إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نقل 1 ( قوة الأسطورة وعمق الإنسان اللانهائي )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نقل 1 ( قوة الأسطورة وعمق الإنسان اللانهائي )

    مرحبا ايها الاعضاء الكرام ، تدركون لما تمثله الاسطورة من تراث فكري انساني يغور في الاعماق ، ويجلي بعض الحقائق الخفية ، أو التي استلهمتها الشعوب بقوة الروح والاتصال بالكون . والاساطير في الحقيقة هي المخزون الفكري الرمزي الذي تركته لنا خصوصا تلك الشعوب التي نعتقد نحن انها بدائية ، أو التي نعتقد انها لم تصل الى ما وصلنا اليه اليوم ، ولكني اعتقد انها تفوقت علينا بتراثها الاسطوري الخالد ؛ الذي أخذ الشعراء والكتاب يوظفونه في كتاباتهم الادبية والفكرية في العصر الحديث ، بل ونأخذ منه المصطلحات كما فعل النمساوي عبقري التحليل النفسي (سيجموند فرويد). فأحببت أن تشاركوني بهذه القراءة عن الاسطورة ؛ فنقلتها لكم ، فأتمنى أن تعم الفائدة للمهتمين خصوصا بمثل هذه المواضيع.
    مسافر وزادي فتات

    إليكم ما نقلت :

    قوة الأسطورة وعمق الإنسان اللانهائي

    بين عامي 1985- 1986م قام الإعلامي والمثقف الأمريكي ” بيل مويرز ” بإجراء حوار مطول مع عالم الميثولوجيا والمفكر الأمريكي ” جوزيف كامبل ” حول أبحاثه ودراساته في الأسطورة وبأسلوب حواري فريد تم خلاله الغوص في رحلة كامبل الطويلة مع الأسطورة والتي أنجز خلالها ما يقرب من العشرين كتاباً منها : ” الصورة الأسطورية ” ” أساليب القوى الحيوانية ” ” البطل بألف وجه ” وتظهر منذ البداية علاقة كامبل الحميمة بالأسطورة كرمز و كمجاز هو الذي وجد في بداياته سنداً مهماً في الأدب خاصة في أعمال ” جمس جويس ” و ” توماس مان ” الذي يرى فيهما معلمين أضاءا له مناطق مهمة في معرفة الوجود البشري . كما وجد الجذوة التي أشعلته منذ البداية في الميثولوجيا الخاصة بالهنود الحمر والذي يعبرعن أسفه للطريقة التي أُبيد بها هذا الشعب ويدين الولايات المتحدة الأمريكية على ما اقترفته في حق سكان أمريكا الأصليين . هذا الحوار صدر إلى العربية بترجمة كل من حسن وميساء صقر .


    الأسطورة ليست مجرد قصص وحكايات خرافية ترمز إلى وجود مندثر تشكلت في عمقه صراعات الإنسان و تشوفاته وأسئلته منذ القدم ، كما أنها ليست فقط مادة تصلح للبحث العلمي بعيداً عن الواقع الإنساني اليوم الذي يعاني فيه الفرد من اضطراب الروح وخلاء الرؤية من الجدوى . فالأسطورة ترتبط في العمق بالوجود الإنساني على مستوى الروح ، ثمة تجاذب غامض وتجاوب يحتاج إلى الإصغاء والتأمل للقبض على المفتاح حيث أن ” الأساطير هي مفاتيح القوى الروحية للإنسان ” وإذا كانت تقدم للإنسان الحديث نوعاً من الدعم الروحي ليحقق التوازن فإن ذلك لا يعني العودة بها إلى شكل من أشكال الدين بل هي المعرفة التي تسعف الكائن الإنساني في المعترك الحياتي وتساعده في اكتشاف الامتداد الروحي الذي يربطه بالجذر الإنساني . إنها بحسب كامبل ” صيغة مجازية لقوى روحية كامنة في الوجود البشري . وهي تبعث الحياة فينا كما في العالم ” على أن ثمة نوعين من الميثولوجيا أحداها ترتبط بالفرد خاصة وعلاقته بالطبيعة وتوجد عادة في المجتمعات الزراعية ، أما الأخرى فهي ذو بعد سوسيولوجي وتشدُّ أتباعها ضمن حدود صارمة وتكون في مجتمعات تتسم بطابع الانغلاق كما في المجتمعات البدوية المترحلة . وإذا كانت الرؤية إلى الطبيعة كمنفى أو مكان فاسد ، محل للشر والبلاء ، هي وليدة الفكر اللاهوتي منذ أن غادر الإنسان الأبدية وبدأ الصراع وحتى الأزمنة الحديثة التي لم يتمكن فيها هذا الفكر من التكيف مع ضرورات الحياة ومقاومة رفض الآخر وإبادته ، ومن هنا تنبع الحاجة إلى نوع من الميثولوجيا الكونية التي تحـقـق الإنسجام والتناغم للفرد في علاقته مع الطبيعة والكون وليس في علاقته مع الطائفة أو المجتمع الصغير الذي يعيش فيه .


