هذي أول قصة قصيرة كتبتها في حياتي // لما كان عمري 15 سنة و فازت بالمركز الأول على المنطقة ..
و المركز الرابع على مستوى السلطنة ...
الحمدلله
أترككم معها
..^^ رويدك .. فالسرعة قاتلة ^^..
في هذا العالم المليء بالأحداث و المغامرات والقصص و الروايات كانت على أحد جدران الزمن قصة من صنع إنسان رسمها بأسى الأحزان كتبها بحبر الألم و نسجها على ورق الندم في كل سطر منها يردد نغمات اليأس في سنفونية الحزن الأبدي يرسل رسائل النداء الضائع إلى جزئه المقطوع ...
إلى جزئي المقطوع ..
كلما جئت أستثير شوا جني..
تذكرت صورتك .. أبحرت في ذكراك ..
غرقت في وهم اللقاء ..
عزيزي ..
منذ أن افتقدتك .. ذبلت أوصالي ..انشلت أطرافي .. أسكبت عيني الدموع
سرى الندم في جسدي ..و رسم الحزن ملامحي ..لكن ما نفع كل هذا وقد رحلت بلا عودة..هجرتني بلا أمل للقاء أو الترقب ..فجأة فارقت الحشى دون سابق إنذار .. فتركتني عاجزًا ..ناقصًا ..و مقعدًا في الفراش...
كلمات كانت تزيد من نزف القلب ..و تزيد في الجرح إيلاما ,راشد ذلك المتفائل ,الذي يسابق الريح ,ويهيج مع الأمواج , يجعل من الصعب سهلا بإصراره و قوة عزيمته,الكل منصت له إذا جلس،فهو القائد في جمعه , اليوم يحتاج لمن يجره على كرسي كي يتحرك , كي يدرك أنه خسر في معركة التهور ,كي يوجه له طيشه كف الألم ,كي يعيش مع عاهة ستذكره بأبشع الحوادث , كي يقول كل يوم " كفى يا ندم ".
يرقد بين جدران غرفته البيضاء ، لا يؤنسه إلا أصوات الأجهزة التي تجاوره من كل جانب ،ليذرف بدل الدموع دم الأمل المفقود ، لا يشعر برجلين وهبت له ، فقد تمردت و رفضت كل أمر بتحريكها ، فيغوص في دوامة لا يوجد أمر منها ..دوامة الندم ، ليذبل كالزهر قبل تفتحه ليحترق بمشعل يديه ، فيواسيه أنينه المتوجع .
صباح كغيره يمر عليه ، يذهب بقايا أمل في الاستيقاظ من هذا الكابوس المزعج ..يدخل عليه الطبيب عاقدًا حاجبيه إيجابة لسوء حالته
الطبيب : كيف حالك اليوم
راشد :........
الطبيب: إلى متى يا راشد ستظل على هذه الحال ،أخبرني بما تشعر به
يدير راشد وجهه نحو نافذة غرفته ليداري دموعه قبل الهطول ، ليتمسك بآخر رمق للشجاعة في نفسه ، لكنه قد تعب ،لا يستطيع أن يتحمل أكثر من ذلك ..فيقطع عليه الطبيب هواجسه فيطعنه بالخناجر بسؤاله الدائم فيدمي قلبه الشجي
الطبيب : يا راشد إلى اليوم لم يأتي أحد لزيارتك ..هل تود أن نخبر أحد أقاربك بحالتك ؟؟ أخبرنا عن عنوان أحد أقاربك ..والديك ..إخوتك ..أصدقائك
هنا يجيب راشد طبيبه بدموعه المتناثرة على وجهه الشاحب ليفجر كمًا هائل من الصرخات ..فيسعف بإبرة مهدئه يغرق جفنيه عقبها في كوابيس الحادث المشؤوم .... هاهو راشد يبدو في غاية السعادة مع رفيقه ماجد هما على وشك الذهاب إلى عملهما يسيران في الطريق بكل تمهل يتبادلان الحديث ..يشتد مرة..و تسمع ضحكاتهم تارة أخرى، لكن بعد حين تضايقهم سيارة يقودها شاب صغير في السن و كأنه يستفزهما ليجاروه في مراده ...
راشد : تريد أن تسابق إذا ؟؟
ماجد : لا يا راشد دعك منه إنه صغير لا يعرف ما يفعل .
راشد : لا سأريه ما أقدر أن أفعله ..سأعلمه درسًا كي لا يعود لمثل هذا الفعل .
ماجد : لا يا راشد لقد ذهبت كل عائلتك بسبب تهور أخيك و طيشه ..لا تعد المأساة .
هنا تتغير ملامح راشد لتمتزج بين الحزن و الغضب فقد تذكر عائلته التي فارقت الحياة بسبب تهور أخيه و سرعته الجنونية ..حادث خلف موت والديه و وإخوته ليبقى هو وحيدًا ..يتيمًا في هذا العالم ..
