إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آلام الواقع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    [align=center]خالد : لين ما شووه ؟؟!!

    عضت الحرمه على شفايفها بغصه وقالت بحنق :
    الحرمة : ليما عرفت زوجته الاولى بسالفة زواجه .. صراحه ما ادري كيف عرفت ؟؟ مع ان زوجي ما خبرها .. يمكن من بعض الناس اللي عرفوا ، ويمكن شكـت في سلوكه وبياته مرات برع بيتها ويمكن آآ ..

    قطع خالد رمستها بعد ما زاد ضيقه من كثرة التفاصيل اللي اتقولها فصرخ بويها وقال :
    خالد : ما علينا كيف عرفت .. شو صار بعدين .. وشو علاقة ها الشي بها الياهله ؟!!

    ما أثرت صرخت خالد بنفسية الحرمة ولا ببرودها ، واستمر جبل الجليد في الكلام فقالت بعد ما ارتفع صوتها شويه :
    الحرمة : بعد ما عرفت زوجته بسالفة زواجه .. قامت القيامة .. وانفتحت ابواب جهنم الحمراء بويه زوجي .. وبعد ما سبته ووصفته بابشع الالقاب والاوصاف .. ضربته بالتعاون مع اخوانها .. لدرجة ان زوجي كره اليوم اللي انولد فيه .. وبسبة هذا الضغط .. اجبروه انه ايطلقني.. ويرميني انا وبنتي في الشارع . ولولا اختي هذي الواقفه جدامك واللي استضافتـنا في شقتها الصغيره .. كنا بتنـا انا والياهله هذي في الشارع ..

    حرك خالد حواجبه بدهشه وهوه يقول :
    خالد : وليش ما اتوديـن الياهله عند ابوها ؟!

    ارتفع صوت الحرمه اكثر وهيه تتصنع القهــر:
    الحرمه : هنيه اساس المشكله .. ابوهــا وبعد ما طلقني .. انكــر نسبـه لهذي البنيه .. يعني انكـر ابوتـه الها .. واتهمني في شرفي .. طبعا خوفا على مشــاعر زوجته الاولى.. او بالأصح خوفا من غضبها عليه !!!

    قطع خالد رمستها وهوه يتساءل بعجب :
    خالد : وليش ما اشتكيتي عليه في الشرطــة ؟؟

    هــزت الحرمه راسها بالايجاب وقالت :
    الحرمة : انا فعلا اشتكيت عليه .. لكن ..

    سكتت الحرمه شويه ثم تابعت :
    الحرمة : في البدايه انكـر زواجي منه من الاساس .. خصوصا ان زواجنا كان في بلدي .. وكل الارواق الخاصة بالزواج كانت عنده .. لكن .. وبعد الاتصال في بلدي .. قدرنا انحصل على نسخه ثانيه من عقد الزواج ، وعشان جذيه اضطر انه يعترف ان كان متزوجني .. لكنه قال ان علاقتي فيه انتهت بعد الطلاق .. واستمر في انكاره لبنته هذي .. خصوصا انه ما عندي ولا ورقة تثبت ميلادها او هويتها .. وحتى نسخ المستشفى الخاص ما كانت كافيه لاثبات النسب الكلي .. وساعتها اضطرت الشرطة انها اتحول القضية للمحكمة .. وانته عارف ان دروب المحاكم طويله ومكلفه وانا فقيره ما اقدر عليها، واكثر عن جذيه اني مهدده بالتسفير لان بقائي في الدوله غير قانوني بعد طلاقي من زوجي ..

    اطالعها خالد بنظرات ناريه وقال :
    خالد : كل الكلام الي قلتيه ما يبرر الجريمه اللي سويتيها بحق بنتج هذي .. شو ذنب ها البنيه البرئيه في كل اللي صار ؟؟!

    اطالعته الحرمه بنظرات استهزاء وقالت :
    الحرمه : شو ذنبها ؟! ذنبها ان ابوها ما اعترف فيها ؟؟.. بذمتك بس .. كيف بتعيش ها البنيه؟! .. كيف بتعيش بدون اســم .. بدون ابــو ..
    اتخيل شكثر الالــم اللي بتعاني منه في حياتها اليــايه .. وعشان جذيه .. الموت ارحملها بوايد من الآلام .. الآم الواقع اللي تنتظرها بحياتها اليايه ..

    حرك خالد راسه بعصبيه شديده وهوه يقول بحزم :
    خالد : سمعيني زين .. الله تعالى هو اللي خلقها .. وقادر انه يربيها ويسعدها مهمن كانت ظروف حياتها .. وقادر انه يحول حياة أي انسان وبأي لحظة من اقصى عسـر الى اقصى يـسر ، ومو من حقكم ابدا تنهون حياتها بذريعة خوفكم من مستقبلها ، لان المستقبل بيد الله ، والارض كلها بيد الله يمنحها ويورثها من يشاء من عباده ..

    نكست الحرمه براسها للارض ، وما عرفت بشوه اتجاوب ، لكنها رفعت راسها وهيه اتقول ببرود وسخرية :
    الحرمه : والحينه .. شو ناوي اتسوي .. ما بتعطينا الصغيره ؟!

    ارتسمت تكشيره شديده على ويه خالد وقال :
    خالد : للأسف ما بيدي شي الحينه ولا فيني قوه اقدر اجازيكم فيها على فعلتكم الشنيعة هذي ..بس الصغيره هذي ما بتاخذونها عني .. ومستحيل أسلمـها لمجرمين مثلكم ..

    اتساءلت الحرمه ببرود ولا مبالاة :
    الحرمه : عيل .. وين بتوديها ؟!!

    استاء خالد من برودها الفظيع لكنه قال :
    خالد : بوديها عند ابوها .. وبحاول اني انصحه واقنعه انه يعترف فيها حتى لو لزم الامر اني اخبره باللي صار اليوم منكم .. لكن قبل هذا.. عطوني رقم ابوها الحينه .. وبسرعه .

    سرى شيء من التوتر عند الحرمه ، وظلت ساكته وما ردت على خالد ، وهذا اللي جعله يصرخ بويها ويقول :
    خالد : واللي روحي بيده ، اذا ما عطيتوني رقمه والحينه لارتكب فيكم جريمه ، وادفنكم مكان ما انتوا واقفين .. فهمتوا ..

    التفتت الشــابة صوب اختها ، واتبادلت معاها نظرات حايره ، ثم التفتت مره ثانيه صوب خالد واترددت ثواني قبل لا تتكلم واتلقــن خالد الرقــم ، وبعد ما اتسجل الرقم في مخيلة خالد قال بلهجة آمــرة حازمــة :
    خالد : يا الله .. اتحركوا .. روحوا .. ما ابغي اشوف ها الويوه الكريهه جدامي ..

    وفعلا .. اتحركوا وبسرعه اكبر مما اتصور خالد ، وكأنها ما صدقوا ينتهي هذا الموقف .. واول ما وصلت الحرمة الاولى لجدار المقبرة اتسلقت السلم على عجل وفقزت خارج المقبرة ، وشاركتها الحرمة الثانيه نفس التصرف ، وتبعهم خالد بعد هذا ، اللي اتسلق السلم بكل حذر لانه حامل وشال الياهل بايده ، واول ما وصل لاعلى الجدار، لمح الحرمتين وهم يتحركون ويركبون سياره قديمة جدا كانت مدسوسه تحت شجره ( سمـر) كبيره ، وركبوها بسرعه وشغلوها وضوت انوارها ، وبحركة عفويه اتركزت عيون خالد على رقــم السياره ، قبل لا تتحرك السياره بسرعه وتتلاشي نهائيا عن أنظــار خالد ، وبعدها ، قفـز خالد بهدوء من على الجدار وهوه ماسك الياهله بقوه بيده ، واول ما استقر على الارض اتحرك مباشرة جهة المكان الواقف فيها ماجــد .

    وبها الوقت كان ماجد جالــس في السيارة والتوتر والقلق قد بلغ عنده حده الاقصى ، خصوصا بعد الصرخة العنيفه اللي سمعها وهوه في السيارة ، لدرجة انه فكر انه ينزل من السيارة ويدخل المقبرة .. لكن .. خوفه منعه .. وفضل انه يصبر ويثبـت بمكانــة اطول فترة ممكنه ..

    وفي غمــرة من ارتباكه وترقبه ، لمح ماجد صورة أو خيال انسان يتحرك من بعيد ويتجه صوبه مباشرة ، ولحظتها فتح ماجد ضوء الكشاف الصغير عشان يتبين ملامح هذا الشخص ، لكن الضوء ما كان كافي من ها المسافة لأبـراز وتوضيح كل معالمــه ، ولهذا.. انتظر ماجد ثواني اكثر ليما وضحت الصورة بعينه اكثر قبل لا يكتشف ان الشخص اللي يتحرك صوبــه هوه خالد نفســه ، وهنيه ارتاحت نفسيته وارتسمت ابتسامه خفيفه على شفاته .. لكن .. ولما اقترب خالد اكثر ، اتحولت هذي الابتسامه الى عبوس وشحوب ودهشه وحتى رعب ، بسبب المنظر اللي كان عليه خالد .. لانه شاف خالد بثيــاب متقطعة ، وملطـخه بالـدم ، واكثر ما شد انتباهه وزاد استغرابه ، هو الجسم الصغير اللي حاملنة خالد في ايده ، ولهذا حرك ماجد وهــز راسه مرات كثيره وكأنه ما مصدق اللي قاعدة اتشوفه عينه .. ولما اقترب خالد اكثر ، ايقــن ماجد بصدق ما تراه عينه.

    اقترب خالد من السيـارة ، وجسمه يترنح من شدة التعب والارهاق ، وكأنه ظاهــر للتو من معركة حربية ، واول ما وصل للسيارة فتح باب السياره بسرعة ، ورمى نفسه على الكرسي المقابل لماجد ، ومدد الطفلة الصغيره على حضنه وهوه يلهث بشدة ، وبها الوقت نطــق ماجد وهوه يقول بكل استغرب ودهشه :
    ماجد : خالد !!! انته داش المقبـرة عشـان اطلع العمـل ، وتطلع منهــا بيــاهل !!!

    التفـتـله خالد بسرعه ، واتكلم بصعوبه وضيق فقال :
    خالد : يا ماجد .. الله ايخليك .. مب وقته الحينه .. اتحرك خلنا انروح من هنيه بســرعة ..

    مع آخر كلمة نطقها خالد ، شغل ماجد سيارته على عجل ، وقبل ما يكتمل دوران محركها ، ضغط ماجد على دواسة البترول بالكامل ، وانطلقت السياره من مكانها ، وهيه مخلفة وراها عاصفة من الغبار ، وبعد ثواني قليله استقرت السيارة بالفعل على الشارع الرئيسي .. ولحظتها .. اتكلم خالد وجسمه مازال ينتفض من التعب :
    خالد : آآ .. ماجد .. ما عندك صندوق اسعاف في سيارتك .. الياهــله هذي مجروحه ، وجرحها اختلط بالرمل ، وانا خايف انه يتلــوث ، وعشان جذيه لازم يتنظـف ويطهــر الجرح ..

    هــز ماجد راسه بايجاب وهوه يقول :
    ماجد : هيه عندي .. بتلاقي الصنــدوق تحت كرسيك بالضبط ..[/align]

    تعليق


    • #17
      [align=center]امتدت يد خالد لاسفل الكرسي اللي قاعد عليه ، وطلع من تحته صندوق الاسعافات ، وفتح الصندوق وظهــر منه مطهر للجروح ، وقطنه صغيره ، ورباط طبي ..

      وبعدها .. بدأ خالد في فــك الرباط القماشي اللي كان رابط فيه يد الياهله بهدوء ، وفتح علبة المطهـر ، وسكب قطرات صغيرة منه في القطنه الصغيره ، وبدا يقرب القطنه ليد الطفله المصابة بحذر ، لكن .. وقبل ما تلمس القطنـة يــد الياهلـه استوقفه ماجد بأشارة من ايده وهوه ايقول :
      ماجد : آآ .. خالد .. قبل لا اتحط المطهر على ايدها لازم تمسكها زين ..

      عقد خالد حواجبه وهوه يسأل :
      خالد : ليش ؟!

      جاوبه ماجد ببساطة :
      ماجد : لان المطهر هذا حار شويه ، واكيد بيعورها ، وبتم اتصرخ واترافس بريلها واتشوح بايدها ..

      وعلى طول.. نفذ خالد ماقاله ماجد ، ومسكها زين ، والياهلــه تتطالعه بعيونها العسلية بصمت شديد .. واستعد خالد وقتها لسماع موجه طويله من صراخ وبكاء الياهله..

      لكن .. ولحظة ما اتلامست القطنه مع يــد وجرح الطفله ، حدث شي غير طبيعي ادهش خالد قبل لا يذهــل ماجد معاه ..

      فاول ما حدث التلامس بين القطنة والجرح ، ارتجفت شفايف الصغيره ، وبـدت الدموع تنزل فعلا من عيونـها في ألـم من أثـر المطهر.. لكنها ما طلعت صوت ولا صرخت !! والاغرب من جذيه انها كانت تبتسم وهيه تتطالع خالد بعيون دامــعة !! . لدرجة ان خالد ومن اتساع ابتسامة الطفلة شاف الأسنان الاربعة الصغار الموجودين في فــم الطفله .. سنين اثنينه في الفـك العلوي ، ومثلهم في الفك السفلي ..

      كانت تتألم وعيونها تدمع .. وبنفس الوقت تبتســم ...!!
      منظــر ما ينوصـــف… جسدها يتألم وروحها تبتسـم !!…

      وبعد لحظات من الدهشه العارمــة استوعب خالد وفهم شعور ها الطفله .. وعرف ان الطفلة رفضــت انها اتصيح وتصرخ بسبة اليــد اللي بإذن الله انقذتها بعد ما شافت بأم عينها اللي سواه خالد عشانها !!
      وكأن الابتسامة هذي تعبير من روح الطفله عن شكرها وامتنانها له !! ..

      أمــا ماجد ، فنسى الطريق امامه ، وظــل امبحلق في الياهله لثواني وهو ما مصدق ابدا اللي قاعد ايشوفه بعينه ، بينما خالد ادرك ساعتها ، ان قوة الروح هيه اللي امدت الياهله بها القوه الغير عاديه بها اللحظات الاستثنائية .. لحظات نادره من ( الجلاء الروحي الفائق ) بحيث قاومــت قوة الروح ألــم الجسد ، حتى لو كان المتألــم طفله ما اتعدت الشهور العشـرة من عمرها !!! ..
      **((( الجلاء الروحي الفائــق : حالة نادرة ، تقاوم فيه الروح آلام الجســد الشديده )))

      وبها اللحظة امتدت يـد خالد ومسحت دموع الطفله بخفه ورقه شديده وكأنه يمسح ماي من ذهــب !!

      وبعد فترة اطول من الدهشه والعجب ، استكمل خالد عملية التضميـد ، فقـام بلف الجرح الموجود بيد الياهله بالرباط الطبي .. ولما انتهى من هذا العمل ، رجع مره ثانيه للمطهر .. عشان ايطهــر جروحه الخاصه في يده وصدره واللي صابته في المقبره من أثر الاشواك اللي انغرست في جسمه.

      .. وهنيه .. وضع خالد قطنه ثانيــه مشبعة بالمطهرعلى جروحه في صدره ويده .. ووقتها ، ما قدر خالد انه يمنع نفسه من آهـــات خفيفه يطلقها السانـه .. الآهـــات اللي اتحملتها الياهله الصغيره قبل شويه !!! ...

      أمــا ماجد فما لقى تعليق على اللي ايشوفه الا قوله :
      ماجد : سبحان الله ...

      طال سكوتهم بعد جملة ماجد الاخيره ، وما قطع هذا السكون الا صوت ماجد لما سأل خالد بفضول شديد وهوه ايأشر على الطفله :
      ماجد : خالد .. الفضول بيذبحني .. الله ايخليك .. قولي شو صار معاك هناك في المقبرة ، والياهله هذي من وين يبتها ، وبعدين تعال .. انته حصلت العمل ولا لا ؟

      انعقدت حواجب خالد بشدة ، لما اتذكر العمل ، لانه نساه تماما في غمرة الاحداث اللي صارتله هناك ، وهنيه خاف خالد من احتمال ضياع العمل اثناء ما كان يركض عشان ينقذ الياهله ، وبحركة سريعة مد خالد ايده لجيبه الايمن ، ولحظتها ، حس انه قلبه بيوقف لانه ما حصل العمل ، وبحركه لا ارادية امتدت ايده لجيبه الايسر ، وهنيه .. ارتاح قلبه شويه ، لانه حصل العمل موجوده فيه فعلا ، لكن التوتر كان واضح بصوته لمــا قال :
      خالد : العمل موجود عندي ، انا طلعته قبل لا اتصير سالفة هذي الياهله ، و ..

      قطع ماجد رمسته وهوه يسأله بهلجة اقرب للتوسل :
      ماجد : وشو سالفتها .. قول ؟!

      التقــط خالد نفس عميق قبل لا يتكلم ويقول كل اللي صار باختصار شديد ، ومع كل كلمة ايقولها ، كانت عيون ماجد تتسع من الذهول والخوف ، ولما انتهى خالد من كلامه نطق ماجد بكل استغراب ودهشه :
      ماجد : معقوله !! .. ها الياهله كانت بتموت هناك على يد أمها !!!

      سكت ماجد لحظة ثم تابع كلامه بذهول وقال :
      ماجد : تبى الصدق يا خالد.. لو ما كنت انته قايلي ها الكلام شخصيا .. ما كنت صدقت !!. أي أم هذي .. لايمكن اتكون من البشر ابدا ..

      حرك خالد راسه في آســى وهو يقول :
      خالد : للاسف هذا اللي صار ، وانا اشكر ربي لاني قدرت انقذ ها الياهله البريئة من ايدهم ..

      نكس خالد براسه ، وركز بصره على الياهله الممدة على حضنه و اللي كانت تتطالعه بصمت شديد ، ومسح بايده على راسها بحنان ، لكنه وفجأه انفجر في بكاء وصياح مــر وكأنه يزيح جبال من الالــم من قلبه ثم قال بكل تأثــر وصدق :
      خالد : اتصدق يا ماجد .. انا حاس ..ان اعظم لحظه بحياتي كلها مريت فيها اليوم .. انته ما تصدق اشكثر فرحت لما شفت ها الياهله وهيه حيه وفاتحه عينها والحياه ترجع لروحها من جديد .. لحظتها .. لحظتها ... حسيت اني.. حسيت إني .. !!!

      ما قدر خالد ايكمل كلامه بعد ما ارتفع صوت صياحه اكثر .. والياهله قاعده تتطالعه باستغراب قبل لا تنهــد هيه معاه ، واتصيح من كل خاطــرها ، ولهذا خفف خالد من صياحه ليما سكت ، ولحظتها رفع خالد الصغيرة وحباها على خدها في حنان ومسح دموعها بحنان اكثر ، وظل يهــزها ليما هدت شويه وسكتت ، واول ما استكتت اتكلم ماجد بصوت خافت وقال :
      ماجد : يعطيك العافية يا خالد .. والله يجزيك خير على اللي سويته بحق ها المسكينة ..

      التفتله خالد ، واطالعه بعيون حمراء من أثر التعب والدموع وقال :
      خالد : انا ما سويت شي .. كل شي بأمر الله .. والله تعالى هو اللي يمــد في الأعمــار وينهيها .

      صمت خالد بعد كلمته الاخيره ، وظل على ها الحال فتره طويله ليما استعاد شويه من هدوئه وتركيزه ، ثم تابع كلامه وقال بلهجة استغراب ودهشه :
      خالد : بس اتصدق يا ماجد .. فيـه شي واحد.. انا مستغرب منه وايد ..

      سأله ماجد وعيونه متركزه على الشارع :
      ماجد : مستغرب من شوه ؟!!

      ما انتظر ماجد كثير قبل لايسمع جواب خالد لما قال :
      خالد : انا اللي اعرفه ان الفتـرة الفاصلة بين انقطاع النفس والموت هيه ثلاث دقايق بس بالنسبه للطفل ، والياهله هذي ظلت قاطعة النفس اكثر من ها الوقت او يمكن ضعفه ، فكيف استعادة تنفسها مره ثانيه ..

      دخل ماجد في موجــة تفكيــر عميقه قبل لا يجاوبه ويقول :
      ماجد : اممم .. اول شي عملية الاختناق ما كانت كامله لانك صرختك القويه فاجأت الحرمتين ورموا الياهله قبل لا يكتمون نفسها نهائيا ،.. وثاني شي .. في بعض الحالات ولما يتعرض الجسم للضغط والنقص الشديد في الاكسجين مثل ما حدث للياهله ، يقوم المــخ بتعطيل كل الانشطة الحيويه في الجسم ، ما عدا الانشطه الرئيسية ، ويدخل الجسم في اغمائه شديده ، عشان يقتصد في استهلاك الاكسجين لاقصى درجة ، على أمل ان التنفس يرجع مره ثانيه بشكله الطبيعي ... وفيه حالات لناس ظلوا قاطعين التنفس لأكثر من عشرين دقيقه ، وعاشوا بعدها بعدين .

      تنهد ماجد لحظة ثم تابع كلامه وقال :
      ماجد : واعتقد ان ها الشي حصل للياهله ، لان فقدانها للوعي خفف من حاجتها للنفس والهواء .. وفي كل الاحوال .. الاعمــار بيــد الله ، واجلها محسوم عنده ..

      هــز خالد راسه بتفهم ، ووغمض عينه على اساس ينام ولو لثواني ، لكن ماجد بسؤال مفاجىء فقال :
      ماجد : والحينه .. شو ناوي اتسوي ؟!..

      التفتله خالد وجاوبه على سؤاله بسؤال وقال :
      خالد : اسوي بشووه ؟!!

      حرك ماجد بوزه في توتر وهوه ايأشر على الصغيره وقال :
      ماجد : الظاهر انك مب في كامل وعيك ، يا خالد .. الياهل هذي.. شو ناوي اتسوي فيها ؟!

      عقد خالد حواجبه بدهشه وقال :
      خالد : يا ماجد .. انا قلتلك ان الحرمة عطتني رقم ابوها .. يعني باتصله وبحاول اتفاهم وياه عشان يستلمها ..و

      انفعل ماجد بويه خالد وقال :
      ماجد : هذا كلام اتقوله يا خالد .. انته بذمتك صدقت هذي الحرمة .. كيف اتصدق وحده مجرمة مافيها قلب ولا احساس .. وتلاقي الكلام اللي قالت اياها كله كذب في كذب ..

      رجع التوتر مره ثانيه لخالد وقال :
      خالد : شو قصدك ؟!!

      وبلهجه حازمه وواثقه جاوبه ماجد :
      ماجد : يعني الحرمه هذي حبت انها تتهرب من هالموقف بأي طريقه ، فاخترعتلك هذي القصه ، ومب معقوله تعطيك رقم ابو الياهله وها الشي ممكن ايدينها .. او يكشف عن شخصيتها ..

      ازدادت دهشة خالد وهوه يقول :
      خالد : ايدينها ؟! ايدينهــا بشوه ؟!

      حــرك ماجد راسه في ضيق وقال :
      ماجد : لالا .. انته فعلا مب في وعيك .. يا خالد .. اللي صار يعتبر جريمة شروع في قتـل.. يعني مجرمة في نظر القانون .. وعشان تتأكد انها كذابه اتصل بالرقم اللي عندك وشوف منو بيرد عليك ..

      بدا كلام ماجد منطقي جدا بالنسبه لخالد ، وعشان جذيه ، اتناول خالد تلفون ماجد المعلق على تابلوه السيارة ، ودق على الرقم اللي عطته اياه الحرمة ، وحــط السماعة على اذنه ، لكنه ما طول وايد في هذا ، ونـزل التلفون في ذهول وارتباك وقال :
      خالد : الرقــــم مقطــوع ..

      مرت لحظة صمت بسيطه قبل لا يرد عليه ماجد بأسف ويقول :
      ماجد : شفت كيف .. الحرمة قصت عليك .. كذبت عليك يا خالد ..

      نكس خالد راسه واطالع الياهله بصمت واللي سحبت التلفون من ايده بيدها اليسرى وبدت تلعب فيه ، وتضغط على ازراره بنعومه ، ولحظتها تابع خالد كلامه وقال بهدوء مشوب بالتوتــر :
      خالد : والحينه .. شو الحل ؟؟

      كانت الاجابه حاضرة في ذهن ماجد فقال :
      ماجد : طبعا.. ما شي حل.. غير الشــرطــة ؟

      التفتله خالد بهلع وارتفع صوته وقال :
      خالد : الشرطه ؟!!

      هــز ماجد راسه بسرعه وقال :
      ماجد : هيه الشرطة .. لازم انبلغ عن اللي صار عشان يقبضون على المجرمين ، وبنفس الوقت انسلم هذي الياهلــه لاهلــها ..

      مرت ثواني وخالد ايفكر بتوتر ، لكنه ما اتكلم ، فتابــع ماجد كلامه وقال :
      ماجد : لا تخاف يا خالد .. اذا سألونا الشرطة عن سبب وجودنا في المقبرة ، بنقولهم : كنا مارين بالصدفه وشفنا ناس يخطفون فوق سور المقبرة ، فشكينا بأمرهم وشفنا اللي حصل ..

      اتفهم خالد كلام ماجد بسرعة ، فقال :
      خالد : انزين .. ومتى بنسير الهم ..

      وبسرعة كبيره جاوبه ماجد :
      ماجد : الحينه مره ، بنسير الهم و..

      قطع خالد كلام ماجد وهوه يقول بصوت عالي :
      خالد : يا ماجد .. ما اقدر اسير مكان الحينه .. حيلي منهـد .. وبالقوه صالب عمري ، خلنا انسير البيت الحينه والصباح رباح ..