    يشير كامبل أن تسارع الأزمنة الحديثة وتبدلها يقف عائقاً ضد تشكل الأسطورة ومع ذلك بإمكان كل فرد أن يخلق أسطورته الخاصة التي تنسجم مع حاجته الداخلية . وهنا لا بد أن تحقق الأسطورة أربع وظائف هامة : الأولى ” الوظيفة السرية ” بمعنى الإقرار الداخلي بمعجزة الكون والكائن ، ثم الخشوع أمام السر العميق الذي تمنحه الميثولوجيا أبعاداً ليتجلى في كل الأشياء والموجودات وهنا تكمن الهزَّة الوجودية للميثولوجيا إذ بلا السر يخسر الإنسان الميثولوجيا كلها . الوظيفة الثانية عن علاقة الميثولوجيا بالعلم الذي لابد أن يعطي لهذا السر دائماً بعداً جديداً كلما تولَّد السؤال من السؤال . أما الوظيفة الثالثة فهي اجتماعية تحقق للفرد انسجاماً مع المكان الذي هو فيه . والوظيفة الرابعة والأخيرة ذات بعد تربوي تعلم فيه الأسطورة طرق العيش وطرق التكيف وطرق الرؤية والحياة .


    إن جوزيف كامبل يتشوَّف إلى ظهور الأساطير الأكثر عمقاً وشمولية ، تلك التي تنظر إلى الكون والأرض ككل متكامل ، إلى أخوة الإنسان وأمومة الطبيعة ، دون التحيز إلى فئة أو نوع أو عرق .


    يقول ” شيء واحد تعلمنا إياه الأساطير ، ذلك إنه من أعماق الجحيم ينطلق صوت الخلاص . واللحظة السوداء العظمى هي تلك اللحظة التي تتشكل في قلبها الرسالة الحقيقية للتحول . ومن أشد اللحظات حلكة ينبجس الضياء ” إن جوهر الأساطير يظل في العمق واحداً ، بوصفها نتاج علاقة الإنسان في صراعه من أجل الوجود ، وتظل الخبرة كامنة داخل الإنسان قابلة لأن تمده بالقدرة على التغير والمواجهة . إن الميثولوجيا بكل تاريخها الطويل ليست شيئاً يحاك خارج الإنسان ، بل هي الموجود داخل الإنسان ، كل التصورات الميثولوجية عن المطلق وعن الخير والشر عن الجحيم والنعيم ، كلها في الداخل . إنها كما يرى كامبل التعبير عبر المجاز والرمز عن طاقات الجسد في صراعه ليس مع خارجه فقط بل وأيضاً مع طاقاته الداخلية . فكل عضو من الجسد له أسطورته الخاصة وصراعه مع بقية الأعضاء ، فالإنسان عمق لانهائي تكمن داخله كل الميثولوجيا ، وهذا أيضاً ما يراه ( يانغ ) وقبله أسطورة الأوبانيشاد الهندية في القرن التاسع قبل الميلاد . من هنا تكون العلاقة وثيقة بين الأسطورة والحلم ففي كل حلم ” هنالك موضوع ميثولوجي أساسي ” بما أن الأحلام إشارات تصل من أعماقنا المظلمة لتدعم وجودنا الواعي . إن الحلم بحسب كامبل أسطورتنا الخاصة ، كل يحلم أسطورته ، في حين أن الأسطورة حلم المجموع . ومتى ما حدث انسجام بين حلم الفرد الشخصي وأسطورة المجتمع فهو في حالة توازن مع محيطه ، والعكس يعني المغامرة ، وأيضاً المرض النفسي ، وفي هذه المنطقة يتواجد الكثير ممن تعارضت أساطيرهم الخاصة مع أسطورة المجتمع : فنانون ، عباقرة ، أبطال ، أولئك الذين عليهم دائماً المجابهة والخوض في الظلمات .


