لقاء مع الشاعرة العراقية الملهمة بلقيس حميد حسن
( 1 )
د . عدنان جواد الطعمة
صورة الشاعرة المبدعة بلقيس حميد حسن وهي تلقى قصائدها
تشرفت شخصيا بالتعرف على الشاعرة المبدعة السيدة بلقيس حميد حسن في إحدى الحفلات الجميلة التي أقامتها الجالية العراقية بمدينة فرانكفورت بمناسبة مرور عام واحد على سقوط النظام البائد ، حيث كان برنامج الحفلة غنيا بالفعاليات و النشاطات الأدبية و الفنية و الموسيقية و المحاضرات المختلفة حول تأسيس مؤسسات المجتمع المدني في العراق . و قد قامت شاعرتنا بإلقاء قصائدها المتنوعة على أسماع جمهور الحاضرين التي نالت إستحسان الجميع . وقبل ذلك التاريخ تعرفت عليها من خلال المقابلات التلفزيونية التي أجرتها معها الفضائيات و الصحف العراقية و العربية و من خلال قصائدها و مقالاتها السياسية و الأدبية و الإجتماعية التي نشرت في الصحف و المواقع العربية و العراقية . و مما زاد في سروري و إعجابي بملكة و قابلية إبداعها ، هو طريقة التعبير و الإداء و إلقاء القصائد باسلوب و إيقاع و لحن جميل ، فكأنما كنا نستمع إلى سيمفونية موسيقية رائعة لأشهر العازفين .
و عندما بحثت عن قصائد و مقالات الشاعرة بلقيس في ماكنة البحث غوغل Google , فوجئت بعشرات ، بل مئات المقالات و القصائد ، قمت بتحميل و تخزين عشرات القصائد و المقالات التي اكتفيت بها لغرض نشر مقالة موجزة و ليست دراسة عن شاعرتنا العراقية ، لكي يطلع كل من الأخوات و الإخوان من الدول العربية على الكنوز الأدبية العراقية .
لما كان حجم المقالات في المنتديات العربية محدودا ، قررت إختيار القصائد التالية :
لسوق الشيوخ ،آه ... عراق ، بلادي ، إلى الأم العراقية ،للأهل في العراق ، إلى المناضلات في سجون الدكتاتور ، بشيء من أقواسك ، قمري ، تعاليت عن وحشتي يا حبيب ، رحيق الورد ، الحب بانتظار ، و أعشق ، حنين ، عمر اغترابي ، لمن القصائد و الكلام ؟ , رسالة , ألف ياء : طغت الرداءة ، يا نار كوني البرد , فراديس مؤجلة .
ولدت الشاعرة بلقيس حميد حسن من الرحم الطاهر العربي الأصيل في مدينة سوق الشيوخ . و بطبيعة الحال يعتز كل إنسان بمسقط رأسه أينما ولد . وفي قصيدة لسوق الشيوخ تعبر الشاعرة عن شوقها و حنينها قائلة : :
قد باعدتنا رياح الظلم فاحتشدت في القلب حسرة أشواق و فيض نبي
ألا سمحتم لبنت هدها زمن من المنافي و ما زال الفؤاد أبي "
الشاعرة السيدة بلقيس حميد حسن
ثم تطوف شاعرتنا و يدفعها الحنين إلى العراق بقصيدتها العمودية الرائعة ، آه ... عراق ،
مخاطبة :
" أهل العراق و أنتم أهلي و ما أخشاه ذلا للبلاد و داءا
لا أمسنا يبقى ولا يأتي غد نهواه لو لم نتحد أجزاءا "
وفي قصيدة بلادي تتأمل الشاعرة بلقيس الطيران على بساط الريح للعودة إلى الوطن :
" سألت الريح عن لقياك و الطيرا
سألت الكون و الدهرا
بدت صمتا و لم تحك
و كالمفجوع صاحت :
آه فلنبك
فدى أرضي أنا
للنخل من روحي "
و في رثائيتها لأمها " إلى الأم العراقية " ، قالت بلقيس : " رحلت أمي قهرا ، و بصمت دون أن أودعها و أنا في منفاي ، فصرت أرى جميع الأمهات أمي ..."
