كوابيس موقظة!
یقف منتصبا کعود قش ، باهت اللون ، مخطوف الوجه، بلا ظل . قد سلب الخوف ملامحه المشبعة بسمرة الشرق. كان یعلم یقیننا بأنه لن ینجو الیوم کما نجی بالأمس ; فالعدو توعدهم منذ الفجر أن يقتلع جذورهم ، ويدمر على رؤوسهم الشرقية ، كل ما يصادفه من مقومات حياة اقتحمت ريفهم .أمام نواظره، تتساقط جثثهم واحداً تلو الآخر، الأب ، الأم ، الأخ , الصديق ، الجيران ، كلهم أفنتهم الصواریخ الجائعة، التي لا تشبع . لم يتبقي حوله إلا القليلون من رجالٍ ونساءٍ وما زال صوت القائد يدوي في آذانهم بأن يواصل جيش الاحتلال هجومه ، فلا عربي ولا مسلم ولا شرقي يبقى بعد اليوم. إنها النهایة التی تجذبه إلیها بقوة. لا مجال للتفكیر، فقد الإحساس بكل ما یحیط به من صراخ ونحیب ، وقذائف يمطرها العدو على رؤؤسهم .انطلقت قذيفة من مرمى العدو هدفها رأسه المنتصب ، لم يتزعزع من مكانه شبرا ، فسلفا يعلم أن لا مكان سينجيه اليوم من الموت المحتم . ظل نظره يتابع القذيفة وهي تقترب منه شيئا فشيئا لتنثره إلى أشلاء مبعثرة . مضى الوقت على مضض .
فجأة استیقظ من نومه فزعا. كان كابوسا، قاب قوسين أو أدنى من الموت. حمد الله كثيرا بأنه يعيش مجرد كابوس . سأل نفسه في خضم حيرته تلك کیف هی حال الأوطان التی تبيت على وقع البنادق والصواریخ والموت. أحس بنغزة ألموبثقل السؤال عليه فسرعان ما نفضه من مخيلته. تحسس فراشه الدافيء و أستلقى بجسده ليواصل سباته العميق دون كوابيس موقظة !!!.
خلود بنت خميس المقرشي
سنة ثانية / تصميم
كلية العلوم التطبيقية بعبري
تعليق