    لم تكن الميثولوجيا وثيقة الصلة بالباطن الإنساني فحسب بل أيضاً بالعقل منذ أن وعى الإنسان حقيقة وجوده على الأرض وأدرك : ” أن جوهر الحياة يتجلى في أنها تأكل ذاتها . الحياة تعيش على الأحياء ” هكذا كان على الإنسان لكي يبقى أن يأكل غيره من الكائنات أن يحيا على موت غيره ، وحتى يتقبل العقل البشري هذا البُعد للوجود قدمت الميثولوجيا شكلاً من تصالح العقل مع الحياة عبر الكثير من الشعائر التي تعتمد بشكل أساسي على طقوس القتل . إن محاولة الإنسان صياغة تصوراته عن المتعالي تأتي دائماً وفق مستويات وعيه فهو الذي يحيا الحياة بتناقضاتها ويفكر تحت شروط هذه المتناقضات ومن هنا تأتي الأسطورة في محاولة الإنسان الاقتراب من الأبدية والتفكير في المتعالي ، حتى وإن كان المطلق يتجاوز كل تفكير والسر يتعالى على كل مقولات الفكر ، ويظل الإنسان دائماً يتشوف إلى المجاز الأول ما قبل الزمن ، إلى الطهارة وما قبل الوعي والمعرفة ، إلى الجنة .


    أهمية الميثولوجيا بالنسبة لكامبل تكمن في بعدها المجازي إذ في المجاز تكمن الحقيقة ، وكل موضوعات الأسطورة ورسائلها ليست سوى نتائج الترحال إلى الداخل والغوص في العمق الباطن للإنسان فإذا كانت الرموز في الخارج فإن انعكاساتها دائماً في الداخل ولا شيء مطلقاً خارج المجاز لذلك تأمل الوجود في العمق يظهر أن الحياة ” ليست أكثر من سرٍّ مرعب ” لكن الارتكاس غير ممكن ” موقف طفولي أن تقول لا للحياة مع كل آلامها ، أو أن تقول أن هذا الشيء يجب أن لا يكون ” . وللأسطورة بعد جمالي يحقق الإنسان عبره الانسجام بين الروح والجسد وبين الداخل والخارج ،لذا يظل الفن أقرب الظواهر إلى الأسطورة والفنانون ليس لهم من وظيفة سوى ممارسة الأسطورة ، أي أسطرة العالم والبحث في اللامرئي وهنا ضرورة أن يعي الفنان كامل الميثولوجيا الإنسانية والقيمة القصوى التي تكمن وراء الصمت حيث المنبع المجهول ، ما قبل الكلمة ، السر الذي يتجاوز المعرفة . على أن كامبل دائماً ما يفصل بين الميثولوجيا وبعض التصورات اللاهوتية عن الطبيعة والانسان والوجود التي تغرِّب الكائن ليقيم على أرض ليست سوى مسرح للشرور ، المنفى ومستودع الخراب حيث يظل الانسان تحت وطأة الخوف والكذب ، لا يقيم العلاقة الروحية المتأملة والآمنة مع الطبيعة كرحم أزلي وكتجلي لعظمة المطلق .


