إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ذكرى ميلاد الجواهري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ذكرى ميلاد الجواهري

    بالأمس كانت ذكرى ميلاد شاعر الأعرب الأكبر محمد مهدي الجواهري واحتفلت جوجل بهذه المناسبة بوضع صورة الجواهري في موقع البحث وانا
    متاكد ان الكثيرين لا يعرفون عن الجواهري شيئا مثلي انا الذي لم اعرف عنه سوى منذ سنة او سنتين فقط مع انه من اعظم الشعراء العرب في العصر الحديث
    وهذه بعض المعلومات عنه من موقع ويكبيديا

    محمد مهدي الجواهري.



    محمد مهدي الجواهري

    ولد في (26 يوليو 1899) وتوفي في (1 يناير 1997) شاعر عراقي شهير، لقب بشاعر العرب الأكبر.
    ولد في مدينة النجف في العراق، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف، أراد لابنه أن يكون عالماً دينيا، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة. ترجع اصول الجواهري إلى عائلة عربية نجفية عريقة، نزلت النجف الأشرف منذ القرن الحادي عشر الهجري، وكان أفرادها يلقبون ب"النجفي" واكتسبت لقبها الحالي "الجواهري" نسبة إلى كتاب فقهي قيم ألفه أحد أجداد الأسرة وهو الشيخ محمد حسن النجفي، وأسماه "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " ويضم44 مجلداً، لقب بعده ب"صاحب الجواهر"،ولقبت أسرته ب"آل الجواهري" ومنه جاء لقب الجواهري. قرأ القرآن الكريم ولم يحفظه وهو في سن مبكرة ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة والنحو والصرف والبلاغة والفقه. وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان أبو الطيب المتنبي.
    نظم الشعر في سن مبكرة‏ وأظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ،‏ كان في أول حياته يرتدي لباس رجال الدين، واشترك في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية.
    صدر له ديوان "بين الشعور والعاطفة" عام (1928). وكانت مجموعته الشعرية الأولى قد أعدت منذ عام (1924) لتُنشر تحت عنوان "خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح". ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) وجريدة (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين.
    استقال من البلاط سنة 1930، ليصدر جريدته (الفرات) ثم ألغت الحكومة امتيازها وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية، ثم نقل إلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير، ومن ثم نقل إلى ثانوية البصرة، لينقل بعدها لإحدى مدارس الحلة. في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي لكنه سرعان مابدأ برفض التوجهات السياسية للانقلاب فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً.
    بعد سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام)، ولم يتح لها مواصلة الصدور، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة. كان موقفه من حركة مايس 1941 سلبياً لتعاطفها مع ألمانيا النازية، وللتخلص من الضغوط التي واجهها لتغيير موقفه، غادر العراق مع من غادر إلى إيران، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام). أنتخب نائباً في مجلس النواب العراقي نهاية عام1947 ولكنه استقال من عضويته فيه في نهاية كانون الثاني 1948 احتجاجاً على معاهدة بورتسموث مع بريطانيا العظمى، واستنكاراً للقمع الدموي للوثبة الشعبية التي اندلعت ضد المعاهدة واستطاعت إسقاطها. بعد تقديمه الاستقالة علم بإصابة أخيه الأصغر بطلق ناري في مظاهرة الجسر الشهيرة، الذي توفى بعد عدة أيام متأثراً بجراحه، فرثاه في قصيدتين "أخي جعفر" و"يوم الشهيد"،اللتان تعتبران من قمم الشعر التحريضي.
    شارك في عام 1949 في مؤتمر " أنصار السلام" العالمي، الذي انعقد في بولونيا، وكان الشخصية العربية الوحيدة بين جموع اليهود الممثلة فيه، بعد اعتذار الدكتور طه حسين عن المشاركة.
