عصفورتي
عصفورتي أينكِ من عالمي ومن سابحات فكري؟
أينكِ من طلائع أسفاري ومحطات انتظاري؟
أينكِ من ربيع سنيني وانحدارات أنهاري؟
أينكِ من غروب شمسي وإطلالة أقماري؟
أينكِ من ناظر عيني طوال سنيني تلك؟؟
أقلب صفحات ملف ذكرياتي فأرى أسمكِ مسطر تحت عنوان:
رفيقة أفكاري.. رفيقة أسراري.. رفيقة أحلامي.. رفيقة وجداني.. رفيقة سهراتي وسحراتي..
رفيقة همساتي ولمساتي.. رفيقة صمتي وكلامي.. وأجدك موضوع خواطري وعناوين أشعاري..
كنتِ معي ليس مجرد أحساس أحسّه وأراه وألتمسه وأتنفس هواه
كنتِ معي تجرين مجرى الدم في عروقي وإحساس عقلي وشعوري
عندما أقرأ في ملفات ذكرياتي عن كل ذلك أتسائل أينكِ من تلك الذكريات الجميلة؟
والعبارات الجليلة والهمسات العليلة واللّيالي الملاح الأصيلة
أينكِ من ذلك كله؟؟
إن كنت تناسيتِ عصفورتي فأنا لا زلت على عهدي ووعدي
لا زلت أذكرك رغم هجرك وبعدك
فعِشرة تلك السنين لا يمكن أن تُنسى وتُهمل وتُترك لتذبل أو ترمى لكي تهرأ وتصدأ
عصفورتي تلك سنين خلّدتنا وأضحكتنا وأبكتنا وأحزنتنا وأسعدتنا وفرقتنا وجمّعتنا
تلك سنين تَربّعت على كل خصلة من خواصلنا وسالت عليها أغزر وأغلى قطرات دموعنا
ونُقشت صفحاتنا في عظم صدورنا وكانت لنا المهد في بداية نشأتنا
عصفورتي يكفيكِ هجراً.. عصفورتي يكفيكِ ظلماً.. عصفورتي يكفيكِ قتلاً..
لقد جفت أدمعي وذابت مهجتي وطالت رحلتي وناح الهم ورقص على هامت رُفاتي..
عودي إليَّ عصفورتي وكفاكِ قتلاً لي وطعناً في جسدي وتمزيقاً لأحشائي وتشتيتاً لأفكاري
فأنتِ ربيعي وشتائي وأنتِ صبحي ومسائي وأنتِ موتي وحياتي
فأنا الربيع وأنتِ زهوره وأنا الشجر وأنتِ جذوره وأنا الحزن وأنتِ سروره
فكيف سيعيش نصف بلا نصفه الآخر..؟
وكيف سيحيى طرف بلا طرفه الآخر..؟
عودي عصفورتي وأطلّي بنوركِ عليّ وأزيحي غسق غيابك من أمام عيني
واسطعي بشمسكِ في صباحي وانبتي كالرياحين في أرض أذبلتها ظروف الحياة وماتت موتت النسيان
بعد هجير من سقا بذرتها بقطرة نداه وغادرها وأبقى ضماه..
عصفورتي ما عدت أقوى العيش بدونكِ وما عدت أقوى الموت قبل أن أراكِ
عودي عصفورتي فإني بدونكِ كالبيت الخرب المهجور
تصفر فيه رياح الزمان العاتية وترقص في فناه الأحلام الفانية وتنوح في أروقته الطيور الباكية..
عودي عصفورتي لنحيا معاً في سابحات الدجى ونتحدى الظروف والبلاء ونهزم التحديات والجلاء..
فأنا ما زلتُ على عهدي ووعدي وما زلتُ على إصراري وعزمي وما زلتُ أحيا على قولي وفعلي
وما زلتُ ولا زلتُ أنتظر عودتكِ وأنتظر طلّتكِ ولقاكِ من جديد..
عودي عصفورتي وكفاكِ هجراً.. كفاكِ هجراً.. كفاكِ هجراً...
فقد وقف السكون في داخلي يائساً ينتظركِ وأنا أحتضر لقاكِ
ووقف الماضي ينعي ذكراكِ وموتي ينتظر لمسة يداكِ
ووقف قبري ينسج كَفَنِي وأنا أحتضنُ صورتكِ في بروازي..
عودي عصفورتي.. عودي..
فأنا لا زلت أنتظركِ ...............
(قبل أن يُغطي التراب الطاهر رُفاتي).
(من ديواني)
تعليق