بائعة العصافير
قبل أن يغادر البيت إلى عمله كان يجلس أمام القفص يراقب طيور الحب بألوانها البديعة كيف تتحرك على أنغام فيروز وقد أبدت انتعاشاً يثلج صدر الناظر إليها ويداعب شغاف القلب.
يتأمل كل حركاتها وسكناتها ويفرح مثل طفل صغير حين يراهما ينقران بعضهما بمنقاريهما فينادي على زوجته قائلاً:
- أسرعي بفنجان القهوة، لا أحب أن أتأخر على عملي، تعالي انظري إلى مداعباتهما الصباحية، إنهما أفضل منا!
- ألن تكبر يا رجل ؟
- لا، لن أكبر !
ويقترب منها، يضع أرنبة أنفه على أرنبة أنفها ويداعبها ثم يمضي إلى عمله بعد أن يوصيها بنفسها وبأولادها وبالطيور خيراً.
تستقبل صباحات ومساءات أيامها بهدوء اعتادت على ممارسته كل يوم، وحين يعود الزوج من عمله يلقي برأسه المتعب على وسادته وقد استسلم لخدر الحب والأحلام الراعية لأمنيات تراوده في المنام ولا تراوده في اليقظة، ومع مرور الأيام يباغته المشهد، تنداح الصورة في صدره مثل كابوس أفزع النائم الحالم بفيوض المدارات وانعكاسات الضوء، فينهض مذعوراً ملهوفاً يبحث عن دواءٍ شافٍ، وعن عودة الروح إلى محراب عشقها وحبها وقد رأى بأم عينيه هياج الذكر داخل القفص، لوهلة يقف مدهوشاً ذاهلاً وهو يمعن النظر بحزن الطير، فيعرف أن لفقدانها مذاق العلقم في حشاشة الصدر، فيحدث زوجته بمرارة حزن الطير على معشوقته، لكنهم لا يعرفون النحيب والعويل لهذا راح يضرب رأسه وجناحيه بقضبان القفص وهو يصرخ بصمت الضعف والأسر المدجج بالقضبان، لم تفهم الزوجة السر! الذي فهم الحكاية، حكاية الحب برباطه القدسي المبجل الزوج، قطب حاجبيه وراح يلبس ملابسه بهدوء متواتر، تارة ينظر إلى الذكر وقد هاج داخل القفص مثل ريح تتصدى لها القضبان، وأخرى إلى الحبيبة الراقدة وقد تمددت بلا حراك متخشبة، ومن دون إدراك لفحوى النية تقول الزوجة:
- هل سنتركها في القفص هكذا أمامه؟!
يمطرها بنظرة تحمل الوجع والحزن والأسى ثم يغادر البيت، وقبل أن يخرج يقول لها:
- راقبيه حتى أعود، عله يبقى على قيد الحياة!
لم تفهم الزوجة قصد زوجها لكن شعوراً بالتوتر والامتعاض المؤلم جعلها تختزن في ذاكرتها هذه الصورة الفريدة المأخوذة من وريد القلب، هل كانا قيس وليلى، أم روميو وجولييت ؟ لم تستطع أن تكتم دموعها التي طفرت على خديها رغماً عن إرادتها، دموع لو أرادتها أن تنهمر على شخص عزيز يصاهر العائلة لما وجدتها تنحدر على خديها بهذه السخونة التي شعرت بها!
وفي لحظة عاتمة تخترق هدوء الحياة بين زوجين متفاهمين قانعين راضيين يسري نخر في العظام فيرحل الرجل، يمضي مثل السحاب في شهر موعود بالارتحال، يغيب وجهه وجسده وصوته الحنون وقد لفه قماش أبيض فتعوي في ذاكرة المرأة صورة الذكر الذي انتفض حقده وغضبه وويلات نفسه حين فقدَ شريكة الحب.
كان الطير يضرب رأسه وجناحيه بقسوة كمن به داء الانتحار! هل تفعل فعل الطير من فصيلة طيور الحب في رحيله وراء معشوقته، فتشرب السم الزعاف كي تلحق بزوجها الذي تركها وحيدة مع أولادها، لكن المرأة الوفية التقية الصالحة لا تنتحب ولا تلطم وجهها وتنتف شعرها وتولول كما تفعل النساء المفجوعات بفقدان أزواجهن، كابدت حرائق الشهقة تلو الشهقة وهي تودعه بعينين بليلتين مخضلتين بدموع تحجرت في المقلتين وفكرت بكلامه عن قسوة الحياة وغائلة الحاجة وكيف أنه استودع قلبها أمانة المحافظة على العصافير فهي السلوى وطرب الفؤاد، على أبواب أقفاصها التصقت أحاسيس أصابع يديه فراحت تتلمسها واحداً واحداً وتردد هكذا كان يفعل أبو الوفاء فتستسلم للقضاء والقدر وتعلن في صمت أنها سترعاها وتحسن العناية بمشاربها ومآكلها تماماً كما كان يفعل زوجها.