    لقد ظل المكان دائماً منذ بدايات الحياة الإنسانية ملتصقاً بالتجربة الروحية للإنسان ، فالتصورات الميتافيزيقية للإنسان في الصحراء غيرها في الغابات مثلاً ، كما أن تلك التصورات تختلف باختلاف مراحل التطور الإنساني . ويرى كامبل أن أساليب الحياة الحديثة أثرت على الإنسان وأدت إلى ظهور مشاكل من قبيل الضجر والملل والاغتراب ، كما أحدثت فجوة بين العقل والجسد وفراغاً في الروح ، على أن ذلك لا يعني النظر سلبياً إلى العلم فالعلاقة بين العلم والميثولوجيا ليست علاقة صراع ، العلم يتقدم الآن إلى الحافة القصوى التي سبق للأسطورة عبورها لتذهب بعيداً إلى ذلك المنبع المتعالي الذي لم يصله العلم ” عندما يشاهد عالم الفيزياء جسيمات أصغر من الذرة فهو يرى أثراً على الشاشة . هذه الآثار تأتي وتذهب ، ونحن نأتي ونذهب ، والحياة وكل ما فيها يأتي ويذهب ، الطاقة هي الطاقة المكونة لكل الأشياء ، العظمة الأسطورية تتكلم عن ذلك ” . إن قصص المعلمين الكبار عبر التاريخ الذين تركوا آثاراً خالدة في تحولات الروح الإنسانية وإن بدت مختلفة في الظاهر إلا أنها في العمق متشابهة على مستوى رحلة الروح في الكشف والتعالق مع السر . بحسب كامبل فإن بإمكان الميثولوجيا أن تمنح الإنسان الحديث ليس فقط الانسجام والتوازن الداخلي بل وأيضاً الشجاعة على الوجود وعلى الموت كشكل من أشكال الحياة وليس كنقيض وهنا يكمن مغزى قصة صلب المسيح وقصة أوديب مع أبي الهول ” أبو الهول في قصة أوديب له شكل أنثوي بجناحي طائر ، وجسد حيوان ، أما الصدر والرقبة والوجه فهي لامرأة ، وهو يمثل قدر الحياة . وقد أرسل وباءً اجتاح الأرض ، ومن أجل أن يرفع هذا الوباء يجب أن تُحل الأحجية التي يطرحها : ما الذي يمشي على أربع أرجل ، ثم على رجلين ، ومن ثم على ثلاث ؟ والجواب هو الإنسان … وليست أحجية أبي الهول سوى صورة عن الحياة ذاتها في أزمنة الطفولة ، النضج ومن ثم الشيخوخة فالموت .

    عندما نكون قد واجهنا وقبلنا أحجية أبي الهول بلا خوف ، لم يعد للموت من سلطان علينا وفي الوقت ذاته تختفي لعنة أبي الهول ” . إن في عدم الخوف من الموت استعادة لفرح الحياة ، شجاعة في مواجهة الوجود وهنا أيضاً يكمن مغزى كل مغامرات المعلمين الكبار عبر التاريخ .
    ::. علي العمري

    منقول من موقع http://www.doroob.com/?p=226
    التوقيع

    جئـــت للدنيا وحيدا وغريبا ** ليس لي زاد سوى حفنة فتـات
    فـــاسترقتني أيادِِ و أيـاد ** سحقت جسمي فزادتني ثبـــات
    أقطع الدنيا بعمري وهي سجني ** لا يحررني سوى منها الممـات

    كلمـــــــــــــــــــات
    مسافر وزادي فتات

  • #2
    شكرا على النقل المفيد
    موضوع حلو
    الاسطوره والخرافات تأثيرها عجيييييييييييب
    My God is Mighty to save

    تعليق

    يعمل...
    X