مطلعها : " تهزين الضفائر
يهطل المطر
نخيلا صار حبك للملايين
فمرحى للذي يغرف من نهرك
خيرا
أو عناقيدا من الرطب "
يظهر لنا من سيرتها الذاتية و من خلال مقالاتها السياسية و من كونها مدافعة عن حقوق المرأة في العراق و عالمنا العربي و كل العالم ، نظمت قصيدة :
" إلى المناضلات في سجون الدكتاتور " :
"عراقية من خيوط الظلام تحوك النجوم و تدعو القمر
عراقية فيك أبهى الغصون و أنقى الجذور و حلو الثمر "
أما قصائدها عن الغزل و العشق و الجمال و الهيام فقد اخترت منها : بشيء من أقواسك ، قمري ، تعاليت عن وحشتي يا حبيب ، رحيق الورد ، الحب بانتظار ، و أعشق ، حنين .
و قصيدتها "عمر اغترابي " تعبر الشاعرة عن آهات و عذابات الغربة و الإغتراب و الإبتعاد عن الوطن كباقي المغتربين ، قائلة :
" حين عانقت نشيد الوطن المرهق فقرا
طفلة كنت
وكان الحلم عندي
بدلة بيضاء أصباغ و كحلة ....
حين بادلت الفرات
قبلة وقت الغروب
كان وجه النهر عطرا
و فراشات و فله
زاحمتني حيرة العشق
فأغمضت عيوني
واستبحت القلب للآمال
في أحضان دجلة "
ناضلت الشاعرة بلقيس حميد حسن في حياتها السياسية بجانب الإخوة الفلسطينيين و السوريين و العراق ضد أعداء العروبة من القوى الإمبريالية ، و وجهت جام غضبها و انتقادها إلى سياسات و حكام العرب منذ اغتصاب فلسطين ، في قصيدتها : ألف ياء : طغت الرداءة
مطلعها :
" طغت الرداءة يا عرب
طغت الرداءة في السياسة
والتجارة
و الفنون
وفي الأدب ..."
أكتفي بهذا القدر من التعليق على قصائدها البديعة ، آملا أن تنال هذه القصائد إستحسان الإخوة و الأخوات ، متمنيا لشاعرتنا و أخواتها الشاعرات العراقيات و العربيات المزيد من الإبداع في رياض الأدب و الشعر ، مع أطيب تمنياتي للشاعرة بلقيس حميد حسن و ولديها مهند و كفاح بالتوفيق وطول العمر .
ا لشاعرة والكاتبة العراقية
بلقيس حميد حسن
محطات من السيرة الذاتية
- ولدت بلقيس من رحم طاهر في مدينة سوق الشيوخ- محافظة الناصرية- العراق
- نشأت وسط عائلة شعرية حيث كان والدها عبد الحميد السنيد شاعرا يلقـنها وأخوتها ألفية بن مالك وبعض عيون الشعر العربي
- منذ صغرها تكتب الشعر حتى حازت على جوائز عدة وهي لما تزل طالبة في الثانوية
صدر لها حتى الآن :
- اغتراب الطائر باللغة العربية في عام 1996 ( دار السندباد سوريا ) والذي ترجم إلى اللغة الهولندية كأول مجموعة شعرية لامرأة عربية حيث صدر باللغتين العربية والهولندية عام 1998 وقد نفذت الطبعة من الأسواق في العام الأول لصدورها
-
- مخاض مريم باللغة العربية في عام 1997 ( دار الطليعة الجديدة سوريا) وترجم من قبل ك.نايلاند وهو بروفيسور مستشرق في جامعة لايدن
-
- المجموعة الثالثة بعنوان (أجمل المخلوقات, رجل) لازالت لم تطبع بعد بسبب ظروف حياتية معينة
-
- منهمكة بلقيس الآن بكتابة روايتها الأولى ولديها ديوان شعر جديد تهيئه للطبع.
-
- تتميز بلقيس بحافظتها الشعرية النادرة وبطريقة إلقائها الخاصة والمعبرة.
- ارتحلت من بلدها العراق عام 1979 بسبب الظروف السياسية ودموية النظام العراقي, وكان لبنان محطتها الأولى حيث عملت بصفوف المقاومة الفلسطينية كباحثة اجتماعية حتى عام 1982 وذلك إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان ومن ثم استقرت في سوريا
- درست في كلية الحقوق جامعة دمشق
- عام 1994 رحلت إلى هولندا ..
- كتبت بلقيس ما يقارب مائتي مقالة نشرت بأغلب الصحف والمجلات العربية, التي تناولت بها حقوق الإنسان ,قضايا الشعوب المضطهدة ووضع المرأة في العالم العربي, إضافة إلى المقالات السياسية والمحاضرات والكثير من القصائد .
