حتى لحظة اقتنائي لهذا الكتاب ( بين المعداوي و فدوى طوقان - صفحات مجهولة فى الادب المعاصر ) لم اتعرف على اسم ( المعداوي ) و ادركت فيما بعد انه ناقد مصرى تألق نجمه فى الحياة الادبية العربية من سنة 1948 - 1952و لكنني اعرف بالتأكيد فدوى طوقان الشاعرة الفلسطينية القديرة ، و على الرغم من اننى لم اتحمس من قبل للقراءة للكاتب الصفحى رجاء النقاش - مؤلف الكتاب ، لكن لم اشك لحظة انني على موعد مع وجبة انسانية ادبية عالية القيمة ،و كان هذا ما حدث .
و هنا و فوق هذه المساحة من عذب الكلام سأنقل اليكم خلاصة هذا الكتاب الادبى الممتع و الذى تجاوزت صفحاته الاربعمائة صفحة .....
[align=center]من مقدمة الكاتب فى الطبعة الثانية :[/align]
صدرت الطبعة الاولى من هذا الكتاب سنة 1976 و لم تكد تمضى شهور قليلة حتى كانت هذه الطبعة قد نفذت من الاسواق ، حيث كان من حظ هذا الكتاب ان يهتم به القراء و النقاد و الباحثون على نطاق واسع ، بقى ان اقول ان هذا الكتاب عند صدور طبعته الاولى قد تعرض لنقد بعض الاقلام ؛ فقد انزعج البعض من المنهج الذى اعتمدت عليه فى هذا الكتاب ، و هو منهج يلتزم بالصراحة الكاملة ، مما اعتبره البعض خروجا على المألوف فى حياتنا العامة و حياتنا الادبية ، حيث تعودنا على عدم الخوض فى الحياة الشخصية للادباء ، حتى لو كانت هذه الحياة الشخصية هى السبيل الوحيد لتفسير الظواهر الادبية المختلفة و لفهم الواقع الاجتماعي و ما يعانيه من مشاكل و تعقيدات ، و هذا النوع من النقد لم يقنعني بعكس ما اراه ، و لم يغير موقفي . فالخوض فى الحياة الشخصية بغير هدف ، او بدافع الثرثرة و الفضول ، هو الخطأ الذى ينبغى ان نحاسب عليه من يقع فيه ، اما الخوض فى الحياة الشخصية لتفسير مأساة كاتب ، او لفهم المجتمع و العصر الذى يعيش فيه من اجل الوصول الى حل للمشكلات المعقدة القاسية التى نعانى منها ، فذلك كله امر مطلوب و ضرورى .
و قد قيل عن هذا الكتاب عند صدور طبعته الاولى ، انه يتضمن رسائل انور المعداوي الى فدوى طوقان ، و لا يتضمن رسائل فدوى الى انور ، و هذا خطأ كان ينبغى تجنبه ، و ردى على ذلك ان رسائل فدوى الى المعداوى ليست موجودة ، و ان المعداوى فى حياته كان شديد المسؤولية تجاه فدوى و كان يخشى من ان ينتهى به المرض الذى يعانيه الى الموت الفجائي و هو ما حدث بالفعل ، من اجل ذلك قام المعداوي بإتلاف رسائل فدوى جميعا قبل وفاته ، فلم يبق منها شئ ، لا عند فدوى و لا فى اوراق المعداوي التى تركها بعد موته .
و لقد كان من اهم النتائج التى خرجت بها من دراستى لرسائل المعداوى الى فدوى انه كان هناك بينهما ( حب عاطفي ) و ليس حبا قائما على الاعجاب و الصداقة الادبية فقط ، و ان هذا الحب كان عنيفا مؤثرا على الطرفين ، و لكن هذا الحب كان من النوع المأساوى ، لانه كان حبا رومانسيا و كان حبا عذريا او افلاطونيا .
فالناقد المصرى و الشاعرة الفلسطينية لم يلتقيا فى اى يوم اكثر من اللقاء الروحي الخيالي عن طريق الرسائل ، و مع ذلك فقد كان بينهما حب تماما كما نشأ الحب بين ( مى زيادة ) و ( جبران ) على البعد ، فقد كانت مى فى مصر و جبران فى امريكا ، و لم يحدث ان التقيا الاثنان او تبادلا ( النظرة و الابتسامة و الكلام و الموعد و اللقاء ) حسب المعادلة التى رسمها شوقي فى احد ابياته للحب الواقعي .
