حوار الشباب... ولكن التنشئة الأهم
فتحت الأبواب للشباب فأصبحت الحوارات شبابية تناقش قضايهم وتهتم بتطلعاتهم وأفكارهم الشخصية أحياناً والعامة أحياناً أخرى ، أنصبت الكثير من وسائل الاتصال تركز عليهم تاركةً مساحات للحرية في التعبير وإبداء الرأي.
لكن أليس الاهتمام بالشباب في معرفة تطلعاتهم وأفكارهم وأهدافهم جاء متأخراً ، للاهتمام بها الآن ؟ أليست هذه المرحلة هي مرحلة التنفيذ لما تكوّن من أفكار وتراكم من تربية سابقة في مرحلة الطفولة ، أليس المهم هو التنشئة والتربية الصحيحة التي تغرس في الطفل فما فائدة إرغام الشجرة على إخراج ثمارها ما لم يكن هناك من يسقيها ويُجيد تربيتها في صغرها ، لماذا يرغم الطفل على أداء الصلاة عندما يبلغ السابعة ؟ .
الشباب هم من سيبنون المستقبل ويعمروه بسواعدهم ، ولكن الغرس الصحيح يبدأ من الصغر من مرحلة الطفولة وفي مرحلة الشباب يكون حصد الغرس الجيد الذي يعتمد عليه فهذه المرحلة هي مرحلة النشاط والطاقة هي مرحلة التنفيذ والتطبيق لما وضعت أسسه وقواعده في مرحلة سابقة ، أذن نترك الشباب يعبرون عن رأيهم والحديث بحرية كما يودون لكن تلك الحرية ستتذبذب في إطارها الأخلاقي والغير أخلاقي لأن هناك حلقة مفقودة لمرحلة سابقة ... وستستمر هذه الحالة الشبابية المتمردة في الخروج إلى أن يكون هناك تفكير عادل ينصف حال الطفل ويسعفه من وضعه الحالي ، وإذا جاء الأمر عندما المطالبات الأسرية إذا أبتعدنا عن جو المدرسة يتوقف في الكثير من الأحيان على توفير أماكن ترفيهية للعب الأطفال، هذا حق مشروع ويسعى له الطفل لكن ماذا لو كان هناك ترفيه في قالب تربوي تعلمي تأسيسي كما هو الحال في بعض الدول التي أوجدت أماكن ومدن ترفيهية للأطفال لكن في قالب تعليمي يتعلم فيه الطفل الاعتماد على النفس بامتهانه مهن حقيقية يعامل فيها الطفل كالبالغ يحصل مقابل ذلك على أجره الذي يزيد بزيادة المهن الذي يعمل بها وبحجم تعبه والمال الذي أكتسبه بإمكانه التسوق حسب كفاءته في العمل ونشاطه فمن الطباخ في مطعم إلى الإعلامي وموزع الصحف والبريد إلى قائد الطائرة والشرطي والطبيب والميكانيكي وغيرها الكثير من المهن التي تساعده على إثبات ذاته وتعلم مهنة يرغب بها ويكسب منها ويعتمد على نفسه ، مع غرس ثقافة أن كل المهن سواء...
وفي تجارب دول أخرى تعطي أهمية قصوى لهذه المرحلة أيضاً قامت بتوفير كل الاحتياجات الحياتية في المدرسة كما هو الحال في التجربة السنغافورية حيث وفرت في المدارس جميع مستلزمات الصحة بحيث أن الطالب لا يفوت دروسه بذهابه إلى المستشفى ففي كل مدرسة يوجد مستشفى صغير، كما احتلت الرياضة الاهتمامات الأولى من منطلق أن الاهتمام بالرياضة من الصغر يخلق جيل سليم مستقبلاً خالي من الأمراض.
في مجتمعاتنا اختلفت الاهتمامات عن الأمس فالمهم اليوم هو تعلم اللغة الانجليزية بغض النظر عن المحتوى والمضمون في ماهية التعلم ، تم تجاهل القرآن والتربية الإسلامية ، أصبح التباهي في إلحاق أطفالنا بمدارس عالمية وأنظمة لا تتناسب مع عاداتنا تقاليدنا ومبادئنا يبعد الطفل عن تعلم القرآن ومبادئه وتداركاً للوضع قد يعطى جرعه صغيره من مادة التربية الإسلامية ، مع إهمال الجانب التربوي الذي بحاجة إليه الطفل في هذه المرحلة المهمة من حياته ، ومع غياب الجانب الرقابي من المؤسسات المعنية تنتهج بعض المؤسسات التعليمية منذ الحضانات وحتى المدارس المناهج التابعة لديانات أخرى مع الاهتمام بالأعياد والمناسبات التابعة لتلك الديانة ...
فهل من المستغرب أن تكون أخلاق الشباب بمستويات لا ترضي مجتمعنا في التصرفات والأخلاق أو حتى في المظهر الخارجي ، وان يتطاول شاب على من يكبره سناً والمجتمع يعتبره حرية ..
وكما قال معروف الرصافي "هي الاخلاقُ تنبتُ كالنبات اذا سقيت بماء المكرماتِ، تقوم إذا تعهدها المُربي على ساق الفضيلة مُثمِرات ، وتسمو للمكارم باتساقٍ كما اتسقت أنابيبُ القناة ، وتنعش من صميم المجد رُوحا بازهارٍ لها متضوعات ...."
تعليق