      حاول ماجد انه يعترض على كلام خالد ، لكن خالد عاجله بكلامه وقال :
      خالد : وبعدين يا ماجد ، ها الياهله ، نزفت وايد ، ومحتاجه لتغذية عشان اتعوض الدم اللي فقدته ، وصحة الياهله الحينه اهم من كل شي ..

      ما علق ماجد على كلام خالد ، فاستغل خالد فترة صمت ماجد وقال :
      خالد : والحينه.. خلنا انفكر كيف انغذي الياهله..؟!

      سكت ماجــد للحظات وهوه يفــكر بطريقه لتغذيتها قبل لا تتبادر لذهنــه فكــره ويقول :
      ماجد : امم .. شوف انا باتصل بخالتي ، وبخليها ادورلنا الحينه على وحده اترضع الياهله ، صحيح احنا ما نعرف اذا كانت الصغيره ترضع طبيعي او ترضع حليب صناعي ، بس في كل الاحوال بخلي خالتي اتيبلنا حرمــة عندها طفل رضيع ، عشان نحسب احسابنا لكل الاحتمالات .. و.

      انفعل خالد شويه وهوه يقول :
      خالد : وشو بتقول لخالتك عن الياهلــة !!

      عقــد ماجد حواجبه في حيـرة وظل يفكر لدقيقه كاملة قبل لايقول :
      ماجد : اممم .. بقولها ، هذي بنت رفيجي ، وزوجته منــومه في المستشفى ، وما عنده حــد يرضع الياهله .. وبعدين الياهله ما بتـم عدنا اكثر عن يــوم او اثنينه ليما انسلمها للشرطة .. لكن الشي الثاني اللي لازم نحسب حسابه ، هوه الثياب .. هاي الطفله اكيد بتحتاج لثياب هذا غير الحفاظات و ..

      قطع خالد رمسته بعصبيه وقال :
      خالد : يا ماجد.. الثياب مب مشكله.. بنشتريلها كل اللي تحتاجله من أي محــل ، بس الحينه شوفلنا مشكلة الحليب ..

      وفعلا ، امتدت يــد ماجــد بسرعة واتناول التلفون من يــد الطفله برقه وهوه يبتســم بويها ، لكن الياهله كشــرت بويهه لما سحب التلفون عنها ، وبسرعه كبيره اجرى ماجــد مكالمته ، وبعد ما انتهى قال :
      ماجد : خلاص يا خالد ، خالتي قالت انها بتحاول اتشوفلي حرمه مرضعه وبتحاول اطرشها بعد شويه ، وقالت انها فعلا اتعرف حرمه طيبه وفقيره ، واكثر عن جذيه هالحرمة والــدة من شهور يعني عندها طفل رضيع ، و وقالت ان الحرمه اسمها ام حســن ، بس احنا لازم نعطيها مقابل مادي على خدمتها هذي ..

      هــز خالد راسه وقال :
      خالد : اكيد طبعا ..

      رفع خالد راسه وهوه يشوف الساعة الموجوده على تابلوم السياره وقال :
      خالد : ماجد .. انا اليوم باضطر انام معاك في البيت ، عشان اعتني بالياهله وعشان اسير معاك الشرطة باجر الصبح ..

      رد عليه ماجد :
      ماجد : تونيه بقولك نفس الكلام .. البيت بيتك .. وتنام فيه وقت ما تحب .. بس انته ما بتتصل في بيتكم عشان اتخبرهم انك بتنام بــرع ..

      هــز خالد راسه بايجاب وقال :
      خالد : هذي مب اول مره انام معاك مع ماجد .. واهلي متعودين على ها الشي ، ومع هذا انا بطرش رساله لاختي روضه بخبرها اني بنام بــرع ..

      مع كلمة خالد الاخيره وصلوا لباب البيت ، ونزل خالد من السيارة بصعوبه من أثر التعب ، وهوه شال الياهله بايده ، ودخل البيت بهدوء ، وراح للغرفه عشان ايبدل ثيابه ، قبل لا يطلع مره ثانيه ويقعد في الصاله عشان ينتظر الحرمة المرضعة ، بينما راح ماجد عشان يشتري اغراض الياهــله ..
      واول ما قعد خالد على كنبة الصالة …
      ظــل ايفكــر ويفكــر .. ويفكــر بكل ما اصابه من الآم بها الليله الطويله ..
      ويفكر بالي ممكن ايصير له باجــر ..
      هناك... في مــركــز الشرطــة ..

      ********************************
      انتشر صوت جرس الباب بقوة في كــل ارجاء الصالة .. الصالة الكبيره الموجوده في بيت بوخالد واللي بها الوقت جالس فيها بوخالد على الكنبة اليمنى ، وام خالد على الكنبة الوسطية ، ومعاهم روضه على الكنبه اليسرى ..

      في البدايه .. ما اهتموا بصوت الجرس لانهم ظنوا انه عامل المطعم اللي اتصلوه فيه قبل شويه عشان اييبلهم عشاهم .. لكن .. عدم الاهتمام هذا اتحول الى اهتمام شديد وبنفس الوقت دهشه ، لان صوت الجرس كان مستمر وبدون انقطاع ، وكأن الضاغط عليه مصر على الدخول وباستماته ، ولهذا قامت روضه من مكانها عشان تفتح الباب ، لكن بوخالد سبقه بالقومه وهوه يقول بعصبيه واضحه :
      بوخالد : خلج مكانج .. وانا بنفسي بشوف منو ها اللي ماعنده ذوق ولاصبر ، وكأن الدنيا بطير عنده ..

      اتحرك بوخالد بخطوات سريعه ليما وصل لباب الصالة ، ومسك قفل الباب بشدة وعلى وجهه تشكيرة غضب وعصبيه ، لكنه اول ما فتح الباب ، اتحولت ها التكشيره لابتسامه سريعه ، لانه شاف بومريم واقف أمــامه ، فما لقى ساعتها الا انه يرحب فيه ويقول :
      بوخالد : بومريم .. يا مرحب الساع .. شو ها المفاجأة الحلوه ..

      مشى بوخالد خطوة وحده عشان يتوايــه مع بومريم ، لكن بومريم صده بأشاره من ايده وهوه يقول بعصبيه واضحه :
      بومريم : لا اهلا ولا سهلا ..

      رجعت التكشيره مره ثانيه لويــه بوخالــد وهو يقول :
      بوخالد : هـاه !! ليش ؟!!

      ارتفع صوت بومريم اكثر وقال وهوه يحرك ايــده بغضب :
      بومريم : اسمعني زين يا بوخالد .. هيه كلمه وحده وماعندي غيرها .. ولدك ايطلق بنتي الحينه .. الحينه.. وانا ما متحرك من ها المكان ليما اسمعهـا بإذني فهمــت ..

      وفي محاولة من بوخالد لتهدئة أعصاب بومريم قال بهدوء شديد :
      بوخالد : يا بومريم .. اهدأ شوي خلنا نتفاهم و .

      قاطعه بومريم بصرخه عاليه وقال :
      بومريم : ما شي بينا تفاهــم ..ولدك ايطلــق بنتي.. والحينه ..

      احتــار بوخالد ، وما عرف كيف أيــرد على بومريم ، ومع هذا قال :
      بوخالد : يا بومريم ..بنتـم واقفين وايد على الباب ، اتفضل ادخل ، وبعدها ايصير خير ان شاء الله ..

      انتفلتت اعصاب بومريم اكثر وقال:
      بومريم : انته ما تفهم ؟!! قلتلك نادلي ولدك ، وخله ايطلق بنتي الحينه ..

      شعر بوخالد بإهــانة بالغه ، لكنه مسك اعصابه بقوه وقال :
      بوخالد : خالد الحينه مب موجود في البيت ، اتفضل ادخل عشان تتــرياه و ..

      استمر بومريم في هيجانه وقال :
      بومريم : بيتكــم هذا مب داخلنه ، وانا بقعد هنيه جدام الباب ليما يرجــع ولــك .

      حــرك بوخالد راسه في ضيق وحس بعدم فائدة النقاش مع بومريم فقال :
      بوخالد : خلاص يا بومريم .. انته روح البيت الحينه ، واللي تبيه بيصير ، وباسرع وقت …

      اطالعه بومريم بنظرات شك وقال :
      بومريم : يعني بتقدر اتخلي خالد ايطلقها ساعة ما يرجع ..

      هــز بوخالد راسه وقال :
      بوخالد : هيه .. بيطلقها .. مع اني متأسف على ها الشي .. لكن شو انسوي .. هذا نصيبهم .. وورقة طلاقها بتوصلكم باجرب وقت .. راضي الحينه .

      سكت بومريم ، وهوه يطالع بوخالد بنظرات احتقار وغضب ، وبعدها اتكلم بسخط واضح وقال :
      بومريم : اتمنى هالشي يصير بسرعه ..

      شعر بوخالد بمزيد من الاهــانه والهوان ، ولهذا نزل راسه وهو يتجنب نظرات بومريم الشديدة ، وفي النهاية تابع بومريم كلامه وقال :
      بومريم : يا الله .. فمان الله .. زين يوم افتكينا من شركــم ..

      بعد ما نطق بومريم كلمته الاخيره ، دار على نفسه ، واتحرك ليما طلع من باب البيت الخارجي ، ونظرات بوخالد اتلاحقه ، والغصه والضيق اتقطع قلبه ، واول ما غاب بومريم عن نظـرات بوخالد ، سكر بوخالد الباب بكل قوته ، والتفت لوراه ، وشاف ام خالد وهيه واقفه ومعاها روضه ، وبــاين من ملاحمهم وقلقهــم انهم سمعوا كل الحديث اللي دار بين بوخالد وبومريم ..

      مشى بوخالد خطوات بسيطه ، والضيق والقهر الشديد واضح على ملامحه ، وبلحظة مباغته انفجر من الغضب وقال وهوه يسأل ام خالد :
      بوخالد : خالد ولــدج ويــن ؟!

      اتوترت ام خالد ، وحاولت انها تمتص غضب بوخالد شويه فقالت بصوت خافت :
      ام خالد : خالد طلع من العصر ولين الحين ما رجــع و ..

      التقط بوخالد كلمة ام خالد الاخيــرة وقال بحزم :
      بوخالد : واحســـله ما يرجـــع ..

      انزعجت ام خالد بشده من كلامه وسألته بخوف وذعــر :
      ام خالد : شو قصدك ؟!

      اطاير الشرر من عيون بوخالد وهوه يقول :
      بوخالد : عقب اللي سواه ما ابغي اشوف ويــهه .. بسبة ولدج هذا انهنـت .. واندفنت كرامتي بالتراب .. وهذي اول مره بحياتي انهـان بها الطريقــة.

      بها الوقت كانت روضه متوتره وبنفس الوقت حايره لانها ما قدرت تتدخل بينهم عشان اتهدي ابوها ، لكن ام خالد تابعت دفاعها عن ولدهـا وقالـت :
      ام خالد : يا بوخالد .. هذا كلام اتقوله .. هذا مهمن كان ولدك .. و .

      قطع بوخالد رمستها بصرخه شديده وقال :
      بوخالد : ولدي اللي يتسبب في اهانتي .. ويسود ويهي جدام الناس ، ما يعتبر ولدي .. لازم ينطـرد من البيت عشان يتأدب و ..

      ما اتحملت ام خالد اكثر عن جذيه ، والقلق ينهش بقلبها خوفا على مصير ولدها ، ولهذا صرخت بعفويــة وبدون تفكير وقالت :
      ام خالد : لا.. حرام عليك .. خالد ماله ذنب في كل هذا ..


      اطالعها بوخالد بنظرات استنكار شديده وهوه يقول
      بوخالد : ماله ذنــب ؟! عقب كل اللي سواه اتقولين ماله ذنب ؟!!

      ارتفع صوت ام خالد وهيه اتقول بصدق :
      ام خالد : هيه .. ماله ذنب .. انا المسئولة عن كل شي ..

      اتحولت مشاعر بوخالد من الغضب الى الدهشه والعجب وهوه يطالع ام خالد بنظرات حايرة ، وشاركته روضه الواقفه واره نفس الشعور ، ولهذا انخفض صوت بوخالد شويه وسألها :
      بوخالد : وانتي شو خصــج ؟!!

      نكست ام خالد راسها للارض ، ورفع ايدها اليمنى وحطت صبعها على فمها من التوتر والخوف ، ثم اتكلمت بتعلثم وارتباك واضحين فقالت :
      ام خالد : بقولك كل السالفه ، بس ارجوك افهمني زين ولا تعصب ..

      ازداد الفضول عند بوخالد وهوه يسأل:
      بوخالد : أي سالفــه ؟!!

      اترددت ام خالد فترة طويله ، ثم تابعت كلامها وقالت السالفه باختصار شديد وهيه منكسـه راسها للارض عشان تتفادى نظرات بوخالد .. ومع كل كلمة تنطقــها كانت الدهشه تنمــو اكثر على ملامح بوخالد وملامح بنته روضه ، لكنهم ظلوا ساكتين ليما ختمــت ام خالد كلامها بقولها :
      ام خالد : هذي السالفة كلها .. وصدقني يا بوخالد انا ندمــت وايد على اللي سويته ، ومستعده اسوي شي عشان يرجعون لبعض .. لكن شوي انسوي ..ما بيدي شي الحينه ..

      مـــرت لحظات هدوء رهيبه بعد كلمة ام خالد الاخيره ، وظل بوخالد واقف مكانه بصمت مريب ، وهوه يطالع ام خالد بنظرات غريبه من الصعب فهم معناها .. ومرت لحظات ترقــب اطول قبل لا يقترب بوخالد من ام خالد اكثر ، ويركــز عينه في عينها بدون ما يقوم بأي فعل ، وهالشي زاد من توتر ام خالد واللي كانت تنتظر أي كلمة او حرف ينطق بها بوخالد .. لكن الــرد وصلها سريعا على شكـل صفعــة قويــة ارتج الها جسدها كله ، ومن شدة الضربه والصفعة ارتــدت للخلف وطاحت على الكنبة اللي وراها ، وهيه حاطه ايدها على وجها واتصيح وتبكي بمراره وألــم ، ورغم قوة الصفعة.. ما اكتفى بوخالد فيها ، وهجم عليها في محاوله لزيادتها لولا تدخل روضه العنيف واللي اتحركت بهلــع من مكانها بسرعه ومسكت يــد ابوها المرفوعـه على امها وهيه تصرخ واتقول :
      روضه : ابويه .. الله ايخليك.. هدي نفسك ..اميه حامــل في شهرها الثامن وما تتحمل ضربك ..

      أثرت كلمات روضه بالفعل عليــه ، ولهذا اتراجع ورجع يــده لمكانها ، لكنه استمر في عصبيته وقال وهوه يعض على كلمات حروفه بشدة :
      بوخالد : صدق انج حرمــه ناقصه وما فيج ذرة عقــل ..

      رفعت ام خالد من على وجها فبانت الدموع الحاره من مقلة عيونها ، واتكلمت بصوت باكي ملتاع وقالت :
      ام خالد : يا بوخالد انا ..

      قطع بوخالد كلامها بصرخته الهادره وقال :
      بوخالد : جب ولا كلمه .. ولج عيـن تتكلمين بعد الجرم الفظيع اللي اتطلخت فيه ايدج ..

      اقترب بوخالد منها اكثر ، وهو يطالعها بنظرات اتهــام وحشيه ويأشر بسبابته جهة راسها ويقول :
      بوخالد : انتي يا ام خالد ؟!!.. انتي يا ام خالد اتسوين جذيه ؟! انتي ؟!

      وفي محاوله يائسه من ام خالد لصـد هجوم بوخالد قالت :
      ام خالد : يا بوخالد افهمنــي انا كنت ..

      ما عطاها بوخالد فرصه لاستكمال دفاعها ، لانــه رافض من الاساس سماع صوتها ، ولهذا ارتفع صوته اكثر وقال :
      بوخالد : شو تبيني افهم ؟! قوليلي بس.. شو تبيني افهم ؟! ..

      اترددت انفاس بوخالد بسرعة من شدة المجهود العصبي اللي قاعد يبذله ، لكنه اسمتر في هيجانه وقال :
      بوخالد : الشي الوحيد اللي فاهمنه الحين ، انج حرمه ما عندج ذرة احساس او شعور او حتى انسانيه ..

      نكست ام خالد براسها للارض ، وجسمها يرتعش ودموعها مستمره في الانهمـار ، والسانها مشلول من الرهبه .. ورغم هذا استمر بوخالد في اهانتها وتجريحها وقال :
      بوخالد : تقدرين اتقوليلي شو سـوت فيج ها المسكينه مريم عشان تتعمدين تعذيبها جذيه ؟! .. وبعدين انتي ما فكرتي بشعور ولدج ؟! .. فيـه ام اتحب ولدها وتكسر قلبه بها الجريمه الفظيعه اللي سويتها بحقه ؟! ..

      ما اتحملت ام مريم شدة ورهبة ها الموقف ، ولهذا قامت من مكانها و ركضت باتجاه غرفتها عشان تحمـي نفسها من عنف ضربات بوخالد ، لكنها قبل ما توصل الغرفه سمعت صرخه بوخالد من وراها وهوه يقول بكل حزم :
      بوخالد : اوقفـي مكانــج ..

      اتجمدت ام خالد في مكانها بمجرد سماع صرخته ، بدون ما تلتفت وراها خوفا من الشرار المتطايـر من عيون بوخالد ، لكن بوخالد اقترب منها وعيون روضه اتلاحقه بخوف وقلق ، واول ما وقف خلفها مباشرة قال :
      بوخالد : سمعيني زين .. كلمه وحده وما بعيدها .. مثل ما اجرمتي بحقهم لازم تتحملين لعنة عذابهــم ..

      استدارت ام خالد بحركه سريعه وهيه تتطالع بوخالد بدهشه وقالت والسانها يرتجف ويتلامس مع اسنانها :
      ام خالد : بوخالد !! شو قصدك ؟!

      اتوقعت ام خالد اجابه سريعه منه ، لكنه سكت وظل يبحلق فيها بنظرات غريبه وقاسيه وهوه يقول بكل اصرار وعنــد :
      بوخالد : كلامي واضح .. مثل ما اتسببتي بفــراق خالد من مريم .. لازم تتحملين نفس المصير..وبكل ما فيه من آلام ..

      اتسعت عيون ام خالد في رعـب ، وحطت ايدها الثنتيـن على وجها ، وشاركتها روضه نفس السلوك واللي اتفاجأت بكلام ابوها وقالت بصوت مهتز من شدة الخوف والقلق :
      روضه : ابويه ..انتي شو اتقول .. انته ..

      التفت بوخالد صوبها واطالعها بعيون ينشاف بداخلها وبوضوح عروق الدم الحمراء ، وقال :
      بوخالد : ولا كلمــه ، لاتدخلين بيني وبين امــج .. فهمتي ..

      نكست روضه راسها في خوف ، والتفت بوخالد مره ثانيه لام خالد وقال باصرار شديد :
      بوخالد : واللي نفسي بايــده .. في اللحظة اللي بيطلق فيها خالد زوجته مريم بتوصلج ورقة طلاقج وبالثلاث بعد ..

      بلعت ام خالد ريقها بصعوبه ، وهيه تتخيل المستقبل المظلم القادم من حياتها بعد طلاقها ، واللي انرعبت من مجرد التفكير فيه !! ولهذا صرخت من خاطرها وقالت :
      ام خالد : بوخالد !!.. بطلقني !!.. بطلقني وانا بها العمــر !! حرام عليك والله حرام ..

      استمرت عصبيه بوخالد الهوجاء وهوه يقول :
      بوخالد : حرمت عليج عيشتج .. انتي آخــر وحده تتكملين عن الحرام ..

      مسحت ام خالد دعوعها اللي بدت تغشي بصرها ، وقالت بتوسل وذل :
      ام خالد : بطلقني يا بوخالد ، وانا بها العمر ، بطلقني وولدك بعده في بطني ، والشهر الياي بيشوف الدنيا ؟!!

      اتوقعت ام خالد ان زوجها بيليــن شويه بعد ما ذكرته بحملها اللي وصل لشهره الثامن ، لكنها اتفاجأت بالعكس ، لان بوخالد زاد من ضرباته النفسيه المتلاحقه عليـها وقال :
      ام خالد : خليه يطلع على الدنيا ويشوف امه على حقيقتها .. وعشان كل ما يسألج عن سبب طلاقج ، تتذكرين جريمتج ضد ولدج وزوجته ..

      بلغ التوتر النفسي عند ام خالد مــدى مخيف وهيه تصرخ بدون وعي ولا تفكير واتقول :
      ام خالد : انته ليش تبى اتعذبني ..

      رد عليها بوخالد باستهزاء وقال :
      بوخالد : انا ما عذبتج .. انتي عذبتي نفسج.. وكل اللي بيصيبح هو حصاد أيــدج

      اشتدت نظــرات بوخالد عليها وهوه يقول :
      بوخالد : والحينه .. يا الله .. ما ابغي اشوفج في البيت .. سيري بيت اهلــج ما ابغي اشوف رقعــة ويهــج في البيــت.. يا الله ..

      دب الرعــب والهلع في قلب ام خالد وهيه اتقول :
      ام خالد : بوخالد .. انته شو اتقول .. انتي تدري اني مالي أهـل غيرك بعد ما اتوفى ابوي ولحقته أمـي .. وبيتهم مسكر من زمــان .. وانا ما عندي أهل غير اختـي الصغيره أسماء .

      وببرود رد عليها بوخالد :
      بوخالد : خلاص .. سيري بيت اختــج الصغيره أسماء..

      فتحت ام خالد عيونها وهيه اتقول :
      ام خالد : يا بوخالد .. حرام عليك .. اختي اسماء بيتها صغير وايد ، وعندها دستة عيال ، وبيتهم بالكاد مكفنهــم ..و

      قطع بوخالد رمستها وهوه يقول:
      بوخالد : مالي شغل .. اتصرفي .. انا كلمتي وحده .. ما ابغي اشوفج في البيت جــدامي .. يا الله فارقي بهدوء قبل لا اتصرف معاج تصرف ثاني .

      عضــت ام خالد شفايفها على مضض ، وهيه تتطالع في عيون بوخالد بذل وتوسل على أمل انه يتراجع عن قراره ، لكنه اشاح بويهه بعيد ببصره بعيد باشارة واضحه على العنـد والاصرار ، ثــم التفتت ام خالد جهــة روضه واطالعتها بعيون دامعه ، وروضه بدورها كانت تبكي ودموعها تجري على خدها بمرارة حزنا على أمهــا ، ولحظتها ، اتحركت ام خالد ، جهة غرفتها عشان اتلــم ثيابهــا واتغــادر البيت ..
      وفي قرارة نفسها .. كانت مدركة لحجم الآلام اللي نتتظرها ..
      آلام الواقــع ..

      ***********************************
      ******************************
      **************************

      في اليوم الثاني ، وعند الساعه التاســعة صباحا تقريبا ، وفي غرفة ضابط التحقيق بمركز الشرطة ، جلــس خالد على الكرسي الموجود على يمين الضابط ، بينمــا قعــد مــاجد على يساره ، وبعد لحظة صمت قصيرة .. نطــق ماجد وشرح للضابط باختصار وايجاز شديد ما جرى بالامس ، دون ذكــر سبب وجودهم هناك ، والضابط كان يسمتع لماجد بهدوء وتركيز وحذر ، وبعد ما انتهى ماجــد من كلامه ، مرت فترة صمت طويله ، لان الضابط وبحكم عملــه كان يفكر ويحلل بدقة لكــل حرف سمعة من مــاجد ، وهنيه ، بدا الضابط يطالع ماجد بنظرات مستفزه ، ثم التفت لخالد وقعد ايطالعه بنظرات اشد استفزازا ، وهوه صامت بشكل مريب ، وفي النهاية التفت لماجد واطالعه بعين وحده ، وسأله بشك وحذر شديد :
      الضابــط : وانتوا شو مودنكم المقبره بها الوقت ؟!!

      اتباغــت ماجد بسؤال الضابط المفاجىء مع انه كان متوقعنه ، لكنه ما توقعه بها السرعه ، وحاول جاهدا انه يمسك اعصابه ثم قال :
      ماجــد : احنا كنا مارين بالصدفه صوب المقبرة وشفنا الحرمتين الشابتين وهم و ..

      قطع خالد كلامه بسرعه ، واتكلم لاول مره من بداية هذا الحديث وقال بكل صدق :
      خالد : لا يا حضرة الضابط .. السالفة مب جذيه ... انا بقولك السالفة كلهـــا ..

      انزعج ماجد من كلام خالد وفتح عينه باستغراب وهوه يبحلق في خالد ، بينما التفت الضابط بسرعه صوب خالد وهوه يطالعه بنظرات متساءله ، قبل لا يسأل خالد بفضول :
      الضابط : شو السالفـــه ؟!!

      حاول ماجد انه أيأشر لخالد بأي طريقه ، سواء عن طريق تعابير وجهه ، او من خلال حركة ريوله عشان ما يتكلم ويكشف السالفة ، لكن خالد اتجاهل ماجد نهائيــا ، وبدا يــروي للضابط .. بكل التفاصيل وادق التفاصيل باللي صاره هناك في المقبرة ، والضابط ومع كل كلمة ينطقها خالد ، كانت عيونه تتسع أكثر ، واول ما انتهى خالد من كلامه ، طلع العمــل من جيبه ، وحطاه على مكتب الضابط وهوه يقول :
      خالد : واذا ما مصدقني ، هذا العمل بين ايدك .. وانا مستعد لاي اجراء تتخذه ضدي .. بس الله ايخليكم.. شوفولنا حل لها الياهل المسكينة وساعدونها عشان نلــقى أهلها وانسلمها اياهم ..

