ينظر للساعة فيجدها مثل أمس إنها السادسة صباحا وقت الخروج من البيت ليستقل الحافلة ليصل إلى عمله متأخرا ً ليتلقى إهانات ٍ من مسئوله ليسكتَ عنه فيظن أنه غير مكترث ٍ بكلامه ليحيله للمدير ليسمعه المدير سيمفونية العتاب ليعاقبه بالخصم ليجد على مكتبه كل الاستهزاءات من رفاقه علاوة على الملفات التي تتراكم على مكتبه لينجزها جزاء وفاقا ليعود الثانية والنصف منهكا ً لبيته بعد أن ضحك عليه كل أحد سوى العم جاسم ذلك الحارس الذي لم ير َ البسمة على شفاهه أبدا . لكن هذا اليوم رفض كلَّ ذلك فقد خرجَ من بيته السابعة والنصف لم يجدْ حافلة ً ينتظرها ؛ فقرر المشي لمقر عمله رغم الشمس ورغم بُعْد ِ المسافة . يصل العمل فيجد لافتة كبيرة ترحب به كأنه الوزير يزور وزارته ، يدخل على مسئوله فيعانقه ثم يطلب منه الذهاب لمكتب المدير لخبر سار ينتظره . يدخل مكتب المدير فتقابله المنسقة طابعة قبلة ً على جبينه وكانت قبلُ إن سألها شيئا لا تجاوبه ، يدخل على المدير فيفاجئ بقيام مديره إجلالا له وإحضار الشاي بنفسه له ، فيشرب الشاي وبعد فراغه من شرب الشاي يسأله عن ( أخبار علوم ) فيجيب : مبتسما أو مستغربا ( بهو ) يبتسم المدير ويقدم له ورقة يقرأها فيرى فيها إقالته تتحول عقارب شفتيه من العاشرة والعشر إلى مؤشر الثامنة والثلث ، يرجو المدير طويلا بلا طائلة بل يصرخ بوجهه ويطرده فيعود لكل من بحسن الحفاوة استقبلوه فيهينوه ويحقروه فتتخضب بالآهات والأشجان رئتيه . بسرعة قصوى يركض خارجا مغمضا عينيه وأذنيه ليسمع صوت فرامل شديدة يفتح عينيه : يا إلهي سيارة ستصدمني إنها تقترب ، ماذا أفعل . وهي بالفعل تقترب أكثر فأكثر وما هي إلا لحظات إلا وهو يفتح عينيه من كابوس ٍ مرير . ينظر للساعة يجدها السادسة صباحا يعاود سيناريو يومه تاركا كل حوار لا طائل منه في قصته القصيرة ،يصل قبل الوقت للعمل فيستقبله الحارس ضاحكا : ألا تدري يا هذا ان اليوم يومُ إجازة رسمية .
جاسم القرطوبي
18 – 5 – 2010 م
جاسم القرطوبي
18 – 5 – 2010 م
تعليق