    شارك في تأبين العقيد عدنان المالكي في دمشق عام 1956 وألقى قصيدته الشهيرة، التي كان مطلعها:"خلفت خاشية الخنوع ورائي وجئت أقبس جمرة الشهداء"ومنح في إثرها اللجوء السياسي في سوريا. عاد إلى العراق في صيف عام 1957 حيث استدعي حال عودته ألى مديرية التحقيقات الجنائية حيث وجهت له تهمة المشاركة في التخطيط لمؤامرة لقلب النظام الحاكم في العراق، فرد عليهم مستهزءاً: ولماذا اشترك مع الآخرين وأنا استطيع قلب النظام بلساني وشعري" وأطلق سراحه بعد ساعات.
    كان من المؤيدين المتحمسين لثورة 14 تموز 1958 وقيام الجمهورية العراقية ولقب ب"شاعر الجمهورية" وكان في السنتين الأوليتين من عمر الجمهورية من المقربين لرئيس الوزراء عبد الكريم قاسم، ولكن إنقلبت هذه العلاقة فيما بعد إلى تصادم وقطيعة، واجه الجواهري خلالها مضايقات مختلفة، فغادر العراق عام 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ سبع سنوات، وصدر له فيها في عام 1965ديوان جديد سمّاه " بريد الغربة ".
    كان من أبرز المؤسسين لاتحاد الأدباء العراقيين ونقابة الصحفيين العراقيين، بعد قيام الجمهورية وانتخب أول رئيس لكل منهما. وقف ضد انقلاب 8 شباط 1963، وترأس "حركة الدفاع عن الشعب العراقي" المناهضة له. وأصدرت سلطات الانقلاب قراراً بسحب الجنسية العراقية منه، ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة، هو وأولاده(ولم يكن، لا هو ولا أولاده، يملكون منها شيئاً).
    عاد إلى العراق في نهاية عام 1968 بدعوة رسمية من الحكومة العراقية، بعد أن أعادت له الجنسية العراقية، وخصصت له الحكومة، بعد عودته، راتباً تقاعدياً قدره 150 ديناراً في الشهر، في عام 1973 رأس الوفد العراقي إلى مؤتمر الأدباء التاسع الذي عقد في تونس. تنقل بين سوريا ،مصر، المغرب، والأردن، ولكنه استقر في دمشق بسوريا ونزل في ضيافة الرئيس الراحل حافظ الأسد. كرمه الرئيس الراحل «حافظ الأسد» بمنحه أعلى وسام في البلاد، وقصيدة الشاعر الجواهري (دمشقجبهة المجد» يعتبر ذروة من ذرا شعره ومن أفضل قصائده
    غادر العراق لآخر مرة، ودون عودة، في أوائل عام 1980. ‏تجول في عدة دول ولكن كانت اقامته الدائمة في دمشق التي امضى فيها بقية حياته حتى توفى عن عمر قارب المئة سنه، في سوريا وجد الاستقرار والتكريم، ومن قصائده الرائعة قصيدة عن دمشق وامتدح فيها الرئيس العلوي حافظ الاسد، (سلاما ايها الاسد..سلمت وتسلم البلد). (شاعر العرب الأكبر)، اللقب الذي استحقه بجدارة في وقت مبكر في حياته الشعرية، وارتضاه له العرب اينما كان واينما كان شعره، رغم أن الساحة العربية كانت مليئة بالشعراء الكبار في عصره. فقد حصل على هذا اللقب عن جدارة تامة واجماع مطلق ويؤكد السيد فالح الحجية الكيلاني الشاعر العراقي.في كتابه الموجز في الشعر العربي -شعراء معاصرون(ان الجواهري لهو متنبي العصر الحديث لتشابه أسلوبه بأسلوبه وقو ة قصيده ومتانة شعره)
    لهذا طبع شعر الجواهري في ذهن الناشئة من كل جيل مفاهيم وقيما شعرية إنسانية لا تزول. اما التجديد في شعره فجاء مكللا بكل قيود الفن الرفيع من وزن وقافية ولغة وأسلوب وموسيقى وجمال وأداء.
    اخر لقاء تلفزيوني مع الشاعر الكبير الراحل كان في تلفزيون الشارقة عام1992، أثناءزيارته لدولة الإمارات العربية لاستلام جائزة سلطان العويس في الإنجاز الأدبي والثقافي،والتي استحدثت لكي تكون لائقة برموز الأدب والثقافة العربية وكان الجواهري أول الحائزين عليها. وفي هذا اللقاء قرأ لأول مرة قصيدته في رثاء زوجته أمونه... وقد حاوره المذبع سفيان جبر في برنامج [ لقاء الأسبوع] وقد بث اللقاء عشرات المرات وعلى مدى سنوات. توفي الجواهري في إحدى مشافي العاصمة السورية دمشق سنة 1997 عن عمر يناهز الثامنة والتسعين، ونظم له تشييع رسمي وشعبي مهيب، شارك فيه أغلب أركان القيادة السورية، ودفن في مقبرة الغرباء في السيدة زينب في ضواحي دمشق، تغطيه خارطة العراق المنحوتة على حجر الكرانيت، وكلمات:"يرقد هنا بعيداً عن دجلة الخير.."
    أقيمت تكريماً له احتفالية ضخمة في إقليم كوردستان العراق عام 2000 بمناسبة الذكرى المئوية لميلاده وتم وضع نصبين عملاقين له في مدينتي أربيل والسليمانية نفذهما النحات العراقي المغترب في سويسرا سليم عبد الله.
    أمد كفي إلى ماء ليطفئني *** فيشعل الماء جوفي ويحترق