      استمرت حيرة الضابط ودهشته لانه ما كان يتوقع ابدا ها الجرأه والصدق من جانب خالد ، وبعد لحظة تفكير وتردد طويلــة قال :
      الضابط : والله شو اقولكم .. صراحة اللي سويتـوه مخالـف للقانون ويعتبر انتهاك لحرمة المقابــر .. والمفروض اني اتخذ اجراء ضدكم .. لكني بتغاضي عنه احتراما لصدقكم .. وبنعتبر وجودكــم هناك صدفه لاني حاس من كلامكم ومن شكلكم انكم ناس طيبين ونيتكم سليمة ... وتبون الصدق اكثر .. لو خبرتوني عن العمل هذا قبل لا اطلعونه من القبر ، كنت بظنكم ناس ميانين وما فيكم عقل .. والحينه .. خـذ العمل هذا ورجعه لجيبك .. وخلنا انركــز على القضيه الاساسيه .. قضية هذي البنت الرضيعة .

      اطالعه خالد بنظرة امتنان وهو يسحب العمل من على الطاولة ويقول :
      خالد : مشكور وما تقصر .. هذا من طيبك ..

      ما اهتم الضابط بكلمة الشكر هذي وسألهم :
      الضابط : والصغيرونه الحينه وينها ؟ ..

      جاوبه مــاجد ها المره وقال :
      ماجــد : الصغيرونه خليناها في البيت عند المرضعة ، وبنيبها ساعة ما تعثرون على اهلــها ..

      هــز الضابط راسه في تفهــم ، والتفت لخالد ها المره ، وباغتــه بسؤال غير متوقع وقال :
      الضابط : وشو اللي يثبت ان الرواية اللي قلتها عن الياهله صحيحه ؟؟!

      اتفاجأ خالد من سؤال الضابط وقال بصوت خافت :
      خالد : يعني انته ما مصدقنا !!

      ها المرة هـز الضابط راسه بالنفي وقال :
      الضابط : اخوي .. هذي جريمة شروع في قتل .. ولازم نتحرى الدقة في كل شي .. ونتبع جميع الاجراءات القانونية .. سواء اصدقناك او ما صدقناك ..

      سكت خالد للحظات طويله وهوه يفكر ثم قال :
      خالد : آآ .. تقدرون اطرشون ناس لهذيك المنطقة المعزوله من المقبرة ، وبتشوفون القبر المحفور ، واكيد بتحصلون الحبل والسلم اللي استخدموه الشابتين في جريمتهم ، وترفعون البصمات عليه.. وعلى فكره .. انا قدرت التقط رقــم السياره القديمه اللي كانوا راكبينها لحظة ما طلعنا من هناك .

      استمرت نظرات الشك والريبه الصادرة من عيون الضابط ، وقال :
      الضابط : هذا شي بديهي .. احنا لازم نبعث ناس من المعمل الجنائي وانعاين مكان الجريمة ..

      التقط الضابط نفس قصير قبل لايسأل خالد بحذر :
      الضابط : انزين .. انته ما تقدر توصفلنا اشكال ها الحريم ..

      هــز خالد راسه وهوه يقول :
      خالد : مع ان الدنيا الليل ، لكني قدر احدد الملامح العامه الهم .. اجسامهم متوسطه الطول .. وجوههم اتميل للبياض ، لا بسين عبايات خليجيه ، وهــم _ مثل ما قلت لك في شرحي السابق_ من جنسيات وافده اجنبيه .

      تنهد الضابط شوي ، ونزل عيونه لطاولة مكتبه ، ومسك قلم صغير وبدا يحركه بين اصابعة وهوه يقول :
      الضابط : على العموم .. احنا بنشكل لجنة تحقيق فورا ، و بتشتغل على مدار الساعه ، عشان نكشف كل ملابسات هذي الجريمه .. ومن ثم نعثر على اهل هذي البنيه ..

      اطالعه خالد بنظرة تساؤل وقال :
      خالد : وشو المطلوب منا الحينه ؟؟

      جاوبه الضابــط بسرعة :
      الضابط : حاليا .. روحوا بيوتكم .. وراجعونا باجر بنفس هذا الوقت ومعاكم الياهله ، وان شاء الله تنكشف كل الحقائق خلال الساعات القادمة.

      فتح ماجد فمه عشان يتكلم لكن الضابط سبقه بكلام ثاني وقال :
      الضابط : المفروض اني احتجزكم لين باجر ، ليما تتكشف كل الحقايق ، لكني .. مثل ما قلت .. لمست فيكم الصدق والجرأة ، ولهذا بثق فيكم ، وبخليكم اتروحون .. بس.. لا تنسون موعدنا باجر ..

      قام ماجد من مكانه ، وكأنه ينتظر الفكــه بأي طريقه وقال :
      ماجد : مشكور اخويه ، واحنا باجر ان شاء الله بنكون على الموعد ..

      هــز الضابط راسه بايجاب وقال وهوه ايأشر بيده جهة الباب :
      الضابط : يا الله .. فمان الله ..

      قام خالد من مكانه ها المرة ، واتحرك مع ماجد باتجاه الباب ، وقبل لا يوصلونه سمعوا صوت الضابط من خلفهم وهوه يقول :
      الضابط : آآ.. أخ خالد .. لو سمحت.. ياريت لو اتمــر قسم البصمات وتترك بصماتك هناك ..

      اطالعه خالد بنظرات تساؤل فهـم مغزاها الضابط ولهذا قال بوجه بشوش :
      الضابط : لا تخاف .. هذا اجراء روتيني لخدمة ملف القضية .. وبعدين لا تنسى ان بصماتك موجوده في هذاك المكان ، ولازم نتعرف عليها عشان نفصلها عن البصمات الثانيــة ..

      شعر خالد بشيء من الطمأنينة فقال باختصار وطاعه :
      خالد : حاضــر ..

      وفعلا مشى خالد ووراه ماجد ، واتلاحقهم نظرات الضابط ، وبعد ما انتهوا من قسم البصمات ، نزلوا تحت ، وركبوا سيارتهم ، واتحركوا باتجاه بيت ماجد .. وظلوا ساكتين طول الدرب .. ومانطقوا بأي حرف ، لانهم كانوا ايفكرون ..
      ايفكرون باللي ممكن تحمله الساعات القادمة من احداث أواخبار ..
      اخبارعن الياهله الموجوده عندهـــم ...
      والمصير اللي ينتظرهــا ...

      *******************************
      *************************
      **********************

      مشـت روضه ببطء شديد ، وهيه شاله صينية الشاي ومتجه جهة صالة بيتهم اللي قاعـد فيها ابوها ، واول ما وصلت ، لمحته وهوه قاعد على الكنبه و يطالع نشرة اخبار الساعة العاشره صباحا ، ولحظتها نزلت الصينيه على الطاولة الموجوده امام ابوها ، وطلعت من الغســول كوب صغير ، وحطته على الصينيه ، ثم اتناولت دلة الشاي وصبت فيه الشاي قبل لاترفع الاستكانه واتناولها لابوها وهيه اتقول :
      روضه : اتفضل ابويه ..

      التفت بوخالد صوبها ومد ايده واتناول منها الاستكانة وهوه يقول بامتنان:
      بوخالد : مشكوره ..

      رجع عيون بوخالد باتجاه شاشة التلفزيون ، وهوه مركـز بصره على مذيع الاخبار واللي قاعد ينقل الخبر بحماس واضح ، وروضه كانت تتطالع ابوها ، وتحاول تفتح معاه موضوع لكنها كانت متخوفـه من ردة فعلــه .. وبعد تردد طويل نطقـت بتلعثــم شديد وقالت :
      روضه : آآ .. ابويه ..بغيتك بموضوع ..

      ما لقت روضه اهتمام كافي من ابوها ، وهوه مازال مركز عينه على الشاشه ، وبعد فتره صمت قصيره رد ببرود وقال :
      بوخالد : موضوع شوه ؟!

      اشاحــت روضه ببصرها باتجاه الارض ، وهيه اتحرك شفايفها يمنـه ويسره ، واطرافها ترتجف ، وبعــد ما استجمعت بعض من شجاعتها قالــت :
      روضه : الموضوع بخصوص اميه و ..

      قبل لا تكمل كلامها التفت ابوها صوبها بحركة حادة جدا وهو يصرخ ويقول :
      بوخالد : روضه .. ما ابغيج اتجيبلي سيرتها مره ثانيه .. فهمتي .

      كتمت روضه ضيقها بصدرها، واستمرت في هدوئها وهيه اتقول :
      روضه : يا بويه .. اميه متضايقه وايد في يبت خالتيه و ..

      قطع بوخالد رمستها بقولــه :
      بوخالد : وانتي شدراج ؟!

      بلعــت روضه ريقها بصعوبه وهيه اتقول :
      روضه : اتصلت فيها اليوم الصبح وخبرتني بحالتها هناك .

      ما أظهــر بوخالد ادني اهتمام بكلامها ، لكنه سأله ببرود وعدم مبالاة :
      بوخالد : وشو قالتلج ؟!..

      وبصوت يغلب عليه التأثــر والانزعاج قالت روضه :
      روضه : وايد متضايقه ، وانته اتعرف يا بويه ان بيت خالتيه وايد صغير ، وعندهم دستة عيال ، وعشان جذيه ، اميه الحينه اتنام في المليس ومتعذبه وايد من ها الوضع وحاســه بالذل هنــاك .

      استمر بوخالد في بروده وعدم اهتمامــه وقال :
      بوخالد : خليها اتحس بطعم الألـــم اللي بغته لغيرها ..

      استاءت روضه من برودة ابوها ، فانفعلت عليه فجأه وقالت :
      روضه : يا بويه حرام عليك .. كيف ترضى على زوجتك ام عيالك ها الذل والمهانة .. حرام عليك والله حرام ..

      ارتفع صوت بوخالد وصرخ بويه روضه وهوه يقول :
      بوخالد : حرام عليه انا ؟!! قولي حرام علي امج .. امج هيه اللي يابته لنفسها .... والمذنب لازم ياخذ جزاته ..

      انكمشت روضه على نفسها ، وانخفض صوتها وايد ، واتكلمت بهلجة توسل واستجداء لابوها وهيه اتقول :
      روضه : عشان خاطري يا ابويه ، سامحها ولا اطلقها و .

      انقطع كلام روضه بسبة صرخة عنيفه انطلقت من حلق ابوها لما قال :
      بوخالد : روضه .. لآخــر مرة اقولج .. ها المسألة بالذات محسومه ، ولاتدخلين فيها مره ثانيه .. فهمتي .

      هــزت روضه راسها في استسلام واحباط ، لكنها تابعت بمحاولة التخفيف من مصيبة امها فقالت :
      روضه : انزيــن .. اميه الحينه حامل وبشهرها الثامن ، فليش ما اتسكنها في بيتنا الثاني القديم اللي انته امأجرنه بدل ضيقة المكان اللي عايشه فيها الحينه ، واسير انا اسكن معاها ..و

      وبصرامه وحزم رد عليها ابوها :
      بوخالد : لا .. انتي ما تسكنين الا في بيتج .. واذا تبين اتزورينها انا ما عندي مانع .. بس ترجعين لبيتج مره ثانية ..

      وباستجداء وتوسل قالت روضه :
      روضه : يا بويه .. اذا مب عشان اميه ، عشان ها الياهل اللي بتربيه الشهر الياي .. هذا ضناك وما اظن يهون عليك ..

      صمت بوخالد فترة ، وغرق في تفكير عميق قبل لايقول :
      بوخالد : سمعي .. امج الحين بتم في بيت خالتج ليما تولـــد ، وبعد ما تولد ، بسكنها في بيتنا الثاني بعد ما اطلع المستأجرين منه ، وبطرشلها بدل الخدامه ثنتين عشان يخدمونــها ، لكن سالفة الطلاق لا تراجع عنها ، انا كلمتي وحده ، في اللحظة اللي بيطلق فيها خالد مريم ، بتتطلق امج .. اظــن واضــح كلامــي .

      وفي استسلام وخضوع وغصه قالت روضه :
      روضه : واضح ...

      اتلفت بوخالد يمنة ويسرة قبل لايقول :
      بوخالد : عيل .. وين اخوج خالد .. انا ماشفته اليــوم .. ومتى رجع البارحة .

      جاوبته روضه بهدوء :
      روضة : خالد اخوي بايت برع البيت ، وانا مادريت غير اليوم الصبح لما شفت الرساله المرسلنها لي على تلفوني .

      ارتفع صوت بوخالد شويه وهوه يقول :
      بوخالد : من حقه ايعــاف البيت بعد اللي سوته امــك .. الله ايعينك يا خالد ويصبرك على بلواك ..

      صمت بوخالد فتره بعد ما تسربت ضيقه شديده لصدره ثم قال :
      بوخالد : على العموم ، اول ما يرجع خبريني ، عشان اتفاهــم معاه على سالفة طلاق مريم ، وننهي السالفه مع الناس بهدوء ، ومثل ما دخلنا بالمعروف نطلع بمثله .

      هـزت روضه راسها بهدوء وقالت :
      روضه : ان شاء الله .

      قــام بوخالد من مكانه وهوه يقول :
      بوخالد : انا سايــر السوق الحينه .. ما تبون شي ..

      جاوبته روضه بصوت خافت :
      روضه : سلامتك ابويه ..

      عاجلها برده :
      بوخالد : الله ايسلمج ..

      اتحرك بوخالد بخطوات سريعه ليما وصل الباب وفتحه وطلع منه ثم اغلقه خلفه بهدوء ، وروضه من وراه سارحه في بحــر من التفكير والقلق... والتوتر مقطع قلبها خوفا على مصير امهــا اولا ..
      و مصيــر بيتهــم ثانيــا ...

      ***********************************

      بدا الضيــق واضح على ويــه المرضعة ام حسن لأنها ما قدرت اتسكت الياهله اللي كانت تبكي واتصيح باستمرار، وبدون انقطــاع ، وحاولت بشتى الطرق انها اتسكتها .. شلتها .. لاعبتها ... لكن.. بدون فايده .. الصغيرونه ما رضت تسكت ، لدرجة ان ام حسن قامت اتنافـخ غصبن عنها وهيه اتقول :
      ام حســن : أف منـج .. شو تبين اسويلج ..

      استمرت الصغيرونه في صياحها ، وام حسن تتطالعها وهيه حاطه اياديها الثنتيـن على راسها من الغصة قبل لا تقعــد على الارض واتحـط واتمدد الصغيرونه على حضنها ، ثم بــدت اتهــزها في محاولة يائسـه لإسكاتها ، لكن الصغيرونه ما استجابت ابدا واستمـرت في صراخها وام حسن اتكلم الياهله بلهجة اشبه بالتوسل وكأنها تفهم واتقول :
      ام حسن : يا ماما .. ارقدي .. رضاعه ورضعناج .. ليش ما ترقدين ؟!!

      مع آخــر كلمة نطقتها ام حسن ، رن جرس الباب ، ولهذا.. عدلت ام حسن من هيئتها وحطت الغشاية على ويها ، لانها تدري ان صوت الجرس كان تنبيه الها بييت خالد وماجد ، وبعد فترة قصيره ، انفتح الباب فعلا ، لكنهم ما دخلوا مباشرة ، وهنيه سمعت ام حسن صوت خالد وهوه ايقول :
      خالد : السلام عليكم ..

      بها الوقت كانت الياهله مستمره في صراخها ، وعشان جذيه رفعت ام حسن صوتها وقالت :
      ام حسن : وعليكـم السلام .. اتفضلوا ..

      وبخطوات بطيئة دخل خالد ، ودخل وراه ماجد اللي كان حامل معاه اكياس صغيره فيها بعض المشتريات ، واول ما وصل خالد لمنتصف الصالة وقف بمكانه، و ركــزببصره جهـة ام حسن عشان يسألها عن سبب صياح وصراخ الياهله ، وهوه ينتظـر الجواب من ام حسن .. وهمت ام حسن بالفعل انها تتكلم وتشتكي من صراخ الياهله .. لكن .. أول ما وقــع بصر الياهلــه على خالد … سكتت فجأة .. وبدت تتغير ملامح وجها ، وتـنرسم ابتسامه فرح على شفايفها ، وبحركه مباغته ، رفعت الياهله ايدها اليسرى وضربت ام حسن بخفه على وجها ، واتصادف ان ضربة الصغيره اصابت عيون ام حسن ، ولهذا رفعت ام حسن ايدها صوب عينها المضروبة ومسكتها وهيه تقول بألم :
      ام حسن : أي ..

      استغلت الياهله فرصة انشغال ام حسن بعيونها ، ودارت حول نفسها عشان تتفكك وتفلـت من حضن ام حسن ، وهيه ناويه انها تحبو باتجاه خالد ...

      وبالرغم من اصابة الياهــلة بذاك الجرح في يدها اليمنى بالمقبره ، لكنها اتحاملت على نفسها ، وبدت تحبو باتجاه خالد …

      كانت الصغيره تحبــو وهيه متكـأه ومتسانده على ايدها الصاحية السليمه .. ايدها اليسرى .. بسبب اصابة ايدها اليمنى.. لكنها وبعد مسافه بسيطه من الحبو.. تعبت و اتعثرت وطاحت على بطنها ، ومع هذا قامت مره ثانيه بصعوبه شديده ، وتابعـــت حبوهــا باتجاه خالد وهيه تقطع المسافه البسيطه اللي تفصلها عن خالد ... وخالد يطالعها بنظرات دهشه وهوه مستغرب من تصرفها .. والياهله مستمره في الحبو البطيء ليما وصلت لقرب ريول خالد ، ولحظتها .. رفعت الياهله راسها ، وبدت تطالع خالد وهيه تبتسم وتتضحك في فرح وبراءه غير معقوله !! ..

      وبسرعة كبيرة امتدت يـد خالد ، ورفع الياهله من على الارض ، وحضنها برقه وهوه يحببها ، ثم التفت جهة ماجد وقال بتأثر شديد :
      خالد : بذمتــك ... عمرك شفت براءه وجمال اكثر من جمال وبراءه ها الملاك الفتــان .

      شاركه ماجد شعوره لما قال :
      ماجد : بصراحه .. ما اعتقد ..

      مشـى خالد لخطوات بسيطه ، وقعد على ارضية الصاله ، ومـدد الياهله على حضنه ، وهو يبتسم في ويها ويلاعبها في خفه ، ثم امتــدت ايده في جيبه وطلــع منــه لعبه صغيره على شكل دبدوب صغير مصنوع من القماش ، وناوله وعطاه الياهله اللي استانست وضحكت وايد من اللعبه وظلت اتهــزها بمرح وسعادة .. ومــاجد قاعد يطالعهم قبل لا يتساءل ويقول :
      ماجد : خالد .. من وين يبت ها اللعبــة ؟!!

      ابتسم خالد وهوه يقول :
      خالد : قبل شويه .. لما مرينا الجمعية ، شفت ها الدبدوب في قسم الهدايا ، فقلت بشتريه حق هالصغيره عشان تلعب فيه ..

      التفت خالد جهــة ام حسن وسألها والابتسامه اتشع من وجهه :
      خالد : هاه يا أم حسن .. شو سوت فيج ها الكتكوتـه ..عسى ما لعوزتج ها الحبوبه اليوم ..[/align]

      تعليق


      • #18
        [align=center]هــزت ام حسن راسها بايجاب وهيه اطلع نفخه طويله من فمها واتقول :
        ام حسن : أف .. شيطانــه … وايد شقيه ها البنت .. طلعت روحي .. من نص ساعه و هيه اتصيح وما سكتت الا يوم دخلتــوا .

        ضحك خالد من خاطره ، وضحك معاه ماجد ، وشاركتهم ام حسن ضحكتهم ، ثم قالـت :
        ام حسن : بس تبون الصدق .. الصغيره هذي.. ما شاء الله عليها ، وايد ذكيه .. وانا حسيت بها الشي من نظراتها وحركاتها ، وبصراحه انا حبيتها من كل قلبي رغم كل شطانتها ..

        ابتسم خالد في ويها وقال :
        خالد : كل اللي ايشوف ها الحلوه ، طبيعي يحبها ..

        تنهد خالد شويه وهوه يمدد الياهله على حضنه ويقول :
        خالد : ام حسن .. انتي رضعتي الياهلــه ..

        هــزت ام حسن راسها بايجاب وقالت :
        ام حسن : هيه رضعتها ..لكنها ما رضــت تاخذ الحليب الصناعي رغم محاولاتي الكثيرة معاها ، فاضطريت اني ارضعها من حليبي الطبيعي .. والظاهر ان امها معودتنها على ها الشي ...

        مع كلمتها الاخيره اتاها صوت ماجد وهوه يقول :
        ماجد : اعتقد ان الرضاعه الطبيعية احســن .. على الاقل في السنة الاولى ..

        التفت خالد جهة ماجد وقال :
        خالد : اكيد ..

        التفت خالد مره ثانيه جهة ام حسن وسألها باهتمام :
        خالد : ام حسن .. كم اتقدرين عمــر ها الياهلــه ..

        ركزت ام حسن على ملامح الياهله بدقة وقالت :
        ام حسن : امم ..اعتقد انها اكبر من ولدي الصغير بشهرين او ثلاثه تقريبا.

        سألها خالد باهتمام :
        خالد : وكــم عمر ولدج الصغير ؟

        وبدون تفكير جاوبته :
        ام حسن : بعد اسبوع بيكمل ثمان شهور ..

        ابتسم خالد بويها وقال :
        خالد : الله ايخليلج اياه ويطرح فيه الخيرو البركه ..

        وبدروها ابتسمتله وقالت :
        ام حسن : مشكور يا ولدي .. والله يطرح البركه في بنتك الحلوه هذي .. ..باين عليها وايد اتحبــك ..

        ضحك خالد وشاركه ماجد نفس السلوك ، مما أثار استغراب ام حسن ، وهنيه ادخـل ماجد في السالفة وقال :
        ماجد : ومنو قالج انها بنته ؟!

        ازدادت دهشــة ام حسن وهيه اتقول :
        ام حسن : منو قالي ؟!.. خالتك قالتلي انها بنت الريال اللي معاك ، وامها منومه في المستشفى وماعنده حد يراعيها ها اليومين ..

        اتذكر ماجد ان كلامها هو نفس الكلام اللي قاله فعلا لخالته عشان ايبرر وجود الياهله معاهم ، ولهذا ادارك الموقف فغير الموضوع فقال :
        ماجد : آآ .. ام حسن .. ما عليج امــر .. تقدرين اتجيبيـن صينية الشاي من المطبخ ..

        قامت ام حسن من مكانها وهيه اتقول بطاعة :
        ام حسن : ان شاء الله ..

        ابتسم ماجد بـود وقال :
        ماجد : ما تقصرين يا ام حسن ..

        اتحركت ام حسن جهة المطبخ ، وعيون خالد وماجد اتلاحقها وأول ما اختفت عن انظارهم التفت ماجد صوب خالد وقال :
        ماجد : آآ خالد .. ما بتتصل لزوجتك ..

        حرك خالد حواجبه وهو يقول :
        خالد : وليش اتصل ؟!

        ظهرت بعض ملامح الدهشه على وجه ماجد وهوه يقول :
        ماجد : ليش تتصل ؟! لازم تتصل فيها عشان اتبشرها واطمنها لزوال المشكله ، انته نسيت انك لقيت السحر.. يعني المشكله خلاص .. انتهت..

        امتدت يد ماجد لجيبه وطلع تلفونه منه وناولاه لخالد وتابع كلامه وقال :
        ماجد : خــذ التلفون واتصلها الحينه ..

        اتناول خالد التلفون من يد ماجد ، لكنه وضع التلفون على الطاولة بدون ما يتصل ، فاحتــار ماجد من تصرفه وقال :
        ماجد : ليش ما اتصلت .؟!

        مرت لحظة صمت قصيره قبل لا يقطعها خالد ويقول بحزم :
        خالد : باتصلها باجــر ، بعد ما انتهي من مشكلة ها الياهله ، واسلمها لاهلهـا واطمن عليها ..

        وبدهشه متصاعده سأله ماجد :
        ماجد : وشو فرقـــت يعني؟! .. انته في كل الاحوال بتسلمها لاهلها باجــر !! ..

        ما لقى خالد أي جواب منطقي غير انه يقول :
        خالد : صراحه.. ما ادري .. الصغيرونه هذي شاغله تفكيري الحينه.. وقلق وايد على مصيرها ، وانا ما ابغي اكلم مريم وبالي مشغول بمشكلة ثانيه ..

        استوعب ماجد جزئيا منطق خالد فقال :
        ماجد : على العموم .. اليوم او باجـر ما تفرق .. المهم ان الاشكال انحـل وبيلتم شملك مع زوجتك ..

        ومن صميم خاطره ابتسم خالد وقال :
        خالد : الحمدالله و ..

        قبل لايكمل كلامه انتبه خالد ان الياهلــه الممدة على حضنه ، مغمضه عيونها ونايمــه بهدوء وبراءه في حضنه ، وراسها ملتصق بصدره ، واللعبه الصغيره على صدرها وهيه ما سكتنها بايدها اليمنى ، وماسكه ثياب خالد بايدها اليســرى وكأنها ما صدقت اتحصل ها الحضن عشان اتـنام فيه !!

        ولحظتها التفت خالد صوب ماجد وقال :
        خالد : فديتها .. رقدت ..

        التفت ماجد جهة المطبخ وقال وهو ينادي على ام حسن :
        ماجد : يا ام حسن .. تعالي عشان اتودين الصغيرونه للسرير ..

