أتغـني أيها القلب الحزين بناي جلال الدين ؟ما الذي أيقظ فيك الحنين ذي الليلة ،،،تكثر أحلام الذكريات،أحلام الصبا ،أحلام الفتوة،كل ذي التسميات تساقطت من قاموس التفاؤل لتصير جرحا يتأجج بنار الواقع المزري،أتبكي مغردا لحن الماضي الغريب ذي المسافات تنطوي كما ينطوي قلب الشاعر الحزين و أنت المحب لصوت المآذن ،وأنت المحب لهذه المدينة ..صرت تمقتها تكرهها أم أنها صارت تضيق بك؟لم يعد هواء سمائها يفتح الصدر فاتحا منتصرا دون حرب،ما الذي غيّرك هذه الليلةأيها القلب الحزين، تختزل التاريخ كله في لحظة ضعف الضمير ،تلك الصرخة التي لولا رقة الشعور ،طاغور بنى الحكمة من كلمة الحب والحكمة صارت دارا للحب ..تلك الشموع تضيء المكان تطارد الظلام أينما كان و أينما حلّ...حسان ، أبو الطيب ، المعري،الحاوي،السّياب ، الأمير عبد القادر ،خليفة،مفدي ، الشبوكي ،هذه بعض الشموع أنوار للحب...للحب ألف معنى ،قصة لكل شاعر لكل حالم ،لكل متيّم ،لكل حكيم، لكل صوفي ،لكل زاهد، لكل مؤمن بمعنى مجرد في العقل لهذا المصطلح ..وأنت أيها القلب الحزين إقرأ في صفحات باطنك كل هؤلاء الشعراء ،أسمعهم واحد تلو الآخر يردد أبياتا تخصه ...تخصك،كل شاعر هو أنت كل التاريخ،كل التناقض ،كل الثورات ،كل الإنهزامات ، كل الإنتصارات ،كل الإحباطات ،كل الإنتحارات، كل الغربة و الإغتراب..أنت المحطم لأصوار المدينة الجميلة، دعها ولو كانت من رسم ..أما آن لك أيها القلب الحزين أن تركن للهدوء لعل نفسك ترتاح لصوت المؤذن ، أرهقت كاهلك بذلك النحيب الذي مضى و فات ..أيصنع بك الحب كل هذا؟...لله ذرك أيها الضعيف،الخجول أيها الفقير...
تجول الأسماء بداخلك تعذبك ، ثعابين باردة ترقد، تترصد، السم في أنيابها ، فما تنسى الهموم ، تريد السفرمع كل يوم جديد لعلك تداوي كل الطعنات ، تنغرس ذي الأنياب تزرع الموت لعلّه الموت ، لكنك لا تمت إلا من النفس لكن النفس لا تموت ،يبقى ألم اللذغة ...لم يكن ابن المقفع ناسيا قصة الثعبان و الصقر ، خاف أن يحاكيها فيتّهم في أدبه، لكنه حكاها قبيل رحيله، حكى ابن المقفع قال:"كان الصقر يحرس بستان العذراء "و العذراء تخاف الثعابين ، فهدّدت بالرذيلة أو الثعبان لعلها إن أرادت قطف الزهرة أو وردة قطف الثعبان يدها الملائكي .
حكت للصقر ما قراته في رسالة التهديد للملك الجبار ، فوعدها بالحراسة أين ما حلت ، أين ما ذهبت يحرسها من الثعبان فالحرب حرب الحيوان للحيوان ، ولمّا لم ينتصر الثعبان للإ قتراب من ذالك البستان أكلت البندقية جسد الصقر ، والعذراء لم تعد العذراء ، صارت بفعل الحداد لموت حاميها جبّارة تأكل الثعبان ، وصار المّلك الجبّار مهددا حتى في نفسه ، وصارت الحرب حرب الإنسان. . وماتت العذرية في طلقة نار ، ومات الحب بدافع الرذيلة ، وما ت الخوف بدافع الإنتقام ، وابن المقفع لم يحكي ذي الحكاية إلاّ لذا القلب الحزين ، فمالك أيها القلب الحزين تحاكيها وقد كانت سراَ مدفوناَ في أحشاء تاريخك ، دع عنك الحزن فإن الحزن قتّال ، وابحث عن بسمة للغد ودع الليلة تمضي بما فات وادفن حكاياتك ولا تحكيها إلا للبحر ، فإنه لا يبيح الأسرار ، وزرقته الوحيدة التي تكفيك ، تمسح ذي المعانات لتعود سماء أشجانك زرقاء ، نم أيها القلب الحزين ، ودع الليلة تمضي ، وابتسم للغد لعلّ الغد يأتي بإبتسامة تكفيك لتحيا من جديد إنها الصدقة، ، لتكن من وجه النهار.
تعليق