    ابو المؤيد

  • #2
    دجلة الخير من اروع قصائده




    يا دجلة الخير، يا أمَّ البساتينِ حيّيتُ سفْحكِ عن بعدٍ، فحيّيني
    لوْذَ الحمائم بين الماءِ والطينِ حيّيْتُ سفحكِ ظمآناً ألوذُ به
    على الكراهةِ بين الحين والحينِ يا دجلةَ الخير يا نبْعاً أفارقُهُ
    نبْعاً فنبْعاً، فما كانت لترويني إنّي وردْتُ عيون الماءِ صافيةً
    ليَّ النسائمِ أطرافَ الأفانينِ(1) وأنت يا قارباً تلْوي الرياحُ بهِ
    يُحاكُ منه، غداة البيْنِ، يطويني وددْتُ ذاك الشراع الرّخصَ لو كفني(2)
    حتى لأَدنى طِماحٍ غيرُ مضمونِ يا دجلة الخير: قد هانت مطامحُنا
    بين الحشائشْ أو بين الرياحينِ أتضمنين مقيلاً لي سواسيةً
    بين الجوانح أعنيها وتعْنيني خِلْواً من الهمِّ إلا همَّ خافقةٍ
    كالريح تُعْجلُ في دفع الطواحينِ تهزّني فأجاريها فتدفعُني
    * * *
    يا خمر خابيةٍ في ظلّ عُرجونِ(3) يا دجلة الخير: يا أطياف ساحرةٍ
    يا خنْجَر الغدر، يا أغصان زيتونِ يا سكْتَةَ الموتِ، يا أطيافَ ساحرةٍ
    متى التبغْددُ حتى في الدهاقينِ(4) يا أمّ بغدادَ، من ظَرْفٍ ومن غَنجٍ
    للآنَ يعبقُ عطرٌ في التلاحينِ يا أمّ تلك التي من (ألف ليلتها)
    به الحضارة ثوباً وشْيَ (هارون)(6) يا مُسْتجمَّ (النواسيّ) الذي لبستْ(5)
    والمُلْبسِ العقْلَ أزياءَ المجانينِ الغاسلِ الهمّ في ثغرٍ وفي حَببٍ
    والمُنْفقِ اليوْمَ يُفْدَى بالثلاثينِ(8) والسّاحبِ الزقّ يأباهُ ويُكرِههُ(7)
    والمُلهمِ الفن من لهوٍ أفانينِ والرّاهنِ السّابريَّ الخزّ في قَدحٍ(9)
    قرْعَ النواقيسِ في عيد الشّعانينِ(10) والمُسمعِ الدّهرَ والدنيا وساكنَها
    * * *
    يُغلي فؤادي، وما يُشجيكِ يُشجيني يا دجلةَ الخير: ما يُغْليكِ من حَنقٍ
    في مائكِ الطُهرِ بين الحين والحينِ ما إن تزالُ سياطُ البغْى ناقعةً
    على القُرى - آمناتٍ - والدهاقينِ ووالغاتٌ خيولُ البغْيِ مُصبحةً
    به مجاريك من فوقٍ إلى دُونِ يا دجْلَة الخير: أدري بالذي طَفحتْ
    أنغامُكِ السمّرُ عن أناتِ محزونِ أدري على أيّ قيثارٍ قد انفجرتْ
    للآنَ تهزْينَ من حكمِ السلاطين أدري بأنك من ألفٍ مَضَتْ هَدراً
    من النواويس أرواحُ الفراعينِ(12) تَهزين أنْ لم تَزَلْ في الشرق شاردةً(11)
    على الضفافِ ومن بُؤسِ الملايينِ تهزين من خِصْب جنّاتٍ مُنثرةٍ
    أضفوْا دروع مطاعيمٍ مطاعينِ تهزيْنَ من عُتقاءٍ يوم ملحمةٍ(13)
    كما تلوّى ببطن الحوت ذو النونِ الضارعين لأقدارٍ تحِلُّ بهمْ
    ويفزعون إلى حدْسٍ وتخمينِ يروْن سود الرزايا في حقيقتها
    والمُفضلينَ عليه جَدْعَ عِرْنينِ(14) والخائفين اجتداع الفقر مالهمو
    مستعصمين بحبْلٍ منه موهونِ واللائذين بدعوى الصبر مَجْبنةً
    ومستميتٍ، ومنجاةً لمسكينِ والصبرُ ما انفكّ مرداةً لمحتربٍ(15)
    وأيّ شرٍّ بخيرٍ غيرُ مقرونِ يا دجلةَ الخير: والدنيا مفارقةٌ
    طهْرُ الملائكِ من رجْسِ الشياطينِ وأيُّ خيْرٍ بلا شرٍّ يُلقّحهُ
    لديْكِ في (القُمْقُمِ) المسحور مخزون يا دجلةَ الخير: كم من كنْز موهبةٍ
    آت فترضيك عقبان وتُرضيني لعلّ يوماً عصُوفاً جارفاً عرساً
    للسمع، ما بين ترخيمٍ وتنوين يا دجلةَ الخير: إن الشعر هدهدةٌ
    لحن الحياة رخيّاً غَيْرَ ملحونِ عفْواً يردّد في رَفْهٍ وفي عَللٍ
    كفّ الطبيعةِ لوْحاً (سفرَ تكوينِ) يا دجلة الخير: كان الشعر مُذْ رسمتْ
    لكنْ لنلْمِسَ أوجاعَ المساكينِ يا دجلة الخير: لم نصحبْ لمسْكنةٍ
    المُلهمونَ عليها كالعناوينِ هذى الخلائقُ أسفارٌ مُجسّدةٌ
    أضواءُ حرْفٍ بليل البؤسِ مرهونِ إذا دجا الخطْبُ شعَت في ضمائرهم
    من راح منهم خليصاً غير مديونِ دَيْنٌ لزامٌ، ومحسودٌ بِنِعمتهِ
    * * *
    تُسدى إليَّ على بُعدٍ فَتجْزيني يا دجلةَ الخير: هلا بعض عارفةٍ(16)
    وألهميني سُلواناً يُسلّيني يا دجلةَ الخير: منّيني بعاطفةٍ
    بلوايَ لم أُلْفِ حتّى مَنْ يُواسيني يا دجلةَ الخير: من كلّ الاُلى خبروا
    طيفاً يمرُّ وإن بعْضَ الأحايينِ يا دجلةَ الخير: خلِّي الموج مُرتفعاً
    دفْءَ (الكوانينِ) أو عطر (التشارين)(17) وحمّليه بحيثُ الثلجُ يغمُرني
    عن كلّ ما جلت الأحلامُ يُلهيني يا دجلةَ الخير: يا مَن ظلَّ طائفُها
    وددّتِ مثلي لو أنّ النوْمَ يجفوني لو تعلمين بأطيافي ووحشتها
    لي المقاديرَ من لدْغِ الثعابينِ يا دجلةَ الخير: خلّيني وما قَسمت
    ويرحل الجواهري عن عالمنا، ولاتزال دجلةَ تشكو الأسْر والقهر والقيود، ولاتزال تغلي بالحنق الذي استثار غضب الشاعر وشجونه، ولاتزال سياط البغي ناقعه في مائها الطاهر، وخيول البغْي والغة على القرى الآمنة، ولاتزال دجلةَ تصغى لأوجاع المساكين، والليل المرهون بالبؤس. ولايزال جرحها ينزف، وشاعرها في الملأ الأعلى تطل روحه على بغداد وأمّ بغداد، فتــرتدّ جازعة مـــــن رجـــــس الشياطين، مفتقدةً طهر الملائك، متطلعة إلى يومٍ عصوف جارف عرم، يطيح بكلّ الذي تشكو منه وتعانيه، لعلّها ترضى عقباه وتغني لحن الحياة، وستظل في أسماعنا وأعماق وجداناتنا - نحن الحالمين بدجلة الخير وبغداد العدل والحرية - نداءاتُ الجواهري وهتفاته الشجية وهو يردد في مستهلّ العديد من أبيات قصيدته: (يا دجلة الخير) فهل آن أوان إجابة هذا النداء?