- عملت في هيئة تحرير صحف المرأة وأدب وشعر لمواقع إلكترونية عديدة .
- قدمت وحاورت العديد من المبدعين العرب في الأمسيات التي دعتهم إليها مكتبة لاهاي المركزية مثل الكاتب واسيني الأعرج , الكاتبة أحلام مستغانمي , الكاتب فؤاد التكرلي , الباحث علي الشوك, الشاعر والمفكر اللبناني الدكتور عيسى مخلوف والناشط بحقوق الإنسان الدكتور هيثم مناع وغيرهم.
أبرز نشاطاتها:
- شاركت في العديد من الأمسيات والمهرجانات الشعرية التي دعيت لها في سوريا, مصر, المغرب, فرنسا ,الدانمارك, السويد, ألمانيا, بلجيكا, إنكلترا , النمسا , الكويت , الإمارات العربية المتحدة إضافة إلى حضورها الكبير في العديد من المناسبات والفعاليات الهولندية, كما أجريت لبلقيس العديد من المقابلات الإذاعية والتلفزيونية في هولندا , سوريا , مصر المغرب و لندن بلجيكا والكويت والإمارات وغيرها.
- أجريت لبلقيس العديد من المقابلات الإذاعية و التلفزيونية في هولندا ، سوريا ، مصر ، المغرب ، و لندن و غيرها
- ُكتب عن شعرها العديد من المقالات في الصحف والمجلات العربية التي أشادت بموهبتها الشعرية كما أجريت معها اللقاءات الصحفية من قبل صحف عربية وهولندية.
-
- اختيرت بلقيس من قبل منظمة العفو الدولية مع 150 شاعرة عالمية ضمن خمسة شاعرات عربيات هن نازك الملائكة ,فدوى طوقان, ,سعاد الصباح وظبية خميس, وذلك كأهم شاعرات بالعالم, واللواتي تمتاز أشعارهن -كما جاء في الكتاب-بالكفاح من أجل الحرية والتوق لعالم خال من الاضطهاد والحروب والظلم , بل والرغبة في توضيح العلاقة الملتبسة بين المرأة والرجل وذلك بكتاب صدر عام 2000 باللغة الهولندية تحت عنوان(أفضل للحب أن لا يسمى) حيث كتبت دار النشر( دي خوس) التي تعد أكبر وأشهر دار للنشر في هولندا : إن النصوص الشعرية لأهم شاعرات العالم, و قد اختيرت النصوص من لجنة مؤلفة من شاعرات عالميات ثلاث منهن كن قد حزن على جائزة نوبل العالمية للشعر.
- أختيرت بلقيس كواحدة من أشهر شعراء لاهاي بكتاب صدر عام 2001
- اختيرت مع عشرة من شعراء لاهاي لتكتب أشعارهم على أعلى مباني مدينة لاهاي وان تلتزم بلدية لاهاي بإحياء ذكراهم بعد خمسين عاما وبعد مائة عام وسيصبح مبنى البلدية توأما مع قصيدتها (اعتراف) وهي إحدى قصائد ديوانها( اغتراب الطائر)
- ساهمت بديوان شعر مع شعراء هولنديين بعنوان (شعر , لا قنابل) وذلك عام 2003
- ساهمت بديوان شعر مع شعراء عراقيين صدر باللغة الهولندية بعنوان ضوء المتاهة صدر عام 2006
-
- كُرمت بلقيس عام 2004 كشاعرة ومناضلة في حقوق الإنسان من قبل منظمة الفلسطينيين والتي تمثل الجالية الفلسطينية في هولندا, وذلك لمواقفها المبدئية في الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني.
-
- كُرمت عام 2004 من قبل منظمة حلبجة الكردية في هولندا وستة أحزاب كردية في هولندا كشاعرة ومناضلة لها مواقف إنسانية جريئة بخصوص حقوق الشعب الكردي
- عملت بلقيس في العديد من المنظمات الديمقراطية والإنسانية .وهي:
-
- رئيسة المنظمة العراقية للدفاع عن حقوق الإنسان في هولندا.
- عضو الأمانة العامة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في هولندا.
- عضو الهيئة الإدارية لرابطة بابل للكتاب والصحفيين والفنانين العراقيين في هولندا.
- عضو اللجنة الاستشارية للجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان.
