ها أنا أتأمل ذاتي وسط هدوء البحر الهائج ...أسبح بين أمواجه ...تاركة ورائي جرح تضرب جروحه في متاهات الزمن الغابر ...أتفحص غروب شمس الأمل الضائع بين أيدينا وأمام أعيننا ...أترقب أسراب الطير العائدة إلى أوكارها ...أتحسس معاناتي في صفاء الموج وهيجانها ..أستشعر راحة عميقة تضمني ..أتنفس شذى عطر عروبة تنزف ..آلة الدمار ترقص على وقع عويل الثكلى والأطفال ...هاهو ظل شبح يلوح من بعيد ..يقترب الرويدا ...يتكئ على عصا هضمها التاريخ بأيامه ... يمشي تارة ويتوقف أخرى ..هاهو يقترب .. يدنو ..فإذا به شبح عجوز يلفها لحاف الحزن والدمار من كل جانب ...تمشي الهوينى أشلاء بالية .. ثياب رثة .. رسم التاريخ تجاعيد الدهر على وجه البراءة فيها ...هاهي تقترب مني .. تجلس أمامي . ترمي ببصرها حيث كنت أسبح .. تكسر حاجز الصمت الذي خيم وجودنا .. وتبادرني بسؤال عن التقدم إلى الوراء ...وعن العروبة التي دفنت في الثراء ... لم أفهم ما تعنيه .. قلت بنبرة التعجب والاستفهام .. من أنت يا خالة أسئلتك عميقة عمق الجراح التي تندب محياك وترسم خريطتها على وجهك ... والله يا خالة أسئلتك محيرة ومعانيها ترمي إلى ما وراء التاريخ ..و الإجابة عنها تحتاج التعمق في قلب العروبة الجريح ...قالت والدموع نتهمر من مقلتيها ... أنا ذات تبحث عن كيان ... أنا دهر أكل منه الزمان ...أنا التائهة وسط الأوطان ... أنا من سالت لتروي الأرض دمائها قاتمة كالنعمان .. أنا الطيف المخضب بدماء البراءة في وطن رحلت عنه العروبة وانتحر فيه الإسلام ... أنا كل بدون أجزاء .. أنا الصمت في حضرة اللقاء ...سألتها وقد إزدادت حيرتي .. ما بك يا خالة ؟ولما يلف طيفك هذا الظلام ؟.. لما كل هذه الأحزان ...لما بياض لونك مخضب بالدماء .. قالت إيييييييييه بنية أنا الحرية المأسورة في قلوب الشعوب المحطمة والمسجونة وراء القضبان ..أنا الذات المكبلة بسلاسل وأغلال الطغيان ...أنا الراحلة بدون عنوان ...أنا من عاتبني الصبر وتخلى عني ليتركني فريسة للنسيان ... أنا السكوت على ما ترى عيناي من نكران ..أنا الروح التي تغنت لبكائها وعويلها كل الألسن ...أنا الذات التي بكت لحالها عيون الآلام والأحزان .. أنا الصمت الذي تكلم ولم تسمع لدوي صوته الأذان ...أنا الموت الذي لم يجد موطنا بين الأشلاء المترامية ...أنا من سجل لها التاريخ المآسي والجراح الا متناهية .. أنا أم نسجت من حبات الرصاص ودوي المدافع وترنيمة الصواريخ عقدا لعروس تزف لتاريخ يبكي على الأطلال الواهية ...أنا يا بنيتي نسيج عويل الثكلى ودموع اليتامى على جثث البراءة التي كانت نامية ... أنا قصة كتبها التاريخ بدماء شهداء الأوطان الخالية أنا ...أنا ...أنا ؟؟؟؟ .هاهي العجوز تتكئ على عصاها تحاول الوقوف والرحيل بعد أن تركت في نفسي علامة إستفهام كبيرة قلت بنبرة المستغرب ...بالله عليك يا خالة قبل الرحيل ... قولي ... من أنت ...؟ وكيف إلى هنا وصلت ...؟ومن أي زمن أتيت ...؟ نظرت إلي ومقلتيها تذرفان دموع الخيبة على هذه الجراح ألا متناهية ...أنا الراحلة... أنا الآتية ...أنا الغادية ... أنا من عمق التاريخ أتيت ... وفي الحاضر تجليت وعلى المستقبل بكيت ... أنا يا بنيتي ماضي بلا عنوان ...يسود سمائه دخان ومستقبل ليس له أمان ... أنا من حاولت نسج من خيوط شمس الحرية ثوب الأنفة ...للعروبة . للكرامة ...للإسلام ... أنا يا لابنتي قلب ينبض بالألم ... أنا قوة العروبة والإسلام التي تنزف ضعفا ...أنا التائهة بلا عنوان أنا الذات التي تبحث لحيزها عن مكان ...ولذاتها عن أوطان ولإسلامها عن كيان .. هل عرفت من أنا الآن ؟؟؟؟؟؟
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
ذات بلا أوطان ووطن بلا عنوان
تقليص
X
-
ويعود الأمل
وهكذا يعود أملي الضائع ...
يراقصني على سمفونية كلمات هاربة ...
يحملني بين يديه على وقع أوتار الهوى ...
يأخذني بين أحضانه الدافئة ...عبر نسمات عطر الندى ...
إلى عالم ورود الأقحوان والياسمين ...
تتلألأ من ثغره إبتسامة خاطفة ....
يجول بي فوق جناحيه ...
عبر متاهات الزمن ...
يتوه بي في مجرى النسيان ....يحملني إلى سعادة نمت في رحم الأحزان ...
أجل ...
هكذا يعود أملي من جديد.
يأخذني بأطراف أنامله ...
يمسكني من يدي ...
يأخذني غلى أحضانه ....
إلى فرحة ترعرعت في قلب الزمن ...
ونشرت عبقها .... في نفس كانت قد فقدت الأمل ...
ولكن يعود أملي ...باسما يخاطبني بلسان الحب ...
لا تحزني ... لا تبكي ... أنا هنا معك ...أفتك سعادتك من مخالب الحزن ...وأرسم ورود ربيعك بريشة املك الذي هو أنا ...فقد عدت الأن .
تعليق
تعليق