        مـرت ثواني بسيطه قبل لا تدخل عليهم ام حسن وهيه شايله صينية الشاي في ايدها وهيه تمشــي ليما وصلت لمكان الطاولة ، وحطت الصينية عليها ، ثم مـــدت يــدها صوب خالد عشان اتشـل واتحمــل الياهـله النايمــه في حضنه ، و فعلا ..مسكت الياهله بهدوء وحذر عشان ما اتقومهــا ، وهمت انها ترفعها من حضن خالد .. لكن .. اول ما حملتها وشالتها شويه فتحت الصغيره عيونها ، وانفجرت بصياح شديد وهيه تمسك ثياب خالد بقوه ، وام حسن اتحاول سحبها من حضن خالد .. وهنيه.. رفع خالد ايده باشارة لام حسن عشان تتوقف وقال :
        خالد : خليها .. خليها ..

        نفذت ام حسن الامــر بسرعه ، وسحبت يدها على الياهله ، واول ما هدتها .. سكتت الياهله على طول ، وغمضت عيونها مره ثانيه ، وكملت نومتها وابتسامـة خفيفه مرسومه على شفاها !! .. وها التصرف اثار دهشه خالد وماجد وام حسن معاهم ، وهنيه ما لقى خالد غير انه يقول :
        خالد : ماجــد .. انا بسير انــام مع الصغيرونه داخل اذا سمحت ..

        وبنغمــة ترحيب واضحه قال ماجد :
        ماجد : البيت بيتك يا خالد .. تنام فيه وقت ما تبغــي ..

        هــز خالد راسه بامتنان وقام من مكانه وهوه يحمل الياهله بهدوء وحذر وقال :
        خالد : تســلم يا ماجد ..

        قام خالد من مكانه وهو حامل الصغيرونه بحذر ، ومشى خطوات قليله ليما وصل للغرفه ، وفتح باب الغرفه ، ووضع الصغيرونه على السرير ، واتمدد بجانبها بدون حتى ما يبدل ثيابه ، وألصق راس الصغيرونه بصدره ، ومسح على راسهــا بحنان ، وحباهــا على خدهــا الطري الناعم برفق ..
        وركز في ملامحها اكثر ، ولاحظ انها كانت نايمه بهدوء والابتسامه واضحه على وجها ..
        هيه نعم .. كانت تبتسم ببراءه وسعاده ما الها مثيل ..
        كانت تبتسم وهيه ما تدري كمية الألـــم اللي تنتظرها في الغــد ..
        لأن الألــم اللي فاتح ابوابه لاستقبالها ..
        كان قاســي ..
        قاسي للغايــة

        ********************************
        ****************************
        ************************

        بعد صلاة الظهر بحوالي نصف ساعة ، وفي بيت بومريم ، وبالغرفة الخاصة بأبو مريم وزوجته ام مريم ، ارتفع صوت بومريم وهوه يوجه سؤاله لام مريم يقول :
        بومريم : انتي وينج البارحــه ؟ طالعه اتهيتيـن بــرع ومخليه بنتج طايحه على سريرها من المرض ..

        حركت ام مريم شافيفها باستنكار وهيه اتقول :
        ام مريم : انا قلتلك أمس اني بروح ملجــة بنت يرانــا ، وانته رضيت ، وبعدين انا شدراني ان مريم بتتعب فجأه وبطيح غشيانـه ؟؟ .. وظبيه الي ايهداها ما اتصلت فيني ولا خبرتني عن حالــة اختها ..

        انخفض صوت بومريم شويه بعد ما حس بمنطقية كلام زوجته وقال :
        بومريم : على العموم .. اللي صار صار .. وها المهزلــه بتنتهي اليوم قبل باجــر لما خالد يطلـق مريم ..

        هــزت أم مريم راسها بتفهم وقالت :
        ام مريم : هيه .. خبرتني ظبيه عن كل اللي استوا البارحه ..

        استكمل بومريم كلامه وهوه يقول بحزم شديد :
        بومريم : ما يصح الا الصحيح .. وزواجهم كان غلطة من البداية و..

        قطعت ام مريم كلامه وهيه منفعله وقالت :
        ام مريم : بس اللي سويته يا بومريم ما يجــوز .. انتــه كيف اتروح بيت الناس وتتهجم عليهم بها العصبيه كلها ؟!!

        صرخ بومريم بويها وهوه يحرك ايده بعصبيه وقال :
        بومريم : شو تبيني اسوي ؟ ، اشوف بنتي تتعذب وتتألم بسـبة ولـدهم واسكت ؟!

        ردت عليه ام مريم بصرخه مماثله وقالت :
        ام مريم : انا ما قلت جذيه ، بس المفروض نتفاهــم معاهم بهدوء ، وننهي كل شي بالحسنى ، بدل ها الشوشــره والاحراج اللي ما كان الهم داعي من الاساس ..

        حــرك بومريم ايده في ضيق وهو يقول :
        بومريم : اللي استوا عــاد..

        وبعد نفخــة ضيق طويله من فــم ام مريم قالت :
        ام مريم : على قولتك .. اللي صار صار ..

        التــقطت ام مريــم نفس طويل قبل لا ينخفض صوتها واتــابع كلامها واتقول بمرارة :
        ام مريم : انا اللي مضايقني ومعـور قلبي ها المسكينة مريم .. كيف بتتحمل ها الصدمه اليديده .. ها البنيه ما الها حــظ بالمــرة ..

        شاركها بومريم ألمــا وضيقها وقال :
        بومريم : هيه .. الله ايعينها ويصبرها ، وان شاء الله يكون حظهـا أحسن في المره اليايــه .

        جذبــت كلمــاته الاخيــره اهتمام ام مريم ، فتبــادر الى خاطــرها ذكــرى قريبــه .. والذكــرى كانت عباره عن حــدث او موقف حدثلها البارحة فقالت بصوت خافت :
        ام مريم : آآ .. بوخالد .. أمــس لما كنت في الملجه ، التقيت هناك بمـرت جارنا.. جارنا عامــر بن راشــد ، وقالتلي ان ولدها العـود سالــم طلق حرمتـه بعد سنه كامله من زواجهــم .

        بدا الاهتمــام واضح على بومريم لما قال :
        بومريم : انا سالم ولده أعرفه زين .. ماشاء الله عليه ، ولــد طيب وهادي وعاقل .. فليش طلــق حرمتــه ؟!

        ارتفع صوت ام مريم وهيه اتقول بصدق :
        ام مريم : الريال ابتلى بحرمه شينه ، وهالحرمـة واهلــها بهدلوه آخــر بهدلــه .. والريال اتورط وياهم .. وهم ناس ماديين بالمره ، ودايمــا يحلمونه طلبات فوق طاقته ، وفيالنهاية ما قدر يتحملهم فطلق بنتهم غصبــن عنــه ..

        صمت بومريم لحظات وهوه يطالع ام مريم بنظره طويله ثم قال :
        بومريم : امم .. وشو ياب سيرتـه الحينــه على بالــج ؟!

        جاوبته ام مريم بحماس وهيه اتقول :
        ام مريم : ام سالم قالتلي في الملجــه ، ان ولدهــا يدور على زوجه طيبه وزينــه، ، وما عنده مانــع اذا كانــت مطلقه ، وطلب مني ادورلها على بنيه بهذي المواصفات .

        ازداد اهتمام بومريم بكلامها وقال :
        بومريم : وانتي شو قلتيلها .

        جاوبته بهدوء :
        ام مريم : انا قلتلها بحاول اشوفلج ، واذا لقيت بنيه زينه بخبرج .

        سألها باهتمام متواصل :
        بومريم : وانتي شو رايج ؟!!

        حركــت ام مريم كتوفها وهيه اتقول ببساطــة:
        ام مريم : الصراحه ..انا شايفــه ان الريال مناسب وايد لمريم ، لانــه مــر بنفس ظروفها وبيقدر يفهمها ويصونها ويقدرهــا ..

        بدا كلام ام مريم منطقي جــدا لبومريم فقال بحماس واضح :
        بومريم : كلامج صحيح .. مــريم محتاجه تنســى اللي ما يتسمى خالد ، واحســن حــل انهــا ترتبــط بريال طيب مثل سالــم ..بس ..

        سألته ام مريم باهتمام :
        ام مريم : بس شووه ؟!!

        جاوبها على سؤالها بسؤال فقال :
        بومريم : سالم هذا .. ما عنده عيال او حرمته حامل مثلا ..

        هــزت ام مريم راسها بالنفــي وقالت :
        ام مريم : لا .. ماعنده عيال وحرمته مب حامـل مثل ما قالت امــه .

        ابتسم بومريــم وهوه يقول :
        بومـريم : زيــن عيل .. هذا افضل زوج لمــريم وهيه بها الظروف ..

        اكدت ام مريم على كلامه لما قالت :
        ام مريم : عندك حــق .. وانا بعد ما تطلق مريــم بشهـر بحاول اقنعها و ..

        قطع بومريم كلامها وهوه يقول :
        بومريم : لا .. انا باجــر بخبـر مريم عن السالفه ..

        ارتفعت حواجب ام مريم في دهشه قبل لاتنزلها مره ثانيه وهيه اتقول :
        ام مريم : انته شو اتقول ؟!! كيف بتخبرها باجـر وهيه بها الحالة هذي ، وعلى ذمــة ريال ثانــي ؟!!

        انفعل بومريم بغته وقال :
        بومريم : اول شي .. طلاق مريم خلاص انحســم ، واعتقد ان الوقت هذا هو انسب وقت عشان انخبرها بالسالفه ، فلـو خبرناها بسرعة بتلتهي بموضوع ثانـي ، وتنسى موضوع خالد ، هذا غيـر الأمــل اللي بينزع بقلبها لما اتعرف ان سالم ولد جارنا طالبنها ، ومريم اتعرف سالم وعارفه اخلاقــه زين وياما لعبت وياه لما كانوا صغار .

        ما علقت ام مريم على كلامه ، وظلت تتطالعه بنظرة شك ، وهنيه تابع بومريم كلامه وقال :
        بومريم : يا ام مريم .. انا ما بجبــر مريم على شي .. انا بخبرها وبجس نبضها وبشوف رايها ، والراي الاول والاخيــر الهــا ..

        هــزت ام مريم راسها بتفهــم وقالت :
        ام مريم : ومتى بتخبرهــا باجــر ؟

        جاوبها بهدوء :
        بومريم : باجر الصبح او الضحى ان شاء الله ، يعني بعد ما تهدأ نفسيتها شويه ، وانا بنفسي بصعدلها الغرفه وبخبرها بالسالفه كلها ..

        ما انتظـر بومريــم جواب منها ، واتحرك مباشرة بعد كلمته الاخيره ، وطلع من الغرفه باتجاه الصاله ومنها الى خارج البيت .. وكل تفكيره منصب في شي واحد بس.. لا غيــر .. وهوه ..
        طلاق مريــــم من خالد ..
        وزواجــها من غيـــره ..
        وبكل اصرار....

        *****************************
        ************************
        ******************

        في اليوم الثاني ، وعند الساعه ثمان وخمس واربعين دقيقه صباحا ، وبنفس المكتب اللي كانوا فيه بالامس بمركز الشرطه ، انتظر خالد ومعاه ماجد قدوم الضابط اللي قابلهم في المره السابقة ، وكانت الطفله قاعده في حضن خالد ، وهيه اتناغــي نفسها بصوت مسموع وماسكه بيدها اللعبه الصغيره وهيه اتهزها بمزهــا بمــرح... وما طال انتظارهم وايد ، فبعــد دقايق معدوده ، جلس الضابط على مكتبه ، وهوه فاتح ملــف كبير ، ويقــرأ فيه .. وظل على ها الحال دقايـق معدوده ، وفي النهاية ، رفع راسه شويه واطالعهم بنظرات مقتضبه قبل لا يتكلم بجمود ويقول :
        الضابط : والله ما ادري شو اقولكم ... الياهله هذي قضيتها غامضـه شويه.

        التقط الضابط نفس خفيف ثم تابــع كلامه وقال :
        الضابط : الاخوان عدنا في الادارة ما قصروا ، وظلوا شغالين على مــدار الساعة ، وما ارتاحوا ليما كشفوا كل الملابسات والحقائق الخاصه بموضوع ها الياهــله.. واحنا رفعنا البصمات وقدرنا انحدد هوية هذي الشابتين اللي اتواجدوا في مكان الحادث ..واللي ساعدنا اكثر ان بصمات الوافدين الي يدخلون الدولة مسجله على اجهزة الكمبيوتر بكل بياناتهم ، و واكثر من هذا قدرنا انعرف أهل هذي الياهله بدقــه ..

        ابتسم خالد بغبطه وهوه يطالع الياهله اللي بين ايده ثم قال :
        خالد : مشكورين وما قصرتوا .. والله يجزيكم بالخير على تفانيكم في عملكـم ..

        ما اهتم الضابط بشكــر خالد ولا علق على كلامــه ، وبها اللحظة.. نزل الضابط راسه ، وهوه يطالع الملف اللي امامه مره ثانيه ، ثم رفع راسه و قال بصوت حائر :
        الضابط : مثل ما قلت ..الياهله قضيتها معقده شويه ..

        اتحولت الابتسامه في وجه خالد لشحوب وحيره وهوه يسأل :
        خالد : ليش؟! .. شو السالفة ؟!!

        للمره الثالثه يطالع الضابط الملف الموجود على الطاوله أمامـه ، وكأنه يسترجع كل المعلومات اللي فيه ، وبعدها قال :
        الضابط : سمعوني زين وركزوا معاي .. اول شي .. حبيت اقولكم.. ان الكلام اللي قالته هذيك الحرمة الشـــابه اغلبه كــان صحيح ..

        تبادل ماجد وخالد نظرات دهشه قبل لا ينطق مــاجد ويقول :
        ماجد : اغلبه كان صحيح ؟!

        هــز الضابط راسه بايجاب وقال وبصره موجه جهة ماجد :
        الضابط : هيه صحيح .. وانا بوضحلكم السالفة اكثر بعد شويه ..

        التقــط الضابط نفس طويل ، ثم تابع كلامــه بهدوء وقال :
        الضابط : آآآ .. الحرمه هذي ومثل ما قالت للاخ خالد ، كانت متزوجه من ريال مواطن قبل حوالي سنتين، وهيه طبعا غير مواطنه ، وكان متزوجنها بدون محد يدري ، خوفا من زوجته الاولى المواطنه ، وكان مسكننها في بيت ايجار .و .

        صمت الضابط ثواني ثم تابع كلامه وهو ايأشر على الياهله فقال :
        الضابط : وظل الامر على هالحاله ، وانجـبت الزوجه الثانيه طفلتها هذي ، لكن الريال ما طلعلها شهادة ميلاد ولا سجلها في جنسيته ولا اضافها لجوازه ، خوفا من انكشاف أمره .. واستمر الوضع الحالي ، ليما عرفت الزوجه الاولى بسالفة زواجه ، ولحظتها قومت الدنيا عليه ، واجبرته انه يطلق حرمته الثانية، وفعلا طلقها ، وبعد ما طلقها هجـرها ، وما قام يصرف عليها ولا على بنته ، وما كان يدفع أجار البيت اللي ساكنه فيه ، ولهذا اضطرت انها تسكن في بيت اختها .. واختها هذي .. هيه نفسها الشابه اللي شفتها هناك في المقبره ، وهيه صاحبة السياره القديمه اللي كانت موجوده بالقرب من المقبره ، وعلى فكره ترا اختها ساكنه بروحها في شقه وتشتغل في شركة من شركات التأميــن في الدولة ...

        وبفضول متزايد سأله خالد :
        خالد : وبعدين ؟!

        التفت الضابط صوب خالد وهوه يطالعه بنظرات جامده ثم قال :
        الضابط : قبل شهر واحد تقريبا .. اتقدمت الشابه الثانيه اللي اتصير أم هذي الياهله ، ببلاغ ضد طليقـها ، وقالت انه مطلقــه من مواطن ومخلفــه منه بنيه .. وطالبت بحقوقها منه وحقوق هذي الياهـل ..

        امتدت يد الضابط ، وقلب على الصفحه الثانيه في الملف وقال :
        الضابط : وكإجراء طبيعي ، استدعينا هذاك الريال ، واللي انكــر في البداية زواجه منها ، وطالبها باثبات زواج ، وهيه بدورها يابت النا بعد يومين صوره من وثيقة زواج صادره من بلــدها ، ولهــذا.. اضطـر الريال انه يعترف بزواجه منها ، لكنه انكــر نهائيا صلته بهذي الياهله ، وعشان جذيه اضطرينا انحول القضيه بكبرتها للمحكمة عشان تفصل فيها ..و

        قطع كلام الضابط صوت انفتاح باب المكتب ودخول العامل وبيده صينة موجود عليها اكواب الشاي والماي ، وبحركه سريعه نزل العامل الاكواب امام الضابط وخالد وماجد ، وبعدها اتكلم الضابط وقال بلهجة ترحيب :
        الضابط : اتفضلوا .. شربوا الشاي ..

        ما كان لدى خالد ادنى نفس لشرب الشاي لكنه جامل الضابط وقال :
        خالد : مشكور..

        اتناول الضابط كوب الشاي من على الطاوله ، وشرب منه شويه ، وشاركه ماجد نفس السلوك ، بينما مسك خالد كوب الشاي وبدا ينفخ فيه عشان ايبرده شويه ، واول ما حس بانخفاض حرارته ، وضع الكوب بحذر في فــم الصغيره ، واللي اتقبلت طعمه وشربت منه شويه ...

        التــقط الضابط نفس قصيـر بعد ما انتهى من كوب الشاي وقال :
        الضابط : انزين .. احنا وين وصلنا ..هيه .. بعد ما اتحولت القضيه للمحكمة .. طلب محامي المدعي عليه.. يعني الريال او الزوج ، تأجيل القضيه ، وفعلا اتأجلت ووقتها استاءت طليقته وايد ، لانها ما تقدر تتحمل مصاريف القضيه ومصاريف بقاءها في الدولة ، وقالت ان بقاءها في الدوله يعتبر غير قانوني بعد ما الغى طليقها اقامتها نهائيا ..

        سكت الضابط وهوه يجلب في اوراق الملف ثم قال :
        الضابط : مع ان عذرها مقبول فعلا ، لكن الاخوه الطيبين في الادارة اشفقوا عليها لما حسوا انها مظلومة ، وقالوا انهم يقدرون يمنحونها شهادة لإدارة الهجرة والجوازات ، عشان ايمددون اقامتها ليما تخلص قضيتها .. واكثر عن جذيه اتبرعولها بمحامي ، واتحمل أحد الاخوه مصاريف القضيه بالكامـل .

        اندهش خالد من كلامه وقال بامتنان :
        خالد : الله يجزيهم بالخير ان شاء الله ويقدرهم دوم على فعلــه .

        ارتسمت تعبيرات مختلفه على وجه الضابط ، وكأنه يتصنع الحيره وقال :
        الضابط : في البداية وافقت الحرمه ، ومشت الاجراءات طبيعية جدا في قضيتها .. لكــن ..

        جذبت كلمة الضابط الاخيره اهتمام خالد فقال وهوه يلح بالسؤال :
        خالد : لكن شوووه ؟!!

        عاجله الضابط بجواب سريع لما قال :
        الضابط : قبل اسبوعين من اليوم ، يتـنا الحرمة نفسها هنيه في الادارة ، واتنازلت عن القضيه بالكامل ، وهذا اللي اثار استغراب المحققين في الادارة ، واكثر من جذيه انها غيرت اقوالها ، وقالت انها ما مخلفه ولا منجبه من طليقها !! يعني ما عندها طفلــه منــه ..

        ارتسمت سحابه ضخمه من الدهشه على وجه خالد و ماجد ، وانفجر سؤال حاير من شفايف خالد وهوه يقول :
        خالد : وليش قالت جذيــه ؟!!

        صمت الضابط شويه وهوه يعــد جواب مناسب لخالد ثم قال :
        الضابط : الاخوه في الاداره سألوها عن السبب ، فقالت انها بغـت تنتقم من طليقها السابق واتبهدله في المحاكــم فاخترعت سالفة الياهله هذي ، وطبعا الاخوان في الادارة سجلوا عليها بلاغ كاذب ، لولا انها اترجتهم واتوسلت الهم عشان يسامحونها ، وقالت الهم انها بتسافر بلدها وما تبى أي شي من طليقها ..

        التفت خالد صوب ماجد ، واتبادل معاه نظرات الدهشه والعجــب ، قبل لا يقول ماجد بمنتهى الحيــرة .
        ماجد : شي ايحــير !! ..

        وافق الضابط على كلام ماجد لما قال :
        الضابط : فعلا شي يحير .. والاخوه في الاداره استغربوا منها ، لكنهم ظنوا حسن النيه فيها ، وظنوا ان طليقها اتفاهم معاها وديا ، ولهذا حفظوا القضيه وسكروا ملف القضيه نهائيا بدون ما يتخذون أي اجراءات ضد أي حد منهـم .

        اتلفت خالد حوله بتوتر وقال وهوه يأشر على الياهله اللي بحضنه :
        خالد : عيل .. ها البنت .. بنت منوه ؟!!

        التفتله الضابط بهدوء وهوه يقول :
        الضابط : لحظه شويه.. يايينك بالرمســه ..

        استمر الضابط في تقليبه لصفحات الملف ، مما أثار المزيد من التوتر قبل لايقول جمله اثارت استغرابهم أكثر .
        الضابط : والأغـرب من هذا كلـه .. هوه اللي صار قبل حوالي عشرة أيـــام.

        وبكل فضول الدنيــأ سأله خالد :
        خالد : شو اللي صار؟ ..

        التقط الضابط نفس عميق ، ثم تابع كلامه وقال :
        الضابط : قبل عشرة ايام ، يــانا الريال طليق ها الحرمه ، وكان باين عليه التعب والمرض الشديد ، وقال انه نادم على سواه فيها ، ويعترف انه ابو ها الياهله ..

        انفعل خالد بشده وهوه يقول :
        خالد : اعترف فيها !!

        هــز الضابط راسه بايجاب وقال :
        الضابط : هيه اعترف ، واكثر من جذيه قال انه استخرج للبنيه شهادة ميلاد بحكم اوراق المستشفى الخاص اللي عنده ، واضاف الصغيره للجنسية ، واحنا اتأكدنا من هذا فعلا لما اتصلنا بادارة الجنسيه والجوازات .. وبعدها ..وطلب منا ها الريال انبلغ طليقته بهذا ..و

        قطع خالد كلامه وهو يسأل :
        خالد : وليش ما سار بنفسه لطليقته واتفاهم معاها وديا بعد ما اعترف ببنته!! .

        عاجله الضابط بالاجابه فقال :
        الضابط : احنا سألناه نفس السؤال هذا ، فرد علينا وقال: انه حاليا ما يندل مكان سكن زوجته بعد ما طلعت من بيت الايجار اللي مسكننها فيها ايام زواجهم .

        تنهد الضابط شويه ثم تابع :
        الضباط : واحنا بدورنا خبرناه ان طليقته اتنازلت عن القضيه ، وبنفس الوقت عطيناه عنوانها ، لانها سجلت مكان سكنها الجديد في ملـف القضيه السابق ، وكانت ساكنه في شقه مع اختها .. والريال ما كان يدل شقة اختها .. واختها مثل ما قلتلكم تشتغل في شركة من شركات التأمين بالدوله .

        ادخل ماجــد ها المره في الحديث بعد ما زاد فضوله فسأل الضابط وقــال بانفعال واضح :
        ماجد : عيل.. شو المشكله .. الريال واعترف ببنته .. ومستعد يتفاهم مع طليقته ويعطيها كل حقوقها .. فشو اللي يخليها اتحاول قتل بنتها ؟!!

        التفتله الضباط وهو ايأشرلـه بأشارة التمهل ويقول :
        الضابط : صبرك علي اخوي .. بتفهم السالفه كلها بعد شويه ..

        وبعد لحظة ترقب ولهفه تابع الضابط وقال :
        الضباط : وبعد ما مشى الريال من عدنا ، صارت القضيه منتهيه بالنسبالنا ، واعتقدنا انهم اتصالحوا او حتى رجعوا لبعض مره ثانيه ، وظل الوضع على ماهو عليه ، ليما شفناكم أمس في الاداره ، وكشفنا ان البصمات الموجوده بمكان الحادث ، مطابقه لبصمات هذه الحرمه ، ووقتها ، فتحنا ملفها مره ثانيه ، وباشرنا البحث عن معلومات جديده اتخص القضيه واكتشفنا ..

        سكت الضابط بعد كلمته الاخيره ، مما دفع خالد لان يرفع صوته ويقول بكل فضول :
        خالد : اكتشفتوا شووه ؟!!

        اشاح الضابط ببصره لركن بعيد من غرفة المكتــب ، وبــان عليه بعض الحزن وهوه يقول :
        الضابط : لما يانــا الريال في المرة الاخيره ، كان باين وواضح عليه الارهاق الشديد والمرض ، و بعد ما طلع الريال من عدنا بساعات قليله بهذاك اليوم ، يعني قبل عشرة أيام تقريبا ، اتعرض لازمــه قلبيه مفاجئه ، سببت هبوط حــاد في ضغط الدم ، أدت لوفــاته على طول .

        شعر خالد بنغزات شديده في صدره ، وعوراه قلبه وايد وهوه يطالع الياهله اليتيمه القاعده بحضنه بهدوء وهيه تلعب بمرح باللعبه الصغيره او الدبدوب الصغير اللي اشترالها اياه خالد ،....ولحظتها نطق خالد بكل ألــم ومراره وقال :
        خالد : مـــات !!