    (1) الأفانين والأفنان: الأغصان.
    (2) الرّخص: الناعم.
    (3) الخابية: وعاء من الفخار يُعتّق فيه الشراب. العرجون: عذْق النخل إذا يبس واعوجّ.
    (4) التبغدد: تقليد أهل بغداد ومحاكاتهم في عاداتهم وتحضّرهم.
    الدهاقين: جمع دهقان: رئيس المدينة أو القرية (فارسية معرّبة).
    (5) النواسي: أبو نواس.
    (6) هارون: هارون الرشيد.
    (7) الزق: وعاء من الجلد يتخذ للماء والخمر.
    (8) بالثلاثين أي بالثلاثين يوما مجموع أيام الشهر.
    (9) في هذا البيت إشارة إلى قول أبي نواس من قصيدة له وقد رهن ثيابه الثمينة كلها ومن بينها خلع العباسيين عليه.
    (10) عيد الشعانين: من أعياد النصارى.
    (11) تهزيْن: تهزئين (بتسهيل الهمزة).
    (12) النواويس: التوابيت.
    (13) العتقاء: من يؤسرون ثم يطلق سراحهم.
    (14) جدع عرنين: يقال جُدع عرنينه أي قُطع أنفه.
    (15) مرداة: مهلكة.
    (16) العارفة: الفضل والإحسان.
    (17) الكوانين: جمع كانون وهو الموقد
    أمد كفي إلى ماء ليطفئني *** فيشعل الماء جوفي ويحترق

