د. العريمي: نشعر بالغبطة على ما وصل إليه الكتاب العماني من رقي في الطرح وبراعة في الإبداع -
كلمة الكتاب: يظل القلم دافقاً بالعطاء والجائزة غالية في قيمتها وتقديرها المعنوي -
تغطية: بدرية بنت محمد العامرية -
احتفت الجمعيّة العمانية للكتاب والأدباء مساء أمس بالفائزين بجائزة أفضل إصدار أدبي لعام 2011، بحضور نُخبة من الكتّاب والمثقفين، تضمّن برنامج الأُمسية كلمة للجمعيّة قدّمها د. محمد بن مبارك العريمي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وكلمة للكتّاب المُكرّمين قدّمها نيابةً عنهم الشّاعر خميس بن قلم، كما قرأت كل لجنة تحكيم بيانها حول مستوى النّصوص النصوص المتنافسة في المسابقة، وقِراءة حول الإصدارات الفائِزة، ومن ثمّ قام الكاتب أحمد بن عبدالله الفلاحي ضيف شرف الأمسية بتوزيع الجوائز على الفائزين.
وأشار العريمي في كلمته التي ألقاها أن:الجمعيةُ استطاعتْ في السنواتِ الماضيةِ أن تبنيَ لِنْفسِها مكانةً مرموقةً داخلَ السلطنةِ وخارِجَها، وهذا لم يتأتْ من فراغٍ بلّ تولّدَ مِنْ عملٍ جادٍ ومخلصٍ كانَ هدفُه رفعَ المكانةِ الثقافيةِ للثقافةِ والمثقفِ في عُمان.
وأضاف:.. ونحن نحتفي بالفائزينَ بمسابقةِ الجمعيةِ لأفضلِ إصدارِ أدبي لعام 2011م لنشعرُ بالغبطةِ على ما وصلَ إليه الكتابُ العماني من رقيٍ في الطرحٍ وبراعةٍ في الإبداعْ. والمكانةَ المرموقةَ التي أصبحَ الكاتبُ العمانيُ يحظى بها في داخلِ السلطنةِ وخارجها، فلذلك لا يسعُني إلا أنْ أقولَ لهم نحنُ نفتخرُ ونفاخرُ الدنيا بكم وبإبداعكم.
ومن كلمة الكتّاب المكرّمين التي ألقتها نيابةً عنهم الدكتورة فاطمة لشيدية:.. يظل كل كاتب على هذه الأرض يسعى لهذه الجائزة الغالية في قيمتها وتقديرها المعنوي، كما يظل القلم دافقاً بالعطاء في كل محفل، وفي كل درب من دروب المعرفة.
أخيرًا: أهنئ الكلمة بكل هذا الاحتفاء، وأشكر الفكرة الجمعية على هذا النبل والتقدير، وأدعو الجميع للإيمان بالفكرة والتواصل معها، والإيمان بجمال الكلمة للتواصل بها، ليتجدد دائما هذا الاحتفاء الجميل.
من جانب آخر تأتي استمراريّة هذه الجائِزة منذُ انطلاقتها عام 2008م، من حرص الجمعيّة على تشجيع حركة نشر الكِتاب العُماني، والارتقاء به نحو الأفضل، من خِلال إذكاء روح التّنافُس بين الكتّاب والأُدباء العُمانيين.
وكانت المسابقة التي تضمنت خمسة مجالات أدبية، وهي مجال الرواية، وفازت رواية "بن سولع"، للكتاب علي المعمري، ومجال الشعر، وفازت المجموعة الشعرية "شجرة النار" للشاعر خميس بن قلم، ومجال القصة القصيرة، وفازت بها المجموعة القصصية "الطيور الزجاجية"، للقاص يحيى بن سلام المنذري، ومجال النقد، وفاز به كتاب "المعنى خارج النص"، للدكتورة فاطمة الشيدية، ومجال النص المفتوح وفازت بها مجموعة "أسرار صغيرة"، للكتاب محمد الحضرمي.
لم تتوفّر في أغلب الروايات
تألفت لجنة تحكيم الرّواية من النّاقدين التّونسي د. محمّد زروق، والمغربي د. عبدالمجيد بنجلالي، وجاء في بيان اللجنة: "اجتهدت اللجنة قدر الإمكان في النظر للأعمال المقدّمة إجراءً لمقاييس علميّة بعيدا عن الحكم بالهوى وإعمال الذائقة، وإنّما راعت اللجنة سلامة اللغة التي لم تتوفّر في أغلب الروايات، وحسن التعبير وطرائق صياغة الأحداث وبنائها ووسائط بناء الشخصيّات ووصْل فعالها."