- عضو لجنة إعلام الخارج لرابطة المرأة العراقية
- عضو الهيئة الإدارية لرابطة بابل للكتاب و الصحفيين و الفنانين العراقيين في هولندا
الوظائف :
عملت كباحثة اجتماعية في لبنان من عام 1979 حتى 1982
عملت إدارية في المسرح البلدي في لاهاي منذ عام 1999حتى عام 2003
عملت كمكتبية في مكتبة لاهاي المركزية منذ عام 1997 حتى عام 2006
حررت لمدة أربع سنوات مجلة طلابية عراقية في سوريا بعنوان مسار الطلبة لسنوات 1984 حتى 1987.
نماذج من روائع قصائدها المختارة
لسوق الشيوخ*
شم ّ ُ العرانينِ في سوق الشيوخ
وقد علمتموني حروف َ الخط ِ
بالكتب ِ
ألا سمحتم لبنت ٍ قلبها تـَعب ٌ
أن تركع َ اليوم فوق الطين ِ
والعتب ِ
قد باعدتنا رياح ِ الظلم ِفاحتشدت
في القلب ِ حسرة أشواق ٍ
وفيض نبي
ألا سمحتم لبنت ٍ هدها زمن ٌ
من المنافي وما زال الفؤاد
أبي ّ,
أن تنحني عند شط السوق ِ باكية
وتذكر الأهل َ والأخوان َ
بالتـُرب ِ
يا بلدة الشعر والحب ِ القديم ألا
سقيا لأيام ماضينا
على تعب ِ
روحي تهاوت على سعفات ِ نخلكم ُ
وهزّت القلب أعذ أق ٌ
من الرطب ِ
اليوم, اليوم , حلّ القلب عقدته
وهام َ من فرح ِ اللقيا
على طرب ِ
اليوم يقرب لقياكم وها أنا ذي
اعد للدمع إحداقي بأرض أبي
لاهاي
15-4-2004
* سوق الشيوخ مدينتي, المدينة الجنوبية التابعة لمحافظة الناصرية والتي ولدت بها وترعرعت وكنت أردت قبل أيام زيارتها, أعددت القصيدة للعودة والبكاء الفعلي على شطها , لكن استوقفني ما حل بها من رعب على يد المخربين الجدد .
آه ٍ..عراق
يا قبلة الأزمان يا أرض الألى من روحهم تربٌ تـنزّ وفاءا
هذي جراحات الشهيد على المدى تستلهم الآباء والأ بناءا
وتمدنا بالنــــــــــــور يصعد لاهثا ً في كبده ظمأ يلح نداءا
أو نخجل التأريخ من أيامـنا ؟ ونسيـر بطء ً تارة ً وعناءا؟
كنـّا إذا ما مـــُدّ عودٌ في الســـــما ألفيتـنـا فيها نمـدّ ُ لواءا
وتعجّزُ الأقوام شرعة قومنا ونحيّر الحكّام والفقهاءا
واليوم نغفو لا كأمس وبعضنا يخشى كلاما أو يخاف بلاءا
ويمسنا عري الزمان ِ فلم نجد من بعضنا بعضا يمد ّ ُ كساءا
نرخي الدموع إذا الضحايا حولنا تنداف مع تـُرب الفلاة فداءا
ونصعّد الآهات كالصب ِ الذي طيف الحبيب ِ بحلمه ِ يتراءى
البعض ُ في لهو لحياة ومالها والبعض يغلي عزّة ً وإباءا
والبعض يرجو عزّهُ من أجنبي وكأنما النيران أعطت ماءا
أو هل نسينا أننا أبناء من صنعوا الحضارة سادة ً نجباءا
كم قد رسمنا للشعوب ِ تجاربا ً كالحب ِ أهدى المقلة العمياءا
لكننا بتـنـا نـنـاطح ظلــّنـا ونعملق الأقزام والضعفاءا
وننطـّق الخرساء إن همنا بها ونخّرس البلغاء والشعراءا
ونقيـّد الشجعان في وصف التهـــــوّر تارة ونتوّج الجبناءا
وكأنـنـا من خطبة نبني عُلا ونعبّ ُ من أحجارنا أنداءا
هيهات تولدُ من شتات ٍ ثورة أو قد تكون خديجة شوهاءا
أهل العراق وأنتمُ أهلي وما أخشاه ذلا ً للبلاد وداءا
لا أمسنا يبقى ولا يأتي غدٌ نهواه لو لم نتـّحدْ أجزاءا