    ابو المؤيد

    تعليق


    • #3
      أخي جعفر



      أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
      فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً وليس كآخَرَ يَسترحِم
      يصيحُ على المُدْقِعينَ الجياع أريقوا دماءكُمُ تُطعَموا
      ويهْتِفُ بالنَّفَر المُهطِعين أهينِوا لِئامكمُ تُكْرمَوا
      أتعلَمُ أنَّ رِقابَ الطُغاة أثقَلَها الغُنْمُ والمأثَم
      وأنّ بطونَ العُتاةِ التي مِن السُحتِ تَهضِمُ ما تهضم
      وأنَ البغيَّ الذي يدعي من المجد ما لم تَحُزْ " مريم "
      ستَنْهَدُّ إن فارَ هذا الدمُ وصوَّتَ هذا الفمُ الأعجم
      فيا لكَ مِن مَرهمٍ ما اهتدَى إليه الأُساة وما رهَّموا
      ويا لكَ من بَلسمٍ يُشتَفى به حينَ لا يُرتجى بَلسم
      ويا لكَ من مَبسِمٍ عابسٍ ثغور الأماني به تَبسِم
      أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيد تظَلُّ عن الثأر تستفهِم
      أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيد مِن الجُوعِ تَهضِمُ ما تَلهم
      تَمُصُّ دماً ثُم تبغي دماً وتبقى تُلِحُ وتستطعِم
      فقُلْ للمُقيمِ على ذُلّهِ هجيناً يُسخَّرُ أو يُلجَم
      تَقَحَّمْ ، لُعِنْتَ ، أزيزَ الرَّصاص وَجرِّبْ من الحظّ ما يُقسَم
      وخُضْها كما خاضَها الأسبقون وَثنِّ بما افتتحَ الأقدم
      فإِمَّا إلى حيثُ تبدو الحياة لِعينيْكَ مَكْرُمةً تُغْنَم
      وإمَّا إلى جَدَثٍ لم يكُن ليفضُلَه بيتُكَ المُظلِم
      تَقَحَّمْ ، لُعِنْتَ ، فما تَرتجي مِن العيش عن وِرده تُحرَم
      أأوجعُ مِن أنَّك المُزدرى وأقتلُ مِن أنَّك المُعدِم
      تقحَّمْ فمَنْ ذا يَخوضُ المَنون إذا عافَها الأنكدُ الأشأم
      تقحَّمْ فمَنْ ذا يلومُ البطين إذا كان مِثلُكَ لا يَقْحَم
      يقولون مَن هم أولاءِ الرَّعاعُ فأفهِمْهُمُ بدَمٍ مَنْ هُم
      وأفهِمْهُمُ بدمٍ أنَّهمْ عَبيدُكَ إنْ تَدْعُهمْ يَخدُموا
      وأنَّك أشرفُ من خيرِهمْ وكعبُك مِن خدهِ أكرم
      أخي " جعفراً " يا رُواء الربيع إلى عَفِنٍ باردٍ يُسلَم
      ويا زَهرةً من رياض الخُلود تَغوَّلها عاصفٌ مُرزِم
      ويا قبَساً من لهيب الحياة خَبا حين شبَّ له مَضْرَم
      ويا طلعةَ البِشر اذ ينجلي ويا ضِحكةَ الفجر إذ يَبسِم
      لَثَمْتُ جراحكَ في " فتحةٍ " هي المُصحَف الطُهرُ إذ يُلثَم
      وقبَّلتُ صدرَك حيثُ الصَّميم مِن القلب ، مُنْخَرقاً ، يُخرَم
      وحيثُ تَلوذُ طيورُ المُنى به فهىَ ، مُفزعَةً ، حُوَّم
      وحيثُ استقرَّت صِفاتُ الرجال وضَمَّ معادِنَها مَنجَم
      وَرَّبتُّ خدّاً بماءِ الشباب يرفُّ كما نوّر البُرعُم
      ومَّسحتُ مِن خُصَلٍ تَدَّلي عليه كما يَفعلُ المُغرم
      وعلَّلتُ نفسي بذوب الصديد كما علَّلتْ وارداً " زمزم "
      ولقَّطتُ مِن زَبدٍ طافحٍ بثَغرك شهداً هو العَلْقَم
      وعوَّضتَ عن قُبلتي قُبلةً عَصَرْتَ بها كلَّ ما يؤلِم
      عَصَرْتَ بها الذكرياتِ التي تقَضَّتْ كما يَحْلُمُ النُوَّم
      أخي " جعفراً " إنّ رجعَ السنين بَعْدَك عندي صَدىً مُبْهم
      ثلاثونَ رُحْنا عليها معاً نعذَّبُ حِيناً ونستنعِم
      نُكافحُ دهراً ويستَسْلِمُ ونُغلبُ طَوراً ونَسْتَسلِم
      أخي " جعفراً " لا أقولُ الخَيال وذو الثأرِ يَقْظانُ لا يَحلُم
      ولكنْ بما أُلهِمَ الصابرون وقد يقرأُ الغيبَ مُستَلهِم
      أرى أُفُقاً بنجيع الدماءِ تَنوّرَ واختفتِ الأنجُم