وعن فوز رواية "بن سولع" لعلي المعمري يقول بيان لجنة التّحكيم: "توفّرت في رواية "بن سولع" شروط الرواية من حيث بناؤها وطرافة الفكرة التي أحكم الروائي العمل عليها، ونوّع من وسائط بيانها ووسائل صياغتها، كما رجّحها تنوّع أنماط السرد ومظاهره فيها، ونضج الأحداث وتوضّح معالم السرد وقدرة الكاتب على تصريف اللّغة السرديّة قولا وحالا وفعلا، وتمكّنه من الأحداث يبذرها متى أراد ويُجمّعها متى اقتضى منه الأمر ذلك، ونظرا أيضا إلى نجاحه في رسم فضاء سردي جامع بين وقع الذات، ووقع الاجتماعي والتاريخي، وإثارته لتاريخ حارق، تحوّل بقدرة الراوي سردا متخيّلا، يُحيل –ضرورةً- إلى وقائع التاريخ، ووقائع الذات، ولا يُحيل في جوهر السرد إلاّ إلى متخيَّل قصصي".
وأوصت لجنة التحكيم في ختام تقريرها بضرورة تنبيه الروائيين إلى أنّ اللغة في أغلب الأعمال المتنافسة في المسابقة، ضعيفة ولا ترقى إلى مستوى إبداعي جدير بتطوّر الرواية في عُمان، وإلى هيمنة لغة صحفية ضعيفة وتقريرية تُبْطل فعل السرد وتحطّ من شأنه. كما أوضح التّقرير أنّ الروائيين في هذه الأعمال لا تعوزهم الفكرة أو الموضوع مدار السرد وإنّما الفقر حاصل في مستوى الصياغة السردية والاشتغال على هذه الفكرة. كما توصي اللجنة جمعية الكتّاب والأدباء العمانيين بضرورة التفكير في دعم هذا التكريم بملتقيات علمية متخصصة في كتابة الرواية ومسائله.
تمنِّيت أن غير «بن سولع» تفوز
وعن مُشاركته في الجائِزة يقول علي المعمري صاحب أفضل عمل روائي لعام 2011م: "فِكرة مُشاركتي في الجائِزة كانت مُبادرة أصدقاء وأنا خارِج السّلطنة، ووصلني نبأ فوزي بالجائِزة وأنا خارِج السّلطنة أيضًا، أعترِف أنّني مُقامر من أجل الكتابة إلّا أن الجوائِز لا تعنيني.. وفوز "بن سولع" بأفضل إصدار روائي هذا تشريف لي؛ بوجود لجان تحكيم غير مُنحازة ومع ذلِك تمنِّيت أن غير"بن سولع" تفوز".
ويستطرد قائِلا: "هذه الجوائِز تحفِّز وتُعطي الكاتِب دعماً، لكنّني كروائي لدي مشروع أكبر من الجائِزة.. تمنيت أن تفوز غير " بن سولع"، ليعطي للجيل الجديد حافِز، ودافِع لإبداع أكبر لكن لجنة الحكم هي الفيصل.. ولا أخفيك أنّ الجائِزة جعلتني أتخوّف من كُل جملة أكتبها خاصّةً أنِّي بصدد إصدار عمل جديد"
«شجرة النّار» متناغم الأصوات
وفي بيان لجنة تحكيم الشّعر والّتي تتكون من الشّاعرين العمانيين زاهر الغافري والشاعر إسحاق الخنجري، أوضح أنّه قد تقدّمت للمنافسة 3 مجموعات شعريّة، إلّا أنّ "شجرة النّار" للشّاعر خميس بن قلم قد حازت على الجائِزة، ويعزى فوز شجرة النّار إلى: أن "الاشتغال على عمق الدلالة المركزية للنص، أي أن النص يتنامى من بؤرة واحدة، متصاعدة لعوالم متسقة في مبناها، ثم تنوّع إيقاع النصوص وفق المعنى وصراع الذات الشاعرة، كما تميز النص بتناغم أصواته بحيث أعطى نوعا من التراوح الموسيقي فضلا عن اندماج الصورة الشعرية بين المعنى الواقعي والرؤيوي، بالإضافة إلى البعد الدلالي للنصوص الذي ينطلق من تجربة واضحة، ذات جذر درامي حركي متفاعل بين الضمير الأحادي والجمعي، بين الأنا والآخر.. بين صراعات متنوعة في النصوص، نص يواجه الموت، ونص يعري الحب، وآخر يشاغب الغياب"
