما ما هو موجود اليوم منها فأغلبه عمل حكومي ، ويعتمد على المباني الحديثة التي تُؤجر لمن أراد أن يستأجر بغض النظر عن ماهية ذلك المستأجر فهناك بعض المؤسسات التجارية وبالتحديد مقاهي للقهوة الأوربية التي جاري الجدل حول مصدرها وسير دخلها التي يرجح أنها تذهب لليهود.
وما يُقبض من هولاء المستأجرين من أموال يذهب لخدمة بيوت الله ومدارس القرآن وغيرها فكيف لأموال لملاك غير مسلمين وقد يكونوا لديانات معادية للإسلام توقف أموالها لخدمة أطهر الأماكن المقدسة.
من ناحية أخرى فأن هناك ابتعاد عن أداء مهمة وكيل الوقف وهي عمل تطوعي يمسكه شخص معين يتم اختياره بعناية ويكون ذو شأن في المجتمع بحيث يأتمنه الناس على أموالهم ويقوم هو بدوره في متابعة الأوقاف من السجلات والوثائق التي يعتمدها من أجل ذلك، كما يخصص الوكيل مكان معين كالمكتب بحيث يستقبل الناس لمتابعة أمورهم وهي مهمة تحتاج إلى الفطانة والمتابعة الدائمة لما لها من مسئولية كبيرة تقع على عاتق الوكيل ، هذا ما كان في الماضي ، أما اليوم فأن الناس بدأت تبحث عن أداء المهام المريحة لذلك فأن هناك نسبة ابتعدت عن مهمة الوكيل وأصبحت متروكة لمن أراد أن يتطوع من غير اشتراط التفرغ لأن من يعملون عليها الآن لديهم وظائفهم الأساسية ووكيل الوقف شيء جانبي.
عادات وتقاليد وسلوكيات من صميم ديننا الإسلامي وجدت طريقها للإنثار فهل يكون الوقف واحداً منها ؟ قد يكون نعم بعد ما استقرأته من خلال تعمقي لموضوع الوقف في الآونة الأخيرة كجزءاً من ندوة الوقف بين الماضي والحاضر التي ستختتم اليوم بجامعة السلطان قابوس ، مع اتساع فجوة المقارنة بين الأمس واليوم. والأمر معول على وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي تولي اهتماما خاصاً بالأوقاف ،إلا أن توعية الأجيال الحالية والقادمة بهذا الموضوع أمر ضروري حتى نضمن المداومة على أعمال الخير.
تعليق