و قد اعترض البعض على استنتاج ان هناك علاقة حقيقية تربط بين فدوى و المعداوي دون ان يحاولا معا ، او يحاول احدهما ان ينقل هذه العاطفة المتمكنة منهما الى علاقة واقعية ، فالمسافة بين نابلس حيث تقيم فدوى و بين القاهرة حيث يقيم انور المعداوى لم تكن بعيدة و لقد كانت فدوى تتردد على القاهرة و لكن الحبيبين الرومانسيين ظلت افراحهما و احزانهما تجد تعبيرها الوحيد على الورق ، حتى تحطمت العلاقة و تهشمت ، و انتهى الامر كله بموت المعداوى سنة 1956 قى سن الخامسة و الاربعين و فى نفسه جرح غائر و الم دفين لفقدان هذا الحب ، اما فدوى اعتصمت بعالمها الداخلى و مشاعرها الخاصة ، و اقامت بينها و بين الحياة الخارجية نوعا من العزلة الشفافة التى كانت مع ذلك قوية و غير قابلة للكسر .
و كان من بين الذين انكروا استنتاجى حول هذا الحب بين فدوى و انور ، الناقد العربى الاردني المعروف الدكتور عيسى الناعوري ، و ذلك فى كتاب له ، و قد اطلعت فدوى على هذا الكتاب قبل نشره و هنا كتبت الى الناعورى رسالة صريحة ، تقول فدوى فى رسالتها : (( نعم ، كان هناك حب حقيقى ، و عبرت عنه بأ:ثر من قصيدة )) ثم تقول فدوى : (( اما بشأ، مصير رسائلى لانور فحقيقة الامر هى اننى كنت حدثت انور فى بعض تلك الرسائل عن اصابتى بمرض لشدة ما كنت اعانى من اضطهاد و ظلم و فظاظة من قبل بعض افراد اسرتى ، و قد رجوته ان يبقى هذه المعلومة سرا مكتوما ، اذ كنت ارى فيها اهانة لى و لمركزى الادبى ، فأ:د لى انور ان رسائلى لن تقع يوما فى يدى انسان و هذا يؤكد ان انور قام بإتلاف تلك الرسائل وفاء بعهد قطعه على نفسه ، و من عرف انور فقد عرف مدى ما كانت تتحلى به شخصيته من مروءة و شهامة )) .
[align=center]_________________________
و الى اللقاء مع الجزء الثاني [/align]
و هنا و فوق هذه المساحة من عذب الكلام سأنقل اليكم خلاصة هذا الكتاب الادبى الممتع و الذى تجاوزت صفحاته الاربعمائة صفحة .....
[align=center]من مقدمة الكاتب فى الطبعة الثانية :[/align]
صدرت الطبعة الاولى من هذا الكتاب سنة 1976 و لم تكد تمضى شهور قليلة حتى كانت هذه الطبعة قد نفذت من الاسواق ، حيث كان من حظ هذا الكتاب ان يهتم به القراء و النقاد و الباحثون على نطاق واسع ، بقى ان اقول ان هذا الكتاب عند صدور طبعته الاولى قد تعرض لنقد بعض الاقلام ؛ فقد انزعج البعض من المنهج الذى اعتمدت عليه فى هذا الكتاب ، و هو منهج يلتزم بالصراحة الكاملة ، مما اعتبره البعض خروجا على المألوف فى حياتنا العامة و حياتنا الادبية ، حيث تعودنا على عدم الخوض فى الحياة الشخصية للادباء ، حتى لو كانت هذه الحياة الشخصية هى السبيل الوحيد لتفسير الظواهر الادبية المختلفة و لفهم الواقع الاجتماعي و ما يعانيه من مشاكل و تعقيدات ، و هذا النوع من النقد لم يقنعني بعكس ما اراه ، و لم يغير موقفي . فالخوض فى الحياة الشخصية بغير هدف ، او بدافع الثرثرة و الفضول ، هو الخطأ الذى ينبغى ان نحاسب عليه من يقع فيه ، اما الخوض فى الحياة الشخصية لتفسير مأساة كاتب ، او لفهم المجتمع و العصر الذى يعيش فيه من اجل الوصول الى حل للمشكلات المعقدة القاسية التى نعانى منها ، فذلك كله امر مطلوب و ضرورى .