        جاوبه الضابط بهدوء مشوب بالحــزن :
        الضابط : هيه مات ، والظاهر ان الضغوط العصبيه اللي مر فيها بها الفتره ، ومشاكله مع زوجته الاولى ، أثرت وايد على صحته ، واحنا عرفنـا لاحقا انه كان على خلاف شديد مع زوجته الاولى .. خصوصا لما خبرها انه اعترف ببنته من زوجته الثانــية .. والظاهــر انه كان حاس بدنو اجله ، فحب يصلح غلطته قبل لا يفارق الدنيا .

        مرت لحظات صمت طويله ، وخالد قاعد ايفكر ويحاول استيعاب وربط احداث ها القضيه ، لكن الغموض ما زال مسيطر على تفكيره ، ولهذا سأل وقال :
        خالد : يعني الريال مات قبل لايخبر زوجته الثانيه باعترافه ببنتها ؟!

        اختصر الضابط اجابته لما قال :
        الضابط : بالضبط .

        ادخل ماجد مجددا وهو يعصر مخه بقوه وقال :
        ماجد : يا حضرة الضابط .. انته لين الحينه ما فهمتنا سـر السالفه الاولى .

        التفتله الضباط وسأله باهتمام وحذر :
        الضابط : أي سالفه ؟!!

        انفعل ماجد اكثر وحرك ايده بتوتر وهوه يقول :
        ماجد : طليقت ها الريال ، يعني زوجته الثانيه ، اتنازلت عن القضيه قبل اسبوعين ، والريال اعترف ببنته قبل عشرة ايام .. وهنيه بسأل .. ليش تنازلت هالحرمه عن القضيه وهيه ما تدري ان طليقها اعترف ببنتها ؟!!

        شعر خالد بمنطقية كلام ماجد ، ولهذا التفت للضابط واطالعه بنظرات تساؤل وفضول شديدين ، لكن الضابط ما جاوبه سريعا ، وظل ساكت وهوه يحرك القلــم الصغير في ايده اليمني ، وبعد لحظة صمت وترقب قال :
        الضباط : النقطه هذي بالذات .. حيرتنا وايــد .. وما لقينا الجواب الا من مكان بعيد ..

        ازداد الغموض اكثر لدى خالد وماجد ، مما جعل خالد ينطق بدهشه ويقــول :
        خالد : من مكان بعيد ؟!!.. كيف يعني ؟!!

        ارتفع صوت الضابط شويه وقال :
        الضباط : الحرمه هذي مثل ما تدرون لا تحمل جنسيه الدوله ، يعني من دوله ثانيه ، وعلى فكره ترا الحرمه هذي سافرت هيه واختها اول امس بالليل ، وبنفس ليلة الحــادث ، يعني كانت مخططه مسبقها لجريمتها هذي .. اتنفذ الجريمه واتسافر بنفس الليله و .

        قطع ماجد كلامه وقال :
        ماجد : وليش اختارت ها المكان بالذات ، يعني المقبرة ، وكيف وصلتله اصلا ؟!

        جاوبه الضابط بهدوء شديد :
        الضباط : اختارت ها المكان لانه مكان معزول وغير مرئي بالنسبه للناس والمارة ، اما كيف وصلته ، فاحنا سألنا حارس المقبره ، وقال انه شاف في ساعات النهار حرمتين يحومون حول المقبره اكثر عن مره ، والظاهر انهم كانوا يدورون على مكان مناسب للجريمه قبل ارتكابها ، وصراحة هم رتبوا كل شي بدقه كبيره ، بحيث يقتلون الياهله ويدفنونها بمكان بعيد ، ويسافرون بنفس الليله وبالتالي بتضيع معالم الجريمه كلها ، وفعلا لولا أن الله تعالى قدر وجود الاخ خالد بهذاك المكان وبهذيك اللحظة ، ما كنا بندري بها الجريمه نهائيا .. وللعلم .. ترا محد يدري انها مربيه وعندها ياهل غيرها هيه واختها الثانيه اللي شاركتها في الجريمه واختها الثالثه الموجوده في بلدها وزوجها المتوفي بس ..و

        قاطعه ماجد وهوه يقول تعقيبا على كلامه :
        ماجد : والحرمه اتنازلت عن القضيه ، وانكرت انها مخلفه عشان محد يدري بسالفه ها الياهله نهائيا .. صح ..

        هـز الضابط راسه وقال :
        الضابط: بالضبط ..

        عاجله ماجد بسؤال ثاني وقال :
        ماجد : بس ليش سوت جذيه ..و

        قبل لا يتكلم الضابط ، ادخل خالد بقوه وقال :
        خالد : والمجــرمه هذي بتفلت بجريمتها بدون عقاب ؟!!

        التفت الضابط جهـة خالد واطالعه بنظرات شديد وقال بحزم :
        الضباط : لا طبعا .. احنا كنا على اتصال دائم ببلدها اللي سافرت له ، وخبرناهم بأمــر الجريمه كلها ، وبساعات قليله القوا القبض عليها ، وحققوا معاها ، واعترفت بجريمتها ، وحاليا جاري اعادتها للدوله عشان تتحاكم واتنال عقابها ، وبعدها بتترحل مره ثانيه لبلدها بعد انتهاء فترة عقوبتها ..

        وبانفعال واستنكار قال ماجد :
        ماجد : وما سألوها .. ليش سويتي جذيه .؟!

        جاوبه الضابط بصرامة وقال :
        الضابط : هيه سألوها .. وبجوابها عرفنا سبب تنازلها عن القضيه ؟

        بلغ الفضول حده عند ماجد وهوه يسأل :
        ماجد : وشو السبب ؟!

        ارتسمت ابتسامه باهته على شفاه الضابط وقال :
        الضابط : قدمت العذر اللي يتكرر مرات في مثل هذي القضايا .. الحب ..

        قطع خالد كلامه وهوه يقول بفضول ممزوج بدهشه :
        خالد : حب ؟!!

        نظرله الضابط بنظرات جامده قبل لايقول :
        الضابط : قالت انها قبل لا تتزوج طليقها هذا ، كانت اتحب ولد عمها من فتره طويله وهو بعد كان يحبهـا ، لكن ولد عمها غدر فيها واتزوج من وحده غيرها ، ومن كثر غصتها وقهرها قبلت بالزواج من طليقها الحالي عشان تبعد عن حبيبهـا السابق ، لكنها درت لاحقا ان ولد عمها طلــق زوجته ، وعرفت بعد ، ان ولد عمها اتصل باختها الثالثه الموجوده هناك في بلدها قبل ثلاثة اسابيع ، واللي خبرته عن سالفة طلاق اختها بدون ما تقوله عن سالفة انجابها ، وولد عمها ، قال انه مستعد يرجعلها ويتزوجها بس شرط ان ما يكون عندها يهال .. وهنيه ..اتصلت الاخت الثالثه باختها ام الياهله هنيه ، وخبرتها عن طلب ولد عمها .

        رفع الضابط ايده وهوه ايأشر على الياهله الجالسه بحضن خالد وقال :
        الضباط : وبالتالي .. صارت ها الياهله عقبه في طريق حبها .. لان ولد عمها ما بيرضى يتزوجها وها الياهله معاها .. وهنيه اتفقوا الخوات على تنفيذ مخططهم ، خصوصا انهم كانوا ظانين بوقتها ان الياهله غير معترف فيها من ابوهــا وبالتالي غير مسجله بالاوراق الرسمية ، واذا ماتت محد بيدري بموتهــا .

        انفعل خالد وهوه يقول :
        خالد : وها الياهله شو ذنبها عشان تدفع حياتها ثمن لحب أمها !!

        حرك الضابط كتوفه بدهشه و بدون ما ينطق ، وهنيه اتكلم ماجد وهوه يتساءل ويقول :
        ماجد : وشو مصلحة خواتها في مشاركتها بها الجريمه البشعة ؟!!

        التفت الضابط جهة ماجد وقال بهدوء :
        ماجد : مصلحة مادية .. احنا عرفنا ان ولد عمها ريال غني وايد .. والظاهر ان ام الياهلــه اغرتهـم بالفلوس اللـي بتعطيها اياهـم بعد ما تتزوج ولد عمها .

        ارتفع صوت خالد بشدة وهوه يقول :
        خالد : المهم الحينه .. شو مصير ها الياهله .. وين بتروح هاليتيمة بعد ما فقدت امها وابوهــا ؟!

        هــم الضابط انه يتكلم ، لكن ماجد سبقه وهوه يقول :
        ماجد : ليش ما تتصلون بزوجـة ابوها .. لانها اتصير عمتهـا .. ومن واجبها اتربي بنت ريلها ..

        رد عليه الضابط بفتور :
        الضابط : احنا فعلا اتصلنا فيها ..و

        قطع خالد كلامه وهو يقول والأمل يدب بنفسه :
        خالد : وشو قالت ؟!

        ومع ابتسامه باهته قال الضابط :
        الضابط : في البداية سبتنـا ، وشتمتنـا وقالت انها ما مستعده اتربي بنت عديلتها او ضرتها !!

        رجع الاحباط مره ثانيه لخالد ، ولحظتها نطق ماجد مره ثانيه وقال :
        ماجد : انزين ها الياهله ماعندها اهــل .. جــد او جده ، اعمـام او اخوال او ..

        هــز الضابط راسه بالنفي وهو يقول :
        الضابط : للأسف .. جدها وجدتها متوفين .. وابوها كان وحيدهم .. ومع هذا احنا اتصلنا باهلها البعيدين شويه ، يعني اتصلنا بولد عم ابوها واخوانه وغيرهم.. لكن ..

        صمت الضابط بعد كلمته الاخيره ، ولما استبطأ الرد عاجله خالد بسؤاله وقال :
        خالد : لكن شوه ؟!

        بــان على الضابط نوع من الضيق وهوه يقول :
        الضابط : كل اللي اتصلنا فيهم من أهلها البعيدين ، ابدوا أسفهم لاستقبــال الياهله ، وقالوا ان ظروفهم المادية والحياتيه صعبه ، وما تسمح الهم بتربيه الياهله .. وانا اعتقد انهم على حق نوعا ما و ..

        صرخ خالد بويه الضابط وقال :
        الضابط : أي ظروف هذي اللي تمنعهم من تربيه ياهلـه صغيره من دمهم ولحمهم ؟!

        ارتفع صوت الضابط بغته وقال :
        الضابط : يا اخ خالد .. هدي نفسك شويه .. ولا تنسى ان الحياه صعبه عند بعض الناس .. والواحد بالكاد يتحمل تربية عيالـــه ، ولهذا هم خايفين من تحمل عبء تربية ها الياهله بكل ما فيها من تعب ومسئوليـة ..

        نــزل خالد راسه ، وركــز عينه بعين الياهله اليتيمه اللي بحضنه ، واللي رفعت الدبدوب الصغير في ويهه ، وهيه تضحك ببراءه ومرح ، و مب حاسه بالوضع اللي هيه فيه ، وبعدها.. رفع خالد راسه ببطء ، واتكلم بصعوبه وقال بصوت هادي جدا :
        خالد : والحينه .. ها الصغيرونه .. شو مصيرها ؟! وين بتسير؟!

        ما انتظر خالد كثير قبل لا يأتيه الرد السريع القاطع من الضابط اللي قال :
        الضابط : في ها الحــاله .. ما النا غير انوديها الدار.. دار رعايــة الايتام..

        اتفاجأ الضابط بصرخة خالد الهادره وقال :
        خالد : بتودونها المجلـــأ !!.. حرام عليكم والله حرام ..

        بانــت الدهشه واضح على ملامح الضابط ، وحاول انه يمتص شويه من انفعال خالد فخفض صوته وقال بهدوء :
        الضابط : يا اخ خالد .. ما فيها شي اذا ويديناها الـدار .. هناك بتلاقي الرعاية الكاملة من قبل موظفات المركز حالها حال اللي بوضعها الحالي .

        نكس خالد راسه واتركـزت عيونه للحظة في ملامح الياهله ، ثم رفع راسه مره ثانيه وقال بمرارة :
        خالد : انا ادري انا بتلاقي رعاية مناسبه في المركز .. لكن .. ما بتعيش بجــو أســري طبيعي .. ما بتلاقي لا أم ولا ابـو ولا اهل .. بتحس عمرها غير عن امثالها .. بتفتـقد دفء الاسره وحنان الاهــل ..

        هــز الضابط راسه وقال :
        الضابط : يمكن ايكون كلامك فيه شي من الصحه .. لكن .. شو انسوي .. مرات الواقع يفرض علينا اشياء احنا رافضينها من الاساس !!

        انفتـلت اعصاب خالد بغته ، وصرخ بويه الضابط وقال بعفويه وبعصبيه عاليه وبدون وعي :
        خالد : الواقع .. الواقع .. الواقع .. كل مصايبنا نرميها على الواقع !! .. أي واقع هذا اللي يخلي ام تحاول قتل بنتها ، والابـو ينكــر بنته ، والاهــل يتخلــون عن بنتهم !!! .. الواقع هذا .. احنا اللي صنعناه بايدنــا.. ثم رمينا اوزارنا وآثامنا عليه ..

        انفعل الضابط ها المره وقال بجمود وحزم :
        الضابط : يا اخ خالد .. هدي نفسك شويه .. انته لو قعدت بمكانا ايام .. بيشيب راسك من [/align]

        تعليق


        • #19
          [align=center]هول ما اتشوفه ..ام تقتل بنتها وولد يقتله ابوه واخ يقتل اخوه .. اكثر الناس قاعدين في بيوتهم بهدوء ، وما عارفين شو البلاوي والمصايب اللي تجري من حواليهم ..

          صمت الضابط لحظات ، ثم انخفض صوته وهوه يقول :
          الضابط : ومع هذا .. لازم نتقبل واقعنا بكل ما فيه من آلام .. ولاتنسى ان آلام الناس موجوده في كل زمان ومكان ، وكل اللي نقدر عليها ، هو الدعاء لربنا ليخفف علينا آلامنا ، وبنفس الوقت انحاول على قــدر استطاعتنا محاربت اسبابها ومعاقبة مسببيها ، وقبل كل هذا ، .. لازم نصلح من انفسنا قبل لا نفــكر بصلاح الآخــرين..

          نكس خالد راسه في استسلام شديد ، وبدا عليه الضيق والكدر بعد ما اقتنع بكلام الضابط واتفهمه ، ولحظتها ..القى خالد نظرة طويله حانية على الرضيعة اللي بحضنه وكأنه ايودعها ، وقلبه يتفطــر حزنا عليها ، وروحه اتذوب أسى لمصيرها ..لكن ..ما باليد حيله ..

          وبها الوقت ضغط الضابط على زر النداء الخاص فيه ، وبعد ثواني قليله دخل الشرطي عليهم الغرفه ، وبعد ما أدى التحية العسكريه الشرطية المعروفه ، نطق بكل احترام وطاعه وقال :
          الشرطي : نعم سيدي ..

          رفع الضابط راسه واطالع الشرطي للحظة ، ثم اتكلم بهلجة آمرة وقال :
          الضابط : آآ .. شرطي عبدالله .. ابيك الحينه اتسير عند الكاتب في مكتب الاداره الثاني ، وقوله يطبعلي نموذج رســالة موجه لــدار رعاية الايتام وبموضوع استلام طفل يتيم ، وبعد ما يخلص من طباعتها ، خله ايجيبها هنيه عندي على مكتبي عشان اوقعها .. انزين ..

          رفع الشرطي صوته وقال بحزم :
          الشرطي : حاضر سيدي ..

          تابع الضابط اوامره وهوه ايأشر على الياهله الموجوده بحضن خالد :
          الضابط : وقبل لا اتسير عند الكاتب ، ابيــك تاخــذ هذي الصغيرة ، وتوديها قســم الشرطة النسائية ، واتخبــر الرقيب نوره انها اتودي الياهله هذي لـدار رعاية الايتام بعد ما تستلم الرســالة من الكاتــب .. مفهوم ..

          وبطاعــة شديده جاوب الشرطي :
          الشرطي : مفهوم سيدي ..

          اتحرك الشرطي بخطوات بطيئه جهة خالد ، وعيون خالد ترصده ، والالــم يعتصر قلبه على الرضيعه اللي بحضنه ، ومع كل خطوه يخطيها الشرطي كان الالــم يشتد عند خالد ، فشعر وكأن الشرطي ومع كل خطوه يخطيها قاعد ايدوس على قلبـه .

          وبها الاثناء كانت الياهله منزله راسها ومشغولها باللعبه الصغيره او الدبدوب الصغير اللي بيدها وهيه اتناغي عمرها بمرح .. لكن .. ومع اقتراب الشرطي اكثر واكثر ، شعرت بقدومه ، وبعد ما صار على بعد متر واحد منها ، رفعت عينها بزيغـه وذعـر صوبه ، ورمـت اللعبه الصغيرة اللي في ايدها على الارض ، والتفتت للخلف ، ودفنــت راسها بصدر خالد ومسكت برقبته وثيابه بكل قوتها وجسدها يرتعش بخوف .. وخالد مستسلم نهائيا ويتنتظر وصول الشرطي عشان ياخذها .

          واول ما وصل الشرطي لمكانهم ، امتدت أيــاديه الثنتيــن جهة الياهلــة ، ولحظة ما اتلامست ايده مع جسمها ، انهــدت وانفجرت الياهــلة بصياح غزير ومرير ، ورفعت راسها واطالعت خالد بنظرات توسل ورجاء ، وعيون خالد متركزه بعيونها ، ودموعها تتساقــط على ثيابه وتكاد تحرقها من شدة حرارة ألــهــا .

          وبهدوء .. بدا الشرطي يسحـب الياهله من حضن خالد ، لكنه اتفاجأ بقوة تعلقها وتمسكها برقبة خالد وثيابه ، وهيه اتصيح وتصرخ بصوت وصل صداه لاغلب مكاتب الادارة .. وشعر الشرطي وكأنه يسحب انسان بالــغ في كامل قوته ، ولهذا استخدم الشرطي المزيد من القوة في سحب الياهله من حضن خالد ، لدرجة ان الشرطي حس انه اصابعه تنغرس في جسم الياهله من شدة تعلقها برقبة خالد وثيابه .. وخالد قاعد يطالع عيون الياهله المشبعه بالدمع في استسلام وخضوع.

          وبعد محاوله قاسية من الشرطي ، نجح في سحب الصغيره من حضن خالد ، واول ما انفصلت الياهله من حضـن خالد ... شعــر خالد وكأن الشرطي نــزع روحه من بين اعمــاق جسده .. ولهذا ســرت حزمــه عنيفه من الألــم في كل ذرة من جسده وهوه يطالع الشرطي الحامل الطفله وهوه يتجــه جهة باب المكتب .

          اتحرك الشرطي بخطوات بطيئة جهة الباب ، والياهل اللي بيده كانت تتطالع خالد في مرارة واتصيح ، وهيه مــاده يــدهـا اليمنــى جهــة خالد وكأنها تتوسلـه وتترجاه ياخذها .. وبصـر خالد متعلق بعيونها ، قبل لا ينزل راسه تحــت ويقــع بصره ويتركــزعلى لعبـة الياهله الصغيره المرميــة على الارض ، وبعدها .. رفع راسه واتعلقت عينه بعيونها مره ثانيه ..

          واثناء ما كانت عيون خالد متركزه بعيونها من بعيد ، اتذكرخالد نظرات عيونها لما كان هناك .. هيه هناك .. في ارض الموت .. في المقبره ..

          ولما شاف ايدها الممدودة له بتوسل .. اتذكر ايدها اللي مسكته هناك... هناك... هيه نعم هناك .. في أرض الموت .. في المقبره .. لما كانت تترجاه وتتوسل ينقذها من ألمهــا بذاك الوقت ..

          والحينه .. وبها اللحظة .. نفس الشعور .. نفس الاحساس .. تترجاه .. وتتوسله لانقاذهــا من الآلام .. وأي آلام .. آلام الواقع .. الام واقعها اللي ينتظــرها بحياتها ومستقبلها .. وما لقت ها الياهله ، وقلبها الصغير ، واحساسها الغزير ، غيره هوه .. هوه دون غيره .. لان عيونها ماشافت الرحمة والحب والحنان والأمــان الا بعيونه .. هوه .. هوه دون غيره ..
          ولو تقــدر تنطــق كانت نطقــت ..
          ولو تقــدر تهمــس كانت همست ..
          و ..
          ما اتحمــل خالد كل هذا الضغط النفسي الرهيب ، ونظرات عيونها تنغرس بقلبه وتنهش بروحه ..

          و هنيه .. بدت تتكون صرخه غايره باعماق روحــه .. صرخه اتغـذت وشربت من ماي قلبه .. وما استغرق نموها الا ثانية وحده بس .. ولحظتها ..اصعدت ها الصرخه بسرعه هايله ليترجمها الســانه بصرخه هــادره تشبه الصرخــة اللي صرخها هناك .. لما شافها اول مره .. صرخه اهتــز لقوتها المكان كله لما نطـق بأعلى صوته وبكلمه وحــده بـس :

          خالد : أوقـــــــف ..

          بها اللحظة كان الشرطي فاتح الباب فعلا ، وهوه بطريقه للخارج ، لكنه اتصلب واتجمـد في مكانه من أثــر المفاجأه وهوه مندهش من عنف ها الصرخة ، والتفت لوراه وهو يطالع خالد بتساءل وعيونه تنطق بالدهشه والعجب..

          وما كانت دهشة الضابط وماجد بأقل درجة من دهشة الشرطي نفسه ، والتفتوا مباشرة له ، وهم يطالعونه بنظرات تساءل وفضول شديدين ، وهم يتريون الاجابه منه على نار ..

          لكن خالد .. ما اعارهم أي اهتمام ..ولا نطق بحرف واحد .. واتفجأوا فيه لما فــز وقام من مكانه بكل سرعته وقوته ، وحمـل اللعبـة الصغيره من على الارض ، واتجــه مباشرة صوب الشرطي ، وسحب الياهلــه منه بسرعة ، وغادر معاها المكتب ، وسكر الباب خلفه بقوة وبدون ماينطق حرف واحد !!! تاركا الجميع خلفــة وهــم في قمــة الحيــرة ..
          والدهشــة ..
          والعجـــب ..
          ****************************************

          بعد ما غادر خالد الغرفه ، واختفى نهائيا عن انظارهم ، تبـادل الضابط مع ماجــد نظرات طويله من الحيره والدهشة ، في محاولة لمعرفة سبب هالتصرف الغريب من خالد ، وهنيه ما وجد ماجد فعل غير انه يحرك كتوفه للضابط في اشارة لعدم الفهم واستيعاب ما جرى ..

          ومباشرة .. قام ماجد من مكانه ، واتحرك بسرعه في محاولة للحاق بخالد و بدون ما ينطق بكلمة للضابط المحتار خلفــه ، ونزل على الدرج بخطوات سريعه ، واتجه لموقف السيارت الموجوده فيه سيارته اللي وصلتهم للمركز ، واول ماوصل للسياره شاف خالد وهوه قاعد على الكرسي المقابل للسايق ، وحامــل بيـده الصغيرونه اللي كانت تصفق واتلوح باللعبه الصغيره بايدها وهيه تضحك بمرح طفولي شديد ، وخالد قاعد يطالعها ويبتسم في وجها بمرح وسرور .. ولحظتها ، فتح ماجد باب السياره على عجل وقعد على كرسي السايـق ، وهوه يقول بانفعال ودهشه شديدة :
          ماجد : خالد .. شو اللي سويته هذا ؟!! انته ليش خذت الصغيرة ؟!

          ما رد عليه خالد ، وظل يطالعه من طرف عينه ، وهذا اللي زاد من توتر ماجد فقال بصوت عالي :
          ماجد : شو فيك تتطالعني جذيــه ؟! قــوم رجع الصغيره المركز خلهم ايودونها دار الرعاية و ..

          قطع خالد كلامه في عنف واصرار وهو يقول :
          خالد : لا .. الصغيره هذي ما بتسير دار الرعاية ..

          حرك ماجد حواجبه في دهشه وعجب وقال :
          ماجد : عيل ، وين بتوديها ؟!

          ارتفع صوت خالد وهو يقول بكل صدق وحزم :
          خالد : ماجــد .. انا قررت اني اكفــل ها الصغيره واربيها ..

          انشل السان ماجد وتفكيره من شدة المفاجأه وعيونه مفتوحه لاقصى حد ، وبعد ما استوعب جزء من كلام خالد اتكلم بصعوبه وقال :
          ماجد : انته شو اتقول ؟! .. خالد .. انته بوعيك!! ها لبنيه ما تربطك فيها أي صله واتقول بربيها !!..

          نزل خالد راسه واطالع البنت للحظة قبل لا يقول :
          خالد : بالعكس .. فيه صله كبيره بيني وبينها و ..

          قطع ماجد كلامه في شدة وقال :
          ماجد : يا خالد .. لا اتأثر عليك ها العاطفه المؤقته واتخليج تتخذ قرار تندم عليه بعدين ..

          ابتسم خالد وهوه يرد بخفوت :
          خالد : ما عليك .. ما بندم ..

          وبعناد وعصبيه متزايده تابع ماجد كلامه وهو ايأشر على الصغيره :
          ماجد : يا خالد .. احنا ماصدقنا نتخلص من مشكلة السحر ، وانته الحينه تطلعنا بمشكلة ثانيه !!

          ارتسمت ملامح الغضب على ويه خالد وهوه يقول :
          خالد : وليش اتسميها مشكلة ؟! انا ما بسوي شي معيب او محــرم .. الصغيره هذي مسجله باسم ابوها شرعا وقانونا ومسجله بالجنسية ، واعتقد ان تربية ها اليتيمه المسكينه شرف مب عيبه ..

          تابع ماجد هجومه في اصرار وقال :
          ماجد : يا خالد.. فكر شوي .. احنا ما بنرمي ها الياهله في الشارع .. الياهله بتسير دار الرعايه وبتحصل على كل الرعاية المطلوبه هناك ، وانته كفايه عليك اللي سويته عشانها .. وان شاء الله ينكتبلك اجــر انقاذها ورعايتها بها الفترة ..