تبدأ في البحث عن عمل يقيها غائلة الفقر والحرمان، فالصغار لا يعرفون الصبر كما تعرفه هي بعد أن غرقت في الديون، تستدين من أختها فيتأفف زوج الأخت، وتستدين من أخيها فتعبس زوجة الأخ، وأخرى من السمان الذي يعلق على زجاج الواجهة لائحة مكتوباً فيها "جاء أول الشهر يا أحباب، إن كنتم أصدقاء عجلوا بالدفع، ولا تتركونا نقرع الأبواب"، فتتراكم الغصات بين حبيبات التذوق فتقلع عن الدين وترضى بالمقسوم من التقتير والتقنين، لكن الأولاد لا يقدرون ماهية ما تعاني من ظلم الحاجة، إنهم يسترسلون في نقهم مثل نقيق الضفادع على حافة ساقية مهجورة، فتعود للدخول في الدائرة ذاتها وهي تكتم غيظاً دفيناً وقهراً مظلماً وظالماً.
بعد القيام بالإجراءات المعقدة من أجل الحصول على الراتب التقاعدي وجدت نفسها غارقة في ديون لا تدري كيف تراكمت بهذا الكم المريب، كأنها قنوات مائية لا تعرف سوى الجريان والضغط على أوتار القلب، فكرت بالبحث عن عمل يناسبها لمعت في ذهنها فكرة بيع العصافير، نعم، لمَ لا، ستبيع عصافير الكناري التي أحضرتها مجدداً وعزلتها عن مكان طيور الحب لتعيش هي وأولادها بقليل من الستر يقيها من الحاجة والفاقة والحرمان، فتبدأ بالعناية بالأقفاص وبحاجات الطيور إلى الدخن وورق الكبوس الأخضر والبيض المسلوق، كانت لا تدرك ماهية تعب زوجها في هذه الأمور، تدفع فاتورة الماء تأتي فاتورة الكهرباء، وتمتعض بألم يضغط على أغصان الذاكرة حين تفكر بالكساء والغذاء والدواء خاصة دواء الضغط الشرياني، الطبيب نبهها إلى ضرورة عدم نسيان تناول الدواء في وقته، كما حذرها من مرض السكر، فتترجى جارتها أن لا ينسى أبو حكمت الذي يهوى زيارة هذه السوق منذ شبابه قبل صلاة الجمعة أن يحمل في يده قفصاً أو قفصين لبيعهما بعد أن اطمأنت إلى ازدياد عدد عصافير الكناري.
كعادتها كل صباح جلست كي تشرب فنجان قهوتها، لم تكمل فنجان القهوة حين سمعت هذا اللحن الخالد في شريطه المحزون يئن، يبدأ صوت الأنين كسقسقة ماء ضعيف أو ارتداد ناي بعيد، كانت العصفورة تتألم بصمتٍ سكن جداول ذاكرة جسدها، والمرأة تنظر إليها بعينين مرتعشتين، تنظر إليها كيف ترفع ذيلها إلى الأعلى وهي تصدر أصواتاً ضعيفة يضرب الوهن أعماقها الصغيرة، لم يكن بوسع المرأة أن تفسر السبب، ولم يكن باستطاعتها أن تقدم لها أي معونة أو مساعدة، دقائق مرت والعصفورة لا تكف عن التلميح بألمها بهذه الاستغاثات من الأنين الخافت كأنها تمارس الاحتضار، وبطن جذعها يرتجف ارتجاف المستجير من النار، هل كانت تريد أن تقول شيئاً؟ هل كانت تعيش وجع اللحظة من السر والإيماء؟ لم يكن بمقدور المرأة أن تجلو الحقيقة أمام عينيها، لكن أمراً آخر كان قد بدأ بكشف السر الذي هو من عجائب قدرة الله حين رفعت ذيلها إلى أعلى أكثر من كل مرةٍ ومالت برأسها وبجذعها نحو الأسفل فبانت دائرة حمراء صغيرة وثمة شيء دائري أبيض متكور انبثق من هذه الفتحة، كانت بيضة بحجم حبة البندق أو أكبر قليلاً، اقشعر جسد المرأة، يا لرهبة الوضع! أعادت رسم المشهد في عينيها مثل "كاميرا" التقطت كلّ التفاصيل، تذكرت آلام مخاضها فشعرت بقيمة ما تعانيه الطيور من عذاب مريع وألم فظيع، وفكرت، بعد وضع البيضة سترقد عليها تمنحها الدفء والحماية، وستنتظر بكل ما عندها من صبر، حتى تفقس، وسيخرج إلى الحياة عصفور جديد، سيكبر ومن غير شك سيغرد.