مثل القوافل ِ قطـّعت أشطانها وقت الغروب ِ وضيّعت حدّاءا
فكأنـنـا للجـــاهلية - فجأة- عـدنا وصار خطيبنا هجــّاءا
أهل العراق ونبض عرقي منكمُ أرجو عراقا ً سيدا ً مكّاءا
بلادي
سألت الريح عن لقياك والطيرا
سالت الكون والدهرا
بدت صمتا ولم تحكِ
وكالمفجوع صاحت:
آه فلنبكِ
فدى أرضي أنا
- للنخل من روحي
سحابات بماء القلب اسقيها
وأنـّات حزينات
أغنـّيها
كما النايات نا ئحة
غروب الشمس في وطني
تنفس ياهوى قلبي
لعلـّي من شذا الورد
ألامس نفحة عذبه
يغذيها ترا ب ٌ منك يابلدي
أيا جمرا ضممناه فروّانا
بلادي أومأت للروح نادتني:
أزيحوا الصخر والإسفلت عن قلبي
ألا سُقيا لأهلينا
وسقيا للسويعات على شط الفرات
الصابر الحيران في نزق ٍ وفي ثوره
زوارقه,
غدت أحلامنا في التيه والغربة
خيالي كلـّه ُ وطني
مناي َ الحلو, في ساحات بغداد
ألا يا زا ئر الأوطان حدثنا
عن ا لزوراء عن دجلة
عن السَمر الشتائيّ
عن الفقر
عن الحلم الذي يـُطوى
عن البلوى
عن الزنزانة الكبرى
عن الشعر ِ
يموت الحب في أرضي
يموت العرس مصلوبا
ويـُرجم ُ ضوئه ُ القمرُ
هناك هناك في أرضي
خطايا عالم أول
ودنيا عالم عاشر
وأمّ تختزن دمعا
رغيفا من حشا القلب
رغيفا للذي يبقى
وفي السر ِ
تـُصلي له
في السر ِ
تناجيهِ
وتدفن ُ عاشقا آخر
بلادي ليلك الوردي ماعادا
وقيس ٌ ماتغنى في هوى ليلى
وعشتارٌ غدت حيرى
فلا تموز وافاها *
ولا أمل ولا ذ كرى
بلادي والهوى سيف ٌوأشوا ك ُ
وطعنات من الأخبار
نسمعها فتوجعنا
ومازلنا
بعشقك سنبلا ً أخضرَ مزهوّا
سنورق ُ أينما كنا
ونهفو نحتسي ماءك بعد الظمأ الأكبر
ونحيا في أراضينا....
*تموز: أو دوموزي وهو اله بابلي
لاهاي /هولندا
28-12-2001
الشاعرة بلقيس حميد حسن
إلى الأم العراقية
رحلت أمي قهرا, وبصمت, دون أن أودعها وأنا في منفاي , فصرت أرى جميع الأمهات أمي....
تهزين الضفائر
يهطل المطرُ
نخيلا ً صارَ حبك ِ للملايين ِ
فمرحى للذي يغرف ُ من نهرك ِ
خيرا ً
أو عناقيدا ً من الرطب ِ
ويصرخ ُ في سوادِ عباءة ٍ أزلية ِ الحزن ِ
ملايين العبيد لتورق َ الثورات
تبا ً للذي يصمت ُ للعتمة ِ ,
طوبى للذي يصرخ
تعدين الرغيف بروحك التعبى
تنادين الفراش فيأتك ِ الأفعى
ليقلب َ خبزك ِ سمأ
تقوين العزائم تسفحين َ الدمع بالسر ِ
وينزف ُ حبك ِ المذبوح
في النهرين ألوانا ً من الموت ِ
تهيأت ِ
ليوم الأرض
يوم النشر ِ
حيث قبور أحبابك ِ مشرعة
بأشلاء ٍ
وأفواه ٍ
وقبلاتٍ مِؤجلة بلا عودة
سنينا تبلعين الضيم والبلوى
سنينا تحتسين الشاي با لقهر المعتـّق ِ,
في دروب اليأس والشوق ِ,
لمقتول ٍ ومسجون ٍ
ومنفي ّ ومفقودِ
عراق ٌ أقدس الأوطان
مقبرة ٌ من الأنوار ِ
والأقداس ِ
والشهداء ِ
والطهر ِ
وللحرية الكبرى
فتحنا الباب أشرعناه فوق عظام أحباب ٍ
وعشاق ِ
اسجري التنور يا أماه
هانحن ُ
نجوع ُ نجوع ُ بالمنفى
ونبرد ُ نبردُ
لن يدفئـنا سوى دفء ِ العراق ِ
وشمسه ِ الأجمل
أعدي السمك َ المشويّ َ والحلوى
فأيام الضياع ِ رحيلها آت ٍ
وأيام اللقاء بأرضنا أقرب....
