آمنة الربيع:-- تنزلت الورقة التي ألقيت في الأيام الثقافية العمانية التونسية التي نظمتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع نادي اليونسكو المدينة تحت عنوان المسرح في عمان: بحث في الواقع وقراءة في المتغيرات، وهدفت الورقة تماشيا مع العنوان إلى تعريف المشتغلين المسرحيين التونسيين والمثقفين بصفة عامة، بالحركة المسرحية العمانية وبالمشتغلين في مسرحنا، من جيل الرواد والشباب، كتّابا ومخرجين وباحثين.
واختيار هذا العنوان نبع من اعتقاد راسخ تمثل في اعتقادنا المشرقي بعدم معرفة أهلنا وخلاننا في بلاد المغرب العربي (تونس، والمغرب، والجزائر، وليبيا) عن محمول ثقافتنا وقضايانا واتجاهاتنا الفكرية والأدبية، وهذا ما ينعكس على جميع أشكال التلقي الثقافي المعروفة كالمسرح والسينما والسرد والشعر والغناء والفنون التشكيلية. ولا يتوقف هذا الجهل عند عمان وحدها بل يتمدد ليشمل جميع بلاد المشرق العربي.
الباحث عن أسباب ذلك القصور يرجع لعوامل معروفة كالبعد الجغرافي وعدم وجود الدعم المادي المُجزي والتشكيلات السياسية والمصالح المتبادلة فيما بين الحكومات، بالإضافة إلى ذلك أن عدم الاستقرار السياسي لدول المغرب العربي قاطبة شكّل حاجزا منيعا لا يمكن التغاضي عنه. والناظر إلى هذه الأسباب المعروفة يرى أن العلاقات الثقافية القادمة لا يجب أن تؤديها الحكومات ولا وزارات الثقافة ولا التراث بمفردها، بل بات النشاط المجتمعي المؤسسي جسرا مركزيا اليوم للقيام بمهمة التفعيل الثقافي وإثراء الحوار الحضاري، ليس مع بلاد المغرب العربي فحسب بل وكل بلاد العالم. فكوننا اليوم كما يقولون بات لعبة إلكترونية صغيرة، تتنقل فيها كل الكائنات والعناصر والأشياء بأزرار صغيرة الحجم وملونة، يستحيل معه أن تظل دولة لها كيانها السياسي وبها مقومات استراتيجية كبيرة، أن تظل بعيدة عن التفاعل الحيوي مع العالم وتطوره المتلاحق، أو منزوية في قرية بالجبل.
إذا كان السائد اليوم هو الحديث عن المجتمع المدني وعن مؤسساته الفاعلة في المجتمع، والجمعية العمانية للكتّاب والأدباء إحدى أهم المؤسسات المدنية الفاعلة، يتجدد الكلام القديم عن المسرح ودوره في هذا الحراك المؤسساتي. ويتجدد السؤال الراهن عن غياب جمعية المسرحيين العمانيين الخامل أعضاؤها، كما يتجدد السؤال عن اللجنة العليا لتطوير المسرح التي أنشئت بتوجيهات من صاحب الجلالة وولي الأمر. ويتجدد الكلام أيضا عن غياب وزارة الثقافة والتراث والدور الذي كان من المفترض أن تؤديه في ظل هذا التراجع المسرحي.
وبالضرورة الموضوعية لا يمكننا التغافل عن أدوار المسرحيين أنفسهم، والسؤال عن مواقفهم من اللائحة التي يفصلنا معها إلى اليوم (73) يوما والتي صدرت بالقرار الوزاري رقم 98 بتاريخ 22/4/2012م، وموقفهم من الجمعية الخاملة المنتهية الصلاحية. وأخيرا إذا لم نتطرق في أبحاثنا عن هواجسنا المسرحية إلى قول الصدق والتأكيد على ثقافة المبادرة والعمل الوطني الخالص، فلن نتحرك قيد أُنملة أبدا. كنا في مقال سابق لنا بعنوان التجسيد العقلاني للوطنية، تطرقنا فيه إلى ضرورة وجود الرؤية الواضحة التي تصاحبها استراتيجية عمل ممنهجة. ومجددا نكرر السؤال: ماذا نحتاج لمسرحنا، كتّابا ومخرجين وممثلين وفنيين؟ ومجددا نكرر الجواب، نحتاج إلى البنية التحتية للمسرح، والدعم المادي المجزي للفرق، ودورات تدريبية وتأهيلية متخصصة للمشتغلين بالمسرح، وكفانا (خبايص) ولنتوقف عن عدم تكريس النماذج السلبية المشحونة بطاقات من الحقد والأنانية والعنجهية والجهل. وكم نحن اليوم بحاجة إلى اشتغال سريع ينقذ جمعية المسرحيين ولا يشلّ الحراك المسرحي الذي نريد الخروج إلى العالم.
في ورقتنا البحثية وللدقة الموضوعية لم أتطرق إلى ذكر جمعية المسرحيين العمانية، ولم أدرجها ضمن المحطات التسعة الأساسية التي رأيت أنها شكلّت الحركة المسرحية في عمان، وهي على التتالي: الأشكال قبل المسرحية، المدارس، الأندية، محطة عام 1980م، المسرح الجامعي، الفرق الأهلية، دورات انعقاد مهرجان المسرح العماني، مسرح الطفل، وأخيرا مهرجان المسرح الخليجي في عمان والمشاركات العربية، من منطلق عدم وجودها، لا أكثر ولا أقل.
