.
أبو الطيـــب المتنبــــي
هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد، الجعفي الكوفي الكندي.
أبو الطيب. الشاعر الحكيم وأحد مفاخر العرب، له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. يعده علماء الأدب أشعر الإسلاميين، ولد في الكوفة في حي (بني كندة) ولذلك يقال له (الكندي) و (الكوفي) ،
وهو من بني جعفي بن سعد العشيرة بن مذحج من اليمن، عرب الجنوب، ولذلك يقال له الجعفي. نشأ بالكوفة وتلقى فيها جانبا من العلوم ثم غادرها إلى الشام وتنقل بين مدنها، يطلب العلم والأدب وأيام الناس.
أثار في نواحي (حمص) فتنة بين الأعراب ودعاهم إلى الامتناع عن دفع الضرائب، وقيل إنه ادعى النبوة وفتن الناس بقوة سحره وبيانه.
ولما اشتهر أمره أخذه (لؤلؤ) أمير حمص من قبل الإخشيد، صاحب مصر، فسجنه مدة، ثم استتابه وأطلقه، فتوجه إلى أنطاكية واتصل بأبي العشائر أميرها من قبل سيف الدولة، فأكرم مثواه وقدمه إلى سيف الدولة، فحسن عنده موضعه ومدحه بقصائد غراء، ثم حدثت بينهما جفوة ففارقه إلى مصر سنة 346هـ وامتدح كافورا، صاحب السلطان في مصر ومدحه، وطلب منه أن يوليه فلم يفعل فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه، وتوجه إلى الكوفة ثم صعد إلى بغداد سنة 351هـ ، وفيها جاءته دعوة من ابن العميد وزير ركن الدولة البويهي، فذهب إليه في (أرجان) ، ثم كتب إليه عضد الدولة البويهي من (شيراز) يستزيره أيضا، فسار إليه المتنبي ومدحه وعاد بعد ذلك يريد بغداد والكوفة،
فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي -أحد رؤساء الأعراب- وقاتله طمعا بما كان معه من مال وقتله وقتل ابنه (المحسد) وغلامه (مُفْلِح) في موضع يقال له (الصافية) قرب (النعمانية) عند (دير العاقول) على نحو ميلين من الضواحي الغربية لبغداد بجوار (النهروان) .
كان المتنبي شاعرا من شعراء المعاني وفق بين الشعر والحكمة، وجعل أكثر عنايته بالمعنى يسكبه في بيت واحد مهما اتسع ويصوغه بأبدع الصياغة التي تأخذ بالألباب.
أطلق الشعر من قيوده التي قيده بها أبو تمام، وخرج عن أساليب العرب المخصوصة، فهو إمام الطريقة الإبداعية في الشعر العربي.
يقول عنه أبو العلاء المعري إنه أشعر المحدثين. ضمن شعره كثيرا من الأمثال والحكم، واختص بالإبداع في وصف القتال والتشبيب بالأعرابيات،
وأجاد التشبيه وإرسال المثلين في البيت الواحد، وأبدع المديح والهجاء، وظل شعره مددا في كل عصر لكل شاعر وكاتب، وما يزال المتنبي يحتفظ بمجده وشهرته إلى يومنا،
لا يدانيه أحد من الشعراء. ونحن نورد من روائع أقواله وأمثاله بعضا مما جاء في شعره: ففي صرعى الحب يقول:
لا تعــذل المشــتاق فــي أشـواقه [align=center] حــتى يكـون حشـاك فـي أحشـائه [/align]
إن القتيـــل مضرجــا بدموعــه [align=center] مثــل القتيــل مضرجــا بدمائـه
[/align]
وفي فتنة العيون يقول:
وفتانــة العينيــن قتالــة الهـوى [align=center] إذا نفحــت شــيخا روائحهـا شـبا [/align]
وفي مفارقة الأحباب يقول:
لـولا مفارقـة الأحبـاب مـا وجـدت [align=center] لهــا المنايــا إلـى أرواحنـا سـبلا [/align]
وفي نوائب الأيام يقول:
عــرفت نــوائب الحدثــان حـتى [align=center] لــو انتســبت لكــنت لهـا نقيبـا [/align]
وفي التبرم بالحياة وتمني الموت لندرة الصديق يقول:
كـفى بـك داء أن تـرى الموت شافيا [align=center] وحســب المنايــا أن يكـن أمانيـا [/align]
تمنيتهـــا لمـــا تمنيــت أن أرى [align=center]صديقــا فأعيــا أو عـدوا مداجيـا [/align]
وفي الفخر بنفسه يقول:
ومــا أنــا إلا ســمهري حملتــه [align=center] فــزين معروضــا وراع مســددا
[/align]
ومـا الدهـر إلا مـن رواة قصـائدي [align=center]اذا قلـت شـعرا أصبـح الدهـر منشدا [/align]
فســار بـه مـن لا يسـير مشـمرا [align=center]وغنــى بـه مـن لا يغنـي مغـردا[/align]
وبعد، فهذا غيض من فيض من أقواله التي تضمنت روائع معانيه وأمثاله التي يُستشهد بها، وفيها الحكمة البالغة والأدب الرفيع والإعجاز، في حسن الصياغة وابتداع المعاني وابتكار الصور المبدعة. وفي ذلك اليوم من عام 354هـ أخمد لص وقاطع طريق ذلك الصوت الشجي الذي غنى فأطرب، ومدح فأعجب ورثى فأبكى وهجا فأوجع، ووقف ومعه ابنه وغلامه يقارع ثلاثين فارسا برماحهم وسيوفهم، بشجاعة نادرة، وأبت عليه همته وعزة نفسه، التي طالما تغنى بها، أن يستسلم فيستذل للأسر، وانطوت بموته صفحة مشرقة من أدب العرب وشعرهم، ولما يكتمل عقده الخمسون.
أبو الطيـــب المتنبــــي
هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد، الجعفي الكوفي الكندي.
أبو الطيب. الشاعر الحكيم وأحد مفاخر العرب، له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. يعده علماء الأدب أشعر الإسلاميين، ولد في الكوفة في حي (بني كندة) ولذلك يقال له (الكندي) و (الكوفي) ،
وهو من بني جعفي بن سعد العشيرة بن مذحج من اليمن، عرب الجنوب، ولذلك يقال له الجعفي. نشأ بالكوفة وتلقى فيها جانبا من العلوم ثم غادرها إلى الشام وتنقل بين مدنها، يطلب العلم والأدب وأيام الناس.
أثار في نواحي (حمص) فتنة بين الأعراب ودعاهم إلى الامتناع عن دفع الضرائب، وقيل إنه ادعى النبوة وفتن الناس بقوة سحره وبيانه.
ولما اشتهر أمره أخذه (لؤلؤ) أمير حمص من قبل الإخشيد، صاحب مصر، فسجنه مدة، ثم استتابه وأطلقه، فتوجه إلى أنطاكية واتصل بأبي العشائر أميرها من قبل سيف الدولة، فأكرم مثواه وقدمه إلى سيف الدولة، فحسن عنده موضعه ومدحه بقصائد غراء، ثم حدثت بينهما جفوة ففارقه إلى مصر سنة 346هـ وامتدح كافورا، صاحب السلطان في مصر ومدحه، وطلب منه أن يوليه فلم يفعل فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه، وتوجه إلى الكوفة ثم صعد إلى بغداد سنة 351هـ ، وفيها جاءته دعوة من ابن العميد وزير ركن الدولة البويهي، فذهب إليه في (أرجان) ، ثم كتب إليه عضد الدولة البويهي من (شيراز) يستزيره أيضا، فسار إليه المتنبي ومدحه وعاد بعد ذلك يريد بغداد والكوفة،
فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي -أحد رؤساء الأعراب- وقاتله طمعا بما كان معه من مال وقتله وقتل ابنه (المحسد) وغلامه (مُفْلِح) في موضع يقال له (الصافية) قرب (النعمانية) عند (دير العاقول) على نحو ميلين من الضواحي الغربية لبغداد بجوار (النهروان) .