          هــز خالد راسه بايجاب وقال :
          خالد : انا ادري انها بتحصل رعاية زينه في الدار ، لكنها ما بتعيش الجو الاسري الطبيعي ، وها البنت محتاجه لابو يراعيها وام اتحن عليها ..و

          ارتفع صوت ماجد اكثر وقال :
          ماجد : بس انته مب ملــزوم برعايتها وتربيتها ..

          حرك خالد بصره باتجاه الصغيره ، وركــز عينه بعيونها ، وهيه بدورها ابتسمت بويهه ببراءه عجيبه ، ولحظتها نطق خالد من أغوار خاطره وقلبه وروحه وقال :
          خالد : لا .. انا ملزوم فيها .. من لحظة ما شفت عيونها واختلط دمعي بدمعها ودمي بدمهــا ، وانا حـاس انها مني وفيني ، كأنــي كنت موجود هناك عشانها ، وكأن قلبها مزروع بقلبي ، وروحها مولوده بروحي .

          ما استوعب ماجــد ها الكلام الروحاني النابع من قلب خالد ، وحاول انه يقنع خالد بطريقه ثانيه لما قال بكل منطقيه :
          ماجد : انزين .. انته ما فكرت بمريم زوجتــك .. يعني شو بيكون موقفها من ها الصغيره اللي عندك ؟!!

          ارتفع صوت خالد وهوه يجاوب بكل عفوية وصدق :
          خالد : اذا مريــم تبانــي ، تقبــل بوجود ها الياهله معــاي و .

          قطع ماجد كلامه بقوه وقال :
          ماجد : يا خالد.. فكــر بمنطق شويه ، منو هذي اللي بترضى اتربي عيال غيرها ؟!! يا خالد .. الواحد با لكاد يقدر ايربي عياله .. ومريم معاها كل الحــق اذا رفضت هذا الوضع اللي تبى اتحطهــا فيه ..

          انخفض صوت خالد شويه وقال :
          خالد : انا ما بجبرها على شي ، اذا وافقت حياها الله ، واذا ما وافقت ...

          ما قدر خالد انه يكمل كلامه ، وفضل الصمت ، وهنيه اتركزت عيون ماجد بعيون خالد بشدة وهوه يقول بحـزم شديد ويأشـر بصبعه على الياهلــة :
          ماجد : وافـرض انها ما وافقــت .. شو بتسوي .. بتختار ها الصغيره ولا مريم ..

          طال صمــت خالد لفتره طويله ، وهوه منزل راسه ويطالع الصغيره اللي متمدده على حضنه ، واللي كانت تتطالعه بعيون مفتوحه على الآخــر وبفــم مفتوح ، وكأنها تنتظــر الجواب من خالــد على سؤال ماجــد الصعب ، وبعد لحظات عصيبه من الصمت والترقب ، نطــق خالد بصعوبه ، لكنه قال بكل صدق واصرار وهوه ايأشر بايده اليمنى على الصغيره :

          خالد : اذا ما وافقت مريم ، باختـار هاي الصغيره وبربيها ، مهما كلفني ها الشي من تضحيات ..

          انصعق ماجد من كلام خالد ، وظلت عيونه مفتوحه من فــرط الدهشه لفتره طويله ، وفي النهاية اتكلم ولسانه يحرقه من فرط الانفعال :
          ماجد : انته شو اتقول !! .. بتضحي بمريم !! .. عقب كل اللي سويتها عشانها .. بتضحي فيها !! .. يا خالد ...بعــد كل ها الحب العظيم اللي حبيتها اياه !!.. بتضحي فيها !! وعشان منوه .. عشان ها الياهله اللي ما تربطك وياها أي صله .. هـذا كلام يعقل يا خالد .. بتضحي بحبــك يا خالـد ؟!!

          التفـت خالد مره ثانية للصغيره الجاثمة بحضنه ، واطالعها بنظره رقيقه مشبعه بكل ما بقلبه من رقــة وحنان ، والياهلــه بدورها ابتسمت بويهه ببراءه ومرح وهيه اتناولـه اللعبه الصغيره اللي بيدها .. ولحظتها .. تابع خالد كلامــه النابــع من اعماق الذات والوجدان وقال وهو ماسك اللعبه بيده اليمنى :
          خالد : صحيح أن الحب نعمه كبيره من نعــم الله الكبيره علينــا.. لكن .. فيه أشياء وايده بحياتنا اهــم من الحـب نفســه .. ومنهــا.. هذي .. هذي الصغيره اللي اعتبــرها أمــانه أأتمني عليها ربي ، وأعاهـده إني اراعيها واربيها تحت بصــره ورحمتــه طول ما أنا عايــش .

          اتجمدت الحروف بحلــق ماجد ، وما لقى أي جواب حاضر بين شفاهه ، ولهذا.. نــزل راسه في استسلام وخضوع أمام اصرار خالد الا محدود ، لكنه وبعد فتره مب قصيره فتح فمــه واتكلم بصوت هادي اشبه بالهمس وقال :
          ماجد : انزين .. احنا لازم انخبر الضابط انك بتحتفظ بالصغيره ، انته نسيت انك خذتها وطلعت بدون ما تقوله باللي ناويه عليه ..

          هــز خالد راسه بهدوء وقال :
          خالد : من ها الناحيه ما عليك ، انا باتصل بعدين بولد عمي ، وهوه ضابط كبيــر في الشرطة ، وبخليه يتفاهم وياهـم ويضبط الموضوع معاهم ، وانا باجــر ان شاء بمـر عليهم وبوقع على ورقة استلام الياهله وتعهـد بتربيها ، وبعدين بمــر الجوازات وباخذ جنسيتها واوراقها من هناك بعد موافقة الشرطة طبعا .

          امتــدت يــد خالد لجيبه ، وطلع منه تلفونه ، ولاحظ ان التلفون مغلــق ، واتذكــر انه التلفون ظل على ها الحاله ليوم او اكثر ، وهنيه فتــح خالد التلفون وضرب على رقــم معين ، قبل لايسأله ماجد بفضول :
          ماجد : وين بتتصل .. حق ولد عمــك ؟!

          هــز خالد راسه بالنفي وقال :
          خالد : لا .. انا باتصل بمريــم .. وبقولها عن الموضوع .. وبخيرها .. وبعطيها فرصــه كافيه عشان تختار .. وانا راضي باختيارها مهمن كان .

          رفع خالد سماعة التلفون ووضعها على اذنه وهو ينتظــر .. وينتظــر ..
          ينتظــر رد مريم على المكالمة ، وينتظــر القرار ... قرار مريــم الاخيــر..
          حتى لو كان القرار .. هو الفراق نفســه ..
          فراقــه من أغلى انسانه عنده .. مريــم ..

          *****************************************
          *********************************
          ****************************

          جلس بومريم على الكرسي الموجود بالقرب من السرير المتمدده عليــه مريم واللي باين عليها بعض من علامات التحسن والنشاط ، ومع هذا سألها ابوها وقــال :
          بومريم : هاه مريم .. شخبارج اليوم ؟!

          ارتسمت ابتسامه خفيفه على ويــه مريم وهيه اتقول :
          مريم : الحمدالله..

          ردد بومريم كلمة مريم الاخيره فقال :
          بومريم : الحمدالله ..

          التفت بومريم صوب الباب ، ولما اتأكد انه مسكــر باحكام تابع كلامه وقـال :
          بومريم : شوفي يا مريم ..انا اتفقت مع بوخالد على طلاقج من خالد ..يعني اليوم ولا باجر بتوصل ورقتج .. ورغــم اني ما كنت اتمنى ها الشي .. لكن.. شو انسوي .. هذا نصيبج ولازم نرضى فيه ..

          نكست مريم براسها في حزن واضح ، لكنها ما نطقت بأي حرف ، فتابع ابوهــا كلامه وقال :
          بومريم : يا مريم .. ها الانسان ما يستاهل تحزنين عليــه ، انتي احمدي ربج انج افتكيتي منه قبل لا تاخذيــنه ..

          عضت مريم على شفايفها في ضيق ، واتكلمت بصوت ضعيف وواطي فقالت :
          مريم : يا بويه .. خالد مهمن كان .. كان ريلي.. ولازم اذكره بالخير و .

          قطع بومريم رمستها وهو يقول بعصبيه مباغته :
          بومريم : أي خير؟!ّ .. أي خير ايينا من وراء ها الطايش خلود ؟!..

          مرت لحظة صمت قصيره قبل لايرتفع صوت بومريم مره ثانيه ويقول بلهجة أمــر :
          بومريم : من اليوم ورايح ، ابيج تنسين شي اسمه خالد .. وكأنج ما عرفتيه من قبل .. فهمتي ..

          اومأت مريم براسها في حزن ، واترددت وايد قبل لاتقول بصوت هامس :
          مريم : هيه .. فهمــت .

          مرت لحظة صمت ثانــيه قبل لا اتابع مريم واتقول :
          مريم : وبالنسبه للمهر اللي دفعوه .. انا لازم ارجعه بالكامــل .. هذا حقهم ولازم ياخــذونه ..

          رد عليها بومريم ببساطة :
          بومريم : انتي ما عليج .. انا برجعلهم كل فلس دفعوه ، بس خلينا نفتــك من شرهــم ..

          التفت بومريم مره ثانيه صوب الباب ، وانخفض صوته شوي وهوه يقول :
          بومريم : وعشان تنسينه بسرعة .. لازم اتكوني واقعية و تقتنعين بالكلام اللي بقولج اياه الحينه ..

          عقــدت مريم حواجبها في دهشه وهيه تسأل :
          مريم : شو تقصد ابويه ؟!!

          وبصوت هامـس وحذر جاوبها :
          بومريم : شوفي يا مريم .. سمعي الكلام اللي بقولج اياه الحينه وفكري فيه عدل .. وحكمي عقلج قبل لا تفكرين بقلبج ..

          اتضاعفت دهشة مريم وهيه اتقول :
          مريم : ابويه .. شو السالفه ؟! قول ..

          اتردد بومريم شويه قبل لا يهمس في أذن مريم ويقول :
          بومريم : مريم ..ولد جارتنــا سالم .. سالم بن عامــر .. انتي اتعرفينه زين لأنج يامــا لعبتي معاه وانتوا صغار .. المهم .. سالم هذا مطلق زوجته قبل شهرين ..بعد ما بهدلته ولعوزته الحرمه والريال هذا بالذات ما عليه كلام.. طيب وهادي ، وانا اعرفه زين واعرف ابوه من زمان و ..

          قطعت مريم كلامه بعصبيه وقالت :
          مريم : ابويه .. انا شو خصني فيه ؟!

          ارتفع صوت ابوها وقال :
          ابوها : يا مريم .. سالم هذا .. يبى يتزوج مره ثانيه ، وما عنده مانع اذا الزوجه اليديده مطلقه بس اتكون بنت خلوقه وزينه، واعتقد انه يناسبج وايد و ..

          ارتفع معدل ضربات قلب مريم ، لانها ما اتصورت رغم يقينها بطلاقها من خالد انها اتكون لغيـره ولهذا ارتفع صوتها وقالت بكل عفويه وخوف :
          مريم : لا..لا .. ما ابغي اتزوج.. ما ابغي اتزوج ..

          انخفض صوت بومريم في محاولة لتهدئتها وقال :
          بومريم : يا مريم .. انا مستحيل اجبرج على شي انتي ما تبينيه .. ومع هذا .. انتي لازم اتفكرين بواقعية ومنطق .. الحرمة مهما جرالها ، مصيرها الزواج ، واهلج مب دايمين لج .. والحرمه ما تقدر تستغني عن الريال طول حياتها ..

          وبعناد متزايد قالت مريم :
          مريم : يا بويه .. انا قررت اتفرغ لشغلي ، وبكمل دراساتي العليا وباخذ الماجستير و الدكتوراه و ..

          ما قدرت مريم اتكمل كلامها ، بسبت الدمعـة الاليمة اللي نزلت من عيونها ، ولحظتها اتكلم بومريم بهدوء وقال :
          بومريم : صدقيني يا مريم ، الحرمه مهمن وصلت وصارت ما تقدر تستغني عن ظل ريال يحميها ويحسسها بالامان ، واكثر عن جيه ، ما تقدر تستغني عن طفل او طفله يحسسها بوجودها وقيمتها بها العالم ..

          ما لقت مريم أي جواب حاضر في ذهنها عشان اترد فيه على ابوها ، فتابع ابوها كلامه وقال :
          بومريم : يا مريم .. خلج واقعية وفكري بعقل ومنطق .. انا اعترف اني غلطت وتسرعــت لما وافقت على زواجج من خالد .. لان خالد ريال عازب وما سبقله الزواج ، واكيد ندم على ارتباطه فيج بعد الملجــه ..

          حاولت مريم انها ادافع عن خالد وقالت :
          مريم : وليش يندم ؟!! .. هو اللي متقدملي بنفسه ؟!..

          وبهدوء شديد رد عليها :
          بومريم : الريال يغير رايه بين يوم وليله ، واعتقد ان خالد حس بالنقص والنــدم بعد الملجه ، يعني اتلاقينه سأل نفسه وقال .. ليش أنا بالذات آخذ مطلقة وغيري من الشباب ياخذ بكــر ؟

          نكست مريم راسها في ضيق ، وهيه تسمع لكل الاحتمالات الخاطئة من ابوها لكنها فضلت السكوت ، وهنيه تابع ابوها كلامه وقال :
          بومريم : لازم نتعامل مع الواقع بكل آلامــه ، وانا اشوف ان سالم هو الانسب لج ، لانه مــر بنفس ظروفج ، ومحد بيقدر يفهمج ويحس فيج كثره ..

          تنهد بومريم لحظة ثم قال :
          بومريم : يا مريم ، اذا بغيتي تنسين خالد باسرع وقت ، لازم ترتبطين بغيره ، وسالم هو افضل زوج يناسبج .. وصدقيني ما بتندمين على زواجج منه ..

          اتركزت عيون بومريم بعيون مريم بشده وقال :
          بومريم : هاه يا مريم .. شو قلتي ؟!..

          اترددت انفاس مريم بصعوبة ، وحاولت انها تتكلم ، لكنها ماقدرت ...و السانها ما طاوعها .. ولاحظ ابوها ترددها وارتباكها ، ولهذا أكد على كلامه السابق وقال :
          بومريم : شو قلتي ؟!

          طال سكوت مريم هالمرة وهيه ادور على مخرج من هالموقف العصيب ، وفي النهاية نطقت بصعوبة فقالت :
          مريم : ابويه .. عطني فرصه افكــر .. وان شاء الله ما بتسمع الا اللي ايسرك ويرضيك ..

          هــز بومريم راسه بايجاب بعد ما حس باقتناع مريم المبدئي بكلامه وقال :
          بومريم : ما عليه .. خذي وقتج .. بس فكري بعقل وواقعية.. واتأكدي ان مصلحتج أهــم شي عندي .. و.

          قطع صوت التلفون الباقي من كلام بومريم ، والتفت بومريم جهــة مصدر الصوت ، وشاف تلفون مريم وهوه يرن على طاولة مكتبها ولحظتها اتكلمت مريم وقالت :
          مريم : ابويه .. ما عليك أمــر .. تسمح اتناولني تلفوني من على الطاولة ..

          قام بومريم من على الكرسي ، واتحرك صوب الطاوله وحمل التلفون بيده اليمنى ، وسلماه لمريم .. واول ما مسكت مريم التلفون ، اطالعت الرقم بدهشه وهيه اتقول :
          مريــم : غريبــه .. هذا رقــم خالد ؟! شو يبى ؟!

          ارتفع صوت بومريم بغته وصرخ في عصبيه :
          بومريم : ولـه ويــه يتصل بعد ؟! شو يبى ؟! كل شي انتهى بينا ؟!

          امتدت يــد بومريم صوب التلفون وهوه يقول بغضب :
          بومريم : عطيني اكلمه .. انا بعرف شغلي معــاه .. عطيني التلفون ..

          قبل لا تلمس يد بومريم التلفون ، سحبت مريم التلفون بعيد عن ايده وهيه اتقول بتوسل :
          مريم : با بويه .. الله ايخليك .. خلني اكلمــه .. واشوفه شو يبى.. وانا أعـرف كيف أرد عليه ..

          بدا الضيق الشديد على ويه بومريم وقال :
          بومريم : انزين .. كلميه .. بنشوف شو آخرتها معاه ..

          وبهدوء ولا مبالاة ضغطت مريم على زر الارسال ، وبعد ثانيه سمعت صوت خالد على الطرف الثاني وهوه يقول :
          خالد : السلام عليكم ..

          ردت عليه مريم بجفاء وعصبيه وصرخت بويهه بكلمات سريعة فقالت :
          مريم : انته شو تبى .. انا قلتلـك لا تتصل فيني .. وبعدين ليش ما طرشت ورقة طلاقي لين الحينه ؟!

          اتوقعت مريم أن يوصلها رد هادي من خالد ، لكنها اتفاجأت بارتفاع صوت خالد وهوه يرد عليها بعصبيه مرعبه وهوه يقــول :
          خالد : لا تصارخين بويهي .. ولا تنسين اني بعدني ريلــج ..

          خافــت مريم من عصبيته الغير متوقعه ، فخفضت صوتها وايد وهيه اتقول :
          مريم : انزين .. شو تبى الحينه .

          تنهــد خالد لحظة ثم رفع صوته وقال بهلجــة أمــر شديده :
          خالد : طولي بالج وسمعيني للآخر ، وبدون ما تنطقيـن بكلمة وحده .. فهمتي ..

          استاءت مريم من لهجته الشديده ، لكنها اتحاملت على نفسها وقالت بدون مبالاه وكأنها تبى تنهي المكالمة بأسرع وقت :
          مريم : انزين .. قول اللي عندك بسرعة ..

          صمت خالد شويه عشان ايرتب افكاره ، ثم باشــر باخبار مريم بكل ما جراله ، ومع كل كلمه ينطقها كانت عيون مريـم تتسع وتتسع ، لدرجة ان ابوها اللي قاعد يطالعها بتركيز ، حس وكأن عيونها بتطلع من محجريها ، ولما انتهى خالد من كلامه ، ظلت مريم جامده مكانها وعيونها مفتوحه على الأخر ، وابوها يطالعها بفضول شديد وخاطره ايعرف شو السالفه !!

          سكت خالد بعد سرده للسالفه ، ومع سكوته ظــل ينتظــر أي كلمة تطلع من فــم مريم ، وبعد فتره مب بسيطه ، نطقت مريم بصعوبه والحيره والدهشه مغرقين ويها وقالت :
          مريم : انتي سويت كل هذا عشاني ؟!!

          رد عليها خالد بصدق وقال :
          خالد : هيه.. عشانج .. بس مب هذا المهم الحينه ..

          اندهشت مريم من كلامه فقالت :
          مريم : مب مهم !! عيل .. شو المهـــم ..

          التفت خالد ونظـر للياهله القاعده بحضن ماجد وهوه يقول :
          خالد : الياهله هذي اللي خبرتج عن سالفتها .. انا قررت اكفلها واربيها .. وانا من باجر .. باخذ اوراقها وجنسية ابوها من الجهات المختصه ..

          عقدت مريم حواجبها وهيه اتقول :
          مريم : بتربيها !!!

          هــز خالد راسه باصرار وقال :
          خالد : هيه .. بربيها .. سمعي يا مريم .. انا ادري انج مب ملزومه ولا مجبوره انج اتربيـن عيال غيرج ، ولهذا .. انا اعفيج من أي التزام نحوي .. وصدقيني ما بزعل من أي قرار تتخذينه .. ومهمن كان هذا القرار .. و

          قطعت مريم كلامه بانفعال وهيه اتقول :
          مريم : يا خالد انا ..

          ماعطاها خالد فرصة اتكمل كلامها لانه قطعه وهوه يقول :
          خالد : مريم .. لا تتسرعيــن في قــرارج ، وخذي وقتج في التفكير ، فكري يوم او اثنينه او اسبوع او اكثر ... واذا انحرجت انـج اتردين علي ، لا تردين.. وبعتبر عدم الـرد بمثابة عدم الموافقه ، وبتوصلج ورقة طلاقج بأقرب فرصه.. واكرر واقول.. صدقيني.. وصدقيني اني ما بزعل ابدا منــج ، وبتظلين في قلبي طول عمــ....

          ارتفع صوت مريم فجأه وقالت :
          مريم : خالد !!

          صمت خالد لحظة قبل لايقول بهمس :
          خالد : نعم ؟!!

          ما انتظر خالد كثير ، ووصله الرد الحازم من فم مريم لما قالت :
          خالد : ما يحتــاي افـكر ..

          اندهش خالد من كلامها وقال :
          خالد : ما يحتاي اتفكرين ؟! شو قصدج ؟!!

          اتقاطـر الصدق بغزاره من فــم مريم وهيه اتقول :
          مريم : هيه .. مايحتاي افكر .. تدري ليش .. لان المسأله ما تحتاج أدنى تفكير مني ، فكيف تباني افكر ؟!

          ما فهم خالد مغزى كلامها ، ولهذا انتظر ليما تابعت مريم كلامها وقالت بصدق عميق :
          مريم : كيف تباني افكر؟! .. كيف تباني أفكــر وانته لما اخترتني .. اخترتني بوضعي وظرفي اللي انا فيه .. مطلقه .. فكيف ما تباني اعيش معاك تحت أي وضع او ظرف انته فيه .. ومهمن كان ..

          بها اللحظة كان ابوهــا يطالعها بنظرات دهشه وبخاطره يعرف شو الحوار الدايـر بينها وبين خالد ، لكن مريم تابعت كلامها وقالت بإحساس عفوي صادق :
          مريم : يا خالد .. كيف تباني افكــر وانته مقبـل على ها العمل العظيم .. تربيه ها المسكينة اليتيمه وما اشاركك أجــر كفالتها وتربيتها عند رب العالمين ..

          ارتسمت ابتسامه خفيفه على شفاة خالد ، لكنها ما لبث ان خفت بعد ما ارتفع صوت مريم بغته وهيه اتقول :
          مريم : ولا تنسى شي مهم يا خالد ... مهم وايد وايد ..

          حرك خالد حواجبه في دهشه وهوه يتساءل ويقول :
          خالد : شي مهم ؟؟ مثل شوه يعني ؟!

          بدت الصرامه الشديده على ويه مريم ، قبل لا تنطق بكل حــزم وصدق وهيه اتعــض بشده على حروف كلماتها واتقــول :
          مريم : لا تنسى يا خالد ان الصغيره هذي .. بنــت الامارات .. بنت الامــارات يا خالـــد .. بنت الامـارات ياخالـد ..

          اترددت كلمات مريم السابقه عشرات المرات في اذن خالد ، وقلبه ، وكيانه ، وروحه ، وبان عليه التأثر الشديد وهوه يطالع الصغيره الجالسه بحضن ماجد واللي كانت فاتحه عينها وتتطالع خالد بلهفه وكأنها تنتظـر نتيجة المكالمة ..

          ولحظتها ، رد خالد عليها وصوته يرتجف من التأثر ويقول :
          خالد : لا ما نسيت .. وهذا العشــم فيج يا مريم .. وقراري باختيارج كان افضل قرار اتخذتـه بحياتي ..

          طال سكوتهم بعد كلمة خالد وظلوا صامتين لفتره ، وما قطع هالصمت الا صوت بومريم ، وهوه يسأل بدهشه وفضول :
          بومريم : مريم.. شو السالفة ؟!!

          انتبهت مريم اخيرا لوجوده ، لكنها ما جاوبته ، وظلت صامته ، وشعر خالد بهيجان مشاعرها ، فغير لهجته وقال بشي من المرح :
          خالد : مريم .. ممكن ازوركم باجــر باليـل لو سمحتي ..

          ظلت مريم صامته لحظات ، قبل لا تضحك بنعومه.. الضحكه اللي هيجت ابوها الجالس امامها وهوه فاتح فمــه من فـرط الدهشه ، قبل لا يصرخ بويها ويقول :
          بومريم : شو فيج تضحكيـن ؟!!

          اتجاهلتـه مريم ، وكأنه ما تسمعه او انه غير موجود ، واتكلمت بكل دلال ودلع وهيه اتوجه كلامها لخالد فقالت :
          خالد : حياك الله بأي وقت .. البيت بيتك يا خالد ...

          ارتفع ضغط بومريم وهوه يسمع كلامها ويشوف الضحكه اتشــع من ويها ، فاتكلم وقال بكل دهشه :
          بومريم : البيت بيته ؟!!

          استمرت مريم في تجاهلها لابوهــا ، وهيه تستمع باهتمام لخالد وهوه ايقولها بصوت هامس :
          خالد : تسلمين يا مريم .

          ارتفع صوت خالد شويه وهوه يحاول انهاء المكالمة فقال :
          خالد : آآ .. مريم .. بخليج الحينه .. ماتامرينا بشي ..

          استمرت ابتسامة مريم وهيه اتقول :
          مريم : سلامتك .. بس .. لا تنسى ..

          جذبت كلمة مريم الاخيره اهتمام خالد فاتساءل باهتمام :
          خالد : انسى شوه ؟!

          اتسعت ابتسامتها اكثر ، وابوها جدامها يغلي ويزبــد من الحيره ، وقالت بصوت حنون دافي :
          مريم : لا تنسـى اتييب الصغيرونه معاك باجر .. انا حابه اشوفها ..

          انتقلت نفس الابتسامه من شفاه مريم لشفاه خالد ، وقال بلهجة طاعه :
          خالد : ان شاء الله ..

