أيها الرفاق
محاولة أخرى لطرق باب إجتماعي آخر
النص:
محاولة أخرى لطرق باب إجتماعي آخر
النص:
انتهى من العمل تواً . أعاد ترتيب الأوراق المتناثرة على مكتبه , نهض متثاقلا , حمل قشه وخرج. عند باب المكتب, امتدت يد بيضاء مرصعة بالذهب
, ملونة الحناء, لتضم ساعده الأيمن بحرارة.
- "تارااتاتا" رددت سحر بعفوية
- "سحر؟ هههه خوفتيني, خلصتي؟ " تحدث طارق ضاحكا, ثم همس ملتفتا يمينا شمالا "شلي ايديك عن يشوفك أحد من الموظفين"
- "برايهم خليهم يشوفو, زوجة و زوجها, حرام؟, يالله وصلني البيت وكالعادة بضطر أكذب على امي واقولها ربيعتي موصلتني" تحدثت بنبرة طفولية.
- "وأنا بعد , جهاز كشف الكذب اليوم راح يولع ,وأماني بتولع البيت فيني" ردد وهو يدفع سحر بيديه لكي تتحرك.
- "هههه, يوم قلت لك حرمتك ما صاحية, قلت لي : لا,بريئة"أخرجت لسانها تعبيرا عن السخرية.
سيستمع إلى نصيحة سحر, عليه أن يأخذ نفسا عميقا قبل تعدية عتبة باب المنزل, و يردد " اللهم ثبتني عند السؤال".
دخل , وجدها تقبع أمام الكنبة تطعم محمد الذي يندمج بعيدا مع أغاني طيور الجنة.
- "هييه, جاء باباه" دندنت أماني لإبنها, ثم وقفت لتمشي متجهة ناحيته. وقف هو متجمدا,ينتظرها
حتى تنهي طقوس الإستقبال اليومي .
بدأت أن احتضنته بحرارة , تنفست رائحته بعمق شديد الأذن,الذقن,العنق, مرورا بصدره. هدأت قليلا , لا أثر لأي عطر نسائي.
أخرجت من جيبها جهاز كشف الكذب الذي حصلت عليه من اليابان بواسطة التسوق الإلكتروني.
- "يالله طارق, امسك الجهاز وجاوب على اسألتي. ما بعصب والله" تحدثت بثقة.
- "حاضر"
- "اليوم كلمت أكثر عن بنت صح؟" أغمضت عينيها تنتظر جوابه.
- "صح" وأعقب مسرعا "طبيعة العمل يا حياتي لا أكثر ولا أقل"
- "انزين , في بنت لمستك اليوم أو تقربت منك أكثر عن اللازم؟
- "لا"
تسارعت دقات قلبه.كان السؤال حتما صعب, صرخ الجهاز مشيرا بصوت ينذر عن وقوع كذبة سوداء , تبعته صرخات هستيرية متتالية تصدر من حنجرة أماني,
شتائم ولعنات, وأصوات تكسر قطع الإثاث.
لم يفهم طارق سوى الجملة التي يسمعها دائما في حالاتها المشابهة ( والله, ثم والله , لو تزوجت علي قسم بالله اخليلك البيت و
ولدك فوقه و ورقة طلاقي اريدها في اليوم الثاني).
إلى متى سيحتمل غرابة زوجته , عليه أن يضع حدا لكل ذلك, و لأنه شد حياته بـ حبل الكذب, عليه أن يستبدله بالحقيقة حفاظا عليها. تركها على ما هي عليه ,
خرج ليحسم الأمر.
عاد مساءا إلى المنزل يجر حقيبة حمراء. اندست "سحر" خلف ظهره , طمأنها أن لا مكروه سوف يحصل. فتح الباب, دخل.
انتشت أماني سعادة, حين سمعت صوت الباب , ستطلب منه السماح عما فعلته ظهر اليوم, وستقبله على رأسه.
نزلت من الدرج تمسك ابنها محمد تأرجحه وتدندن "جاء باباه.. جاء باباه".
قبل أن تستقر على أرضية المنزل, وقفت فجأة بعد ان رأته وخلفه إمرأة , إستطاعت أن تعرف أنها زوجته بعد أن رأتها تتشبث بذراعه.
تغيرت ملامح الفرح من وجهها إلى الدهشة فالحزن. أطرقت رأسها أرضا, رفعت عيناها, وتكلمت تشد احتضانها لإبنها "طيب,أ أنا..أنا.. بسكن في الطابق الثاني وهيه تحت.إنزين؟,طارق؟ انزين؟".
أومأ برأسه إيجابا. أدارت ظهرها ناحيتهم,صعدت الدرج بتباطؤ.كانت تفكر, مع من سينام الليلة ؟
النهاية
تعليق