في حياتنا نحتاج كثيرا أن نتمتع بفطنة وذكاء كي نفرق بين المهم والأهم!
نحتاج إلى أن نميز-بدقة- بين خير الخيرين وشر الشرين!!
وذالك لأننا كثيرا ما نخدع في التفريق بينهما, وتضطرب أمام أعيننا معالم الطريق.
ونجد أنفسنا سعداء بجني الأقل بينما يمكننا أن نجني الأكثر!
إن الشراك والفخاخ التي تقف أمام حلمك وطموحك الكثيرة وأحدها ذالك الشرك الذي يدفعك إالى الانكباب على عمل,
وبذل الجهد في تجويده وإحسانه, بينما هذا العمل في ميزان هدفك الرئيسي لا يساوي الوقت الذي أنفقته فيه!
تعال مثلا وانظر الى شخص يعطي للعلاقات الاجتماعية وقتا كبيرا, فهو من مجلس إلى آخر, ومن منتدى إلى غيره,
فتسأله: هل لديك طموحاتك سياسية أو انتخابية تحتاج لالتفاف الناس حولك؟
فيجبك:لا..لكني أجد متعة في ذالك!
بلا شك التواصل الاجتماعي مهم وضروري ولكن ليس على حساب أهدافك وطموحاتك وعلى هذا المثال فقس!
تحضرني هنا قصة عامل المنارة, ذالك الرجل طيب القلب, الذي تسبب في كارثة كبيرة أودت بحياة الكثيرين,
وتسبب في خسائر مادية فادحة, وخسر فوق هذا مستقبلة وسمعته, والسبب أنه لم ير ويركز على أولوياته جيدا..
ونبؤه أن كان هناك رجل يعمل كحارس منارة على امتداد ساحل صخري,
كان يحصل كل شهر على ما يكفي من زيت الوقود لكي يحافظ على ضوء المنارة متوهجا,,,
عرف عن الرجل طيبة القلب وحب الآخرين, ولأنه لم يكن يبعد عن المدينة كثيرا,
فقد كان يقصده كل من نفذ الوقود لديه لافتراض كوب أو أكثر من الزيت.
فهذه امرأه من القرية المجاورة استجدته قليلا من الزيت لأجل أسرتها,
وذاك أب يرجوه قليلا من الزيت لأجل مصباحه وهذا رجل يحتاج الى شي من الزيت كي يزيت عجلته!
ولأن كل الطلبات بدت له معقوله وإنسانية, لم يكن الحارس يرد أحدا خاوي الوفاض,
لكن عندما أوشك الشهر على الانتهاء, لاحظ أن مخزونه من الزيت قليل جدا, ثم ما لبث أن نفذ,
فانطفأ فجأة ضوء المنارة, وفي تلك الليلة, غرقت سفن عديدة, وهلك كثير من الناس وعند التحقيق فيما حدث,
بدأ الحارس شديد الندم على ما حدث حاول مرارا أن يستعطف المسئولين على خطئه,
مؤكدا حسن نيته ونبل دوافعه بيد أن العبارة التي كانت تتكرر على أذنه دائما:
أعطيناك الزيت لهدف المحافظة على ضوء المنارة ساطعا.
يعلمنا هذا الموقف أن الشيء الجيد ليس كذالك, اذا ما جعلنا نقصر في الأجود,
وأنه كثيرا ما يكون الطريق إلى الجحيم محفوفا بالنوايا الطيبة كما يقول المثل الإنجليزي!
يعيدني هذا العبقري المسلم الفقيه, الإمام مالك بن أنس رحمه الله, ورده على أحد تلامذته حينما وقع في نفس الخطأ!
فمما يحكي أن الإمام مالك رضي الله عنه, فوضع ألواحه التي يكتب فيها وقام ليصلي,
وعندما عاد سأله الامامم عن صلاته فأجابه بأنها صلاة النافلة قام لقضائها.
هنا قال له الامام كلمة في عمق إدارة الأولويات, قال: والله ما الذي قمت إليه بأفضل مما كنت عليه!
أي أن طلب العلم والقراءة, أهم من صلاة النافلة,
وذالك لأن ضياع ساعة العلم قد لا تعوض بينما صلاة النافلة يمكن تأديتها في أي وقت.
والشاهد هنا هو حرص الإمام مالك على أن يستفيد تلميذه الاستفادة الأفضل والأولى,
حتى وإن كان التفضيل على حساب صلاة يؤديها المرء لله!
الخلاصة: لا تقس الأمور هل هي مهمة ام لا..
وإنما قسها حسب أولوياتها, فلرب أمر مهم يتأجل من أجل إنهاء ما هو أهم منه!