نقرا معا
ظواهر أسلوبية في شعر بدوي الجبل ـــ عصام شرتح
المقدمة
التجربة الشعرية في أساسها تجربة لغة، فالشعر هو الاستخدام الفني للطاقات الحسية والعقلية والنفسية والصوتية للغة. والشعر كذلك بناء لغوي مميز ينبني على تفجير طاقة اللغة، ويجعلها تضيف إلى نفسها ومن داخلها عنصراً آخر هو الإيقاع، الذي يسهم ـ بدوره ـ في شحن الدفقة الشعرية، تبعاً لحالة الشاعر الشعورية "الانفعالية"، لذلك يمكننا القول: (إن لغة الشعر هي الوجود الشعري الذي يتحقق في اللغة انفعالاً وصوتاً موسيقياً وفكراً)(1). لأن أولى مميزات الشعر استثمار خصائص اللغة، بوصفها مادة بنائية، فالكلمات والعبارات في الشعر يقصد بها بعث صورة إيحائية، ومن خلال هذه الصور يعيد الشاعر إلى الكلمات قوة معانيها التصويرية الفطرية في اللغة.
ونرمي من وراء هذه الدراسة الموسومة بـ "ظواهر أسلوبية في شعر بدوي الجبل" إلى تحقيق هدفين اثنين هما
أولاً: تحديد الأطر الفنية والأساليب اللغوية التي تمتاز بها لغة الشعر في العصر الحديث، من خلال دراسة لغة الشعر عند شاعر عربي يمثلها في طور من أطوارها ونقصد بذلك في الأربعينات من القرن الماضي، لنتبين مدى الثبوت أوالانزياح في قواعدها واستعمالاتها، فندرك خصائصها المميزة، ومدى مساهمتها في خلق الجو الشعري، وبلورة الرؤى والمواقف.
ثانياً: تطبيق منهج موضوعي في دراسة النصوص الشعرية، بالاعتماد على الأسلوبية ومعطياتها، ومناهجها ومدارسها، لنتبين خصائص اللغة الشعرية، وما تمتاز به من تحولات سواء في البنى الصرفية أم النحوية أم الصوتية أم الدلالية، لذلك ارتأينا من الأنجع أن يكون سيرنا من التنظير إلى التطبيق، لينكشف لنا الغطاء كلياً في آخر دراستنا عن ماهية الأسلوب، وماهية الشعر،وخصائص اللغة الشعرية، وما تمتاز به من توتر وانزياح.
ومن هنا سعت الدراسة إلى الإفادة من الخطوط الأساسية للأسلوبية، لتطبيقها على شعر بدوي الجبل، والأسلوبية ـ كما نفهمها ـ تسعى للكشف عن قوانين الإبداع في بنية الخطاب الأدبي، بوصفه نصاً ذا معان متعددة، ومن هنا كان موضوع هذا العلم متعدد المستويات، مختلف المشارب والاهتمامات، متنوع الأهداف والاتجاهات، والأسلوبية ـ من هذا المنطلق ـ تتناول النص الأدبي من خلال بناه التي ينبثق منها، مستفيدة من الاتجاه اللساني، والمنهج البنيوي في دراسة النص الأدبي عامة والشعري خاصة، وهذا ما دعا إليه رولان بارت، ومايكل ريفاتير، ودي سوسير، وتشومسكي.
وهكذا ارتأينا أن تكون الدراسة في أربعة فصول، خصصنا في كل فصل ظاهرة أسلوبية من تلك الظواهر التي امتازت بها لغة الشعر عند بدوي الجبل، بدءاً من ظاهرة التكرار وانتهاء بظاهرة التناص، وهنا سيلحظ القارئ أننا في دراستنا لهذه الظواهر لم نقف عند قصائد بعينها بل استفدنا من مختلف نصوصه الشعرية، والسبب في ذلك أننا نرى أن الدراسات الأسلوبية يجب أن تكون شاملة لنتاج الشاعر بأكمله، حتى تأخذ الدراسة سمة الدقة والموضوعية.
وبعد فقد اعتمدت هذه الدراسة كل الاعتماد على النص الشعري، وعلى طاقة اللغة الشعرية وإمكانياتها الفنية والجمالية والإبداعية، ولا تزعم هذه الدراسة لنفسها القدرة على استنفاد القضايا أو الظواهر التي تتعلق بلغة الشعر عند البدوي كافة، ولكنها تحاول أن تكون مدخلاً نقدياً لدراسات أكثر تفصيلاً، وأعمق تناولاً، وأرحب سعة، من هذه الدراسة.
(1) الورقي سعيد: لغة الشعر العربي الحديث، ص 8.
