إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أحياء تبحث عن مساحات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أحياء تبحث عن مساحات

    أحياء تبحث عن مساحات


    هكذا يمر المشهد الواقعي المسجل في الذاكرة أمام عيني كسالبية فيلم (ناجتيف) قبل أن أستيقظ في صباح كل سنه أو كل شهر وأرى ما أرى ، السالبية مضاءة بالكامل ومجموعة من الأطفال يستمتعون في المربع الأول وفجاءة تختفي الإضاءة ويحترق ذلك الجزء ينتقلون للمربع الثاني للبحث عن مكاناً آخر للمتعة واللعب وقضاء أجمل فترات عمرهم لكن الإضاءة تختفي ويحترق المربع ، لم ييأسوا وينتقلون إلى المربع الآخر وهكذا ، ويتكرر المشهد حتى ينتهي الفيلم ويكبرون لكن ماذا فعلوا بعد انتهاء الفيلم هل استسلموا لقدرهم أم أن اتجاها لم يخططوا له قادهم له ، بعد أن ضاقت بهم سبل الترفيه ،وأماكن مرحهم أخذت تختفي تدريجياً ...
    هذه قصة أطفال ومراهقين في أحد أحياء محافظة مسقط ، فقد كنت أستمتع بالنظر إليهم وهم يلعبون في عصر كل يوم بعد عناء يوم دراسي فينصبون الأخشاب مكونين ملعب كرة قدم أم حلبة سباق صغيرة ليلهون بدراجاتهم وبعربات التسوق الآتيه من المركز التجاري في الجوار ،لكن هذه الأشياء لا يمر عليها أشهر حتى تختفي من ذلك المكان الذي كانت فيه فينتقلون إلى قطعة أخرى ، لأن المكان السابق اجتاحته الجرافات أو (الشيول) كما يطلق عليه بالعامية كخطوة أولى لبناء منزل لأن تلك الأرض وزعت لتصبح منزلاً لأطفال هم أيضاً سيعانون ما يعانيه الأطفال الذين كانوا يلعبون على تلك القطعة من الأرض ، المساحة الأخرى الذين أنتلقوا للعب عليها أصبح مصيرها كمصير المساحة السابقة وهكذا ،فهؤلاء في هجرة دائمة غير مستقرين يبحثون عن أرض فضاء للعب وليسجلوا ذكريات في الأحياء التي ترعرعوا بها ، لكن العمران وعدم تخصيص مساحات ولتكن فارغة في كل حي سكني قتل من تلك اللحظات الرائعة التي ما زال كلاً منا يحتفظ فيها بذاكرته وخاصة أبناء القرى من خارج المحافظة.
    انتهى الأمر بهؤلاء الأطفال أو الذين أجتازوا لتوهم مرحلة الطفولة ، أن أصبحوا يتخذون من الشوارع والخالية من المطبات في الأماكن السكنية أماكن للعبهم ، إلا أن حركة السيارات التي لا تتوقف تحرمهم من متعة اللعب ، بل أن خروج الأطفال أمام سيارة قادمة بسرعة لا تراعي ظروف المكان أمر متوقع لا تحمد عقباه، إذن أين نصيب هؤلاء من تلك المساحات التي يمارسون فيها حريتهم البريئة.
    هؤلاء سيكبرون فكيف سيقضون أوقات فراغهم وأخطر ما يكون هو وقت الفراغ ، ما نقرأه الآن الاتجاه للمحلات التجارية والتقليد بما لا يحبذ ،أما التلفاز فهو الوسيلة الأقرب والأسهل وأعوذ بالله من رذيلة القنوات فأما موسيقى وأغاني هابطه وبرامج تشجع على الانخراط في الغناء ، أما القنوات بها من المسلسلات والأفلام والبرامج التي تهدم أخلاق شباب هذه الأمه وتجرهم إلى طرق الشيطان ، وإذا أبتعدوا قليلاً عن التلفاز فأصحاب السوء في الإنتظار ليجروهم للمخدرات والمسكرات.
    قد تكون هذه المشاهد ليست بغريبة على سكان محافظة مسقط وضواحيها من الولايات ، لكنها مستنكرة لمن قضى حياته في القرى وجال وصال وأستمتع مع أصدقائه بكل الألعاب التي تدور في خاطره بل أن مساحة ملعب كرة القدم أكبر من مساحة الملعب المتعارف عليه دولياً.
    فاعتبار وضع مساحات وأن كانت فضاء شيء يجب وضعه في الحسبان عند تخطيط الأحياء حتى يتمكن هؤلاء من اللعب وقضاء أوقات فراغهم بالقرب من منازلهم وتحت أعين أهاليهم ، قد يقول قائل هناك المتنزهات والحدائق ، هو كذلك والمؤسسات المعنية لم تغفل عن توفيرها وتأهيلها لجميع أفراد الأسره لكن أرتيادها يكون في العطلات ومتى سنحت فرصة الأهل وليس بشكل يومي .
    وما زال الأطفال يكافحون من أجل الحصول على مساحة للعب وأن كانت على كومة تراب تشكلت بعد حفر بناء المنزل.
يعمل...
X