قبل أن يغادر البيت إلى عمله كان يجلس أمام القفص يراقب طيور الحب بألوانها البديعة كيف تتحرك على أنغام فيروز وقد أبدت انتعاشاً يثلج صدر الناظر إليها ويداعب شغاف القلب.
يتأمل كل حركاتها وسكناتها ويفرح مثل طفل صغير حين يراهما ينقران بعضهما بمنقاريهما فينادي على زوجته قائلاً:
- أسرعي بفنجان القهوة، لا أحب أن أتأخر على عملي، تعالي انظري إلى مداعباتهما الصباحية، إنهما أفضل منا!
- ألن تكبر يا رجل ؟
- لا، لن أكبر !
ويقترب منها، يضع أرنبة أنفه على أرنبة أنفها ويداعبها ثم يمضي إلى عمله بعد أن يوصيها بنفسها وبأولادها وبالطيور خيراً.
تستقبل صباحات ومساءات أيامها بهدوء اعتادت على ممارسته كل يوم، وحين يعود الزوج من عمله يلقي برأسه المتعب على وسادته وقد استسلم لخدر الحب والأحلام الراعية لأمنيات تراوده في المنام ولا تراوده في اليقظة، ومع مرور الأيام يباغته المشهد، تنداح الصورة في صدره مثل كابوس أفزع النائم الحالم بفيوض المدارات وانعكاسات الضوء، فينهض مذعوراً ملهوفاً يبحث عن دواءٍ شافٍ، وعن عودة الروح إلى محراب عشقها وحبها وقد رأى بأم عينيه هياج الذكر داخل القفص، لوهلة يقف مدهوشاً ذاهلاً وهو يمعن النظر بحزن الطير، فيعرف أن لفقدانها مذاق العلقم في حشاشة الصدر، فيحدث زوجته بمرارة حزن الطير على معشوقته، لكنهم لا يعرفون النحيب والعويل لهذا راح يضرب رأسه وجناحيه بقضبان القفص وهو يصرخ بصمت الضعف والأسر المدجج بالقضبان، لم تفهم الزوجة السر! الذي فهم الحكاية، حكاية الحب برباطه القدسي المبجل الزوج، قطب حاجبيه وراح يلبس ملابسه بهدوء متواتر، تارة ينظر إلى الذكر وقد هاج داخل القفص مثل ريح تتصدى لها القضبان، وأخرى إلى الحبيبة الراقدة وقد تمددت بلا حراك متخشبة، ومن دون إدراك لفحوى النية تقول الزوجة:
- هل سنتركها في القفص هكذا أمامه؟!
يمطرها بنظرة تحمل الوجع والحزن والأسى ثم يغادر البيت، وقبل أن يخرج يقول لها:
- راقبيه حتى أعود، عله يبقى على قيد الحياة!
لم تفهم الزوجة قصد زوجها لكن شعوراً بالتوتر والامتعاض المؤلم جعلها تختزن في ذاكرتها هذه الصورة الفريدة المأخوذة من وريد القلب، هل كانا قيس وليلى، أم روميو وجولييت ؟ لم تستطع أن تكتم دموعها التي طفرت على خديها رغماً عن إرادتها، دموع لو أرادتها أن تنهمر على شخص عزيز يصاهر العائلة لما وجدتها تنحدر على خديها بهذه السخونة التي شعرت بها!
وفي لحظة عاتمة تخترق هدوء الحياة بين زوجين متفاهمين قانعين راضيين يسري نخر في العظام فيرحل الرجل، يمضي مثل السحاب في شهر موعود بالارتحال، يغيب وجهه وجسده وصوته الحنون وقد لفه قماش أبيض فتعوي في ذاكرة المرأة صورة الذكر الذي انتفض حقده وغضبه وويلات نفسه حين فقدَ شريكة الحب.
كان الطير يضرب رأسه وجناحيه بقسوة كمن به داء الانتحار! هل تفعل فعل الطير من فصيلة طيور الحب في رحيله وراء معشوقته، فتشرب السم الزعاف كي تلحق بزوجها الذي تركها وحيدة مع أولادها، لكن المرأة الوفية التقية الصالحة لا تنتحب ولا تلطم وجهها وتنتف شعرها وتولول كما تفعل النساء المفجوعات بفقدان أزواجهن، كابدت حرائق الشهقة تلو الشهقة وهي تودعه بعينين بليلتين مخضلتين بدموع تحجرت في المقلتين وفكرت بكلامه عن قسوة الحياة وغائلة الحاجة وكيف أنه استودع قلبها أمانة المحافظة على العصافير فهي السلوى وطرب الفؤاد، على أبواب أقفاصها التصقت أحاسيس أصابع يديه فراحت تتلمسها واحداً واحداً وتردد هكذا كان يفعل أبو الوفاء فتستسلم للقضاء والقدر وتعلن في صمت أنها سترعاها وتحسن العناية بمشاربها ومآكلها تماماً كما كان يفعل زوجها.