ملحق شرفات
جريدة عمان
واختيار هذا العنوان نبع من اعتقاد راسخ تمثل في اعتقادنا المشرقي بعدم معرفة أهلنا وخلاننا في بلاد المغرب العربي (تونس، والمغرب، والجزائر، وليبيا) عن محمول ثقافتنا وقضايانا واتجاهاتنا الفكرية والأدبية، وهذا ما ينعكس على جميع أشكال التلقي الثقافي المعروفة كالمسرح والسينما والسرد والشعر والغناء والفنون التشكيلية. ولا يتوقف هذا الجهل عند عمان وحدها بل يتمدد ليشمل جميع بلاد المشرق العربي.
الباحث عن أسباب ذلك القصور يرجع لعوامل معروفة كالبعد الجغرافي وعدم وجود الدعم المادي المُجزي والتشكيلات السياسية والمصالح المتبادلة فيما بين الحكومات، بالإضافة إلى ذلك أن عدم الاستقرار السياسي لدول المغرب العربي قاطبة شكّل حاجزا منيعا لا يمكن التغاضي عنه. والناظر إلى هذه الأسباب المعروفة يرى أن العلاقات الثقافية القادمة لا يجب أن تؤديها الحكومات ولا وزارات الثقافة ولا التراث بمفردها، بل بات النشاط المجتمعي المؤسسي جسرا مركزيا اليوم للقيام بمهمة التفعيل الثقافي وإثراء الحوار الحضاري، ليس مع بلاد المغرب العربي فحسب بل وكل بلاد العالم. فكوننا اليوم كما يقولون بات لعبة إلكترونية صغيرة، تتنقل فيها كل الكائنات والعناصر والأشياء بأزرار صغيرة الحجم وملونة، يستحيل معه أن تظل دولة لها كيانها السياسي وبها مقومات استراتيجية كبيرة، أن تظل بعيدة عن التفاعل الحيوي مع العالم وتطوره المتلاحق، أو منزوية في قرية بالجبل.
إذا كان السائد اليوم هو الحديث عن المجتمع المدني وعن مؤسساته الفاعلة في المجتمع، والجمعية العمانية للكتّاب والأدباء إحدى أهم المؤسسات المدنية الفاعلة، يتجدد الكلام القديم عن المسرح ودوره في هذا الحراك المؤسساتي. ويتجدد السؤال الراهن عن غياب جمعية المسرحيين العمانيين الخامل أعضاؤها، كما يتجدد السؤال عن اللجنة العليا لتطوير المسرح التي أنشئت بتوجيهات من صاحب الجلالة وولي الأمر. ويتجدد الكلام أيضا عن غياب وزارة الثقافة والتراث والدور الذي كان من المفترض أن تؤديه في ظل هذا التراجع المسرحي.
وبالضرورة الموضوعية لا يمكننا التغافل عن أدوار المسرحيين أنفسهم، والسؤال عن مواقفهم من اللائحة التي يفصلنا معها إلى اليوم (73) يوما والتي صدرت بالقرار الوزاري رقم 98 بتاريخ 22/4/2012م، وموقفهم من الجمعية الخاملة المنتهية الصلاحية. وأخيرا إذا لم نتطرق في أبحاثنا عن هواجسنا المسرحية إلى قول الصدق والتأكيد على ثقافة المبادرة والعمل الوطني الخالص، فلن نتحرك قيد أُنملة أبدا. كنا في مقال سابق لنا بعنوان التجسيد العقلاني للوطنية، تطرقنا فيه إلى ضرورة وجود الرؤية الواضحة التي تصاحبها استراتيجية عمل ممنهجة. ومجددا نكرر السؤال: ماذا نحتاج لمسرحنا، كتّابا ومخرجين وممثلين وفنيين؟ ومجددا نكرر الجواب، نحتاج إلى البنية التحتية للمسرح، والدعم المادي المجزي للفرق، ودورات تدريبية وتأهيلية متخصصة للمشتغلين بالمسرح، وكفانا (خبايص) ولنتوقف عن عدم تكريس النماذج السلبية المشحونة بطاقات من الحقد والأنانية والعنجهية والجهل. وكم نحن اليوم بحاجة إلى اشتغال سريع ينقذ جمعية المسرحيين ولا يشلّ الحراك المسرحي الذي نريد الخروج إلى العالم.
في ورقتنا البحثية وللدقة الموضوعية لم أتطرق إلى ذكر جمعية المسرحيين العمانية، ولم أدرجها ضمن المحطات التسعة الأساسية التي رأيت أنها شكلّت الحركة المسرحية في عمان، وهي على التتالي: الأشكال قبل المسرحية، المدارس، الأندية، محطة عام 1980م، المسرح الجامعي، الفرق الأهلية، دورات انعقاد مهرجان المسرح العماني، مسرح الطفل، وأخيرا مهرجان المسرح الخليجي في عمان والمشاركات العربية، من منطلق عدم وجودها، لا أكثر ولا أقل.
ملحق شرفات
جريدة عمان