كان المتنبي شاعرا من شعراء المعاني وفق بين الشعر والحكمة، وجعل أكثر عنايته بالمعنى يسكبه في بيت واحد مهما اتسع ويصوغه بأبدع الصياغة التي تأخذ بالألباب.
أطلق الشعر من قيوده التي قيده بها أبو تمام، وخرج عن أساليب العرب المخصوصة، فهو إمام الطريقة الإبداعية في الشعر العربي.
يقول عنه أبو العلاء المعري إنه أشعر المحدثين. ضمن شعره كثيرا من الأمثال والحكم، واختص بالإبداع في وصف القتال والتشبيب بالأعرابيات،
وأجاد التشبيه وإرسال المثلين في البيت الواحد، وأبدع المديح والهجاء، وظل شعره مددا في كل عصر لكل شاعر وكاتب، وما يزال المتنبي يحتفظ بمجده وشهرته إلى يومنا،
لا يدانيه أحد من الشعراء. ونحن نورد من روائع أقواله وأمثاله بعضا مما جاء في شعره: ففي صرعى الحب يقول:
لا تعــذل المشــتاق فــي أشـواقه [align=center] حــتى يكـون حشـاك فـي أحشـائه [/align]
إن القتيـــل مضرجــا بدموعــه [align=center] مثــل القتيــل مضرجــا بدمائـه
[/align]
وفي فتنة العيون يقول:
وفتانــة العينيــن قتالــة الهـوى [align=center] إذا نفحــت شــيخا روائحهـا شـبا [/align]
وفي مفارقة الأحباب يقول:
لـولا مفارقـة الأحبـاب مـا وجـدت [align=center] لهــا المنايــا إلـى أرواحنـا سـبلا [/align]
وفي نوائب الأيام يقول:
عــرفت نــوائب الحدثــان حـتى [align=center] لــو انتســبت لكــنت لهـا نقيبـا [/align]
وفي التبرم بالحياة وتمني الموت لندرة الصديق يقول:
كـفى بـك داء أن تـرى الموت شافيا [align=center] وحســب المنايــا أن يكـن أمانيـا [/align]
تمنيتهـــا لمـــا تمنيــت أن أرى [align=center]صديقــا فأعيــا أو عـدوا مداجيـا [/align]
وفي الفخر بنفسه يقول:
ومــا أنــا إلا ســمهري حملتــه [align=center] فــزين معروضــا وراع مســددا
[/align]
ومـا الدهـر إلا مـن رواة قصـائدي [align=center]اذا قلـت شـعرا أصبـح الدهـر منشدا [/align]
فســار بـه مـن لا يسـير مشـمرا [align=center]وغنــى بـه مـن لا يغنـي مغـردا[/align]
وبعد، فهذا غيض من فيض من أقواله التي تضمنت روائع معانيه وأمثاله التي يُستشهد بها، وفيها الحكمة البالغة والأدب الرفيع والإعجاز، في حسن الصياغة وابتداع المعاني وابتكار الصور المبدعة. وفي ذلك اليوم من عام 354هـ أخمد لص وقاطع طريق ذلك الصوت الشجي الذي غنى فأطرب، ومدح فأعجب ورثى فأبكى وهجا فأوجع، ووقف ومعه ابنه وغلامه يقارع ثلاثين فارسا برماحهم وسيوفهم، بشجاعة نادرة، وأبت عليه همته وعزة نفسه، التي طالما تغنى بها، أن يستسلم فيستذل للأسر، وانطوت بموته صفحة مشرقة من أدب العرب وشعرهم، ولما يكتمل عقده الخمسون.
تعليق