راشد : لا..لا سأهزمه كي أوقف طيشه و أعلمه أن السرعة ليست للتباهي و التفاخر بل هي شبح يترقب الهجوم على صاحبه ليقتله ..
لم تجدي محاولات ماجد في ردع صديقه عن ما يريد فعله فهو مصمم على خوض هذا الغمار الجنوني ..فيتأهب راشد و ذلك الشاب لينطلقا بكل سرعة تمتلكها سيارتاهما ليظهر كلا منهما للآخر أنه الأسرع و الأفضل ..فتسمع أصوات محركاتهما و كأنها تنذر صاحبيها بخطر قادم ..يتقدم ذلك الشاب على راشد ..فيشتعل راشد غضبًا فيحاول مجاراته لكنه و للأسف يصطدم بسيارة أخرى ......يستيقظ راشد مفزوعا من ذلك الكابوس الذي أصبح لا يفارقه و ينادي بأعلى صوته رفيقه ماجد ...
فيهرع الممرضون و معهم الطبيب لغرفته ليجدوه يضرب رجليه المشلولتين بقهرٍ و قلة حيله و يصرخ بأعلى صوته : أنا السبب
تدمع عيون كل من يراه على هذه الحالة فأصعب شيء هو أن تشعر بالعجز فلا تستطيع التحرك فتضطر إلى طلب المساعدة من الآخرين و تتحمل كل ما يبدر منهم من إهانات و تذمر فتحس أن وجودك أو عدمه في هذه الحياة واحد ..مرارة كانت تسيطر على راشد فكل ما يقاسيه الآن نتيجة تهوره و طيشه ..الآن يخسر صديقه العزيز ماجد فقد مات أيضا بسبب طيش و تهور صاحبه ..مأساة جديدة تجتاح قلب راشد الذي تفطر و أدمي منذ سنين ..اليوم خسر أعز اثنين على قلبه صديقه و ساقه ....يربت الطبيب على كتف راشد ليواسيه فيبادله راشد بنظرات حائرة و كأنها تنتظر من يستشيلها من وحل الندم و دوامة أحزانه فينقذه من هذا الشبح الذي صار يسيطر على نفسه و يؤذن له بموت قريب .. يجلس الطبيب على طرف سرير راشد و تبدوا في ملامحه الحزم و الجدية و يوجه أنظاره لراشد الذي صارت نبضاته تتسارع فهو لم يعتد من طبيبه هذه الملامح الجادة و الحازمة ...
الطبيب : يا راشد لا توجد كلمة أقولها فتواسي حالك قد عرفتك قصتك من أهل صديقك ماجد رحمه الله – هنا تتغير ملامح راشد بادية عليها الحزن الشديد و الندم – لكنني لن أوبخك أو ألومك على ما حدث لأنك ستعيش مع ذكرى لن تفتح لك مجالا للنسيان و درسا لن يمحى من فكرك و هذا كفيل بأن لا ينسيك نتائج طيشك و يعلمك أن السرعة انتحار قبل أن يكون تحدي و هذا ليس بالجديد عليك فقد عرفت أنك كنت تلوم أخيك على تلك المأساة التي حدثت لذلك أطلب منك ترك كل ما لا يفيدك من تذكر الحادث و البدء في العمل الذي توجه به كل أولئك الشباب الذين اتخذوا السرعة تسلية و تحدي فخلف ذلك موت الآلاف منهم و تحارب هذه الظاهرة السلبية و نتقل تجربتك كي تكون عبرة لهم – كانت كلمات الطبيب تزيل غمائم الحزن من قلب راشد و تشعره بقيمته و أنه يستطيع فعل شيء قد يساهم في الحد من حدوث الكثير من الكوارث و الحوادث – ما رأيك؟؟
راشد : موافق ..فأنا لا أريد أن يمر أي شاب بما مررت به – ينظر إلى رجليه المشلولتين و يمرر يديه عليهما و كأنه استسلم لحاله الجديد و قبل به – فأنا سأعيش بقية حياتي مع رجلين مشلولتين و عاجز عن تحريكهما و سأمضي ما بقي لي من العمر وحيد بلا عائلة...لذلك قررت نشر قصتي كي تكون عبرة لكل من يقود سيارته بسرعة جنونية و لا يبالي بما سيحدث و سأعمل على تكوين جمعية نكافح فيها التهور و الطيش و السرعة الجنونية .
الطبيب : و أنا سأكون أول المنتسبين لهذه الجمعية .
راشد : شكرا لك أيها الطبيب فقد ساعدتني في رسم هدف سأكافح من أجل تحقيقه.
الطبيب : وفق الله في مسعاك يا راشد ..و هيا أريدك أن تشفى بسرعة.
النهاية .
تعليق