          تنهد خالد ثواني بسيطه ، ثم تابع كلامه وقال في محاوله ثانيه لانهاء المكالمة :
          خالد : انزين عيل .. يا الله فمان الله يا ..

          قطعت مريم كلامه مره ثانيه وقالت بلهفه واضحه وبصوت عالي :
          مريم : خالد ..

          اطلعت كلمة عفويه من فــم خالد لما قال :
          خالد : هااااااه .

          رفعت مريم راسها ، واطالعت ابوها بنظره غريبه خلتـه يرفع حواجبه من أثرها ، وهوه يطالعها بحيره ودهشه .. ولحظتها .. ما قدرت مريم انها اتقاوم بركان المشاعر الثائــر بقلبهــا ، ليسـري لهيــبه بكل جسمها ، ويصل في النهاية لاطراف السانها .. وهنيه.. ما استحـت مريم ، ولا خيلـت ، ولا خجلـت من ابوها الجالس امامــها وهيه اتقول بكل دلال ودلع ولهفه وشوق :

          مريم : والله اني أحبـــك يا خالــــد ..

          اتضاعفت دهشة بومريم وحيرته ألف مره ، وكادت عيونه انها تطلع من مكانها من فـرط دهشته ، وهوه مستغرب من جرأت مريم العجيبه وقلـة حيائها أو عدمــه ، ومستغرب من فرحتها العارمه المغرقه وجها .. لكنه.. وبعد لحظة تفكير بسيطه ، ادرك تماما استحاله التفريـق بين مريم وخالد .. ومالقى بها اللحظة غيرانه يهـز راسه في استسلام ، و يبتسم لبسمتها ويفرح لفرحها قبل لا يقوم من مكانه ويتحرك جهة باب الغرفه عشان ايغادرها حتى بدون ما يسألها عن سبب سعادتها .. وفعلا ..طلــع من الغرفه وهوه تارك مريم خلفه وهيه في قمة نشوتها وبهجتهــا .

          أمـــا خالد ، ولحظة ما سمع جملة مريم الاخيره ، انتشـت روحه ، واشتعل لهيب المشاعــرالساخن بقلبه ، وحاول انه يــرد عليها بنفس الكلمة او اكثر ، لكنه استحى من مـاجد الجالس عدالـــه ، ولهذا ، طلعت من فمــه كلمات سريعه وهوه ينهي المكالمة ويقول :
          خالد : وانــا بعد .. وانا بعــد ... يالله .. فمان الله .. باتصلج بعدين ..

          اتسعت ابتسامة مريم وهيه اتقول :
          مريم : فمان الله يا خالــد ..

          سكرت مريم التلفون ، وتبعها لنفس هالعمل خالد ، واللي كانت الابتسامه تسرح على وجهه ، مما دفع ماجد لأن يسأله بالحاح ويقول :
          ماجد : خالد .. انته ليش مبتسم . . وبعدين شو قالت مريم عن الياهله ؟!!

          التفت خالد صوبه ، وركــز عيونه في عيون ماجد ، قبل لا ينزل راسه ويطالع الصغيره بمرح ، وهوه يسحب الدبوب الصغير من ايدها ويهــزه بخفه في ويهها ، وهيه تتضحك بفرح طفولي شديد ، ثم يعطيها اللعبه مره ثانيه ، ويرفع راسه مره ثانيه ويطالع ماجد وهوه يقول :
          خالد : مريم قالت .. ما يحاي افــكر .

          اتساءل ماجــد بدهشه :
          ماجد : ما يحتــاي اتفــكر ؟!!

          هــز خالد راسه بمرح وقال :
          خالد : مريم قالت ، انا تتشرف بتربيه ها اليتيمه بكل ما فيه من ثواب ، وقالت ان البنت هذي بنت الامارات ، يعني تربيتها واجبه عليها ..

          اتسعت عيون مــاجد وهوه يقول :
          ماجد : هيه قالت جذيه ؟!

          هــز خالد راسه بايجاب وقال بكل حــزم :
          خالد : هيه نعــم.. قالت جذيــه ..

          ظلت عيون ماجــد مفتوحه لفتره ، لكنه ابتسم في النهايه وقال بصوت خافت :
          ماجــد : تبى الصدق يا خالد .. انا في البدايه .. وبيني وبين نفسي .. ما كنت مقتنع وايد بزواجك من وحده مطلقه ، وكنت اقول بخاطري.. حرام .. خالد بعده شاب عازب ومن حقه يتزوج بنيــه بكر حاله حال غيره ، لكــن .. اذا كانت المطلقه بدين واخلاق مريــم ، فاسمحلي اقولك ان اختيارك كان سليــم وسليم جدا ، وديــن البنية واخلاقها هــم أساس الاختيار .. مهمــن كان وضعها .. حتى لو كانت وحــده مطلقــه ..

          ابتسم خالد في نشــوه ، ثم قال وهوه يطالع ماجــد من طرف عينه :
          خالد : وحتى انته .. بتبـتلي بوحــده مطلقه أم السان طويل واسمها روضه .. بطلع روحك ، وبتخليك تنــدم انــك خــذت مطلقــه .

          ضحــك ماجــد بنفس المرح ، لكنه اتصنع العصبيه فجأه قال :
          ماجد : خالد .. ما اسمحلك تتكلم عن زوجتي جذيه !!

          اطالعه خالد بنص عين وهو يضحك ويقول :
          خالد : لا والله .. انته بعدك ما خذتها واتقول جذيه .. عيل لمــا تاخــذها شو بتقــول ؟!!

          جاوبه ماجــد بصدق :
          ماجد : بحطها بعيونـي طبعــا ..

          استمرت ضحكة خالد وهوه يقول :
          خالد : هذا كلام بس .. باجــر لما اتشوف الويـل منها بتقول خالد قـال ..

          ضحك ماجد من خاطره ، واستمروا في ضحكاتهم العاليه لثواني قبل لا تنقطع بسبب صوت رنين تلفون خالد ، ولحظتها رفع خالد التلفون وشاف الرقم بهدوء ، ثـم ضحك مره ثانيه وهوه يقول :
          خالد : الطيب عند ذكـره .. هذي روضه متصله فيني ..

          بعد كلمة الاخيره ، ضغط خالد على زر الارسال وضحكته مازالت مرسومه على ويهه وقال بهدوء :
          خالد : السلام عليكم .

          ردت روضه بسرعه وعصبيه :
          روضه : وعليكم السلام ..

          فتــح خالد فمــه عشان يتكلم ، لكن روضه سبقته وقالت وهيه منفعله :
          روضه : وينــك انتــه .. انا من يومين اتصلك وتلفونك مغلق ..

          جاوبها خالد بهدوء وصوت الضحكة يوصل لروضه بوضوح :
          خالد : ها اليومين انشغلت وايد والظاهر اني نسيت افتح التلفون و ..

          قطعت روضه كلامه وهيه مستاءه من ضحكته فقالت بغضب:
          روضه : انته تضحك يا خالد والبيت شـــاب نــار ..

          خفت ضحكة خالد شوي ، وبان عليه الاهتمام وقال :
          خالد : ليش ؟!! شو صاير ؟!!

          جاوبته بسرعه وانفعال :
          روضه : أبــوك عرف بسالفة السحر اللي سوته امــك .

          اتغيرت ملامح وجه خالد شويه وهوه يسألها :
          خالد : وابويه اشدراه .

          وبانفعال متصاعد وبكلمات سريعة جاوبته :
          روضه : اول امس بالليل.. يانا عمك .. ابومريم .. وكان معصب وزعلان وايد ، وقال كلام جارح لابوك وطلب منه انــك اطلق مريم على طول ، وماراح الا بعد ما أكدله أبوك انك بطلق مريم ، وبعد ما راح ، انفعل ابوك وايد وكان زعلان عليك على الآخر ، وعشان جذيه اعترفت امــك باللي سوته وطلبت منه ايسامحها ، لكنه حلف انه يطلقها اذا انته طلقت مريم ، وما اكتفي بهذا ، قام وطردها من البيت والحينه امـك قاعده في بيت خالتك.

          اتوقعت روضه ان خالد يزعل ويتكــدر بعد كلامها هذا ، لكنه فاجأها وادهشها بضحكه خفيفه وهو يقول ببرود شديد :
          خالد : ماعليج .. بسيطه ..يصير خير .. كل شي بينحل و ..

          قطعت روضه كلامها بعد ما استفزها بروده وقالت :
          روضه : شو اللي بينحل ؟!! اقولك ابوك بيطلق امك واتقولي يصير خير ..

          ارتفع صوت خالد وهوه يقول بنفس الصوت الباســم :
          خالد : قلتلج ماعليج .. انا بتصرف .. اطمني ..اطمني

          حركت روضه بوزها في ضيق وهيه اتقول :
          روضه : انزيــن .. متى بترجع البيت ..

          ابتسم خالد بهدوء وقال :
          خالد : بعد شويه .. بس معاي ضيف او بالاحرى ضيفه صغيره ..

          اتساءلت روضه بدهشه :
          روضه : ضيفه صغيره !!

          وبهدوء شديد جاوبها :
          خالد : هيه ضيفه صغيره ..

          التقط خالد نفس سريع ثم تابع وقال .
          روضه : آآ .. روضه .. مب وقته الحينه .. يوم بوصل البيت بخبرج بكل شي .. وان شاء بترجع الوالده باجــر من بيت الخالة .. يعني اطمني ولا اتحاتين ابدا ..

          انخفض صوت روضه شويه وهيه اتقول :
          روضه : انزين ..

          التفت خالد جهة ماجد واطاعله بنظره سريعه وهو يقرأ الحروف من عينه ثم تابع وقال :
          خالد : آآ .. روضه.. ماجد ايسلم عليك ..

          اتغيرت تعابير وجه روضه وانخفض صوتها وايد وهيه اتقول :
          روضه : الله ايسلمه ..

          ابتسم خالد بهدوء وهوه يقول :
          خالد : انزين روضه .. فمان الله ..

          ردت عليه بامتنان :
          روضه : فمان الله ..

          أغلـق خالد التلفون بهدوء ، والابتسامه ما راضيه اتفارق ويهه ، رغم كل اللي سمعاه من روضه عن امــه .. لانه وبها اللحظة بالذات.. ما يبي أي شي في الدنيا يعكر عليه لحظات الفرحــة ..
          والحـــب ..
          والسعـــادة ..
          *********************************************

          في اليوم الثاني ، وبعد صلاة العشاء بنص ساعة ، وبميلـس بيت خالة خالد المقيمــة فيه ام خالد ، اتركزت عيون ام خالد على الياهله الصغيره اللي قاعده تلعب على الارض امامها .. وبعد لحظات طويله من التأمل في ملامحها ، التفتت مره ثانيه جهة ولدها خالد الجالس جنبها ، واتكلمت بهدوء مشوب بالدهشه فقالت :
          ام خالد : هذي هيه الصغيره اللي خبرتني عنها ؟

          هــز خالد راسه بايجاب وقال :
          خالد : هيه .. هذي هيه ..

          التفتت ام خالد مره ثانيه صوب الطفله ، وملامح الدهشه مرسومه بعمق على ملامحها ، ورجعت ببصرها مره ثانيه جهة خالد وقالت :
          ام خالد : انا لين الحين ما مصدقه اللي صار !! اتسير المقبره عشان اطلع العمل ، وتشهد على ها الجريمه البشعه بنفسك !!

          رد عليها خالد بصوت هادي ومتزن :
          خالد : يا اميه .. اللي صار قدر ومكتوب .. وانا مثل ما قلتلج .. انا قررت اتكفل برعاية ها الصغيره وتربيتها ..

          انفعلت ام خالد بغته وقالت :
          ام خالد : يا خالد .. لا تتسرع في قرارك وفكــر عدل .و

          قطع خالد رمستها وهوه يقول بنفس الانفعال :
          خالد : انا فكرت عدل ، ومقتنع بقراري هذا ..

          ارتفع صوت ام خالد اكثر وهيه اتقول :
          ام خالد: بس يا خالد .. انته مب ملزوم انك اتربيها ، وكفايه اللي سويته عشانها .

          اشتدت لهجـة خالد وهوه يقول :
          خالد : يا اميه انا ما بسوي شي غلط أو حرام ، وتربية ها المسكينة اليتيمه ، له ثوابه الكبير عند الخالق .

          هــزت ام خالد راسها وهيه اتقول :
          ام خالد : انا معاك ، كفالـة اليتيم له أجــر كبير ، بس انته تقدر تكلفها بدون ما ادخلها عندك البيت ، يعني تقدر تطمن عليها وهيه في دار الرعــاية .

          تبادل خالد معاها نظرة طويله ثم قال :
          خالد : بس هاي الصغيره بالذات غير .. انا من لحظة ما شفتها وشرفني ربي بانقاذها وهيه داخله بقلبـي ، وعندي احساس ان ربي سخرني عشانهـا .

          التفتت ام خالد جهة الصغيره ، والقت عليها نظره خاطفه قبل لا اتعاود الالتفات لخالد وهيه اتقول :
          ام خالد : بس فيه مسـألـه وايد هامه وحساسه ، انته ما فكرت فيها ..

          اهتم خالد بجملتها الاخيره ولهذا قال :
          خالد : مثل شوه يعني ؟!..

          جاوبته بثقه وحزم :
          ام خالد : يا خالد ، انته ما فكرت في المستقبل ، يعني لما تكبر ها الصغيره شو بيكون وضعها ؟! .. باجر لما تكبـر وتبلـغ ، بتصير بنت اجنبيـه عليك وعلى عيالك وبتنقض عليكم وبيحرم وجودهــا عندكم ، لازم اتحــط في بالك هذا الشي وتوعيه تماما .. البنت هذي بتصير اجنبيه عليكم ..

          اتوقعت ام خالد انــه يتفاجأ من ملاحظتها الدقيقه ، لكنه هوه اللي فاجأه لما ابتسم بهدوء ، وهذا اللي خلاها تسأله بدهشه وتقول :
          ام خالد : شو فيك تبتسـم ؟!!

          استمر خالد في ابتسامه ، ثم قال بهدوء تام :
          خالد : يا سبحان الله .. مرات اتمــر علينا ظروف واقــدار نستـاء منها في وقتها ، وما ندري ولاندرك خيرها وفائدتها ألنا الا في المستقبل القريب أو البعيــد ..

          ما استوعبت ام خالد مقصــد ولدها ، فسألته باهتمام وفضول :
          ام خالد : شو قصدك ؟!!

          التـقــط خالد نفس قصير ، ثم قال :
          خالد : يا اميــه .. انتي من ساعة ماحملتـي ، وانتي تتشـكين ومتضايقه من حمالج هذا ، بحجة انه حـدث في ســن متأخــر .. صح.

          وبحركة عفويه هزت راسها وهيه اتقول :
          ام خالد : هيه صح .. بس شو علاقة هذا بموضوعنا !!

          ابتسم خالد مره ثانيه وهوه يتابع كلامه :
          خالد : بس انتي ما دريتي ولا ادركتي ان حمالج هذا بيكون له فايده كبيره .. سواء للياهل اللي في احشائج او لغيره ..

          رفعت ام خالد حواجبها وهيه اتفكـر بعمق ، ثم نزلتها مره ثانيه وهيه اتقول ببطء شديد :
          ام خالد : يعني تقصد انك تباني ارضــع هذي الياهله عشان اتصير اختك بالرضاع فتحرم عليك وعلى عيالك .

          اتسعت ابتسامه خالد اكثر وقال :
          خالد : عليج نور .. هذا قصدي تماما ومايحرم بالنسب يحرم بالرضاع ، وعلى فكرة ترا الياهله هذي لين الحينه ترضع طبيعي ، وبنيبلها مرضعه ليما تولدين بالسلامه في الشهر الياي ، وبعدها بتكملين رضاعتها بنفسج مع اخوي الصغيـر.. ولا انتي ما مستعده اترضعينها ..

          انفعلت ام خالد بصدق وقالت :
          ام خالد : انا مستعده اسوي أي شي عشان اكفر عن ذنبي معاكم ، وانا على كثــر ما كنت متضايقه من حملي وانا بها السن ، على قد ما انا فرحانه بها الحمل لاني برضع ها اليتيمة وبصير امهــا ..

          التفت خالد صوب الياهله ورمقها بنظرة حانيــه قبل لايقول بنشوه طالعه من اعماق القلــب :
          خالد : هيه يا اميه .. صحيح ان الياهله هذي خسرت ابوها وامها ، لكن الله عوضها باكثر من أب وأم ، انتي بتصيرين امها اللي اترضعها ومريم الام اللي اتربيها ، وابويه ابوها بالرضاع وانا ابوها اللي بيربيها .. هذا غير الام الثالثه اللي بترضعها حاليا ..

          مرت لحظة صمت بعد كلام خالد الاخير ، وام خالد اتحاول تقنع نفسها بقبول كلامه ، لكن الشك ما زال محاصر تفكيرها فقالت :
          ام خالد : بس يا خالد ، انا لين الحينه مصره انك ما مدرك عواقب قرارك هذا .. يا خالد .. تربيه اليهال صعبه ومتعبــه وايد .. اسألني انــا عنها .. والواحــد بالكاد يتحمــل تربيه عياله ، فكيف يتحمل تربيه عيــال غيره ...

          وبابتسامه واثقــه رد عليها :
          خالد : اللي عنده زوجــه مثل مريم ، ما يحاتي ابــدا ..

          ارتفع صوت ام خالد وهيه اتقول :
          ام خالد : يا خالد .. مريم مب ما مجبوره ولا ملزومه بتربيه ياهله غريبه عنها ، واي وحده بمكانها من حقها ترفض هذا الشي ، خصوصا ان البنت مب بنتـك ..

          وبثقه بلا حدود جاوبها :
          خالد : يا اميه .. مريم موافقــه .. لا .. ومتحمسه اكثر عني ..

          رفعت ام خالد حواجبها من الدهشه وهيه اتقول :
          ام خالد : موافقــه ؟! موافقه على الوضع هذا ؟!!

          هــز خالد راسه بثقه ورمـق أمــه بنظره صارمه وقال :
          خالد : هيه موافقه .. وقالت ان شرف تربية ها البنت اليتيمه ما يعدله شرف ، وأجــر تربيتها اكبــر نعمة بتحصل عليها في حياتــها ..

          استمرت ام خالد في دهشتها ، فقالت باستغراب واضح :
          ام خالد : مريم قالت جذيــه ؟!!

          عاجلها خالد بجوابه الصارم الواثق وقال :
          خالد : هيه نعم .. وقالت اكثر عن جذيه بعد ..[/align]

          تعليق


          • #20
            اتساءلت ام خالد بفضول :
            ام خالد : شو قالت ؟!!

            القــى خالد نظــره طويله على الصغيرونه اللي كانت تلعب باللعبه الصغيره ، ورجع يطالع امــه بنظره اطول ثم قال بحزم وهو ايأشر على الصغيره :
            خالد : مريم قالت لي...لا تنسى يا خالد ان الصغيره هذي بنت الامارات ، بنت الامارات يا خالد.. ، وكانت تقصد من كلامها ان بنت الامارات اتصير بنتهــا .. من لحمها .. ودمها .. وواجب عليها رعايتها وتربيتها ... حتى لو ما كانت من صلبها ..

            كان لكلام خالد الاثــر الشديد على ام خالد بحيث حست بثوره شديده بمشاعرها و شعرت بصغر نفسها وقلة شأنها امام مريم ، ولحظتها .. قام خالد من مكانه ، واقترب من امه ، وهوه يطالعها بنظرة عتــاب طويله قبل لايقـول :
            خالد : شفتي يا اميه .. شفتي المطلقة اللي كنت رافضتنها شو تقدر اتسوي . .. وشو تقــدر اتقــدم لدينها ووطنها ..

            عضت ام خالد باسنانها على شفاها من الحسرة والندم ، وهيه اتقول بكل صدق واحساس :
            ام خالد : صدقت والله ، واشهــد اني كنت عمياء ، ومب انا وحدي .. لا .. كل انسان و كل فرد في مجتمعنا نطــر للمطلقة بنظره دونيه أو انها اقل من غيرها ، اكيد بيكون أعمي.. أعمى القلب والبصر والبصيره .. وقبل لايحكم عليها ويقلل من شأنها لازم يسأل نفسه ويقول : شو تقدر اتقدم ، وشو قدمت ها المطلقه لدينها ووطنهــا ومجتمعها ..

            أشاحت ام خالد ببصرها لجهة بعيده من الميلس قبل لا ترجع ببصرها واتركزه بعيون خالد و اتابع كلامها واتقول بصوت هامس :
            ام خالد : تدري يا خالد ..اليومين اللي قعدتهم هنيه أثــرت فيني وايد ... وادركت شكثـر تبطرنا على النعمه .. انا ياخالد كنت قاعده في بيت واسع معززه مكرمــة.. ومع هذا ما شكرت ربي على الخير وعصيته وارتكبت ما يغضبه بحجة حرصي على ولدي .. لكني ولما انتقلت من السعة الى الضيق ، ومن بيت واسع وفاخر لبيت ما محصله فيه غرفة وحده ، عرفت اشكثر عقولنا صغيره .. النعمه بيــدنا.. وانفرط فيها بنفس اليــد ..

            ران على المكان صمت طويل ، ما قطعه الا نظـرة حانيه من عيون خالد وهوه يقول :
            خالد : يا اميه .. اللي فــات راح وانتهــى .. وانــا كلمت ابويــه واتفاهمت وياه على موضوعج ..و ..

            قاطعته ام خالد وهيه تسأله بلهفه :
            ام خالد : وشو قال ؟!

            ابتسمت خالد وقال :
            خالد : في البدايه رفض ، وقال مستحيل اسامحها قبل لا اتسامحها انته ومريم ، ولما قلتلــه اني مسامحنج ومريم مسامحه ، هدت نفسيته وسامحج وقال انه بيردج لبيتج بنفسه .

            انتشت ام خالد واتهللت وجها وهيه اتقول :
            ام خالد : والله ؟!

            هــز خالد راسه بفرح وهوه يقول :
            خالد : يا اميه .. صحيح ان ابويه عصبي شويه .. لكن قلبه طيب .. وبوخالد ما يقدر يستغني عن ام خالد .. عشرة عمــر .. وابويه بعد شويه بييلج البيت هنيه بنفسه ويرجعج بيتج معززه مكرمه مثل ما كنتي وأكثر ..

            اتسعت ابتسامه ام خالد وهيه تتطالع خالد بكل امتنان وحب ثم قالت :
            خالد : تسلم يا خالد .. الله ايخليك ويكتبلك السعاده مع زوجتك مريم طول عمرك ..

            اقترب خالد من امه ، وحبها على راسه ، ثم وضع راسها على كتفه الايمن وهو يقول :
            خالد : ويخليج النا يا اغلى ام في الدنيا ..

            مرت لحظات طويله وهـم بها الحالة ، قبل لا تسحب ام خالد نفسها ، وتلتـفت جهة الصغيرونه اللي قاعده تحبو ببطء ، وهنيه.. ركزت ام خالد بثياب الصغيره ، ولاول مرة اتلاحــظ ام خالد وبدقة تقاطيع الفستان الابيـض الانيق الصغير الغير مكتف اللي لابستنه الصغيرونه واللي تنعكس انوار الثريا من ازراره ، ولهذا التفتت ام خالد جهة خالد وهيه اتأشر على الصغيرونه واتقول :
            ام خالد : خالد .. الفستان اللي لابستنه الصغيره وايد حلـو عليها .. انته من وين يابنــه ..

            ابتسم خالد بعذوبه وقال :
            خالد : اليوم العصر سرت السوق ، وشفت ها الفستان وعجبني ، وقلت بشتريه للصغيرونه عشان اكشخها شويه قبل لاتشوفها مريم اليوم ، وفعلا اشتريت الفستان ، وخليت اختي روضه اتلبسها واتسحيها واتعدلها ، والحمدالله طلع الفستان قياسها تماما.. وزايدنا جمال على جمال ..

            شاركته امه الابتسامه وهيه اتقول :
            ام خالد : وانته ناوي اتوديها عند مريم ..

            حرك خالد راسه بايجاب وقال :
            خالد : هيه .. مريم طالبه اتشوفها .. وانا بسيرلها بعد ما اطلع من عندج الحينه ..

            بعد كلمة خالد الاخيره ، قام بالفعل من مكانه ، واتجه صوب الصغيرونه ، وحملها من على الارض ، وهوه يقــول :
            ام : هاه اميه .. ما تامرينا بشي ..

            وبامتنان شديد قالت :
            ام خالد : سلامتك يا خالد .. وسلم على مريم وايد ..

            ابتسم خالد وقال :
            خالد : يبلــغ انشاء الله ..

            رفعت ام خالد ايدها اليمنــى وهيه اتأشر على الصغيره واتقول :
            خالد : سلام .. سوي سلام حبيبتي ..

            طنشتها الياهــله وهيه تلتف جهة الباب وكأنها مستجعله على الطلعه ، وهنيه ..ابتسم خالد ، وقال :
            خالد : يا الله فمان الله ..

            ردت عليه ام خالد بابتسامه مماثله وقالت :
            ام خالد : فمان الله يا خالد ..

            استدار خالد صوب الباب ، واتحرك لامتـار بسيطه لمغادرة الميلس ، لكنه سمع صوت امه من خلفه وهيه اتناديه واتقول :
            ام خالد : خالـــد ..

            استدار خالد مره ثانيه جهة امه ، واطالعها بنظرات تساءل عن سبب هذا النداء ، وما انتظر كثير قبل لايشوف ابتسامتها ويسمع صوتها وهيـه اتقـول :
            ام خالد : لا تنسى تشتري هديــة حق مريــم..