و قد قيل عن هذا الكتاب عند صدور طبعته الاولى ، انه يتضمن رسائل انور المعداوي الى فدوى طوقان ، و لا يتضمن رسائل فدوى الى انور ، و هذا خطأ كان ينبغى تجنبه ، و ردى على ذلك ان رسائل فدوى الى المعداوى ليست موجودة ، و ان المعداوى فى حياته كان شديد المسؤولية تجاه فدوى و كان يخشى من ان ينتهى به المرض الذى يعانيه الى الموت الفجائي و هو ما حدث بالفعل ، من اجل ذلك قام المعداوي بإتلاف رسائل فدوى جميعا قبل وفاته ، فلم يبق منها شئ ، لا عند فدوى و لا فى اوراق المعداوي التى تركها بعد موته .
و لقد كان من اهم النتائج التى خرجت بها من دراستى لرسائل المعداوى الى فدوى انه كان هناك بينهما ( حب عاطفي ) و ليس حبا قائما على الاعجاب و الصداقة الادبية فقط ، و ان هذا الحب كان عنيفا مؤثرا على الطرفين ، و لكن هذا الحب كان من النوع المأساوى ، لانه كان حبا رومانسيا و كان حبا عذريا او افلاطونيا .
فالناقد المصرى و الشاعرة الفلسطينية لم يلتقيا فى اى يوم اكثر من اللقاء الروحي الخيالي عن طريق الرسائل ، و مع ذلك فقد كان بينهما حب تماما كما نشأ الحب بين ( مى زيادة ) و ( جبران ) على البعد ، فقد كانت مى فى مصر و جبران فى امريكا ، و لم يحدث ان التقيا الاثنان او تبادلا ( النظرة و الابتسامة و الكلام و الموعد و اللقاء ) حسب المعادلة التى رسمها شوقي فى احد ابياته للحب الواقعي .
و قد اعترض البعض على استنتاج ان هناك علاقة حقيقية تربط بين فدوى و المعداوي دون ان يحاولا معا ، او يحاول احدهما ان ينقل هذه العاطفة المتمكنة منهما الى علاقة واقعية ، فالمسافة بين نابلس حيث تقيم فدوى و بين القاهرة حيث يقيم انور المعداوى لم تكن بعيدة و لقد كانت فدوى تتردد على القاهرة و لكن الحبيبين الرومانسيين ظلت افراحهما و احزانهما تجد تعبيرها الوحيد على الورق ، حتى تحطمت العلاقة و تهشمت ، و انتهى الامر كله بموت المعداوى سنة 1956 قى سن الخامسة و الاربعين و فى نفسه جرح غائر و الم دفين لفقدان هذا الحب ، اما فدوى اعتصمت بعالمها الداخلى و مشاعرها الخاصة ، و اقامت بينها و بين الحياة الخارجية نوعا من العزلة الشفافة التى كانت مع ذلك قوية و غير قابلة للكسر .
و كان من بين الذين انكروا استنتاجى حول هذا الحب بين فدوى و انور ، الناقد العربى الاردني المعروف الدكتور عيسى الناعوري ، و ذلك فى كتاب له ، و قد اطلعت فدوى على هذا الكتاب قبل نشره و هنا كتبت الى الناعورى رسالة صريحة ، تقول فدوى فى رسالتها : (( نعم ، كان هناك حب حقيقى ، و عبرت عنه بأ:ثر من قصيدة )) ثم تقول فدوى : (( اما بشأ، مصير رسائلى لانور فحقيقة الامر هى اننى كنت حدثت انور فى بعض تلك الرسائل عن اصابتى بمرض لشدة ما كنت اعانى من اضطهاد و ظلم و فظاظة من قبل بعض افراد اسرتى ، و قد رجوته ان يبقى هذه المعلومة سرا مكتوما ، اذ كنت ارى فيها اهانة لى و لمركزى الادبى ، فأ:د لى انور ان رسائلى لن تقع يوما فى يدى انسان و هذا يؤكد ان انور قام بإتلاف تلك الرسائل وفاء بعهد قطعه على نفسه ، و من عرف انور فقد عرف مدى ما كانت تتحلى به شخصيته من مروءة و شهامة )) .
[align=center]_________________________
و الى اللقاء مع الجزء الثاني [/align]
تعليق