      وحبلاً من الأرض يُرقى به كما قذفَ الصاعدَ السُلَّم
      إذا مدَّ كفّاً له ناكث تصدَّى ليقطَعها مُبْرِم
      تكوَّر من جُثَثٍ حوله ضِخامٍ وأمجادُها أضخم
      وكفّاً تُمدُّ وراء الحجاب فترسُمُ في الأفْقِ ما ترسُم
      وجيلاً يَروحُ وجيلاً يجيء وناراً إزاءَهما تُضرَم
      أُنبِّيكَ أنّ الحِمى مُلْهَبٌ وواديه من ألمٍ مُفعَم
      ويا وَيْحَ خانقةٍ مِن غدٍ إذا نَفَّسَ الغدُ ما يَكظم
      وأنّ الدماءَ التي طلَّها مُدِّلٌّ بشُرطتهُ مُعرم
      تَنَضَّحُ من صدرِك المُستطاب نزيفاً إلى الله يَستظلِم
      ستبقى طويلاً تَجُرُّ الدماء ولَنْ يُبرِدَ الدمَ إلاّ الدم
      وأنَّ الصدورَ التي فلَّها وأبدعَ ! في فلِّها مُجْرم
      ونَثَّرَ أضلاعها نَثْرةَ شَتاتاً كما صُرّفَ الدرهم
      ستَحْضُنُها من صُدور الشباب قُساةٌ على الحقِ لا ترحم
      أخي " جعفراً " إنّ عِلَم اليقين أُنبِّيكَ إنْ كنتَ تستعلِم
      صُرِعْتَ فحامتْ عليك القلوب وخفَّ لك الملأُ الأعظَم
      وسُدَّ الروُُاقُ ، فلا مَخرجٌ وضاقَ الطريقُ ، فلا مَخرم
      وأبلغَ عنك الجَنوبُ الشَّمال وعزَّى بك المُعرِقَ المُشئِم
      وشَقَّ على " الهاتفِ" الهاتفون وضجَّ من الأسطُرِ المرِقَم
      تعلَّمتَ كيف تَموتُ الرجال وكيف يُقامُ لهمْ مأتَم
      وكيف تُجرُّ إليك الجموعُ كما انجرَّ للحَرمِ المُحرِم
      ضحِكتُ وقد هَمْهَمَ السائلون وشقَّ على السمعِ ما همهموا
      يقولون مِتَّ وعند الأساةِ غيرَ الذي زَعَموا مَزعَم
      وأنتَ مُعافى كما نرتجي وأنت عزيزٌ كما تعلَم
      ضحِكتُ وقلتُ هنيئاً لهم وما لفَّقوا عنك أو رجَّموا
      فهم يبتغون دماً يشتفي به الأرمدُ العينِ والأجذم
      دماً يُكذِبُ المخلصونَ الأباة به المارقينَ وما قسَّموا
      وهم يبتغونَ دماً تلتقي علية القُلوب وتستَلئم
      إلى أنْ صَدَقْتَ لهمْ ظَنَّهم فيا لكَ من غارِمٍ يَغنَم
      فهمْ بك أولى فلَّما نَزَل كَجِذْرٍ على عَددٍ يُقسم
      وهم بك أولى ، وإن رُوِّعت " عجوزٌ " على فِلذةٍ تلطِم
      وتكفُرُ أنَ السما لم تعد تُغيثُ حَريباً ، ولا تَرْحَم
      وأُختٌ تشقُّ عليك الجيوب فيغرَزُ في صدرها مِعصَم
      تناشِدُ عنك بريقَ النُّجوم لعلَّك مِن بينها تنجُم
      وتَزْعُمُ أنَّك تأتي الصَّباحَ وقد كذَّبَ القبرُ ما تَزْعُم
      لِيَشْمَخْ بفقدِكَ أنفُ البلاد وأنفي وأنفُهم مُرغم
      أخي " جعفراً " بعُهود الاخاءِ خالصةً بيننا أُقسِم
      وبالدمع بَعدَكَ لا يَنثني وبالحُزنِ بَعدَكَ لا يُهزم
      وبالبيتِِ تَغمرُهُ وحشةٌ كقبركَ يَسأل هل تقدَم
      وبالصحب والأهلِ " يستغربون " لأنَّك منحرفٌ عنهم
      يميناً لتَنهَشُني الذكريات عليك كما يَنهش الأرقم
      إذا عادني شبحٌ مفرحٌ تصدَّى له شبحٌ مؤلِم
      وأنّي عُودٌ بكفِّ الرياحِ يسأل منها متى يُقصَم
      أخي " جعفراً " وشجونُ الأسي ستَصرِم حبلي ولا تُصرَم
      أزحْ عن حَشاك غُثاء الضمير ولا تكتُمَنّي ، فلا أكتُم
      فانْ كانَ عندكَ مِن مَعتَبٍ فعندي أضعافُه مَنْدَم
      وإن كنتَ فيما امتُحِنَّا به وما مسَّّّنا قَدَرٌ محْكَم
      تُخَرِّجُ عُذراً يُسلّي أخاً فأنت المدِلُّ به المُنعِم
      عصارةُ عُمرٍ بشتّى الصنُوف مليءٍ كما شُحِنَ المُعْجم
      به ما أُطيقُ دفاعاً به وما هو لي مُخْرِسٌ مُلجِم
      أسالتْ ثراك دموعُ الشباب ونوَّر منك الضريحَ الدم
      أمد كفي إلى ماء ليطفئني *** فيشعل الماء جوفي ويحترق