تبدأ في البحث عن عمل يقيها غائلة الفقر والحرمان، فالصغار لا يعرفون الصبر كما تعرفه هي بعد أن غرقت في الديون، تستدين من أختها فيتأفف زوج الأخت، وتستدين من أخيها فتعبس زوجة الأخ، وأخرى من السمان الذي يعلق على زجاج الواجهة لائحة مكتوباً فيها "جاء أول الشهر يا أحباب، إن كنتم أصدقاء عجلوا بالدفع، ولا تتركونا نقرع الأبواب"، فتتراكم الغصات بين حبيبات التذوق فتقلع عن الدين وترضى بالمقسوم من التقتير والتقنين، لكن الأولاد لا يقدرون ماهية ما تعاني من ظلم الحاجة، إنهم يسترسلون في نقهم مثل نقيق الضفادع على حافة ساقية مهجورة، فتعود للدخول في الدائرة ذاتها وهي تكتم غيظاً دفيناً وقهراً مظلماً وظالماً.
بعد القيام بالإجراءات المعقدة من أجل الحصول على الراتب التقاعدي وجدت نفسها غارقة في ديون لا تدري كيف تراكمت بهذا الكم المريب، كأنها قنوات مائية لا تعرف سوى الجريان والضغط على أوتار القلب، فكرت بالبحث عن عمل يناسبها لمعت في ذهنها فكرة بيع العصافير، نعم، لمَ لا، ستبيع عصافير الكناري التي أحضرتها مجدداً وعزلتها عن مكان طيور الحب لتعيش هي وأولادها بقليل من الستر يقيها من الحاجة والفاقة والحرمان، فتبدأ بالعناية بالأقفاص وبحاجات الطيور إلى الدخن وورق الكبوس الأخضر والبيض المسلوق، كانت لا تدرك ماهية تعب زوجها في هذه الأمور، تدفع فاتورة الماء تأتي فاتورة الكهرباء، وتمتعض بألم يضغط على أغصان الذاكرة حين تفكر بالكساء والغذاء والدواء خاصة دواء الضغط الشرياني، الطبيب نبهها إلى ضرورة عدم نسيان تناول الدواء في وقته، كما حذرها من مرض السكر، فتترجى جارتها أن لا ينسى أبو حكمت الذي يهوى زيارة هذه السوق منذ شبابه قبل صلاة الجمعة أن يحمل في يده قفصاً أو قفصين لبيعهما بعد أن اطمأنت إلى ازدياد عدد عصافير الكناري.
كعادتها كل صباح جلست كي تشرب فنجان قهوتها، لم تكمل فنجان القهوة حين سمعت هذا اللحن الخالد في شريطه المحزون يئن، يبدأ صوت الأنين كسقسقة ماء ضعيف أو ارتداد ناي بعيد، كانت العصفورة تتألم بصمتٍ سكن جداول ذاكرة جسدها، والمرأة تنظر إليها بعينين مرتعشتين، تنظر إليها كيف ترفع ذيلها إلى الأعلى وهي تصدر أصواتاً ضعيفة يضرب الوهن أعماقها الصغيرة، لم يكن بوسع المرأة أن تفسر السبب، ولم يكن باستطاعتها أن تقدم لها أي معونة أو مساعدة، دقائق مرت والعصفورة لا تكف عن التلميح بألمها بهذه الاستغاثات من الأنين الخافت كأنها تمارس الاحتضار، وبطن جذعها يرتجف ارتجاف المستجير من النار، هل كانت تريد أن تقول شيئاً؟ هل كانت تعيش وجع اللحظة من السر والإيماء؟ لم يكن بمقدور المرأة أن تجلو الحقيقة أمام عينيها، لكن أمراً آخر كان قد بدأ بكشف السر الذي هو من عجائب قدرة الله حين رفعت ذيلها إلى أعلى أكثر من كل مرةٍ ومالت برأسها وبجذعها نحو الأسفل فبانت دائرة حمراء صغيرة وثمة شيء دائري أبيض متكور انبثق من هذه الفتحة، كانت بيضة بحجم حبة البندق أو أكبر قليلاً، اقشعر جسد المرأة، يا لرهبة الوضع! أعادت رسم المشهد في عينيها مثل "كاميرا" التقطت كلّ التفاصيل، تذكرت آلام مخاضها فشعرت بقيمة ما تعانيه الطيور من عذاب مريع وألم فظيع، وفكرت، بعد وضع البيضة سترقد عليها تمنحها الدفء والحماية، وستنتظر بكل ما عندها من صبر، حتى تفقس، وسيخرج إلى الحياة عصفور جديد، سيكبر ومن غير شك سيغرد.
تعليق