هذا المساء وسوس النومُ لي أن لا منام ، وقضَّ مضجعي حبُّ إدراج موضوع ٍ جديد هنا لربما فيه قراءة لوجستية لواقعِنا الحقيقي الواقِع في براثن قلب الحقائق بالمسميات فابسم الحب وئد الحب ، وباسم دحض الكره نشأ الكره وهكذا دواليك . ولو تتبعنا شكاوي المحبين في المنتديات والصحف لرأينا أنَّ الانصباب في ثلاثة مجاري من لوعات الهيام شخص يحب آخر وليس بقادر على أن يبث له هيامه ويثبت له غرامه ، وشخص يحب آخر ليس بمبادله الوئام ، وشخص يحب شخصا نجح في إيصال مشاعره وتعلقه ولكن حال بينهما إن جاز لي التعبير المجازي رعد وبرق وغمام . واليوم وهنا أكتبُ وأقول نعم الحبُّ جميلٌ ، والأجملُ منه أن نفهمه ونلتزم بمواثيقه بمجرد تأكدنا من حلوله واتحاده وذوبانه في دماءنا. بالاستقراء لاحظتُ أن العلاقات بين الجنسين إما لعلاقة مشوبة محرمة فلا يقيم الذئبُ اعتبارا لدين ولا لأخلاق بل وليس له هدفٌ سوى استغفال الراعي فيأكل الغنمة ويدع ما تبقى منها بعد ذلك فريسة للسباع والصقور ، وإما لعلاقة طاهرة فجورُها هو محور موضوعي هذا .. بالاستقراء أيضا لاحظتُ أنَّ أكثر ما يشد اهتمام الجنس بالجنس الآخر سمات عدة لكنها تتركز على ثلاثة دعائم لا رابع لها : الشكل و الكمال و مظهر إحسان .. فكلُّ ما يجذب الشاب للشابة والعكس إما الشكل والمظهر الخارجي ، وإما اعتقاد أحدهما بالآخر كمالا ولو كان رمزيا كأن تكون لأحدهما هواية أو اهتماما بشئ ووجد القدوة في الشخص الثاني ، والشئ الأخير فهو مظهر إحسان كموقف شبيه بالمواقف البطولية والإنسانية التي يسديها الشخص للآخر أو يراها واصلة للغير من هذا الشخص والتي ربما تكون طرازنية كما لاحظنا في بعض الشواطئ للأسف الشديد.
إن نفسية البنت لهي بحر لجي عميقٌ ليس بمقدور أي غواصٍ ماهر مخر عبابه وإن بلغت رومانسيته العنان ، فكما استحال أن يولد الشخص قاتلا أو تاجرا فيستحيل أيضا أن تولد الفتاة غير مستقيمة ، فتتدخلُ العادات والتشدد والتقاليد والتعنت لخلق جوٍّ يساعد على انتشار فيروس التصيع إن جاز لي التعبير ، فمن المستحيل أن تتحول من غمست ببحار الرقة حتى تفجرت حنانا فاستحقت بعد ذلك أن تكون الجنان تحت أقدامها الغناء إلى مستنقعات يكثر فيها البعض .
وإذا جئنا نلتفت إلى تلك النقاط الثلاث بإيجاز ، نرى أن ابن حزم في طوق الحمامة يتحدث عن عشق الصور وهو سرعان ما يزول إذا إما رأى أحدهما مظهرا آخر أصبحَ من دفء الطرف الآخر ، وعشق الكمال وقد أشرنا إليه وبالإشارة كفاية ومظهر أحسان كما تحدثنا عليه أعلاه . وأخطرهنّ بلا شك هو عشق الصور إذا ما لشكل الرجل أحبت المرأة الرجل فصارحته بذلك فاستغلها ولعب بها وأخذ مالها أو ما أبشع من ذلك وكل ذلك باسم الحب وهذا كثير وكثير جدا ... والرجال في هذه الحالة نظرا لظروفهم المادية ، ونظرا للكبت الجنسي الذين يعيشون فيه يطبقون قاعدة : إذا هبت رياحك فاغتنمها فلا يدعون هذه ((الفريسة )) أن تمر دون أن يشركونها ويدمروا كبرياها ولا يعلم بكبرياء المرأة إلا المرأة وإن حاول الشعراء الولوج إلى لجبته . وأندر من الكبريت الرجال الأفاضل الذين يقدرون هذه العواطــف ومن الغريب أن من يقدر هذه العواطف هم من الطبقة اللاتي لا تخضع للاهتمام من قبل الفتيات ، فقد يكون لديهم الفصاحة والذكاء والفطانة واللباقة ولكن كما قال القائل : فصاحة حسان وخطُّ ابن مقلة = وحكمة لقمان وزهد ابن أدهمـ ، لو اجتمعوا في المرء والمرء مفلسٌ = ونادوا عليه لا يباع بدرهمـ .
تبقى هناك مسألة لا بد نتعرض إليها وهي ما شذّ عن هذه الاستنتاجات الثلاثة وهي اللعب بالأعصاب أو التلاعب بالمشاعر فيستطيع بعد أن يمثل عليها دور البطولة ، فلا تلتفت لأي اعتبار من شكل ولون ولا لمبادئها ولا لعاداتها فتحبه حبا جما . وهذه النقطة نوقشت مرارا ولكن نقاشا ً مُرّا ًفي المنتديات ولكن من باب واحد الأصل والنسب فيثار كما شاهدنا جميعا حوارا عقيمــا حولهما ، وأعتقد أننا لو ركزنا حول مسألة التلاعب بالمشاعر لفهمنا وتخلصنا من استغلاليات كثيرة للنساء وباسم الحب ، فهناك نساء أبكارا وقعن فريسة لأشخاص متزوجين ومعظمهم عاطلين عن العمل فأصبحن ينفقن عليهن كما ينفق الأب على صغاره وأحيانا تزوجنهم ودفعن المهر لهم ، وللأسف وجدنا نساءً ثيبا ً وقعن فريسة ً لمراهقين صغارا فدمرن شرفهن وخربن بيوتهن بأيديهن ، والقاسم المشترك بينهم أنهما لما لم يجدا من يستمع إليهما بحثا عنه بشتى الطرق والوسائل مهما كانت مسمياتها وتنوعت أصنافها . ونشأ لدينا جيلا من الآباء والأمهات يكونون هم أنفسهم سبببا رئيسا في النتائج الأسوأ جميعها ولربما بحسن قصد منهما . فالأب مثلا يفرط في دلال ابنه ، والأم تسرف في دلال ابنتها فإذا قدر الله وتزوجا وقُدِّر بينهما ولدا أو بنتا قال لهما لسان حال الأبوين : ابحثا لكما عن من يهتم بدلالكما فأنا لا زلتُ طفلا أريد الدلال من شريك حياتي ، ولذلك نرى كثيرا من المتزوجين حديثا يقرران أن يؤخرا الإنجاب سنوات لكي يستمتعا بحياتهما ويكونا هم نسيا بطبيعة الحال أنَّ مهمتهما إعمار لا إغمار .. وأرجو منكم العذر أخواني وأخواتي فهذا موضوع أعتقد أننا جميعنا نفكر فيه فجمعته في هذه السطور التي أتمنى أن تكون نورا لي ولكم ولكل من شمله موضوعي بدون قصد مني والله الشاهد على قولي وهو حسبي ، وأسأله سبحانه لي ولكم ولهم التوبة والإنابة والله ولي التوفيق
تعليق