            وافقها خالد بحركة من راسه ، والابتســامه اتنور ويهه ، واستدار مره ثانيه لتكملة طريقه ، واتحرك ليما وصل للباب وفتحه ، ولحظتها سمع صوت امه مره ثانيه وهيه اتناديه واتقول :
            ام خالد : خالد ..

            استدار خالد مره ثانيه ، وهوه يطالع امــه بتركيز ، ولاحظ ابتسامتها الواسعة على ويها ، لكنها ما قدرت انها تمنع دمعــة حاره اختلطت مع بسمتها وهيه اتقول :

            ام خالد : سير يا ولدي وقلبــي راضــي عليك في الدنيــا والآخــره ..

            اتهلهل ويهه خالد ، وشعـر بنشوة تسرى بكل اوصاله ، واستدار مره ثانيه ، وطلــع من الميلس ومن البيت ، واتوجــه لبيت مريم ..
            والامانــي..
            والاشواق ..
            والاحلام ..
            تسبقــــه اليهــــا ..

            ***************************************
            ***********************************
            *******************************

            بنفس الوقت اللي خرج فيه خالد من بيت خالته قاصدا بيت مريم ، كانت مريم متواجده بغرفتها اللي ببيتها ، وعلى بعد مترين منها قعدت ظبيه وهيه تنـاظر مريم بنظرات مليئه بالدهشــه والعجب .. وبعــد ما خفت قليلا ثورة الدهشه اللي عند ظبيه نطقت وقالت :
            ظبيه : انتي اكيد مب في وعيج يا مريم ...

            سالته مريم بهدوء :
            مريم : ليش ؟!

            جاوبتها ظبيه بحزم :
            ظبيه : يا مريم ..اعتقد انج اتسرعتي وايد في اتخاذ قرارج .

            ابتسمت مريم بثقــة وقالت :
            مريم : وشو الغلط في قراري ..

            وباستنكار وانفعال واضح ردت ظبيه :
            ظبيه : يا مريم .. قبل لا تتخذين أي قرار لازم تفكرين زين بعواقبه ، والظاهر انج ما فكرتي ولا اتصورتي النتـايج اللي بتترتب على قرارج المتسرع هذا .

            ما ظهــر على مريم أي اهتمام جدي لكلام ظبيه ، لكنها قالت بهدوء تام :
            مريم : وشو النتايج اللي بتترتب على قراري هذا ؟!

            اندهشت ظبيه من برود مريم ، ولهذا ارتفع صوتها شويه وقالت :
            ظبيه : اول شي .. وقبل لا اوضحلج هذي النتايج ..لازم اتعرفين انج مب ملزومه بتربية ياهـله لا هيه مب اهــلج اوحتى من أهل ريلــج ... وحده غيرج بتفــكر الف مره قبل لا توافــق .

            استمرت مريم في برودها لكنها قالت بمزيد من الثـقه :
            مريم : دام ان خالد ريلي يبغــي ايربيها ومعتبرنها مثل بنته ، فانا ملزومـه وبكل طيب خاطــر اني اربيها واعتبرها مثل بنتي ... ومثل ما يبغي زوجي وأكثر .

            أنفعلت ظبيه اكثر وقالت :
            ظبيه : يا مريم ، تربيــة اليهال مب بالسهوله اللي تتصورينها ، تربيه اليهال متعبه وايد ، والوحده يا الله تقدر اتربي عيالها ، وتتحمل تعبهم ومشاكلهم .. والحينه انتي تبين اتربين عيال غيـرج ؟!

            صمتت ظبيه وانتظرت الجواب من مريم ، لكن مريم ظلت ساكته بدون ما يظهر على ملامحها أي تغير ، ولهذا تابعت ظبيه كلامها بعناد واصرار شديد لاقناع اختها بالعدول عن قراراها فقالت :
            ظبيه : يا مريم .. الصغيره هذي مكانها الطبيعي الحينه ، دار الراعاية ، هناك بيراعونها افضل ، ولا تنسين ان الياهله هذي بتسهرج الليالــي في سبيل رعياتها وتربيتها ..

            انفعلت مريم بغته وهيه اتقول :
            مريم : يا ظبيه ، الصغيره هذي بنت يتيمه ، ومع كل تعب اتعب معاها ، ومع كل ليلة اتسهرني فيها بحتسب أجـرتعبي وثواب سهري عند ربي ، وما اكثر ما سأجني بحول الله من نعمة الثواب والطاعة ، طول ما هي عندي ..

            اقتربت مريم من ظبيه اكثر ، ورفعت اياديها الثنتين ومسكت فيهم كتوف ظبيه وهيه اتقول بحزم شديد :
            مريم : ولا تنسين شي مهم وايد يا ظبيه .. ومهــم وايــد وايد ..

            عقــدت ظبيه حواجبها في فضول وقالت :
            ظبيه : شي مهم .. مثل شوه يعني ؟!

            التفتت مريم لليمين ، وركــزت بصرها على لوحه فنيه كبيره معلقــه على الحايط ... اللوحـة اللي مرسوم عليها علــم دولة الامارات ، وتحت العلم صورة الشيخ زايــد بابتســامته المعهوده ، وتحت الصوره انحفــرت كلمات قليله رددتها مريم بينها وبين نفسها ، وكانت الكلمات المكتوبه على اللوحة اتقول :

            وطنــــي أنت بروحـــــي
            ............................. أنــت حبــــي بلا حـــدود
            أنت أغلــى من حيــــاتـي
            ............................. أنــت إرثــــي من عهـود

            التفتت مريم مره ثانيه لظبيه ، وطالعتها بنظرات صارمه ، وهيه اتعض على حروف كلماتها بعنف واتقول بكل ما في قلبها من صدق :
            مريم : لا تنسين يا ظبيه.. انهــا بنت الامارات .. عارفه شو يعني بنت الامارت ياظبيه ؟؟

            التفتت ظبيه جهة نفس اللوحــة اللي كانت تتطالعها مريم ، وظلت اتبحلــق فيها فترة طويله قبل لا تقول باصرار ما يقل عن اصرار مريم :
            ظبيه : هيه نعــم .. عارفـــه ..

            رجعت مريم مره ثانيه ببصرها جهة اللوحة ، ومــرت لحظات طويله وابصارهــم متعلقــه باللوحــة اللي امامــهم قبل لا ترفع مريم أيــدها اليسرى في توتــر خفيف واتقول بكلمات سريعه :
            مريم : ويه .. خالد زمــانه على وصول ... انا نازلـــه اتــرياه تحت ..

            وبحركة خاطفه وسريعــة ، اتنــاولت مريم شيلتها ، ولفتهـا بسرعه حول راسها ، واتحركت جهة الباب ، لكنها اول ما مسكت قفل الباب عشان تفتحه سمعت صوت اختها ظبيه من خلفها ايناديها ويقول :
            ظبيه : مريم !!

            التفتت مريم لوراها ، واطالعت ظبيه بعيون متساءله ، وظبيه بدورها ردت عليها مباشرة وهيه اتقول بدهشه واضحه و اتأشـر بصبعها على مريم :
            ظبيه : انتي بتزلين جذيه.. بشكلج هذا !!

            نزلت مريم راسها ، وظلت تتطالع ثيابها ثواني وكأنها ادور على بقــع اوساخ فيها ، ثــم رفعت راسها مره ثانيه وقالت باستنكار ودهشة :
            مريم : وشو فيه شكلي ؟!!

            حاست ظبيه بوزها للحظة وهيه اتقول بدهشه متصاعده :
            ظبيه : مريم .. انتي ما متعدلــه ولا حاطــه أي مكيــاج !!!

            ابتسمت مريم وهيه تتطالع ظبيه من طــرف عينها قبل لا تقول ببرود ممزوج بالثقـه :
            مريم : ها المرة ، ابغـي خالد ايشوفني بشكلي طبيعي .. مثل ما صورنـي ربـي.

            غادرت مريم الغرفه بسرعه بدون ما نتتظر جواب من ظبيه اللي اكتفت بابتسامه خفيفه عبــرت فيها عن فرحهــا الصادق لاختهــا مريم .

            واول ما اطلعت مريم من بــاب الصالة ، اتوجهت مباشرة لحــوش البيت ، ومشت ليما وصلت بالقـرب باب البيت الرئيسي ، ولمحت كرسي صغير موجود في حوش البيت على بعد متــر من الباب ، فقعدت عليه مباشرة عشان تنتظــر قدوم خالد في الهــواء الطلــق .

            واثناء ما كانت قاعــدة تنتــظر خالد ، طلعت مصحف صغير من جيبها ، وفتحت بعض من صفحاته وبدت تقــرأ فيه ، وطالت قراءتها لدقايق بسيطه قبل لا يخطف بصرها على آيــة قرانيــة سلبت منها عقلها وقلبهـا ، لأن الآيه اتقول :

            الآيـــة : (( وإن ربك لـذو فضل على الناس ولـكن أكثرهم لا يشكــرون))

            أرفعـت مريم راسها للسماء ، وظلت تتطالع النجوم المرصعة فيها قبل لا تقول بكل صـدق وامتنان :
            مريم : اشكــرك يارب ... اشكـــرك يارب .

            بعد كلمــة مريم الاخيــرة ، اتسرب لمسامعهــا صوت سيارة تقترب من بيتهم ، ثم ارتفع صوت السياره تدريجيا ليما وصل مداه عند باب بيتهم ، وبعدها .. انقطع صوت السياره نهائيا ، وهنيه.. ادركت مريم ان سيارة خالد واقفه عند باب بيتهم ، ولهذا .. ارتفع معدل دقات قلبها ، وحست برعشه تجتاح انحاء جسمها ، لكنها مسكت اعصابها في قوة ، وسكنت حركتها نهائيا وهيه تستـرق السمع ، وظلت على ها الحاله ثواني قبل لا تسمع صوب الباب وهوه ينفتح ، وبعد ثواني أقل انقفــل الباب مره ثانيه ، ومرت لحظات ثانيه قبل لا يتناهــى لمسامع مريم صوت هامـس وهوه صوت خالد اللي كـان ينشـد نشيده معروفة و بصوت عــذب وبأداء راقي جدا ، لدرجة ان مريم ما قدرت انها تمنع نفسها من ترديـد النشيد مع خالد ، وبصوت هامس وهيه خلف الجدار والباب .. وخالد بدوره كان ينشـــد ومريم اتردد معاه ويقولون :

            رأيــــت الله في ذا الكــــــون ربــــــا
            ....................................... جميــع الكائنــــات لــــه تحــاب
            شواهــــد أنـــه فـــــــــرد جليــــــل
            ....................................... على رغــم المجـادل بالكــــذاب
            تأمـــل قدرة الرحمـــــن وانـــــــظر
            ....................................... سيهديــــك التأمـــــل للصــــواب
            ومــد الطرف في كل النواحـــــي
            ..................................... سؤالك ســوف يرجــع بالجـــواب**

            بعد ما انتهـوا من النشيدة ، هبــت مريم من مكانها ، وهجمــت على البــاب بكل لهفتــها وشوقـهــا ، وفتحته بعنف شديد وكأنها تبى تقتلعـه من مكانــه ، وأول ما انفتــح البــاب ، اتســمرت واتجمــدت مريــم بمكانـها بعــد ما بــرز وظهــر خالــد أمامهــا مباشــرة وهوه شال وحامل باقة ورد بنفسجي حلوه في يــده اليســرى ، وحامـــل ياهلـــه صغيره أحلـــى في يــده اليمنى ..

            حركــت مريم بصرها ما بين باقــة الورد والياهله الصغيره قبل لا تلتقـي نظــرات عيونهــا بنظرات عيون خالد ، ولحظتها.. حست مريم ان بصرها وقــع على أحلى منظــر شافته عينها بحياتها ، وهيه تحـس بالدفء و نبض الحياة من نظــرة خالد الحانيــة ، وعيونه المشبعه بالحب والاخلاص والايمــان .

            امــا خالد .. فما كانت مشاعره بأقل منها ، هذا اذا ما زادت عليها ، فلحظــة ما ارتسمت صورتها بأعمــاق عيونــه ، ورأى عيونها الحالمة الشفافه الصافيه اللي يكاد ينشاف قلبها من خلالها ، وشاف الضحكة المتحركــة على شفايفها العذبه ، والحجاب اللي صانــع برواز واطــار جذاب حول وجها الفتــان الشــرح .. شعــر لحظتها .. إن جمــال العالــم وفتنته وسحره وحتى عجائب خلقــه ، اتجسدت هنيه .. هيه هنيه ... هنيــه امـــامــه ..

            وطالت وقفتهم ونظــراتهم ، وعيونهم رافضه تنــزل ولو دقيقه او تنحـرف ولو درجــة .. وكأن الزمــن اتوقف لوقفتهم ..
            وكأن الزمن يبتدي من عيونه وينتهي عند عيونهــا ..

            واستهلكوا وقــت اطول في وقفتهم وصمتهم .. ومــل الوقت منهم ومن صمتهم ، وما قطــع ها اللحظات اللي اتوقف فيها الزمــان عن الجريان الا ضربــات خفيفه على راس خالد .. الضربات اللي أفاقت خالد من سباتـه الروحي الطويل ، والتفت خالد لمصدر الضربات ، ليكتشف ان الياهله اللي حاملنه هيه اللي قاعده تضربه بخفه بايده اليســرى وكأنها محتجـه على الوقفه الطويله هنيه ..

            اتســعت ابتسامة خالد اكثر وهوه يطالع الصغيره اللي تتطالعه بنظره عصبيه خفيفه ، وهنيه .. اضحكت مريم وهيه اتحــط ايدها اليمنى على شفاها في دلــع ، وبعد ما خفت ضحكة مريم ، امتــدت اياديها الثنتـيـن جهــة خالد واللي مــد يـــده اليســرى عشان ايناولهــا باقــة الورد البنفسجي وهو ظـان ان مريم بتاخذها لجمال الباقه ولحب مريم لها ، لــكن مريم هــزت راسها بالنفي وهيه اتأشــر باصعبها جهــة الياهله وكأنها اتقوله ان الصغيره هيه الاهــم والاحلــى بهذا الوقــت ..

            استدار خالد شويه عشان يناولها الياهله المحمولة على ايده اليمنى ، لكن الصغيره خافــت من مريــم واتعلقــت برقبــة خالد وهيه تتاطلع مريم بنظرات خوف ورافضه انها اتسير عندهـا ، ولحظتها .. رســم خالد على وجهه ابتسامــه كبيره وحانـيه وكأنه يطمن الياهله ويقولها ان خالد هوه مريم ومريم هيه خالد ..

            وفعلا .. اتغيرت ملامح الطفله وانخفض الخوف تدريجيا من على ويها ، وماهي الا لحظات الا وانقــزت الصغيره في حضن مريم اللي اتلقفتهــا واستقبلتها بحضنها، وبكل ما تحمله من عطف وحنان ورقــه .

            وبعد مـا أغرقت مريم الصغيره بحنانها الامــوي الغــزير ، التفتت لخالد ، واتكلمت لاول مره من بداية لقائهم وهذا وقالت بكل حيــاء واستحيــاء وأدب :
            مريم : اتفضل ..

            ابتسم خالد في وجهـا وقال بلهجة رقيقه :
            خالد : دام فضلــج ..

            اتحرك خالد ووراه مريم باتجــاه الميلس ، وقطعوا الامتار القليله اللي تفصلهم عن باب المليس قبل لايوصلون لبابه ..
            وبعدها ... دخلـــوا ....
            دخلوا بكــــل أمــــان واطمئنــــــان وتحرسهــــم عيــون الرحمــــن .

            *************************************
            *********************************
            *************************

            مــرت لحظات ثانــيه من التــأمل والصمت ، وما زال بصــر خالد متعلق بمريم ، وبصرها متعلق فيــه ، رغــم انهم قاعدين عدال بعض داخل الميلس ، وكأن النظرات الطويله اللي اتبادلوها بالخارج ما كفتهم علشان ايكملونهــا هنيه في المليس !!!

            وبعد ما غرف كل منهم قطــرة من بحــر الشــوق العميق ، التفتت مريم جهة الصغيره اللي كانت قاعدة على الارض على بعد امتار منهم ، واتسعت ابتسامتها وهيه اتشوف الياهله اللي لابـسـه فستان ابيض أنيق والانوار تنعكس منه ، قبل لا تلتفت مره ثانيه لخالد واتقوله بكل صدق :
            مريم : ما شاء الله عليها ، واااايــد حلوه ها الصغيره ..

            اطالعها خالد بنظرة خبيثه وهوه يقول :
            خالد : هيه حلوه .. بس مب أحلى من امهــا .

            ارتسمت تكشيره مفاجئة على وجه مريم وهيه تتطالع خالد بنظره ناريه و اتقول بصوت عالي :
            مريم : شو قصدك ؟!

            ابتسم خالد وهوه يطالعها من طرف عينه :
            خالد : أقصد انها ما بتكون أحلى من أمهــا اللي بتربيهــا ..

            رجعت الابتسامــة مره لوجه مريم ، وهيه اتنزل راسها في خجل، واتحرك السانها يمنه ويسره في حياء قبل لا تقول بدلال :
            مريم : مشكور .

            خفت ابتسامة خالد شويه ثـم يتكلم بشكل جدي :
            خالد : سمعي يا مريم .. الظروف الحالية اتحتـم علينا التسريع في العرس ، وانا اقول انعرس بعد ثلاثة اسابيع بالكثير ، وكل أمور العرس ممكن تترتب ان شاء الله بها الفترة ، وانا بفرغ روضه اختي عشان اتخلص معاج كل اللي تحتاجينه للعرس ، ولا تقوليلي ثيابي ما بتخلص والخياييط مشغولين .. لا ما بقبل أي عذر.. انا ابغيج مثل ما أنتــي .

            سكتت مريم وما علقت على كلام خالد فتابع كلامه وقال :
            خالد : وبالنسبه للصغيرونه ، فاحنا حاليا بنييبلها مرضعه ، ليما تولد الوالدة بالسلامــة واتكمــل رضاعة الصغيره بنفسها ، وبعد العرس بنعيش في بيتنا لفتره ليما تكبر الصغيره شويه وبعدها بنستقل في بيت بروحنــا ...هاااه .. شو قلتي ..

            نكســت مريم براسها ، واللون الاحمــر صابغ وجهها وقالت بصوت هامس :
            مريم : اللي اتشوفه .. مالي راي بعــد رايــك .

            هــز خالد راسه في مـرح ، بينما التفتت مريم مره ثانيه جهة الصغيره ، وركزت ببصرها في الفستان الابيض اللي لابسته الصغيره وهيه اتقول :

            مريم : ما قلتلي ياخالد ..ها البنية الحلوه شو اسمهـا ؟!

            اتسعت ابتسامة خالد قبل لا يقول بهدوء شديد :
            خالد : اتصدقين يا مريم .. يوم رحت ادارة الجنسية اليوم ، وشفت اوراقها ، اكتشـفت ان ابوها الله يغفر الله ويرحمه ، مسمنها .. مريـــم ..

            حست مريم بموجه غامــرة من الفرحه تجتاح قلبها فقالت بكل عفويه :
            مريم : فديتهـــا ..

            ابتسم خالد من انفعالها ، وهــم انه يقول شي ، لكنها تابعت كلامها بسرعه وهيه تقول بدلع ولادل :
            مريم : خالد .. انا خايفه باجــر أنـك اتحب مريـــم الصغيره أكثر عنــي .

            ضحــك خالد من كلامها ودلعها الزايد ، واقترب منها اكثر وقال بصوت رقيق وحنون :
            خالد : انتــي أصل الحب ومنبعه يا مـريــم ، والشجــره ما تغــار من أغصانهــا ، و لا الورده اتغــار من أوراقهــا .

            ضحكت مريم من صميم خاطرها ، وهيه حاطه ايدها اليمنى على فمهـا عشان اتخفف من صوت الضحكه ، وشاركها خالد ضحكتها وبهجتها .. وبعد ما خفت ضحكتهم شويه ، ارتسمت على ملامح مريم شي من الجديه والصرامه والصدق وهيه اتقول :
            مريم : أوعدك يا خالد .. ويشهد علي ربــي .. أني اعامل هالصغيرة مثل بنتي وأكثر ، واوعدك بعد .. ان رزقنا الله تعالى باعيال بالمستقبل ، أني ما افرق بينها وبين أي من عيالي ..

            هـــز خالد راسه بايجاب وهوه يقول بثقــه ما لها حد :
            خالد : انا واثق من ها الشي ، وهيه ما بتحصل أم أرق وأحــن منــج يامريم .

            وبصوت مبحوح عامر بالثقه والصدق قالت :
            مريم : ولا بتحصل أبــو أحــن وأطيــب منــك يا خالد ..

            تبادل خالد مع مريم نظرات طويله وحانيه والعبره تكاد تخنقهم ، ومشاعرهم تكــاد تفيض من عيونهم .. ولحظتها ، التفتوا في وقت واحد جهة الصغيره مريم ، وظلوا يطالعونهـأ لفتره قبل لا يشد انتباهم تصرف الياهله بها الوقت ، لان الياهله كانت تلعب بباقة الورد البنفسجي المغطاة بكيس بلاستيكي رقيق ، وبحركة خفيفه من ايدها نزعت جزء صغير منه ، وهيه اتحاول باستماته انها اطلع ورده بنفسجيه صغيره من الباقه ، وكررت المحاولة اكثر من مره وبدون يأس ، وفي النهاية نجحت انها اتحرر ورده بنفسجية صغيره طاحت منها بعض من اوراقها ، واول ما مسكت الوره بايدها ، بدت تحبوا المســافه الصغيره اللي تفصلها بينها وبين المكان القاعدين فيه مريم وخالد ، وكانت الورد اطيح من ايدها ، لكنها ترجع مره ثانيه وتلتقطها وتحبــو وتحبــو وعيون خالد ومريم ترصد حركتها ، ليما وصلت للمكان اللي قاعدين فيه خالد ومريم ، وأول ما صلت ، اعتدلت الصغيره مريم وهيه تقعد على الارض ، ورفعت الورده البنفسجيه باتجاه مريم وخالد وكأنها تهديهم اياها واتباركلهم زواجهـــم من خلالها..

            ولحظتها .. امتــدت يــد مريـــم باتجــاه يد الصغيره ، ومسكت يــد الصغيره الممسكة بالورده ، ثــم امتــدت يـــد خالــد لنفس المكان ومســك يـــد زوجتــه مريم الممسكه بيد الياهله الممسكه بالورده ..

            وهنيه ..اتشابكت الايادي الثلاث ، الصغيره مريم ماسكه الورده ، ومريم الكبيره ماسكه يــد الصغيره ، وخالد ماسك يــد زوجته مريم ..

            ولحظتها .. حست مريم بدفء وحرارة يــد خالد وجسمها يرتجف من الحياء ، وهيه تتطالع خالد وتبتسم ، ثم اتحول نظــرها جهة الصغيره اللي كانت مثلهــم تبتسم وهيه اتحرك بصرها ما بين خالد ومريم ، فتتطالع خالد وتبتسم ثم ترجع واطالع مريم الكبيره بنفس الابتسامه ، وخالد يطالع الصغيره بنظره حنان عميقه ، ثــم يحول نظــره جهة زوجته مريم ويطالعها بنظــرات حــب غزيـره..

            واستمر تبادلهم للنظرات الباســمة واياديهم لازالت متشابكه بقوه حول الورده البنفسجية ..

            وبها اللحظة.. انســـابت دمــعة فــرح عميقه من عيون مريم ، واتنــاثر رذاذ خفيف من ماء الدمعــة على الورده البنفسجية الصغيره الماسكينها بأياديهم ، وعلى الرغــم من دقة وقلـة هذا الرذاذ المتطاير من دمع عيونها ، لكنه كان كافي جدا لأغـراق ها الورده البنفسجيه من كل ما تحمله مــريم بها اللحظة من فرح وسرور .

            واتشبعت الورده البنفسجيه من فرحها وسرورها مثل ما اتشبعت في الماضي من حزنـها وألمهـــا .

            وبقدرة قــادر ...
            انهـــارت وذابــت جبال الألـــم لتتحول لبحــار من المحبــة والهنــــاء .
            وانقشعــت وتلاشــت غيــوم الحـــزن لتشــرق شمـس السعادة والصفاء .

            ولحظتها ما اتحــمل خالد نفسه ، وبحركة سريعه سحب الصغيره ووضع راسها على كتفه الايسـر ، وبحركه اسـرع سحب زوجته مريم من ايدها واللي اتفاجأت من حركته الحادة هذي وهو يسحبها من ايدها ويضع راسها على كتفه الايمــن ، فانتفض جسمها من الخجل لحظة ما اتلامس راسها بكتفه الايمن ، لكنها رفعت عيونها وراسها لاصق بالكتـف ، وضحكت وهيه تركز بصرها بعيون خالد ، وشاركتها الصغيره مريم الموجوده على الكتف الثاني نفس الضحكه ، وفي النهاية قال خالد بــكل حنان وصدق وهو يحول بصره ما بيــن الصغيره على اليسار وزوجـته مريم على اليميـن :

            خالد : بإيمانا بربنا وبحبنا لبعضنا بننتصـر دومــا على ألـــم الحياة .


            وانتهت آلام خالد ومريم ، وانتصرت روحهم الايمانيه على كل ما اعترض طريقهم من آلام ..

            لكن .. آلام البشر ما زالت مستمره ، وما لهــم عليها من ناصــر الا بالايمــان بالله .. وحبهــم لبعــضهم البعض ..

            وسيظل الصراع قائمــا بيـن البشــر والآلام الى أن يــرث اللــه أرضــه ومن عليهــا ..


            انتهت القصــة ..




            ملاحظة / القصة مــــــــنـــــــــــــقـــــــــــــولـــــــــــ ـــــــــــــــــــــــة

            تعليق

            يعمل...
            X