تويت
البلاك بيري
البلاك بيري
"تواصل مع الأصدقاء وأنسى الأقرباء"
"تواصل مع الأصدقاء وأنسى الأقرباء"
ليس بغريب أن تطرح شركات الاتصالات تقنيات جديدة في السوق وأجهزة اتصالات مختلفة تسهل التواصل بين البشر في كل أنحاء العالم وبتكاليف أقل ، فهذه من الخدمات التي يجب أن تقدمها هذه الشركات لمستخدميها للحفاظ على أكبر قدر ممكن من العملاء وكسب عملاء جدد ، فلا تخلو صحيفة يوميه من إعلانات شركات الاتصال ليكون المستخدم على صله دائمة بما هو جديد وجميل بغض النظر عن الإشكاليات التي تحدث بين ما هو جديد وقديم والتي تأتي على رأس المستخدم في نهاية الأمر ..
الصرعة الجديدة لدى في عالم موضة الاتصالات والتي وفرتها له تلك الشركات هو البلاك بيري وترجمتها الحرفية (ثمرة العليق) وشكلها أشبه بحالة الناس على جهاز البلاك بيري ، هذا الجهاز السحري الذي انهل عليه البشر وركضوا ورائه راضخين لما يقدمه لهم من خدمات ، بغض النظر على سلبياته التي يجهلها الكثيرين والتي أعلنت عن تأثرها بذلك بعض الدول المجاورة كالسعودية والإمارات ، لكن خوف الشركات من الخسارة جعلها تضحي بمستخدميها وسرية معلوماتهم وأمنهم حتى لا تقع في الخسارة المالية (وأية خسارة إذا كانت تجني بالملايين في اليوم) أو تنهد ثقة مستخدميها فهناك أولويات ربحية ومصلحة المواطن تأتي في نهاية القائمة.
البلاك بيري تقنية جديدة ولا بد من مواكبتها بغض النظر ما إذا كان أحدهم محتاجاً إلى أن يستخدمها أم لا، والواقع وبعيداً عن المبالغة أن شريحة كبرى تقتني البلاك بيري بغرض الدردشة والترفيه حتى تحين ساعة نومه ويستأنف ذلك من أول ثانيه يستيقض فيها ، بل أصبح الناس أجساماً تملئ فراغات المكان وهي بعيده كل البعد عن الأشخاص الموجودين في نفس المكان ..وكأن مستخدم البلاك بيري في عالم آخر يعيشون فيه وهم يأكلون يمسون ويصبحون وقد يقطع أحدهم نومه للرد على رسالة في البلاك بيري وذلك مراعاة لفارق التوقيت في البلاد التي يقطن فيها الشخص الذي هو ضمن مجموعته ، فغاب التواصل بين الأفراد في المكان الواحد فكلاً مشغول بالتواصل مع أعضاء مجموعته، والمجتمع بدأ يرضخ لهذه التقنية وما تفرضه عليه فالرد على رسالة أو إرسالها هي أولى بأن يقطع أحدهم حديث الآخر في جمعة عائلية ، وبهذا أسقط مبدأ الاحترام وأنحذف الذوق في التعامل ، أضيف ذلك في قائمة المعتاد.
وإذا كانت الإنترنت وما يحتويه من مواقع ومنتديات وغرف الدردشة قد لاقى انتقادا عن ظهوره وما زال حتى الآن لكن البلاك بيري أشد سوء من كل هذا وذاك وخاصة في استخدامه السيء فالإنترنت مرتبط بجهاز الكمبيوتر الذي قد يكون في قاعة منفصلة عن مكان المعيشة لكن البلاك بيري أصبح يرافق الشخص في كل زمان ومكان.
نعم أن شركات الاتصال هي الموفرة للخدمات وليس كل ما تعرضه لابد من اقتناءه فهي عليها أن تسوق وأن تجعل من الإعلانات وسيله جذابه ومبهرة حتى يقبل الناس على بضاعتها ولكن أين هي العقول البشرية ،فليس كل ما في السوق مناسب فهناك مقاسات واحتياجات ومتطلبات والكل يختار ما يناسبه .
رحم الله الملوك العرب في أسبانيا كانوا يملئون الفراغات في منازلهم بالآيات القرآنية والحكم والأشعار حتى إذا صادف أحدهم وقت فرغ فأنه يمليه بقراءة ما مكتوب على الجدران أما مع البلاك بيري فقد قتل وقت الفراغ وأعدمه حتى لا ليس من وقت للقراءة والعبادة .
ويبقى البلاك بيري جهاز صنع لغاية معينة وله إيجابيات في ذلك ، ولكن يبقى اللؤم أوله وآخره على البشر وليس على آله من صنع البشر.
تعليق