      ابو المؤيد

      تعليق


      • #4
        ناجيت قبرك



        في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أَجِــدُ
        أهذهِ صَخرةٌ أم هذهِ كَبِـــدُ
        قدْ يقتلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُـدوا
        عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِــدوا
        تَجري على رَسْلِها الدنيا ويَتْبَعُها
        رأْيٌ بتعليـلِ مَجْراهـا ومُعْتَقَـدُ
        أَعْيَا الفلاسفةَ الأحرارَ جَهْلُهمُ
        ماذا يُخَبِّـي لهم في دَفَّتَيْـهِ غَـدُ
        طالَ التَّمَحُّلُ واعتاصتْ حُلولُهمُ
        ولا تَزالُ على ما كانتِ العُقَـدُ
        ليتَ الحياةَ وليتَ الموتَ مَرْحَمَـة ٌ
        فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لَبدُ
        ولا الفتاةُ بريعانِ الصِّبا قُصِفَـتْ
        ولا العجوزُ على الكَـفَّيْنِ تَعْتَمِـدُ
        وليتَ أنَّ النسورَ اسْتُنْزِفَتْ نَصَفَاً
        أعمارُهُنَّ ولم يُخْصَصْ بها أحـدُ
        حُيِّيتِ (أمَّ فُـرَاتٍ) إنَّ والـدةًً
        بمثلِ ما انجبتْ تُـكْنى بما تَـلِـدُ
        تحيَّةً لم أجِدْ من بـثِّ لاعِجِهَـا
        بُدَّاً, وإنْ قامَ سَـدّاً بيننا اللَّحـدُ
        بالرُوحِ رُدَّي عليها إنّها صِلَـةٌ
        بينَ المحِبينَ ماذا ينفعُ الجَـســدُ
        عَزَّتْ دموعيَ لو لمْ تبعثي شَجناً
        رَجعتُ منهُ لحرَّ الدمعِ أَبْـتَــرِدُ
        خلعتُ ثوبَ اصطبارٍ كانَ يستُرُنـي
        وبانَ كَذِبُ ادَّعائي أنني جَلِـدُ
        بَكَيْتُ حتى بكا مَنْ ليسَ يعرفُني
        ونُحْتُ حتىَّ حكاني طائرٌ غَــرِدُ
        كما تَفجَّر عيناً ثـرةًً حَجَـــرُ
        قاسٍ تفجَّرَ دمعاً قلبيَ الصَّلِــدُ
        إنَّا إلى اللهِ! قولٌ يَستريحُ بــهِ
        ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحَدُوا

        مُدي إليَّ يَداً تـُمْدَدْ إليكِ يَـدُ
        لا بُدَّ في العيشِ أو في الموتِ نَتَّحِـدُ
        كُنَّا كشِقَّيْنِ وافى واحِـدا ً قَـدَرٌ
        وأمرُ ثانيهما مِن أمـرهِ صَـدَدُ
        ناجيتُ قَبْرَكِ أستوحـي غياهِبَـهُ
        عنْ حالِ ضَيْفٍ عليه مُعْجَلاً يَفِـدُ
        وردَّدَتْ قَفْرَة ٌ في القلب ِ قاحِـلة ٌ
        صَدى الذي يَبتغي وِرْدَاً فلا يَجِـدُ
        ولفَّني شَبَـحٌ ما كانَ أشبهَــهُ
        بِجَعْدِ شَـعْرِكِ حولَ الوجهِ يَنْعَـقِدُ
        ألقيتُ رأسـيَ في طَّياتِـهِ فَزِعَـاً
        نَظِير صُنْعيَ إذ آسى وأُفْتَــأدُ
        أيّامَ إنْ ضاقَ صدري أستريحُ إلـى
        صَدْرٍ هو الدهـرُ ما وفّى وما يَعِدُ
        لا يُوحِشُ اللهُ رَبْعَاً تَـنْزِليـنَ بـهِ
        أظُنُّ قبرَكِ رَوْضَاً نورُهُ يَقِــدُ
        وأنَّ رَوْحَـكِ رُوحٌ تأنَسِينَ بهـا
        إذا تململَ مَيْتٌ رُوحُهُ نَـكَــدُ
        كُنَّا كنَبْتَـةِ رَيْحَـانٍ تَخَطَّمَهـا
        صِرٌّ فأوراقُـها مَنْزُوعَة ٌ بَــدَدُ
        غَطَّى جناحاكِ أطفالي فكُنْتِ لَهُـمْ
        ثَغْرَاً إذا استيقظوا , عَيْنَاً إذا رَقَدوا
        شَتَّى حقوقٍ لها ضاقَ الوفاءُ بها
        فهل يكـونُ وفـاءً أنّـني كَمِـدُ
        لم يَلْقَ في قلبِها غِلٌّ ولا دَنَـسٌ
        لهُ مَحلاً ، ولا خُبْـثٌ ولا حَسَـدُ
        ولم تَكُنْ ضرَّةً غَيْرَى لجارتِـها
        تُلوى لخيـرٍ يُواتيها وتُضْطَهَـدُ
        ولا تَذِلُّ لِخَطْبٍ حُـمَّ نازِلُـهُ
        ولا يُصَعِّـرُ منها المـالُ والوَلَـدُ

        قالوا أتى البرقُ عَجلاناً فقلتُ لهـمْ
        واللهِ لو كانَ خيرٌ أبْطَـأَتْ بُـرُدُ
        ضاقتْ مرابِعُ لُبنان بما رَحُبَـتْ
        عليَّ والتفَّتِ الآكامُ والنُجُــدُ
        تلكَ التي رَقَصَتْ للعينِ بَهْجَتُـها
        أيامَ كُنّـا وكانتْ عِيشَةٌ رَغَـــدُ
        سوداءُ تَنْفُخُ عن ذكرى تُحَرِّقُـني
        حتَّـى كأنّي على رَيْعَانِهَا حَــرِدُ
        واللهِ لم يَحْلُ لي مَغْـدَىً ومُنْتَقَلٌ
        لما نُـعِيتِ ولا شخصٌ ولا بَلَـدُ
        أين المَفَـرُّ وما فيها يُطَارِدُنـي
        والذكرياتُ ، طَرِيَّاً عُودُها، جُـدُدُ
        أألظـلالُ التي كانَـتْ تُفَيِّئُنَـا
        أمِ الهِضَابُ أمِ الماءُ الذي نَــرِدُ
        أمْ أنتِ ماثِلَة ٌ؟ مِن ثَمَّ مُطَّـرَحٌ
        لنا ومِنْ ثَـمَّ مُرْتَاحٌ ومُتَّـسَـدُ
        سُرْعَانَ ما حالَتِ الرؤيا وما اختلفتْ
        رُؤَىً , ولا طالَ- إلا ساعة ً- أَمَـدُ
        مَرَرْتُ بالحَوْر ِ والأعراسُ تملأهُ
        وعُدْتُ وهو كمَثْوَى الجانِّ ِ يَرْتَـعِدُ

        مُنَىً - وأتْعِسْ بها- أن لا يكونَ على
        توديعِهَا وهي في تابوتِـها رَصَدُ
        لعلنِي قَـارِئٌ في حُـرِّ صَفْحَتِهَا
        أيَّ العواطِفِ والأهـواءِ تَحْتَشِدُ
        وسَامِعٌ لَفْظَـةً منها تُقَرِّظُـني
        أمْ أنَّهَا - ومعـاذَ اللهِ - تَنْتَقِـدُ
        ولاقِطٌ نَظْرَةً عَجْلَى يكـونُ بها
        لي في الحَيَاةِ وما أَلْقَى بِهَا ، سَنَـدُ
        أمد كفي إلى ماء ليطفئني *** فيشعل الماء جوفي ويحترق

        ابو المؤيد

        تعليق

        يعمل...
        X