لهيب المعنى أو معنى اللهيب
يقول خميس بن قلم صاحب أفضل مجموعة شعريّة 2011م: "صمدت (شجرة النار) صمودها الأول حين استطاعت الفرار من فأس الرقيب المترصد لها، ويرجع الفضل لتفهم مدير النادي الثقافي (من موقعه الشعري لا الإداري) لتوضيحاتي على الخطوط الحمراء التي خطّها الرقيب على الألفاظ (الملتهبة) في النص. الصمود الآخر لـ(شجرة النّار) تمثّل في نجاتها من صاعقة المنافسة، فالكتب الشعريّة الّتي تقدّم بها الزملاء لا تقل أبدًا في ثقلها الشعري، ونضج طرحها منها، و إن كانت قناعتي راسخة أن الشعراء لا يتنافسون كما يتنافس التجار وأرباب المصالح، إنّما جاءت المشاركة بإغراء من الكاتب الكبير سماء عيسى من أجلِ ترسيخ الجائزة بتعدد المشاركين وإثارة دافعية الكتّاب للنشر، والشّكر كذلك موصول لإدارة الجمعيّة العمانية للكتاب والأدباء على اهتمامهم ورعايتهم لمثل هذا المشروع الثقافي..
وعن فوزه يقول: "الفوز الحقيقي لا يكون إلا بتذوق القراء لثمار تلك الشجرة واستمراء طعمها، فلعلهم إن طعموا منها تخلد فيهم لهيب المعنى أو معنى اللهيب."
أسرار صغيرة لغة شفيفة
وفي مجال النّصوص المفتوحة، تقدّمت ثلاثة إصدارات للمُنافسة على الجائزة، حاز كتاب " أسرار صغيرة" للشّاعر محمد الحضرمي على الجائِزة.. تألّفت لجنة تحكيم هذا المجال من الشّاعرين العُمانيين زاهر الغافري والشاعر إسحاق الخنجري.
وعن أسرار صغيرة يقول بيان لجنة التّحكيم: "لتناوله في لوحات أدبية شيقة المكان العماني، بلغة تأملية شفيفة، مضيفًا على المكان بعلاقاته الإنسانية وتفاصيله المنسية بُعدا ذاتيًا حميما، فهو يتناول العمل عوالم الحارة العمانيّة وأحلام الإنسان، وعالم الطّفولة والظلال البعيدة بلغة شعريّة خالصة أحيانا، وبتصعيد الأحداث والمرويّات بنثرٍ يقارب الحكاية، إنه تزاوج يعيد الصياغة الأسلوبية لإبراز معالم الحاضر القريب، والماضي البعيد".
روح السرد وروح الشعر
عبر الكاتب محمد الحضرمي الحائز إصداره "أسرار صغيرة" على جائزة النص المفتوح عن شكره لجهود الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، إدارة وأعضاء، في الارتقاء بالعمل الثقافي في السلطنة، وتفعيلها للساحة الثقافية بأعمال وبرامج ثقافية وأدبية كثيرة ومتعددة، حتى أصبحت خلال فترة وجيزة من أبرز الجمعيات حضورا وفاعلية، وكسبت رضا أغلب الكتاب والأدباء، ويوما بعد يوما تكسب الجمعية أصواتا جديدة وأعضاء جدداً، محبين لمشروعها الثقافي التنويري.
وعن مشاركته وفوزه في هذه المسابقة: "شاركت في هذه المسابقة ولدي إحساس أن نصوص "أسرار صغيرة" ستحاور روح اللجنة المحكمة، ولكني لم أخطط للفوز، وقبل ذلك لم تكتب هذه النصوص لتصدر في مجموعة أدبية، بل نشرتها مفردة، حتى تآلفت معا، وتشكلت عملا أدبيا، هو أقرب إلى روح السرد من روح الشعر. وفي تجربة الفوز هذه بجائزة النص المفتوح لمجموعة أسرار صغيرة، أشعر بالغبط والسرور، لأنه سيمنحني قارئا جديدا، وسيحثني أكثر وأكثر لكتابة نص أدبي اكثر نضجا."