نقل كما نشر
ملاحظة ( بالتأيد ننقل المزيد .. هل من يريد )
عبدالله عمر
ظواهر أسلوبية في شعر بدوي الجبل ـــ عصام شرتح
المقدمة
التجربة الشعرية في أساسها تجربة لغة، فالشعر هو الاستخدام الفني للطاقات الحسية والعقلية والنفسية والصوتية للغة. والشعر كذلك بناء لغوي مميز ينبني على تفجير طاقة اللغة، ويجعلها تضيف إلى نفسها ومن داخلها عنصراً آخر هو الإيقاع، الذي يسهم ـ بدوره ـ في شحن الدفقة الشعرية، تبعاً لحالة الشاعر الشعورية "الانفعالية"، لذلك يمكننا القول: (إن لغة الشعر هي الوجود الشعري الذي يتحقق في اللغة انفعالاً وصوتاً موسيقياً وفكراً)(1). لأن أولى مميزات الشعر استثمار خصائص اللغة، بوصفها مادة بنائية، فالكلمات والعبارات في الشعر يقصد بها بعث صورة إيحائية، ومن خلال هذه الصور يعيد الشاعر إلى الكلمات قوة معانيها التصويرية الفطرية في اللغة.
ونرمي من وراء هذه الدراسة الموسومة بـ "ظواهر أسلوبية في شعر بدوي الجبل" إلى تحقيق هدفين اثنين هما
أولاً: تحديد الأطر الفنية والأساليب اللغوية التي تمتاز بها لغة الشعر في العصر الحديث، من خلال دراسة لغة الشعر عند شاعر عربي يمثلها في طور من أطوارها ونقصد بذلك في الأربعينات من القرن الماضي، لنتبين مدى الثبوت أوالانزياح في قواعدها واستعمالاتها، فندرك خصائصها المميزة، ومدى مساهمتها في خلق الجو الشعري، وبلورة الرؤى والمواقف.
ثانياً: تطبيق منهج موضوعي في دراسة النصوص الشعرية، بالاعتماد على الأسلوبية ومعطياتها، ومناهجها ومدارسها، لنتبين خصائص اللغة الشعرية، وما تمتاز به من تحولات سواء في البنى الصرفية أم النحوية أم الصوتية أم الدلالية، لذلك ارتأينا من الأنجع أن يكون سيرنا من التنظير إلى التطبيق، لينكشف لنا الغطاء كلياً في آخر دراستنا عن ماهية الأسلوب، وماهية الشعر،وخصائص اللغة الشعرية، وما تمتاز به من توتر وانزياح.
ومن هنا سعت الدراسة إلى الإفادة من الخطوط الأساسية للأسلوبية، لتطبيقها على شعر بدوي الجبل، والأسلوبية ـ كما نفهمها ـ تسعى للكشف عن قوانين الإبداع في بنية الخطاب الأدبي، بوصفه نصاً ذا معان متعددة، ومن هنا كان موضوع هذا العلم متعدد المستويات، مختلف المشارب والاهتمامات، متنوع الأهداف والاتجاهات، والأسلوبية ـ من هذا المنطلق ـ تتناول النص الأدبي من خلال بناه التي ينبثق منها، مستفيدة من الاتجاه اللساني، والمنهج البنيوي في دراسة النص الأدبي عامة والشعري خاصة، وهذا ما دعا إليه رولان بارت، ومايكل ريفاتير، ودي سوسير، وتشومسكي.
وهكذا ارتأينا أن تكون الدراسة في أربعة فصول، خصصنا في كل فصل ظاهرة أسلوبية من تلك الظواهر التي امتازت بها لغة الشعر عند بدوي الجبل، بدءاً من ظاهرة التكرار وانتهاء بظاهرة التناص، وهنا سيلحظ القارئ أننا في دراستنا لهذه الظواهر لم نقف عند قصائد بعينها بل استفدنا من مختلف نصوصه الشعرية، والسبب في ذلك أننا نرى أن الدراسات الأسلوبية يجب أن تكون شاملة لنتاج الشاعر بأكمله، حتى تأخذ الدراسة سمة الدقة والموضوعية.
وبعد فقد اعتمدت هذه الدراسة كل الاعتماد على النص الشعري، وعلى طاقة اللغة الشعرية وإمكانياتها الفنية والجمالية والإبداعية، ولا تزعم هذه الدراسة لنفسها القدرة على استنفاد القضايا أو الظواهر التي تتعلق بلغة الشعر عند البدوي كافة، ولكنها تحاول أن تكون مدخلاً نقدياً لدراسات أكثر تفصيلاً، وأعمق تناولاً، وأرحب سعة، من هذه الدراسة.
(1) الورقي سعيد: لغة الشعر العربي الحديث، ص 8.
نقل كما نشر
ملاحظة ( بالتأيد ننقل المزيد .. هل من يريد )
عبدالله عمر
تعليق