20-7-2003
للأهل في العراق *
يا أهلنا
يا ابعد المعذبين عن ذاكرة البشر
في زمن الدمار والإرهاب
عام ٌ جديد
نطويه بانتظار
نرجوه أن يمر في سلام
في الوطن الـمُضنى وفي البعاد
يا أهلنا
مرحى لكم
لأرضنا
لنخلنا العتيق..
يا ابعد المعذبين عن ذاكرة البشر
يا اقرب المعذبين للقلب وللعيون
يا اجمل المعذبين
ماذا تصنعون؟
ليأكل الصغار
ليهدأ الصغار والنساء تستريح؟
يا أفقر المعذبين ماذا تصنعون؟
والرعب في دياركم يصيح
سياطه الحجـّاج والسفـّاح
لهاثه ُ من نار
وكيف ترقدون؟
نحن هنا
الكذب ُصارَ درعنا
والبرد كالسيوف في العظام
فالشمس في المنفى بلا حنان
بل شيء لا يـُعطي ولا يزيد..
أرتد ّ أرتدّ إلى الوراء
أعاند العمر
أعاند السنين
لبيتنا أعود
إليكم ُ أعود
للشمس روحا تغمر السطوح,
تغمر الحيطان
أعود للشتاء في العراق
للفرح الأول كالرذاذ
يبهجنا,
إذ نبصر الجليدَ
كالزلال
وإذ نسير
نكـّسر الرقائق البيضاء في كانون
في برك ٍ ضحلة قرب الدور والساحات
وعندما يذوب
يذوب بالدفء مع القصص
.....
ألوذ بالذكرى من الجنون
ألوذ بالصمت وبا لأحلام
فهاهنا
البرد زمهرير
الحب ُ زمهرير
النارُ زمهرير
يا بلدي
مدّي خيوط الشمس من بعيد
لأ قهرَ الغربة
أهزم َ الجليد ...
لاهاي / هولندا
* قصيدة كتبتها عام 1998 ولم انشرها خوفا من حزنها الذي اجتاحني ساعة كتابتها , واليوم يضطرني حزننا العراقي المهول إلى نشرها
الى المناضلات في سجون الدكتاتور
عراقية ٌ من خيوط الظلام تحوك النجوم َ وتدعو القمرْ
عراقية ٌ فيك أبهى الغصون وأنقى الجذور وحلو الثمرْ
ورغم الزنازين كل النساء عداك قفار ٌ وأنت ِ المطرْ
شموخ الجبين انحنت كم له ُ كواكب كثر ٌ ومنها إنتحرْ
عراقية ٌ فيك دفء الجنوب وعطر الشمال وروح الشجرْ
خذيني اليك حنين العراق بروحي أمضى وعيشي ضجرْ
ومدي عباءتك لي شراع فبحري ركود ٌ وماءي حجرْ
وهاتي المناشير بين الضلوع فأما الحياة وأما الخطرْ
حنانك في القلب لم ينته ِ وجمرك يكوي ويذري شررْ
فأنت الجبال بيوم عصوف وفي هوج ِ البحر أنت الجزرْ
ورغم قـتـام السنين العجاف صنعت ِ الحياة بأحلى الصورْ
ورغم العتاة وطغيانهم سقيت ِ الصغارَ نقيّ الفكرْ
وفيت ِ كليلى وصنت ِ الهوى وحبك ِ كان لشعب ٍ أغرْ
أضئت ِ كفينوس بين النجوم وسدت ِ كزبـّاء بين الحضرْ
سآتيك ِ رغم الأسى والحدود فليلي طويل خليّ السمرْ
سآتيك كي نسترد َ الشموس بورد ٍ وآس ٍ وحب ٍ نضرْ
وعذرا اذا ما التقينا هناك وبان المشيب ولون الكـِبرْ
فأنـّا ليقـتـل َ منـّا الشباب ضياع المنافي وضيم السفرْ
بك ِ الحب ُ إسطورة ٌ لن تموت وإغرودة المجد ِ يوم الظفرْ
لاهاي/هولندا
ألمانيا في 7 ديسمبر 2009
تعليق