الطّيور الزّجاجيّة ووعي كاتبها
تقدّمت ثلاث مجموعات قصصية في فرع القصّة القصيرة، وقد رأت لجنة تحكيم مجال القصّة القصيرة المؤلفة من الناقد العراقي د. غالب المطلبي، والناقد المصري د. محمد الشحات أن المجموعات الثلاث تشتمل على جدية واضحة في التعامل مع التقنيات السردية، وأنها عالجت تجارب سردية متنوعة تحسب لها إلا أن "الطيور الزجاجية" كانت الأفضل من بينها.
وأوضحت كلمة لجنة التحكيم الجوانب الّتي فازت فيها مجموعة القاص يحيى بن سلام المنذري "طيور زجاجية" على بقية المجموعات المنافسة بقولها: تمثل "الطيور الزجاجية" أفضل إصدار من بين المجموعات الثلاث المتقدمة للمنافسة بسبب من أن قصصها كشفت على نحو أكثر وضوحًا عن وعي كاتبها بتقنيّات فن القصة القصيرة الذي هو فن التكثيف السردي في المقام الأول، وعن تمكنه من خط نهج خاص به في المعالجة السردية، فضلا عن أن قصص المجموعة تكشف لنا عن جملة من الثيمات الإنسانية والجمالية التي يجدر بفن القص تأملها وتدبّر ما يتصل بها من قبيل تصوير البراءة وتصوير نمو مفهومي الخير والشّر داخل الطفل، والقدرة على التقاط زاوية رؤية جيدة يبدأ منها المشهد السردي في التدفق"
الخسارة لا تعني ضعف الموهبة
وعن مشاركته يقول القاص يحيى بن سلام المنذري الحائز على جائزة أفضل مجموعة قصصية: "مشاركتي في هذه الجائزة هي الأولى من نوعها، حيث أنني لم أشارك مسبقا في جائزة على مستوى مجموعة قصصية منشورة، وطالما أن المجموعة كانت مستوفية للشروط من حيث مجال المسابقة وسنة النشر ارتأيت المشاركة والتنافس في مجال القصة. ووجود مسابقة هي مسألة جميلة، والدخول في التنافس ممتع، خاصة في حالة الفوز، وإن كانت هناك خسارة فإنها أيضا تعتمد على معايير معينة من قبل لجان التحكيم، والخسارة في مسابقة ما لا تعني خسارة الموهبة أو الإحباط، والمفترض أن الخسارة تحفز الموهوب على المحاولة من جديد."
وعن فكرة الجائزة يقول: "أعتبر وجود مثل هذه المسابقات مهما لأنها تعكس الاهتمام الثقافي من قبل الجهات المعنية، وتساهم في تشجيع الكتاب الشباب الموهوبين على إصدار مخطوطاتهم في كتب، ولجمعية الكتاب منذ تأسيسها دور ملحوظ في هذا الجانب، وخاصة اهتمامها بتنظيم بفعاليات وأنشطة لا تقوم بها الجهات الرسمية."
كتابان فقط للمنافسة النقدية
وفي مجال النقد الأدبي تقدم كتابان فقط للمنافسة، وقد ثمنت اللجنة المؤلفة من الناقد العراقي د. غالب المطلبي، والناقد المصري د. محمد الشحات أولا جهود الناقدتين ومحاولتهما الجادة في إثراء المكتبة النقدية العمانية، ورأت أن كتاب المعنى خارج النص يستحق الجائزة على الرغم من أنها لاحظت في بعض مفاصل الكتاب خلطا منهجيا؛ لكنه كان يمثل جهدا طيبا وجريئا في سبيل بناء نقد يقوم على الأسس المنهجية .
المعنى خارِج النص
وعن كتاب «المعنى خارج النص» يقول بيان لجنة التحكيم: "جُهد طيِّب يستحق الاعتبار وخطوة محمودة في سبيل بناء نقد أدبي منهجي جاد، فضلا عن إيجابيّات أخرى منها أهمية موضوع الدراسة ومعاصرته، وجرأة الباحثة في التعامل مع مادة نقديّة تحتاج إلى كثير من التأمُّل والتدبر، والتعبير اللغوي السّليم عن الفِكرة، ومُحاولة إجراء جملة من التطبيقات المتصلة بهذه النظرية في الأدب العربي عامة والأدب العماني خاصّة
جريدة عمان